Monday, December 8, 2008

عقيدة التوحيـــد الإسلاميــة: المعنى والمبنى الجزء الرابع (بقية شعب الإيمان)

قيام الساعة :(تتبع الأيمان باليوم الآخر)
ولقيام الساعة علاماته ، قال الله تعالى: "فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ" [محمد: 18].
وقد رويت عن الرسول أحاديث تتحدث عن علاماتها منها :قوله : "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا ويكثر الخمر" رواه البخاري ومسلم.
وقوله أ، منها "إن ناساً من أمتي يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها" رواه الحاكم في مستدركه.وقوله : "لا تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهاراً تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحدٌ، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول لو نحيتها عن الطريق قليلاً" رواه الحاكم.وقد رأينا النسـاء تنتهك أعراضهم في الطرقات أو يتم التحرش بهن ويضربن والناس تمشي بحوارهن لا يتدخلون خوفا من أن يلحقهم أذى أو يتأخرون عن أعمالهم ، وقرأنا عن انتهاك أعراضهن في مراكز الشرطة دون أن يجدن من يحميهن من ذلك لاقانون ولا قضاء ولا سلطة من أي نوع أخر .وبقي أن نراهن يغتصبن علنا في الطرقات كما ذكر رسول الله ، ويمر الناس عليهن لا يعنيهم الأمر.
وروى أيضا عن رسول الله قوله :"صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها وإن ريحا لتوجد من مسيرة كذا وكذا". رواه مسلم . وهذه علامة نراها بكثرة الآن .وقال: "من اقتراب الـساعة تشبه الرجال بالنسـاء والنـساء بالرجال". وفي زماننا هذا شباب يطيلون شعورهم مثل ما يفعل النساء وأن سألتهم قالوا : كانت شعور النبي والصحابة طويلة ولكأننا في زمانهم ولم تتغير العادا ت خلال 14 قرنا اختصـت أواخرها النسـاء فقط بأطالة شعورهن.هذا فضلا في تحلي بعض المخنثين بالأقراط في آذانهم.
ومما ذكر في علاماتها عن رسول الله : "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين “لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَـانُهَا لَمْ تَكُـنْ آمَنَتْ مِـنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا” (الأنعام: 158). رواه البخاري.

ومما روي عن الرسول في علاماتها قوله: "ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره". رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم.وروي عنه أيضا :"لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان وتظهر الفتن، وحتى يتطاول الناس في البنيان". رواه البخاري.
وروى عنه قوله:: "إن بين يدي السـاعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام. وفشو القلم، وظهور الشهادة بالزور وكتمان شهادة الحق". رواه البخاري
وروي عنه أيضا قوله : "لا تزال الأمة على شريعة حسنة ما لم تظهر فيهم ثلاث ما لم يقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الخُبْث، ويظهر فيهم السَّقَّارون" قالوا: وما السقَّارون؟ قال: "نشـأ يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا التلاعن". وظهر في زماننا من يحيي غيره باللعن والشتم بدل أن يحييه بتحية الإسلام الذي يأمر بالتحية الحسنة والردِّ الأحسن. قال تعالى: “وَإِذَا حُيِّيتُـمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَـا إِنَّ اللَّـهَ كَـانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا”(النساء: 86).
ومما نسب اليه أيضا : "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تُكلم السباعُ الإنسانَ، وحتى تكلم الرجلَ عذبةُ سوطه، وشراك نعله وتخبره بما أحدث أهله من بعده". رواه الترمذي وقال: حسن غريب والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ورواه أحمد في مسنده.وكذلك قوله : " من اقتراب السـاعة موت الفجاءة"(أي الموت بالسكتة القلبية) رواه ابن أبي شيبة.ومنها :أنه قال: "إذا اقترب الزمان يربي الرجل جرواً خير له من أن يربي ولداً له". رواه الطبراني والحاكم.وهذا نراه أيضا في زماننا حيث يتعلق الرجل بكلبه أكثر مما يتعلق بولده.
أبواب المساجد.ومنها : "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وتزوى الأرض زياً" رواه الطبراني أي تطوى ويضم بعضها إلى بعض.: "لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان، ويكثر الهرج، قيل: وما الهرج؟ قال: القتل". رواه أحمد.
ومنها: "لا تقوم الساعة حتى تتباكى القلوب، وتختلف الأقاويل، ويختلف الأخوان من الأب والأم في الدين". رواه الدَّيلمي. "إنه يكون في أمتي اختلاف وفُرقة، وقوم يحسنون القول ويسيئون العمل". رواه أبو داود والحاكم في مستدركه.ومنها :: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل ويكثر الزنى، ويكثر شرب الخمر، ويقلَّ الرجل وتكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القـيِّمُ الواحد". رواه البخاري ومسلم.وبخصوص كثرة النساء وقلة الرجال أعلنت دراسة مؤخرا تتنبأ بحدوث ذلك في زمن قادم.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر أو الشجر، فيقول: الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود". رواه البخاري ومسلم.
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يُخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً". رواه مسلموعودة الخضرة للصحراء كما كانت قبل أربعة أو خمسة آلاف وارده علميا وبدأت بالفعل التغييرات المناخية وقد يحدث هذا قبل مرور ألف عام .
وثمة حديث ها م لرسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذكرون؟" قالوا: نذكر الساعة، قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: فذكر الدخان، والدَّجَّال، والدابة وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم". رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
ومثله حديث الدجال وهو متوقع خروجه لدي أصحاب الديانات الأخرى أيضا.وروى عن رسول الله قوله فيه : "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم.ووصفه قائلا :« إنه شاب قطط(أجعد شعر الرأس)، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزَّى بن قَطَن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه بفواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته، إنه خارج خَلَّة(طريقا) بين الشام والعراق، فعاث يميناً، وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا فقلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره. قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرت الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذُرَى(جمع دروة) وأسبغه(أطوله) ضروعاً، وأمدّه خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين(مجدبين) ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمرّ بالخَرِبَةِ، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف فيقطعه جِزْلتين(قطعتين) ثم رمية الغرض(مقدار رمي السهم )، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مُهرودتين(ثوبين فيهما صفرة) واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جُمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِه إلا مات. ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرْفُه، فيطلبه حى يدركه بباب لُدِّ(اللد بلدة في فلسطين )، فيقتله ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحدٍ يقاتلهم، فأحرِّزْ عبادي إلى الطور(احتمي بهم في جبل الطور). ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حَدَب ينسلون، فيمرُّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماءً!! ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر(جبل بيت المقدس)، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلمَّ فلنقتلْ من في السماء، فيرمون بنُشَّابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً!! ويُحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسـى، وأصحابه نقص أنوف الإبل والغنم في رقابهم فيصبحون فرسى(قتلي) كموت نفس واحدة.
ثم يهبط نبي الله عيسـى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه رهمُهم(رسمهم) ونَتْنهم. فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسلُ الله طيراً كأعناق البخت(نوع من الإبل) فتحملهم،فتطرحهم حيث شاء الله.ثم يرسل الله مطراً لا يكُنُّ منه بيت مدّر ولا وَبَر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلفة(المرآة).
ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصَابة(الجماعة) من الرُّمانة، ويستظلون بقحِفِها، ويبارك في الرَّسل(الحليب) حتى إن اللَقَحة من الإبل(الناقة الحلوب) لتكفي الفئام(الجماعة الكبيرة) من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحُمُر(جمع حمار) فعليهم تقوم الساعة". رواه مسلم

وقيل عن الدجال بأنه رجلٌ يهودي، ولا يولد له ولد وإن الله حرم عليه دخول مكة. ويعتقد اليهود أنه سيولد في فلسطين وأن أمه سيكون اسمها مريم وستسميه عيسي ولكنه سيظهر أمره في غرب العالم.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال لي ابن صـائد - واسمه صاف، يهودي الأصل يمارس الكهانة، كان يشاع في المدينة أنه ربما كان هو الدجـال: ما لي وما لكم يا أصحاب محمد، ألم يقل نبي الله صلى الله عليه وسلم إنه يهودي وقد أسلمت، وقال لا يولد له وقد ولد لي، وقال إن الله حرم عليه مكة وقد حججتُ، قال فما زال حتى كاد أن يأخذ في قوله. رواه مسلم
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: "لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور". رواه البخاري ومسلم
ويكون هلاك الدجال على يد المسيح عيسى ابن مريم بعد نزوله من السماء وقد قيل : ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء إلى الأرض فيمكث في الأرض مدة من الزمن فيقتل الدجَّال، ويقيم على الأرض دعائم العقيدة الإسلامية التي بعث الأنبياء كلهم لإقامتها، وينفذ الشريعة الإسلامية التي جاء بها محمد رسول الله خاتم النبيين والمرسلين ولا يوحى إليه بشرع جديد.بينما تقول اليهود والنصارى أنه يقيم ملكوت الله ويعيد بناء الهيكل ويحكم العالم ألف عام.
وجاء ذكر يأجوج ومأجوج في سورة الكهف في سياق قصـة ذي القرنين:« قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْـنِ إِنَّ يَـأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ(قطع الحديد كبيرة) حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ(الجبلين) قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(نحاسا مذابا) * فَمَا اسْتَطَــاعُوا أَنْ يَظْهَـرُوهُ(خرقا ) وَمَا اسْتَطَـاعُوا لَـهُ نَقْبًا(ثقبا) * قَالَ هَذَا رَحْـمَةٌ مِـنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ(مدكوكا) وَكَـانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَـهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُـوجُ(يضطرب) فِي بَعْـضٍ وَنُفِـخَ فِي الصُّورِ(إيذانا بالبعث) فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا” [الكهف:94-99]. وقال الله تعالى في شأنهم أيضاً: «  حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ(صوب) يَنسِلُونَ(يتسللون ويزحفون) * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ(يوم القيامة ) فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ(متطلعة مشدوهة) الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِـنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ»[الأنبياء: 96- 97].

إن كثرة وتنوع هذه الأحاديث المنسوبة للنبي صلي الله عليه وسلم في ذكر علامات الساعة تجعل المرء يساوره الشـك في أن يكون بعضها غير صحيح وانتحله بعض الوعاظ بأسانيد على غرار الأحاديث الصحيحة، وخدع فيها جامعوا الأحاديث ، خاصة وانه ليس في الاعتقاد فيها ما يضـر ،فظهرت في كتبهم . وقد يكون بعضها مما يعرف بالإسرائيليات. ومن الصعب التفرقة بين الصحيح والمنحول منها ، ولذا وجب التعامل معها بحذر ، وفي ذات الوقت فإن الإيمان باليوم الآخر لا يتطلب التصديق بها كلها . ويكفي أن يعتقد المؤمن في أنه مبعوث يوم القيامة حيث يتم حسابه عما اكتسبه في الدنيا واجترحته يداه ولسانه ، فإمها تشفع له حسناته فيرضي عنه الله ويدخله جنة النعيم ويخلد فيها إن شاء الله أو تسوقه سيئاته وخطاياه إلي الجحيم.

و لقد دل على الإيمان باليوم الآخر كتاب الله, و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم, و العقل و الفطرة السليمة. و المنكرون للبعث ليس لهم دليل على إنكارهم, و ذلك لأنه أمر من أمور الغيب الذي لا يعلمه إلا الله, فلا سبيل لأحد في إثباتها أو إنكارها إلا سبيل واحد و هو إعلام الله عز و جل. و لقد أثار المنكرون بعض الشبهات و الشكوك حول البعث, كاستبعادهم العودة إلى الحياة بعد تحولهم إلى رفات و تراب. و لكن الله سبحانه و تعالى رد على شبهة هؤلاء, و من ذلك قوله تعالى: "و قالوا أءذا كنا عظاما و رفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة, فسينغضون إليك رؤوسهم و يقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده و تظنون إن لبثتم إلا قليلا" (الإسراء- الآية 49-52).

و للإيمان باليوم الآخر أثر عظيم في حياة الإنسان, و له أثر كبير في توجيه الإنسان و انضباطه و التزامه بالعمل الصالح و تقوى الله عز و جل. و ذلك لأن من يعتقد أنه سيحاسب على كل ما يفعله, و من آمن بأنه سيفوز بالجنة إذا أصلح العمل و سيعاقب بالنار إذا أساء, لا بد أن يحمله هذا الاعتقاد على أن يحسن العمل و يبتعد عن كل ما نهى عنه الله عز و جل و رسوله صلى الله عليه و سلم. و أما من لا يعتقد بأن هناك حساب و لا عقاب و لا ثواب, فإنه سيكون منفلتا من أي ضابط سوى هواه و شهوته. و قد بين الله لنا هذا في العديد من الآيات في القرآن الكريم بالربط بين الإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح, كما قال عز و جل: "أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم و لا يحض على طعام المسكين" (الماعون, الآيات 1-3), و قال: "لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله" (المجادلة, الآية 22).

6. الإيمان بالقدر خيره وشره:
الإيمان بقضاء الله وقدره يتمثل في الاعتقاد بأن كل شـيء في الكون يسير وفق النظم والفوانين التي وضعها الله لانتظامه، ووفق ما قدره له سبحانه ،وكل ما في الوجود من حركات وسكنات إنما هو كائن بمشيئة الله سبحانه وتعالى، ولا يحدث شيء، إلا بقدرة الله ومشيئته، فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن. وأن في القضاء والقدر ما قد يعد خير ذو نفع أو شر فيه مضره وكل له مسبباته وأن كل الخير من عند الله ومعظم الشـر من عند الناس.وأن الله سبحانه عالم السموات والأرض يعلم ما كان ,ماهو كائن وبما سيكون فيهمامن قبل المخلوقات كلها.

وقال تعالى: «وَخَلَـقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَـدَّرَهُ تَقْدِيرًا” [الفرقان: 2]. ، وقال تعالى: “إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ” [القمر: 49]. وقال تعالى:”يَخْلُقُ مَا يَشَـاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ” [الروم: 54]. وقال الله تعالى: “أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ” [الحج: 70]. والإعتقاد أيضا بأنه ليس في مقدور الخلق شيئ إلا أن يشاء الله .وقال تعالى: “وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا” (الإنسان: 30).وقال تعالى: “وَلا تَقُـولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَـاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَنْ يَشَـــاءَ اللَّـهُ” (الكهف:23-24).

ومما قضى الله وبه أن لكل نتيجة سبب ومسبب وأنه للحصول على شيء يجب إعمال الأسباب الخاصة به فطالب الرزق عليه أن يسعي ويكد للحصول عليه ،ولكي يشفي المريض عليه بالتداوى ، وقد جعل الله لكل داء دواء وهذا كله ا من قضاء الله وقدره. وقد سؤل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرُّقى والأدوية: هل تَرُدُّ من قَدَر الله شيئاً؟ قال: "هي من قدر الله" رواه أحمد.

وإذ يعتقد المؤمن بذلك بحد في معرفة وطلب أسباب كل شيء وأسرار الحركة والسكون ، وهكذا تم للعلماء اكتشاف القوانين الناظمة للميكانيكا وللآوساط الحرارية والظواهر الفيزيائية والقوانين الرياضية المعبرة عنها، وتم أيضا اختراع الألات والأجهزة والمعدات وتحقيق الطفرة التقنية الكبيرة في عصرنا هذا . وكل ما اكتشف من نظريات وقوانين علمية هو بعض قضاء الله وقدره. وهكذا فإن الإيمان الصحيح بالقضاء والقدر يدفع نحو التقدم الحضاري.
ويتفق مع ذلك ما قال به الأستاذ جودت سعيد ولو أنه لم يكن يقصد به الفضاء والقدر: «  إن كل تغيير يحدث في القوم سواء في الوعي أوالصحة، الاقتصاد، السياسة ، النصروالعزة ، وسائر صنوف النعم والنقم ، يتضمن هذا التغيير تغييرين : تغيير(يحدث) للقوم وتغيير(يحدث من عند) الله...إن حدوث أحدهما يلزم حدوث الآخر كنتيجة حتمية. لأن الله هو الذي خلق هذه النتائج من تلك الأعمال. وأن حدوث هذه الأعغمال فورية، كسنن الطبيعة التي أودعها الله في الكون المادي. فالإنسان هوالذي يفعل الأسباب بتمكين من الله تعالي له . قال تعالي: «  ولقد مكناكم في الأرض”(الأعراف:1) والله تعالي هو الذي يخلق النتائج ، لأن الإنسان لا قدرة له على خلق النتائج. وإنما مجال الإنسان يتمركز في الاستفادة من السنن الموضوعة (أي التي وضعها الله وبلغها الإنسان بالعلم) ويمكن أن نفهم هذا الموضوع بوضوح من قوله تعالى: «أفرأيتم ما تمنون ، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون؟ . أفرأيتم ما تحرثون ، أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون؟”(الواقعة: 64) . هنا أثبت الله للإنسان عملا ، وأثبت لذاته (تعالى) خلقا، ولكن هذا لا يتم إلا أذا عمل الإنسان ما يخصه من العمل مهما كان تافها.
ولقد كنت أضرب في ذلك مثلا بسيطا لمن يسألني عن معني القضاء والقدر. فأقول له : لقد تعلمت في المدرسة أن: «من يستذكر ينجح” فهذه العبارة هي قضاء من الله ، فيه يعمل التلميذ ويقدر الله نجاحه . فإذا قضي التلميذ ليلة الامتحان ساهرا وذهب إلى الامتحان مستذكرا فعجز عن الإجابة ولم ينجح هنا يكون قد تدخل قانون/قضاء آخر مؤداه :« المخ المجهد يعجز عن التذكر”.والأمم التي تحرز التقدم هي التي تعمل بأسباب التقدم ، والقوانين الحاكمة له ، أي أنها الأمة التي تؤمن بالفضاء والقدر . فالقضاء والقدر ليس كله غيب ، وإنما ما يغيب فيه هو القانون الحاكم الحصول على النتيجة والسبب المنتج لها ، فإن عرف الإنسان الأسباب بلغ النتائح وتحقق بذلك القضاء والقدر. واعتبر العمل بالأسباب في ذات الوقت إيمان ، أي معرفة بالفضاء والقدر.والايمان بالفضاء والقدر يدفع الإنسان لمعرفة الأسباب التي تحقق نتيجة خيرة والأسباب التي ينتج عنها الشر. وهذا معني الإيمان بالفدرخيره وشره.

وإذ يعلم الإنسـان بمحدودية قدرته وعظم قدرة الله ، وأن ما حصـل عليه يمكن أن يزول إن شاء الله ، وأن زال يمكن أن يعود بمشيئة الله ، فلايفرح بما أوتي ولا يأسى على ما فاته: قال الله تعالى:”مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ”(الحديد: 22-23).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضـروك بـشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك".ويحقق الايمان بالقضاء والقدر للمؤمن الطمأنينة والراحة النفسيةوينقذه من القلق والحيرة والهم والحزن، عندما يتذكر في كل نازلة قوله تعالي : “قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ”(التوبة: 51).
ومن قضاء الله وقدره ما هو مشهود ومنه ماهو من عالم الغيب ، فيه ما قد ينكشف بإذن الله على نحو ما ذكرنا مما توصل اليه علم الإنسان من نطريات وقوانين ومنه ما لا ينكشـف سره . وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:« مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله “ رواه البخاري وفي رواية عنده أيضا: ( مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ “ إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكـسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير “ (لقمان:34). وقد يعلم علماء الأرصاد بأن سحبا ممطرة ستأتي بعد يوم بعد أن ترصدها ألأقمار الصناعية ولكنهم لا يعلمون ماإذا كان العام القادم مثلا سيكون جافا أو مطيرا , وقد نعلم اللآن بالموجات الصوتيه أن الجنين في الرحم ذكر أو أنثي ولكن لا نعلم ذلك إلا بعد أن يتخلق وتتلتقط صورة له....الخ.الغيب: هو الشيء المستتر، ويقال للشيء المستتر: غيب وغائب باعتبار الناس لا باعتبار الله تعالى، فإنه سبحانه لا يغيب عنه شيء.ولذا فإن علم الغيب يختص به الله سبحانه وتعالي في مجمله، فلا يعلم الغيب أحد إلا الله ولكن قد يتكشف للآنسان بعض من الذي كان غيبا بالأمس بنعمة من الله وباجتهاد الإنسان وإعمال الإسباب ، أي بإعمال قضاء الله وقدره .وولذا فإن الغيب قسمان: غيب كلي وهو ما لا يعلمه إلا الله وحده كالخمس المذكورة في سابقا ، وهي مجرد مثال لبعض ما لا يعلمه غير الله وغيب جزئي: وهو ما غاب عن شخص دون غيره، فما يراه شخص في مكان ما هو غيب عمن غاب عن ذلك المكان.أو من يظهر لأناس في زمان وكان غائبا عمن كانوا فبلهم في زمن سابق له.

ويرى الفقهاء أن الإيمان بالقدر يشتمل على أربعة مراتب و هي:
المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله القديم و أنه علم أعمال العباد قبل أن يعملوها, و الدليل على هذا قوله تعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير" (الحديد, الآية 22).
المرتبة الثانية: كتابة ذلك في اللوح المحفوظ, و الدليل قوله تعالى: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء و الأرض, إن ذلك لفي كتاب, إن ذلك على الله يسير" (الحج, الآية 70). و الكتاب المذكور في الآية هو اللوح المحفوظ.
المرتبة الثالثة: مشيئة الله النافذة و قدرته الشاملة. قال تعالى: " قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدِير" (آل عمران, الآية 29).
المرتبة الرابعة: إيجاد الله لكل المخلوقات, و أنه الخالق و كل ما سواه مخلوق. قال تعالى: " ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل" (الأنعام, الآية 102).

و إن الإيمان بالقدر لا ينافي الأخذ بالأسباب، فإننا مأمورون بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله عز و جل, و الإيمان بأن الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله سبحانه و تعالى. و يحرم على المسلم ترك الأخذ بالأسباب. و لذلك فإن وجوب الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله، فلا نترك الأخذ بالأسباب، و لا نترك التوكل على الله و الإيمان بأن كل شيء إنما يحصل بمشيئة الله سبحانه و تعالى.
والقضاء والقدر يعني التسليم لله في كل أمر، واعتقاد أن كل ما يجري على الإنسان في الحياة،إنما جرى ويجري بقضاء الله وقدره، وأن على المسلم أن يتقبل ذلك بالرضاء، وأن يسـأل الله العافية دائما، لأنه لا يدري ما قدره له.

كما أن على المسلم أن يستغفر ربه ويتهم نفسه كلما وقع له شر في الحياة، وأن يحمدا لله ويسأله المزيد كلما وقع له الخير، وما لم يفعل ذلك، فقد جزع، ورفض التسليم لقضاء الله وقدره، ودخل في دائرة الإثم والحرج، فقد جاء في الحديث القدسي الشريف قول الله تعالى:"من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا سواي". وإن سخط بعض الناس، أونفورهم، من أن يصيبهم مكروه، نزق أو سفه بمعيار المؤمنين؛ إذا لا يسع المؤمن إزاء ما يصيبه في الدنيا، من فقر، أو مرض، أو أي شر، إلا أن يستسلم لقضاء الله، ويرضى به، فقد روى الإمام ابن ماجة بسنده، عن عبد الله بن مسـعود - رضي الله عنه - قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و هو الصادق المصدوق، أنه "يجمع خلق أحدكم في بطن أمه، أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه الملك، فيؤمر بأربع كلمات، فيقول :اكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أم سعيد، فو الذي نفسي بيده، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها".
والقصد من الإيمـأن بالفضـاء والقدر هو الإيمان بضرورة طلب العلم لمعرفة الأسباب وإعمالها ، وألا يكون للآنسان خيرة فيما قضي به الله ورسوله، فالقضاء بالإيمان والقدر خيره وشره ، هو إيمان بالغيب ولكن ليس كل الغيب محجوب عن الإنسان العالم بتقدير الله وأحكامه وسننه في الكون بمعني القوانين المنظمة له وهي التي تمثل المعني الحقيقي للقضاء والقدر ، والتي يمكن للآنسان أن يتوصل للبعض منها إذا ما جد في طلب العلم وتحصيله ، وتعمق في البحث والتفكير. ومع ذلك سيظل حظه منها قليل، ولكنه سيستفيد كثيرا من هذا القليل . وطلب العلم والمعرفة وحكمة الأشياء والأمور من أسمي مقاصد العقيدة ، ويتفرع منه مطلب المحافظة على العقل لأنه أداة تحصيل العلم وحفظه . والمحافظة على العقل عدها الأصوليون من مقاصد الشريعة.ولذا يمكن القول بأن طلب العلم هو مقصد العقيدة والشرع معا. وقد أثر عن رسول الله قوله: «طلب العلم فريضه” . ومطلب قراءة أيات الله في الخلق ، يجعل طلب العلم هو طلب لكل العلم ، بل وربما يجعل المعرقة بعلم الفيزياء مقدم على علوم الدين ، لأن الفيزياء تقود إلى معرفة أفضل بالدين بسبب ترسيخها للإيمان ، ولآن معرفة قوانينها في الميكانيكا والكهرباء والضوءوالحرارة والصوت ، هي معرفة الما هدي الله الإنسان إليه من أسرار القضاء والقدر. والعلم بأيات الله وبسننه يؤكد العلم الفطرى بوجوده سبحانه وتعالي ،وكذلك علم البيولوجيا. وليس صدفة أن كبار العلماء من غير المسلمين عندما إكتشفوا أن ما جاء في كتاب الله عن خلق الإنسان وتطور النطف في الأرحام ، وسبق به العلم الحديث الذي لم يتوصل إلى ذلك إلا بعد أربعة عشر من نزول القرأن كانوا الأسرع من العلماء لاعتناق الإسلام عن علم وبينة وقناعة كاملة. ولو علم غيرهم بذلك لدخل أكثرهم إن لم يكن كلهم في الإسلام ، ولكن جهد المسلمين في ذلك ما زال محدودا ، لأن دعاتهم بعيدون عن تلك العلوم فضلا عن قصور أتفانهم للغات الأجنبية.لقد تساءل الاستاذ أحمد الريسوني مؤخرا عن القصد من ذكر صفات الله العديدة ومطلب الإيمان بالملائكة وبالقضاء والقدر ، وأرجو أن يكون الله قد وفقني لتقديم بعض من الاجابات على تلك الأسئلة. وأن يأتي من بعدي من يزيدها عددا وتفصيلا.

المتصوفة وسبيل الإيمان
إذا لم نتوقف عند بعض الطرق الصوفيه وما ابتدعت وفيه ضلت ، سنجد أن في التصوف علماء وجهال ، فاذا نظرنا في تصوف العلماء سنجد أناس يعبرون عن الإيمان فكرا وسلوكا وإن لم ينتقلوا منه إلى الإحسان ، أي التطبيق العملي للإيمان في حياة الناس .

قال النووي في كتابه “ المقاصد في التوحيد والعبادة وأصول التصوف “
أصول طريق التصوف خمسة :
ـ تقوى الله في السر والعلانية، وتتحقق بالورع والاستقامة
ـ واتباع الكتاب والسنة في الأقوال والأفعال. ويتحقق بالحفظ وحسن الخلق
ـ والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، ويتحقق بالصبر والتوكل
ـ والرضا عن الله في القليل والكثير، ويتحقق بالقناعة والتفويض
ـ والرجوع إلى الله في السراء والضراء، ويتحقق بالشكر في السراء والالتجاء إليه في الضراء.
ومسائله: قضاياه الباحثة عن صفاء القلوب .
ويتبع ذلك شرح الكلمات التي تتداول بين القوم، كالمقامات، والأحوال، والذكر، والمحبة، والفناء، والخوف، والورع، والتوكل، والتوبة، والرجاء، والكرامة، والتحلية، والتخلية ، وهي مصطلحات لها مدلولاتها في علم التصوف مستمدةٌُ من آيات الكتاب العزيز، وكلام الرسول البشير صلى الله عليه وسلم، وما أثر عن خواص الأمة ورجالها من أقوال شارحة أو أحوال معبرة.

وهذه ، لعمري،كلها صفات المؤمنين الموحدين الحق التي تتفق مع الكتاب والسنة ، وسبيل أهل الإيمان في صلاتهم الخاصة بشعبة الإيمان والتي قوامها الذكر ، وفي صدارة الذكر تلاوة كتاب الله في الأسحار ، والتأمل في ألفاظه ومعانيها بما يعزز لدنهم حبهم لله والتمسك بتقواه.

رأي كبار العلماء في الصوفية:
ويذكر كل من الشيخ عبدالله نجيب سالم والشيخ فوزي العنجري مجموعة من شهادات كبار علماء الدين في المتصوفة أنقل عنهما هنا بعضا منها:
** وقال إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله ، وذلك في كتاب :(الشفا للقاضي عياض شرح ملا علي القارئ ج 5 ص 408 ) : من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ، ومن جمع بينهما فقد تحقق .
** وجاء عن الإمام الشافعي قوله ، وذلك في كتاب: ( كشف الخفا ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني ج1 ص341 ): حبب إلي من دنياكم ثلاث: ترك التكلف وعشرة الخلق بالتلطف والاقتداء بطريق أهل التصوف
** ونقل العلامة محمد السفاريني الحنبلي عن إبراهيم بن عبدالله القلانسي أن الإمام أحمد بن حنبل قال عن الصوفية ( وهذا في كتاب: غذاء الألباب شرح منظمة الآداب ج1 ص 120): لا أعلم أقواماً أفضل منهم، قيل: إنهم يستمعون ويتواجدون؟ قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة .
** وقال الشيخ ابن تيمية في رسالته ( الصوفية والفقراء ص 18 طبع المنار سنة 1928م ) عن اصطلاح القوم: وهم يشيرون بالصوفية إلى معنى الصديق ، وأفضل الخلق بعد الأنبياء الصديقون ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، فمن جمع بين صفاء العلم في أعلى مرتبة من الشهود الجامع لعلم اليقين وعين اليقين وصفاء العمل في أسمى مرتبة من الإخلاص وصفاء الحال في ذروة الصدق والحب الإلهي والمحبوبية ، فادعه من الربانيين ، أو قل من الصديقين ، أو ادعه صوفياً ، فلا جناح عليك فالمسمى واحد وإن اختلفت الأسماء.
** وهذا هو العلامة ابن القيم من كبار الصوفية كما ذكر الإمام الحافظ بن رجب الحنبلي في الذيل على طبقات الحنابلة (الجزء الثاني صفحة 448) عن ترجمة ابن القيم بقوله : وكان عالماً بعلم السلوك وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقهم له في كل فن من هذه الفنون اليد الطولى.
وجاء في كتاب ( مدارج السالكين لابن القيم الجزء الثاني من صفحة 307 ) عن تعريف التصوف ما نصه: الدين كله خلق فمن زاد في الخلق زاد عليه في الدين وكذلك التصوف قال الكتاني: التصوف هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف.
** وقال المفسر الكبير فخر الدين الرازي في كتابه: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ج 2 الباب الثامن في أحوال الصوفية: والمتصوفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرد النفس عن العلائق الجسمانية ويجتهدون ألا يخلو سرهم وبالهم عن ذكر الله تعالى في سائر تصرفاتهم وأعمالهم منطبعون على كمال الأدب مع الله تعالى وهؤلاء هم خير فرق الآدميين
** ويقول أبوالحسـن الندوي في كتابه: المسلمون في الهند ص 140: إن هؤلاء الصوفية كانوا يبايعون الناس على التوحيد والإخلاص واتباع السنة.. وقال أيضا في كتابه: روائع إقبال ص 7 ولولا وجودهم وجهادهم لابتلعت الهند بحضارتها وفلسفتها الإسلام.
** وهذا هو رأي الشيخ محمد بن عبدالوهاب في التصوف والصوفية وثناؤه عليهم كما جاء في القسم الثالث من مؤلفات الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب جزء " فتاوى ورسائل" في الصفحة (31) المسألة الخامسة، سئل رحمه الله عن مسائل مفيدة فأجاب( اعلم ـ أرشدك الله ـ أن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو العلم النافع، ودين الحق الذي هو العمل الصالح).
فإذا كان من ينتسب إلى الدين: منهم من يتعاطى بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء، ومنهم من يتعاطى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية، فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين " أي الفقه والتصوف". وهكذا يثبت الشيخ محمد عبد الوهاب أن الصوفية سندهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وإليه ينتسبون.
** وهذا هو الإمام الحافظ الذهبي يذكر في ترجمته للمحدثين كثيراً من الصوفية ننقل منهم على سبيل المثال ماجاء في تذكرة الحفاظ الجزء الثالث في صفحة 1070 (الماليني) الحافظ العالم الزاهد أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري الهروي الماليني الصوفي ويعرف أيضا بطاووس الفقراء وجمع وحصل من المسانيد الكبار شيئاً كثيراً وكان ثقة متقناً صاحب حديث ومن كبار الصوفية.
وفي صفحة1092 (أبو نعيم) الحافظ الكبير محدث العصر أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن إسحاق بن موسى بن مهران المهراني الأصبهاني الصوفي. ...الخ
**وقال الشيخ المحاهد محمد الحامد رحمه الله «فاعلم ان التصوف هو تنقية الظاهر والباطن من المخالفات الشرعية، وتعمير القلب بذكر الله تعالى، ومراقبته وخشيته ورجائه، والسير في العبادات والاعمال على النهج الشرعي طبق السنة الشريفة، وخلافا للبدعة السيئة التي يحظر الإسلام التلبس بها»
ال الإمام تاج الدين السبكي رحمه الله: «الصوفية حياهم الله وبياهم وجمعنا في الجنة وإياهم.. والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويستنزل الغيث بدعائهم، فرضي الله عنهم وعنا بهم» (من كتاب معبد النعم ص/119).
**وقال الإمام النووي رحمه الله: «أصول طريق التصوف خمسة: تقوى الله في السر والعلانية، اتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، الرجوع الى الله في السراء والضراء» (من كتاب المقاصد النووية).
وقال أيضا معرفا بهم، في معرض الكلام عن الوقف عليهم بعد أن صححه: «وهم - يعني الصـوفية - المشتغلون في العبادة في أغلب الأوقات، المعرضون عن الدنيا» (الروضة 5/321).
وكذا قال من قبله من الشافعية القاضي حسين والمتولي والرافعي، وصرحوا بأنه - أي الوقف - يصرف على المشتغل بالعبادة منهم في أغلب الأوقات، أما من يشتغل بالأكل والسماع والرقص فلا.
**وقال قاضي القضاة أبو محمد الحارثي الحنبلي الحافظ في شرح المقنع: «يصح الوقف على الصوفية، وهم المنقطعون للعبادة وتصفية النفس من الأخلاق المذمومة» .

وبعد استعراض أقوال هؤلاء السابقين من كبار العلماء ، يمكن القول ، دون أدني تجن ، بأن من ينتقص من حق التصوف وقيمته وأهميته في تنقية القلوب وصفائها ، ويسند دعواه بأقوال وتسلوكيات من ضلوا وانحرفوا عن طريقهم ، لا يدفعه إلى ذلك أما الجهل بحقيقة التصوف ، أو التعصب ، أوالخوف من أن يطالبه الناس بزهد المتصوفة ونقاء سريرتهم وأخلاقياتهم وهو مركب صعب بالنسبة له ، لا قدرة لديه عليه، فلايحد للحفاظ على مكانته لدي الناس سوى الانتقاص من قدر عباد الله المخلصين لدينهم الخالص والموحدين لربهم . ولقد كشف حسام تمام في مقال له في جريدة البديل المصرية ،عن حق، أن الأستاذ جـسن البنا كان متصـوفا ، إلا أنه قد يكون قد تميز عن المتصوفة بانتهاج سبيل البر الجامع بين الايمان والإحسان ، وهو الأمر الذي لم يعرف عن المتصوفة على نطاق واسع والذين ركزوا كل جهدهم على الذكر.أي على الجانب الروحي وحده ، ولم يشتغلوا بأمور الدنيا ، أي فقه الإحسان وفيه من العبادات أيضا ما لا حصر له. بل المسلم مطالب به كإنسان استخلفه الله في الأرض.

وقد التقيت في مدينة قلعة السـراغنة المغربية برجل أقرب إلى الشباب في عمره من الشيوخ، تقي و مستنيرومجتهد واسع الثقافة، لديه زاوية صوفية خصصها لتحفيظ القرأن وعلوم الفقه واللغة وفيها تلآميد جاءوا اليها من أوروبا وجنوب أفريقيا لكي يتعلمون دينهم واللغة العربية فيها. وقد أحببته في الله ، وترك أثرا طيبا لدي منذ أول مقابلة لي معه. وقد تمكنت المدارس التي أقامها المتصوفة في واد سوس بالمغرب من المحافظة على الإسلام وعلومه الدينية ، ولولاها لكان الإسلام قد امحت آثاره وتعاليمه ، كما حدث في مناطق أخرى اختفي فيها الإسلام وتوقف أهلها عن الصلاة والصيام والحج واستبدلوا الشرع وأحكام الدين بأحكام وأعراف قبليةجاهلية مخالفة له ومفرطة فيه . ولم يعد الإسلام اليها ،بعد طول غياب ،إلا في القرن الماضي.

ويقول الشيخ فوزي العنجري، يقول الحق عز وجل في محكم التنزيل «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا» إن هذه الآية تحتم على المسلم أن يتحرى غاية التحري في ما يعتقد ويتبنى من مذاهب وأفكار واعتقادات، وتلزمه البحث والتقصي قبل العزم على أي قرار يتخذه، أو حكم يحكم به، فهو مسؤول عن أحكامه التي طريقها السمع؛ هل سمع ما بنى حكمه عليه؟ و هو مسؤول عن أحكامه التي طريقها البصر؛ هل رأى وأبصر ما بنى حكمه عليه؟ وكذلك القلب وما أودعه من اعتقادات هو مسؤول، هل بنى ما اعتقده على البرهان والحجة؟ أم كان لمجرد التقليد واتباع كلام الغير الذي لم يقم عليه دليل؟

كتب المتصوفة العلماء :
وقد ذكر الشيخ: عبد الله نجيب سالم أن أشهر كتب التصوف الأصيلة هي على وجه الإجمال ما يلي:
1ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني المحدث العالم،وفي كتابه هذا جمع أبو نعيم ترجمة ثلة كبيرة من أعلام الإسلام المتصوفين وأقوالهم وحكاياتهم.
2ـ الرسالة القشيرية لأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وهي رسالة لطيفة جامعة لمبادئ التصوف ومسائله ورجاله.
3ـ التعرف لمذهب أهل التصوف لتاج الإسلام أبي بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي الحنفي.
4ـ إحياء علوم الدين للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي الطوسي. وهو كتاب ضخم من أنفس كتب الإسلام وأغزرها معاني وتحليلات وفوائد وتوجيهات..وكذلك كتب الغزالي الأخرى كالمنقذ من الضلال، والأربعين في أصول الدين.
ـ قوت القلوب في معاملة المحبوب، ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد لأبي طالب محمد بن علي المكي.
6ـ عوارف المعارف لعبد القادر بن عبد الله السهروردي
7ـ كتب الحكيم الترمذي أبي عبد الله محمد بن علي.
8ـ كتاب حقائق عن التصوف للشيخ عبد القادر عيسى الحلبي.
9ـ كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب للشيخ محمد أمين الكردي.
10ـ كتاب تربيتنا الروحية للشيخ سعيد حوى وكذلك كتبه الأخرى في هذا المجال.
11ـ الحِكَم لابن عطاء الله أحمد بن محمد بن عطاء الله السكندري المعروفة بالحكم العطائية.
12ـ مدارج السالكين شرح منازل السائرين لابن القيم.
13ـ معراج التشوف إلى التصوف لابن عجيبة.
وهي ليست كل المصنفات فيه، ولكنها الكتب التي احتلت مكانة عالية في علوم الدين لدي الباحثين في العصر الحديث ممن لهم مصداقية منزهة عن الشبهات، وإن وجدت معارضة من بعض علماء زمانها حين صدرت لدواع سياسية ربما أكثر منها دينية.

الدخلاء على الصوفية :
والكثير مما يعرف بالطرق الصوفية وليس كلها يقودها جهال لاعلم لهم بالدين وشرع الله ، وبعضها ينسب نفسه لطريقة صوفيه مشهورة بتاريخها وعلم وأمانة مؤسسها ، دون أن يكونوا منها أو على منهجها القويم حقيقة.
لقد شاب التصوف الإسلامي بعض الانحرافات والمخالفات والبدع، ولكن عند التحقيق نجد أن الصوفية الحقة بريئة كل البراءة مما ألحقه فيها بعض من ينتسبون اليها زورا، او بعض الغلاة الذين ابتعدوا بفهمهم عن الصوفية الحقة القائمة على نهج القرآن والسنة.
قال العلامة زروق: «فغلاة المتصوفة كأهل الأهواء من الأصوليين، وكالمطعون عليهم من المتفقهين، يرد قولهم ويجتنب فعلهم، ولا يترك المذهب الحق الثابت بنسبتهم إليه وظهورهم فيه» (من كتاب قواعد التصوف القاعدة 35).
وقال الحافظ السيوطي بعد أن ذكر أصل علم التصوف وأثنى عليه: «وعلمت أيضا أنه كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه فأدى ذلك الى إساءة الظن بالجميع، فوجه أهل العلم للتمييز بين الصنفين ليعلم أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملت الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية، فلم أر صوفيا محققا يقول بشيء منها، وإنما يقول بها أهل البدع والغلاة الذين ادعوا أنهم صوفية وليسوا منهم» (من كتاب تأييد الحقيقة العلية ص/57).
لم يهتم المستشرقون بكتب علماء التصوف ، وإنما لجئوا لتأويل كتابات لابن عربي وأقوال للحلاج وجلال الذين الرومي ، في محاولة منهم لإبعاد المسلمين عن حقائق دينهم والدفع بهم نحو تيه الضلالات وفساد المعتقدات. ومنهم من تتلمذ عليهم ، أو عمل في خدمتهم ، ويحسب على المسلمين ، مثل محد أركون وأضرابه.
ويقول الشيخ العنجرى أن أغلب ما ينسب الى أكابر الصوفية من كلمات وأقوال تناقض في ظاهرها الشرع مكذوب ومنحول ومدسوس عليهم زورا وبهتانا وحسدا من أجل إيغار صدور ولاة الأمر والعامة عليهم، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعت عليه أحاديث ركبت لها أسانيد باطلة، فلا غرابة إن وضع على هؤلاء العلماء.
وقال الاستاذ عباس محمود العقاد: «ظل المتصوفة والمنتسبون الى الطرق الصوفية من المتأخرين يبرؤون من القول بالحلول ووحدة الوجود وإسقاط التكاليف، ويعتزلون من يقول بها على وجوهها المنقولة من الديانات الوثنية.. وهذا الفارق الفاصل بين الصوفية الإسلامية والصوفية الدخيلة الذي أوهم فريقا من المستشرقين أن التصوف كله مستعار من الهند وفارس أو من الأفلاطونية الحديثة» (من كتاب التفكير فريضة إسلامية).

المتصوفة والجهاد في سبيل الله:
وقاد شيوخ الصوفية الجيوش ضد الاحتلال الأجنبي وكان منهم في المغرب الشيخ الأقاوي وأولاد الشيخ ماء العينين في الصحراء جنوبا والشيخ عبد الكريم الخطابي في الشمال. وكذلك عمر المختار في ليبيا وعبد القادر الجزائرى في الجزائر وجميعهم جمع بين التفقه في الدين والتصوف ،وفي مصرنفر السيد أحمد البدوي والشيخ أبو الحسن الشاذلي (وكان ضريرا)بأتباعهما وهما من كبار المتصوفة المشهورين لجهاد الحملة الصليبية التي قادها لويس التاسع على مصر وانتهت بأسرة في دار ابن لقمان في مدينة المنصورة شرق دلتا النيل في مصر. وفي باقي العالم الإسلامي نظراء لهم . وفي هذا يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه(تاريخ التصوف الإسلامي ):«للصوفية وخصوصا للطرق الصوفية المنتظمة دور هائل في نشر الدعوة الإسلامية في خارج دار الإسلام» وقال أيضا: «دور الصوفية في الجهاد، المرابطة في الثغور الاسلامية لحمايتها ضد المعتدين على حدود دار الإسلام، والتصوف الاسلامي نشأ وتطور واستمر الى عهد قريب مجاهدا أو مرابطا، والرباطات وهي قلاع حربية حصينة، كانت في أصلها وتطورها خانقاهات للصوفية المرابطين فيها للجهاد ضد أعداء المسلمين»
قول الاستاذ الدكتور محمد علي البارفي كتابه «المسلمون في الاتحاد السوفياتي»: «يجهل أكثر المثقفين الأدوار البطولية العظيمة التي قام بها علماء الإسلام ومشايخ الطرق الصوفية في نشر الإسلام في المناطق الشاسعة التي دخلت في الاسلام على امتداد القرون، في ما يعرف اليوم بالاتحاد السوفياتي... وعندما توقف المد العسكري في القرن الرابع الهجري، وتوقفت الفتوحات عند حدود الصين والتركستان الشرقية، قام العلماء ومشايخ الطرق الصوفية ومريدوهم من التجار بنشر الاسلام في الاصقاع الواسعة...»
وقال أيضا: «وقد انتشرت بينهم - التركمان - الطرق الصوفية التي كان لها دور كبير في إسلامهم ثم في تعميق الاسلام فيهم وإبقاء جذوته مشتعلة في قلوبهم، والتي يوجهها ويقودها السادة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم» (1/368).
وقال أيضا عن الطريقة النقشبندية: «تتمتع بشعبية واسعة في جميع الاتحاد السوفياتي.. ومركزها الرئيس في بخارى، وقد قاد رجال هذه الطريقة الجهاد ضد الغازين البوذيين الأوبروت في القرنين السابع والثامن عشر الميلادي في قرغيزيا، ما جعل لهذه الطريقة شعبية كبيرة بين القرغيز تشبه الى حد كبير إكبار الناس لهذه الطريقة في القوقاس، حيث أخرجت الإمام الملا محمد والإمام محد شامل وحركة المريدين التي قاومت الغزو الروسي للداغستان والقوقاس لأكثر من 137 عاما، والذي كان من آخر ابطالها الإمام نجم الدين غوستو الذي أعلن استقلال الداغستان سنة 1337 هـ 1918 م» (1/378).

ولا يمنع ذلك ان بعض شيوخ الطرق الصـوفية من الجهلاء تعاملوا مع الاحتلال ودعوا الأهالي في المغرب لعدم مقاومته.

عبادات الأيمان:

للإيمان عباداته التي يمكن أن تأخذ مسميات أركان الإسلام الخمس مع الاختلاف عنها في معناه اومبناها فمن عبادات الإسلام أيضا : شهادة و صلاة وصيام وزكاة وحج مختلفة عن أركان الإسلام.على النحو المبين بعد:

أولا :الشهـــادة في الإيمـــان: وقوامها طلب العلم
الشهادة في الإسلام هي شهادة ألا اله الا الله وأن محمد رسول الله ، أما الشهادة في الإيمان فهي شهادة الأمة المسلمة على غيرها من الأمم غير المسلمة مما يقتضي من المؤمن طلب العلم والمعرفة ليكون شاهد عدل عليها. وهي شهادة يقدمها المؤمنون من أهل العلم والمعرفة عند ما يسألهم عنها الله. ولا يستطيع أن يشهد بها الجهال أو غير التقاة ، حيث لا تقبل غير شهادة العدول. وتعني الأمة الوسط أيضا أنها وسيطة بين الله ورسوله وبين باقي الأمم لتبليغ رسالة الله إليها ، فالشهادة هنا تنصب أيضا على سؤال : هل بلغت كلمات الله هذه الإمم وكانوا عنها صما وعميانا أم لم تبلغهم فيكون لهم العذر بجهلهم لها والاحتجاج بها عندما يسألهم الله يوم القيامة. فالرسول بعد وقاته وانتقاله ‘لى الرفيق الأعلى يتعبر المسلمون خليفته في نقف رسالته إلى باقي الأمم وهو ما فعله الخلفاء الراشدون من بعده عندما فتحوا البلدان لتبليغ ساكنتها بما جاء به الرسول الكريم من عند ربه للعالمين ،ولايختص به شعب دون آخر.وهنا يجب على كل مسلم أن يكون على علم بدينه حتي يبلغه للغير. ولا يحتاج العلم بالدين إلى قراءة آلاف الكتب التي ألفها الفقهاء في مختلف العصـور ، فقد تعلم العرب الأميون دينهم مباشرة من كتاب الله وكلام رسوله ، دون حاجة للإطلاع على كتاب. لذا يجب تيسير علوم الدين لكي يتفقه بها كل مسلم بكلمات محددة وكافية وفي زمن قصير . وهل لا يعرف المسلم دينه الإ أذا قضي عدة سنوات في الأزهر أو غيرها من المعاهد الدينية ؟. وإذا لم يفعل كيف يكون مسلما وينتقل من الإسلام إلى الإيمان والاحسان؟ . أما أن الترقي في مدارج العقيدة يكون حصـرا على خريجي الأزهر والقرويين والزيتونة ومدرسة الحديث الحسنية وحدهم .؟ وهي هؤلاء هم فقط المطلوب منهم أن يكونوا شهداء على الناس ، وبالتالي تكون الأمة الوسط الشاهدة عليهم محصورة فيهم؟ وكيف يكونوا شهذاء على الناس وهم لا يعرفون عنهم شيئا وكل معرفتهم محصورة فيما فاله الله ورسوله ، وفقهاء مذهب واحد اتبعوه ذون بافي المذاهب وقد يكون في أحدها في مسألة ما أفضل مما تعلموه؟
بالطبع تقودنا هذه الأسئلة لمشكلة التعليم ومناهجه ومدي صلاحيتها. بل لقد تحملت جماعات إسلامية في الهند وباكستان على سبيل المثال مسؤولية تخلف فئات عريضة من المسلمين فيهما عندما اهتمت بحشدهم في المدارس القرآنية التي تخرجت منها جماعة طالبان ولم تعلمهم ما يفيدهم في معاشهم وعلوم زمانهم التي يستطيعون بها الخروج من الفقر بينما اهتم الهندوس بتعليم أولادهم العلوم العصـرية إلى جانب ديانتهم الهندوسية فشغلوا مناصب الدولة وامتلكوا مصانعها ومتاجرها بينما ظل المسلمون في الهند ومناطق من باكستان رهن الأكواخ والسكن العشوائي المحيط بالمدن الهندية والباكستانية. ولم يفلح التعليم عندنا في تحسين أوضاع الشعب والدولة وطلت مراتبها متدنية في مجال التنمية الانسانية والاقتصادية وحقوق الانسان بشهادة المنظمات الدولية . بل متخلفة في كل نواحي الحياة بما فيها التربية البدنية للمواطنين والتي تشهد عليها النتائح الهزيلة التي خرجت بها مصر والمغرب وباقي الدول العربية والإسلامية من مونديال بكين هذا العام 2008.
إن على المسلم الؤمن أن يتذكر دائما أن أول ما نزل من الفرآن قوله تعالي : «  إقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم * الذي علم الإنسان بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم “ (العلق :1-5)
وكل علم خطه القلم ويجهله الانسان يكون عند تعلمه قد علم بما لم يكن قبل ذلك يعلم ، وكل علم لا يعرف الإنسان كيف يستفيد به لصلاح دينه ودنياه يكون به كمن لم يتعلم شيئا. وإذا كانت الإنسانية في عالمنا المعاصر تدين بإحرازها التقدم بما توصلت إليه من علم ، وطبقته عمليا في الحياة ، فإن مثل هذه العلوم التطبيقية حري بكل ممسلم مؤمن بأن العلم من عند الله أن يطلب العلم أينما يجده ، وقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم فيما نقل عنه : « أطلبوا العلم ولو في الصين “ ولم يكن في الصين علما دينيا يحتاجه المسلم وإنما علوم أخرى طلبها المسلمون في عصور النهضة وكان منها صناعة الورق . ومن الهند تعلموا مبادئ الحساب والأرقام ، وهي تلك الأرقام التي تستعملها أوروبا اليوم بعد أن نقلت عن المسلمين ، وزاد عليها المسلمون الصفر الذي كان ينقصها.
وقال تعالي :«يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”(المجادلة:11) فاقترن الايمان بتحصيل العلم في الآية. زفتا تعالى:« إنما يخشي الله من عباده العلماء”(فاطر:28) فاقترن العلم بالتقوى. وقال تعالي “هو الذي بعث في الأميين رسولا يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين”(الجمعة :2) فجاءت معرفة أيات الله وتزكيةالنفس سابقة على تعلم الكتاب والحكمة، مثلما يسبق الوضوء والغسل الصلاة وأربعتهما سبيل الهدي، وبدونهما يظل الإنسان سادرا في ظلمات الضلال المبين ، أي الواضح.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً به إلى الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضـل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر". وروى عنه صلى الله عليه وسلم قوله:« إن الملائكة تبسط أجنحتها لطالب العلم ”.
ويروى الأوزاعي أن رجلا جاء إلى إبن مسعود فقال له : يأبا عبدالرحمن أي الأعمال أفضل ؟ قال : العلم. ثم سأله أي الأعمال أفضل؟ قال العلم . قال له الرجل أنا أسألك عن أفضل الأغمال وأنت تقول العلم؟ . قال له ابن مسعود: ويحك ، إن مع العلم بالله ينفعك قليل العمل وكثيره، ومع الجهل بالله لاينفعك قليل العمل ولا كثيره.
ويقول سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن : ( فأما الأفئدة ) فهي هذه الخاصية التي صار بها الإنسان، وهي قوة الإدراك والتمييز والمعرفة التي استخلف به الإنسان في هذا الملك العريض، والتي حمل بها الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال، أمانة الإيمان الاختياري والاهتداء الذاتي والاستقامة الإرادية على منهج الله القويم. ولا يعلم أحد ماهيّة هذه القوة ولا مركزها داخل الجسـم أو خارجه فهي سر الله في الإنسان، لم يعلمه أحد سواه.
يقول جودت سعيد في شأن عدم استفادة المسلمين من القرآن في طلب العلم ومعرفة سنن الكون ، أي القوانين المنظمة له ، لكي تتغير أحوالهم وإن كان يركز على التاريخ والدورة الحضارية التى قال بها أبن خالدون وعلى الحتمية التاريخسة ألى حد ما :«إن الفكرة تمر بمراحل من نظرية وظن إلى إدراك وعلم إلى سلك وخلق ..إن الفكرة حين تتعمق في النفس تكون مصدرا للأخلاق ، وما الخلق إلا السلوك الناشئء غن أفكار معمقة ثابتة راسخة في النفس.
إن هرم المجتمعات له دواء يمكن علاجه (به) بعد أن يقع ، كما أنه يمكن منعه قبل وقوعه ، حين يسيظر الإنسان على سنن رسوخ الفكرة وسنن التغيير “ ويستشهد الكاتب بقوله تعالي : « وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ..»(آل عمران 7). ويضيف : « إن لرسوخ العلم ميزة خاصة في المعرفة، أو كيفـا خاصا للعلم ،به يعطي الإنسان سلطانا لايتيسر لمن لم يرسخ في العلم ، وإذا فهمنا أن العلم قابل للزيـادة والرسوخ، زال تخوفنا من العلم ، وزالت الفكرة التي طالما ملأت رؤوس المسلمين ،أن العلم لايؤدي إلى فهم الحق ،ولا يحل مشكلة المسلمين..وما يقال عن العلم والأخلاق والثقافة من أنها متغايرة،سببه تفاوت في رسوخ العلم وزيـادته . وأصل التشويش الذي يحدث ، هو أن السلوك في مرحلة من مراحل العلم ، لا يتكيف مع العلم كالذي :« أضله الله على علم »(الجاثية 23) ولكن هذا ليس عيبا في العلم ، وإنما هو نقـص في ترسيخ العلم ، ونقص في صاحبه ينبغي أن يكمله بالزيادة منه ، والترسخ فيه . قال تعالي : « ربي زدني علما”(طه 114) .» . ويضيف حودت سعيد: إن الذي يحول دون « استفادة المسلمين من سنن التغيير وتطبيقاتها ، أن الذين يبحثون هذه الأمور ويمارسونها ، إن كان هناك من يمارسها ، لايستطيعون ربطها بمبرراتها من كتاب الله وسنة رسوله ، وذلك إما لجهلهم بالكتاب والسنة ن، أو لاعتقادهم أن هذه السنن لا يعترف بها القرآن ولا السنة. إن أهم شيء يحث عليه القرآن ومن أجله أنزل الله الكتب وأرسل الرسل هو تغيير المجتمعات ، فلهذا كان الألحاح في القرآن لينظر الناس إلى سنن الذين خلوا من قبل ، والسنة (القانون) هي التي على أساسها ترتفع وتنخفض المجتمعات . وعلى أساسها يكافئ الله ويعاقب . وعلى البشر أن يتفهموا هذه السنن حتي ينالوا رحمة الله ويبتعدوا عن انتقامه . والبشر في سيرهم (عبر الزمان/التاريخ) تتراكم الأمثلة أمامهم ليعتبروا بها ، ويستفيدو منها ، فلهذا يدخل في سنة الإعتبار ، الأحداث التي حدثت بعد نزول القرآن ، خلال هذه العصور في كل أقطار الأرض ، سواء في المجتمعات المؤمنة ، أم الكتابية ، أم الوثنية . (...) وحين يتعلم الإنسان كيف يتعامل مع السنن ، يستطيع أن يستفيد من أخطاء ومن صواب الكافرين، فضلا عن المؤمنين. وذلك إذا تمكن من أن يصل إلى درجة التعامل مع السنن مباشرة ، دون أن تتدخل عداوة أو صداقة من سخر هذه السنن(لصالحه). و”أن هذا المستوى من الإدراك لايصل إليه إلا من كانت منافذ الفهم والإدراك والصواب لديه مفتوحة ،حيث لم يتوصل التقليد (للسلف) إلى إغلاقها. وهذا ما يحثنا عليه الله سبحانه وتعالى على فعله حين يصف لنا أولي الألباب: « فبشر عباد، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله ، وأولئك أولي الألباب”(الزمر:18). إن قوله تعالى : » أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم “(فاطر:44) “، تجعلنا ننتبه “إلى أن تحقيق بعض اوامر الله لا يتم إلا بالبحث خارج القرآن بأمر من القرآن الكريم. »
“ إن الاستفادة من السنن وملاحظة الأمثلة والأحداث ، تقدم للناس بصرا ومعرفة نظرية وعملية ، حتي لا يقعوا فيما وقع فيه من قبلهم ، أو تنقذهم إذا وقعوا فيها ، أو على أقل تقدير تكسبهم صلابة موقف من يدرك السنة(الحكم أو القانون) . لآن موقف من يرى السنن يختلف عن موقف ونظر من يجهل مصدر الأحداث”.. « أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم× (الملك :22).
إن المشكلة تكمن في “ حال المسلمين من الجمود ، والغرور ، والمحدودية في النظر ، واعتقادهم أنه لايمكن أن يكون هناك صواب إلا عندهم . وكيف لا؟ .. وهم أصل الحقيقة ، وعلم اليقين من الكتاب والسنة المحكمة! »(...) إن الواقع بكل ثقله وكل دلالاته الصارخة والخفية ، يقول : إن المسلمين ، لم يعودوا يملكون من العلم الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم ، هذا العلم الذي يمجده الله في القرآن ، وعلى أساسه أثبت تفاوت الناس، ورفع بعضهم فوق بعض درجات . وبأسلوب إنكاري نفي أن يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون. (...) “ومالم يرجع هذا العلم إلى المسلمين ، بكل ما منحه الله من قوة وسلطان،فلن يقدر المسلمون أن يستفيدوا من الكتاب والسنة.. وسيظلون يتدحرجون تحت أقدام اللاعبين . مهما ظنوا أنهم من أهل القرآن وعلم الحقيقة واليقين. »(...) وليس من مهمة الكتاب والسنة أن يرفعا الهوان عن قوم لايستخدمون أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم “(...) وعلينا أن نعرف أن الكتاب يظل كامى ، ويظل متصفا بكل صفات القداسة ، ولا يشترط أن يرفع القرآن رأس من لم يرفع به رأسا. »
“وبعد أن نفهم هذا ، نستطيع أن نرجع إلى هذا المسلم الذي يكمن الداء فيه ، إذ فقد الاستفادة من الكتاب والسنة لفقدانه العلم . لا لأن الكتاب والسنة لم يعد فيهما ما ينفع . فإن اتضح هذا فلا يجوز أن نحمل الكتاب والسنة ماليس من شأنهما “(...) والمشكلة ليست في أن الكتاب لم يقم بمهمة الإيقاظ ، ولكن المسلم لم يقم بواجب النظر”
إن العالم الإسلامي إن لم يستعمل سمعه وبصره وقؤاده فيما خلق له ، فإن كنوز الكتاب والسنة ، ستظل مغلقــة أمـامه ، مهما أكثر من طبعاته وأثقل من حملها رفوف المكاتب. وفي مثل هذا ضرب الله مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها . إن القلوب التي عليها الطبع ، والعيون التي عليها الغشاوة ، والآذان الموقورة ، لا تتفاعل مع الحقيقة.»
ويعرض جودت سعيد لأحدى العوائق العقلية لذي المسلمين التي تتبدى عندما يأتيهم إنسان بالحق فإذا بهم يتساءلون : «أن كان هذا الأمر حقا ، فكيف خفي على الملايين من المسلمين ، خلال مئات السنين؟ (أربعة عشر قرنا ويزيد) ويجيب جودت سعيد على هذا التساؤل قائلا: «هذا القلق الذي يخطر ببال المسلم ، من استغراب من غفلة الملايين خلال مئات السنين ، حله في الكتاب والسنة . حين يتوجه اليها (المسلمون) بعيون وقلوب مبصرة ، وعندها لن نضل أبدا” .
“إن من أولويات ما يعلمنا الله في كتابه الكريم ،إن الباطل لا يكسب قوة الحق ، وإن كثر أتباعه وطال عمره . قال تعالي : « فل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث”(المائدة:1) ..والقرأن الكريم يدين الذين يلزمون ما كان عليه أباؤهم ، ويقول في ذلك : « وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله، قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه أباءنا ، أو لو كان آباؤهم لايعقلون شيئا ولا يهتدون؟” (البقرة 170) والآيات في هذا كثيرة.»
ويدافع جودت سعيد عن الحقيقة بأنها اهم ممن أتي بها أو حملها فيقول: «  إن السنن النفسية مثل السنن العضوية ، تنطبق على المسلم والكافر، فعلينا أن نمتلك القدرة على أن نرى نفس الفكرة وأثرها ، بصرف النظر عمن يحملها. قال تعالي : « ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب : من يعمل سوءا يجزى به”(النساء :123) ولابن تيمية كلام حسن على هذا الحاجز النفسي عند المسلمين . قال : ويترتب على هذا الأصل ، أن الردل العظيم في العلم والدين ، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم الدين ، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد ، مقرونا بالظن ، ونوع من الهوى الخفي . فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه ، وإن كان من أولياء الله المتقين. ويصير (المتبوع) فتنة لطائفتين : طائفة تعظمه (...) وطائفة تذمه (...) وكل هذين الطرفين فاسد. ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم (...) هذا مذهب أهل السنة والجماعة خلافا لأهل البدع” (يؤخذ في الاعتبار هنا أن الذين يتبعون السلف اتباعا أعمي ويرفضون أي جديد لم يقل به السلف يعتبرون أنفسهم من أهل السنة والجماعة في زماننا).وعلى المسلم أن يكون حاذقا في هذا ، فليدع مصير أولئك ، فقد يكونون في مغفرة من الله ورضوانه . ولكن ذلك لا يبرر لنا أن نظل في الخظأ ، ولا يبرر لنا أن نحمل أوزارهم ، وعلينا أن نتذكر قوله تعالي الذي الذي تكرر في سورة البقرة : « وإذ حضر يعقوب الموت ، إذ قال لبنيه: ماذا تعبدون من بعدي؟ .. قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم واسماعيل وإسحق ، ألها واحدا ونحن له مسلمون. قال: تلك أمة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم . ولا تسألون عما كانوا يعملون”(البقرة: 134) . وقوله تعالي : « قل أأنتم أعلم أم الله ؟ .. ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله . وما الله بعافل عما تعملون. تلك أمة قد خلت ، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ، ولا تسألون عما كانوا يعملون “البقرة:141). ».
إن المشكلة هي : «  مشكلة إكساب الإنسان المسلم قدرة التعامل مع الحقيقة ، بصرف النظر عن ملابساتها، أو أكساب المسلم قدرة التعامل مع السنة : «سنة الله في الذين خلوا من قبل “(الأحزاب: 38) . وإن من أدرك كيفية التعامل مع السنة ، لا يعود يبالي بالثقة من جانب الناقل (...) سواء كان الناقل موثوقا به أو ليس كذلك ، لآن الموضوع في هذه الحالة ، يحمل دليله معه.(...) أما من لا يعرف التعامل مع السنة ، وإنما يقبل الموضوع على أساس الثقة (في ناقله) فقط ، فهذا معرض للوقوع في الخظأ .(...) وهذا التعرض للخطأ يكون على وجهين : حين نقبل خظأ من نثق به ، وحين نرفض صواب من لانثق به”.
“ وليس معني ذلك عدم التثبت إن جاءنا فاسق بنبأ . فإن أمور الدنيا التي يمكن أن تقع أمام اختبارات العلم ، الذي يمكن أن نكتشفه في سنن التاريخ ووقائع الأحداث فيه على أساس اختبارات العلم ، فنأخذ أحسنها نتائج ، وأحمدها عواقب . وهذا الذي أمرنا الله به في قوله : « فبشر عباد ، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله ، وأولئك هم أولو الألباب. »(الزمر:18) . وفي سنن التاريخ والنفس والاجتماع ، حين يأتي أحد بنبأ ، فليس النظر فيه إلى فسق من أتى بالنبأ أو تقواه، ولكن إلى مقدار صمود ما أتي به من برهان في دعواه ، أمام الاختبار والتحقيق”.
“إن الآفات التي تصيب العقل الإنساني والعقل المسلم فلا يدرك علاقة الطاقة المفكرة بسنن الكون عددها القرآن الكريم ، وندكر منها خمس :
أولا : الغفلة : قال تعالي :« سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ، وإن يروا كل آية لايؤمنوا بها ، وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ، وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا. ذلك أنهم كذبوا بآياتنا ، وكانوا عنها غافلين، والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة ، حبطت اعمالهم ، هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ؟ “(الأعراف:147).
ثانيا : الإعراض عن أيات الله وسننه : قال تعالي : « وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون”(الأنبياء:32) ,
ثالثا: التكذيب وافتراء الكذب: قال تعالي : « ومن أضل ممن افترى على الله كذبا أو كذب بأياته “(الأنعام: 21) وقال : « ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير”(الملك :18) وقال : « إن الله لا يهدي من هو كذاب كفار”(الزمر:3) .
رابعا : اتباع الهوى : قال تعالي : « ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله “(القصص:50» وقال: « بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم”(الروم :29) وقال : « أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم »(محمد: 16) وقال : « وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم”(الأنعام:119), »(...)
“وما أكثر ما نجد في حياتنا رجلا يعظ الناس باتباع الحق ، فإن جاءه رجل بالحق هداه الله إليه استكثر عليه ما خصة الله به من نعمة حسدا ، مثل ابن آدم مع أخيه الذي بلغ به الحسد ، وهو (أي الحسد) من هوى النفس ، فقتله.
خامسا : اتباع الآباء(أي السلف): إن الذين يفقدون السنن والقوانين في أحداث الكون وحوادث البـشر (لجهلهم بها) يستبدلون تقاليد الآباء (لأنها مبلغ علمهم) بالسنن...إن تراث الآباء له أهمية بالغة إذا استفيد به (أي مالم تكن قد انقضت فائدته، ولم يعد مجديا التمسك به بظهور ما هو أفضل منه قيلا، وجدوى ، وفائدة ، ونفعا للمسلمين) ولكن إذا تجاوز الأمر الاستفادة من العلم الذي حصلوه ، إلى أن يصيروا هم العلم والسنة، وهم قانون الله الذي لا يتغير ولا يتبدل ، فهنا يتحول ما كان عليه الأباء (حتي لو كانوا في زمانهم) إلى أحجار الرحي المدلاة من الأعناق التي تعيق الحركة ، وتتعب النفوس وترهق الأجسـاد ، ويتحول إلى الآصار والأغلال . قال تعالي: « إنهم ألقوا أبائهم ضالين ، فهم على آثارهم يهرعون”(الصافات :69). يجرى على الآباء والأبناء ما يجرى على كل البشر ، في وقوعهم في الخظأ وفي اهتدائهم ‘لى الصواب . في قربهم من الحق وبعدهم عنه ، يخطؤون ويصيبون ، لهذا فإن تصحيح ما يمكن أن يقع فيه الآباء من خطأ ، إنما يكون بمراجعة آرائهم وما كانوا عليه ، واختبار ذلك على أساس القواعد والسنن. (...) والذين أعلنوا منهم أنهم لم يعودوا أهلا للفهم والمعرفة ، حين أغلقوا باب الاجتهاد ، وسدوا منافذ الفكر، وقالوا : انطبقت القبور على أهل العلم والمعرفة ، هؤلاء كانوا صريحين أنهم ليسوا أهلا أن يتبعوا”(...) وكان الأمر الذي اتخذ مسوغا لهم هذا الموقف ، أن يبقي السلف الصالح في مكان الصدارة والمنزلة العالية . كأن هذه المنزلة لن يستحقونها إلا إذا طل كل من يأتي بعدهم قزما، في أسفل سافلين ، وكأن نعمة الله على البشر توقفت ، وكأن آيات الله في الآفاق وفي الأنفس توقفت عن الظهور للبشر.
يقول محمد إقبال (...): « الوعاظ والصوفية عبدوا المناصب ، وأضاعوا حرمة الملة البيضاء ،واعظنا إلى بيت الصنم (السلف) ناظر، ومفتينا بالفتوى يتاجر” وقال أيضا : «  إنك أيها المسلم مازلت أسيرا للمتزعمين بالدين والمحتكرين للعلم(الديني) ولا تستمد حياتك من حكمة القرآن رأسا. إن الكتاب الذي هو مصدر حياتك ومنبع قوتك ، لا اتصال لك به ، إلا إذا حضرتك الوفاة فتقرأ عليك سورة ياسين لتموت بسهولة. فواعجبا.. لقد أصبح الكتاب الذي أنزل ليمنحك الحياة والقوة يتلى عليك لتموت براحة وسهولة...»
“وبقيت الآيات في الكتاب ، ولكن لم ينتفعوا منها في شيء، وهذا مثل واضح عن فقدان الكتاب قيمته الإصلاحية حين يعجز البشر عن التفاعل معه ، ومن هنا تبرز أهمية إدراك العلاقة بين ما بالنفس وآيات الكتاب. إن المشكلة ليست مشكلة الأجيال الماضية وفهمهم ، وإنما مشكلة ضياع الأجيال الحاضرة وعطالتهم . يقول تعالي : « تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ، ولا تسألون عما كانوا يعملون”(البقرة 134) وقال: « وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله ورسوله ، قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا ، أولو كان آباءهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون”(المائدة :104) . «وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون”(المائدة :104)» انتهي كلام جودت سعيد.
ولقد تعرضت لمثل ما أشار له جودت سعيد عندما هداني الله إلى أن الصلاة الوسطي التي ورد ذكرها في سورة البقرة هي صلاة الرحم وليست صلاة الفجر أو العصر أو غيرها من الصلوات المكتوبة على النحو الذي ظل المفسرون يقولون به على مدي أربعة عشر قرنا ، ودللت على ذلك من السياق التي وردت فيه الأية ومن المعني اللغوى للصلاة واستعمل اللفظ في القرآن الكريم . ولأنني اعتبرت ما هداني الله إليه شهادة يجب على ألا أكتمها فقد حاولت أن أنشر ذلك فامتنعت كل وسائل النشـر التي كان بعضها يتلهف على نشر كتاباتي عن نشر ما كتبت.ونفس الشيئ عندما قلت بأن الكوثر في “إنا أعطاك الكوثر تعني الكوثر وليس نهرا في الجنة رغم أن من الأقدمين من قالوا بذلك أيضا أو عندما قلت بأن الضحي في :”الضحي والليل إذت سجي المقصود به النبي صلى الله عليه وسلم . ولأني ليس بمقدورى أن يكون لي موقعا على الانترنيت فقد لجأت الى عمل مدونة لكي أنشر ما يمنع نشره. كان يقترض لو كنت مخطئا فيما ذهبت إليه أن يقوم العلماء بتصويب الخطأ ، ولكن كان من المتعذر عليهم ذلك إلا بالقول بأن ما أقوله يخالف ما قال به الامام فلان والامام فلان من السلف.وهو مقولة متهافتة ستظهرهم يفضلون كلام السلف عن الحق بعد ان تبين لهم وتمت البرهنة على صحته . كان بعضهم ممن يعتبرون أنفسهم من الدعاة وهم لا فضل لهم سوى تكرار أو إعادة إنتاج ما قال به السلف يستكثرون أن ينعم الله على عبد من عباده بمعرفة وهو ليس من الدعاة المشهورين وليس أيضا محسوبا ضمن علماء الدين ممن هم لهم تبع. ولعل اختيار الله لي ليكشف بعض اسرار كتابه الكريم هو بمثابة امتحان لهم ليرى هل يكتمون الشهادة أم لا. بعض العلماء الذين أثق في علمهم ونزاهتهم وصدقهم وتقواهم واجتهادهم عرضت عليهم الأمرمن قبيل المشورة وطلب الفتوى، فأحجموا عن إبداء رأيهم خوفا من ردة الفعل عليهم لو وافقوني على الرأي . لقد وازنوا بين درء الضرر وجلب المنفعة ففضلوا ما توهموا انه درء للضرر ، رعم أنهم ممن يقولون بأن جلب المنفعة أولي من درء الضرر على عكس ما قال به الأقدمون. أي أنهم في الواقع وقعوا في تناقض.نفس الشيء حدث مع عالم مجتهد نزه كتاب الله أن يكون فيه أيات محكمات وأخرى متشابهات وأيات نسخت أيات وبرهن على صحة ذلك ، فثاروا عليه لآن الناسخ والمنسوخ صار علما يدرس في المدارس والكليات الدينية وكتب فيه العشرات من علماء السلف . ولم يجرأ أي معترض عليه أن يناقش براهينه . وما كان منه إلا أن نشر أقواله في كتاب. وكنت قبل أن أقرأ كتابه لي نفس الموقف ولكن لم أكن أملك دليلا أو برهانا عليه غير منظق الأشياء فوضح لي في كتابه ما كان ينقصني .إذا كان هذا موقفهم من الحقيقة المتصلة بعلوم الدين التي درسوها لو خالفت ما درسوه فهل ينتظر منهم احترام الحقائق العلمية في العلوم الأخرى التي يجهلونها؟ ..

No comments: