Saturday, August 13, 2011

هل ثمة علاقة بين القرآن الكريم والسحر والشعر والكهانة؟



عندما قرأت أول مرة في صباي أن المشركين في قريش ظنوا أن القرآن ضرب من السحر أو الشعر أو الكهانة حتي شهد خبير منهم بأنه ليس من هذا وﻻذاكه وأنا أفكر فيما دعاهم الى هذا اﻹدعاء وهل كان ذلك من قبيل اﻻفتراء عليه أم استشكل عليهم اﻷمر . وفي الحالة اﻷخيرة ﻻ يكون ما توهموه اختلاقا وله ما يرره ،وبالتالي هل يكون ثمة علاقة بين القرآن وتلك المجاﻻت التي ذكروها جعلتهم ﻻ يفرقون بينه وبينها ويشتبه أمره عليهم ؟..
بمرور الزمن اتضح لي أن ما سبب لهم هذا الخلط أو تلك اﻹشكالية هو صياغة وأسلوب القرآن المكي وحده الذي بدأ به نزول القرآن.وتبين لي بأن سبب هذه اﻹشكالية أو اﻻستشكال عليهم هو اﻵتي :
أولا : لغة القرآن لم تكن اللغة المستعملة في الحياة اليومية وإنما كانت لغة يعتبرونها مقدسة وﻻ تستخدم في غير السحر والشعر والكهانة أي التنبؤ بالمستقبل بألفاظ غير مفهومة أو ظاهرة المعني.وهذه اللغة الخاصة هي لغة العرب البائدة مثل عاد وطسم وجديس وغيرهم والتي تعد امتدادا للغة اﻵرامية التي نزلت بها التوراة واﻻنجيل من قبل وكان يتكلم بها المسيح في أورشليم وما حولها رغم انتشار لغات أخرى فيها متفرعةمن اﻵرامية أيضا مثل العبرية والسريانية. وكان هذا هو السبب الذي جعل التجار العرب الذين يتاجرون في بلاد الشام يفهمون لغات أهلها ﻷن جذورها اللغوية واحدة. والذين لهم علم باﻵرامية هم أقدر الناس على توضيح معاني ألفاظ القرآن بإعادتها لدذرها اللغوي في اﻵرامية.

ثانيا :أما عن علاقته بالسحر فكل الكتب السماوية المنزلة مثل التوراة واﻻنجيل والزبور والقرآن وغيرها مما ﻻ نعلم ، ﻻ بد أن يكون لها علاقة به ، ﻷن السحر أنما مأخوذ منهايستفاد ذلك من قول الله تعالى عن الجن أنهم يعلمون من يتبعهم السحرفيقول سبحانه وتعالي : " ... يعلمون الناس السحر وماأنزل على الملكين هاروت وماروت . وما يعلمان من أحد حتي يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما مايفرقون به بين المرء وزوجه وماهم بضارين به من أحد الا بإذن الله . ويتعلمون مايضرهم ولاينفعهم . وقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق.ولبئس ماشروا به أنفسهم لوكانوا يعلمون"(البقرة 102).
فالجن تعلمت السحر مما كان ينزل من السماء على ملكي بابل ، وقد قال المفسرون ، ربما تأثرا بالإسرائيليات ، بأنهما ملكان غضب عليهما الله فأرسلهما يعذبان في اﻷرض بينما قد يكون الأصح أنهما شخصان كانا يجمعان معا بين الملك والنبوة وينزل عليهما الوحي من السماء وقد رجحت بأنهما جلجاميش وأنكيدو اللذين ورد ذكرهما في اﻷسطورة البابلية.ويتفق ذلك أيضا مع ما جاء في القرآن الكريم في الأيتين 95و96 من سورة طه في ذكر موسى السامري الذين صنع بالسحر لبني اسرائيل عجلا من ذهب ليعبدونه في غياب النبي موسي : " قال فماخطبك ياسامري . قال بصرت مالم يبصروا به (أي بني اسرائيل) فقبضت قبضة من أثر الرسول(جبريل عليه السلام)فنبذتها (أي وضعتها جانبا لحين الحاجة اليها) وكذلك سولت لي نفسى".وقوله بصرت مالم يبصروا به يعني رأيت بعيني مالم يروه إذ تقصر أبصارهم عن رؤيته ، حيث يقول بأن المﻻئكة تعهدت بالحفاظ على حياته بعد أن ماتت أمه وهي تلده. ويقصد بالرسول : الروح القدس جبريل وتم تفسير : قبضة من أثر الرسول بأنها قبضة من التراب الذي وقف عليه ولكن قد يكون المقصود بعض مما نزل به الرسول على سيدنا موسي ، ونبذتها ، أي احتفظت بها جانبا لحين الحاجة ﻻ ستعمالها.
وقد استعمل اليهود آيات التوراة ،زمازالوا يشتهرون به ، ونحد في تراث المسلمين كتبا في السحر منسوبة لبعض اﻷعلام مثل ابن سيناء. وأستعملت بعض آيات من القرآن متفرقة فيه في علاج السحر والتخلص منه وما زالت تستعمل كرقية.بل وبلعني أن بعض القساوسة المصريين استعملوا آيات من القرآن الكريم في السحر لكي يفتنوا به المسلمين ممن لجئوا اليهم للمداواة مما ألم بهم. وبعضهم اعتبر أن أمكانية استعمال القرآن في السحر أو التداوي منه هو أكبر دليل على أنه كتاب منزل من لدن الله، ولكن عنادهم صور لهم بأنه كتاب منزل مجهول عثر به محمد لدي بحيرى الراهب أو ورقة بن نوفل فادعاه لنفسه فصدقوا بأن القرآن كتاب منزل من لدن الله وكذبوا حقيقة أن يكون الله قد أنزله عليه وبعثه نبيا ورسولا ،وقد سمعت هذا اﻻدعاءمن أكثر من صديق مسيحي في شبابي ، مع أن ارتباط الكثير من آياته بوقائع مثل الغزوات وغيرها، ونزوله منجما قبل أن يمليه جبريل قبل وفاة الرسول مجمعا، دليل قاطع على كذب ادعائهم وصدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم .

ثالثا:أما عن علاقة القرآن بالشعر ، ففضلا عن أنه يستعمل لغة أكثر استعمالا لها في الشعر الجاهلي على وجه الخصوص وهو ما أهليه لأن يكون من مصادر معرفة معاني ألقاظ القرأن ،فهناك وجه شبه بين نوع الشعر الذي يعرف باﻷرجوزة وبعض قصار السور المكية ، مثل : قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفؤا أحد ، أو قوله تعالي : إن اعطيناك الكوثر ، فسل لربك وانحر ، إن شانئك هو اﻷبتر ، أو قوله تعالي : والعصر ،أن اﻻنسان لفي خسر ، اﻻ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، فهذه السور القصيرة تشبه ماروي عن على بن أبي طالب من أنه قال عندما نزل لمبارزة قائد جيش اليهود في غزوة خيبر :
أنا الذي سمتني أمي حيدرة ..أكيلكم بالسيف كيل السندرة .. ليث بغابات شديد القسورة.

رابعا :أما الشبة بينها وبين كلام الكهان أو المتكهنين وما نقل عن شق وسطيح فهي آيات ﻻيمكن فهم ما بها من استعارات اﻻ أذا كانت تتحدث عن أحداث مستقبلية بما يشبه اﻷلغاز مثل اتنبؤات المشهورة للعرنسي نوستراداموس المتوفي في 2 يوليو 1566 والذي ترك كتابا ينمبـأ فيه بالأحداث التي إعتقد أنها سوف تحدث في زمانه وإلى نهاية العالم الذي توقع أن يكون في عام 3797م. وكان يقوم بكتابة الأحداث على شكل رباعيات غير مفهومة وقيل أن هذه النبوءات في بعض الحالات كانت نتائج لتفسير رموز الكتاب المقدستم تأويلها فيما بعد باسقاطها على أحداث وقعت فعلا ولم يحدث أن فسر أحد رباعياته وتنبأ بها عن أحداث مستقبليةمحددة وصدقت نبوءته.وقد ولد في أسرة يهودية تمارس الطب تحولت الى الكاثوليكيةعندما كان عمره تسع سنوات.ومع أني ﻻ أعبأ بكل ما قيل عن صحة تنبؤاته فإني أميل الى احتمال أن قوله بنهاية العالم عام 3797 قد يكون قريبا الى الصحة ، والله تعالي قال عن موعد قيام الساعة أو نهاية الدينا : أكاد أخفيها، وهو ما يعني أنه لم يتم إخفاء موعدها تماما وأنه يمكن التوصل اليها بالتقريب من القرآن الكريم لمن يوفقه الله الى ذلك. أما أنه يستحيل تحديد موعدها بدقة فيرجع الى أن التقويم الميلادي تعرض الى تغييرات كثيرة في زمن الرومان ولم يكن عدد أيام السنة ثابتا لديهم.بل قد يكون قوله تعالى والعصر إن اﻻنسان لفي خسر ..تنبؤ بأن قيام الساعة سيتم في عصر يوم مقداره خمسين ألف عام والله أعلم ، وبالتالي يمكن لمن لديه قدرة على حساب ذلك إن علم بدء اليوم وهل بدأ مع أول الليل أم بعد ذلكومتي يكون فيه الصبح والشروق والضحي والظهر والعصر أن يتوصل الى نتيجة في هذا الشأن .
.
وسنجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف كتاب الله بأن :"فيه أخبار من قبلكم وأخبار من بعدكم "، أي أنه يتنبأ بأحداث مستقبلية مثلما ورد به ذكر بعض اﻷمم السابقة على اﻹسلام. ومن أشهر ما ورد في القرآن من تنبؤات بلغة صريحة واضحة قوله تعالي : غلبت الروم في أدني اﻷرض وهم من بعد غلبهم سيعلبون ، وكان وقتها قد انتصر الفرس على الروم في موقعة وصدقت نبوءة القرآن بعدها فهزم الروم الفرس بعد عدة سنوات . وقد تكون هذه اﻷحداث المستقبلية ضمن ما ورد في أوائل بعض السور المكية أضرب هنا مثلين منها، أولهما: قوله تعالي في سورة المرسلات :
وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًافَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًاوَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًافَالْفَارِقَاتِ فَرْقًافَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًاعُذْرًا أَوْ نُذْرًاإِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ..فقوله تعالي إن ما توعدون لواقع يؤكد أن كل ما سبق وأن كان يحيل الى الخيل والرياح في ظاهره إنما يجمل تنبؤات بأحداث مستقبلية. ففي هذه اﻵيات وكل ما جاء بعدها حتي نهاية السورة تنبؤات ووعيد ونذر .

وثانيهما : في سورة النازعات والتي تبدأ هي اﻷخرى بقوله تعالي :
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًاوَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًاوَالسَّابِحَاتِ سَبْحًافَالسَّابِقَاتِ سَبْقًافَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُتَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِأَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةًقَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌفَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌفَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ..
وإذ تنتقل السورة بعد ذلك للتذكي بقصة النبي موسي تعود الى ذكر اﻵخرة في نهايتها فتقول :فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَاإِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا.

وإني لأرى في هذه السورة بأنها تذكر أحداث العصر الحديث حتي قيام الساعة ، حيث يمكن تأويل أوائل السورتين و ما ورد فيهاكاﻵتي :
بالنسبة للسورة اﻷولى:
يمكن تفسيرها بأنها تتحدث عن الفتوحات اﻷسلامية وانتشار اﻹسلام في اﻷرض وحمل المسلمون للقرآن الكريم وما فيه من أعذار وأنذار للبشرية.

وأما أوائل السورة الثانية فيمكن تأويلها كاﻵتي:
النازعات غرقا : هو تصوير لحالة اﻷمة المسلمة بعذ زوال حضارتها وغرقها في الجهل والتخلف دون باقي اﻷمم التي كانت ضعيفة ومتخلفة فبدأت تستعيد قوتها وتحقق تقدمها ، والمعبر هنا : بالناشطات نشطا.ثم تأتي : السابحات سبحا لترمز الى اﻷساطيل الغربية التي حققت ما عرف باﻻكتشافات الجغرافية فتم فيها اكتشاف اﻷمريكتين واستراليا ودزب المحيط الهادي وكانت كلها مجهولة ﻷوروبا.وترمز : السابقات سبقا، لعصر النهضة اﻷوروبية وما تلاها من ثورة صناعية وسبقت بها باقي دول العالم علما وثراء وحضارة .ثم تأتي فالمدبرات أمرا والتي يمكن القول بأنها تنطبق على أمة تخطط لمستقبلها لكي تحرز السبق فيه أو القوة أو يكون المقصود بها الحرب العالمية الثانية وما انتهت اليه من تفجير فنبلتين نوويتين على نجازاكي وهيروشيما باليابان حيث رجفت الراجفة اﻷولي وتبعتها الراجفةالثانية...الخ.

ويمة أمثلة في سور مكية أخرى مماثلة للمثالين السابقين.

ونجد أن ذلك التشابه الذي استشكل أمره على المشركين بالنسبة للسور المكية وخاصة القصيرة نسبيا منها ، قد اختفي تماما في السور واﻵيات المدنية وﻻ أثر له فيها.وهذا ما جعلهم يؤمنون به بعد ذلك ، الى أن جاء نصر الله والفتح ودخلوا في دين الله أفواجا . وكان اختلاف الصياغة بين أسلوب اﻵيات المكية واﻵيات المدنية يتقق مع الهدف من كل منهما ، فكانت الصياغة شبه الغامضة في السور المكية تستهدف أكبر قدر من التأثر النفسي وأما السور المدنية فقد كان الهدف منها توضيح الشريعة وتفصيل ما أجمل في السور المكية من قبل بأسلوب واضح ﻻ لبس فيه وﻻ يحتاج الى تفسير أو تأويل ﻵياته.أو بمعني آخر فأن معظم السور المكية يتم فيه مخاطبة النفس البشرية بينما كل السور المدنية يخاطب بها العقل البشري لكي يعقلها ويتدبرها ويفكر فيها ويعمل بها.

وفي نفس الوقت فإن الذين فسروا تلك اﻵيات المكية بظاهر الكلمات لم يحالفهم التوفيق في ذلك ، وﻻ يعني ذلك أن لها ظاهر وباطن أو أنها ذات بنية أسطورية تحتاج الى علم السيمياء فالقرآن ليس مثل أسفار العهد القديم الذين لم يتمكنوا من تفسير تناقضاته اﻻ بهذا اﻻدعاء وﻹزالة التعارض فيهاأو لتبرير مافيها مما يشبه الغزل والنسيب مثل محتوى نشيد اﻹنشارد أو سوء اﻷدب في مخاطبة الرب مثل ما في سفر اللاويين وغير ذلك ، أو نص أدبي يحتاج الى اخضاعه لمناهج النقد اﻷدبي المحدثة مثل البنيوية بمافيها من تفكيك وتجميع ﻻ معني له أو لمقوﻻت ألتوسير في علم اللغة لفهمه كما ادعي محمد أركون وتلاميذه أو على اﻷصح شياطينه وإنما يعني أن فهم تلك اﻵيات يحتاج الى الكير من التفكير والتدبر وقد ﻻ يستطيع أحد رعم ذلك فهمهاﻷن هذا القهم موقوت بزمان يتجلى فيه للناس ، وكان اﻷولي بالمفسرين القدامي بأن يدركوا بأن تفسيراتهم لها غير ذات معني يقبله العقل ،وأنه كان اﻵحرى منها أن يقولوا : علمها عند علام الغيوب .كما أن بداية هذه السور بحرف الواو والتي قال المفسرون القدامى بأنها واو القسم، قد تكون واو للتنبيه الى ما يأتي بعدها وهو ما يتفق مع منهج التنبؤ ،أو اﻻستصحاب لما جاء في السورة قبلها، بحيث تكون بمثابة استطراد لما ورد فيها.

ومحق من يرى بأن بالقرآن كنوزا لم يتم التوصل اليها بعد ، تتجلى بمرور اﻷزمنة ، ومن ذلك ماقيل في عصرنا هذا عن اﻷعجاز الرقمي وبعض ما قيل عن اﻹعجاز العلمي في القرآن ، وهذه الكنوز مازالت تنتظر من يكتشفها ، واﻻجتهاد في التوصل اليها، وهو ما يتطلب عدم التقيد بما ورد في كتب التفسير من قبل ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
فوزي منصور

Thursday, August 11, 2011

مبدأ : عدو عدوي صديقي في الممارسة السياسية للعرب عبر التاريخ



من أسوء المبادئ التي اتبعتها الممارسات السياسية للعرب عبر التاريخ وحتي اليوم رغم فساده ونتائجة المدمرة ، حيث كان يترتب عليه دائما أن عدو من اعتبر عدوا وتمت مصادقته أكثر عداء من ذلك العدو وأكثر منه خطورة وضررا. بدأ اتباع هذا المبدأ بجلاء في التاريخ مع الصداقة التي عقدها هارون الرشيد مع شارلمان ملك بلاد الغال ، أي فرنسا الحالية ، ضد الدولة اﻷموية في اﻷندلس التي أسسها عبد الرحمن الداخل باعتبارها عدوا مشتركاللدولة العباسية التي يوجد على رأسها الرشيد ومملكة الغال التي يحكمها شارلمان.ثم اتبعه حكام ممالك الطوائف في حروبهم الداخلية باﻷندلس فكانت كل مملكة منهم تستعين بالقوط المسيحيين ضد الممالك اﻷخرى وينتهي اﻷمر بتدمير القوط للمملكة التي استعانت بهم بعد تدمير المملكة التى تحالقا ضدها.ولم تتعظ باقي الممالك وارتكبت نفس الخطأ المميت حتي انتهى اﻷمر بطرد المسلمين مع أصلامهم من شبه دزيرة أيبريا بعد ملاحقتهم بمحاكم التفتيش وطرد اسلامهم معهم ليس من شبه الجزيرة فقد وإنما من جزر البليار ومالطة وصقلية وكان معظم سكانها جميعا من المسلمين فتم ابادتهم عن بكرة أبيهم ولم ينج منهم سوى من تمكن من أن يسلك البحر هربا. وبعد انهيار الدولة السعدية في المغرب اﻷفصي نشأ فيه أكثر من 15 دولة تقاتل كل منهم اﻷخرى وتحرص على أن يكون لها منفذا على البحر حتي تستطيع منه استيراد المدافع والذخيرة من البرتعاليين واستخدامها ضد منافسيهم في الداخل. واستمر الحال عليه حتي ظهرت الدولة العلوية وآل الحكم الى السلطان المعروب بالمولى اسماعيل الذي اتخذ من مدينة مكناس عاصمة له وكون جيشا عرف بجيش البخاري ﻷنه كان يقسم يمين الوﻻء على اصحاح البخاري وليس على القرآن الكريم وحارب به باقي الدول حتي تمكن من هزيمتها واحدة تلو اﻷخرى وتوحيد المملكة. في هذا الوقت امتدت اﻹمبراطورية العثمانية حتي الجزائر وصارت تهدد وجود الدولة العلوية التي اضطرت الى عقد معاهدات دفاع مضترك مع فرنسا وأسبانيا وفق مبدأ عدو عدوي صديقي أيضا وانتهى اﻷمر الى استيلاء الدولتين على المغرب عام 1912 الى أن حضل على استقلاله منهما في نهاية الخمسينيات مع موجة استقلال المستعمرات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.واعتبرت المملكة المغربية أن العدو الجديد لها هو حكومة الثورة الجزائرية وخاصة مع تداعيات ماعرف بحرب الرمال التي شنتها قوات مغربية على الصحراء الجزائرية ثم انسحبت منها في نهاية السنة اﻷولي للثورةالجزائرية وبعد أن آل الحكم فيها الى بومدين وحرصت الدولة المغربية على اﻻبقاء على علاقات خاصة مع فرنسا ومع أسبانيا التي تحتل جيبين في شمال المغرب يتمثلان في مدينتي سبته ومليلية منذ أكثر من خمسة قرون.وبسبب هذا التحالف اشترك جيش السلطان أو ما عرف بجيش المخزن قبل اﻻستقلال مع فرنسا في القضاء على جيش هيبة الله ماء العينين الذي زحف من وادي الذهب والساقية الحمراء لتخليص المغرب من اﻻستعمار الفرنسي ووصل حتى شمال مراكش ومع قوات اﻻستعمار في القضاء على تمرد القبائل ضد اﻻستعمار الفرنسي وعلى جيش تحرير الجنوب الذي شكله مغاربة وصحراويين بزعامة المغربي بن سعيد أيت يدر ضد اﻻحتلال اﻷسباني للصحراء مع الفرنسيين واﻷسبان الذين تحالفوا ضد جيش الثوار وتمت هزيمته في موقعة عرفت باسم افيكون ثم ضد جبهة تحرير الصحراء ووادي الذهب المعروقة بالبوليزاريو والذين لجئوا الى الجزائر فاحتضنتهم باعتبار أن عدو المغرب عدوهم هو صديقهم كما دعمهم القذافي بالمال والسلاح عندما كان يناصب ملك المغرب العداء ونشأ الصراع على الصحراء بين دولةالمغرب والبوليزاريو منذ عام 1975 حتي اليوم ولم يجد حلا وكان من مصلحة بعض الدول ومنها الجزائر استمراره ﻻ ستنزاف قوى المغرب سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

فإذا انتقلنا الى المشرق العربي في العصر الحديث سنجد أن دول الخليج قد حرضت صدام حسين على الهجوم على ايران خوفا من امتداد الثورة اﻹيرانية اليها بعد أن هدد الخميني بتصديرها اليهم وكان الهدف هو أسقاط الخميني فكانت النتيجة أن أثارت العصبية الفارسية العنصرية وجعلت اﻻيرانيين يلتفون حول حكم الملالي ولو لم تقم تلك الحرب التى استمرت ثمان سنوات وقتل فيها أكثر من نصف مليون نسمة باﻵضافة الى مئات اﻵلاف من المعطوبين لكان من المحتمل سقوط حكم الملالي بسبب التناقضات والعداوات التي أثارهاداخل ايران. وبعد ذلك تحالفت مع الوﻻيات المتحدة وبريطانيا ضد صدام حسين بعد أن مارس البلطجة السياسية ضدهم وقام باحتلال الكويت وكان كل هدفهم هو تخليصهم منه وليس تحرير الشعب العراقي منه وترتب على هذه الحرب تدمير العراق وقتل مئات اﻵلاف من مواطنية وهجرة ثلاثة ملايين الى كردستان أو دول الجوار أو مختلف دول العالم بحثا عن اﻷمان. واليوم عندما تخرج الوﻻيات المتحدة من العراق سيحل محلها النقوذ اﻻيراني عدو دول الخليج.واﻷمثلة بخصوص اعتماد هذا المبدأ الخطر في التاريخ ﻻ تعد وﻻ تحصي ، وما سقته هو أكثر ما علق في ذاكرتي منها وأرجو أﻻ يكون قد شابته أخطاء محدودة في اﻷسماء .

وإذا عدنا الى منطقتنا سنجد تحالف قوى الثورة الليبية ضد القذافي مع حلف الناتو يندرج ضمن هذا المبدأ ولو أني ألتمس لهم العذر بعد أن استنجدوا بمصر فلم يستجب لهم المجلس العسكري الحاكم الذي صرف كل جهده لضمان استمرار هيمنة العسكريين على الحكم في مصر الى جانب ارتباط بالمال الليبي الذي يمثله في مصر أحمد قذاف الدم والذي ما زال مقيما فيها ويعمل منها ضد الثورة وإن ادعي انشقاقه عنها وتمثل ذلك في صفقة السلاح التي عقدها مع السوريين واستولت عليها اسرائيل ثم أفرجت عنها وأرسلتها على سفينة اسرائيلية اعترضتها قوات حلف الناتو مما ترتب عليه انسحاب وقتها مؤقت للقوات اﻷمريكية من الحرب ضد القذافي .والمراقب لتطورات الوضع الميدانية سيجد أن قوات الناتو لو أرادت القضاء على قوات القذافي العسكرية لما استغرق ذلك منها بضعة أيام أو أسابيع ولكنها توجه ضربات محدودة ﻻ تمنع استمرارها في القتال حتي يتواصل قتال الليبيين وطالما أن الضحايا من المسلمين وﻻيقتل جندي واحد من الناتو فلامانع من استمرار الحرب حتي يقضي كل من الطرفين على بعضهم البعض ويخلو الجو بعدها للدول الغربية وتحقيق مصالحها.

واﻵن اذا انتقلنا لمصر بعد ثورة 25 يناير سنجد من المفارقات مؤخرا أن تتحالف الطرق الصوفية مع قوى الثورة من العلمانيين والشيوعيين والليبراليين حسب التسميات التي يطلقها هؤﻻء على انفسهم وﻻ يدفعهم الى ذلك التحالف سوى مواجهة تحالف السلفيين مع اﻹخوان الذي يعتبرونه عدوا مشتركا لهم واتباعا ايضا لمبدأ عدو عدوي صديقي وسنجد قبل ذلك تحالف اﻹخوان المسلمين والسلفيين مع المجلس العسكري ضد باقي قوى الثورة إعمالا لنفس المبدأ دون أخذ العظة بتحالفهم السابق مع قادة الانقلاب العسكري في 23 يوليو 1925 وكيف انقلب عليهم عبد الناصر ونكل بهم بعد أن استقر له أمر الحكم وظهرت رغبتهم في مشاركتهم له بينما أصر على اﻻنفراد به وحده دون شريك.
إن استمرار هذا المبدأ الفاسد في الممارسات السياسية حتي اليوم هو ما بت أخشى منه على الثورة المصرية وكل القوى التي قامت بها أو شاركت فيها بعد صمودها أو تحاول اليوم الركوب على ظهرها من أجل الانفراد بالسلطة أو المشاركة فيها في الحد اﻷدني .
فوزي منصور

د

مشروع منخفض القطارة



منخفض القطارة هو منخفض يقع في جمهورية مصر العربية في الصحراء الغربية يمتد من الشرق إلى الغرب, يقترب طرفه الشرقي من البحر الأبيض المتوسط عند منطقة العلمين, مساحته حوالي 20000 كم مربع, ويبلغ طوله حوالي 298 كم وعرضه 80 كم عند أوسع منطقة فيه, تى أن عرضه يصل الى 145 كم عند منسوب سطح البحر (منسوب الصفر)وأقصى انخفاض له تحت سطح البحر يبلغ 134 متر, ويبدأ المنخفض من جنوب العلمين على مسافة 75 كيلومتر أو 80 كيلومترا..وتغطى أرضية المنخفض التى تبلغ مساحتها 5800 كم2 السبخة ، وتتكون من خليط من الرمال والأملاح والمياه ،الناتجة عن تسرب تسرب المياه الجوفية إلى أرضية المنخفض مذيبة فى طريقها أملاح الصخور التى تمر بها، فضلا عن التساقطات المطيرية خلال فصل الشتاء.

وقد ظهرت فكرة استغلاله لتوليد الكهرباء عن طريق توصيله بقناة توصل له ماء البحر اﻷبيض المتوسط عام 1933 أي منذ قرابة 80 عاما باستغلال فرق المنسوب ﻻدارة توربينات الكهرباء.وعندما يمتلئ المنخفض بالماء تتكون فيه بحيرة مساحة سطحها حوالى 19500 كم2 وعندها يتوقف توليد الكهرباء منه ويكون ما تم الحصول عليها منه لحين امتلاء البحيرة أضعاف قيمة ماتم انفاقه على حفر البحيرة وعلى انتاج الكهرباء وخطوط نقلها وقد أن يستغرق ذلك مدة تصل الى أكثر من 30 عاما حسب العالم البريطاني الذي فكر في المشروع أول مرة. واقترح أن يتم توصيل ماء البحر الى المنخفض أما عن طريق قناة مكشوفةيتراوح عرضها ما بين 136 الي 256 متر أو عن طريق حفر نفق ضخم واحد أو ثلاثة صغار لتمرير 650 متر مكعب/ث وإسقاطها لمنسوب -60. وسيتم الحفر سواءللقناة المفتوحة أو النفق في أرض صخرية يرجح أنها تتكون من الحجر الجيري.
وفى إطار التعاون المشترك بين حكومة مصر وحكومة ألمانيا الإتحادية (الغربية) ، شكلت وزارة الإقتصاد الألمانية عام 1964 فريقا من الخبراء يرأسه الدكتور بازلرBassler الأستاذ بجامعة دارمشتات التكنولوجية لدراسة مشروع منخفض القطارة ومشروعات التنمية الممكنة بالمنطقة .

بعد إن إطلع بازلر على كافة الدراسات التى أجراها صاحب فكرة المشروع اﻷصلية، . وبعد دراسات جيولوجية وهندسية تفصيلية ، قام فريق الخبراء الألمان عامى 1964 ، 1965 بتحديد الجدوى الفنية والإقتصادية لمشروع منخفض القطارة .

وكان الحل الأمثل الذى ثبتت جدواه الفنية هو إختيار المنسوب – 60 لسطح البحيرة كأعلى سطح تشغيلى للبحيرة بمساحة 1200 كم2 تبعا لذلك ، وفى هذه الحالة سوف تنقص كمية مياه البحيرة سنويا نتيجة البخر 19000 مليون متر مكعب طبقا لنتائج اختبارات وحسابات الفريق الألمانى ، الذى وضع فى اعتباره كمية المياه التى يمكن أن تتسرب للبحيرة من المياه الجوفية . وكان صاحب فكرة المشروع قد قدر كمية الفقد بالبخر بـ 17000 مليون م3 عند منسوب -60 لسطح البحيرة .

كما حدد بازل معدل التدفق الأنسب لمياه البحر للبحيرة بـ 600 م3/ث وذلك لتعويض الفقد السنوى بالبخر لمياه البحيرة ، وهذا التدفق سيكون من خلال نفق طوله 80 كم تحت سطح الأرض ليتساقط فى نهايته على غرفة التوربينات عند منسوب -54 م تحت سطح البحر .

ووضع بازلر فى دراسته ضرورة وجود محطة ضخ وتخزين ، تعمل على ضخ المياه أوقات الأحمال المنخفضة لخزان علوى عند منسوب + 215 م فوق سطح البحر سعته 50 مليون م3 . ويقع هذا الخزان على حافة المنخفض ، وهو خزان طبيعى كان قد تم اكتشافه أثناء الأبحاث الجيولوجية والطبوغرافية التى قام بها الفريق الألمانى .

وتبعا لذلك فإنه فى أوقات ذروة الأحمال على الشبكة الكهربائية بدلتا مصر ، سوف يصل مجموع القدرة الكهربائية المتاحة من مشروع منخفض القطارة مع تشغيل محطة الضخ والتخزين إلى 4000 ميجاوات .

ز توفريغ مياه البحر فى منخفض القطارة سيكون متدرجا بحيث يمكن ملء المنخفض خلال ٦٠ عاما آخذين فى الاعتبار معدلات التبخير السنوية ومعدلات الأمطار فى شمال الصحراء الغربية. ويتطلب ذلك ضخ مالا يقل عن ٣٣ مليار متر مكعب من مياه البحر سنويا إلى المنخفض عبر القناة الموصلة بين البحر والمنخفض، بمعدل يومى لايقل عن ٩٠ مليون متر مكعب يوميا. وقد تم تحديد أفضل المسارات المقترحة لشق هذه القناة من الناحية الطوبوغرافية، وتعيين مواصفات كل مسار وتضاريسه وطوله ومعدلات الارتفاعات على طول المسار بالنسبة لمنسوب سطح البحر وذلك لتيسير الاختيار النهائى للمسار الأفضل.

وأفضل المسارات للقناة من الناحية الطوبوغرافية وأكثرها إنتاجا للطاقة الكهربائية يقع غرب مدينة الضبعة بمسافات تتراوح بين ٦.٣كم و٢٠.٠ كم إلا أن الاختيار النهائى لأفضل المواقع متروك للجنة الفنية المختصة بهذا الشأن. ولن تحول مدة امتلاء المنخفض دون إنتاج وتوليد الكهرباء من تاريخ أول بدء تساقط شلالات المياه فى المنخفض بعد إنشاء القناة، فالفارق بين منسوب المياه فى القناة ومنسوب أرضية المنخفض (عمود المياه) سيكون أكثر من ٢٧٥متراً عند بدء ملء المنخفض، ثم ينخفض هذا الفارق تدريجيا إلى نحو ٢٢٥ متراً عند ملء المنخفض.

وفى غضون ٨ سنوات من بدء ضخ المياه تتكون بالمنخفض بحيرة مساحتها ١٢٤٠٨ كم٢ بمتوسط عمق ١٨.٢٦ متر بعد حساب معدلات التبخير والأمطار السنوية، وهى مساحة تعادل أكثر من عشرة أضعاف المساحة المغمورة حاليا فى البحيرات الشمالية للدلتا مجتمعة (البرلس– المنزلة– إدكو– مريوط)، مما يساهم فى بدء استغلال المنخفض فى إنتاج الثروة السمكية بوفرة كبيرة.

وفى غضون ٢٥ عاماً من بدء ضخ المياه يكون المنخفض قد امتلأ بنسبة ٨٠% من إجمالى مساحته بمنسوب يقل عن منسوب سطح البحر بنحو ٣٠ مترا وبمتوسط عمق ٤٠.١١ متر، ومن ثم يمكن استغلال الشواطئ الشمالية والغربية والجنوبية الغربية فى النشاط السياحى. وفى غضون ٦٠ عاما يكون المنخفض وملحقاته من المنخفضات الثانوية قد امتلأت بالكامل حتى الصفر (منسوب سطح البحر) بمتوسط عمق ٥٨.٩ متر. وكلما زادت المساحة المغمورة زادت كمية المياه التى يتم فقدها بالتبخير، حتى تتعادل كمية الفاقد من المياه مع كمية المياه الواردة إلى المنخفض.

وقد تم حساب جملة تكاليف المشروع الرأسمالية المتوقعة بالأسعار الحالية ووجد أنها لاتتجاوز ٥٥ مليار جنيه مصرى. وتشمل هذه التكاليف نفقات إنشاء القناة، وإنشاء من ٤ إلى ٥ محطات طلمبات بقدرة تصرف لكل منها لا تقل عن ١٠٤٠ متراً مكعباً/ثانية، وبطاقة رفع استاتيكى ٥٠ متراً لكل منها، شاملة فى ذلك تكاليف محطة المحولات وخطوط نقل الكهرباء، وقيمة توريد وتركيب التوربينات المخصصة لتوليد ونقل وتوزيع الكهرباء من المنخفض، بالإضافة إلى تكاليف إزالة الألغام فى المنطقة المرشحة لحفر القناة.

كذلك تم حساب تكاليف التشغيل السنوية، شاملة فى ذلك استرداد نفقات استهلاك رأس المال لمدة ٥٥ سنة، وقيمة استهلاك الكهرباء لمحطات الطلمبات، وقيمة قطع غيار ومصروفات الصيانة، والأجور والمرتبات السنوية.

وتكلفة مشروع توصيل مياه البحر إلى المنخفض عبر قناة سطحية يمكن تعويضها من بيع الشريط الساحلى المحيط بمنخفض القطارة من ناحية الشرق والجنوب والغرب لاستغلاله سياحيا، حيث تم حساب مساحة هذا الشريط القابل للاستغلال حول المنخفض الرئيس وكذلك حول المنخفضات الفرعية التى سوف تتحول إلى بحيرات متصلة بالمنخفض.

وارتفاعات الشواطئ على طول هذا الشريط متوسطها ١٧ متراً فوق منسوب سطح البحر وهى بذلك تعادل نفس ارتفاع الشريط الساحلى المستغل سياحيا على طول الساحل الشمالى للصحراء الغربية، فلو افترضنا أن ٤٠% من مساحة هذا الشريط سوف تعد للاستغلال، بينما يخصص باقى المساحة للمنافع العامة،


وقد حددت مزايا المشروع في اﻵتي :
1 – _ سيتم أنتاج الكهرباء نتيجة انحدار الماء من 15 انبوبة ( 15 انبوبة كل 10 متر ارتفاع ) أي 15 مولدكهرباء وذلك يعني 150 مولد كهرباء في أجمالي 100 متر ارتفاع
2 – سيتم زراعة ما يقرب من 1500000 فدان
3 – سيمكن من تنفيذ مشروعات إنتاج حيواني سيتم أنشاء مزارع أنتاج حيواني لسد اﻻحتياجات المحلية.
4 . انشاء مصانع حول المنخفض ومشروعات سياحية.
5. امكانية استغلال البحيرة في تنميةالثروة السمكية.


وظلت فكرة طيلة عقود تظهر على السطح ويتم المطالبة بتنفيذ المشروع وتبدي الحكومة المصرية اهتماما به ثم يفتر هذا اﻻهتمام ويطويه النسيان لسنوات تالية الى أن يتم أثارته مرة أخرى .

وظهر مؤخرا من يفكر في توليد الكهرباء عن طريق مده بمياه النيل من فرغ رشيد عوض اهدار الزائد منها في البحر اﻷبيض المتوسط وزراعة المنطقة شرق المنخفض والتي كانت قديما حسب أسحاب هذا الرأي مزارع زمن امتداد الأمبراطورية الرومانية الى مصر، وأن تربة تلك المنطقة خصبة لدرجة عاليةأو عن طريق قناة أو أنبوب مياه يحمل ماء النيل من مفيض توشكي جنوب مصر عبر الواحات الى موقع البحيرة.ويقول أصحاب الرأي الاخير ومنهم العالم المصري فاروق الباز بأن ثمة دﻻئل على أنه كان قديما ثمة نهر قديم متفرع عن النيل يمر في الواحات البحرية ويصب في منخفض القطارة.وأن تنفيذ المشروع سيكون بمثابة أحياء ذلك النهر القديم وزراعة المناطق التي يمر بها بطول الصحراء الغربية المصرية.اﻻ أن بعضهم تصور بأن المنخفض كان ذلك الوقت بحيرة مياه عذبه علما بأن جميع البحيرات المفلقة تكون عادة شديدة الملوحة. كما تم تجاهل كل ما كان يتررد خلال السنوات السابقة حول ندرة المياه واﻷمن المائي والحروب التي ستنشأ بسبب المياه في المستقبل وكذلك المشاكل حول حصة مياه مصر من النيل مع دول المنابع اﻷفريقية.كما أن توصيل مياه النيل الى المنخفض يعد أهدارا لها عوض استخدامها في زراعة أراض جديدة ولن يعوض ذلك مايتم الحصول عليه من كهرباء يمكن الحصول عليها من مصادر عديدة منها استفلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية والغاز الطبيعي عوض تصديره ﻹسرائيل ودول أخرى.وفي نفس الوقت فإن استغلال البحيرة في انتاج اﻷسماك واﻻحياء المائية يتطلب تزويدها بكمية من الماء العذب لتقليل نسبة اﻷملاح فيها. كما أن تنفيذ المشروع ﻻ يغني عن تنفيذ مشروع يتم فيه زراعة أكبر مساحة ممكنة من الصحراء الغربية المصرية بعد توصيل مياه النيل اليها مع اﻻقتصاد في المياه والمحافظة عليها ويتم تصريف الفائض منها فقط في القناة عندما تزيد عن قدرتها اﻻستيعابية ويهدد الفائض بفيضانها واﻻضرار بالمحاصيل الزراعية وهي بالتالي لن تكون مستمرة التدفق نحو المنخفض بحيث يمكن استغلال هبوطها فيه في توليد الكهرباء منها. وقد تم اقتراح مشروع جسر النوبة للتنمية والذي يشمل شق قناة من النيل اﻷبيض في السودان تتجه شمالا عبر الصحراء الغربية المصرية وتنتهي في منخفض القطارة وتستطيع جلب مياه أكثر من مياه النيل مع اﻻتفاق مع دول المنابع والتي تتمثل أساسا في رواندا التي يأتي منها النهر الذي يغذي بحيرة فيكتوريا وأثيوبيا والتي تزود النيل عن طريق أنهار السوباط والنيل اﻷزرق بحوالي 80 في المائة من المياه التي تتدفق فيه وهو ما يتطلب أن تكون اﻷراضي الجديدة التي سيتم تعميرها في الصحراء الغربية بالسودان ومصر تعود بالنفع على شعوب دول المنابع. كما تم اقتراح أيضاقناة تأتي من الغرب الى منخفض القطارة وتحمل مياه منطقة الساحل اﻷفريقي اﻻستوائية اﻻ أنه ﻻ يتوقع أن يصل منها كميات مياه كبيرة الى المنخفض بسبب مايتم استهلاكه منها في طول مجراها عبر شمال الصحراء الكبري اﻷفريقية وكذلك تعرضها خلال ذلك الطريق الطويل الذي ستسلكه الى البخر والتسرب .

تنقيذ المشروعات:
لهذا فإن تلك المشروعات جميعها توجد حاجة لتنفيذهاوفي صدارتها مشروع منخفض القطارة وعلى أساس حفر قناة بحرية توصل بينه وبين البحر اﻷبيض المتوسط يقترح أن تكون مفتوحة ويتم شقها بالمتفجرات والوسائل العادية اﻷخرى بعد أن تعذر استخدام الطاقة النووية في حفرها بسبب اعتراض الدول الكبرى على ذلك.. وبالنسبة لمشروع منخفض القطارة فالرأي هو أن يتم الشروع في تنفيذه مع اعتباره مشروع للمستقبل بعيد المدي وبتصميم بسيط يسمح بالحصول على الكهرباء منه على مدى خمسين عاما وعدم المبالغة في كمية الكهرباء المستخلصة مهه أو ألتطلع الى جحم كبير منها وإنما يكفي الحجم الذي تستلزمه احتياجات المنطقة وليس الشبكة الوطنية بما يعني أن يكون منفصلا عن الشبكة الوطنية الحكومية وبالتالي منفصل عن كل ما يتعلق بالدولة والوزارات وتداخل اختصاصاتها والتي يوضح تاريخ المشروع أن تدخل هذه الوزارات ترتب عليه تعطيل تنفيذه فمنها من أفتي بأن طائرات اﻻستطلاع اﻷمريكية "اﻷواكس" قد صورت شقوقا في قاع المنخفض في حالة امتلائه بالماء سيسبب زﻻزل في المنطقة ومنها اعتراض القوات المسلحة على حقر قناة مكشوقة واسعة ومنها من قال بأن التربة في قاع المنخفض ستتحول الى عجينة وكأنه ستتم زراعتها...الخ
وعموما فإن الفكرة اﻵساسية التي قامت عليها الحركة المجتمعية للتنمية أن يتم تنفيذ مشروعات التنمية في معزل عن الحكومة ، ونفس الشيئ اشترطه الدكتور الباز بالنسبة للمشروع الذي قدمه وأطلق عليه : ممر التنمية.
والداعي لتنفيذ المشروع في معزل عن الحكومة ما يلي :
1. التخلص من تعقيدات البيروقراطية المصرية وتداخل اختصاصات الوزارات .
2.عدم وجود موارد مالية لدي الحكومة لتنفيذ مشروعات التنمية وهو ما يعني أن تنفيذها سيتطلب منها اﻻعتماد على القروض اﻷجنبية مما يثقل كاهل اﻻقتصاد الوطني فضلا عن أن انتهاجها للنيوليبرالية في اﻻقتصاد جعلها من قبل تصفي القطاع العام وتنسحب من ميدان التنمية.
3. ماتكشف مؤخرا من استغلال النافذين في الدولة لمواقعهم واﻻستيلاء على أراضي الدولة أو بيعها لمستثمرين أجانب بأقل من ثمنهاوهذا الفساد الذي انتشر في ادارة الدولة على مدى ما يقرب من الخمسين عاما ﻻ يتوقع نهاية قريبة له لمجرد قيام ثورة شعبية مازالت خطاها متعثرة حتى اﻵن.

وبناء على ما سبق فإن تنفيذ المشروعات بما فيها مشروع منخفض القطارة سيتم عن طريق شركات مساهمة مفتوحة رأس المال بحيث يتم زيادته كل عام وفق متطلبات تنمية هذه المشروعات وتقدمها واحتياجاتها للتمويل على مدى 25عاما أو خمسين عاما بالنسبة لمشروع المنخفض ويتم ذلك عن طريق تنظيمات الحركة المجتمعية في دول شمال أفريقيا ودول المشرق العربي التي تسمح بها باﻹضافة الى دول حوض النيل ودول الساحل اﻷفريقي وجنوب الصحراء باعتبارها مصدر المياه التي تقوم عليها المشروعات وأيضا مصدر للعمالة أو القوى البشرية الكبيرة التي تحتاجها تلك المشروعات.

مشروع منخفض القطارة:
وبالنسبة لمشروع المنخفض فإنه يلزم تزويده بالمياه العذبة من النيل باﻻضافة الى المياه الجوفية إن وجدت الى جانب تحلية المياه وهو ما يتطلب مد قناة من النيل الى منطقة المشروع لسد احتياجات الزراعة والصناعة والتعمير بالتزامن مع بدء حقر قناة أو قناتين توصلان ماء البحر الى المنخفض.

ويقترح في هذا الشأن أن يتم تنفيذ مشروع منخفض القطارة على النحو التالي بعد إنجاز الدراسات المتعلقة به:
يقترح حفر قناتين بطول 75 كيلومتر ويكون منسوب القاع في كل منها تحت مستوى سطح البحر بحوالي 20 مترا وعرض كل منهما من 30 الى 35 مترا ويتركان بينهما مسافة حوالي عشرة كيلومترات أي بمساحة اجمالية قدرها حوالي 750 كيلومتر مربع لتلك الجزيرة والتي سيقام عليها منطقة للتجارة الحرة وللصناعة المخصصة للتصدير مع جسور علوية تسمج بمرور البواخل البحرية .ويتم توصيل المياه العذبة اليها عن طريق أنابيب من اﻷسمنت أو اﻷنتيمون أو الصلب المغلف بطبقة عازلة، تعبر قاع القناة من الشرق الى الغرب وتصب في حوض وفق نظرية اﻷواني المستطرقة ويتم رفع الماء منها لتغذية المنشآت المقامة على الجزيرة وأيضا تشجيرها . وتنتهي القناتان الى حوض كبير طوله من الشرق الى الغرب 25 كيلومتر وعرضه من الشمال الى الجنوب خمسة الى سبعة كيلومترات وعمقه 32 مترا ويفتح في مواجهة القناتين حيث يركب على مخرج المياه منه توربينات توليد الكهرباء .ويسمح ذلك بدخول السفن من البحر الى أحدي القناتين ومنها الى الحوض والذي سيكون بمثابة ميناء بحري داخلي لصيانة السفن ولبناء السقن أيضا،ثم العودة عن طريق القناة الثانية وبمسافة بعيدة عن موقع التوربينات.ووجود القناتين بعرض صغير نسبيا يعالج اعتراض القوات المسلحة التي اعترضت على قناة عرضها 200متر من قبل ، بينما عرض القناتين معا في هذه الحالة لن يتجاوز 70 مترا وفي حالة احتياج مرور السقن الكبيرة الى عرض أكبر لكل من القناتين ذات الاتجاه الواحد فإن ذلك لن يتجاوز زيادة بضعة أمتار .، ويصير بالتالي ﻻ مبرر له مع اتخاذهاكافة متطلبات الدفاع عن المنطقة شرق وغرب القناتين..
وإذ يترك ﻷهل اﻻ ختصاص دراسة كمية الكهرباء التي يمكن الحصول عليها في هذه الحالة فإنه يجب أﻻ يتم الربط بين قيمة ما سيتم الحصول عليه من الكهرباء وقيمة تكلفة قناتي التوصيل ومحطات توليد الكهرباء الهيدروليكية ﻷن مكاسب حفر القناتين على المدي البعيد لها أيضا من اﻷهمية ما يتجاوز أهمية توليد الكهرباء منها.
وفي نفس الوقت سيتم زراعة اﻷراضي المحيطة بقناة المياه العذبةمن الدلتاحتي موقع المنخفض وزراعة اﻷراضي شرق وجنوب المنخفض وأقامة مستوطنات /قري بها للمزارعين مزودة بكافة بالمرافق والخدمات ومتصلة هذه المستوطنات بطرق تفضي الى الجسور العابرة للقناة الشرقية الى الجزيرة بين القناتين.
والدفق هنا سيكون أقل من 600 متر مكعب ثانية الذي حدده رئيس البعثة اﻷلمانية لتعويض البخر وقق دراسته ،إذ قد ﻻيزيد في هذه الحالةعن 400 متر مكعب /ثانية ، ولكنه سيطيل أمد استخدام مياه البحر في توليد الكهرباء.
.فوزي منصور


.


Thursday, August 4, 2011

تعمير ساحل غرب أفريقيا وشما ل الصحراء

تعتمد فكرة هذا المشروع وهو من مشروعات تنمية شمال القارة الأفريقية وأعادة توزيع السكان فيها ، على حفر قناة لنقل المياه العذبة من المناطق شبه الإستوائية في سواحل غرب أفريقيا الى المناطق الساحلية الصحراوية في شمال أفريقيا لزراعتها ولاقامة مجتمعات عمرانية فيها ،و يبلغ طول القناة أكثر من 8000 كيلومتر أي أطول من نهر النيل .ولذا قد تكون أطول قناة في العالم أجمع. تبدأ من غرب ساحل وتنتهي في شمال غرب الصحراء المصرية عند منخفض القطارة. و هذه القناة الطويلة بنقل جزء من مياه أنهار المنطقة الاستوائية ،الموسمية الجريان و التي تصب في المحيط الأطلسي في دول : ساحل العاج و ليبريا وسيراليون وغينيا كوناكري وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال إلى غرب وشمال الصحراء الكبرى للاستفادة بها في تنمية وتعمير المناطق الصحراوية في كل من : موريتانيا و جنوب المغرب و الجزائر وتونس وليبيا ومصر.

ومعظم هذه اﻷنهار فيما عدا نهر السنغال والتي يبلغ عددها حوالي 17 نهرا متوسطة الطول نسبيا بخلاف أنهار قصيرة أخرى عديدة لا تستغل حاليا مياهها في الزراعة، وإنما تذهب إلى المحيط دون الاستفادة منها، وسيتم في هذا المشروع الاستفادة من نهرين منها في ساحل العاج وخمسة أنهار في ليبريا وخمسة مماثلة لها في سيراليون وثلاثة في غينيا واثنان في غينيا بيساو وكلها موسمية قصيرة وسريعة الجريان، بالإضافة إلى نهري جامبيا والسنغال.

. ويستهدف المشروع زيادة المحاصيل الزراعية وتأمين المواد الغذائية محليا لشعوب تلك الدول وتحسين ظروفها المعيشية واكتشاف إمكانيات التعدين و التصنيع والإفادة من المواد الخام المحلية، وتأمين فرص عمل كافية ومستمرة للأجيال الشابة، والتخلص من البطالة والفقر ، فضلا عن تخزين المياه للاستفادة بها خلال شهور الجفاف التي لا يتساقط فيها المطر.

ويمتد موسم سقوط الأمطار في ساحل غرب أفريقيا ما بين شهري مايو وديسمبر والشهور الباقية في السنة من يناير حتى ابريل شهور جفاف تهب فيها على كامل المنطقة رياح هارماتان الساخنة ، القادمة من الصحراء الكبرى الأفريقية ،والمحملة بالأتربة.

وهو ما يعني أن المياه الواردة من القناة ستشح في موسم الجفاف إلا أنه من المحتمل أن يكفي المخزون منها سد احتياجات الزراعة والصناعة وسد وسكان المستوطنات التي سيتم إقامتها حول القناة .وسيتم الاعتماد في تدبير مياه الشرب للسكان على المياه الجوفية، وهي متوفرة في العديد من المناطق الصحراوية في الشمال ومنها ما هو قريب من سطح الأرض ، وستسهم القناة في تعويض ما يستهلك منها .

ويتطلب مشروع القناة إقامة سدود على كل من هذه الأنهار تخزن قدرا من المياه خلفها ، وتتزود منها القناة بالمياه التي ستنقلها إلى الشمال ، بينما يتم تصرف فائض المياه في مجرى النهر المتجه نحو مصبه المعتاد ، و توليد الكهرباء منها قدر المستطاع خاصة في موسم المطر
.ولن تؤثر كثيرا الحصة التي سيتم نقلها من مياه تلك الأنهار على البيئة البحرية عند مصباتها حيث سيكون هناك فائض باستمرار يأخذ طريقه إلى المحيط. كما ستصب في القناة أيضا مجاري السيول في الصحراء سواء في موريتانيا أو جنوب المغرب..
.
ويمكن في الأراضي الصحراوية في الشمال زراعة العديد من المحاصيل مثل : القطن قصير التيلة والفول السوداني والذرة والدخن والشعير والأرز وقصب السكر والبطاطا والكاسافا ونبات الجويا الذي تستعمل زيوته في تحسين جودة شحوم المحركات ويمكن استخدامه أيضا كوقود أو إدخاله في صناعة مستحضرات التجميل. وذلك إلى جانب تربية الماشية والأغنام والماعز والدواجن.

مسار القناة:
تسير القناة على الهضبة الأفريقية ابتداء من غرب ساحل العاج ومرورا بليبيريا وسيراليون وغينيا كوناكري وغينيا بيساو وجامبيا والسنغال وموريتانيا وجنوب المغرب وتبلغ المسافة حوالي 4000 كيلومتر حتى دخول القناة في واد درعه جنوب جبال الأطلس الصغير بالمغرب قبل مصبه في المحيط الأطلسي بين مدينتي جولميم و طانطان حيث تصب في مجراه شبه الجاف و تتجه فيه شرقا إلى زاكورة قبل أن تنفصل عنه عندها وتكمل مسيرتها شرقا حتى نهايتها والتي تبلغ حوالي 8000 كيلومتر أخرى، فتمر بجنوب كل من شط ملغير بالجزائر و شط الحريد بتونس ثم إلى شمال ليبيا بمحاذاة ساحل البحر الأبيض المتوسط (خليج سرت )إلى جنوب بني غازي وأجدابيا والجبل الأخضر وواحة جغبوب في إقليم برقة الليبي ، ثم الصحراء الغربية المصرية جنوب واحة سيوه، ومنها إلى الواحات البحرية فتلتقي عندها بالقناة الملاحية القادمة من السودان و حيث تصبان معا الفائض من مياههما في منخفض القطارة شمال غرب الصحراء الغربية المصرية لتوليد الطاقة الكهربائية الهيدروليكية من ذلك . وستكون هذه القناة صالحة للملاحة النهرية طول العام في المسافة من السنغال حتى منخفض القطارة في مصر، أي حوالي 8000 كيلومتر أخرى.
وستتخذ القناة مسارها فوق الهضاب الغربية بساحل العاج بدء بمنسوب في حدود 400 متر فوق سطح البحر في شمال غرب ساحل والعاج وشمال شرق ليبريا، ثم تتجه إلى المناطق المنخفضة على حافة الهضبة في ليبريا وسيراليون وغينيا وكناكري وغينيا بيساو على منسوب 350 متر فوق سطح البحر، ثم تهبط تدريجيا إلى سهول السنغال لكي تغادرها وهي على منسوب في حدود 300 متر فوق سطح البحر في اتجاه موريتانيا. وتصل الصحراء جنوب المغرب على ارتفاع 250 متر فوق سطح البحر أو أقل بالقرب من الحمادات وعند مصبها في واد درعه ولحين انفصالها عن نهر درعه عند زاكوره واتجاهها بعد ذلك شرقا إلى مصر في نفس المستوى تقريبا أو أقل فليلا.

وحيث ترتفع الهضبة الأفريقية من جنوب ليبريا في اتجاه الشمال ونصل ذروة ارتفاعها في سيراليون وغينيا كوناكري متخذة شكل قوس قبل أن تبدأ في الانحدار في اتجاه السنغال، وتتجه الانحدارات أيضا من الشرق نحو الغرب تجاه ساحل المحيط والسهل الساحلي به والذي يتسع ويضيق حسب امتداد الارتفاعات في اتجاهه وحتى يكاد يختفي تماما في شمال سيراليون حيث تطل المرتفعات مباشرة على مياه المحيط..
ويزيد التضاريس تعقيدا حفر هذه الأنهار مجار عميقة لها في الهضبة و اعتراض ألسنة من المرتفعات الصخرية مجرى القناة ممتدة من الهضبة في غرب سيراليون وبالقرب من الحدود بين غينيا وغينيا بيساو فإن القناة ستضطر في هذه المنطقة إلى أن تكون بجوار مياه المحيط وربما مطلة عليه مباشرة ، ولهذا ،فإن هذه التضاريس المعقدة ستحول دون استقامة مسار القناة المزمع حفرها فتتعرج للمحافظة على منسوب ارتفاعها ومتطلبات تدفقها من الجنوب إلى الشمال. وقد تأخذ شكل أنفاق أيضا داخل ما قد يعترضها من مرتفعات ولا تستطيع تفاديها أو الالتفاف حولها. وبسبب كثرة الأنهار فإن الإنشاءات المدنية المتمثلة في أقامة سدود غرب مسار القناة فوق الهضاب الجنوبية ستكون أيضا كثيرة ومكلفة.و لا تقتصر فائدة هذه السدود على تحويل مياه النهر الى القناة وإنما تسمح بإطلاق فائض المياه الناتجة عن الأمطار الاستوائية الغزيرة نحو المحيط تفاديا لإحداث الفيضانات في المنطقة ولكي يتم المحافظة على البيئة البحرية والثروة السمكية فيها، وأيضا لتوليد قدر من الطاقة الكهربائية الهيدروليكية لسد الاحتياجات المحلية منها .و سيترتب عن معظم هذه السدود تكون بحيرات عذبة خلفها، تزيد من القدرة على تخزين المياه خلال موسم المطر للاستفادة منها في موسم الجفاف.. وقد تساعد تلك السدود على الحد من امتداد غابات المنجروف داخل الشريط الساحلي عند مصبات الأنهار وزراعتها بالأرز وقصب السكر أو الجوت وبأشجار جوز الهند . .

وستساعد القناة الدول التي تمر بها و الدول شمال الساحل في زراعة محاصيل أضافية في موسم الجفاف سواء على الهضاب التي ستبدأ القناة مسارها عليها أو في السهول الساحلية المتاخمة للهضبة فيما ما بين القناة والمحيط الأطلسي والتي يتسع نطاقها في موريتانيا والصحراء جنوب المغرب.

وتنتهي القناة الجديدة في مرحلتها الأولى عند واد درعة وهو نهر عرضي طوله 1200 كيلومتر ينبع من شرق جبال الأطلس الكبير من على ارتفاع 1627 متر، وحجم صبيبه قرب المنبع 24 متر مكعب في الثانية ولكنه يجري قرب المصب في مجرى بأرض منبسطة فلا يكاد يصل المصب من مائه شيئا تقريبا ، حيث تضيع المياه إما بالتسرب إلى عبر الرمال إلى باطن الأرض أو تتعرض للبخر الناتج عن شدة حرارة المنطقة.قيجف النهر وتتبقي مياه في الخمسين كيلومتر الأخيرة منه فقط ،وقد يكون سبب جفاف المجرى الأدنى ناتجا عن تراكم رواسب النهر فيه وارتفاع منسوب الأرض بما يحول دون تدفق المياه القليلة جهة المصب . ومعدل تساقطات الأمطار في المنطقة لا يزيد عن 65 مم في السنة وهي غير منتظمة ،ويمكن أن يتحول نهر درعة إلى خزان مائي كبير عندما تصب فيه القناة الجديدة. و يمتد هذا الخزان من مدينة طنطان على ساحل المحيط إلى أكثر من 100 كيلومتر شرقا في اتجاه زاجورا ويسمح بزيادة مساحة واحات نخيل التمر وزراعة بعض الخضروات ونبات الفاغيا (الحنة ) المشهورة به المنطقة..وفي درعه الأوسط فيما بين ورزازات وزاجورة توجد ست واحات للنخيل المثمر و هي من الشمال إلى الجنوب : مزكيطة، تنزولين،ترناتة، فزواطة، اكتاوة و محاميد الغزلان. وتمتد لمساقة 200 كيلومتر.

وستنحصر الزراعات في الأراضي الصحراوية في الشمال على محاصيل المناطق الحارة مثل القطن قصير التيلة والفول السوداني والذرة والدخن والشعير والأرز وقصب السكر والبطاطا والكاسافا ونبات الجوبا الذي تستعمل زيوته في تحسين جودة شحوم المحركات وكذلك بعض التوابل والأعشاب والنباتات الطبية.

الحاجة إلى اتفاقية دولية :
وسيتطلب تنفيذ هذا المشروع عقد اتفاقية إقليمية بين الدول التي ستمر القناة في أراضيها أو تستفيد منها أو لها حقوق في مياه الأنهار التي ستنقلها القناة سواء كدول منابع أو عبور. و يتم بموجبها تنفيذ المشروع لتقاسم المياه وإقامة تنمية مشتركة لصالح شعوبها، وتحديد حقوق وامتيازات الشركة المنفذة وحقوق مساهميها ، وحقوق ساكني المستوطنات الجديدة من غير من يحملون جنسية الدولة التي يقيمون فيها في التمتع بنفس حقوق مواطنيها وفي حمل جنسيتها ،وكذلك استقلالية تلك المستوطنات بالنسبة لأدارتها المحلية. وهذه الدول من الغرب إلى الشرق هي : ساحل العاج وليبريا وسيراليون وغينيا كوناكري وغينيا بيساو ومالي (لحقوقها في نهرالسنغال) وجامبيا والسنغال وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر.

معلومات عن الدول التي ستمر القناة في أراضيها :

ساحل العاج:
تبدأ القناة من شمال غرب ساحل العاج من نهر ساسندرا ، ثم تمتد غربا نحو الحدود الغربية مع ليبريا التي يحددها نهر كيفالي عند منسوب في حدود 450 متر فوق سطح البحر، ثم تتجه غربا فوق الهضبة الوسطي بليبيريا ومنها إلى سيراليون .
يبلغ طول الشريط الساحلي لساحل العاج 515 كيلومتر.رتفع أراضي جمهورية ساحل العاج بشكل تدريجي من المحيط الأطلسي لتصل إلى ارتفاع 395م فوق سطح البحر ويتكون السطح من هضبة جبلية كتلية (1000ـ1650م) في الشمال الغربي، تتحول في الوسط إلى هضبة بنائية عالية (500ـ600م)، ثم تصبح سهلية مستوية في الجنوب (100ـ200م)،يبلغ معدل سقوط الأمطار سنويا فيها ما بين 150-250سم
تنساب الأنهار الطبيعية في جمهورية ساحل العاج نحو الجنوب، وهذه الأنهار هي من الشرق للغرب: نهر كومويه ونهر بانداما، ونهر ساسندرا، وتيركالي الذي يقع على الحدود الغربية بين ساحل العاج وليبيريا. وُيعد نهر بانداما الذي يبلغ طوله 800 كم من أطول الأنهار في ساحل العاج. ولوجود الشلالات والمنحدرات لا تزيد المسافة الصالحة للملاحة في كل نهر على 65 كم. ، وهي أنهار متوسطة الطول جيدة الغزارة (200ـ450م3/ثا)، ونظام جريانها مداري في الشمال، ويتحول إلى استوائي منتظم الجريان والغزارة. يقع ساحل العاج في أحضان القاعدة الإفريقية المتبلورة المكونة من الغرانيت والديوريت والكوارتزيت والسينيت والشيست والصخور البركانية كالبازلت والغابرو وقليل من الصخور الرسوبية كالكلس والدولوميت والحجر الرملي، وفي الأودية النهرية تكثر اللحقيات الطينية الرملية والحصوية.
ليبريا :
وتكون الأرض في ليبريا من سهول ساحلية يتراوح عرضها ما بين عشرين إلى ثمانين كيلومتر ، يبلغ طول الشريط الساحلي 579 كيلومتر ، وتغطي غابات المانجروف أجزاء كبيرة من السهل الساحلي الضيق والمليء بالمستنقعات . ويلي السهل الساحلي من الشرق هضبة غير مستوية متوسطة الارتفاع،تتخللها بعض التلال ويزيد ارتفاعها عن 200مترفوق سطح البحر ، وتليها هضبة جبلية أعلى منها تتضمن جبالا ويزيد ارتفاع هذه الهضبة عن 400متر فوق سطح البحر . وتسود الغابات الدائمة الخضرة في المناطق المرتفعة من الهضبة، حيث توجد أشجار الماهوغني والأخشاب الصلبة. و في الوقت الذي تتجه فيه الأرض إلى الارتفاع كلما اتجهنا شرقا، فإنها تتجه أيضا إلى الارتفاع التدريجي نحو الشمال لكي تندمج في جبال فوتاجالون في غينيا كناكري. وتشق الهضبة الليبيرية عدة أنهار قصيرة تتجه نحو الساحل وتتناثر في السهل الساحلي المرتفعات الرملية المترسبة من الأنهار الكثيرة التي تصب في المحيط والتي يعد من أهمها من الجنوب إلى الشمال أنهار :كيفالا الذي يفصلها عن ساحل العاج ويعد أطول أنهارها و نون وسيستوس وسان جون وسان بول ولوفا وجبيا ومانو الفاصل بينها وبين سيراليون. وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المروية 30 كيلومتر مربع. وتزرعها شركات أجنبية بالمطاط والبن والكاكاو ونخيل الزيت. ويلاحظ هنا بأن الأنهار قطعت الهضبة وجعلت السهول الساحلية تمتد على هيئة ألسنة بداخلها تنمو فيها أشجار المنجروف.
سيراليون :
تنتقل القناة بعد ذلك إلى سيراليون مع إنقاص الارتفاع عن سطح البحر تدريحيا إلى أقل من 400 متر الذي كانت عليه في ليبريا.
وتتكون الأرض في سيراليون من شريط ساحلي يبلغ طوله 402 كم، وتغطي المستنقعات معظمه وتمتد نحو 23 كم داخل السهل الساحلي وتصب فيه أنهار موا وسيوه وجونج وروكيل ونهران آخران و يتسع في شمال سيراليون ليبلغ عرضه 160، ويبدأ السهل الساحلي في الارتفاع التدريجي حتى يلتحم بالهضاب والجبال المنتشرة في شمال شرقي البلاد والتي تغطي أكثر من نصف مساحة سيراليون ، ويزيد ارتفاع الجبال في هذا الإقليم على 1800متر ، خاصة في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية مع غينيا . تتميّز سيراليون بمناخ مداري ممطر. وتقتصر فترة الجفاف على شهري يناير وفبراير في المناطق الجنوبية، وعلى الفترة ما بين ديسمبر ومارس في المناطق الشمالية.
وتغطي أكثر من نصف مساحة سيراليون طبقة من الرمل الخشن توفر تربة جيدة لنمو الحشائش القصيرة وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية حوالي 300كم مربع تشكل حوالي 8 في المائة من مساحة سيراليون. ويصل معدل الأمطار على الساحل إلى 495 سم في السنة .

غينيا كوناكري :

يبلغ طول ساحلها على المحيط الأطلسي 310 كيلومتر وتصب فيه أنهاتنكيسو وكونكوري وكوجون وكلها قصيرة وتنبع من هضبة فوتاجالون. وتبلغ مساحة الأراضي المستغلة في الزراعة المروية حوالي 5 في المائة من مساحة الدولة وهو ما يعادل 950كم مربع طبقا لتقديرات 2003وتتراوح درجات الحرارة في غينيا السفلى على امتداد الساحل، مابين 23 و 29°م. وتحظى غينيا السفلى بحوالي 280سم من الأمطار كل عام. وتُعتبر منطقة فوتا جالون أبرد من الساحل وتتراوح كمية الأمطار بها مابين 150 و250سم سنويًا. سُجِّلت أيضًا اختلافات كبيرة في درجات الحرارة في غينيا العليا والمنطقة المرتفعة بالمقارنة بالمناطق الساحلية. تحصل منطقة غينيا العليا على كمية من الأمطار أقل من أي منطقة أخرى في البلاد.تتضمن مرتفعات غينيا أعلى قمة في البلاد وهي جبل نيمبا. الذي يرتفع 1,752م فوق مستوى سطح البحر. وينبع منها أنهار: النيجر والسنغال وجامبيا. وتنمو أشجار المانجروف في السهل الساحلي عند مصاب الأنهار .وتشمل الحياة الفطرية في غينيا حيوانات الظبي والجاموس والفيَلَة وفرس النهر والنمر الأرقط والأسود والقرود والثعابين السامة. يعمل حوالى 80% من شعب غينيا بالزراعة، حيث ينتجون الموز والمينهوت والبن والذرة والفول السوداني والأناناس والأرز والبطاطا الحلوة ومحاصيل أخرى. كما يشتغل المزارعون في السهول والمرتفعات بتربية الماشية. ويعمل بالتعدين والصناعة والبناء حوالى 10% من إجمالي العمال في غينيا. وتقوم المصانع بتصنيع منتجات الأغذية والغزل والنسيج. ويمثل خام البوكسيت والألومنيوم، الصادرات الرئيسية حيث يسهمان بأكثر من 95% من قيمة صادرات غينيا. كما تصدر غينيا أيضًا السلع الزراعية، مثل الموز والبن ومنتجات النخيل والأناناس. أما الواردات الرئيسية، فتشمل مواد البناء والغذاء والآلات ومنتجات النفط ومعدات النقل والسلع الاستهلاكية.

غينيا بيساو:
يبلغ طول شريطها الساحلي 350 كيلومتر والساحل منخفض تغطيه الغابات الاستوائية ويتجه إلى الارتفاع نحو الشرق. حيث ترتفع الأرض إلى أعلى مستوي في الشمال الشرقي فتصل فيه إلى 300 متر فوق سطح البحر. تغطي المروج والمراعي حوالي نصف مساحة الأرض بينما تكسو الغابات والأحراش حوالي ثلثها. وتهطل الأمطار الموسمية مصحوبة برياح جنوبية غربية ما بين شهري يونيو ونوفمبر وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المروية 250 كم مربع. وتخترق البلادَ العديدُ من الأنهار القصيرة.

غامبيا :
هي أصغر دول غرب أفريقيا وتحيطها السنغال من كل جانب، ويخترقها نهر غامبيا الذي يصب في المحيط الأطلسي وتم تحديد حدودها بحيث تمتد 10 كيلومترات على جانبي نهر غامبيا التي تكسوها الغابات . . أعرض نقطه في البلد لا تتعدى 48 كم, والمساحة الكلية للبلد 11,300 كم2. 1,300 كم2 من مساحة البلد مغطاة بالماء. تمتد أراضي غامبيا على هيئة لسان ارضي، نشأ بفعل فيضانات نهر غامبيا الذي يعبرها طولاً، يمتد هذا اللسان بطول 300كم، ولا يزيد أقصى عرض له عن 50كم.
ونهر غامبيا يمتد لمسافة قدرها 1,130 كم(700 ميل) من منبعة في هضبة فوتا جالون الواقعة في شمال غرب غينيا ,حتى يصب مجرى النهر في المحيط الاطلسي عند مدينة بانجول, عاصمة غامبيا.و من هضبة فوتا جالون يجري النهر شمالاً إلى محاقظة "تومباكوندا" السنغالية حيث تشق محمية نيوكولو كوبا الوطنية حتى تدخل المياه حدود غامبيا عند قرية صغيرة اسمها فاتوتو. من هذه النقطة, يسير النهر غرباً في شكل متعوج حتى يصب في المحيط الأطلسي ، وبعد حوالي 100 م يبدأ النهر في الاتساع, لتصل المسافة بين الضفتين إلى 10 كم. وتمتد المستنقعات التي تنتشر بها الشجيرات الاستوائية على طول ضفاف النهر بدءًا من الساحل باتجاه وسط غامبيا، وخلف هذه المستنقعات تقع مناطق تتصلب أراضيها في مواسم الجفاف، بينما تتحول إلى مستنقعات خلال موسم الأمطار. تتجمع المياه المالحة الناجمة عن المد والجزر بالقرب من الساحل، وتختلط مع المياه التي تحملها فيضانات نهر غامبيا، وتقضي هذه المياه المالحة التي يطلق عليها اسم بانتو فارو على التربة، وتمتد خلفها سهول رملية، على جانبي النهر باتجاه أراضي السنغال، وتغمر مياه النهر بعض المناطق الداخلية خلال موسم الأمطار والتي تستغل في زراعة الأرز. مناخ غامبيا مداري بصفة عامة، فهو حار رطب مطير من يونيو إلى نوفمبر، وبارد جاف من نوفمبر إلى مايو.
وتقطع القناة المزمع إقامتها نهر غامبيا عند أو قبيل دخوله أراضي غامبيا من السنغال.

السنغال :
تقع السنغال عند خط عرض 14 درجة شمال خط الاستواء وهي عبارة عن أرض سهلية في وسط البلاد وغربها على الساحل تتخللها بعض التلال والبحيرات وترتفع قليلا في الجنوب الشرقي ويبلغ أقصى ارتفاع للبلاد فيها حوالي 581 وتوجد بعض الجبال في المنتصف وفي الجنوب الشرقي مع حدود البلاد مع غينيا وفي الشرق في حدود البلاد مع دولة مالي، و يشكل نهر السنغال الحدود الشمالية للبلاد مع موريتانيا. من أهم أنهارها الأخرى نهر غامبيا السابق ذكره والذي تنتشر روافده في السنغال ونهر كازامانس إلى الجنوب منه بالإضافة إلى مجاري سيول تنقل الأمطار التي تسقط على المناطق الجبلية الشرقية نهر السنغال في الشمال على هيئة شبكة واسعة تتخلل بعضها بحيرات. وتبلغ مساحة السنغال 196190 كم2، 4190 كم2 منها ماء. كما يمتد ساحل السنغال لمسافة 499كم على طول المحيط الأطلسي. وهو ساحل تكثر فيه الشواطئ الرملية، في و ترتفع الكثبان الرملية في شماله. وتتساقط عليها الأمطار من قرب نهاية شهر مايو إلى أوائل شهر نوفمبر. و فصل جاف يمتد باقي شهور السنة. وتهطل أكبر كمية من الأمطار في إقليم كازامانس تتراوح بين 150، 180سم في السنة. وتقل كمية الأمطار تدريجيًا كلما اتجهنا نحو الشمال، حتى يصل المعدل السنوي للأمطار قرب نهر السنغال إلى أقل من 5
سم. أما درجات الحرارة، فالمتوسط السنوي قرب الساحل حوالي 22°م. ويزداد في الداخل إلى نحو 29°م. وتتعرض السنغال لفيضانات موسمية خلال موسم المطر كما قد تتعرض إلى الجفاف أيضا وشحة المطر في بعض السنوات.وتتكون المنتجات الزراعية في السنغال من : الفول السوداني، والدخن، والذرة، والذرة الرفيعة، والأرز، والقطن، والطماطم، والخضروات، والمواشي، والدواجن ، والأسماك.و توجـــد الغابات في جنوبي الســـنغال في منطــــقة كازامانس، وكلما اتجهنا نحو الشمال يقل الغطاء النباتي. وفي الجنوب الشرقي توجد في تلك الغابات بقايا نجد حيوانات بريةمثل التيتل والتماسيح والشمبانزي والأفيال التي توشك على الانقراض بسبب الصيد الجائر لها
موريتانيا :
يمتد ساحل موريتانيا على المحيط الأطلسي 754 كم وهي سواحل مستقيمة قليلة التعرجات . وتنقسم أراضي موريتانيا إلى قسمين : السهول الساحلية الصحراوية المطلة على المحيط والتي تتصل بها مستنقعات مالحة متصلة بالمحيط ، والهضبة شرقها التي تتخللها بعض النتوءات الصخرية أو التلال قليلة الارتفاع وتتراوح ارتفاعات الهضبة ما بين 200 إلى 400 متر فوق سطح البحر ويزداد الارتفاع فيها في اتجاه الشرق والجنوب الشرقي ،ويصل الارتفاع إلى 950 مترا في ولاية تيرس زمور وفي مرتفعات أشنف وفي ولاية تكانت.وتوجد أدنى الارتفاعات: تنحدِر في سِبخة ندرهمشا والتي تقع تحت مستوى سطح البحر بثلاثة أمتار.. ولا تستغل سوى 2 بالمائة من الأراضي الموريتانية في الزراعة وتتركز في الجنوب على شاطئ نهر السنغال. تعتبر أراضي هذه المنطقة من أخصب أراضى موريتانيا. ويوفِّر نهر السنغال، من الأراضي الموريتانيّة، واديَين، يَفيضان بالمياه، خلال موسِم المطر، وهما: الوادي الأبيض، والوادي الأخضر. ويمتد على الضفّة اليُمنى لنهر السنغال، سَهلٌ فَسيح، تغمره مياه الفيَضان، خلال فصل الصيف، وهو سهل شمامة، الذي يُعتبَر أكثر مناطق موريتانيا، خصوبةً، وقابليّةً للاستثمار الزراعي. وتنتشِر الواحات، في القسم الجنوبيّ، والغربيّ، من موريتانيا، وبخاصةً في سهل شمامة الخِصب. بينما تسيطر الصحاري الجرداء على باقي مساحة الدولة. و تسقط الأمطار بشكل غير منتظم وتصل إلى معدل سنوي قدره خمسمائة ملليمتر في السنة تقريبا ويزيد معدل المطر السنوي في الجنوب الشرقي ليصل إلى حوالي ستمائة ملليمتر في السنة. بينما يكون معدل المطر في الشمال ما بين300-400 ملم في السنة وهي عموما ذات مناخ مداري حار ممطر صيفاً دافئ جاف شتاء

الصحراء جنوب المغرب:

وتشمل إقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب وتبلغ مساحتها 266000كم مربع وهي موضوع نزاع الصحراء الحالي بين المغرب وجبهة البوليزاريو، ومن المتوقع في حالة تنفيذ المشروع أن يتم وضع حد نهائي لهذا النزاع المستمر من عام 1975 حتى الآن وأن تقبل البوليزاريو العرض المغرب بتمتيع سكان المنطقة بحكم ذاتي.
كما تشمل أيضا الصحراء المغربية فيما بين شمال الساقية الحمراء ووادي الذهب وجنوب جبال الأطلس في اتجاه مدينة أغادير الساحلية كما تمتد شرقا في اتجاه إقليم تافيلالت جنوب شرق المغرب ، وهي إقليم جاف أجرد يغطيه الحصى و الرمال و الفتات الصخرية و الواحات المتناثرة ،و مناطق صحراوية جافة قليلة المطر ويعتمد السكان على مياه الآبار ورعي الإبل..ويتوقع أن تكون غنية بالثروات المعدنية والبترول والغاز.وتنتشر الحمادات فوق مساحة شاسعة في الصحراء المغربية.وهي عبارة عن هضاب صحراوية ذات ارتفاعات متوسطة وتتكون في معظمها من الإرسابات الكلسية ويعلو سطحها أحيانا الحصى والحجارة نتيجة عوامل التعرية التي أدت إلى تفكك الجزء الأعلى من طبقاتها الصخرية.وهي تشرف على السهول والمنخفضات المجاورة لها بواسطة حافات قوية الانحدار.ومن أهم الحمادات درعة والكعدة وكير وكمكم .أما السهول فتتميز تضاريسها بالانبساط وقلة الارتفاع,وتشمل السهول والمنخفضات والأحواض الصحراوية.ومن أهم السهول في الصحراء المغربية سهل الركيبات الذي يشغل مساحة شاسعة وهو عبارة عن سهل نحاتي تكون من صخور قديمة متحولة صلبة ومن الجرانيت.ولا يتجاوز ارتفاعه في الغالب 200 متر وتوجد في جهاته الشمالية والشمالية الشرقية نبوءات من الجرانيت وأعراف كوارتزية. وتقع السهول والمنخفضات في الغرب في الشريط الساحلي بين الحمادات شرقه والمحيط ،وفي الشمال بين الحمادات العرضية جنوبه وجبال الأطلس الصغير شماله..

الجزائـــر:
يبلغ عرض الصحراء الجزائرية التي ستمر فيها القناة حوالي 2400 كيلومتر منها 1644 كلم تقابل ساحلها على البحر الأبيض المتوسط وحوالي 800 كيلومتر حدودها مع جنوب المغرب وستأخذ القناة طريقها شرقا جنوب جبال الأطلس وشمال منخفض الجوف وفي اتجاه خط واحات الجزائر الصحراوية يما في ذلك منطقتي شط ملغير في الجزائر وشط الجريد بالجزائر لكي تزود مناطق التعمير الجديدة فيهما بالماء العذب للأغراض الصناعية والزراعية ، وهي المناطق التي سيتم فيها تنفيذ المشروع الخاص توصيل الشطوط بالبحر الأبيض المتوسط شرق تونس عند قابس.
وتقع الواحات في شمال الجنوب الجزائري في ورقلة ، غارداية ، بسكرة ، الوادي،بشار وادرار وحاسي مسعود وتتوفر على تروة مائية جوفية بالإضافة إلى البترول والغاز كما يتركز فيها انتاج التمور بأنواعها المختلفة.
تبلغ تساقطات الأمتار في الصحراء خلف الأطلس الصحراوي اقل من200مم في السنة

تونس:
تمر القناة جنوب شط الجريد وهي منطقة صحراوية توجد فيها واحات في مناطق تتوفر فيها المياه الجوفية والتي تتفجر أحيانا على هيئة ينابيع .والمناخ في هذه المنطقة حار وجاف في الصيف وبارد في و تقل فيه الأمطار عن 200 مم سنويا. وتنقسم منطقة جنوب تونس اداريا ولايات : قفصة، توزر، قبلي. تنقسم كل ولاية إلى معتمديات، وهي التي تنقسم بدورها إلى عمادات.

ليبيا:
يبلغ طول الساحل الليبي المطل على البحر الأبيض المتوسط 1,850 كيلومتر، تشكل الصحارى القسم الأكبر من الأراضي الليبية، والأراضي عبارة عن هضبة هي امتداد للهضبة الأفريقية، وعن سهل ساحلي يمتد على طول البحر المتوسط. فيها واحات كثيرة، وأهم جبالها الجبل الأخضر على المتوسط في الشمال الشرقي، جبل نفوسة في الشمال الغربي. تنحصر السهول بموازاة الساحل المتوسطي تضيق في الشرق وتتسع في الوسط. وهي قاحلة متموجه.و-يتأثر الشريط الساحلي من حيث المناخ بالمؤثرات المتوسطية السهول الشمالية المطلة على البحر المتوسط مناخها حار في الصيف، معتدل الحرارة وماطر في فصل الشتاء، وتصلح تلك المنطقة لزراعة القمح والذرة الشامية والأرز ونخيل البلح والزيتون والعنب والتين والموالح وجميع أنواع الخضروات إذا تحسنت طبيعة التربة .
مصر:
أهم معالم شمال الصحراء الغربية المصرية التي ستنتهي اليها القناة: واحة سيوة ومنخفض القطارة ويقعان تحت مستوى سطح البحر ، وكذلك الساحل الشمالي الممتد من غرب الإسكندرية حتى السلوم على الحدود المصرية الليبية وتنتشر فيه القرى السياحية كما يقوم البدو بزراعة أراضيه علي مياه المطر والمياه الجوفية وتعتبر مدينة مرسى مطروح أهم مدنه. ويحد من التوسع في التنمية والعمران جنوب مرسى مطروح وجود حقول ألغام متخلفة عن الحرب العالمية الثانية مازالت ألغامها حيه وقابلة للانفجار ولم يتم إزالة تلك الألغام بعد وقد شارك في غرس تلك الألغام الجيشان البريطاني والألماني اللذان تقاتلا في تلك المنطقة بما يعرف بموقعة العلمين.
ويكتسب الساحل الشمالي أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للزراعة حيث يسمح مناخه المتوســـطي أ ي الحار جاف صيفا والدفيء ممطر شتاء. بزراعة القمح والذرة الشامية والأرز والبطاطس ونخيل البلح والزيتون والعنب والتين والمشمس والموالح وفي جنوبه بالإضافة إلى الموالح أشجار الرمان و الجوافة والمانجو من الأنواع التي تجود زراعتها في مصر .


تمويل المشروع:
يتم تمويل المشروع من:
- حصة من قبل جمعيات الحركة المجتمعية للتنمية الاقتصادية والإنسانية في شمال أفريقيا وبعد تأسيس منظمة إقليمية للشباب تقوم بالتنسيق بين تلك الجمعيات ، وتأسيس شركة قابضة لتنفيذ المشروع تتفرع منها شركات فلاحية (للزراعة والإنتاج الحيواني والصناعات الغذائية والريفية) وأخرى للإنشاءات المدنية والمواصلات والاتصالات والصناعة والتعدين .
- حصة من قبل حكومات الدول المعنية والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية والوطنية أو التابعة لدول صديقة على هيئة استثمار مباشر وليس قروضا.
- حصة من قبل شركات المقاولات التي ستقوم بتنفيذ المشروع مقابل الحصول على جزء من مستحقاتها وأسهم في رأسمال المشروع .
ويتم زيادة رأس مال الشركة القابضة سنويا من قبل المساهمين ، ولمدة 25 سنة متتالية بما تتطلبه مراحل التنفيذ أو رؤوس أموال الشركات المتفرعة من الشركة القابضة.

التنفيذ:
لا تتيح الأمطار الغزيرة على هضاب ساحل غرب أفريقيا الجنوبي تنفيذ أي إنشاءات مدنية خلاله ولذا سيتم العمل في حفر القناة بالهضبة وإقامة السدود على مجاري الأنهار في موسم الجفاف فقط ، بينما لا توجد أي عوائق مناخية في المناطق الصحراوية في موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر. وتوزع مقاطع تنفيذ القناة على شركات المقاولات المدنية بواقع 50 كيلومتر في هضاب الساحل الاستوائي و100 أو 150 كيلومتر في المناطق الصحراوية. ويتم فيما بعد توطين من يرغب من العمالة التي استعانت بها تلك الشركات في تنفيذ القناة والمنشئات الملحقة بها، بصرف النظر عن الجنسية التي ينتمون اليها.

المستوطنات الإنتاجية:
يتم تعمير الصحراء في موريتانيا والمغرب بإقامة مستوطنات سكنية على ضفة القناة الجنوبية تتكون من أسر أفريقية شابة مختلطة من شعوب شمال أفريقيا. ويتم في تلك المستوطنات تقديم حق الانتفاع بالأراضي الزراعية والمساكن باسم الزوجات ويتم تقسيم المستوطنة إلى أحياء سكنية يتم في كل حي سكني إسكان الزوجات في الأسر المختلطة من دولة عربية أو قبيلة أفريقية في حي واحد. فيجمع الحي السكني بين وحدة الزوجات وتنوع الأزواج بما يحقق الاختلاف ضمن الوحدة ويسهم في تحسين النسل وزيادة المناعة ضد الأمراض. ويتنوع سكان المستوطنة بين خريجين وبين حرفيين وصناع من مختلف المهن والحرف والصناعات.

وتتكون المستوطنة/القرية من 25 مجمع/حي سكني يحتوي كل مجمع على 50 مسكن تقطنها 50 أسرة ،.ويخصص لسكان كل مستوطنة 15.000فدان توزع على الأسر للزراعة المقيمة فيها بالإضافة إلى مباني الإدارة والخدمات (مدرسة – ناد- مكتبة عامة – ملاعب رياضية- محطة لتحويل وتوزيع الكهرباء ، محطة للمياه الصالحة للشرب – مستشفى- أسواق تجارية – ورش للصناعات اليدوية والحرفية – مطحنة للحبوب – دار للسينما والمسرح...الخ) كما يلحق بها 10.000فدان تستغل بواسطة الشركة المنفذة للمشروع أو يقام عليها مزرعة جماعية.

ويعهد بحفر القناة إلى شركات مقاولات وطنية أو تابعة للدول الصديقة المشاركة في رأسمال المشروع ، بحيث تقوم كل شركة مقاولات بحفر 100 كيلومتر وفق برامج زمنية محددة وتقوم باستعمال ناتج الحفر في أقامة جسر ترابي يستخدم كطريق بري أو مسار لسكك حديدية مستقبلا .يترتب على الحفر العميق في الصخور معرفة خصائص الأراضي الجيولوجية وإمكانيات صناعة التعدين فيها خاصة وأن هذه المنطقة تعد غنية بالثروات المعدنية وإن استنفدت الشركات الاستعمارية العديد منها إلا أنه مازال فيها بعض الخامات المعدنية التي يمكن الاستفادة منها في تحسين الأوضاع الاقتصادية وفي تحديد توجهات التنمية .و لن يقف المشروع لن عند حد الزراعة والإنتاج الحيواني وما تقوم عليهما من صناعات غذائية أو زراعية، وإنما سيتم من خلال تنفيذه بحث كل إمكانيات استغلال الثروات الطبيعية التي يمكن اكتشافها في موقعه وتسمح باستغلال اقتصادي لها، ويمكن الاستفادة منها في نهضة صناعية تزيد من حجم الناتج القومي لتلك الدول وتحسين ظروف معيشة سكانها.
وستوضح الدراسات مساحة الأراضي التي يمكن زراعتها والصناعات التي يمكن اقامتها ،وعدد المستوطنات وأجمالي عدد السكان بها عند بداية تنفيذ المشروع و بعد 25 عاما من بدء تنفيذه
فوزي منصور