Tuesday, January 12, 2021

 

الحاجة في مصر إلى مركز أبحاث استراتيجية

 

قلت مرارا لا يهم من يحكم مصر وسواء كان عسكريا أم مدنيا وإنما أن يعي الحاكم كيف يحقق مصالح بلاده محليا وإقليميا ودوليا ، وما يحتاجه هذا الوعي من معرفة وخبرة لايتسني لأي فرد أن يجمعها ويستثمرها لتحقيق تلك المصالح ولذا يحتاج إلى مركز أبحاث يجمع العلماء في مختلف التخصصات لتحديد سياسة الدولة والنهوض باقتصادها وتحسين ظروف ومستوى معيشة مواطنيها ، كل المواطنين وليس فئة منهم والارتقاء بالدولة في مختلف المجالات من اقتصاد وعلوم وثقافة وأدب وفنون وزراعة وصناعة ودفاع وتقنيات حديثة ومرافق ومواصلات واتصالات ، وكل مجال له علمه وكل هذه العلوم حين يتم توجيهها لتحديد هدف واحد يمكن اعتباره التقدم أو النهضة أو ما يماثل ذلك فإن هذا يعني أن تلك العلوم المتعددة تحتاج إلى أن يجمعها نسق علمي بحيث تدعم بعضها البعض لتحقيق الهدف الواحد المنشود وبالاضافة إلى ما سبق ذكره من علوم لاغني عن إضافة العلوم الانسانية مثل القانون والجغرافيا والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة. وعندما قلت : علوم فأنها تشمل تلك العلوم الإنسانية وكذلك كافة العلوم التطبيقية مثل الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والمعلوماتية الحديثة وغيرها ولايغني عن هذه العلوم الاستعانة بمستشارين من كبار العاملين في الإدارة التنفيذية أي البيروقراطيين سواء كانوا من المدنيين أو العسكريين والذين اعتادوا على تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم دون المشاركة في صنعها ، وإن اكتسبوا خبرة في مجال عملهم فهم يجهلون العلوم الأخرى التي لها صلة به ولايعون تلك الصلة. ومازالت تلك الإدارات أو المؤسسات أشبه في الدولة بجزر منقطعة الصلة ببعضها رغم انتشار أجهزة الكمبيوتر فيها والتي يكاد يقتصر الاستفادة منها على أنها بديل للألات الكاتبة القديمة ليس أكثر .

 

هناك هاجس ربما عند من بيدهم السلطة يتمثل في الخوف عليها من أن تضيع منهم أو من الجهة التي ينتمون إليها بعد أن استقرت فيها زمنا طويلا ولا يريدون تعرضها مرة أخرى إلى مخاطر أو تحديات مثلما حدث من قبل حين ثارت انتفاضة شعبية ضدها وأمكن لها إجهاضها ومنعها من تحقيق أهدافها أو تغيير نظام الحكم الذي كانت تهتف بإسقاطه رغم أن تلك الانتفاضة لم تكن منظمة ولا يدري من شاركوا فيها من الشباب نوعية النظام الذي يريدونه بعدها إن تم أسقاطها.

وهذا الهاجس دفع أصحابه لصرف كل جهودهم إلى تحصين السلطة وتقويتها بكافة الوسائل والأساليب وحرمان من يحتمل أن يهددونها يوما من أي مصادر للقوة. وكانت النتيجة هو أن ماتم إحداثه من واقع جديد كان فعلا في صالح السلطة القائمة ولكن كان على حساب الدولة كشعب وحكومة تخدمه فلم يتحقق لها التقدم المأمول في أي مجال حيوى من مجالات التقدم والارتقاء وإنهار التعليم والصحة وتدهورت قيمة العملة المحلية وحدث تضخم جامح تضاعفت معه تكاليف المعيشة للمواطنين وتقلص حجم الطبقة الوسطى التي تعول عليها الدول في تحقيق نمو اقتصادها وتضخمت الديون الخارجية والداخلية مما يمكن أن يتسبب مستقبلا في أزمات مالية حادة وفي مخاطر لم تكن منظورة من قبل أو محسوب لها حساب.

 

ما أعرضه هنا ليس ضد السلطة القائمة ولايستهدف تغييرها أو أبدال نظام الحكم بآخر ، وإنما كيف يمكن للسلطة البقاء وتأمين استمرارها بحيث تتحسن أحوال الدولة وأحوال مواطنيها ويختفي مع تحقق ذلك كل مخاوف السلطة الحالية من الشعب ويزول مخاوف الشعب أيضا من أستمرار السلطة ومعاناته في ظلها ويشعر بالرضى معها ويكون عونا ودعما لها إن تطلب الأمر .

 

حركني في كتابة هذه المقالة رغم توقفى عن الكتابة زهاء عامين خوفا من أن تزعج كتابتي أحدا فيسعى إلى ألحاق الضرر بي بعدما تجاوزت الثمانين من العمر واشتعل الرأس شيبا ووهن العظم مني ولم يعد لدي قدرة على تحمل المزيد من السوء أو الضرر. ما دفعني إلى كتابة المقال هو أني فكرت في نشر مقال قديم مر عليه أكثر من عشر سنوات حول ما تعرضت له بحيرة تشاد من جفاف ورأيت أن إنقاذ البحيرة وعودة الماء إليها عن طريق تزويدها بمياه نهر الكونغو باتفاق وعلى نفقة الدول المحيطة بها والمستفيدة منها وهو المشروع الذي كان قد تبناه معمر القذافي قبل أن تطيح به الثورة الليبية وفي حالة تجديده بمشاركة حكومة الكونغو والدول المحيطة بالبحيرة والتي يمكن أن تنضم إليها مصر سيكون متاحا تزويد مصر أيضا بالمزيد من المياه عن طريق قناة من تشاد تتجه شمالا نحو ليبيا ثم غربا إلى مصر شمال جبل العوينات نحو أرض الواحات والتي تختزن مياه جوفية بحيث تعمل المياه الجديدة والمياه الجوفية على زراعة مساحة كبيرة من الأراضي وتأمين الغذاء للمواطنين وإقامة المصانع الزراعية أو الغذائية وربط الأراضي الجديدة في الواحات بطرق عرضية تصلها بساحل البحر الأحمر والدلتا والصعيد وفق ما سبق أن اقترحه الدكتور فاروق الباز من قبل ولم يتم أخذه مأخذ الحد والعمل على تنفيذه وتم الاتجاه لزراعة أراضى صحراوية قريبة من مجرى نهر النيل وتستنفد حصة مصر من مياه النهر والتي يمكن أن يعتريها مستقبلا النقص بسبب السدود التي تقيمها دول المنابع مثل سد النهضة الأثيوبي وخاصة أن دول المنابع  ىتعترف بأحقية مصر في الحصة التي تطلبها وتصر عليها.

 

وكان خبراء مصريون قد أدلوا بتصريحات لوسائل الإعلام بأنهم يعملون على تعويض النقص المحتمل في مياه النيل الذي قد يحدث نتيجة التغييرات المناخية أو إقامة سدود على مجرى النهر في دول المنابع وذلك بتوصيل مياه الكونغو إلى مياه النيل وربما يقصدون إلى نهر كاجيرا في رواندا الذي يصل في بحيرة فيكتوريا جنوب أوغندا ، وحين قيل لهم بأن التضاريس والجبال المرتفعة في هضبة البحيرات ستجعل ذلك مستحيلا أجابوا بأن صخور تلك الجبال رخوة وليست صلبة ويمكن اختراقها علما بأنه لو افترضنا بأنهم صادفوا صخر رخوة في أول تلك الجبال فإن هذا لايعني أنها لن تكون صلبة بعد ذلك تحت الجبال التي يصل إرتفاعها إلى خمسة آلاف متر فوق سطح البحر ، كما أن الأوروبيين الذين أقاموا سدا لتوليد الكهرباء عند مصب نهر الكونغو في الكونغو كينشاسا حرصوا على أن يتضمن دستور الكونغو عدم السماح بتوصيل مياه النهر لأي دولة أخرى لأنهم كانوا يأملون في إقامة خط       ضغط عال يوصل كهرباء السد إلى أوروبا حين تحتاج إليها.عن طريق الكونغو برازافيل وغرب أفريقيا الوسطي وتشاد وليبيا وتونس ومالطة ومنها إلى أيطاليا وفرنسا أو بلجيكا. كما لم يأخذ هؤلاء الخبراء إن كانوا خبراء حقا وليسوا مهندسين في وزارة الري فقط ، بما سيفقده مجرى النيل الطويل من مياه خلال رحلته الطويلة بسبب تبخر المياه في الأجواء الحارة التي سيمر فيها وكذلك بسبب دخولة في مناطق المستنقعات خاصة وأن مشروع قناة جوجلي في السودان الجنوبي ما زال متوقفا منذ عقود بعد أن كان قد تم حفر جزء كبير منها بالجرافات ، ولم تستطع مصر تحريكه وإعادة العمل فيه لإنقاذ المجرى من المستنقعات التي تغطي المنطقة وتتسبب في ضياع المياه.

 

توصيل مياه نهر الكونغو عن طريق تشاد وليبيا ثم مصر بمشاركة من دول حوض بحيرة تشاد ومصر مع تحقيق مكاسب مادية لكل الدول المشاركة في المشروع سيكون أفضل وأسرع ولكنه سيتطلب سياسة إقليمية لمصر تجعلها في إرتباط اقتصادي مع تلك الدول وتتبادل فيه المنافع معها وهو ما يحتاج إلى تخطيط تلك السياسة بواسطة علماء مصريين من جميع التخصصات خاصة ما يقال بإن لمصر في الخارج أكثر من أربعة آلاف عامل وحين يتم استقدام هؤلاء العلماء وجمعهم في مركز أبحاث علمي مستقل عن مؤسسات الدولة وتمكينهم من أجور عادلة فإنه سيمنع البيروقراطية المصرية من الاحتكاك بهم والعمل على التخلص منهم  خاصة أنه يعملون خارج الإدارة التنفيذية ويتبعون مباشرة إلى رئيس الدولة ويخططون لمستقبلها ويكون دور السلطة التنفيذية ومؤسساتها هو تنفيذ المخططات التي توصي بها مراكز الأبحاث تلك ، علما بأنه بتلك الوسيلة حققت دولة مثل تركيا نهضتها الاقتصادية قبل أن يتولى أردوغان رئاسة الدولة وحين كان عبدالله جول هو المسؤول.

 

مركز الأبحاث أو مراكز الأبحاث هذه ستعمل على وضع كالة المخططات التي تخدم الدولة ونهضتها وتقدمها مستقبلا وستعالج السلبيات التي نتجت من قبل حين كانت الدولة تعمل على غير هدى وبمخططات موضوعة على أساس علمي لا تتدخل في تحديدها الأهواء أو المصالح الضيقة.

هذا هو خلاصة إجتهادي وأرجو من الله أن أكون قد وفقت فيه.

فوزي منصور

12 يناير2021

             

                          

 

Monday, January 4, 2021

هذا الداء المنتشر باستشراء في العالم

هذا الداء المنتشر باستشراء في العالم

 

قرأت عن وباء الطاعون في كتب التاريخ وكم فتك بسكان مدن وقرى فأبادهم ولكن كان انتشاره محدودا في المناطق السكنية التي يصيبها ولاينتشر في غيرها من المناطق المجاورة إلا إذا انتقل إليها عن طريق الفئران كما قيل بشأنه. وكانت الدول الأوروبية أكثر الدول تعرضا للطاعون مما قلل عدد سكانها قرونا وحين نشطت في البحث العلمي وتحسنت لديها الرعاية الصحية وسبل الوقاية من الوباء حدث في دول غرب أوروبا انفجار سكاني لم تعد مواردها الغذائية مهيئة له فانطلقت سفنها تبحث عن أراض جديدة ينتشر فيها السكان فكان ماعرف بالكشوف الجغرافية وانتقل السكان الأوروبيون إلى الأمريكتين واستراليا ونيوزيلندا وبدأت حملاتها لجمع الرقيق من أفريقيا أو استعباد من تتصيده من السكان لحاجتها إلى يد عاملة رخيصة لزراعة وحصاد المحاصيل في تلك الأراضي الجديدة.

وقد قرأت اليوم مادة منشورة في الفيسبوك تتحدث عن انتشار الطاعون في مصر وفي القاهرة وأن السكان اعتبروه عقابا إلهيا لكثرة المظالم التي يعاني منها السكان ولم يجدوا وسيلة لانقاذهم سوى التضرع لله الذي استجاب لهم فرفع عنهم البلاء وقد يكون سبب استجابة الله لتضرعاتهم أن الظلمة فيهم خوفا على فقدانهم الحياة التي يحرصون عليها ردوا المظالم والحقوق التي نهبوها منهم إليهم ، فكان ذلك سببا في استجابة الله لتضرعاتهم وليس التضرع وحده.

ولم أكن شاهدا على وباء حل بمصر في طفولتي حين داهم وباء الكوليرا قرية مجاورة لقريتنا في نهاية الأربعينيات أو بداية الخمسينيات فأهلك ثلثي سكانها ، وكانت سيارات الأسعاف تأتي طول اليوم بالمصابين من القرية وتعود محملة بمن انتهى أجلهم وماتوا في المستشفيات.

وعرفت مصر في العقود الأخيرة وباء الفيروس الكبدي وهلك الكثير من المصابين به قبل أن يتم العثور على علاج له مكلف ومات بالداء أقارب لي يسكنون محافظة كفر الشيخ والتي كان بها أكبر نسبة من المصابين والوفيات . وكان الأكثر احتمالا بأن انتشار هذا الداء القاتل في محافظات الوجه البحري وخاصة كفر الشيخ والبحيرة ودمياط تليها محافظات الدقهلية والغربية والمنوفية التي تقع جنوبها  يرجع إلى تلوث مياه النيل الذي يبلغ   ذروته في تلك المحافظات ويشهد على ذلك ما كانت تنشره وسائل الإعلام المصرية أحيانا من وجود عشرات الأسماك النافقة عائمة على سطح الماء قرب نهاية أفرع النيل والقنوات المتفرعة منه في كفرالشيخ والبحيرة.

لم أسمع أيامها عن بحوث لإيجاد لقاح يقي من فيروس الكبد ربما لأنه لم ينتشر في الدول المتقدمة التي تتنافس مراكز أبحاثها ومعاملها في إيجاد لقاح لتلك الأوبئة ولايوجد في الدول العربية ومنها أو في طليعتها مصر علماء باحثون وصارت تلك الدول طاردة للعلماء منها وليست جاذبة لهم كما كانت قديما قبل سبعة عقود ولم تكن مصر تكتفي بعلمائها وإنما تجتذب العلماء والمفكرين والفنانين والإدباء ليس من الدول العربية وحدها وإنما من كل أنحاء العالم وبني اقتصادها بأيد أتراك وأرمن وإغريق تمصروا وأقاموا فيها في أمن وسلام إلى أن تم رحيل بعضهم منها مثل الإغريق إلى اليونان والأرمن إلى الولايات المتحدة واستراليا وتعرضت المصانع والمحالج التي أقاموها إلى الإغلاق فيما بعد.

وأعلن قبل عدة عقود عن انتشار داء السيدا بكثرة وقيل بعد ذلك أن ميكروبه تم تخليقه في أحد المعامل الفرنسية ثم انتقل منها إلى الولايات المتحدة لكي يتم نشره في أفريقيا بعد ذلك للحد من سكانها المتزايد عددهم بما قد يلحق الضرر بالشركات الغربية التي تستنزف موارد الدول الأفريقية الطبيعية الزراعية والمعدنية إلا أن السحر انقلب على الساحر وانتشر الداء في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى نتيجة ممارسة أفراد بها ممارسة علاقات شاذة تحرمها الأديان ومع انتشاره سارعت تلك الدول لإنتاج علاج له.

أعود الآن لموضوع مقالي هذا والذي يعد ما سبق مقدمة مطولة له وهو موضوع داء كورنا أو كوفيد 19 كما يسمونه والذي يختلف عن كل وباء عرفته البشرية من قبل. وقد تبادلت كل من الصين والولايات المتحدة الاتهامات بشأن إدعاء أن أحداهما بأن الأخرى أنتجته في معاملها للحرب البيولوجية وكانت سبب إنتشاره ، والأن يوجد إقرار عام من العلماء والمتخصصين بأنه اتهام كاذب ولاأساس له من الصحة.

الغريب في هذا الوباء أنه لم يكن مجهولا من المتخصصين فقد أعلن قبل سبع سنوات عن إكتشافه ومع ذلك ظل كامنا طيلة السنوات الست التالية لاكتشافه ولم يظهر على هيئة وباء سوى في بداية العام المنصرم وبدأ في مقاطعة صينية ولم ينتشر بكثرة في باقي مقاطعات الصين الكثيفة السكان وإنما انتقل من الصين شرقا في إتجاه الغرب وكلما اتجد غربا ازداد ضراوة وشراسة وزاد عدد المصابين به والوفيات بسببه حتى يصل إلى نهاية الغرب في الأمريكتين وخاصة في الولايات المتحدة والبرازيل . وكانت هذه هي ما سميت فيما بعد بالموجة الأولى للوباء.

جاءت بعد ذلك الموجة الثانية منه وبدأت أيضا في الصين وفي نفس المقاطعة أي في أقصى شرق الكرة الأرضية وانتقل منها في اتجاه الغرب وزادت هذه المرة شراسته وضراوته عدد ضحاياه وبلغوا الحد الأقصى أيضا في الولايات المتحدة والبرازيل بالإضافة الى دول الأمريكتين الأخرى ونشرت وسائل الإعلام بأن الفيروس الذى جاءت به هذه الموجة بدأ يتغير شكله وتحول إلى ستة أنواع من الفيروسات واستمرت الموجة الثانية مدة أطول ومازالت مستمرة حتى الأن ونشطت معامل الأبحاث في عدة دول خاصة في الصين وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة في محاولة أيجاد مصل للوقاية من الداء وأعلنت مؤخرا كل منها عن توصلها إلى مصل وجاهزيتها لتصدير ملايين العبوات منه للدول الأخرى والتي اشترته فعلا وبدأت حملات لتطعيم مواطنيها إلى أن بعض المواطنين امتنعوا عن تعاطيه خوفا من أن يكون له أعراض جانبية طالما أنه لم يتم تجربته خلال مدة طويلة ، ـالا أنه صار الحل الوحيد أمام الحكومات التي استوردته للحد من إنتشار الداء في صفوف مواطنيها وفتكه بهم خاصة وإن كل الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها ووجدت استجابة من مواطنيها مثل البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها لأي سبب مما نتج عنه إغلاق المدارس والمصانع والكثير من المؤسسات الحكومية والمتاجر ودور السينما والمسح والملاهي ووسائل النقل وخاصة الطيران ولم يظل مفتوحا ويعمل طوال الليل والنهاؤ سوى المستشفيات وكلفت هذه الإغلاقات إقتصاد تلك الدول خسائر فادحة.

بالنسبة للدول الأفريقية فقد كان انتشار الوباء في دول جنوب البحر المتوسط أشد في الموجه الثانية عنه في الموجه الأولى ولو أنه ظل معدله نسبيا أقل مما هو عليه الحال في الدول شمال المتوسط وخاصة فرنسا وأسبانيا وإيطاليا ، وكان انتشاره ضعيفا نسبيا في دول وسط وشرق أفريقيا والدول المعروفة بدول الساحل غربها ، بينما كان انتشاره أكبر في دولة جنوب أفريقيا والذي نشر مؤخرا بأنه ظهر من الفيروس فيها نوع جديد انتقل منها إلى بريطانيا وتفشى فيها وبدأ يتسرب منها إلى الدول الأوروبية الأخرى رغم وقف كل خطوط الطيران منها ولها.

أما في مصر فبلغني من أقاربي في القاهرة والاسكندرية بأن المرض تفشي فيهما وفي العديد من المدن الأخرى وإنما بنسبة أقل ومازالت نسبة الوفيات بين المصابين محدودة نسبيا بالمقارنة بما تنشره الدول الأخرى عما يحدث فيها. وقد أصيب مؤخرا عدد قليل من ذوي القربي وعولجوا منه وتوفي أحدهم الأسبوع الماضي. ويلاحظ أن المصابين منهم كانوا يتبعون كل الوسائل الاحترازية من لبس الكمامات لتطير الأيدي بالكحول عدة مرات وعدم الخروج من المنزل إلى للضرورة القصوى والامتناع أيضا عن حضور حفلات الزواج أو المعازي في الوفيات ، ولكبر سني كان خوفهم على ومني أيضا أشد خاصة وأنا لا أتصرف مثلهم وأتبع تلك الإجراءات الاحترازية والتي يقولون عنها بأنها "أخذ بالأسباب" بينما أرى أنها لاعلاقة لها بذلك ولم يكن تصرفي ناتجا عن استهتار أو عدم مبالاة ولكنني لاحظت أن كل الشعوب في الدول المتقدمة أو المتحضرة اتبعت كل تلك الاجراءات الاحترازية ولم يجدها هذا نفعا أو قلل من انتشار الوباء أو حد من ضراوته.وسبب آخر هو أنني وأنا أتتبع أخبار الداء وما تنشره وسائل الإعلام منسوبا إلى أخصائيين في البيولوجيا وأطباء وعلماء وخبراء لاحظت التناقض فيها فما ينشر اليوم يجد من ينفيه غدا وانتهيت إلى أن الوباء وسبب أنتشاره مازال مجهولا لديهم. ولايعني هذا عدم الوعي بخطورة الداء فمما ينشر يتضح بأنه إن لم يفض إلى الموت فإن خطورته على من يصاب به تظل قائمة ، فقد نشر بأن الفيروس يتسبب في تكوين جلطات دموية صغيرة تحملها الأوعية الدموية إلى المخ أو الكبد أو غيرهما من الأعضاء الداخلية فتسد تلك الجلطات تلك الأوعية وتمنع الدم عن تلك الأعضاء مما يتسبب بتلفها بمرور القوت وإصابتها بالعجز أو القصور في أداء وظائفها فضلا عما يسببه الفيروس في نقص ما تحمله كرات الدم الحمراء من أكسجين وهو ما يتسبب عنه ضيق التنفس لدى المصاب. وبالنسبة للحالات لدى المعارف التي لدي علم بها توجد زوجة لصديق بلغني بأنه بعد علاجها وعمل ما يسمونه بمسجة لها وتحاليل قال لها الأطباء بأنه لم يعد لديها أثر للفيروس وسمحوا لها بالعودة إلى بيتها بينما ظلت تعاني من نقص حاد في نسبة الأوكسجين بالدم من تداعيات الإصابة من قبل بالداء.

الأمر إذن خطير للغاية ولايجب الاستهانة به ولكن ما الحل ؟ أععقد أن لا أحد يعرف يقينا وإنما يقدم إجتهادات تبدو منطقية ولكنه لايستطيع إثبات صحتها علميا وتظل رأيه الشخصي الذي يحتمل الصواب والخطأ. وكل ما يمكن أن يجيب على مثل هذه الأسئلة هي نتيجة التطعيم بالأمصال التي أنتجتها المعامل وهو ما يحتاج إلى المزيد من الوقت.

وأرى في النهاية بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، وأن هذا الفيروس المسبب للوباء هو من جند الله وقد يصيب المؤمن والكافر والمحسن والظالم أو المسيء لأمر لايعلمه إلا الله ، وليس في هذا خلط بين الدين وبين علوم الطب أو البكتريولوجيا أو غيرها فأنا لم أقل بأن العلاج أو الوقاية من الوباء في القرآن أو التوراة أو الانجيل أو ماترك الأنبياء والمرسلون ، ولكن طالما أن المتخصصين في تلك العلوم لم يقدموا رأيا أو تفسيرا مقنعا فإن الأمر كله يرجع إلى ملك الناس وليس إلى الناس حتى يتضح الأمر.

فوزي منصور

5يناير 2021