Thursday, July 8, 2021

بخصوص التعامل مع قضية سد النهضة الأثيوبي

 

     

انتهى مجلس الأمن اليوم إلى لاشيء بخصوص عرض مصر لقضية سد النهضة الأثيوبي ولم يتم التصويت على المشروع الذي قدمته تونس باعتبارها الدولة العربية العضو في المجلس وتعهد الرئيس الأمريكي للتدخل لدى أثيوبيا للتوصل إلى حل مرض لطرفي النزاع وليس كوسيط باعتبار أن أثيوبيا ترفض الوساطة. وقد لجأت مصر إلى عقد اتفاقيات دفاع مع بعض دول المنابع لا أعرف مضمونها ولكن أتصور أن الدول الأفريقية التي وقعت عليها مع مصر اعتبرتها مفيدة لها إن احتاجت إلى جهد عسكري مصري في حالة تعرضها إلى عدوان خارجي فهي تكسب منها ولا تخسر شيئا بينما تعتبر أن تلك الاتفاقات لن تجبرها على مساعدة مصر عسكريا إن دخلت حربا مع أثيوبيا على أساس أن مصر لم تتعرض إلى عدوان عسكري عليها من أثيوبيا يتطلب الدفاع عنها. كما أن تلك الدول شاركت أثيوبيا من قبل في رفض تخصيص حصص لدول المصب بموجب اتفاقات قديمة تعتبرها أثيوبيا إتفاقيات مع قوى استعمارية سابقة بينما تتمسك مصر بتلك الحصة في مفاوضاتها مع أثيوبيا وصارت تلك الحصص موضع الخلاف الرئيس بينهما الذي حال دون التوصل إلى اتفاق حول مياه النيل الأزرق.

لا أدعي أنني خبير في العلاقات الدولية لمجرد أنني عملت لعدة سنوات صحافي مهتم بالعلاقات الدولية ليس حبا فيها وإنما لكي أبتعد عن الشأن الداخلي المغربي باعتباري أجنبيا بالنسبة لسلطاته وبعدا عن المشاكل معها ونشرت مقالات عديدة في مجلس الشعب العربي حتى توقف إصدارها وفي جريدة الشرق الأوسط وفي صفحة كانت لي في الإنترنيت ومواقع إخبارية أخرى. عملى السابق أكسبني معرفة بلأضافة إلى مخزوني الثقافي الذي مكنني من التفوق فيه.

لذلك فعندما أكتب عن سد النهضة أكتب كصاحب رأي قد أكون مصيبا فيه وقد أتعرض فيه للخطأ لعدم إطلاعي على أي وثائق رسمية تتعلق به .

ويحكم الرأي أيضا كراهيتي للعنف بكل أشكاله وخاصة الحروب التي أعتبرها فساد في الأرض وسفك للدماء والأفضل منها تحقيق حلول سلمية للنزاعات الدولية تفاديا لتلك الحروب . وفي موضوع سد النهضة فقد نقلت اليوم عن موقع أعلامي بأن السد مولته دول بعد مليارات ولن تسمح هذه الدول أو بأي أعمال عسكرية في محيطه تهدده أو تحول دون تنفيذه والاستفادة منه في توليد الكهرباء وبيعها لتحصل من الأرباح على ما ساهمت به فيه من أموال.

أعرف بالطبع أهمية المياه لمصر وأن القضية هي قضية حياة أو وجود لها وأن حاجتها لماء النيل متزايدة بسبب زيادة سكانها وحاجتها إلى زيادة الأراضي المزروعة لتحقيق الأمن الغذائي لشعبها وفي نفس الوقت قدرت مبكرا ومنذ ظهر النزاع مع أثيوبيا للعلن واتضحت أبعاده أن اللجوء للحل العسكري بصحبة السودان لن يكون مأمون العواقب وقد تكون الخسائر في حالة التعويل عليه أكثر ضررا ولا يحقق لمصر ما تنشده وتتوقعه ، علما بأنني لاعلاقة لي بالعلوم العسكرية ولا أفهمها ولكن من تجارب الدول السابقة وآخرها انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بعد عشرين عاما من احتلالها وإنفاق المليارات على الجيش الأمريكي وعلى قوات حلف الناتو المساندة له واقرار الرئيس الأمريكي أمس بأن الانتصار الأمريكي فيها مستحيل ولدى الولايات المتحدة والدول التي شاركتها في أفغانستان خبراء عسكريون على أعلى مستوى ، ونفس الشيء حدث للولايات المتحدة في فيتنام وحدث للاتحاد السوفييتي في أفغانستان أيضا ، وهو ما يعني أن معالجة تلك المشاكل يجب أن يكون سياسيا وليس عسكريا.ولا يمكن لمصر الاعتماد على القوات المسلحة السودانية والأولوية لديها الآن هي المحافظة على المشاركة في الحكم أو الانفراد به دون المدنيين وإرسالها من قبل قوات إلى اليمن التي ليس لها فيها ناقة ولاجمل أضعفها والمحافظة على الحكم يتطلب قوات لمواجهة أي تمرد عسكري في ولايات مضطربة مثل دارفور وجنوب كردفان وليس الانشغال بحرب في أثيوبيا عن تلك المخاطر الداخلية فضلا عن انقسامها إلى قوات الجيش وقوات التدخل السريع ولا يخضع كلاهما إلى قيادة واحدة وتحالفهما معا حاليا بسبب المصالح المشتركة لهما .

وكان مما اقترحته عدة مرات في صفحتي بالفيسبوك أن تعمل مصر مع أثيوبيا والسودان الشمالي والجنوبي وأريتريا وأثيوبيا ويمكن أيضا مع دول جوار أخرى على أقامة تنمية اقتصادية وإنسانية مشتركة لا يتم التفرقة فيها بين شعوبها على أساس الجنس أو الدين أو اللون  وأن تحتفظ وقبول الحكام لحاليين به لأسباب عدة ولكن في ذات الوقت آمل إن قبلوا التفاوض عليه أن يتحقق ما أرجوه لتلك الدول وشعوبها كل دولة بنظامها السياسي أيا كان نوعه وتكون الوحدة اقتصادية لخير شعوبها ، وكنت أعتبر هذا التوجه يحل كل المشاكل بين تلك الدول ويحقق لها السلام والأمن الداخلي والرخاء وفي نفس الوقت كنت أعتقد بأن ما أقترحه صعب تنفيذه.

وأكثر ما كان يزعجني في الآونة الأخيرة هو زيادة التحريض لمصر من داخلها ومن خارجها أيضا على محاربة أثيوبيا ولا أظن أن هؤلاء المحرضين أكثر حبا لبلادي مني وفي نفس الوقت لا أشك في حسن نواياهم وأعذرهم.

وفي تصوري أيضا ، في حالة عدم الأخذ بمقترح الوحدة الاقتصادية فإنه لا يتعذر الوصول إلى كلمة سواء أو حل وسط يتم فيه تقديم بعض التنازلات المتبادلة إن حسنت النوايا بحيث يتم استبعاد نقاط الخلاف بين مصر والسودان وأثيوبيا وتحقيق الهدف وهو ضمان توصل مصر والسودان إلى ما يكفي احتياجاتهما من الماء دون تحديد حصة كانت موضع خلاف ومنعت الوصول إلى اتفاق .

وعموما لست أدرى بصالح الدول الثلاثة من حكامها وكل ما أتمناه أن يهديهم الله إلى تحقيق ما يصلح لشعوبهم ويحقق الأمن والسلم والرخاء لشعوب الدول الثلاثة والله ولي التوفيق.

فوزي منصور

التاسع من يوليو 2021