Friday, October 15, 2021

 

 

 

 هل يمكن أن تقوم حرب عالمية ثالثة بين الصين والولايات المتحدة؟

 

4h

Public

هل يمكن أن تقوم حرب عالمية ثالثة بين الصين والولايات المتحدة؟

 

أذكر في البداية بمقولة إبن خلدون التي تتلخص في أن دول المسلمين في زمانه كانت تقوم على الدين والعصبية والغنيمة ، وكان هذا سبب تخلف دول المسلمين في نهاية القرون الوسطى وانهيارها أمام الاستعمار الأوروبي المتمثل في العصر الحديث بالإمبراطوريات الكبرى خاصة في بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية وتمكن هذه الإمبرطوريات منها بعد الحرب العالمية الأولى وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية وحل محلها الاستعمار الأمريكي الذي أخذ شكلا مختلفا لايحتاج إلى دعم الاستعمار بقوات مسلحة وإنما بإخضاعها لنفوذ المركز الرأسمالي العالمي الذي تمثل في الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين الذين أنقذ اقتصادياتهم مشروع مارشال الأمريكي واستتبعهم للرأسمالية الأمريكية هم ومستعمراتهم السابقة ، وهذا المركز الرأسمالي العالمي هو ما كان يحذر منه المفكر المصري سمير أمين ومن دوران الدول المحيطة به في الأرض وخاصة في المنطقة العربية. كما تحول المركز الرأسمالي إلى ما يعرف حاليا بالنيوليبرالية وجرى إخضاع العديد من دول العالم لها ، واعتبرها بعض علماء الاقتصاد المعاصرين وأساتذته في الجامعات تطورا طبيعيا للرأسمالية القديمة وكانوا على خطأ في

توصيف أبن خلدون وإن كان ينطبق على دول المسلمين في زمانه فإنه ينبق على نحو ما على معظم دول المسلمين حاليا مع تعديلات بسيطة وخاصة في مفهوم العصبية جيث لم تعد العصبية قبلية مثلما كانت عليه من قبل حيث أن معظم الدول المحكومة بنظام استبدادي تحولت العصبية فيه إلى طائفة ليست بالضرورة دينية وحكامه المستبدون غالبا لايهتمون بالدين ولابأية عقيدة ديني وينصرف جهدهم للمحافظة على السلطة في أيديهم أو يد طائفتهم سواء كانت دينية أو غير دينية وتعظيم الغنيمة لهم ولطائفتهم باعتبار أن المال وليس السلاح وحده هو مصدر القوة والحماية لسلطتهم.

وقبل ظهور النيوليبرالية كسمة للمركز الرأسمالي الأمريكي وأتباعه أو الشركاء فيه معه كان قد أقام فلاديمير إيليتش لينين في روسيا مركزا رأسماليا مختلفا حين تسلم الحكم من البورجوازية الروسية التي حكمت سنتين بعد ثورتها على القيصرية عام 1917 وقادت البلاد نحو الإفلاس فتسلم لينين الحكم منها واعتمد على طائفة روسية لديها رؤوس أموال لإنقاذ اقتصاد الدولة تحت غطاء الشيوعية الماركسية اللينية الزائفة بينما تم ادارة الدولة لحساب تلك الطائفة من المرابين الروس وظلت على هذه الحال لمدة سبعين عاما تحولت الدولة إلى نظام رأسمالي بحت وعلني يتحكم فيه أحفااد المرابين والذين قامت عليهم الرأسمالية الروسية حتى اليوم.

والصراع الظاهر حاليا بين الرأسمالية الأمريكة والرأسمالية الروسية لاعلاقة له بأي خلافات عقائدية أو أديولوجية أو مصالح سياسية أو اقتصادية وإنما هو ناتج عن التنافس بين من يقود العالم الرأسمالي في المستقبل : أمريكا أو روسيا . وثمة اعتقاد معلن قبل سنوات طويلة بأن الاقتصاد الأمريكي عبارة عن بالونه مليئة بالهواء ستنفجر يوما ما وأن نقطة الضعف الكبرى فيه هو عملة الدولار الأمريكية التي غمرت العالم ويجري استخدامها في تمويل التجارة العالمية بين دول العالم كافة بينما لايوجد أي رصيد لها يغطيها سواء كان رصيد من الذهب أو خلافه ويشكل دينا على الخزينة الأمريكية ولو توقفت الدول عن استخدامه في التجارة الدولية سيسقط الاقتصاد الأمريكي من القمة ويهوى وقد زادت قيمة الدين الأمريكي الناتج عن مغامرات الولايات المتحدة العسكرية الخارجية وآخرها مغامرتها هي والدول الحليفة لها في أفغانستان والتي استمرت عشرين عاما أنفقت فيها تلك الدول مئات المليارات ولم تستفد منها شيئا وتسلمت في النهاية طالبان الحكم في أفغانستان وفشل المخطط الغربي الذى كان يقوم على الانسحاب من أفغانستان لكي تقوم فيها حرب أهلية القاتل والمقتول فيها أفغاني مسلم ثم تعود تلك الدول لحسم الأمور والسيطرة من جديد على أفغانستان وتعويض خسائرها المادية السابقة بما تنهبه من ثرواتها ، أي أنها مكرت ومكر الله بها ، وولايعني هذا أن طالبان لديها خبرة بالسياسة أو الاقتصاد أو أنها تستطيع النهونذ بأفغانستان المثخنة بالجراج والمشاكل القديمة بين أغلبية الباشتون والأقليات العرقية من الأوزبك والطاجيك والتركمان والأقلية الشيعية في الجنوب على الحدود مع إيران ، والتي تعرض مجلس عزاء حسيني شيعي إلى تفجير كان ضحاياه أكثر من ثلاثين قتيلا وعشرات الجرحى.

كما فشلت المغامرة الأمريكية في تحقيق أهدافها السياسية والمتمثلة في حصار الصين وتجارتها الدولية من الغرب ، وتسعى الصين حاليا أن تكون أفغانستان منفذا هاما لمشروع طريق الحرير الجديد الذي يعزز طريق تجارتها الدولية نحو دول الشرق الأوسط وأوروبا والذى تم مد خط سكة حديد ضمن يصل الصين بأوروبا وعفيها من النقل عبر البحار ويضمن سلامة وأمن التجارة ويعزز نقوذها في العالم الخارجي في اتجاه الغرب.

والعداء بين الولايات المتحدة والصين تزايد في السنوات الأخيرة بعد اتساع ناق التجارة الصينية وتوسعها خاصة في الدول الأسيوية والأفريقية . ومن يقرأ الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام الروسية مع الأخذ في الاعتبار بأنها تخدم سياسة بلادها الرسمية يمكنه أن يستنتج دون خطأ بأن روسيا تسعى إلى تزايد العداء بين الولايات المتحدة والصين على أمل أن يصل العداء إلى حرب نووية بين البلدين يقضى فيها كل طرف على الأخر وتظل روسيا بعدهما هي الوحيدة في العالم التي سلمت من الحرب وويلاتها وتصير المركز الرأسمالي العالمي وخاصة أن الطائفة التي تسيطر على الرأسمالية الأمريكية هي من نفس نوع الطائفة المسيطرة حاليا على الاقتصاد الروسي.

ما يمنع قيام الحرب حاليا هو التوازن النووي بين الولايات المتحدة والصين ولكن من من صالحهم إثارة الفتنة بين البلدين من أجل دمارهما معا واستخلافهما في مكانتهما الحالية سيواصلان بذر بذور الفتنية حتى يحكم الولايات المتحدة من يقول مثل شمشون : علي وعلى أعدائي ، من نوعية الرئيس السابق ترامب وخاصة بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة والتي بدأت تتضرر تجارتهاالخارجية فعلا ليس من منافسة الصين فقط وإنما من منافسة دول جديدة مثل الهند وقديمة مثل الدول الأوروبية التى صار بإمكانها إنتاج السلع بتكلفة أقل من تكلفتها بالولايات المتحدة.

وكما ضربت المثل في البداية بالمكر الغربي في إفغانستان والذي فشل فقد تكون نتيجة المكر الروسي مماثلة ، فإن قامت الحرب سيجاول مئات الصينيين الهرب من الموت في بلادهم وسيتجهون شمالا جيث روسيا الآسيوية وغربا نحو آسيا الوسطى والغربية ويأتون من كل فج ينسلون ولايعلم نتيجة ذلك سوى الله تعالى.

لاأحد يستطيع أن يتنبأ الآن متى يحدث هذا المجظور المحتمل في ذات الوقت إلا الله سبحانه وتعالى وخاصة أن جند الله ومنه فيروس كورونا وعودة الطاعون ومهلكات أخرى وكذلك الفيضانات والأعاصير والانفجارات الشمسية وما ينتج عنها من شدة الحرارة وغيرها كثير تأثر سلبا وعلى نحو مشهود باقتصاديات العالم ، بل وعلى حياة المجتمعات فيه وخاصة تلك التي بليت بالحروب الأقليمية مثل الحرب في اليمن وفي سوريا والمحتملة حاليا بين المغرب والجزائر وغيرها وما قد ينجم عنها من دمار ومجاعات وأضرار بالغة في الأنفس والأموال.

فوزي منصور

أعلى النموذج

                

·                                   

·                                   

·                                   

·                                   

أسفل النموذج

 

· 

Public