Saturday, September 6, 2008

إسلاميو الجزائر و الديموقراطية

إسلاميو الجزائر و الديموقراطية


العنوان الأصلي هو :الأحزاب والحركات السلمية في الجزائر : أية فرص للاتحاد الأوروبي؟ . وكتب النص التالي في سبتمبر 2006 بناء على طلب المعهد الفنلندي للشئون الخارجية لإدرا جه في كتاب جماعي أصدره البرلمان الفنلندي في أبريل 2007 ومكرس للعلاقات التي يمكن أن يقيمها الإتحاد الأوروبي مع أحزاب المعارضة الاسلامية في العالم الإاسلامي بعنوان : أحزاب المعارضة الإسلامية حول العالم واحتمال مشاركتها مع الاتحاد الاورو بي ، مع مشاركة لكل من :
François Burgat و François Gèze بعد تحيينها ، ومكرسة للحالة الجزائرية بعنوان : رصد الجزائر والحالة الجزائرية.

بحث لفرانسوا بورغا وفرانسوا غاز

ترجمة : فوزي منصور

" رصد الجزائروالحالة الجزائرية”
في أول أبريل 2007

تقديم للمترجم
ينقسم الباحثون الغربيون في تقييمهم للأحزاب الإسلامية ومدي التزامهم بالديمقراطية إلى فريقين:
الأول : وهو الفريق الأكثر عددا يرى أن انضمام الأحزاب اٌلإسلامية إلى العملية الانتخابية في بلادها حتي ولو كانت تسفر عن حكومات وبرلمانات شكلية منزوعة الأسنان ، وقبولها المشاركة في تلك الحكومات مع الأحزاب العلمانية والليبرالية والاشتراكية هو أكبر ذليل على اعتدالها وبراغماتيكيتها ومرونتها وتغليبها ما هو مدني على ماهو ديني مناقض على ما يجب أن تكون عليه الحكومة الأسلامية التي تناذي بإقامتها في أيديولوجيتها ، وبالتالي تستحق أن يثق فيها الغرب ويفرق بينها وبين الجماعات الإسمية الراديكالية أو المتطرفة التي تناهض أساسا الديموقراطية . كما أن تمتعها بالشعبية أكثر من غيرها من الأحزاب يجعل لا ديموقراطية بدونها ولذا ، فإن على الغرب إن كان يسعي حقا إلى الديمقراطية أن يعتمد عليها ، ويقيم علاقات معها ويدعمها.
الثاني : وهو ما يمكن اعتباره فريق الأقلية ، ومنه مقدما هذا البحث ، فيرى العكس . حيث يعتبران أن قبول هذه الأحزاب المشاركة في انتخابات وحكومات وبرلمانات شكلية يتلاعب بها طغمة عسكرية نافذة هو دليل كاف على عدم مصداقيتها وعلى عدم ايلائها ثقة الحكومات الغربية إن كانت تريد نظاما ديموقراطيا حقيقيا في دول العالم الإسلامي وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه الخصوص . وأن على الغرب أن يعول على الأحزاب الآسلامية التي بقيت خارج اللعبة وواصلت معارضتها للنظم الاستبدادية الفاسدة القائمةلأنها الجديرة بالتشجيع والدعم والمساندة إذا كان الغرب يريد ديموقراطية حقيقية في تلك البلدان.
فأي من الفريقين على صواب ومحق في تصوره؟ سؤال حرج نترك مناقشته والإجابة عليه للقارئ.


استهلال
تكشف الوضعية الحالية في الجزائر عن وجود نموذج للركود والإعاقة السياسية بامتياز,انتجه القمع الشديد الذي مار سته السلطة الاستبدادية ضد المعارضين الإسلاميين. إن الحركات الإسلامية المنظمة والأحزاب السياسية الإسلامية المشتغلة حاليا ، هي في الحقيقة تلك التي سمح لها بذلك لأنها عدلت سياساتها من خلال تعاملها مع السلطة المركزية المدارة من قبل رؤساء المخابرات العسكرية . لقد منح الإنتقال الديموقراطي الوليد في الجزائر حيزا سياسيا شرعيا لهذه القوى السياسية الإسلامية التي احترمت العمل الديموقراطي المطلوب من الاتحاد الأوروبي مساندته وفق المعايير السياسية التالية :
أ – مساندة قوية لكافة القوى ( السياسية ، اتحادات التجار والمنظمات المدنية ) وكل من الإسلاميين والعلمانيين والذين أضعفهم وشتتهم القمع السياسي ، والذين يحاولون العمل من أجل تشكيل دولة ديموقراطية .
بتشجيع التقيد التام بالاتفاقيات الدولية ، بما فيها حماية حقوق الإنسان ومقاومة مظاهر الفساد،والتي وقعت عليها الجزائر.

النظام العسكري بواجهة مدنية
ارتبطت جبهة التحرير الوطني بالكفاح المسلح من أجل الاستقلال عام 1954 بداية باسم العلمانية والنضال
القومي في اتجاه انهاك الاستعمار الفرنسي الذي استغرق زمنا طويلا (1930-1962) وبعد سبع سنوات من الحرب الدموية (والتي أسفرت عن أكثر من نصف مليون ضحية ، وما ليقل عن 2.5 مليون شخص مشرد) ثم الحصـول على الاستقلال في النهاية عام 1962 . و مع أنها اعتبرت الإسلام د ين الدولة ، فإن جبهة التحرير الوطني كحزب الدولة ، كونت حكومة على قاعدة النموذج العلماني ، والذي يحتل فيه الدين حيزا صغيرا في خطاب التعبئة السياسية .

وخلال السبعينيات ، اكتسبت المعارضة السياسية زخما مضطردا مع الإحباط الذي سببته التوجهات السياسية والاقتصادية للجبهة . وتركز الاستياء العام على أو جه القصور في نموذج الجبهة للتنمية (المتمثل في إعطاء الأولو ية للقطاع العام والصناعات الثقيلة و سياسة الاصلاح الزراعي الطوعي والغير فعالة ) وعلى إطباق الجبهة الخناق على المؤسسات السياسية ( كانت قبضتها أ شد حدة من تلك المعهودة لدي الجيران في تو نس والمغرب). وقد مارست الجبهة الرقابة على نحو أقل مما يكون عليه حزب سياسي شعبي ، وعلى غرار صورة الأحزاب الشيوعية في دول أوروبا الشرقية ، وأكثر من ذلك ، من خلل آليات القهر لدي الخدمة السرية /الأمن العسكري(SM) ، بطريقة مركزة محكمة . وعند ما تو في الرئيس هواري بومد ين عام 1978 ، وا جه النظام السياسي أزمة. فقد فشل صناع الملك في الجيش في التوافق على تعيين خلف له. وفي النهاية : تم تنصيب العقيد الشاذلي بن جديد رئيسا للدولة ،كشخصية رمزية بدون سلطة.وهكذا برز الانفصام السياسي الجديد ، فمن ناحية ”بن جديد ”معين على رأس الدولة ، ومن ناحية أخرى، فإن الشخصيات العسكرية في الظل تقف خلف المشهد وهم صناع القرارات السياسية الحقيقيين .

وادراك هذه الازدواجية ضروري للفهم الكامل للنظام السياسي الجزائري من يومها حتي الآن. فمنذ وفاة بومدين و كل من اختير على رأس الدولة يصارع من أ جل انتزاع بعض من سلطة العسكر. وذهبت جهود هم جميعا هباء . ومنذ عام 1990 وتأثير خدمات الجيش السرية ،إدارة الأمن والاستعلامات (الإسم المستعار الجديد
للإدارة DRS )والتي تم تو سيعها وتعميقها ، بات هو المهيمن داخل هيكل السلطة . و قد قاد هذا الإحكام على النظام السياسي في ينا ير 1992 إلى انقلاب عسكري وحرب مدنية دموية ( كلفت حياة 200000 من الشعب و 20000 حالة اختفاء قسري) وتميزت بمستوى جديد من إرهاب الدولة والذي نظم استراتيجيا بواسطة رؤساء إدارة الأمن والاستعلامات .

وفي ما بعد حقق أساتذة الدعاية مستوي معتبر من النجاح في أداء خدمة التضليل الممنهج على المستويات الوطنية والدولية ، مشيرين إلى أن كل العنف يتحمله الإسلاميون الأصوليون .وحتي اليوم ، تواصلت تأثيرات هذه الاستراتيجية المزدوجة من التضليل وإرهاب الدولة في تشكيل الدينامية السياسية الجزائرية.
هذه الاستراتيجية المزدوجة من التضليل وإرهاب الدولة في تشكيل الدينامية السياسية الجزائرية.واليوم ، وخلف واجهة الإدارة المدنية التي يوجد على رأسها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، (انتخب عام 1999وأعيد انتخابه عام 2004 ) فإن المقامر الحقيقي في السلطة هو الجنرال محمد مد ين ،الذي يعرف أيضا ب:توفيق، والمعين على رأس إدارة الأمن والاستعلامات في سبتمبر 1990 . ومع متاهته التي تحالفت فيها اصول كل من المجتمعين المدني والعسكري، يقوم بالتحكم في المشهد

السياسي والنشاطات الاقتصادية والإدارة المدنية تحكما مطلقا.والأكثر أهمية، أنه يدير شبكات ذات نفوذ قوي من الفسـاد المتخم بعائدات النفط والغاز . وإدارة هذه الشبكات هي سبب وجود النظام ،وتبدو في قلب السلطة الغامضة لصناع القرار من العسكريين.

ولكي نفهم التشكيلات التي اعتمدتها الحركات الإسلامية السياسية في الجزائر، وكدا التطورات السياسية منذ ظهورها الطارئ في الثمانينيات ، فإن أكثر ما يجب معرفته هو هذا السياق التاريخي.إن أي احتجاجات لمعارضة سياسية قبل 1998 وسواء كانت علمانية أو دينية ، كانت في حقيقة الأمر تتعرض في الأساس لعرقلتها أو تقييدها من خلال :
أ) شراء أو رشوة الاستياء العام غبرسياسة إعادة توزيع الثروة ، باستعمال جزء من عائدات النفط كآلية للتهدئة الاجتماعية .
ب) أساليب قمع متطورة نسبيا تدار بواسطة SM .والى جانب ذلك فإن الإسلام كمصدر ديني محتمل للشرعية السياسية ، كان مقيدا من قبل مؤسسات الدولة ،والتي تستعمل أساليب مباشرة كان قد أحدثها المستعمرون الفرنسيون.

الوعد بالليبرالية السياسية :
خلال فترة الاستقرار الاقتصادي مع بداية الثمانينيات ، وبسبب الكثير من العوامل (انهيار أسعار النفط ، الفشل الواضح لنهج الاقتصاد والتصنيع)، دشن الرئيس بن جديد سياسة اقتصادية ليبرالية.
و في أكتوبر عام 1988 ، أدت الضغوط الاجتماعية والانقسامات الداخلية في البوقوار (عصابة الجنرالات)'le pouvoir إلى اضطرابات شعبية عنيفة تخلف عنها 500 قتيل من جراء القمع الوحشي للمتظاهرين. وبعد أن
ساعد في التو جه نحو أعمال العنف فريق من البوفوار ، آملين في أظهار أنفسهم كماكينة حاضرة ضد خصومهم ، الذين يرغبون في إضعافهم.

وفي فبراير 1989 ، اعتمدت التعددية النسبية بالأغلبية بموجب استفتاء على الدستور، ووضع ذلك حدا لنظام الحزب الواحد. وفي نفس الوقت، وبإضفاء الشرعية على الجماعات السياسية بما فيها الإسلاميين،فإن مختلف فصائل الطغمة العسكرية الحاكمة أقرت بتصلب الصيغ التي يتضمنها النظام الانتخابي الفاسد. حينئذ، لم يكن الانفتاح كافيا للحد من أنانية الجنرالات الذين راهنوا على أن مقاربة أكثر ليبرالية على المستويين السياسي والاقتصادي من شأنها أن تعزز شبكات فسادهم غيرالمشروعة. وعلى البنيات السياسية والاقتصـادية الليبرالية التي ظلت خاضعة لإشراف قوي من صناع القرار .كما أنه ما زال بالإمكان الاعتماد على القوي المبعدة عن السلطة من الأمن العسكري لإبقاء السيطرة على الساحة السياسية.

تأسست جبهة الإنقاذ الإسلامية ”الفيس“في مارس 1989 في ظل أجواء تتميز بتفاقم الانقسـامات الداخلية داخل القيادة العسكرية المركزية. واكتسى وضعها بالشرعية في سبتمبر من نفس العام . وكانت أكثر من حزب سياسي تقليدي،إذ كانت عبارة عن اتحاد(فيدرالية) تتمثل فيه معظم جماعات الإسلام السياسي في الجزائر، والتي كانت قد تكو نت تدريجيا في الثمانينيات (باستثناء فرع مقرب من جماعة“الإخوان المسلمون“ المصـرية ). ومنذ إنشائها، فأن عددا ملحوظا من الجبهة الإسلامية للإنقاذ ممن كانوا في اللجنة التوجيهية (مجلس الشورى) كانوا عملاء استقطبهم الأمن العسكري (ولم يكن هذا اختراقا فريدا من نوعه لجبهة الإنقاذ الإسلامية وأنما يقدم دليلا علي تأثير الأجهزة السرية علي كافة مكونات الطيف السياسي) . وحازت الفيس في يونيو 1990 على انتصـارات مهمة في كل من الانتخابات المحلية والجزئية على حسـاب أحزاب المعارضة العلمانية .وو جد الناشطون السياسيون في الفيس الآن أنفسهم في حرج ، إذ تدهورت علاقات قياداتها مع السلطات ، و مع محاولة هذه الأخيرة و صم الفيس بالتطرف وتقسيم الحزب من الداخل.ولضعاف التصويت للفيس في 1991 ، اتبع رؤساء الأمن العسكري تكتيك التوجه نحو تشجيع خلق حزبين إسلاميين منافسين لها، واللذان هما في الحقيقة تابعان لهم: حركة مجتمع السلم ،التي يقود ها محفوظ نحناح (والتي تعتبر الممثل الرئيس لحركة الإخوان المسلمين المصـرية)، وحركة التجديد الوطني والتي تعرف أيضـا بحركة الأصلأح أوMNI بقيادة عبد الله جاب الله. وفي ديسمبر 1991 ، وعلى الرغم من استراتيجية التقسيم الإداري (للدوائر الانتخابية ) ، حازت الفيس على فوز مريح في الجولة الأولي من الانتخابات التشريعية (حصلت على نسية 47.3 في المائة من الأصوات المعبر عنها، مقابل 5.4 في المائة لحمس و 2٫2 في المائة ل(MNI )

وعلى الرغم أن هذا يعود أالي 24.5 فقط من الناخبين(الذين يحق لهم التصويت) ، فهذا العدد أقل من عدد الذين يدعمون الفيس فعلا ، (لن الكثيرين كانوا قد فقدوا الثقة في نظام الانتخابات التي تجريها السلطات الرسمية وأمتنعوا عن التصويت).

و في مواجهة فقدان السيطرة الحقيقية على السلطة السياسية ، و ما يترتب عليها من آثار، أطاحت قيادات الجيش والخدمات السـرية والتي يوجد على رأسها الجنرال خالد نزار وزير الدفاع والجنرال محمد العماري ، برئيس الدولة بإجباره على الاستقالة في 11 ينا ير 1991 . و تم ا ستبدال رئيس الدولة باللجنة العليا للدولة ، والتي كونت كإدارة مؤقتة يديرها الجنرال خالد نزارومجمد بوضياف الخصم السياسي الموجود في المنفي والشخصية القومية المرموقة في الماضي، وقامت اللجنة رسميا بإيقاف العملية الانتخابية ، وإعلان حالة الطوارئ في 9 فبراير ، متبوعة على القور بحل الفيس .

.ثم اغتيل الرئيس الجديد بوضياف في يونيو 1992 والذي شرع في الإمساك بالسلطة التي يتيحها له منصبه في محاولة لتجديد النظام والمجتمع بسياسة جديدة . ولقد انتشـر على نطاق واسع بأن المسـؤولين عن قتله هم أكبر القادة العسكريين الذي كان بوضياف يشكل تهدبدا لشبكات فسادهم. وفي وقت لاحق بدأ زمن المواجهة المباشرة الذي ميز الحياة السياسية الجزائرية حتي اليوم .

”الحـــرب القـذرة“
لقد دشن قادة العسكر سيرورة استبدادية رهيبة لإعادة تشكيل المشهد السياسي ، وشنوا حربا حقيقية على المعارضة الإسلامية ، وانتشرت وتوسع نطاق أهدافها تدريجيا حتي شملت جميع السكان. و يرجع الفضل جزئيا في نجاح حملتهم المشينة إلى التأييد الكبير من قبل المجتمع الدولي لهم ، مع استثناءات قليلة جدا. وبلغ الجنرالات الجزائريون مرتبة جديدة في العنف خلال الحرب القذرة ، باستخدامهم وتحبيذهم كل وسائل ”مكافحة التمرد“ التي طور ها الجيش الفرنســي خلال الحرب الأولي في الجزائر: إعتقالات بالجملة ، إعدامات خارج نطاق القضاء واستخدام ممنهج للتعذيب ، ليس فقط لإضعاف الراديكاليين، وإنما أيضـا لإضعاف العد يد من القواعد الشعبية المؤيدة للمعارضين البرلمانيين من الإسلاميين ، وذلك بسحق مسبق لجميع أشكال التعبيرألديمقراطي عن طر يق القمع والنظام الانتخابي ، والهدف الواضح للجميع هو: د فع المعارضة الإسلامية نحو الآلية الوحيدة المتاحة للتغيير السياسي: العنف، والذي في النهاية يبرر سياسة الإبادة الشاملة التي تنتهجها الحكومة.ونتيجة لدلك ،دخلت بعض التيارات الراديكالية الإسلامية الهامشية المعارضة للفيس في العصيان المسلح. وفي المجموعات الاسلامية المسلحة DRS نفس الو قت ، في أوائل عام 1992 ، إخترق عملاء أدارة الاستعلامات التي كانت حديثة النشأة . وخلل هذه الفترة، ولو أن معظم قادة وأعضاء الجيا GIA ظلت نسبيا غير ملوثة ، فإن بعض أمراء الجماعات، والذين هم أيضا من عملاء الاستعلامات العاملين في الخدمة العامة، ادعوا أنهم من المطرودين أو من الإ سلاميين الذين اختارتهم فوات الأمن وانقلبوا عليها( لكي يتسللوا إلي صفوف ال GIA) وبالتزامن مع ذلك ، عمدت DRSإلى تنمية الجماعات المسلحة باضطراد عن طريق استراتيجية متطورة ومارسوا القمع الجماعي الذي يستهدف الشباب خاصة ، والذي لم يجد أما مه سوي المقاومة أو الانتقام أو الانضمام إلي المقاومة المسلحة.maquis ، وقد صنع أتباع دائرة الأمن والاستعلامات DRS. والذين يشغلون مناصبا قيادية في هذه الجماعات المخترقة والمتلاعب بها ، البيانات الرسمية للإسلاميين ، والتي غالبا ما تكون غاية في الاستفزاز ، وتستهدف مختلف الشرائح الاجتماعية ، وتشجع على زيادة استعمال الاعدامات كسـلاح مبرر ضد المواطنين المحليين والأجانب باسم الأسلام .ومع بداية عام 1995 تم القضاء على جميع الأمراء المستقلين . وصارت الجماعات المسلحة الإسلامية تدار كلية بواسطة عملاء DRS وزاد استعمالهم كأسلحة لإرهاب جموع المدنيين ، وحتى المجازر المشينة عامي ، 1997 و 1998 . ، والتي كان المدنيون يتعرضون لهجماتها الدموية بانتظام ، حينها كانت التنظيمات العسكرية ، تمنع زعماء القبائل تماما من تصفية“الجماعات المسلحة ” وتسمح لها بملاذات آمنة.

وخلال السنتين الأولاتين من الحرب ، حاول بعض القياديين السـابقين من الفيس في الجزائر في مايو 1994توحيد مجموعات صغيرة مشاركة في النزاع المسلح.و جزء صغير منهم موال للجماعات الإسلامية المسلحة ،ضد رغبة التنفيذيين في حينه من الفيس في الخارج. بينما غيرهم ، فيما بعد بفترة قليلة، سوف يخلق الجيش الإسلامي للإنقاذ AIS – Armée Islamique du Salutفي يونيو 1994 . وسرعان ما تم اختراق الجيش الإسلامي للإنقاذ من قبلDRS . ووجد نفسه مستهدفا من الجماعات المسلحة وعملياتها التي تنفذها .
قاد ذلك إلى صورة معبرة عن تعميم العنف المفرط والذي يتم إلصاقه حصـرا بالإسلاميين من خلال تضليل . مدبر بعناية من قبل إدارة الأمن والاستعلاماتDRS .

رأت السلطات العسكرية بعين السذاجة أن الرأي العالمي يكفيه أساسا وجود معارضة تحظي بالمشروعية .وإضافة إلى ذلك ، وبعد تصفيتها جسديا أو تعريضها للفاعلين من المعارضة الإسلامية إلى المزيد من التهميش
المؤسسي بعيدا عن القاعدة الانتخابية ، نشطت هذه السلطات في التلاعب بأحزاب المعارضة الهامشية أو المزيفة. .وبدءا من 1995 ، تم دعوة أحزاب المعارضة القائمة إلى أن تأخذ مكانها في العملية الإنتخابية بما في ذلك:حركة المجتمع الإسلامي لمحفوظ نحناح ،التي أصبح إسمها: حركة مجتمع السلم ، وحركة عبدالله جاب الله التي أصبح إسمها :حزب النهضـة والإصلاح. وتمت ممارسة لعبة الأغلبية السياسية حيث ما كا نت مجرد لغو:فالانتخابات يطبعها الزيف والتعديلات الدستورية (بخلق غرفة برلمانية ثانية ) قد توخوا منها الحد من سلطة البرلمان .وبهذا تم لهم تقزيم العملية الانتخابية.

و في ينا ير 1995 ، كان الحدث اللافت للنظر ، هو أن الأهمية السياسية أخذت مكانتها وأن نموذج الانتقال السياسي يهيمن عليها، وهو الذي سيمكن الجزائر من الإفلات عمليا من مأزق ظلت سجينة له على مدى خمسة عشر عاما.

وبناء على مبادرة من جمعية سانت أجيديو الإيطالية الكاثوليكية ، اجتمعت جماعات المعارضة الرئيسة من أجل الاتفاق على حل سياسي في روما : جبهة الانقاذ FIS ،جبهة التحرير الوطني FLN ،وجبهة القوى الشتراكية FFS لحسين أيت أحمد ،والحركة من أجل الديموقراطية في الجزائر MDA التي يرأسها أحمد بنبيلا، وحزب النهضة والشباب المسلم المعاصر والعصبة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان LADDHوحزب العمال PT الذي تقوده لويزه حانون.

و قد وا فق ممثلو هذه التنظيمات لأول مرة على توقيع "العقد الوطني" ، يد عو إلي مفاوضات مع عصـابة الجنرالاتle pouvoir الممسكة بالسلطة لوضع نهاية للحرب الأهلية ،والمطالبة بعدم انخراط العسكر في العمليات السياسة عمليا ، والإفراج الفورئ عن قيادة الفيس ،وكافة المعتقلين السياسيين،وإنهاء كافة المواجهات ، والعودة إلي الشرعية الدستورية والسيادة الشعبية .و قد أدان جميع المشاركين، بما فيهم الفيس ، استخدام كل أشكال العنف للاستيلاء على السلطة أو المحافظة عليها. وتوافقوا في شأن تداول السلطة السياسية بين الأحزاب طبقا للاقتراع العام وتكريس نظام الديموقراطية والتعددية الحزبية.

وعلى الفور ، استنكر النظام الجزائري بشده هذا العقد الوطني ، وبدرجة كبيرة من تلك التي تسمي نفسها قوى المعارضة من الأحزاب التي عمد النظام إلى نظام مراقبتها وإخضاعها.

وقد بدت إمكانية طريق الهروب من الأزمة في نهاية 1998 ،بعد أن تمزق المجتمع الجزائري في العمق قرابة سبع سنوات من الحرب الأهلية، وعلى الخصوص بسبب المذابح الرهيبة التي تنفذها الجماعات المسلحة لجموع المدنيين ، والتي تحمل علا مة "صنع في إدارة الأمن والاستعلامات DRS" وبعد تحييد أية معارضة وخاصة القوى السياسية الإسلامية عندئذ قرر رؤساء الجيش و DRS فتح صفحة جديدة. ، ونصبوا المدني عبد العزيز بو تفليقة من السياسيين القدامي للنظام ما بين 1962و و1978 )كرئيس للدولة .وفيما بعد - انتخب في أبر يل 1999 من خلال عملية انتخابية مزورة.وحسـب ما طلب الموجهون له ،قدم بوتفليقة "الوئام المدني "الذي تم إقراره بأغلبية ساحقة في استفتاء أجري في 16 سبتمبر 1999 ..ونظريا ، فإن هذا القانون يجب أن يقود إلى "مصالحة وطنية حقيقية تتضمن تفاوضا مع الحزبيين السابقين للفيس، ولكن التقنين ، مثل كثير أخر ، هو فقط "خفة يد "سياسية ، تظهر كما أنها إصلاح إيجابي. بينما هي في حقيقتها عملية تكافل سلطة فاسدة ونظام ممزق .برلمان بسلطات محدودة فعليا بين يديه ،يديره تحالف من ثلاثة أحزاب رئاسية : حزب جبهة التحريرFLN( والذي تسيطر عليه منذ وقت مبكر في عام 1996 DRS ) وحزب الإسلامي المدجن محفوظ نحناح وهو MSP وهو ممتوفي الآن ) ،وحزب RND و وهو فطعة من FLNخلقت عام 1995 ).وقد كون هذا الإئتلاف كمظهر، ولكنه يشخص نوعية البنية السياسية التي تريد الطعمة العسكرية الاعتياد عليها على طول المدي.

ينظر الجنرال محمد مدين رئيسDRS الذي لا يتزحزح عنها منذ ما بعد 1999 إلى طريق الهروب من الأزمة السياسية وبتحالف أكثر أو أقل استقرارا مع الرجل القوي الآخر في النظام الجنرال العربي بلخير (رسميا عين رئيس ديوان الرآسة لبوتفليقة و من 2005 سفيرا لدى المغرب ، ولكنه في الواقع وا حد من المدبرين خلال الحرب القذرة ) وقد أورى أنه يستلهم العملية الانتقالية من النموذج الخاص بكوريا الجنوبية ورومانيا . ورؤساءالخدمات السرية (KCIAو أمن الدولة ) في 1988 و 1989 خاصة ، نجحوا (أكثر من كوريا الجنوبية ورومانيا ) في تخليص أنفسهم من النظام ذي القاعدة العسكرية بينما ظلت مفاتيحه في قبضتهم، وبدلا من إعادة اكتشاف أنفسهم كشركاء في التجارة يراقبون قطاع الأعمال الخاص الذي سيعزز ثرواتهم .

وينبئ هذا الانتقال في الجزائر بأن السيناريو الذي اعتمد سوف يأ تي بصناع القرار من العسكر يوما ما لكي يرخوا بسلطتهم على الإدارة المدنية ، من خلل اكتمال ثلاثة شروط:
1 - تأمين العفو الغير مشروط في الجزائر مقابل جميع الجرائم التي ارتكبت منذ 1992 بما فيها الاختلاسات الضخمة من الأموال على مدى عشرين عاما، والحصـول على ضمانات قوية بأنهم لن يواجهوا محاكمات في الخارج.
2 - بناء بنية اقتصادية تستطيع أن تعينهم (وأطفالهم ) لتغطية مصادر ثروتهم الحالية (المتأتية من العمولات على الواردات والصادرات)وتحويلها مستقبلا لصالحهم الشخصي،إلى رأس مالي مستثمر في في شراكات تجارية .
3 - الصعود الناجح للإسلاميين المحافظين إلى حد الهيمنة السياسية ، يمكن من صيغ لتهدئة الاضطرابات الاجتماعية و حماية الاهتمامات الاقتصادية لصناع القرار العسكريين هذه الأيام.

ومع ذلك ، فإن النظام متصلب جدا ، والطبقة السياسية فاسدة للغاية وغير موثوق بها لأكثر من أربعين عاما من الهيمنة بواسطة الأجهزة الأمنية ،DRS-SM وهذا النموذج يواجه عدة صعوبات. وإذ يحاول الرئيس بوتفليقة أن يوسع المساحة التي تتيح له المناورة في مفاوضاته مع العموم ،في البداية بتأخير إ صدار عفو حقيقي عن الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب القذرة ، وحين فعل ذلك أخيرا في فبراير عام 2006، فإن المراسيم الرسمية تتعارض مع الدستور الجزائري وجميع المواثيق الدولية التي وقعتها الجزائر .ومحاولات الاستيلاء على الأموال العامة من خلال إضفاء الشرعية على الواجهات التجارية ، فإن المنظور هو فشـل مذهل في حالة مجموعة شركات "خليفة" والتي يتم التكتم على أن مروجها كان الجنرال العر بي بلخير ،حيث انتهت المجموعة إلي الافلاس عام 2002 ، وهرب الملياردير رفيق خليفة إلى المملكة المتحدة البريطانية ،تاركا خلفه سيل من الفضائح. وما بين 2000 -2006 فإن النجاح المزدوج الذي سحلته استراتيجية صناع القرار العسكريين ويمكن ملاحظته - هو فقط : ازدياد الدعم للنظام من عدد كبير من أعضاء الفيس المعارضة ، ويرجع الفضل إلي اسلوب الإرشاء الذي تفشـى في مختلف الأنحاء،و تبني إسلامي الطبقة الوسطي الملتفين حول النظام العسكري الذي يساندعادة التأهيل الوظيفي للرؤساء الصغار من الإسلاميين maquis الذين يشرعون في تنمية أنشطتهم التجارية ، والسماح لهم ببناء ثروات صغيرة .وقد يشكل مدراء العمال من الطبقة الوسطي هؤلاء القاعدة السياسية مستقبلا لاختيار حكومة إسلامية محافظة منزوعة الأسنان ، وقد يحاولون ، بمحض إرادتهم ، استبدال الأقلية العلمانية كعلامة علي عزوفهم عن التفاوض مع الإسلاميين eradicators التي تتكلم الفرنسية والمعروفة بالاستئصاليين والمشايعين لسياسة الحكومة في الاستئصال.وفي نفس الوقت ، وعلى الرغم من السيولة النقدية الغير متوقعة لصفقات تناهز مليارات الدولارات التي فاضت على الدولة ،والتي يرجع الفضل فيها إلى ارتفاع أسعار البترول والغاز (تمثل صادراته 98 في المائة من عائدات التجارة الخارجية ، وتقدر بستين في المائة من مصــادر تمويل الدولة )فإن شرائح عريضــة من السكان ،سواء في المدن أو القرى ، يواصلون العيش البائس بلا أمل، ومحاطون ببنية تحتية متدهورة . والنتيجة ، والتي ترجع إلى كيان سياسي ذي انفتاح قاصر ، فإن احتجاجات المعارضين غالبا ما تتم من خلل أعمال شغب البؤساء والتي تحدث بازدياد وبتواتر بعد عام 2000 ، ولكن أيضــا : بسبب نمو موجة من النشطاء الذين ترجع أصولهم إلى الدينامية الجديدة لاتحاد التجار(النقابات).وبشكل رئيسي في القطاع العام.
لقد اختار رؤ ساء DRS اللعب كبورقة الإرهاب لمتخلف وتم استبدال الGIA تدريجيا بدءا من عام 1998 فصاعدا ، بجماعة إسلامية إرهابية مسلحة غامضة ، هي الجماعة السلفية للدعوة والقتال (GSPC) ويوحد قليل من الشك في أن هدا التنظيم مخترق من قبل DRS أيضـا، وأنها الآن تتلاعب به (حتى لو .كانت بعض الفصائل نحتفظ لنفسها بمستوي من الإرادة الذاتية ).

وتؤدي(GSPC )هذه الأيام دورا مزدوجا :فمنذ سبتمبر 2001 فإن مجرد وجود ها يزود النظام الجزائري برأسمال سياسي ، تمكنه من جني منافع الاصطفاف إلي جانب الغرب ، فيما يسمي ب ”الحرب العالمية على الإرهاب“، وبهذا يحصـل النظام علي شرعية إضافية لدوره كشرطي إقليمي ، ويند مج مع الولايات المتحدة وأوروبا في استراتيجية الصحراء والمتوسط ،والهادفة إلى و قف موجات الهجرة من شعوب الجنوب عبر الجزائر ويتوجهون شمالا والسيطرة على الإرهاب في دولة عنية بالكربوهيدرات.
ومحليا : فإن العنف المسلح ل GSPC يخدم بالتساوي تقديم ذريعة تبرر حالة الطوارئ ، واستمرار عدم المثول لللقوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، .وتبرر هده المعايير تحريم المعارضة ، ومناهضة اتحادات التجار(النقابات) وانتفاضات البؤس. والأكثر أهمية ، فإ نه منذ بداية 2006 ، فإن خريطة الأنشطة الإرهابية يمكن رسمها (مستهدفة كل من المدنيين وقوات الأمن ) حيث تتزايد الهجمات في الموا قع التي تشهد أعمال شغب : فالقنابل باختصـار تنفجر بالضبط في المواقع التي تقع فيها أعمال شغب حالة نشوبها ،ومن الوارد جدا أن DRS تستغل ما تسميه :”الإرهاب الإسلامي“، للحد من انتشار الغضـب الاجتماعي.

ما هي معايير إضفاء المشروعية على تمثيل الإسلاميين؟
لقد تم حاليا إضعاف المعارضة السياسية الحقيقية للنظام الجزائري وإحباطها.وهناك عدد قليل رسميا من ممثلي الجماعات الإسلامية القانونية ما زالت لها مصداقية سياسية، داخل الحدود الوطنية الجزائرية . وهذه الوضعية ينكن تفسيرها بالقمع ذي الفاعلية القصوى الذي مارسته السلطة منذ 1992 ، وبمستوي التطور الذي تحقق من التلاعب بالناجين من المذابح : فالعديد من أكثر الفاعلين قيمة تمت تصفيتهم جسديا، بينما العديد من الناجين (في الجزائر والمهجر) فد عقدوا اتفاق فاو ستي (نسبة إلى قاو ست بطل رواية جو ته الذي عقد اتفاقا مع الشيطان -المترجم ) فقد تحالفوا بمحض أرادتهم ، للمحافظة على النفس أولتحقيق المصالح الذاتية ، مع القيادات العسكرية، ذات المفهوم في السلطة المعادي للديموقراطية.

مع إطار العمل هذا، فإن قياس مصداقية الإسلاميين كممثلين حقيقيين للجماعات الإسلامية ومفاوضين شرعيين للاتحاد الأوروبي ، فتخضع لمعايير تبدو لنا على النحو التالي:
1 -مدى درجة استقلاليتهم في علاقتهم مع السلطة ، حيث كل منهما (الاستقلالية والعلاقة مع السلطة) تعكس قوة قاعدتهم السياسية ومصداقية معارضتهم .
2 - ارتباطهم بالسعي لإ يجاد حل حقيقي للحرب الأهلية ، وتحديدا ، ارتباطهم في 1995 بالعقد الوطني في سانت ايديجيو : فهذا ”السانت إجيديو ” هو المعيار الذي يعكس الالتزام الخاص بأسس التداول الديموقراطي بين
الأحزاب السياسية، المستند على الأغلبية الشعبية ، وعلى اعتبار أن ذلك النظام الجزائري كان يعارض بشده هذه العملية (وأجبر حلفائه على عمل نفس الشيء) وهكذا يتكشف مدي المصداقية الحقيقية للمعارضين السياسيين.
3 - إلتزامهم بالتوصل إلي إطار للعدالة الانتقالية وتقص للحقيقة خلف الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسـان منذ عام 1992 .وأن يتأكد هؤلاء المسؤولون عنها وتتم مواجهتهم لقضاء نز يه. و سواء كان المسـؤول من الأمن العسكري أو من الجماعات الإسلامية المسلحة .

وهذه المعايير الثلاثة هي التي بإمكانها عمليا تمييز هؤلاء من بين الجماعات الإسلامية الجزائرية الذين هم أكثر أو اقل نقاء، والذين وقعوا على التقيد بالقواعد الأساسية للعملية الديموقراطية : إن الحزبين اللذ ين حصـلا على الشرعية السياسية من رؤساء DRS والذين يعرفون أنهم يتحكمون فيهم ، وكذا مختلف الناجين من جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة ، ينقسمون بين هؤلاء الذين ارتدوا وتحالفوا مع الجنرالات ، والآخر ين ..و قد فقد هؤلاء الإاسلاميين الرسميين المنافسين للفيس مصداقيتهم لدى عموم المجتمع الجزائري، ويواصلون دفع ثمن ارتباطهم مع نظام فاسد كليا.فحزب "حمس" الذي تغير من حركة المجتمع الإسلامي إلي حركة مجتمع السلم ،والذي كو نه محفوظ نحناح (توفي في يونيو 2003 ) وحاليا يقوده أبو جره سلطاني . لم ترخ السلطة من قبضتها الخانقة على هذه الحركة منذ تكوينها.وقد رشح نحناح نفسـه في انتخابات الرئاسة الجزائرية عام 1995 وكان عضوا في الائتلاف الحكومي وخليفته سلطاني أصبح وزيرا (بدون حقيبة ) .والحقيقة أن نحناح كان ينظر إليه في البداية على أنه ممثل جماعة الإخوان المسلمين المصرية في الجزائر.وهو ما يقود إلي التناقض ،ويجعله في وضعية فريدة ، إذا ما تم النظر إلى الدول الأخرى في المنطقة. وفي الجزائر فإن هذا التيار للإخوان المسلمين المصريين لم يحظ بأية مصداقية كممثل للمعارضة السياسية الإسلامية . ولو أن المدرسة الفكرية المستوحاة من الإخوان المسلمين المصريين ما زالت تحتل مساحة هامة في البلد . وحزب النهضة من جانبه قد أوجده (وما زال يقوده حتي اليوم) عبد الله جاب الله بأيديولوجيا توجد على مقربة مما لدى الفيس ،وجماعة الإخوان المسلمين .و قد ولد من رحم معارضة حقيقية ظاهرة، و سرعان ما وا جهت النهضـة الحقائق السياسية وكان عليه أن يد فع الثمن الذي يستوجبه البقاء شرعيا.و في الحضور أثناء اجتماع سانت اجيديو فإن جاب الله لم يساند العملية، ولو أنه امتنع عن التنديد العلني الصريح بها.وهو من ذلك الحين يساند التعددية السياسية المزيفة المدفوعة بواسطة الإدارة، ويتعاون بالتطوع من تلقاء نفسه كمر شح للانتخابات الرئاسية الملفقة في أبر يل 2004 ، لكي يعطيهم مظهرا خارجيا للديموقراطية الشرعية.ومنذ ذلك الحين، فإن إن الذين ورثوا تركة الفيس والتي من حزبه فريسة للخلافات الداخلية ، ومخترق بدون أدني شك من قبل DRS .

إن الذين ورثوا تركة الفيسوالتي من .الواضح أنها واسعة النطاق اجتماعيا وسياسيا في الدوائر الانتخابية
إذ حرصت الفيس علي بنائها وتنميتها في أوائل التسعينيات ما زالوا العنصر الأهم والذي يمكن أن يكون فعالا كمعارضة للنظام.ولكن ،الفيس كحزب سياسي ،لم تعد قائمة منذ مدة طويلة.ومنذ تم حظرها وإنهائها في مارس 1992 ، وتمثيليتها لم تعد لها حاليا قواعد شرعية أو بنية متماسكة،ولو على مستوى سري ، وقد تقلصت ولم يبق منها غير زعيميها التاريخيين علي بلحاج وعباس مدني بالإضافة إلى بعض التنفيذيين المنفيين.وإنه لمن الصعوبة بمكان أن يتم تقدير جدي للمساندين لكل من الفاعلين، أو لمن يكنون عداء عميقا للقيادات العسكرية والأمنية على المستوى الشعبي العريض ،ومن الذين طال حرمانهم من امتلاك أي منظور سياسي واقعي على الرغم من الرغبة الحقيقية في المشاركة.

وبالنسبة للاتحاد الأورو بي ، فإن معايير تحد يد هوية المحاورين الإ سلاميين من ذوي المصداقية سواء في الجزائر أو المهجر هي أقرب السبل للوضعية السياسية التي هم عليها حاليا، أكثر منها تقييم حذر لمن يحوزون ثقة الجماهير. ويمكن للمرء أن يحدد ارتباط كل منهم بما يتعلق بقواعد هم ( وبالطبع درجة استقلاليتة في مواجهة النظام ). ولأن المجال لا يتسع هنا للمزيد (مما نحن في غني عنه) من التحاليل المفصلة ، فإننا سنركز باختصار على من هم من أسوء الشخصيات سمعة :

في داخل القطر :
- *علي بلحاج ( 52 )، الرجل الثاني في الفيس ، و قد أودع السجن في أسوء الظروف لمدة12 عاما بين( 1991-2003 ) وقد شحبت صورته الراديكالية خلال السنوات القليلة الأخيرة .وهو ما زال بدون شك محل ثقة
وجاذبية شعبية لدي الجمهور، و في صيانته لاستقلاليته وذاتية مواقفه في معارضة العسكر ، والذي جعله نادرا للغاية٫ وزعيم سياسي موثوق به. ومع ذلك فإن سمعته الراديكالية سوف تجعل من الصعب على الاتحاد الأوروبي أن يؤيده.إلا أنه بإمكان على بلحاج أن يكلف محاورين يمثلونه.

مدني مزراق ، رئيس الجيش الاسلامي للانقاذ AIS (وهذه صفتة فيه منذ أنشـئ في يونيو 1994 كجناح عسكري للفيس)الذى وضع حد لنشاطه في أكتوبر 1997 باعلانه هدنة من جانب واحد مع رؤساء.DRS من ذلك الحين يساند عملية الوئام المدني (سبتمبر 1999 )وفيما بعد العفو غير المشروط على الأشخاص الذين تورطوا في الحرب القذرة( فبراير 2006 )، ومصداقيته لهذا تآكلت على نحو كبير، و في و قت مبكر من عام . 1994 ربطه عدد من المراقبين الخبراء بDRS.

*رابح كبير: في وقت مبكر من عام 2000 سعى رابح كبير لعقد اتفاق مع النظام يسمح لأعضاء الفيس الذين كونوا بقياد ته "الهيئة التنفيذ ية" للفيس في الخارج والتي تعمل من إ كس-لا-شابيل (ألمانيا) يكون بموجبه
بمقدور الأعضاء العودة إلى الجزائر مع أعضاء آخرين في بلجيكا من مندوبي الفيس .وفعل ذلك رابح كبير في سبتمبر عام 2006 وعلى الفور أطلق مبادرات متعددة للإعداد لخلق "ضياء الفيس" إلا أن كبير و أصدقائه يفتقرون إلى المصداقية السياسية بسبب تعاملهم مع النظام الجزائري.

خارج الجزائر:
*عباس مدني : يعيش عباس مدني ، الزعيم رقم 1 في الفيس منذ 2003 في الدوحة (قطر) بعد 12 عاما من الاعتقال وفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله . وهو يبلغ 75 عاما من العمر ، معزول وضعيف صحيا،وهو منذ مدة طويلة لم يظهر كممثل للفيس على نطاق واسع.

** أنور هدام :باشر أنور هدام خلال الفترة من 1992 -2002العمل مندوبا برلمانيا للفيس في المنفي (مندوب البرلمانيين المنتخبين بعد تعيينه من قبل اللجنة التنفيذية الوطنية التي يرأسها محمد سعد وعبد الرزاق ردغام )،من الولايات المتحدة (حيث يعيش أنور هدام كلاجئ سياسي منذ عام 1993 ) وكان المندوب البرلماني الذي قاد مباحثات الفيس في في سانت إجيديو .وكان على طرفي نقيض مع الهيئة التنفيذية.وكان قد تواصل معه الوزير الأول الحالي بلخادم ، في أوا خر 2005 ،ومازال ، ليعود إلى الجزائر. و مع أ نه قد استحق درجة مؤكدة من الأستقلالية ، هو لايبدو له وزن كبير.

أحمد زاوي : هاجر أحمد زاوي الى نيوزيلندا منذ2002 ، و هو ما زال يأمل في الحصـول على اللجوء السياسي .و ينتمي إلى عدد صغير من زعماء الفيس المحاورين الذين يستحقون قدرا كبيرا من المصداقية السياسية.

* مراد ضينا : يقيم مراد ضينا في سويسرا منذ الثمانينيات ، و هو عضو في المكتب التنفيذي للفيس حتي عام 2004 .وقد أيد لعدة سنوات توجه إصلاحي لمستقبل الحركة الإسلامية، مع دائرة صغيرة من حلفائه، وقد قاوم كل المحاولت من قبل DRS وعلى الرغم من أ نه معزول تقريبا ، فهو ينتمي الي قالب ذلك النوع النادر من المستقلين ذاتيا ،و القادرين على تمثيل ما يصبو إليه العديد من التيارات السلمية الجزائرية ويلائم عهد سانت أجيديو.

الاستقرار السياسي المضلل
يبدو المجتمع الجزائري في هذا الحين (نهاية 2006 ) في ظل عائدات النفط والغاز الملحوظة ، وكأنه يمر بفترة من الاستقرار الاقتصادي والسياسي نسبيا .ولكنه استقرار زائف للعوامل الأربعة التالية :
الأول : ازدواجية طبيعة النظام السياسي (فخلاف الواجهة الديموقراطية المتجسدة في رئيس دولة منتخب، فإن السلطة التنفيذية الحقيقية يسيطر عليها رئيس DRS )القائمة طوال ال 25 عاما الماضية ، تفضحه علامات الإرهاق الخطيرة الباديةعلى وجهه .كما أن خطورة مرض الرئيس بوتفليقة هي جزء أساسي من ذاك النظام. و قد ساهم عدم التيقن ممن سيخلفه ، في تحريك الصـراعات بين فئات العسكريين والمدنيين المرتبطين برئيس DRS .و قد فشل الجنزالن البالغان من العمر على التوالي 67 و 68 عا ما : محمد مد ين والعربي بلخير في تيسير الانتقال السياسي في اتجاه نظام جديد بصناع قرار جدد. حيث الإفراط في تركيز السلطة يمكن أن يؤدي إلى انقسامات داخلية خطيرة على المدى المتوسط، بسبب تسابق الفصائل داخل المجلس العسكري على وراثة السلطة، وهو ما يشكل مصدرا هاما لزعزعة الاستقرار.

الثاني : إن الحالة الاجتماعية لجزء كبير من السكان تحفها مخاطر متزايدة ، حيث يعيش 25 في المائة من السكان تحت خط الفقر.كما أن الطبقة الو سطي تزداد فقرا (باستثناء المستفيدين من الحرب ) وتنتشـر أعمال شغب البؤساء ومن المحتمل أن تقود إلى ثورات اجتماعية على نطاق واسع .

الثالث :على الرغم من أن حقول الهيدروكربونات المكتشفة محروسة جيدا ، إلى درجة أن حدودها تشكل حدودا داخل البلد ، فأن أنابيب نقل البترول والغاز التي تتجه نحو سواحل المتوسط قد باتت أكثر تعرضا لمطاهر التمرد والتخريب الاجتماعي.وهوما يمكن أن يصبح تدريجيا أكثر عنفا.

الرابع :تواصل الفساد السياسي والاجتماعي ،واعتماد الاقتصـاد كلية على الهيدروكربونات هو بمثابة عقبات خطيرة أمام التنمية الاقتصادية الذاتية المتنوعة التي هي حاجة ماسة (القطاع الصناعي على سبيل المثال غير فاعل في العمق).

إن خطوط العمل الممكنة للاتحاد الأورو بي هي الإصلاح السياسي والاقتصادي في الجزائر ، بالتعهد بالعمل لضمان استقرار ديموقراطي على المدى البعيد.

إن كل ما يتضمنه ذلك هو الآتي:
1 - أن يرسل الاإتحاد الإورو بي إشارة واضحة تعرف بأن لديه استعداد تام لأن تشمل الديمقراطية الجديدة القوى الإسلامية كخيار للشركاء المحتملين. وإعطاء دعم ذي معني لكافة القوى التقدمية ( السياسية ، النقابية والتنظيمات المستقلة حقيقة من المجتمع المدني) الإسلاميين كما العلمانيين الذين اضمحلوا حاليا ولكنهم يكافحون من أحل إعادة تشكيل دولة ذات تمثيل حقيقي.
وإلى جانب الشخصيات الإسلامية المستقلة التي ذكرت في الفصـل أعلاه ، هذه القوى أساسية و تشمل جبهة القوى الاشتراكية (التي يترأسها حسين آيت أحمد )، والمدافعين عن ضرورة وجود جمعية تأسيسية ، والعصبة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنســان LADDH (ويقودها المحامي حسين زروان )، اتحادات التجار (النقابات) المسيرة ذاتيا والتي تشكلت في السنوات الخيرة (وغير معترف بها رسميا)، وبما في ذلك القطاع العام (,SNAPAP, CNAPES, CENS, NPSPالخ)والتقاء هذه القوى على الرغم من تفتته حاليا ممكن ويجب تشجيعه.
2 - المساهمة في الإعانة علي تو سيع وحماية المجال السياسي لعمل تلك القوى التقدمية وخاصة بتأمين الضمانات من الحكومة الجزائرية وإلغاء حالة الطوارئ (ما زالت سارية حاليا منذ فبراير 1992 )والاحترام الكامل للمواثيق الدولية لحقوق الانسان ولمعايير مكافحة الفساد التي وقعتها الجزائر.ويسوف يعني هذا أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء تستخدم أدوات قانونية في تصرفها لتشجيع الحكومة الجزائرية لوضع نهاية لانتهاكات حقوق الانسان ( ا ستنادا للبند 2 من اتفاق ية الشرا كة ببن الجزائر والاتحاد الأورو بي المصـادق عليها في مارس 2005 أو البند 41.1 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في عام 1966 .)والحد من الفساد الفائق الذي يعد عقبة أمام أي تنمية إقتصادية حقيقية .
مزايا اعتماد هذه السياسة وما قد يسببه من إزعاج للاتحاد الأوروبي على المدى القصير تتأتي من مقاومة شديدة مؤكدة من القابضين على السلطة الرئيسية في الجزائر والذين قد يغريهم هذا ، كنوع من أنواع الانتقام ، الي المزيد من توثيق ارتباطاتهم بالولايات المتحدة الأمريكية ، والتي تم تعهدها على مدي السنوات القليلة الماضية في الاقتصــاد(بزيادة توا جد المؤسسات النفطية الأمريكية في الجزائر)وعلى المستويات السياسية والعسكرية(بهيكلة التعاون في مكافحة الإرهاب ضمن الحرب على الإرهاب).ولكن الاتحاد الأوروبي يمسـك بإمكانيات اقتصـادية تعد ورقة رابحة في تعامله مع الجزائر، ومن ذلك أنه يشكل إلى حد بعيد أ كبر مشتري ومستهلك للهيدروكربونات الجزائرية (الوضعية التي يتيحها قرب جغرافي لا حيلة فيه). ولكن داخل الاتحاد الأورو بي ، فمن الممكن جدا أن توا جه هذه السياسة منازعة من قبل إيطاليا وعلى و جه الخصوص فرنسـا، فعدد من قادة الحق هؤلاء عبر الطيف السياسي يخلطون بينه وبين ارتباطاتهم السياسية والاقتصادية مع رؤساء DRS ولكن هذه الإرتباطات في الحقيقة ، تهدد الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي على نحو ما لوحظ على الصعيد الإمني (حيث اتضح عام 1995 أن الهجمات المروعة على التراب الفرنسـي والتي اتهمت فيها الجماعات السلمية المسلحة GIA هي في الحقيقة من تدبير رؤساء DRS للضغط على حكومة الوزير الأول آلن جوييه الفرنسية لإنهاء مساندته لعهد "العقد الوطني " في سانت إجيديو)
. . ولكي يمكن تفادي مخاطر عنف يزعزع استقرار الجزائر، على المدى المتوسط والبعيد، والذي يمكن أن تحدثة التيارات الإسلامية المتطرفة ، فإن هذا يتطلب من المصـالح الإقتصادية والسياسية للاتحاد الأوروبي أن تكتشف المبادرات الفورية والمؤثرة التي تساعد على بزوغ العملية الديموقراطية في الجزائر.ويجب على الاتحاد الأورو بي ، بحكمة ، ولكن بطريقة صلبه ، أن يدعم مبادرات تنتمي إلى القوى الديمقراطية الأصلية، وبخاصة تلك التي نظمت بواسطة الإسلام السياسي ،والذين هم حاليا قد أحبطوا وأضعفوا، ولو أنه يوجد بعض الشـك ، بأنهم يعكسون ،في الحقيقة ،تطلعات الغالبية العظمي من سكان الجزائر.
.