Monday, February 28, 2011

نحو نظام سياسي جديد في مصر

أثبت النظام السياسي القائم في مصر فشله وقد آن الأوان لاستبداله بنظام سياسي جديد يستجيب لا حتياجات الشعب المصري في التنمية والتقدم والحرية والكرامة وخاصة بعد ثورة الشعب المصري في 25 يناير والشروع في أعادة النظر في الدستور..وقد قال الكثيرون غيري بأن المطلوب ليس تغيير بعد مواد الدستور وإنما إنشاء دستور جديد. وعندما يطلب المجلس العسكري الحاكم ممن عينهم لتعديل الدستور أن تتم التعديلات في عشرة أيام فإن هذا يعني أنه يريد أن يظل الدستور الحالي على ماهو عليه وأن يتم فقط تعديل المواد التي سبق للرئيس المخلوع إن قام بتغييرها لصالح استمراه في الحكم مدى الحياة وكانت موضع انتقاد المعارضين له. تعديل الدستور فقط يعني استمرار النظام السياسي على حاله بينما كان هدف قومة الشعب وثورته هو أسقاط النظام وليس الحاكم فقط.

كثير ممن كانوا يدافعون عن النظام القائم وما به من مركزية مفرطة وتركيز كافة الصلاحيات في يد رئيس الدولة كانوا يدافعون عنه بحجة تافهة وهي أن النظام السياسي طوال التاريخ المصري كان مركزيا وكأن هذا قدر على مصر لايمكن الانفكاك منه حتى لو كان ضار بمصالح الشعب وبالديموقراطية كنظام يجسد ارادة الشعب..وقد سبق لي أن أوضحت بأن العالم يتجه الآن للتحول من الديموقراطية البرلمانية الى الديموقراطية التشاورية أو التشاركية التي تسمح للشعب باستمرار في المشاركة الفعالة في صنع القرارات الحيوية التي تمس مصالحه وتنظيم المواطنين والمؤسسات في شبكات أفقية لا تخضع لتتنظيم مركزي هرمي.وبررت ذلك بأن العصر الحالي التي برزت فيه الثورة الأليكترونية والمعلوماتية بالتغير السريع للتقنية العلمية ومسايرة ايقاع العصر السريع والمختلف عن السابق يحتاج أيضا لنظام يكفل القدرة على سرعة اتخاذ القرارات السريعة التي تمس المواطنين في الحاضر وتؤثر أيضا على مصالح الأجيال القادمة. وهو ما لاتحققة بكفاءة حاليا النظم الديموقراطية الحالية في العالم والتي أفرزها عصر الثورة الصناعية بينما يتطلب زمن الثورة المعلوماتية ديموقراطية جديدة متوائمة معه.أي أن هذا التحول الى الديموقراطية التشاركية فرضته ثورة المعلوميات .

ولهذا كله فإن من حق الشعب المصري بعد ثورته التي أشاد بها كل حكومات وشعوب العالم أن يحصل بعدها على أفضل نظام حكم ممكن. ويقتضي ذلك التخلص من الحكم المركزي واستبداله بحكم لا مركزي يأخذ شكل الحكم الفيدرالي الموجود حاليا في العديد من دول العالم وكانت الهند سباقة اليه منذ استقلالها عام 1945 واعتمدته ألمانيا أيضا بعد الحرب العالمية الثانية ، كما يوجد حاليا في سويسرا وأسبانيا والعديد من دول العالم . ومن أهم مزايا هذا الحكم أن يكون لكل منطقة جغرافية يمكن تسميتها بمقاطعة أو ولاية أو جهة إقتصادية برلمان وحكومة منبثقة منه تتولي رعاية كل مصالح السكان وتحسين أوضاعهم دون تدخل من الحكومة الاتحادية التي تحل محل الحكم المركزي لكنها لا تملك كل صلاحياته السابقة والتي تتولاها تلك الجهات الاقتصادية.

في هذا الشأن يمكن النظر في تقسيم الدولة المصرية الى المناطق الاقتصادية التالية:

1_ منطقة سيناء وقناة السويس وتشمل شبه جزيرة سيناء ومدن القناة الثلاث وبحيث يتم العمل على تعمير سيناء وزيادة الكثافة السكانية بها بزيادة السكان فيها بحيث لا يقل عددهم عن عشرة ملايين نسمة كحد أدني في أقرب وقت ممكن .ويقتضي ذلك إعادة توزيع الأراضي المستصلحة في سهل الطينة شمال غرب سيناء على صغار الفلاحين واستزراع سهل العريش وأودية سيناء وكذلك تحويل شرق قناة السويس الى منطقة حرة للتجارة العالمية وللصناعة المخصصة للتصدير ،وهو المشروع الذي أوقفه النظام البائد بدعوى أن الأراضي شرق القناة رخوة ولا تصلح للبناء..ويتطلب الأمر أيضا أعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد بالدخول في مفاوضات بغرض تعديلها بما يتفق مع سيادة كل الدول على أراضيها.

2- منطقة شرق الدلتا : وتشمل محافظات الشرقية والدقهلية ودمياط وتتخذ من المنصورة أو الزقازيق عاصمة لها ومن دمياط مينائها

البحري.

3- منطقة الدلتا : وتشمل محافظات القليوبية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ وتتخذ من طنطا عاصمة لها ومن مدينة رشيد ميناء لها

4- منطقة غرب الدلتا: وتشمل محافظات البحيرة ومرسى مطروح والواحات البحرية وتتخذ من الأسكندرية عاصمة لها ومن الاسكندريةومطروح موانئا لها وغربا الى الحدود مع ليبيا.

5- منطقة القاهرة الكبري وتشمل القاهرة والجيزة وبني سويف والفيوم وتتخذ من الغردقة ميناء لها

6- منطقة الصعيد الأوسط : وتشمل محافظات المنيا وأسيوط وسوهاح والواحات.وتتخذ من أسيوط عاصمة لها ومن ميناء سفاجا ميناء لها.

7- منطقة الصعيد الأعلى والنوبة : وتشمل محافظات قنا وأسوان وتمتد جنوبا حتى الحدود مع السودان وتتخذ من أسوان عاصمة لها ومن ميناء مرسى علم ميناء لها على البحر الأحمر.
ويتم استعادة ملكية كل الأراضي في مشروع مفيض توشكا وتوزيعها على صغار الفلاحين المصريين لزراعتها كما يتم مد قناة توشكا شمالا عبر الواحات الداخلة والخارجة وحتى منخفض القطارة وتوزيع كافة الأراضي على جانبي القناة على صغار الفلاحين المصريين. إن هذا لايتطلبه تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية فقط وإنما يتطلبه زيادة الانتاجية وتحقيق الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية للدولة وضمان أمنها بإعادة توزيع السكان على كامل أرض الوطن.

وتقوم كل منطقة بعمل شبكة طرق برية وسكك حديدية ونهرية إن أمكن تربط كل المناطق السكنية بها من مدن وقرى بالعاصمة والميناء البحري وتضع من السياسات التي تكفل لها تحقيق الاحتياجات الأساسية لسكانها من مأكل ومشرب وإسكان وتعليم وصحة وتحسين أحوالهم المعيشية.

وبالنسبة لقطاع غزة وعلاقته بأمن واستقرار سيناء وبمتطلبات التفاوض مع اسرائيل على تعديل اتفاقية كامب ديفيد فإنه يقترح أعادة الادارة المصرية للقطاع كما كان عليه الحال قبل عام 1967 وفتح الحدود بين القطاع وشبه جزيرة سيناء وحرية الحركة بين سيناء والفطاع للسكان دون أية عوائق ، على أن يتم أجراء استفتاء تحت إشراف الأممم المتحدة بعد ثلاث سنوات للسكان يخيرون فيه بين الانضمام الى مصر نهائيا أو الاستقلال عنها وبناء دولتهم الخاصة بهم .

ويجري انتخاب رئيس ونائب له لكل مقاطعة ممن رشحوا أنفسهم للمنصب ،وانتخابات لبرلمان المقاطعة ويقوم الرئيس المنتخب للمقاطعة بتكليف أحد أعضاء البرلمان بتشكيل حكومة تحوز ثقة البرلمان تشمل الاقتصاد والمالية والاسكان والتعليم والصحة والمواصلات والاتصالات والأمن والشئون المدنية والخدمات الاجتماعية والتجارة والزراعة والصناعة والنقل البحري والجوي ...الخ.ويلي ذلك انتخاب رئيس اتحادي من بين رؤساء المقاطعات السبع . كما يرشح برلمان كل مقاطعة عدد من أعضائه يحدده نسبة عدد السكان بالنسبة لسكان كامل الدولة لتمثيل المقاطعة في البرلمان الاتحادي والذي يقوم رئيس الدولة الاتحادي بتكليف أحد أعضائه بتشكيل حكومة تحوز ثقة البرلمان.وتقتصر مهام الحكومة الاتحادية على العلاقات الخارجية التمثيل الدبلوماسي لدى الدول الأجنبية وشئون الدفاع والصناعات العسكرية والبحث العلمي والبنك المركزي وما يسنده الدستور اليها.

ما سبق هو مجرد اقتراحات للتشاور حولها والاستنارة بها عند إنشاء دستور جديد للبلاد.أرجو أن تكون موضع اهتمام كل من يهمهم أمر مستقبل مصر وشعبها .

فوزي منصور