Thursday, March 27, 2008

التراحم

الأسرة والحياة الزوجية :

التراحــــــــم

التراحم في الحياة الزوجية :

التراحم هو تبادل المرحمة بين أفراد الأسرة وبين أفراد المجتمع الإنساني. بحيث يرحم كل منهما الأخر فيحنو عليه ، ويحسن إليه ، ولا يقسو عليه في معاملته له.ويقول معتز الخطيب :

"التراحم" وجود أبعاد غير مادية في العلاقات بين الأفراد، أي أن علاقات البشر ذات طبيعة إنسانية لا تتأسس على المنفعة الشخصية وحدها، ومن ثم فهي ليست علاقات عقلانية مجردة، أو تعاقدية نفعية محضة، بل هي علاقات عضوية مركبة، والتراحم مبدأ ينظم مجموعة من المفاهيم الأخلاقية كالترابط والتعاون والإيثار"...ويرى الدكتور "عبد الوهاب المسيري" أن مفهومي "التعاقد" و"التراحم" معيار للتمييز بين المجتمعات الحداثية والمجتمعات التي تتسم بدرجة عالية من الإيمانية والإنسانية، وأن التمييز بينهما الذي صاغه المفكر الألماني تونيز ثم طوره ماكس فيبر تمييز دال في فهم المنطق الاجتماعي للأمة الإسلامية والأمم الأخرى -خاصة الأفريقية والشرق آسيوية- التي لا تعتبر التعاقدية أساس الجماعية وتنزل الروابط الأسرية والقبيلة والدين منزلة مهمة، بغض النظر عن نمط الإنتاج الاقتصادي الذي تتبناه. "

.والرحمة صفة من صفات الله غز وجل الذي وسعت رحمته كل شيء.قال تعالى:" ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ" . ومنها إسماه : الرحمن والرحيم .وقال تعالى في وصف النبي والمسلمين : "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ " (الفتح: 48/29).وقال تعالي في سورة البلد : "وَما أَدْراكَ ما الْعَقَبَةُ ، فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ، يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ ، أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ، ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ،أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ . وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ . عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ " (البلد: 12-20)..وفي حديث لعبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".وقال رسول الله أيضا :"من لا يرحم لا يرحم".وروي عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم :"إن رحمة ربنا وزعها مائة جزء نزل جزء واحدا في هذه الدنيا به يتراحم الناس وتتراحم البهائم وتتراحم الطيور". وفي رواية لأبي هريرة : "فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية ان تصيبه".

والرحمة لا تكون بين الناس بعضهم بعضا فقط بل تمتد في ديننا لتكون أيضا بين المسلمين الكائنات الأخرى أيضا حيث يخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم عن رجل اشتد عليه العطش وهو يمشي في طريق وعرة فوجد بئرا.

فنزل فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث من شدة العطش يأكل الثري من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم امسكه بفيه حتى رقي فسقي الكلب فشكر الله له فغفر له . فتعجب الصحابة من ذلك فسألوا يا رسول الله وان لنا في البهائم لأجرا؟ فقال:"في كل كبد رطبة أجر" وفي ذلك حديث رسول الله : " دخلت امرأة النار في قطة حبستها فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من حشاش الأرض".

وفي حديث قدسي نجد أن الله اشتق اسم الرحم من اسمه، ووعد بصلة من يصلها وقطع من قطعها.ولذلك تعتبر صلة الرحم تأخذ موقعا متقدما في التراحم الذي يدعو إليه الإسلام . وهي بمثابة إشاعة الرحمة في المجتمع انطلاقا من الأسرة والحياة الزوجية . فمن آيات الله وأنعامه على خلقه أن خلق الزوجين ، الذكر والأنثى ، وجعل بينهما مودة ورحمة ."وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".

والعلاقة الزوجية التي تخلوا من المودة والرحمة هي علاقة مناقضة للفطرة، ومخالفة لما قضي به الله وقدره على عباده. ولا ينتج عن غياب المودة والرحمة بين الأزواج في بيت الزوجية سوى تعاستهما معا. وفي ذات الوقت ، تعد متعدية لحدود الله . إذ طالما أن الزواج تم على كتاب الله وسنة رسوله فإنه يكتسب مشروعيته الدينية مادام ملتزما بما أمر به الله وسنه وأوصي به رسوله ، فإن خالف الزوجان ما أمر به الله ورسوله فإن زواجهما تعد مشروعيته الدينية محل تساؤل. قال تعالي :" وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" [الرعد:25]. وقوله " الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون". وقوله : " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب".وهو ما يتطلب استعادة الشرعية بأسرع ما يمكن بإعادة المودة والرحمة إلى العلاقة الزوجية . ويجب على كل من الزوجين أن يبذلا ما وسعهما من جهد لتحقيق ذلك والمحافظة على التراحم بينهما.ولا يجب على أحدهما أن يحجم عن فعل ذلك بدعوى أن الآخر هو الذي يتحمل المسؤولية. قال تعالي" هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا" ولا يتحقق السكن إلا بين متحابين متراحمين.

وإذ يدعو الإسلام إلى التراحم فإن التراحم يعد من مقاصد الشريعة الإسلامية التي غفل عنه الأصوليون عندما حددوها بخمس ليس منها التراحم . فال صلي الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراجمهم كمثل الجسد الواحد ، إن اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمى".

الرحم هو رحم المرأة – الذي تتربى فيه النطفة وتخرج منه بشرا سويا – وقد أطلق على القريب ( رحم ) وعلى الأقرباء ( أرحام ) لأن الأقرباء مشتركون في الخروج من رحم واحدة. .ولذا فإن الحياة الزوجية ولما ينشأ عنها من نسل هي المنشئة للعلاقات الاجتماعية المعروفة في ديننا الإسلامي بصلة الرحم أو وصل ذوي الرحم . ومن هنا تظهر العلاقة الوثيقة بين الزواج وصلة الرحم . ويمكن القول بأن صلة أو صلاة الرحم هي صلاة دماء متحولة متعددة الصور في تحولها تجري في عروق أجسام بشرية عديدة . فالنطفة التي يلقي بها الزوج في رحم زوجته ويتكون منها بقدرة الله تعالي جنينا حيا ، هي دماء متحولة إلي مني. والمني سواء أتم عملية التخصيب أم لم يتمها تمتصه جدران رحم الزوجة ويسرى في دمها حتى أن الزوج بإمكانه أن يشم رائحة المني في فم زوجته قبل مرور ساعة على انتهاء الجماع والقذف. والجنين الذي تلده الأم يتغذي من دمها وعندما تلده وترضعه من لبانها فإن اللبن هو دم متحول . وقد تكون الإفرازات التي تبلل المهبل لإعداده للجماع أو لتيسير انزلاق عضو التناسل الذكري بداخله وتبلل ذلك العضو خلال الجماع – وهي أيضا دماء متحولة – تتشربها أيضا بشرة عضو الرجل وتنساب إلى دمه ولو أن ذلك لا يوجد دليل عليه يؤكده حتى الآن. هذه الدماء المتحولة بالإضافة إلى الرحم ذاته ، ودور الرحم في استمرارية الجنس البشرى ، كلها تعد من آيات الله سبحانه وتعالي المرتبطة بالرحم . ويعد النظر إلى الأرحام بالتقدير والاحترام إلى حد يقترب من الدعوة إلي تقديسها في كتاب الله كما سنرى هو تقدير واحترام وتقديس لآية عظمي من آيات الله . ولذا اعتبر حفظ وصيانة صلة الرحم وكل ما يعبر عن التقدير والاحترام له والاهتمام من قبيل التعبد لله سبحانه وتعالي ودليل على التقوى والصلاح. وكل ما فيه إساءة للرحم أو تدنيس له مثل حالة الزنا يعد من كبائر الذنوب والمعاصي. عن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم" متفق عليه. وهذا يدل على فضل صلة الرحم وسمو مكانته حيث جمعه الرسول صلى الله عليه وسلم مع إخلاص العبادة لله والصلاة والزكاة. وروي عنه أيضا قوله : " يقول رسول الله ص) : ( أوصي الشاهد من أمتي والغائب منهم ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم لقيامة أن يصل الرحم وان كانت منه على مسيرة سنة ، فان ذلك من الدين.

قيم التراحم :

يشتمل التراحم على قيم إسلامية كثيرة مثل البر والمحبة والتعاطف والتكافل والتعاون . ومن أبرز القيم المعبرة عنه : البر. وأولي الناس بالبر هم الوالدان. وهو أسمى أنواع البر و في برهما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بروا آباؤكم يبركم أبناؤكم".وقال الله تعالي على لسان عيسى بن مريم عليه السلام : "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً" ووصف الله يحيي عليه السلام فقال : وبرا بوالديه ولم يكن جباراً عصيا ". ثم يأتي بعد بر الوالدين بر ذوي الأرحام وذوي القربي والفقراء والمساكين.قال تعالي :" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم أللآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتي الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس. أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون"(البقرة 177) وقد سبق تفصيل دلك في حقوق الأسرة.

ويقول الدكتور صبري عبد الرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر : أنه لابد من أن يكون التراحم والبر سائداً في المجتمع الإسلامي وأكثر الناس حرصا علي وجود البر بين الناس هي المرأة لأنها هي في الأساس التي تربي وتعلم وتحث الصغير علي البر والمعروف وهي تربي في أبنائها توطيد صلة الأرحام ليسود في الأسرة المحبة والعطف والمودة. وهناك بر آخر وهو بر الإنسان بأسرته وبر المسلم بأخيه المسلم.. ونري دائماً النساء تسعي إلي تقديم المعروف والحسنة والبر إلي الأقارب باعتبار أن زوجها مشغول دائما في عمله إذا كانت زوجة صالحة.. ولهذا قال صلي الله عليه وسلم "الراحمون يرحمهم الرحمن".

صلة الرحم في الكتاب والسنة:

قال الله تعالي".يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً."(النساء 1) . وقال سبحانه في التقوى::" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"وقال أيضا:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً". وقال سبحانه وتعالى أيضا: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"( التوبة 119).وقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً"

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله، ثم صلة الرحم".

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم."

وقال عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : أنا الرحمن خَلَقْتُ الرَّحم ، وشققت لها من اسمي اسماً ؛ فمن وَصَلَهَا وصَلْتُه ، ومن قَطَعها بَـتَـتُّـه .".وقال صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه.

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم ... قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : ألا ترضين أن أصِل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يا رب . قال : فذاك . قال أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) .

وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما من ذنب أجدر أن يُعَجِّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدَّخَر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه . وقال صلى الله عليه وسلم : "من أحب أن يبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه". (البخاري).

ونقلت كتب الأحاديث عن رجل من خثعم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نَفَرٍ من أصحابه ، فقلت : أنت الذي تزعم أنك رسول الله ؟ قال : نعم . قال : قلت : يا رسول الله ! أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : الإيمان بالله . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم صلة الرحم . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . قال : قلت : يا رسول الله ! أي الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال : الإشراك بالله . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم قطيعة الرحم قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف . رواه أبو يعلى . وقال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح غير نافع بن خالد الطاحي وهو ثقة . و جاء في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة بن عامر : يا عقبة بن عامر صِلْ من قَطَعَك ، وأعْطِ مَن حَرَمَك ، واعْفُ عَمَّن ظلمك .
وروى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن سَرّه أن يُبسط له في رزقه ، وأن يُنسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَه .
وفي رواية : من أحب أن يُبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَـه
قال صلى الله عليه وسلم : صِلة الرحم ، وحُسن الْخُلُق ، وحُسن الجوار ؛ يُعَمِّرْنَ الدِّيار ، ويَزِدْنَ في الأعمار . رواه الإمام أحمد وغيره

وروي أن عمر بن الخطاب قال : ليس الوَصْل (للرحم)أن تَصِل من وَصَلَك ، ذلك القصاص ، ولكن الوَصْل أن تَصِل من قَطَعَك..

وقال بن جرير الطبري في تأويل قوله تعالى : (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ) الذي رَغَّب الله في وَصْلِه ، وَذَمّ على قطعه في هذه الآية : الرَّحم . وقد بَيَّن ذلك في كتابه فقال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) ، وإنما عَنَى بالرَّحم أهل الرجل الذين جمعتهم وإياه رَحِم والدةٍ واحدة ، وقَطْعُ ذلك : ُلْمه في ترك أداء ما ألْزَم الله من حقوقها ، وأوجب من بِرِّها ، وَوَصْلُها أداء الواجب لها إليها من حقوق الله التي أوجب لها ، والتعطّف عليها بما يَحِقّ التعطف به عليها .

قال القرطبي: الرحم على وجهين: عامة، وخاصة، فالعامة رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة وترك مضارتهم والعدل بينهم، والنّصفة في معاملتهم والقيام بحقوقهم الواجبة، كتمريض المرضى وحقوق الموتى من غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم، وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم. وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة، كالنفقة وتفقد أحوالهم، وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب.

وقال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى.

قال البيهقي : قال الله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) فَجَعَلَ قَطْعَ الأرحام من الإفساد في الأرض ، ثم أتبع ذلك الإخبار بأن ذلك مِنْ فِعْل مَن حَقَّتْ عليه لعنته ، فَسَلَبَه الانتفاع بسمعه وبصره ، فهو يَسمع دعوة الله ، ويُبصر آياته وبيناته ، فلا يُجيب الدعوة ، ولا ينقاد للحق ، كأنه لم يسمع النداء ، ولم يقع له من الله البيان ، وَجَعَلَه كالبهيمة أو أسوء حالا منها ، فقال : "أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ." ، وقال في الواصل والقاطع : (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ.وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) فَقَرَنَ وَصْلَ الرَّحم وهو الذي أمر الله به أن يُوصَل بخشيته ، والخوف من حسابه ، والصبر عن محارمه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة لوجهه ، وَجَعَلَ ذلك كله من فعل أولي الألباب ، ثم وَعَدَ به الجنة ، وزيارة الملائكة إياهم فيها ، وتسليمهم عليه ، ومدحهم له ، وَقَرَنَ قطيعة الرحم بِنَقْضِ عهد الله ، والإفساد في الأرض ، ثم أخبر أن لهم عند الله اللعنة ، وسوء المنقلب ، فَثَبَتَ بالآيتين ما في صلة الرحم من الفضل ، وفي قطعها من الوزر والإثم .

كثير ممن كتبوا عن صلة الرحم لم يفتهم الاستشهاد بقوله تعالي:" وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ " منزوعة من سياقها، ولكنهم لم يكلفوا أنفسهم الوقوف عندها ، وتأملها ، وكيف أن الإنسان المسلم يسأل عن تقوى الله وعن اتقاء قطع الصلة بالأرحام معا . فالواو هنا واو عطف وقد تعني واو العطف المعية وتعني الترتيب بمعني ثم ، والتخصيص بمعني لاسيما ، وقد تستخدم لغير العطف في حالات مثل القسم و التنبيه ولها في اللغة وفي القرآن خاصة استعمالات شتي. وفد قرئت الأرحام في الآية منصوبة على أساس أنها مفعول به لفعل الأمر اتقوا وقرئت مجرورة علي أساس أن الأرحام مجرورة بحرف جرّ تقديره الباء--أي يصير تقدير الجملة " اتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام . عطفـاً بـالأرحام علـى الهاء التـي فـي قوله «به»وقد قيل في الاعتراض على ذلك أنه غير فصيح من الكلام عند العرب لأنها لا تنسق بظاهر علـى مكنـي فـي الـخفض إلا فـي ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر؛ وأما الكلام فلا شيء يضطرّ الـمتكلـم إلـى اختـيار الـمكروه من الـمنطق والرديء فـي الإعراب منه.وبالتالي ينزه كلام الله سبحانه وتعالي عن ذلك. ودفعت هذه القراءة الأخيرة والمشكوك في صحتها الي تأويل لفظ :" تساءلون به" ففهموه بمعني الاستحلاف أو الاستعطاف به عند مخاطبة الناس بعضهم بعضا كقولهم : بالله عليك أن تفعل كذا أو تعطيني كذا. ولم يفهموه بمعني المساءلة والمحاسبة .

والقراءة الأولي هي التي تتفق مع التوجه القرآني في وصل الرحم . و قرأها كذلك ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والنخعي، ويحيى بن وثاب، والأعمش، وأبو رزين، وحمزة. قرن الله عز وجل صلة الرحم باسمه الجليل دلالة على خطورة وأهمية صلة الرحم، كما في قوله تعالى:" لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" [البقرة:83]؛ لأن الوالدين أقرب الرحم، وقال تعالى:" وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ" [النساء:36]، وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني، قطعه الله)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع -يعني: قاطع رحم-). وقال أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها وقد سقت أحاديثا كثيرة في الترغيب بصلة الرحم، والترهيب من قطيعتها. وهنا إما أن واو العطف قد استعملت للدلالة علي أن اتقاء قطع الرحم في منزلة تقوي الله أم جاءت للترتيب بمعني " ثم " بحيث تأتي في التقوي بعد تقوى الله سبحانه وتعالي أو بمعني"لاسيما" للتخصيص ،أي ذكر الخاص بعد العام . بحيث تكون من تقوي الله.ومن ذلك قوله تعالي : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطي".

أما عن السياق فالآية جاءت في بداية سورة للنساء لما اختصتهم بالكثير من الأيات والاحكام المتعلقة بهن. وفي سياق يختص بالرحم : " اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء"أي بث من رحم زوجها رجالا كثيرا ونساء وتكون الرحم آية كبري من أيات الله التي تستوجب تقوي الله فيها مثل تقواه في كل شيء أو في مقدمة تقواه في كل شيء.مثلما سبق ايضاحه. وهناك ملآحظة أخري ربما لم يتنبه أو يتفكر فيها أحــــد من قبل وهي أن لفظ " الأرحام "في الآية لم يسبقه لفظ"صلة" ولذا فلا يمكن تأويلها بأن المقصود هو صلة الأرحام فقط . وإنما يكون المقصود هو الأرحام بالمطلق وكل ما يتعلق بها. وتكون أيضا بمثابة اتقوا الله في النساء وفيما أنتجته أرحامهن وكل ما نتج عن علاقتكم بها من صلات .

الصلاة الوسطي

قال الله سبحانه وتعالي في سورة البقرة :" حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وقوموا لله قانتين" (الآية238) بمعني حافظوا علي الصلوات وخاصة الصلاة الوسطي . وقد اختلف المفسرون في تحديد هذه الصلاة الوسطي التي خصها الله تعالي بالفضل في هذه الآية فمنهم من قال هي صلاة الفجر ومنهم من قال إنها صلاة العصر . واختلاف المفسرين يعني أن تحديدهم لها غلب عليه الظن ولايستند الي الكتاب أو السنة والا مااختلفوا في أمرها. واختلافهم أيضا يعني أن واحدا منهم قد أصاب فيما ظنه والباقي أخطأ وإما أن كلهم قد أخطأ فيما ذهب اليهم ظنه. الاحتمال الأخير بأنهم جميعا قد أخطأوا يأتي في حالة ماإذا كانت الصلوات المذكورة وبالتالي الصلاة الوسطي منها ليست من جنس الصلوات الخمس المفروضة والتي انصرف اليها ذهنهم. فهل توجد صلوات أخري غير تلك المفروضة؟ وبمعني آخر: هل يحتمل لفظ : " الصلاة" في اللغة والدين معاني أخري غير معنى الصلاة المفروضة؟.

في اللغة سنجد أن الصلة والصلاة والوصل والاتصال والتواصل جميعها ألفاظ تنتمي الى جذر لغوي واحد ولها معاني متشابهة تكاد أن تكون واحدة حيث يمكن اعتبار فعل واحد يتضمن كل هذه المعاني حتي لو تم وصفه بلفظ واحد منها . والصلاة من بينها هي الصلة الأوثق والأشد والجامعة والتي ترفع الصلة الي مستوى العبادة أو تجعلها في عداد العبادة خاصة وهي اسم للصلاة المفروضة. والصلاة لغة تأخذ معاني الدعاء والتوسل والرجاء والصلاة المفروضة التي يقاس عليها فيها دعاء لله وتقرب اليه زلفي ورجاء فيه وفي رحمته وهداه وذكر أيضا لله بما يتلي فيها من آيات الذكر الحكيم وتسبيح بحمده .

والعبادات كلها ذات طبيعة روحية وتصل العبد بربه ومعبوده وهي بمثابة صلاة تطهر نفس العابد وتزكيها وتنهيها عن الفحشاء والمنكر . واذا لم تكن العبادة خالصة لوجه الله فقدت روحانيتها وفاعليتها فلا تتزكى بها النفس وتأتي الفحشاء والمنكر سرا أوجهارا لايردعها رادع أو يمنعها حياء من الله أو الناس. وقد سميت الصدقات المفروضة زكاة لأنها تزكي المال والنفس معا واذ تدفع للفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين وفي سبيل الله في تصل كل المنتفعين بها ومع صفتها التعبدية أيضا تكون بمثابة صلاة مكملة للصلاة المفروضة أو في حكمها . وفي اللعة أيضا يعبر عن العطاء بلفظ :" الصلة " فيقال أرسل اليه صلة أووصله بقدر كذا من المال.

أما في الدين فأول مايلفت النظر هو قوله تعالي : " إن الله وملائكته يصلون علي النبي ، ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" فالصلاة علي النبي من قبل الله وملائكته والذي بأمر بها الله سبحانه الذين آمنوا ليست من جنس الصلاة المفروضة وليس فيها ركوع وسجود وهذا أكبر دليل علي أن لفظ الصلاة له دلالات متعددة ولاينحصر في الصلاة المفروضة وحدها.

نجد أيضا في القرآن الكريم ورود لفظ الصلاة بغير معني الصلوات الخمس في الآية99 من سورة التوبة حيث يقول المولي عزوجل فيها :" ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الاخر ويتخذ ماينفق قربات عند الله ، وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم، سيدخلهم الله في رحمته، إن الله غفور رحيم". فصلوات الرسول هنا لايمكن أن تكون صلوات الرسول المفروضة أو التي يتنفل بها من جنسها ، بل إن المقصود هنا هي صلواتهم للرسول التي هي قربة لله منهم والتي تعني مايقدمونه له حبا في الله وفي رسوله من صدقات تصلهم به روحيا وتم التعبير عنها هنا بالصلوات.

مماسبق يتطلب الآمر للتعرف علي الصلوات المقصودة في الآية238 من سورة البقرة ومعرفة بالتالي ماهي الصلاة الوسطي فيها أن نستجمع في أذهاننا جميع معاني الصلاة في اللغة وفي الدين وفي استعمال القرآن الكريم لها علي وجه الخصوص. وأكثر مايرشدنا الي المعني المقصود في الآية سالفة الذكر هو السياق الذي جاءت فيه فإن كان سياق لاعلاقة له بالصلوات الخمس وانما بأمور أخرى وجب اعتبار أن الصلوات المذكورة تنتمي الي نفس الحقل التداولي للسياق.

إذا رجعنا إلى السياق الذي وردت فيه الآية الكريمة سنجده منبت الصلة بالصلوات الخمس المفروضة ولاتعد الآية متوافقة مع سياقها إذا تم تفسيرها علي نحو مادرج عليه المفسرونوبالتالي فا الصلاة الوسطى المفصودة لايمكن أن تكون صلاة الفجر أو العصر أوأي صلاة من الصلوات الخمس وانما هي شيئ آخر له علاقة بالسياق الذي وردت فيه. ويمكن أن يدلنا أيضا فهمنا للوحدة البنائية لسورة البقرة علي ذلك من قبيل الاطمئنان الي صحة ما قد نتوصل اليه.

لقد جاءت الآية الكريمة في سياق ضبط العلاقات الانسانية وخاصة الزواج والطلاق وأحكامهما والزواج ينشئ العلاقات العائلية ويوثقها والطلاق قد يؤثر عليها سلبا وهذا التأثير السلبي له يجب أن يكون له حد لايتعداه ، ففي الطلاق ينفصل الرجل عن زوجته عندما تستحيل العشرة بينهما ولكن إذا كان لهما أولاد فسيظل هؤلاء الاولاد مرتبطون بصلة الدم والرحم والقرابة بعائلتي الأب والأم حيث لهم فيهما أخوال وخالات وأعمام وعمات وأبناء وبنات ؛خوال وأعمام وجميعها صلة رحم ومرتبطة برحم الآم الذي يعتبر الحلقة الوسيطة فيها

وقد تكون الزوجة المطلقة ابنة عم أو ابنة خال الزوج ومعني أن ينسحب طلاقه لها علي علاقته بأهلها سلبا وهي علاقة سابقة علي زةاجه بها لايعني سوي قطع ما أمر به الله أن يوصل. لذا وجب المحافظة في حالات الطلاق علي العلاقات العائلية السابقة عليه أو الناشئة عن الزواج والتي لاتزول بانقطاع حبله وأهم هذه العلاقات مايتصل بالارحام ومااصطلح عليه بصلة الرحم واذا كانت صلة الرحم تبعا لذلك هي المقصودة بالصلاة الوسطي فإنه يجوز تبعا لذلك أن نطلق عليها اسم الصلاة الوسطى أيضا.

اذا استعرضنا السياق الذي جاءت فيه آية المحافظة علي الصلوات سنجده في الواقع يبدأ من الآية 213 التي يقول فيها الله سبحانه وتعالي: " كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين..." أي بوحدة الانسانية والوحدة البنائية لسورة البقرة وهي أكبر سورة في القرآن تدور حول هذا المعني وحول العلاقات الانسانية كما يجب أن تكون وماقد بصيبها من خلل وفساد يجب تجنبه. وإن ضربنا صفحا عن هذا الاطار العام للسورة وركزنا علي العالاقات العائلية المترتبة على الزواج والمتأثرةبه وبكل مايمكن أن يطرأ عليه من خلل كما في حالة انفصام عراه بالطلاق ، يمكن القول بأن ذلك السياق المتصل يبدأ من قوله تعالي في الآية 221من سورة البقرة :" ولاتنكحوا المشركات حتي يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولوأعجبتكم ولاتنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولوأعجبكم ، أولئك يدعون الي النار والله يدعو الي الجنة والمغفرة باذنه..." وتأتي الاية التالية:" ويسألونك عن المحيض..." وتليها الآية الكريمة :" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنا شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين" وتتوالي الايات واحدة تلو الأخري لاتخرج عن سياق العلاقات الزوجية ويبدأ الحديث عن الطلاق وأحكامه ومايترتب عليه ابتداء من الآية 226 التي يقول فيها المولي :" للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوافإن الله غفور رحيم " تتبعها الاية227 : " وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" وتتوالي بعدها الآيات مبينة أحكامه حتي الآية 237 التي يقول فيها الله سبحانه وتعالي :" وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف مافرضتم إلا أن يعفوا الذي بيده عقدة النكاح وإن تعفوا أقرب للتقوي ولاتنسوا الفضل بينكم ، إن الله بما تعملون بصير." وعلى إثر هذه الاية مباشرة تأتي آية المحافظة علي الصلوات والصلاة الوسطي رقم 238 بما يعني المحافظة علي الصلوات أو الصلات التي قد يضر بها وقوع الطلاق. بعد أن أمرنا في الاية السابقة عليها بألا ننس الفضل بيننابسبب ماقد ينشأ عن الطلاق من خلافات وغضب وألم وتغير في النفوس وانزعاجها ، وهو مايتطلب من االمؤمنين التغلب علي هذه المشاعر النفسية الطارئة والعارضة لدي عائلتي المطلقين وحيث تعتبر كل عائلة أن ابنها أوبنتها قد ظلمه وأضر به زوجه وتنحاز كل أسرة لمن ينتمي اليها ، لذا تأتي الآية 238 لتعالج الأمر ونطالب الطرفين بألا يسمحوا لهذه المشاعر النفسية بأن تقطع مابينهما من صلاة وخاصة صلة الرحم و بما يجعل المعني متصلا وغير منفطع مع ماجاء في الآية السابقة عليها.

وبعد الآية 238 نجد أن السياق الذي جاءت ضمنه مازال متصلا حتى الآيتين 241و242 والتي يقول فيهما الله سبحانه وتعالي : " وللمطلقات متاع بالمعروف ، حقا علي المتقين ، وكذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون" أن نحكم عقولنا التي تقودنا الي العدل والاعدال والاحسان واطاعة الله فيما بينته لنا آياته من أحكام منظمة للعلاقات في مختلف أحوالها وألا نتبع هوي النفس ومايغري به من مظالم بدافع من الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام ولكأن الزواج الذي انفصمت عراه كان معركة ولم يكن اطارا للمودة والرحمة فلما غابت كل منهما عنه تحتم فك الارتباط بالمعروف ودون نسيان الفضل ففي جميع الأحوال كان لعائلة العروس التي جهزتها فضل وكان للزوجة وهي تقوم بواجباتها الزوجية فضل وكان للزوج المطلق أيضا فضل وتذكر هذه الأفضال وعدم التنكر لها مثلما طلبت منا الآية 237 هو الذي يجعل بمقدورنا المحافظة علي الصلوات والصلاة الوسطي التي هي صلاة الرحم كما أمرنا بذلك في الآية238 . ثم تنتقل بعد ذلك آيات السورة الي سياق آخر مختلف وان ظل ضمن مايمكن تسميته بالوحدة البنائية لسورة البقرة.

إن الاحتجاج بأن السلف لم يقولوا بمثل ذلك علي مدى أربعة عشر قرنا هو احتجاج أقل مايوصف به بأنه سخيف. فالله سبحانه وتعالي لم يطلب منا أن نأخذ ديننا من السلف وهم بشر مثلنا، مهما بلغت شهرتهم في زمانهم أو شهد لهم بسعة العلم ممن اتبعهم أو أخذ عنهم علمه، وانما طالبنا باتباع الله ورسوله وحدهما ، وأن نتأمل ونتفكر في آياته ونهتدي بهديها وأن نأخذ ماآتانا به الرسول وفيه حياة لنا. بل لعل هذا يقدم الدليل علي أن من يوصفون بالسلف الصالح لايصلحون لآن يكونوا، مهما علا كعبهم المصدر الوحيد للمعرفة الدينية ، حتي يقبل ماقالوا به، دون تمحيص له، وينبذ مالم يقولوا به وأن قويت حجته ولم يتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله ولامعالعقل والمنطق أو المتفق عليه من مقاصد الشريعة أو حتي مااقترح اضافته اليها من مقاصد هي: المحافظة علي الأمانة و العدل والاحسان والتراحم والكرامة الانسانية ووحدة الآمة والامامة. حيث ربها واحد وإمامها النبي صلى الله عليه وسلبم ولاإمام لها سواه.

أما تفسير الآية حسب السياق الواردة فيه فهو أمر متفق عليه من أكبر علماء الدين وليس بدعة مستحدثة. وهل يقبل مثلا من كاتب أوباحث يكتب في موضوع معين أن يقحم علي كتابته جملة أو عبارة لاعلاقة لما كتبه قبلها وبعدها بها؟ ..وألا يعد ذلك خطأ فادحا وعيبا في كتابته إن حدث؟ ..فكيف نتوقع من كتاب أحكمت أياته ومنزل من لدن عليم خبير ومعجزة في بيانه أن يكون فيه مانعتبره خطأ . تعالي الله عما يصفون. لايوجد أي قطع في السياق الذي وردت فيه الاية الكريمة وانما هي منسجمة تماما معه ووردت في موقعها تماما ضمنه.

ولعل ماجعل الآمر يلتبس علي المفسرين القدامي ومن تبعهم حتي اليوم هوسوء فهمهم للآية 239 من نفس السورة والتالية مباشرة لآية المحافظة علي الصلوات والتي يقول فيها الله تعالي: " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ، فاذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم مالم تكونوا تعلمون"

وهي في حقيقة أمرها تؤكد ماسبقها ولكنها تعالج حالة أن يمنع الخوف لأي سبب من المحافظة علي علاقات القربي وصلة الرحم . وهو هنا لايجعل التعلل بالخوف لقطع العلاقات وصلة الرحم عذرا مقبولا وانما يمكن للرجل أو المرأة أن يصلا أرحامهما ولو بالمرور عليهما راجلين أو ممتطين ظهور دوابهم دون النزول من عليها . هذا في حالة الخوف علي النفس من أي سبب فاذا انتهي الخوف وجب أن يتم الوصل أو صلاة الرحم في غير عجالة لكي تحقق الغرض منها في نشر المحبة وتمتين الروابط العائلية علي الوجه الأكمل. لاعلاقة للآية اذن بأداء الصلوات المفروضة أثناء المعارك أو في اتتظارها وخوفا من أن ينتهز العدو انشغال المسلمين بها فيهاجمهم وهم ركع أوسجود . اذ أن هذه الحالة قد تناولتها وعالجتها آيات أخر ي في كتاب الله ولاحاجة هنا لتكرارها.

ولايعني تفسير الصلاة الوسطي بصلة أو صلاة الرحم أي اخلال بضرورة المحافظة علي أداء الصلوات الخمس المفروضه في مواقيتها ففي القرآن الكريم آيات تحث علي ذلك وفي أحاديث الرسول كذلك . أي أن هذا الآمر تمت تغطيته بمايكفي.

كما أن الصلوات المذكورة تشمل نطاقا واسعا من العلاقات الانسانية ، فهي تتضمن صلات القربي وصلات مترتبة على وحدةالدين حيث المسلم أخ المسلم لايظلمه ولايسلمه ولايستحل ماله أو عرضه .وهناك صلات مترتبة علي الجيرة، والتي يمكن التعبير عنها بالمواطنه وفق لغة العصر، وهذه لاتتأثر باختلاف الدين أو العرق أو اللون أو بوجود قرابة أوانعدامها وانما يكفي فيها تحقق الجيرة وسواء كانت قريبة أو بعيدة وقد قال صلي الله عليه وسلم : مازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه".

ثم الصلاة العظمي وهي صلاة الرحم التي تتوسط علاقات القربي والمصاهرة حيث تتقاطع كل هذه العلاقات مع رحم الأم. وهذا مايجعل للمرأة فى الاسلام عامة ، والأم خاصة ، مكانة سامية. ونجد في كتاب الله وسنة رسوله وصايا بهن ، وحفظا لحقوقهن ، وإعلاء لشأنهن ومكانتهن.وتشديد على صلة الرحم ومنها قوله تعالي :" إنما يتذكر أُولو الألباب . الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " (الرعد:19-21 .).

وهذه الصلاة للرحم أو وصلهم أوجبه الإسلام لهم أحياء وأمواتا . وأعطي الأولوية في الوصل وإذ يأتي الوالدين في المقدمة على من سواهم من الأحياء كالزوجة والأولاد و الأشقاء وغيرهم فلأنهما سبب وجود الإنسان. لذا وجب تفضيلهم على الجميع وتقديم الإحسان إليهما وخصهما بالعطف والرعاية. قال الله تعالى عن لسان النبي عيسى (عليه السلام): (وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً)(مريم 32).وفي التنويه بيحيى (عليه السلام) قال تعالى: (وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصياً)(مريم 14).وقال تعالي :" وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً"(الإسراء 23و24) . وللرسول صلي الله عليه وسلم أحاديث كثيرة يحض فيهما على بر الوالدين وهما أقارب المرء من الدرجة الأولي وأقرب ذوي رحمه إليه .ومنها: قوله صلي الله عليه وسلم: (بر الوالدين واجب وان كانا مشركين). وقال (عليه السلام).وقوله: (بر الوالدين أكبر فريضة)وقوله): (بر الوالدين وصلة الرحم يزيدان في الأجل).وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا علي رضا الله كله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخطهما). إذ أن الأبناء إذا لم يبروا آباءهم لم يبرهم أبناؤهم،وانفرط عقد أسرتهم وتمزقت .وقال أيضا : " من سرّه أن يمدّ له في عمره، ويزداد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه"

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:" أقبل رجل إلى نبي الله فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله. قال: فهل والديك أحد حيّ؟ . قال: نعم، بل كلاهما. قال: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما "

وبر الأم مقدم على بر الأب . عن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك ، قال: ثم من؟ قال: أمك ، قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. وفي رواية قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك. وفي هذا عظم حق الأم على الولد حيث جعل لها ثلاث حقوق؛ و قيل أن سبب ذلك أنها صبرت على المشقة والتعب، ولاقت من الصعوبات في الحمل والوضع والفصال والرضاع والحضانة والتربية الخاصة ما لم يفعله الأب، وجعل للأب حقاً واحداً مقابل نفقته وتربيته وتعليمه .

سألت السيدة عائشة رضي الله عنها النبي :" أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فعلى الرجل! قال أمه"..

وقد ورد في التراث الإسلامي إن معاذا قال : يا رسول الله إن والدتي كان لها مما أعطى نصيب تتصدق به وتقدمه ، وما كنت إذا أعرف البركة فيما أعطى ، وأنها ماتت ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أتحب أن تأجر أمك في قبرها ، قال معاذ : نعم يا رسول الله – صلى الله عليك وسلم – قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : فانظر إلى الذي كانت أمك تعطيه في حياتها ، فتصدق به عليها ، بعد وفاتها ، وقل : اللهم تقبل من أمي أم معاذ )) فقال من حوله : يا رسول الله أهذا لمعاذ خاصة أو لجميع المسلمين ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لمعاذ وحده ولجميع المسلمين كافة ، قالوا : فمن لم يكن له منا ورق يتصدق به على أبويه يحج عنهما ؟ قال نعم إذا كان مؤمنا فيه خير ، وإذا كان عند الإحرام قال : لبيك عن فلان وفي سائر المواقف يقول : اللهم تقبل عن فلان . واقضوا عنه النذور والصيام والدين ، وحق من قضى عن رحمه إن كان مؤمنا .

ومن صلة ذوي الرحم بعد موتهما الدعاء لهما.قال صلي الله عليه وسلم : "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، وعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " ونقل أيضا أنه سأله رجل من بني سلمه : فقال: يا رسول الله، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال عليه الصلاة والسلام: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما . وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما هي : صلة الجد والجدة والعمات والخالات والأخوات والإخوة وأبناء العمات والخالات وباقي دوي القربى والأرحام.وروى البيهقي في كتاب الشهادات من سننه... عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌُُ من كن فيه حاسبه اللهُ حسابا يسيراً وأدخله الجنةَ برحمته . قالوا: ما هن يا رسول الله ؟ قال : تعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ...قال: فإذا فعلت ذلك فما لي يا رسول الله ؟ قال : أن تحاسب حسابا يسيرا ويدخلك الله الجنة برحمته . وروى عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها .

وعن أبي بردة قال: قدمت المدينة فأتاني عبد الله ابن عمر فقال: أتدري لما أتيتك؟ قال: قلت: لا. قال: سمعت رسول الله يقول: "من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده ". وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاءٌ وودّ، فأحببت أن أصل ذاك.

سأل ابن مسعود رسول الله قائلاً : أي العمل أحب إلى الله ?‏ فأجاب الرسول : "الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال : بر الوالدين قلت ثم أي : قال : الجهاد في سبيل الله ‏".

عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله قال: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث (الذي يقر الخبث في أهله)، والرجلة "

.إن كل ما سبق يوضح ليس فقط أهمية صلة الرحم في الدين الإسلامي ولكن أيضا لم تم التعبير عنها بلفظ الصلاة؟ ولم هي أيضا الصلاة الوسطي التي أمرنا الله بالمحافظة عليها ؟.

فوزي منصور

Fawzy_mansour@hotmail.com

fawzym2@gmail.com

No comments: