Thursday, March 6, 2008

تفكك الأسرة وانهيارها

اااالأسرة والحياة الزوجية:

تفكك الأسرة وانهيارها

تتفكك الأسرة وينهار بنيانها بقيام أحد الزوجين منفردا أو باتفاق الزوجين معا على فسخ عقد الزواج بواسطة الطلاق أو الخلع أو البراء. وقد تكون الأسرة مفككة رقم استمرار الزواج.أو تتفكك لأسباب وظروف خارجة عن إرادة الزوجين . وفي ذلك تقول الدكتورة ناهدة عبد الكريم الأستاذة بكلية الآداب جامعة بغداد : "

سلامة الأسرة وعافيتها احد الأدلة المهمة والقوية على عافية المجتمع ذاته. وان تفككها هو دليل على أن المجتمع معرض لمخاطر كبيرة وذلك لأن الأسرة ستفشل في أداء دورين أساسيين من أدوارها هما: التنشئة الاجتماعية السليمة والضبط الاجتماعي social control
لقد شاع في المجتمعات الغربية ما أسماه بعض العلماء الأسرة القوقعة أو
القوقعية وهي أسرة لا يقع الطلاق بين أطرافها. أي أن الزواج مستمر نظريا ألا وهي الواقع مفككة لسوء العلاقات بين إفرادها وان ظلت رابطة الزواج قائمة بينهم. والواقع إن التفكك يقع على أنواع منها ما يأخذ صورة الطلاق أو الموت أو الهجر، ومنها ما يقع بسبب الحروب والحصار الاقتصادي، والنزاعات ومثاله الأيسر الطويل، وفي حالات أخرى يلعب العقوق دوره في خلق مسافة من الخلاف بين الزوجين وبينهما وبين الأبناء." ثم تستطرد بعد ذلك قائلة : " التفكك الأسري هو ظاهرة خطيرة لكنه ليس مجرد مظهر من مظاهر التدهور ألقيمي. بل هو أيضا يشكل تعزيزا أو دفعة مضافة لذلك التدهور. أي أن ظروفا معينة كالحروب والفقر أدت إلى شيوع حالات التفكك الأسري. إلا أن هذا التفكك أدى بدوره إلى تعاظم التدهور ألقيمي فهناك تأثير وتأثر مواز له ". وتضيف : "التفكك التقليدي المعروف كالطلاق أو الترمل أو الغياب الطويل، وقد يكون بسبب التفكك غير المباشر الناجم عن الفقر والتوترات والإحباط التي توجد فيما أسماه العلماء (بالأسرة القوقعة).
او قد تكون ناجمة مما أسميته بالفصام ألقيمي. ومع ذلك فان
اختلاف هذه الإشكال من التفكك فان نتائجها متقاربة .
مما ندعو أليه هنا هو تيسير
مشاريع زواج الشباب وإيجاد مكاتب للبحث الاجتماعي الأسري تمارس نشاطها بفعالية وليس بنوع قاتل من الروتين والسطحية في محاكم الأحوال الشخصية كما وندعو إلى دراسة مشكلات الأسرة بوعي علمي وصراحة وموضوعية، والابتعاد عن الخطابات والتقديس الذي لا ضرورة له فنحن مجتمع واجه أعباء ومشكلات خطيرة انعكست على الأسرة، وحالت دون أداء الكثير من الأسر لادوار ضرورية مطلوبة منها وبالتالي لابد لنا من المواجهة ووضع الحلول، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالدراسة الموضوعية.
إذن نؤكد مرة أخرى أن
التفكك الأسري يؤدي إلى هدم القيم الايجابية وإشاعة قيم الأنانية وعدم احترام القانون والميل إلى العنف وعدم احترام الآخر كما إن هذه الحالة تؤدي بدورها إلى هدم نظام الأسرة ذاته فالعلاقة ليست من طرف مؤثر واحد بل من طرفين مؤثرين يتبادلان التأثير."

ويتسائل بسام القاضي عن مفهوم التماسك والتفكك الأسري قائلا :

أن مفهوم التفكك والتماسك هذا بحد ذاته يحتاج إلى وقفة تتجاوز الكلمات الكبيرة التي غالباً ما لا تقول شيئاً. فما هو التفكك وما هو التماسك؟ هل بقاء زوجين في بيت واحد، حين لا يحترم أحد منهما الآخر، أو حين لا يكفان عن التشاجر والصراخ، أو حين لا يلتفتان إلى أطفالهما، هو تماسك؟ وهل طلاق الأب والأم والبقاء على تواصل صحيح وهادئ وودود مع الأولاد، والتشارك في العناية بهما، وإن عن بعد من أحد الطرفين، هو تفكك؟ هل لجوء الأهل إلى الطبيب النفسي حين يلاحظان تعرض ابنهما لمشكلة ما هو تفكك؟ وهل معالجة تلك المشكلة بالتجاهل أو بالقمع هو تماسك؟ هل اقتناع الأهل وممارستهم لقناعتهم بأن سن الرشد هو السن الذي يجب على الولد (ذكرا كان أم أنثى) أن يبدأ الاعتماد على نسفه هو تفكك؟ وهل رمي الأطفال ليعملوا الأعمال الشاقة في إصلاح السيارات أو الزراعة أو البناء أو حتى التسول هو تماسك؟ هل إجبار القوانين للمرأة والرجل على ضرورة التوصل إلى تفاهم ما فيهما يخص ما بعد الحياة الزوجية من ممتلكات وحضانة وغيرها هو تفكك؟ وهل حق الطلاق التعسفي الذي ترمى المرأة فيه دون أي رأي أو حقوق هو تماسك؟ هل حق الزوج في اغتصاب زوجته هو تماسك؟ وهل حقها في رفض ذلك هو تفكك؟ هل شيوع سفاح القربى المغطى اجماعياً هو تماسك؟ وهل فضح ذلك ومحاكمة مرتكبه هو تفكك؟

وعوامل التفكك تسبق بالتأكيد الطلاق الذي يكون بمثابة نتيجة حتمية لها. وكثيرا ما يكون الطلاق المعجل غير من زواج معطل ، غابت عنه مقومات الزواج وعوامل الاستمرار . ولو افترضنا أن أحد الزوجين قد اكتشف أنه تورط في زيجة يصعب فيها التعايش مع من تزوجه فالأولي به أن يعجل بطلب الطلاق ولو في اليوم التالي لليلة الزفاف ، لأنه لو لم يفعل يمكن للزواج أن يظل قائما لسنوات طويلة ثم ينتهي بالطلاق حتما وفي ظروف أكثر تعقيدا وبخسائر أفدح كثيرا مما لو كان قد تم حسم الموقف في النهاية.

وحول التفكك الأسرى يقول الدكتور صالح ابراهيم الصنيع :

في اللغة، فك الشيء فكاً: فصل أجزاءه. ومن هنا يمكننا أن نعرف التفكك الأسري: أنه فشل واحد أو أكثر من أعضاء الأسرة في القيام بواجباته نحوها، مما يؤدي إلى ضعف العلاقات وحدوث التوترات بين أفرادها، وهذا يفضي إلى انفرط عقدها وانحلالها.

أولاً: من أهم أسباب التفكك الأسري:

من الصعوبة بمكان حصر الأسباب المؤدية لمشكلة التفكك الأسري، أولاً: لكثرتها وثانياً: لتداخل أكثر من سبب في نشأتها في كثير من الأحيان. ولكن لا بأس من ذكر أهم الأسباب، من وجهة نظر الباحث:

1- الأب الحاضر الغائب:

وهذا السبب يتمثل في رب الأسرة الذي يقضى معظم وقته خارج المنزل . . وله صور متعددة من أهمها: رجل الأعمال الغارق في عمله، بحيث يصرف معظم الوقت في متابعة تجارته ليلاً ونهاراً، في لقاءات واجتماعات وسفريات وحفلات عامة وخاصة، وبهذا لا يجد وقتاً لأسرته، فتبدأ الزوجة بالتذمر والاستياء من هذا الغياب، وتشعر بأن الزوج الذي كانت تحلم بمشاركته لها أحداث الحياة اليومية يتبخر يوماً بعد يوم، خصوصاً إذا كانت الزوجة ليس لديها عمل خارج المنزل، وقد توفر لها خدم يقومون بكل مهام ربة البيت من تنظيف وطبخ ورعاية لكل صغيرة وكبيرة داخل المنزل وما في محيطه من حديقة وغيرها.

ولذا سرعان ما تبدأ المشكلات في الظهور في هذا المنزل، فتبدأ بنقل معاناتها لأهلها وصديقاتها، وهؤلاء في الغالب يوفرون موقفاً داعماً للزوجة، ويؤكدون على حقوقها التي يجب ألا تتنازل عنها حفاظاً على شخصيتها ومكانتها في الأسرة، فينشب الخلاف والنزاع الذي يحل محل المودة والرحمة التي ربطت الزوج بزوجته في مفهوم الإسلام، وينتقل الأثر السيِّئ إلى الأولاد الذين يدفعهم هذا الخلاف إلى ترك المنزل ومشكلاته، ويندفعون إلى الشارع وما فيه من مخاطر وشرور، فيقعون صيداً سهلاً لأهل السوء الذين يأخذونهم إلى طريق الانحراف بشتى طرقه ومسالكه.

والصورة الأخرى هي للزوج الذي ينشغل عن أسرته بأصدقائه وجلساته معهم، فهو ما أن يعود من عمله حتى يتناول وجبة الغداء ثم يرتاح قليلاً، ويمضي المساء كاملاً مع الأصدقاء، ويحرم الزوجة والأولاد من الجلوس معه أو الخروج معه خارج المنزل، ويوكل هذه المهمة إلى السائق ـ إن كان عنده سائق ـ أو يدفع الزوجة لاستخدام سيارة الأجرة لقضاء احتياجات المنزل والأسرة، ويكون نتاج هذا السلوك حدوث الشقاق والخلافات بينهما، مما قد يؤدي إلى الطلاق وتفكك الأسرة وانفراط عقدها. وبهذا يحرم الأولاد من القدوة الصالحة في شخصية الأب الذي كان من الواجب أن يقدمها لأولاده من خلال سلوكه الإيجابي وقيامه بأدواره على أحسن حال، ومن هنا يبحث الأولاد عن القدوة لهم دون تمحيص، فيكون القدوة أحياناً ممن ليسوا أهلاً للقدوة، كالممثلين والممثلات والفنانين والفنانات واللاعبين واللاعبات في غالبهم.

وهذه السلوكيات نتاج طبيعي لبعد المسلمين عن تطبيق تعاليم الإسلام بشكل صحيح، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشئ الفهم الصحيح لحقوق العلاقة الزوجية ومراعاة حق الزوجة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي " وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله ". وهكذا كان تطبيق الصحابة لهذا الفهم.

ومن النماذج المشهورة المؤكدة على ذلك قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه مع صاحبه أبي الدرداء رضي الله عنه حيث جاء إلى بيته فوجد زوجته أم الدرداء بثياب غير حسنة، فسألها عن السبب فقالت: إن أبا الدرداء ليس له حاجة إلينا ـ أي أنه يقضي الليل في العبادة فلا يجد وقتاً لزوجته ـ فلما جاء أبو الدرداء ووجد سلمان فرح به، فلما تناولا العشاء وتسامرا ثم ذهب كل واحد لفراشه، نهض أبو الدرداء يريد أن يصلي فأمره سلمان أن يأوي إلى أهله فيرتاح عندهم، فلما مضى نصف الليل أيقظ سلمان أبا الدرداء فصليا ما شاء الله لهما، ثم ارتاحا حتى الصباح. وقال سلمان لأبي الدرداء: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حقه حقه، قال: صدقت ".

2- الأم الحاضرة الغائبة:

وما سبق عن ذكر الزوج يمكن أن نجد ما يقابله عند الزوجة المنصرفة عن مسؤولياتها الأسرية بشواغل مختلفة، نأخذ منها الأم المنشغلة بعملها عن أسرتها، فلا يجد الزوج من زوجته العناية بشؤونه واحتياجاته، فهو إن عاد من عمله لا يجد من يستقبله سوى الخادمة التي أعدت الطعام وهيأت المكان، بينما الزوجة تعود في نفس ميعاده، أو بعد وقت عودته، مُجْهدة متعبة تبحث عن الراحة، ولا وقت عندها للسؤال عن الزوج أو الأولاد وما يحتاجونه، فتنشأ الخلافات ويبدأ التصدع داخل هذه الأسرة.

كما أن هناك صورة أخرى للأم المنشغلة عن مسؤولياتها الأسرية بكثرة لقاءات الصديقات، والخروج المستمر إلى الأسواق لحاجة ولغير حاجة، مما يحرم الزوج والأولاد من متابعة هذه الأم وعدم قيامها بواجباتها الزوجية بالشكل المطلوب منها، والنتيجة مشابهة لما ذكر سابقاً، حيث تتكاثر الخلافات وتسوء العلاقات وينتج التفكك الأسري.

3- صراع الأدوار:

ويقصد بصراع الأدوار التنافس بين الزوج والزوجة لأخذ كل منهما مكان الآخر، وإن كان من الزوجة أظهر وأوضح خصوصاً لدى كثير من الملتحقات بأعمال خارج المنزل، حيث تسعى إلى أن تكون هي ربان سفينة الأسرة، وهذا خلاف الفطرة التي قررها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (الرجال قوامون على النسآء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أمولهم ) (النساء:34). ويترتب على هذا حصول النزاعات المتكررة على كل صغيرة وكبيرة في أمور الحياة الزوجية، مما يمهد الطريق لحصول التفكك الأسري في هذه الأسرة.

وتؤكد الدراسات النفسية الأثر السلبي لصراع الأدوار على استقرار الأسرة وقيامها بواجباتها نحو أفرادها بشكل صحيح وسليم.

4- ثورة الاتصالات الحديثة:

تعتبر وسائل الاتصال الحديثة سبباً من أسباب التفكك الأسري في المجتمعات المعاصرة، على الرغم مما يمكن أن يكون لها من إيجابيات، أهمها: تسهيل كثير من أمور الحياة وقضاء بعض أوقات الفراغ، إلا أن سلبياتها كثيرة كذلك، حيث أفرط الأفراد في التعامل معها، فبدلاً من أن يُقضى معها جزء من وقت الفراغ، أخذت كثيراً من أوقات الأفراد، مما أخل بواجباتهم الأخرى نحو أسرهم فالتلفاز يأخذ من كثير من الأفراد كل الفترة المسائية بل ويمتد مع بعضهم إلى الصباح، مما يعيق قيامهم بمسؤولياتهم الأسرية . . يضاف إلى ذلك المحتوى الهزيل بل والضار الذي يقم في البرامج خصوصاً الفضائية منها، حيث أصبحت مرتعاً لكل من هب ودب دون رقيب أو رادع أو خلق أو نظام، فأصبحت الإثارة هي الهدف والغاية لجلب أكبر عدد ممكن من المشاهدين . . والضحية هي الأسرة التي تنشب بينها الخلافات نتيجة التعلق بما يعرض، أو عدم القيام بالواجبات المطلوب من الفرد القيام بها.

والإنترنت أو شبكة المعلومات العالمية أحدث وسائل الاتصال التي دخلت على الأسرة في الفترة الأخيرة، وهي وإن كان لها إيجابيات عديدة، إلا أن سلبياتها طغت على إيجابياتها من خلال عدم حسن تعامل أفراد الأسرة مع هذه الخدمة، خصوصاً كثير من الأزواج والأبناء، حيث ظهر ما عرف بإدمان الإنترنت، حيث يقضي الكثير منهم جل وقته بعد العمل أو المدرسة أمام جهاز الحاسب مبحراً في عوالم هذه الشبكة. وفي السنوات الخمس الأخيرة قام عدد من الباحثين الأمريكيين
بدراسات على مستخدمي الإنترنت كان من أبرز نتائجها تناقص التواصل الأسري بين أفراد الأسرة، تضاؤل شعور الفرد بالمساندة الاجتماعية من جانب المقربين له، وتناقص المؤشرات الدالة على التوافق النفسي والصحة النفسية؛ وهذا نتائج يتوقع أن ينتج عنها خلافات وتفكك داخل الأسر التي تعاني من إسراف بعض أفرادها في استخدام شبكة الإنترنت.

5-الخدم:
في الأسر الميسورة تولت الخدم أدوار عديدة كان الأم والأب يقومان بها في السابق، مثل الطبخ والنظافة وتربية الأولاد بكل جوانبها، سواء الذهاب بهم للمدارس أو متابعة تحصيلهم الدراسي أو العناية بما يحتاجونه من رعاية وعطف وسهر على صحتهم، وهذا ينتج علاقة نفسية حميمة بين الأطفال ومن يقدم لهم هذه الخدمات، ولعل أوضح شاهد على ذلك ما يرى في المطارات عند سفر الخادمات من تعلق الأطفال بملابسهن عند المغادرة وبكائهم المر لفراق هؤلاء الخادمات . . وقد دلت دراسات عديدة أجريت في المجتمع الخليجي على تزايد أعداد الخادمات، وأن من صفاتهن اختلاف الديانة (نصارى بوذيون، هندوسيون ) وفي المرتبة الرابعة جاءت الديانة الإسلامية، وكذلك انخفاض مستوى التعليم، بل وكثير منهن أميات ولا يتحدثن باللغة العربية، وأخيراً معظم الخادمات صغيرات السن (في العشرينيات ).

وكان نتاج ذلك كثرة الخلافات بين الأزواج حول عمل الخدم، ثم المشكلات بين الخدم وأحد الزوجين التي تصل لحد ارتكاب عدد من الجرائم المختلفة من سرقة واعتداء، بل وصل الأمر لحد القتل من قبل كلا الطرفين؛ والمحصلة هي التفكك الأسري.

6-الوضع الاقتصادي للأسرة:

كثيراً ما يكون للوضع الاقتصادي للأسرة دور كبير في تصدعها في كلا الطرفين، الغنى والفقر، وإن كان الثاني هو الأكثر . . ففي حالة الغنى نجد بعض الأغنياء ينشغلون بالمال عن أسرهم، بل إن بعضهم يستعمل المال في قضاء شهواته المحرمة ويترك ما أحل الله له فيكون سبباً في وقوع أهله في الحرام والعياذ بالله. وفي حالة الفقر الذي لا يستطيع معه الأب توفير احتياجات أسرته مع كبرها وقلة تعليمه وإيمانه، فيعجز عن الاستجابة لمتطلباتها فيقع في الحرام للحصول على المال، أو يدفع بعض أفراد أسرته لمسالك السوء للحصول على مزيد من المال، فيكون النتاج تفكك تلك الأسرة . . ومن يقوم بزيارة لدور الأحداث سيجد هذه الصورة مكررة لعديد من أولياء أمور أولئك الأحداث داخل تلك الدور.

7- ضعف الإيمان:

وهذا العامل كان يفترض أن يأتي في مقدمة العوامل جميعاً لأهميته وعدم تنبه كثير من الباحثين الاجتماعيين والنفسيين له. فإذا كان الإيمان ضعيفاً لدى الزوجين أو أحدهما فالنتاج الوقوع السهل المتكرر في الخطايا والآثام التي تسبب مشكلات لا حصر لها داخل الأسرة، ويفقد ضعيف الإيمان حاجزاً وقائياً لا مثيل له في مواجهته لمشكلات الحياة المعاصرة، حيث يقوم الإيمان القوي المبني على التوحيد الخالص لله عز وجل وملازمة الطاعات، على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحفظ العبد، حفظاً له من عند الله، وتسديد خطاه نحو الخير والصواب في أمور دنياه وآخرته، حيث قال الله تعالى: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أوليآؤكم في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم ومن أحسن قولاً ممن دعآ إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين " (فصلت: 29- 33).

ثانياً: من الآثار السيئة للتفكك الأسري:

أثار التفكك الأسري :
للتفكك الأسري آثار متعددة منها:
1- آثاره على الأفراد:
أول ضحايا التفكك الأسري هم أفراد تلك الأسرة المتفككة، فالزوج والزوجة يواجهان مشكلات كثيرة تترتب على تفكك أسرتهما، فيصابان بالإحباط وخيبة الأمل وهبوط في عوامل التوافق والصحة النفسية، وقد ينتج عن ذلك الإصابة بأحد الأمراض النفسية، كالقلق المرضي أو الاكتئاب أو الهستريا أو الوساوس أو المخاوف المرضية. وقد ينتج عن ذلك عدم القدرة على تكوين أسرة مرة أخرى، فينعزل الزوج أو الزوجة عن الحياة الاجتماعية، ويعيش حياة منطوية على الذات، سلبية التعامل،، لا تشارك الآخرين نشاطات الحياة المختلفة. وهذه ولا شك نتائج تعطل أعضاء من أفراد المجتمع كان يتوقع منهم القيام بأدوار إيجابية في نهضة المجتمع ورعاية صغاره بصورة إيجابية بناءة.

والآثار الأكثر خطورة هي تلك المترتبة على أولاد الأسرة المتفككة، خصوصاً إن كانوا صغار السن . . فأول المشكلات التي تواجههم فقدان المأوى الذي كان يجمع شمل الأسرة، وهنا سوف يحدث التشتت حيث يعيش الأولاد أو بعضهم مع أحد الوالدين والبعض الآخر مع الوالد الآخر، وغالباً ما يتزوج الأب بزوجة أخرى، والأم بزوج آخر، والنتيجة في الغالب مشكلات مع زوجة الأب وأولادها وزوج الأم وأولاده، مما قد يدفع أولاد الأسرة المتفككة إلى ذلك المنزل إلى أماكن أخرى قد لا تكون مناسبة للعيش في حياة مستقرة، كما يحدث في مساكن العزاب من الشباب . . وإذا كانت بنتاً فإنه ليس لها مجال لمغادرة المنزل، فقد يقع عليه حيف في المعاملة ولا تستطيع رفعه، فتصاب ببعض الأمراض النفسية نتيجة سوء المعاملة التي تتعرض لها في حياتها اليومية، وفي بعض الحالات تكون مثل تلك الفتاة عرضة للانحراف في مسالك السوء بحثاً عن مخرج من المشكلة التي تعيشها، فتكون مثل من استجار من الرمضاء بالنار.

2- آثار التفكك على علاقات الزوجين بالآخرين:
ينتج عن التفكك الأسري اضطرابات وتحلل في علاقات الزوجين بالآخرين، خصوصاً الأقارب، فإن كانت هناك علاقة قرابة بين أسرتي الزوجين فإنه غالباً وللأسف تتأثر سلبياً بما يحدث للزوجين فتحدث القطيعة بين الأسرتين، بل ويصبح هناك نوع من الشحناء والعداوة بين أفراد تلك الأسرتين، بحيث لا يطيق فرد رؤية فرد آخر من الأسرة الأخرى في أي مناسبة أو لقاء عام، وهذا سلوك خطر يفت في عضد الأمة المسلمة التي حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرادها على التعاضد والمحبة والتراحم فقال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً "وقولـه صلى الله عليه وسلم : "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه " وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ".(هذا فضلا عما يترتب على ذلك أيضا من قطع صلات الرحم ).

كما أن الأمر ينتقل لأسرة أخرى مستقرة، فإذا كانت هناك عائلتان بينهما علاقة زواج بين عدد من أفرادهما الذكور والإناث، فإنه عند حدوث تفكك لأسرة واحدة، فقد يلجأ بعض الآباء أو الأمهات إلى نقل أثر هذا التفكك إلى أسرة أخرى، من باب الانتقام أو للضغط على العائلة الأخرى بجميع أفرادها، وتحميلهم مشكلات فرد واحد منهم، وقد تكون النتيجة تفكك أسرة ثانية أو أكثر، فيزداد الطين بلة.

وقد سجل لنا القرآن الكريم حادثة فيها الكثير من العبر والدروس، وهي حادثة الإفك على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ويهمنا هنا من القصة موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما أراد أن يقطع المساعدة المالية عن قريبه الذي شارك في إشاعة حادثة الإفك، فعندما سمع الله تعالى يقول: "ألا تحبون أن يغفر الله لكم " (النور: 22)، قال بلى، فتراجع رضي الله عنه وأعاد المساعدة، قال عزوجل: "ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم "(النور 22).

وهذا تنبيه من الله تعالى إلى وجوب حرص المسلمين على الترابط والتحاب والبعد عما يجلب البغضاء والقطيعة بينهم.

3- آثار التفكك على نشر الانحراف:

يؤدي التفكك الأسري في بعض الأحيان إلى تهيئة الظروف لانحراف أفراد الأسرة، خصوصاً الأولاد من البنين والبنات، فعندما تتفكك الأسرة ويتشتت شملها، ينتج عن ذلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي، وضعف القدرة لدى الفرد على مواجهة المشكلات، وتحوله للبحث عن أيسر الطرق وأسرعها لتحقيق المراد، دون النظر لشرعية الوسيلة المستخدمة في الوصول للهدف، فيصبح المذهب الميكافيلي هو الموجه لسلوك الفرد. وفي هذا تغييب للضمير والالتزام بالمعايير والنظم الاجتماعية السائدة التي توجه سلوك الأفراد نحو الطرق المقبولة لتحقيق الأهداف بصورة مشروعة. والشاهد على ذلك هم الأحداث من الذكور والإناث، الذين ينحرفون ويقعون في سلوك إجرامي نتيجة لتفكك أسرهم.

4- آثار التفكك على قيم المجتمع وثقافته:

يسبب التفكك الأسري اختلالاً في كثير من القيم التي يسعى المجتمع لترسيخها في أذهان وسلوكيات أفراده، مثل الترابط والتراحم والتعاون والمسامحة ومساعدة المحتاج والوقوف معه في حالات الشدة، وغيرها من القيم الإيجابية المهمة في تماسك المجتمع واستمراره.

ويولد التفكك إحباطاً نفسياً قوي التأثير في كل فرد من أفراد الأسرة المتفككة، قد يجعل بعضهم يوجه اللوم إلى المجتمع الذي لم يساعد على تهيئة الظروف التي تقي من التفكك الأسري، فيحول اللوم لتلك القيم التي يدافع عنها المجتمع، ويسعى الفرد للخروج عليها وعدم الالتزام بها كنوع من السلوك المعبر عن عدم الرضى غير المعلن. كما قد يظهر الفرد نوعاً من السلوك الثقافي المنافي لما هو متعارف عليه في مجتمعه كرد فعل لعدم الرضى عن المجتمع وثقافته، فقد نجده يمجد الثقافة الوافدة على حساب ثقافة مجتمعه، وقد يصل به الأمر إلى عرض وتمجيد ثقافة عدوه الإسرائيلي ، كما هو ملحوظ عند عدد من مثقفي عالمنا الإسلامي.

وهنا يكون النتاج سيئاً بنشر ثقافة دخيلة على المجتمع، وتغييب ثقافة المجتمع الحقيقية المرتبطة بدينه الإسلامي العظيم، الذي جاء لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ولإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخر كما قال الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه.

5- آثار التفكك على التنمية:

يجمع المهتمون بأمور تنمية المجتمعات على أن للتفكك الأسري أثراً معيقاً في سبيل تحقيق أهداف التنمية، لأن التنمية تعتمد على وجود أسرة قائمة بوظائفها بشكل سليم تحقق الغرض من وجودها، وتنتج أفراداً إيجابيين قادرين على تحمل المسؤولية الملقاة عليهم بالمساهمة في رقي المجتمع وتطوره في كافة المجالات، ولكن إذا حدث تفكك للأسرة تشتت أفرادها، وانشغل كل منهم بمشكلاته الشخصية عن مسؤولياته الاجتماعية، وبدلاً من أن يكون رافداً منتجاً في المجتمع يصبح فرداً محبطاً يحتاج إلى جهود تبذل لمساعدته لتجاوز تلك المشكلات التي تواجهه، وكان بالإمكان صرف تلك الجهود في نواحي أخرى هي بحاجة لتلك الجهود. وكما قال أحد الباحثين في موضوع التنمية: تظل إنتاجية المجتمع المحور الأول والمحصلة النهائية لما يعايشه المجتمع ويعيش فيه من مظاهر وسمات، وما يربط أفراده من روابط وصلات.

ثالثاً: وسائل للوقاية والعلاج:

لمحاولة طرح حلول لمشكلة التفكك الأسري، قد يكون من المناسب طرح الحلول في جانبين: جانب وقائي وجانب علاجي.

أ - الوقاية:
. . وفي مشكلة التفكك الأسري، لا شك أن العناية بما يقي من الوقوع في هذه المشكلة يجب أن يعطى الأهمية التي يستحقها من قبل الجميع. ولعلنا نعرض بعضاً من طرق الوقاية فيما يلي:

* تقوية إيمان الفرد:

من أهم الأمور التي تقي الأفراد من الوقوع في مختلف المشكلات، بناء إيمان قوي في نفوس الناشئة من الصغر، ونقصد بذلك التربية الإيمانية التي عرفها أحد الباحثين بأنها: ربط الولد منذ تعقله بأصول الإيمان، وتعويده منذ تفهمه أركان الإسلام، وتعليمه من حيث تمييزه مبادئ الشريعة الغراءفإذا نشأ الفتى على إيمان قوي صحيح صادق، نتج عن ذلك شخصية سوية مستقيمة قادرة على مواجهة كافة المشكلات بروح المؤمن القوي، المتكل على الله، المتسلح بسلاح المعرفة الشرعية الصحيحة والمستفيدة من كل ما هو جديد مفيد لا يتعارض مع تعاليم دينه، فهيهات أن تفت تلك المشكلات عضد هذه الشخصية أو توهن قواها، بل سرعان ما تنجلي عن طريقه منذ بدايتها وفي مهدها.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الإيمان بضع وسبعون ـ أو بضع وستون ـ شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان " وهذا الحديث اشتمل على الأركان الثلاثة للسلوك: الركن الداخلي والركن الخارجي والركن الخلقي . . فالركن الداخلي هو الإيمان والذي أساسه الإيمان الصادق بالله بكل الدلالات التي تحويها كلمة الشهادة.. ثم الركن الخارجي وهو السلوك، وضرب له مثلاً بإماطة الأذى عن الطريق الذي يعكس تطبيقاً لعدد كبير من معايير المجتمع، كالمسؤولية والمشاركة ودفع الأذى وخدمة الآخرين وصيانة المرافق العامة، وغير ذلك مما يدخل في هذا المفهوم . . وأخيراً الركن الخلقي، وضرب له مثلاً بالحياء، وهو خلق رفيع يدل على سماحة النفس وتواضعها ولين الجانب واحترام الآخرين، والحديث يحمل في طياته الكثير من المعاني التي يصعب علينا حصرها.

وقد أكد الكثير من الباحثين الغربيين أهمية الإيمان في سلوك الأفراد، فقد قال الطبيب النفسي الأمريكي هنري لنك: إن هؤلاء الآباء الذين كانوا يتساءلون كيف ينمون عادات أولادهم الخلقية ويشكلونها، في حين ينقصهم هم أنفسهم تلك التأثيرات الدينية التي كانت قد شكلت أخلاقهم من قبل، كانوا في الحقيقة يجابهون مشكلة لا حل لها، فلم يوجد بعد ذلك البديل الكامل الذي يحل محل تلك القوة الهائلة التي يخلقها الإيمان بالخالق وبناموسه الخلقي الإلهي في قلوب الناس.

كما يجب التنبيه إلى أن تقوية الإيمان لا تقف على صغار السن، بل يجب أن تمتد لتشمل الأفراد في جميع مراحلهم العمرية، وهذه مسؤولية كافة مؤسسات المجتمع السياسية والدينية والثقافية والتربوية والإعلامية.

2- بناء الأسرة على أسس صحيحة:

ويقصد بذلك قيام الأسرة من البداية على تعالم الإسلام، من مرحلة اختيار الزواج أو الزوجة، امتثالاً لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك )). فهذه هي معايير الاختيار عند الناس، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبه إلى أهمها، والذي إذا فقد لا قيمة للبقية من بعده وهو الدين، فالزوج سواء كان ذكراً أم أنثى إذا كان ذا دين قوي قويم أسس النجاح لهذه الأسرة الوليدة، وكان حريصاً على قيامها بما هو مطلوب منها على أفضل وجه، مبتعداً عن ما يعكر صفوها أو يحدث خللاً في علاقاتها وتماسكها، كما أن التقارب بين الزوجين في السن والمستوى التعليمي والاجتماعي والاقتصادي من عوامل الوقاية من الخلافات الأسرية التي قد تحدث عند التباين بين الزوجين في بعض ما ذكره أعلاه، ويدخل في هذا فهم وتطبيق الزوجين للحقول والواجبات التي شرعها الإسلام لكل منهما.

3- عدم التدخل في حياة الزوجين:

وهذا موجه بالدرجة الأولى لأهل الزوج والزوجة، فعندما ينأى أهلهما عن التدخل فيما يعرض لهما من مشكلات، ويطلبون منهما أن يعملا سوياً على حلها دون إقحام الأهل في تلك المشكلات، فإن هذه وسيلة وقاية تحمي الأسرة من دخول أطراف أخرى قد لا تقدر مسؤولية الحفاظ على كيان الأسرة، كما يحدث من بعض الأمهات مع بناتهن المتزوجات (غالباً يحدث هذا عن حسن نية )، فتحول أي مشكلة وإن كانت صغيرة يمكن أن تتحول إلى مشكلة كبيرة يتدخل فيها الآباء والأمهات والأقارب و يتطور الأمر إلى تفكك الأسرة.

الخلافات الزوجية :

الخلافات الزوجية هي أحد أكثر أسباب الشقاق في الحياة الزوجية والذي قد يقود إلى تدميرها بالطلاق. وتلك الخلافات لا يمكن تلافيها وإنما يمكن احتوائها والتحكم فيها بحيث لا تتطور إلى ما لا يحمد عقباه أو على نحو لا يمكن السيطرة عليه من الزوجين.

وتنصح إحدي الخبيرات في شئون الأسرة في كتابها المعنون : " قواعد اللعب في الحب والزواج" بحل الخلافات الزوجية با تباع الخطوات التالية :

المبادرة الشخصية في الحل:

1- الخروج من جو الخلاف المحموم.

2- عدم ارتجال القرارات.

3- تهدئة التوتر والخروج من حالة التحفز.

4- محاولة استخدام طرق التوصل الفعال ومهارات تبادل المواقع.

5- محاولة عقلنة جلسة حل الخلاف بقدر الإمكان.

6- الانتباه للألفاظ المستخدمة ودلالاتها المجازية.

7- اخرى.

المبادرة الغيرية في الحل (مخطط)

1- موضوعية المحتكم إليه.

2- رشده المعنوي.

3- توفره على علم الحل والفصل في الخلافات.

4- أمانته ودينه.

5- ثقافته.

6- الصدق معه في الإدلاء بالبيانات محل الخلاف.

7- قدرته على متابعة تنفيذ مراحل الحل المختلفة.

فن احتواء الخلاف:

أ- تشخيص مستوى الخلاف

- خلاف أسرة بسيطة.

- خلاف أسرة مركبة.

- خلاف أسرة بمجتمع.

- خلاف مشترك.

ب- التعرف على عوامل الإثارة والتحريض.

ومن ضمنها مايلي:

عدم التوافق في (سبك)

الفروق الفردية.

المخزون الثقافي.

- الأنظمة التربوية.

- الاستعداد الفطري.

- الافتقار الى مهارات التواصل.

- الجهل.

- سوء التقدير.

- التحريض المعتمد.

- استثارة واستيقاظ مخزون اللاوعي.

ج- التعرف على شخصيات أطراف الخلاف.

ومنها مايلي:

- عامل السن.

- مستوى الالتزام والتدين.

- الحالة الصحية.

- المستوى التربوي أو التعليمي أو الأكاديمي.

- الحالة الاجتماعية.

- الحالة الاقتصادية.

- مستويات النفوذ والقدرة والقوة.

د.التوفر على أدوات الحل.

- الاستهداء بتعاليم الشرع الحنيف.

- التعرف على بعض النظريات النفسية والسلوكية لإتاحة فهم أكبر لإطراف الخلاف مثلاً:

نطرية (ديفيد مريل) في الشخصيات السلوكية الأربع:

1- الشخصية التحليلية الفكرية.

2- الشخصية الودودة الاجتماعية.

3- الشخصية المعبرة.

4- الشخصية العملية.

- استخدام بعض الآليات الحديثة في حلحلة الخلاف وتقريب الأطراف.

1- استخدام نظام التواصل الحسي.

2- استخدام فن التأطير وإعادة التأطير.

3- استخدام فنون الإرساء,وفك الإرساء.

4- إدخال خط الزمن في التحليل والحل.

5- استخدام أساليب النمذجة.

6- (الذكاء العاطفي): استعمال لغة الجسد في بناء التقارب.

7- استخدام المجازات اللغوية في بناء الألفة.

8- استخدام آلية تبادل المواقع.

9- استخدام الآلية المرآتية.

10- المجاراة.

11- بناء الاستراتيجية بالمعنى الأخص.

دور الاستعانة المتخصصة

- الاستعانة بالجهات الشرعية.

- الاستعانة بجهة الإرشاد الاجتماعي.

- الاستعانة بالطب النفسي الأسري.

- الاستعانة بأهل الحل والعقد من المؤمنين.

- الاستعانة بالجمعيات المختصة بشؤون الأسرة.

- الاستعانة بالجهات القانونية ذات العلاقة.

عوامل امتصاص الخلافات

- التفقه في الدين عموما وفي فقه الأسرة والأحوال الشخصية.

- القراءة المتخصصة لمن يحتملها.

- حضور الدورات والندوات ومتابعة الفعاليات المتخصصة.

- متابعة أمور الأسرة والسؤال عن الحلول في موارد الابتلاء على مختلف الأصعدة.

- الاندماج الاجتماعي.

- المشاركة في الأعمال التطوعية التي من شأنها الارتفاع بمستوى الأسر.

- التشجيع على إنشاء لجان إصلاح ذات البين بالخصوص والمشاركة فيها.

- ممارسة الهوايات المختلفة وخصوصا الرياضة.

- القضاء على عوامل نشوء الخلافات المذكورة سابقا.

- العمل على التحلي بالأخلاق الحسنة وترويض النفس على خصلة الإيثار.

وكثير من الخلافات الزوجية تثور كنتيجة لعدم إلمام كل من الزوجين بحقوق اللآخر عليه ، أو عدم التزامه بها رغم علمه بها . بينما الزواج إذ أقيم على كتاب الله وسنة رسوله، |أصبح إتباع ما هدانا الله ورسوله إليه في شئون الزواج واجب على كل من الزوجين المسلمين ، والوفاء بحق كل زوج قبل زوجه أمانه في عنق الزوجين واجبة الأداء كاملة غير منقوصة .

ومن حقوق الزوج على زوجته ما ورد في حديث روي عن رسول الله بأن امرأة جاءت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما حقّ الزوج على المرأة؟

فقالصلي الله وعليه وسلم :أكثر من ذلك،قالت:فخبرّني عن شيء منه،قال: "ليس لها ان تصوم ( يعني تطوعاً) إلا بإذنه ، ولا تخرج من بيتها بغير إذنه، وعليها أن تتطيب بأطيب طيبها، وتلبس أحسن ثيابا، وتتزيّن بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية، وأكثر من ذلك حقوقه عليها". فمن مقتضيات حسن التبّعل لزوجها تمكينه من نفسها، وتوفير أسباب المتعة والجمال له، والإشباع الغريزي والميل الشبقي لديه ، عن طريق العناية بالملبس والزينة، والتودّد وحسن الاستمالة، والاستجابة لرغباته الشبقية، نظراً لما لهذا الجانب من تأثير بالغ الأهمية على جذب الرجل للمرأة، وتوثيق علائق الحب معه والارتباط به، وتوفير الراحة والرضى في نفسه، وقطع الطريق أمام الخيانة الزوجية، والوقوع في شراك الغواية.وكما يقول رسول الله أيضا: " إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها ، المتبرّجة مع زوجها، الحصان على غيره ، التي تسمع قوله، وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ولم تبذل كتبذّل الرجل" وذلك إعمالا لقوله تعالي :" نساؤكم حرثّ لكم فأتوا حرثكُم أنى شئتم وقدموا لأنفسكُم واتقّوا الله واعلموا أنّكم ملاقوهُ وبشّر المؤمنين".(البقرة/223)..وروي أيضا أن امرأة أتت رسول الله لبعض الحاجة فقال لها:(لعلّك من المسوّفات)،قالت:وما المسوفات يا رسول الله؟قال:(المرأة التي يدعوها زوجها لبعض الحاجة (أي إلى الفراش) فلا تزال تسوّفه حتى ينعس زوجها وينام،فتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها". وروي أيضا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله : أيمّا امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ، لم يتقبّل الله منها صلاة حتّى يرضى عنها، وإيمّا امرأة تطّيبت لغير زوجها لم يقبل الله منها صلاة حتّى تغسل من طيبها كغسلها من جنابتها" .

وللنساء على أزواجهن نفس الحقوق التي لهم عليهن يقول الله تعالي "·· ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" (البقرة:822 )، ويقول تعالى: (·· وعاشروهن بالمعروف) النساء:19،قيل في المعاشرة بالمعروف : تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت"، وكان عبد الله ابن عباس وعبدالله بن الزبيرـ رضي الله عنهما ـ يتزين كل منهما لامرأته ويقول أتزين لها كما أحب أن تتزين لي .

ومن حقوق الزوج على زوجته أيضا-الحفاظ على عرضه و بيته وماله وأبنائه: حفاظ رعاية وعناية وحرص. فمن حقه عليها ألا يدخل بيت الزوجية غير ذي محرم لها في غياب زوجها وإن كان من ذوي القربي لها مثل أبناء العمومة والخؤولة ويمتد هذا الحظر أيضا إلى أزواج أخواتها ما لم تصطحبهم زوجاتهم. وإذا كانت غير مسئولة شرعا،كما يقول بذلك الكثير من الفقهاء، عن القيام بشؤون المنزل وأعمال البيت كالطبخ والتنظيف...الخ.بل وقالوا ، في بعض مذاهبهم ، بأنها غير مسئولة أيضا عن رضاعة الأطفال وخدمتهم وحضانتهم رغم أن ذلك من واجبات الأمومة ولوازمها والحكمة من تقرير حق حضانة الأم لأطفالها الصغار، إلا أنهم غالبا ما يستدركون بالقول إن الإسلام حبّب ذلك إلى المرأة واعتبره عملاً محبوباً ومقرّباً لله سبحانه، عملا بقوله تعالي : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " وقد روي أنه تقاضى علي كرم الله وجهه و زوجته فاطمة الزهراء رضي الله عنه إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم في شأن الخدمة،فقضى على فاطمة بخدمتها ما دون الباب . وقضى على علي بما خلفه. فقالت فاطمة:" فلا يعلم ما دخلني من السرور إلا الله بإ كفائي رسول الله تحمّل أرقاب الرجال" أي نظراتهم عندما تخرج خارج بيتها.

و تلك الحقوق نجدها في حديث رسول الله صالي الله عليه وسلم الذي يقول فيه: " ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة إذا نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله."

وهذا كله يندرج ضمن حسُن المعاشرة والتي ينجم عنها توفير جو من الودّ والاستقرار للزوج والأبناء، والابتعاد عن كل مسببات القلق والنفور، أو يعكر صفو الحياة العائلية، وذلك بأن يتحبب كل من الزوجين للآخر ويتودد ، بحيث لا يري كل منهما في الآخر الا ما يحبه ولا يسمع منه ما يكره، فكلّما نما الإحساس بالجمال في نفس الإنسان، وكلّما أشبعت أحاسيسه ومشاعره بالحب والحنان، اختفت من نفسه أسباب القلق والسآمة، وتوارت دوافع العدوان ومرارة الحقد والنقمة، وبالتالي يكون لهذا الجو العائلي المفعم بالحب والجمال والحنان أثره على سلوك أفراده وعلاقتهم...إن الإسلام يوصي المرأة بزوجها باعتبارها منبع الحبّ، ومستودع الجمال ومصدر الاستقرار والطمأنينة في البيت، يوصيها بأن تحرص على خلق جو عائلي مفعم بهذه الروح .

وقد جاء رجل الى رسول الله (ص) فقال:" إن لي زوجة إذا دخلتُ تلقتني وإذا خرجت شيّعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت لي: ما يهمّك؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك وان كنت تهتم لأمر آخرتك فزادك الله همّاً "، فقال رسول الله (ص): " إن الله عمالاً، وهذه من عماله، لها نصف أجر الشهيد".

.ليس هنا مجال لتكرار الحديث عن حقوق الزوجين وقد سبق التعرض لها ، ولكنه تذكير بأن عدم المحافظة عليها هو من أبرز أسباب الشقاق. وفي نفس الوقت إن ظهر إهمال من أحد الزوجين لها وجب إشعاره وتنبيهه لذلك برفق ولا يجب أن يكون رد الفعل هو المعاملة بالمثل ، أ ي مقابلة الإهمال بإهمال مما ثل له.

اختلاع المرأة من زوجها :

ثمة حديث نبوي يعتمد عليه في تأكيد حق المرأة في طلب الخلع من زوجها أي تطليقها منه ، ولكن يمكن بتأمله استخلاص ما هو أكثر من ذلك . يقول الحديث : روي البخاري عن ابن عباس أن زوجة الصحابي ثابت بن قيس الذي شهد الغزوات مع الرسول صلي الله عليها طلبا للشهادة ولم ينلها الا في حروب الردة في زمن الخليفة أبي بكر، أنها جاءت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم وقالت له : يا رسول الله ، ثابت بن قيس لا أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكنني أكره الكفر في الإسلام . فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ . قالت : نعم . فقال رسول الله(لثابت) : إقبل الحديقة وطلقها تطليقه.

يمكن أن نستنتج من هذا الحديث ما يلي :

1. لا يكفي أن يكون الزوج أو الزوجة مكتمل الدين والخلق لكي تستقيم العلاقة بين الزوجي ولو أن الدين والخلق دعامتان أساسيتان في الحياة الزوجية وفي ضمان استقرارها .

2. إن معاشرة الزوج زوجته وهي غير راضية أو مقتنعة أو قانعة به كزوج تعد بمثابة الكفر ، وحيث الكفر لغة هو الحجب والإخفاء إذ تفعل فعل المحبين وهو ليست منهم وتحجب بغضها.

3. أن الرسول قد طبق قاعدة لا ضرر ولا ضرار . فلا يستمر زواج تتضرر منه ولا تضر زوجها بالاحتفاظ بحديقته التي أهداها لها ترضية لها كزوجة.

4. أن الرسول فهم مرادها وسلم بحقها في التراجع عن زواج هي غير راضية عنه ولم يطلب منها تبريرات أو أسباب بعد أن أقرت بحسن دين وخلق الزوج . وبناء على ذلك فإن الأمر لا يتعلق بخلاف أو ظلم من الزوج حتى يمكن إصلاح ذات البين وإنما يرجع لأسباب نفسية أو أسباب أخرى قد يتأذي الزوج من الكشف عنها.

5. إن الحق في فسخ عقد الزواج في بداية الحياة الزوجية لا يحتاج من طالب الفسخ تسويغا أو تبريرا لطلبه. طالما لن يلحق ضررا بالطرف الآخر. بينما يختلف الأمر بالنسبة لزواج طال أمده شهورا أو سنوات.

6. إن الزوجة هنا طولبت بأن ترد لزوجها ملكه الذي كان قد تنازل لها عنه ولا تعد برده قد افتدت نفسها بشيء أو عوضته عن خسارة ، ويمكن اعتبار ذلك ناتجا عن الرجوع عن الزواج في بدايته.

أما لو كان الزواج قد مضى عليه وقت طويل ، وطلبت الزوجه الخلع دون أن يكون لها من أسباب تبرر طلبها ، فإنه في هذه الحالة ، يتم إعمال الآية الكريمة التي يقول فيها المولي عز وجل :". الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (البقرة،229)..

أي أن تعوض الزوج عما سببته لها بطلبها التعسفي المنفرد من أضرار، غالبا ما تكون أضرارا معنوية. وفي جميع الحالات لا يمكن للزوج أن يسترد الصداق بعد دخوله بزوجته لقوله سبحانه وتعالي في نفس الآية : "وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ". أما إذا تم الاتفاق بينهما على الفراق بالتراضي فهما وما تراضيا عليه.

ولا يجوز لرجل أن يضر بزوجته حتى تطلب الاختلاع منه طمعا فيما تفتدي به نفسها بل يجب في هذه الحالة تطليقها منه وإلزامه بكل حقوق المطلقة . وقد روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله «...ومن أضر بامرأة حتى تفتدي منه بنفسها، لم يرض الله له بعقوبة دون النار، لأن الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم...».

وحذر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة من أن تطلب الخلع من زوجها بدون سبب أو مبرر يعطيها الحق في ذلك وأعاد التحذير للزوج أيضا الذي يضطر زوجته لطلب الاختلاع منه وذلك في حديث روي عنه يقول فيه :

«وأيما إمرأة إختلعت من زوجها لم تزل في لعنة الله وملائكته ورسله والناس أجمعين حتى إذا نزل بها ملك الموت قال لها: أبشري بالنار، فإذا كان يوم القيامة قيل لها: أدخلي النار مع الداخلين. ألا وإن الله ورسوله بريئان من المختلعات بغير حق. ألا وأن الله ورسوله بريئان ممن أضر بامرأته حتى تختلع منه.

وفي قبائل الطوارق جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى إذا أرادت المرأة أن تخلع زوجها

فإنه يكفي أن تصطحب أربعة رجال كشهود إلي مجلس قاضي القبيلة وتعلن بأنها قد

خلعت زوجها ، وبدأت من لحظة الإعلان عدتها. فإذا انتهت عدتها أقامت حفلا لكي يتقدم

لخطبتها من شاء الزواج بها من رجال القبيلة. وكل ما تفقده الزوجة الطوارقية عند خلع

نفسها من زوجها :هو فقد حقها في نفقة العدة . أما إذا طلقها زوجها حق لها الحصول

علي النفقة والمتعة ومقاسمة الزوج فيما زاد من ثروته خلال فترة زواجه بها باعتبار أنها كانت شريكته في صنع تلك الثروة. وهذا الحكم الأخير أخذت له مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) في المغرب.

الطـــــــــلاق :

تقول فتاة يمنية عانت من التفكك الأسري على إثر طلاق أمها بعد حياة زوجية دامت 24 عاما بعد أن رفضت الإقامة مع زوجها عندما عاد منه الغربة بزوجة جديدة وما ترتب على ذلك الطلاق من حرمانها هر وإخوتها من الأم :" وأرى أن بداية الطلاق هي عدم توافق الطرفين، وأتمنى أن تعطى فترة للمقدمين على الزواج لدراسة طبائع بعضهم البعض، وإذا كانا غير متوافقين، لماذا يتزوجان؟ فهي ليست فقط تجربة وستمر، بل سينتج عنها أطفال. وكل من له عقل فليبدأ باستخدامه.". وهي محقة في ذلك فبدايات معظم حالات الزواج تظهر مع بدايته المتعثرة أو المأزومة.

أحكام الطلاق في كتاب الله :

سأكتفي هنا بإيراد ما جاء في كتاب الله من أحكام الطلاق لاستكمال المعرفة . من المؤكد أن اهتمامي ينصب على المحافظة على الأسرة وليس هدمها. والطلاق رخصة جعلها الله تيسيرا على عباده إذا ما ضاقت بهم السبل . واستغلال هذه الرخصة دون وجه حق هو من قبيل الظلم وتعدى حدود الله ، وفيه إثم عظيم إلى جانب ما يتسبب فيه من تعاسة لما أنجبه الأزواج الذين تفرقوا بالطلاق من أبناء وبنات. وهو مرخص به لإزالة الضرر وفي حالة عجز الزوجين عن إقامة حدود الله والعشرة بالمعروف. وفيما عدا ذلك يعد اللجوء اليه محرما. كما يعد الطلاق محرما |أيا كانت أسبابه ودواعيه إدا ما كانت الزوجة في حالة الحيض والنفاس أو في طهر جامعها فيه. أي أنه يجب على المطلق أن تبرأ من الحيض أو النفاس فيطلقها قبل أن يجامعها.

يقول الله سبحانه وتعالي في سورة الطلاق :

بسم الله الرحمن الرحيم

1. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا .

2. فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا .

3. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا .

4. وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا

5. ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا

6. أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى .

7. لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا" .

ويقول في سورة الأحزاب :

"با أيها الذين أمنوا إذا نكجتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فمالكم عليهن من عذة تعدونها ، فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا " (الأحزاب 49)

ويقول في سورة البقرة :

" والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن

إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر . وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا. ولهن مثلا الذي عليهن بالمعروف.وللرجال عليهن درجة . والله عزيز حكيم " .." الطلاق مرتان فإمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان. ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ، إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله . فإن خفتم ألا يقيما حدود الله ، فلا جناح عليهما فيما افتدت به.تلك حدود الله فلاتعتدوها . ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون .".." فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتي تنكح غيره . فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا، إن ظنا أن يقيما حدود الله.وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ." (البقرة- الأيات228-230).

فوزي منصور

e-mail:fawzym2@gmail.com

No comments: