Sunday, July 31, 2011

مشروع جسر النوبة للتنمية الشاملة

يسعي هذا المشروع إلى تعمير مناطق غير مأهولة حاليا بالسكان شرق وغرب النيل في السودان ومصر بأسر شابة مختلطة من شعوب حوض النيل وجنوب الصحراء الأفريقية ودول شمال أفريقيا العربية، ضمن نظام اقتصاد اجتماعي للتنمية الشاملة والمستديمة، الاقتصادية والإنسانية، يعود بالنفع على السودان ومصر وشعوب المنطقة.
دواعي تنفيذ المشروع:
ما يدعو لتنفيذ هذا المشروع هو عدم استثمار إمكانات السودان الكبيرة حتى الآن. سواء في إنتاج المحاصيل الزراعية التي تسد احتياجات السوق المحلية و يمكن تصدير الفائض منها، أو إعداد المراعي الصالحة لتربية الماشية أو توصيل مياه الري للأراضي القابلة للزراعة وغير المستغلة. حيث لم يعد حاليا يسد إلا جزءا من حاجاته للمواد الغذائية والمواد الأولية ، وهو ما زاد من تشويه بنيته الاقتصادية . ومن ناحية أخرى ما تمليه زيادة الضغط السكاني على الأراضي الزراعية المصرية حول النيل والفقدان المستمر لمساحات منها، وقصورها عن سد احتياجات السكان من المواد الغذائية، والتي يتم استيرادها وتخضع لتقلبات السوق العالمية..ويضاف إلى ذلك : الحاجة إلى تطوير الاقتصاد السوداني والمصري معا بما يكفل تحسين ظروف معيشة السكان في البلدين ، وإيجاد فرص العمل للشباب من الذكور والإناث بعد تفاقم أزمة البطالة والتي شملت خريجي الجامعات. و عدم ارتباط التعليم في البلدين باحتياجات التنمية الاقتصادية وال>ي يعد أحد عوائق التنمية، وهو ما يتطلب إقامة مشروعات تتبني مفهوم التنمية الشاملة لتأمين كافة احتياجات البلدين. كما أن ضرورات الأمن القومي تحتاج إلى إعادة توزيع السكان في كل من السودان ومصر وبحيث لا يتجمعون بكثافة في مناطق معينة مثل القاهرة والخرطوم بينما تخلو منهم مساحات شاسعة من أراضي الدولتين. هذا إلى جانب ما تمثله الزيادة السكانية في بلدان أفريقية مثل أثيوبيا وأوغندا ونيجيريا من ضغوط على اقتصادها وتأثير سلبي على التنمية فيها ضمان مستوى معيشي لائق لشعوبها وهو ما يتطلب قدرا من التكافل مع تلك الشعوب بتقديم العون لها في هذا الصدد بقدر الإمكان ،وبقدر ما تتطلبه المشروعات المزمع أقامتها حول النيل في السودان ومصر من كم ونوعية للقوى البشرية وقدرة على استيعابها على المدى الطويل ووفق أولويات المخطط الموضوع للتعمير.
تمويل المشروع:
يتم تمويل المشروع من قبل جمعيات الحركة المجتمعية للتنمية الاقتصادية والإنسانية في شمال أفر يقيا وما يتم إقامته منها في دول المشرق العربي وبعد تأسيس منظمة إقليمية للشباب تقوم بالتنسيق بين تلك الجمعيات ، وتأسيس شركة قابضة لتنفيذ المشروع تتفرع منها شركات فلاحية (للزراعة والانتاج الحيواني والصناعات الغذائية والريفية) وأخرى للإنشاءات المدنية والمواصلات والاتصالات والصناعة والتعدين . وتدعى للمشاركة في رأسمال الشركة القابضة كل من حكومات الدول المعنية والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية والوطنية أو التابعة لدول صديقة على هيئة استثمار مباشر وليس قروضا ويتم زيادة رأس مال الشركة القابضة سنويا ولمدة 25 سنة متتالية بما تتطلبه مراحل التنفيذ أو رؤوس أموال الشركات المتفرعة من الشركة القابضة.
وصف المشروع:
يعتمد المشروع الذي نعرضه هنا على حفر قناتين ملاحيتين شرق وغرب النيل يتفرعان منه شمال مدينة رنك السودانية على النيل اﻷبيض والتي تفصل حاليا بين شمال وجنوب السودان في منطقة أعالي النيل وتوجد في منطقة تقترب فيها الهضبة الحبشية من هضبة كردفان.
وتتجه القناة الشرقية منهما شمالا بالقرب من حافة الهضبة الحبشية التي تقع غربها فتقطع النيل اﻷزرق في اتجاه سهل البطانة ، ثم نهر عطبرة وتتجه نحو وادي العطمور فيما بين مثلث حلايب/شلاتين وبحيرة السد العالي وتستمر في التوجه شمالا عبر الصحراء الشرقية وعبر الوديان والسهول الموجودة داخل جبال البحر اﻷحمر، ثم تقطع ترعة الإسماعيلية حتى تصب في النهاية ببحيرة المنزلة شرق دلتا النيل في مصر فيما بين بورسعيد ودمياط.

أما القناة الغربية فتتجه هي الأخرى شمالا بمحاذاة هضبة كردفان نحو وادي المقدم ثم تنحرف غربا في صحراء في شمال غرب بيوضة قبل مصبه لتقطع وادي الملك ثم تواصل اﻻتجاه شمالا شرق هضبة الميدوب إلى طريق/درب الأربعين حيث تعبر الحدود المصرية السودانية في اتجاه الواحات الخارجة والداخلة والبحرية لتصب في نهاية اﻷمر في منخفض القطارة شمال غرب مصر.

ويبلغ طول كل قناة منهما حوالي 2400 كيلومتر طولي نصفها تقريبا في السودان والنصف الثاني في مصر. وفيما بين كل منها وبين النيل يتم أقامة مستوطنات فلاحية ومدن تجارية وصناعية ومصانع للاستفادة من الموارد الطبيعية في كل منطقة من مناطق المشروع.

وفي المناطق المسطحة الواسعة النطاق يمكن للقناة أن ينقسم مجراها إلى فرعين يعودان فيلتقيان بعد عدة كيلومترات ويحصران بينهما جزرا تقوم بالاستغلال المباشر لها الشركة المنفذة للمشروع لكي تضمن موارد مالية من حصيلة الإنتاج ضمن سياسة استرداد رأس المال وتحقيق أرباح يمكن توزيعها على المساهمين. وتقوم الشركة في هذه الجزر بزراعتها بأشجار الفواكه مع الاهتمام أساسا بالإنتاج الحيواني الصالح للتصدير إلى الأسواق العربية والدولية كما تستخدم بعض الجزر كمنتزهات وطنية يتم زراعة مختلف أنواع الأشجار والشجيرات المزهرة(الورد والدفلة والتمرحنة...) ومختلف أنواع النباتات بها .و تحتوى على حيوانات برية عاشبة (الزراف ،الغزال، الجاموس البري،الماعز الجبلية، الأرانب البرية ، النعام) والطيور البرية والمهاجرة والداجنة (الأوز، البط ، الحمام ، دجاجة الوادي...الخ) والزواحف غير الخطرة مثل السلاحف وغيرها وإقامة منشئات سياحية متصلة بالحدائق الوطنية تلك، ومزودة بموانئ نهرية ومطار جوي لنقل السياح إلي الجزيرة جوا.

أما الأراضي المحصورة بين كل قناة وبين النيل فيتم توزيعها على الأسر الشابة لزراعتها وبحيث يكون لكل أسرة جامعية عشرة أفدنة ولكل أسرة ذات مستوى تعليمي أقل خمسة أفدنة ويتم توزيع الأسر على مستوطنات سكنية عبارة عن قرى حديثة أو مدن صناعية وتجارية صغيرة.

وتتم زراعة الأراضي التي سترويها القناتان بمحاصيل : الذرة والشعير والدخن والقمح والعدس والبصل وقصب السكر والقطن ونوار الشمس والفول السوداني والسمسم وأشجار النخيل المنتجة للتمر والزيتون والعنب والجوافة والمانجو والرمان والموز والأناناس والموالح والبطيخ والشمام. كما يتم زراعة نباتات المراعي وخاصة البرسيم الحجازي والتوابل والنباتات الطبية والعطرية والطماطم والفاصوليا والباميا والبطاطا والبنجر والحلبة والترمس و الخس والجرجير والنعناع والكزبرة والبقدونس ..
تتوزع زراعة المحاصيل حسب نوعية التربة والمناخ في المنطقة الصحراوية التي سيتم زراعتها ومدي التقدم في عملية أصلاح الأراضي الرملية وتخصيبها وزيادة المواد العضوية بها وإضافة الطمي أو الجبس الزراعي والسماد الطبيعي والفوسفاتي للتربة.

كما يتم إحاطة القناة الملاحية و الأراضي الزراعية وقنوات الري والطرق البرية ومحيطات الأراضي الزراعية التي سيتم توزيعها على الفلاحين بأشجار الأكاسيا المنتجة للصمغ العربي و أشجار الكاليبتوس (الكافور) والذي يمكن استخدامه في صناعة الورق وأشجار الكازورينا والسرو والصفصاف وغيرها لصد الرياح والرمال والانتفاع والحد من حدة أشعة الشمس في الصحراء والتقليل من البخر في المجاري المائية وتثبيت التربة وتحسين الظروف المناخية والتزويد بالأكسجين فضلا عن منافعها الأخرى.

ولأن الحصول على محاصيل بكميات وافرة يحتاج إلى عدة سنوات وقد لا تغطي قيمتها نفقات وتكاليف معيشة الأسر التي ستتولى زراعتها خلال السنة والتزاماتها قبل الشركة المنفذة مقابل ما تكون قد وردته لها من بذور ومخصبات وأغذية ومستلزمات معيشة ومقابل حق الانتفاع بالأراضي والمساكن ، فإن التركيز في السنوات الأولى سيتم على تربية المواشي والدواجن وإنتاج اللحوم ومنتجات الألبان والبيض وعسل النحل والصناعات الريقية لتغطية الاستهلاك المحلي وتصدير فائض الإنتاج بواسطة الشركة المنفذة للمشروع والتي ستتولى جمع إنتاج المستوطنات من المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية ومختلف السلع المنتجة وسداد ثمنها لهم، ثم القيام بتصنيعها وطرحها في الأسواق المحلية أو الدولية.لتحقيق فائض قيمة لها يحسن من وضعية ميزانيتها المالية السنوية ويسمح بتوزيع أرباح سنوية على المساهمين. وسيتم أيضا تنظيم مساهمات سكان مناطق المشروع في رأسمال الشركة والحصول على أرباح سنوية منها مع زيادة مداخلهم السنوية عن التزاماتهم ومطالب معيشتهم.

ويدخل ضمن هذا المشروع تعمير هضبة الميدوب وهي هضبة بركانية تقع شمال دارفور وتمتد من وادي الملك جنوبا في السودان إلى الحدود المصرية السودانية تقدر مساحتها 110 كلم طولا 70 كلم عرضا ويجري بوسطه انهر صغيرة وشلالات ،وعيون ماء عذبة وأخرى مالحة . وتوجد بها أحواض مائية بها كميات كبيرة من المياه الجوفية وتشمل أحواض ام بياضا المائي ، وآسار ، عين بساروا ، آيجو ، مجرور ، تلمة ، مكوري ، جبل عيسى ، أفروة ، وورد في الكتابات عنها بأن الهضبة توجد فوق حوض مائي كبير يمتد من شمال مليط حتى كرب التوم داخل الصحراء أكدت وجوده الصور الفضائية.
وتكسو بعض جهات الهضبة المعمورة أشجار مخضرة يعيش بوسطها ماعز برية ، كما تشتهر بنوع من الأغنام كبيره الحجم تكسوها طبقه من الصوف بجانب الشعر.وتتميز كباشها بقرون كبيرة وذيل طويل اللون السائد هو الرمادي. والهضبة غنية أيضا بالثروات المعدنية الغير مستغلة. ويوجد في شمالها غرب دنقله والدبة واحتي النطرون و النخيل وهما محطتان تمر بهما القوافل المتجهة نحو ليبيا للتزود منهما بالمياه للشرب . وواحة النخيل تسقط عليها أمطار في بعض المواسم المطرية وتنمو فيها حشائش أبو سكينة وأشجار السلمة الدائمة الخضرة على مدار السنة في أطرافها ، وتنتشر أشجار النخيل على ضفاف وادي النخيل الجاف والذي يتجه من الجنوب الغربي ويتجه نحو الشمال الشرقي و ينتهي عند النيل ، وكذلك توجد أحواض مائية في وسط الوادي تحوي مياه عذبة ومالحة على مسافات متقاربة .. ومياه بحيرة النخيل ذات خصائص علاجية وهي مناطق عموما جرداء خالية تقريبا من السكان حيث يتواجد السكان في الجنوب الغربي لهضبة الميدوب بالقرب من الحدود التشادية، ويبلغ عددهم حوالي 250 ألف نسمة.ويمكن تحويل الهضبة إلى مدرجات ورفع مياه القناة الغربية المارة بجوارها بالمضخات إلى تلك المدرجات لزراعتها وتعميرها.
ويدخل ضمن المشروع تعمير دير جبل العوينات (الهضبة المحيطة بالجبل) في السودان ومصر بحيث يتم تحويلها أيضا إلى مدرجات يتم رفع المياه إليها بالمضخات وزراعتها و تدل الآثار القديمة الباقية فيها على أنها كانت واحات عامرة بالسكان قديما قبل أن يصيبها الجفاف.
ويعتبر هذا المشروع بمثابة تعديل لمشروع ممر التنمية الذي دعا إليه الدكتور فاروق الباز في مصر، ويختلف عنه بأنه يبدأ من السودان وليس من مفيض توشكي ويعتمد على قناة ملاحية مكشوفة استبدلها الدكتور الباز بأنبوب للمياه للحفاظ على المياه من التبخر. بينما تحتاج زراعة الأراضي الصحراوية إلى كمية كبيرة من المياه في السنوات الأولي بسبب زيادة مسامية التربة الرملية وتفككها وكثرة الأملاح بها ولإمكانية التغلب على عيوب التربة الرملية الآتية : -
1- قليلة الاحتفاظ بالماء وهى من الظواهر الواضحة في الأراضي الرملية حيث أنها تجف بسرعة وحرارتها ترتفع بسرعة.
- 2 قلة الاحتفاظ بالعناصر الغذائية نتيجة لسرعة غسيلها من التربة .
3 - ضعف النشاط الحيوي للكائنات الدقيقة في التربة وذلك راجع إلى السببين السابقين بالإضافة إلى ندرة المادة العضوية بها.
وأيضا حاجة الكائنات الحية إلى نسبة رطوبة في الهواء الساخن الجاف في الصحراء لتحسين ظروف حياتها والى أن يتم تكسية الأراضي بغطاء نباتي يمكنه أن يمد الهواء الجوى بتلك الرطوبة عن طريق خاصية النتح في النباتات وهو ما يحتاج إلى عدة سنوات. كما تعد وفرة المياه حاليا فرصة لزيادة مخزون المياه الجوفية والتي سيتم الاعتماد عليها كمصدر رئيس للحصول على المياه الصالحة للشرب ، وقد تتم الحاجة اليها في بعض المناطق لاستخدامها في أغراض الزراعة والصناعة، وبالتالي مواجهة أي احتمالات في أن تشح مياه النيل مستقبلا بسبب زيادة الطلب عليها من دول المنبع والممر والمصب بمرور الوقت.فضلا عن أهمية النقل النهري سواء في نقل المنتجات أو الطمي، حيث قد يتأخر انجاز الطرق البرية ورصفها وكذلك مد خطوط السكك الحديدية التي سيتوقف تنفيذها على تزويد المناطق الجديدة بالطاقة الكهربائية الكافية وأيضا على ضمان العائد المادي والذي يتوقف بدوره على التقدم المحرز في مخططات التعمير والإنتاج.

. وترافق تلك القناتين الملاحيتين فيما بعد طرق برية وخطوط سكة حديد حديثة مكهربة وخطوط كهرباء ضغط عالي تغذي محولات وشبكات توزيع للكهرباء لأغراض الإنارة والقوى المحركة وتتغذي خطوط الضغط العالي من محطات توليد الكهرباء تستغل طاقة الرياح والطاقة الشمسية أو الطاقة النووية أو حرارية تعمل بالديزل، أي كل مصادر الطاقة المتاحة والاقتصادية والدائمة.وتتميز القنوات الملاحية بأنها تيسر لنقل النهري الرخيص التكلفة بين مصر والسودان ويتفادى مجراها لسدود القائمة على النيل والخوانق والشلاﻻت. كما تسهم بحماية المناطق المجاورة للنيل من خطر الفيضانات في مواسم الأمطار الغزيرة بتصريفها لتلك المياه وتزود الأراضي المستصلحة بالطمي سواء في موسم الفيضان بالصيف حيث تحمله مياه الفيضان ويترسب فوق التربة أو موسم التحاريق في الشتاء والتي تجف فيه المياه وتتوقف الملاحة البحرية في القنوات مما يمكن من الحصول على الطمي المترسب في قاعها ونشره فوق الأراضي الزراعية أو استخدامه في صنع السماد الطبيعي التي يتم نشره فيما بعد على سطح التربة الزراعية وتقليبها به لتحسين مواصفاتها.

ويتم توزيع أﻷراضي المستصلحة للزراعة على أسر شابة مختلطة تتكون من شعوب دول منابع النيل والشعوب العربية،وتتوزع على مستوطنات سكنية مزودة بالمرافق الحيوية للخدمات و تسع كل مستوطنة منها 1200 أسرة شابة وهي بذلك تحل مشاكل الكثافة السكانية في دول تعاني من التزايد السكاني مثل أثيوبيا وأوغندا ورواندا وبوروندي ومصر بالإضافة إلى دولة مثل نيجيريا التي تجاوز عدد سكانها الحالي المائة مليون في مساحة من الأرض أصغر من تأمين وسائل العيش لهم، وتؤمن قوى بشرية هائلة لتنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية الزراعية والصناعية والتعدينية ، فضلا عن تمتين العلاقات الإنسانية بين دول وادي النيل وتضمن تنمية مشتركة بينها تحول دون أية منازعات محتملة حول مياه النيل.وتستطيع المستوطنات البشرية التي ستقام في أراضي المشروع أن تستوعب أكثر من 150مليون نسمة خلال 25 عاما.

ويتم في تلك المستوطنات تقديم حق الانتفاع بالأراضي الزراعية والمساكن باسم الزوجات ويتم تقسيم المستوطنة إلى أحياء سكنية يتم في كل حي سكني إسكان الزوجات في الأسر المختلطة من دولة عربية أو قبيلة أفريقية في حي واحد للجمع بين وحدة الزوجات وتنوع الأزواج بما يحقق الاختلاف ضمن الوحدة ويسهم في تحسين النسل وزيادة المناعة ضد الأمراض. ويتنوع سكان المستوطنة بين خريجين وبين حرفيين وصناع من مختلف المهن والحرف والصناعات.

وتتكون المستوطنة/القرية من 25 مجمع/حي سكني يحتوي كل مجمع على 50 مسكن تقطنها 50 أسرة ،.ويخصص لسكان كل مستوطنة 15.000فدان توزع على الأسر للزراعة المقيمة فيها بالإضافة إلى مباني الإدارة والخدمات (مدرسة – ناد- مكتبة عامة – ملاعب رياضية- محطة لتحويل وتوزيع الكهرباء ، محطة للمياه الصالحة للشرب – مستشفى- أسواق تجارية – ورش للصناعات اليدوية والحرفية – مطحنة للحبوب – دار للسينما والمسرح...الخ) كما يلحق بها 10.000فدان تستغل بواسطة الشركة المنفذة للمشروع أو يقام عليها مزرعة جماعية.

ويعهد بحفر القناتين إلى شركات مقاولات وطنية أو تابعة للدول الصديقة المشاركة في رأسمال المشروع ، بحيث تقوم كل شركة مقاولات بحفر 100 كيلومتر وفق برامج زمنية محددة وتقوم باستعمال ناتج الحفر في أقامة الجسور الترابية التي ستستخدم مستقبلا كطرق برية أو مسارات للسكك الحديدية والتي سيتم تشجير جوانبها فيما بعد أو أقامة أحزمة غابوية فيها تستغلها الشركة المالكة للمشروع وفقا للمخطط النهائي له. وإذ سيتم الحفر في مناطق مرتفعة نسبيا وما يتطلبه من أن يكون عمق القناة أدني من منسوب المياه في النيل بحوالي أربعة أمتار على الأقل لكي تكون القناة صالحة للملاحة النهرية ولتخزين أكبر قدر من المياه ، فقد يترتب على الحفر معرفة خصائص الأراضي الجيولوجية وإمكانيات صناعة التعدين فيها. كما توجد في المناطق التي تمر بها القناتان مناطق تحتوى على رمال تصلح لصناعة الزجاج المسطح والبلور سيتم الاحتفاظ بها لإقامة تلك الصناعات عليها، وأيضا توجد مناطق غنية بالحجر الجيري تمكن من أقامة مصانع للأسمنت..وبناء على ما سبق فإن المشروع لن يقف عند حد الزراعة والإنتاج الحيواني وما تقوم عليهما من صناعات غذائية أو زراعية، وإنما سيتم من خلال تنفيذه بحث كل إمكانيات استغلال الثروات الطبيعية التي يمكن اكتشافها في موقعه وتسمح باستغلال اقتصادي لها، ويمكن الاستفادة منها في نهضة صناعية تزيد من حجم الناتج القومي .

ولا يتوقف استغلال الأراضي أو إقامة المستوطنات على إتمام حفر القناتين الملاحيتين وإنما يتم خلال تنفيذ الحفر ولحين أطلاق مياه النيل في القناتين الأعمال التحضيرية وبعض النشاطات الإنتاجية المحدودة بحيث يتم مسح الأراضي وتحديد مواقع المستوطنات الزراعية والأراضي المخصصة لها للزراعة والإنتاج الحيواني، ثم توصيل المياه من النيل عن طريق المضخات إلى موقع كل مستوطنة واستغلالها في زراعة مساحات محدودة من الأراضي بنباتات المراعي وبالأشجار وفي تربية الماشية. علما بأن المناطق غرب القناة الشرقية في السودان من رنك حتى نهر عطبرة قابلة للاستثمار الكامل الفوري بمجرد توصيل المياه إليها وعلى مياه الأمطار أيضا ونفس الشيء بالنسبة للأراضي في النيل الأبيض شرق القناة الغربية وحتى صحراء بيوضة وثنية النيل تتوفر على نفس الإمكانيات التي تجعلها قابلة بدورها للاستثمار الفوري.
ولما كانت الأراضي تنحدر من الهضاب في اتجاه النيل فسيتم توصيل المياه إلى الأراضي المجاورة للهضاب والمطلة على القناة الملاحية عن طريق مجرى مائي صغير مبطن بالأسمنت مقام على جدار حجري يفصل بين مستوطنة وأخرى متجاورتين، ويميل في اتجاهه من النيل إلى الهضبة ويمدهما معا بالمياه ويزود أراضيهما بالمياه اللازمة للزراعة. كما يتم الحصول على مياه الشرب للسكان والماشية مما يتم حفره في المستوطنة من آبار ارتوازية ومضخات يدوية تصل إلى مخزون المياه الجوفية في مناطق الحجر النوبي الذي يحتفظ بالمياه. ويتم الاهتمام في البداية ولحين الحصول على المياه من القنوات الملاحية بالتشجير وزراعة مساحة محدودة بإمكانيات الري المتاحة لزراعة البرسيم الحجازي لإمكان تربية الماشية عليه. هذا فضلا عما يمكن البدء في تنفيذه من مشروعات تعدينية وفق لما يتم العثور عليه من الخامات المعدنية وقد يترتب عليه إدخال تعديلات طفيفة على مخططات التعمير بالمشروع.

ويتم استقبال المستوطنين من الذكور والإناث في معسكرات إعداد في مواقع المستوطنات التي يمكن الوصول إليها بسهولة عن طريق طرق يتم تمهيدها خلال المشروع أو النقل النهري في النيل ، حيث يتحقق التعارف بينهم وتأهيلهم لبناء مستقبلهم وتحديد سبل مشاركتهم في التنمية حسب معارفه وخبراتهم المهنية أو الحرفية ويشاركون في مزارع جماعية لمدة محددة يتم بعدها تسليم الأسر التي تتكون منهم أرضا زراعية ومساكن في المجمعات السكنية الخاصة بها.

وترتبط المستوطنات فيما بعد على القناتين الشرقية والغربية بطرق برية وسكك حديدية في بعضها عرضية تعبر النيل وتربطها بموانئ البحر الأحمر مثل : أسيف ومرسى علم والقصير وسفاجا أو موانئ جديدة يتم إقامتها على ساحل البحر الأحمر. بما يمكن من تصدير منتجاتها الى الخارج أو استيراد مستلزماتها.

والى جانب الزراعة والإنتاج الحيواني تتولى الشركة المساهمة التي تؤسسها جمعيات الحركة المجتمعية في مختلف الدول العربية القيام بالنشاطات المتعلقة بالتصنيع والتعدين والسياحة والتجارة وأعمال الإنشاءات والتعمير والبنية الأساسية واستغلالها استغلالا اقتصاديا مربحا يزيد من تراكم الثروة المجتمعية سنويا وعلى مدى طويل يزيد عن 25 عاما وذلك عن طريق شركات متفرعة من الشركة القابضة الأم.
-----------------------------------------------------------------------------------------
• المشروع أعلاه أعد لتقديمه ضن وثائق تأسيس منظمة إقليمية تتولي عملية التنسيق بين شبكات التنمية التي تقام ضمن نظام الحركة المجتمعية للتنمية ،وتنظيم مساهمات تلك الشبكات في المشاركة في رأس مال الشركة القابضة المنفذة للمشروع ، بينما تقوم الشبكات من جهتها بتنظيم اختيار القوى البشرية التي يحتاجها المشروع وفق مؤهلاتها ومهنها وتخصصاتها وإرسالها إليه على نفقة الشركة المنفذة له وبالتنسيق معها.
فوزي منصور

Friday, July 15, 2011

مطلب العدل واﻻحسان بعد انفصام العلاقة الزوجية بين شقي اﻹنسان

مبحث في حق المطلقة واﻷرملة في البقاء فيما كان بيتا للزوجية خلال العدة وبعد انقضائها.

بسم الله الرحمن الرحيم

طرحت هذا الموضوع للمناقشة في صفحتي بموقع الفيسبوك موجزا فلم يحظ بالمناقشة المأمولة. وأعتقد أن السبب في اﻹحجام عن المناقشة هو عدم اهتمام المسلمين بمعرفة دينهم وأحكامه وتعويلهم إن أعوزتهم معرفة شيئ فيه الرجوع الى من تخصصوا في علوم الدين من الفقهاء ،وهؤﻻء قد يعطونهم أجوبة مختلفة حسب المذهب الفقهي الذي يتبعه كل منهم وأقوال فقءاي السلف المنتمين اليه والذين يتناقلون نفس الرأي بالتلقي جيلا من بعد جيل ثم يأتي من بعدهم من يعتبرهم قد أجمعوا عليه بينما كان كل منهم في حقيقة اﻷمر يعيد انتاج ما تلقاه عن سلفه دون تدبر أو تحقيق له ويقتصر دوره على شروح له على المتن في هامشه.إن وجود فقهاء متخصصين في العلوم الدينية ﻻ يعفي أي مسلم أن يبحث بنفسه في أمور دينه في مصادر الدين الرئيسة وهي الكتاب والسنة وأن يسترشد بما قاله اﻷولون دون أن يلزم نفسه به أن وجد ما يخالفه واستطاع البرهنة على صحته.
وأعود هنا لتفصيل هذا الموضوع وبحيث يشمل حقوق المطلقة واﻷرملة في السكني بمنزل الزوجية خلال فترة العدة وبعد انقضائها وﻻ يشمل حالة اﻻفتراق بواسطة الزوجة والذي يعرف بالخلع أو اﻻختلاع حيث ﻻيعد محسوبا ضمن حاﻻت الطلاق الذي يقع فقط بواسطة الزوج الذي بيده العصمة ،ويقوم على أساس تنازل الخالعة أو المفارقة للزواج بمحض ارادتها عن كافة حقوق المطلقة.وشبيه به :التفرقة بين الزوجين بالتطليق بحكم قضائي بسبب الضرر حيث ﻻ ضرر ولاضرار في الدين.

تمهيـــد:
خلق الله تعالى كافة الكائنات الحية من زوجين : ذكر وأنثى.ونرى ذلك في الحيوانات والطيور والحشرات والنباتات .ويصنف علماء الحياة اﻷنسان ضمن الثدييات من جنس الحيوانات .وقال تعالى في سورة اﻷعراف عن اﻹنسان :( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.وقال في سورة النساء: (اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها)،وقال المفسرون بأن السياق يعني بأن الله خلق أدم ثم خلق منه حواء ولكن يمكن أن تفهم أيضا بأن الله خلقهما من نفس واحدة معا أو على التوالي وجعل من تلك النفس ذكرا وأنثى والله أعلم.وقال في سورة الزمر:قال الله تعالى: {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ".وفسرت الثمانية أزواج من اﻷنعام بأنها:من الإبل اثنين ومن الماعز اثنين ومن الغنم اثنين ومن البقر اثنين لتأمين معاش اﻹنسان وما يحتاجه في غذائه من لحوم وألبان.وكل زوج يتكون من ذكر وأنثي أيضا لكي يتزاوجا ويكون لهما نسل يضمن استمرار النوع.وإذ ﻻ نعرف ما النفس ، فإننا ﻻ نستطيع القول بأن كل زوج من الحيوانات خلق أيضا من نفس واحدة أو يختص بذلك اﻻنسان دونها.وعندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بإن النساء شقائق الرجال فإنما يعني ذلك أي أنهما خلقا من نفس واحدة انشقت فصار شق منها ذكرا والشق اﻵخر أنثي ،ويعني أيضا أن الرجال والنساءﻻيجوز التمييز بينهما في الحقوق بحيث يكون ﻷحدهما ماليس للآخر من حق ولكن يرتبط الحق بالنسبة لكل منهما أيضا بواجباته قبل اﻵخر وفي هذا يقول تعالى عن النساء :ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة.والدرجة هنا في المعروف حيث يلزم الرجل باﻻنفاق على المرأة وﻻ تلزم المرأةباﻹنفاق على الرجل.ولذا روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال :إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة لأن الله تعالى يقول : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وما أحب أن أستنظف جميع حقي عليها لأن الله تعالى يقول : وللرجال عليهن درجة..ولكن بتفسير اﻵية حسب السياق الذي وردت فيه وهو يتعلق بالطلاق حيث تقول اﻵية : وَ الْمُطلَّقَت يَترَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَثَةَ قُرُوء وَ لا يحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فى أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ وَ بُعُولَتهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فى ذَلِك إِنْ أَرَادُوا إِصلَحاً وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيهِنَّ بِالمَْعْرُوفِ وَ لِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(228) .أن المقصود هو درجة أزيد في المعروف حيث يأتي رد المطلقة خلال عدتها إلى الزوجية بمبادرة من الرجل ولكن ذلك يتم أيضا بتوافق رغبته مع رغبة زوجته لقول تعالى :وَ بُعُولَتهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فى ذَلِك إِنْ أَرَادُوا صلَحاً، وﻷن قوله تعالى : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف جاء بعد ذلك مباشرة.وأيضا يضاف الى حقوق المطلقة المنصوص عليهاوالمحددة :حق المتعة الغير محدد، والمتروك ﻷريحية الرجل وكرمه . ويشمل أيضا كل ما ينتمي الى اﻹحسان أي ما يزيد عن التزامات المطلق وفقا ﻷحكام الشرع.أي يتعلق اﻷمر هنا باكرام المطلق لمطلقته وفاء لعشرة كانت بينهما استغرقت زمنا طال أم قصر.ويأتي ذلك أيضا مصداقا لقوله تعالى :وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. فمثلما ألهم الله النفس فجورها وتقواها، فطرها على المودة والرحمة وحب الخير ولكن النفس التي فسدت فطرتها، وغلب فيها الفجور على تقواها تتحول الى النقيض فإذا بمودتها تصير كراهية وبغضاء ورحمتها تتحول الى قسوة وميل الى الشر ورغبة في اﻻنتقام.والمودة والرحمة مطلوبة من كل بني اﻻنسان عامة في تعاملهم مع بعضهم البعض ممن جمع بينهم اﻹيمان وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر اﻷعضاء بالسهر والحمي .وهذا مطلوب أيضا بشكل خاص في العلاقة الزوجية بين الذكر واﻷنثي.

حالات فصم الرابطة الزوجية التي يحق بعدها استبدال زوج بزوج:
تنتهي الرابطة الزوجية بوفاة أحد الزوجين وفي حالة وفاة الزوج فإن الزوجه تعتد في بيت الزوجية أو في أي مكان شاءت أربعة أشهر وعشر أيام أو لحين وضع حملها إن كانت حاملا ولا يحق لها الزواج من بعده حتى تنتهي العدة ويمكنها الاستمرار في سكني بيت الزوجية إن شاءت حتي تكتمل فترة عام كامل على وفاة زوجها كحق لها أو صيى به الله لها في كتابه الكريم ،ولكن الرابطة الزوجية تنتهي ايضا في حالة حباة الزوجين في الحالات التالية :
1- الطلاق :ويتم الطلاق بارداة منفردة وحرة ،أي غير خاضعة لإكراه ،من الزوج في طهر لم يحدث فيه جماع بعد انتهاء فترة الطمث للزوجه ، وإن تم وهي حائضة أو نفساءأو في طهر تمت مجامعة زوجها لها فيه كان طلاقا بدعيا ، أي غير شرعي .وإن تم وفق ما قرره الشرع ،يكون طلاقا رجعيا بحيث يمكن للزوج مراجعة الزوجة خلال فترة العدة بالتراضي معها وليس جبرا أو غصبا وتقيم الزوجة في بيت الزوجية خلال فترة العدة وهي ثلاثة قروء أي ثلاث طهورات من حيض وقد قدرت بثلاث اشهر و 10 ايام تقريبا ً وهذه العدة لغير الحامل أما الحامل فعدتها حتى تضع حملها لإتاحة الفرصة للزوجين بالتراجع عن الطلاق إن أرادا ذلك ووفقهما الله اليه.وذلك عملا بقوله تعالى :" والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " .والطلاق مرتان فإن طلقها للمرة الثالثة فلا تحل له حتي ينكحها زوج آخر، وأما اللائي يئسن من المحيض أو انقطع عنهن الحيض فينطبق عليهن قوله تعالى :"واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن " (الطلاق : 4 ).
2- الفسخ أو التفريق: وهو أن يتضح بعد الزواج أنه بني على باطل وخلاف ما يقضي به الشرع كأن يكون الزوجان إخوة من الرضاعة مثلا ولم يتبين لهما ذلك الا بعد الزواج.وهو بمثابة طلاق بائن لا رجعة فيه ولا عدة ولا حقوق متبادلة بين الطرفين لأنه كان باطلا من أساسه وما كان يجب أن ينعقد الزواج.ويعد في حكم الفسخ : الطلاق قبل الدخول لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها " (الأحزاب: 49).كما يتم الفسخ أيضا إذا ما تزوجت المسلمة مسلما ثم ارتد عن دينه أو استبدله بدين آخر.
3- التطليق : وهو حكم يقضي به القاضي بناء على طلب الزوجة بسبب الشقاق أو الضرر أو ثبوت الغرر أو التدليس عند العقد أو تخلف شرط من شروط صحة العقود المعتادة وامتناع الزوج عن طلاق زوجته فيطلقها القاضي نيابة عنه جبرا وتحتفظ بكافة حقوق المطلقة فيما عدا الاقامة في بيت الزوجية خلال فترة العدة وتحتسب العدة من تاريخ صدور الحكم.
4- الفداء : وهو طلاق يتم بناء على طلب الزوجة والتراضي بينها وبين زوجها على أن ترد له ما يكون قد أنفقه عليها وحكمه مثل حكمالطلاق العادي ، وقد يتم أيضا إذا رفض الزوج الطلاق فتتقدم الزوجة بطلب الطلاق الى القاضي ،والذي يقوم في هذه الحالة بالتطليق مع قبول الزوجة دفع ما يقضى به للزوج مقابل حصولها على الطلاق وحكمه في هذه الحالة حكم التطليق.ويستفاد ذلك من قوله تعالى:" ولايحل لكمأن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله ، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلاجناح عليهما فيما افتدت به ، تلك حدود الله فلا
تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون "(البقرة : 229).
5- الخلع : وهو أن تقوم الزوجة بفسخ عقد الزواج من جانبها وبإرادتها المنفردة وسواء وافق الزوج أم لم يوافق على أن تعلن ذلك أمامالحاكم أو القاضي والإشهاد عليه وتفقد بذلك كل الحقوق التي رتبها الشرع للمطلقة ، ولا تلتزم بالإقامة في مسكن الزوجية خلال فترة العدة والتي
تنقضي بحيضة واحدة للتأكد من أنها ليست حاملا فإذا كانت حاملا فإن عدتها تنتهي بوضعهامولودها ولا يحق لها الزواج خلال فترة العدة ولا يحق أيضا لزوجها مراجعتها خلال العدة وإنما يمكن عودتها اليه بعقد جديد ، ولا يحسب فراقها له بالخلع طلاقا . على أنه يجب أن يتم الخلع أيضا في طهر لها بعد انقضاء فترة الطمث لم يحدث فيه جماع.ويحق للزوج أن يطلب من القاضي الحكم له بتعويض من الزوجه دون أن يكون سداد الزوجة التعويض الذي يقدره القاضي شرطا واقفا لمنع نفصام الرابطة الزوجية.كما لا يتوقف الخلع أيضا على موافقة القاضي فكما يتم الزواج بدون موافقته يتم الطلاق والخلع أيضا دون موافقة منه.
والمعروف من عادات قبيلة الطوارق جنوب الصحراء الأفريقية بأن المرأة المتزوجه إن أرادت خلع زوجها اصطحبت أربع شهود معها الى مجلس القاضي فأعلنت فيه أنها اختلعت من زوجها فلان ، وهذا المسلك لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تساوي بين الذكر والأنثى في الحقوق .ولا يتفق مع المساواة في الحقوق أن يكون للزوج حق الطلاق بإرادته المنفردة ويتم حرمان الزوجة من هذا الحق. فإذا كان للرجل حق الطلاق فإن للمرأة الحق في الخلع وهو ما ذهب اليه كل من المرداوي وابن رشد.وقد قرره الشرع للمرأة تيسيرا عليها إن أساءزوجها عشرتها وأبغضته ورفض تطليقها فتخلعه وتتنازل عن حقوقها التي يرتبها لها الطلاق.وفي جميع الحالات يحرم أعضال المرأة التي انفصمت الرابطة الزوجية بينها وبين رجل وأتمت العدة بالحد من حريتها في الرجوع إلى زوجها الذي فارقته بعقد جديد أو استبدالها زوج محل الزوج الذي توفى أو طلقها أو تم فسخ عقد زواجها بها وفق أي من الحالات السابقة عملا بقوله تعالى : وإذا طلقتم النساء ، فبلغن أجلهن ، فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف (البقرة 232).

مطلب العدل واﻹحسان وايتاء ذي القربي:
وينطبق أيضا على العلاقة الزوجية مثلما ينطبق على كل العلاقات اﻻنسانية قوله تعالى : إن الله يأمر بالعدل واﻹحسان وايتاء ذوي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي ، يعظكم لعلكم تذكرون.فبموجب هذه اﻵية وجب على الزوج العدل الذي أمر الله به، بأن يعطي لمطلقته ما عليه من الحق لها ، وﻻيظلمها.ثم يزيد على ذلك بأن يحسن اليها ﻷن الاحسان، فهو فوق العدل، وهو أن يعطيها حقها ويزيدعليها، وأن يعمل معها معروفا فوق الواجب. وقد قال صلى الله عليه وسلم عنهن : " ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ".وسيقتصر هذا المبحث على بقاء المطلقة أو اﻷرملة في بيت الزوجية بعد انفصام العلاقة الزوجية وبعد أن صارت حرة في الزواج بغير زوجها السابق المطلق لها أو المتوفي عنها.
كما ﻻ يجب أن يترتب على انفصام الرابطة الزوجية بين الزوجين أن يتنكر كل منهما لمن كانوا أصهارهما باﻷمس من ذوى القربي للزوجين ولم يكن لهما دخل فيما حدث بينهما من شقاق أدي الى الطلاق وإنما يجب المحافظة على علاقة المودة التي كانت بين كل من الزوجين وبينهم وإذا كان الزوجان من ذوي القربي فلايجب أن يكون الطلاق سببا في قطع صلة الرحم بين أسرة الزوج وأسرة الزوجة ، وإنما يجب المحافظة على تلك الصلة التي أوصي بالحفاظ عليها الله ورسوله ، وذلك لقوله تعالى :"( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ( 238 ) فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون (البقرة 239 ) .حيث فسرت الصلاة الوسطي في مبحث لي بأنها صلة الرحم لورود ذكرها في سياق الحديث عن الطلاق وليس في سياق ذكر الصلوات الخمس وهو ما يعني أنها ليست منهم وإنما الصلاة هنا بمعني الصلة والمقصود بها صلة الرحم . وحسب اﻵية فإنه ﻻيجب أن يمنع القيام بصلة الرحم لذوى القربي حالة الخوف من خطر السير لهم لتفقد أحوالهم واﻻطمئنان عليهم فيتم الوصل سيرا على اﻷقدام أو على ظهور الخيل على عجل من الواصل فإذا حل اﻷمن في المكان كان الوصل لذوى اﻷرحام بذكر ما أمر به الله بالوفاء بحاجةالمحتاج منهم باﻵنفاق عليه من الصدقات واﻻحسان اليه.
وانطلاقا من تلك اﻷحكام والمبادئء والقيم ومكارم اﻷخلاق التي حض عليها الله ورسوله نبين حق المطلقة واﻷرملة في البقاء في بيتها بعد اكتمال عدتها إن دعت الضرورة ومصلحتها ذلك ومقتضيات العدل واﻹحسان.

أوﻻ : بقاء المطلقةفي بيت مطلقها بعد انقضاء العدة:
هل يجوز للمرأة المطلقة أن تبقى مع مطلقها في سكن واحد بعد انقضاء عدتها؟..أجمع فقهاء المسلمين بعدم جوازه بعد انقضاء عدتها،.بينما نجد الله أطلق الحكم ولم يقيده بانتهاء العدة أول سورة الطلاق والتي يقول فيها:" يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً (1) فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجاً (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً (3)". وإذ قال تعالى وﻻتخرجوهن وﻻ يخرجن أﻻ أن يأتين بفاحشة مبينة ، فجعل اﻻتيان بفاحشة مبينة سببا بحرمان المرأة من البقاء في بيت الزوجيةبعد الطلاق أثناء العدة ، فقذكر أنه بعد انتهاء العدة وبلغن أجلهن فامسكونهن بمعروف أو سرحونهن باحسان واﻻمساك هنا يعني فيما يعني اﻻبقاء في بتوتهن ^ن أردن ذلك وعدم اخراجهن فإن أردن خروجا يتم تسريحهن بإحسان ودون ظلم أو بغي ولم تصرح اﻵية بالتالي بوجوب أخراجها منه بعد انقضاء العدة ولو شاء الله ذلك لقاله ، وثمة آيات أخرى تعزز هذا الفهم،كما أن جلب المصلحة المؤكدة للمطلقة التي ليس لها بيت تؤول اليه أولى من درء المفسدة المحتملة التي قد تتأتي وقد ﻻ تحدث نتيجة لوجودها في بيت رجل صار حكمه حكم الغريب عنها،وليس العكس.مما يعني جوازه عند الضرورة الملحة للمطلقة.ونسبة البيت هنا الى الزوجة يمكن أن يفهم منه بأن اﻻبقاء عليها فيه ناتج من أن ﻻيكون لها بيت سواه تلجأ اليه.فإذا كان بيت والديها مازال قائما أو بأمكانها اﻻلتحاق ببيت أخ لها دون أن يكون في ذلك مضرة بها ولو أنه اﻷولى بها،انتفي مبرر البقاء في بيت مطلقها في نهايةعدتها.ويكون من الظلم البين لها طردها في هذه الحالة إذا كانت مازالت حاضنة ﻷوﻻدها منه فيكون فيه ظلم لها وﻷوﻻده مع وجوب اﻻنفاق عليها كأجر لها على اﻹرضاع أو الحضانة وعلى أوﻻذه منها وفاء لحقوقهم عليه. وﻻينتفي الظلم والبغي إن لم يكن لها منه ولد . وقوله تعالى في اﻵية الثالثة ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، هو تقدير من الله تعالى أن هذا قد بشق على الزوج ولكن قد يقدر الله أﻻ تطول اقامته لديه بأن يرزقها بزوج غيره تنتقل الى بيته أو يقدر الله أمرا أخر ﻻيعلمه سواه و"إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيئ قدرا".وإن كان يخشى من أن ﻻيستطيع اﻻنفاق عليها ولو أنه غير ملزم بذلك ولكنه ﻻ يستطيع أيضاأن يتركها بدون طعام فإن الله يقول له في نفس تلك اﻵيات :ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه".
وقد ضربت مثلا بمطلقة يتيمة لم تنجب من زوجها الذي طلقها وهي لذلك ليست مرضعة أو حاضنة لأولادها منه و لاأهل لها ترجع اليهم بعد طلاقها ولا تملك سكنا تلجأ اليه ، فهل يتم الالقاءبها في الشارع من قبل مطلقها الذي كانت بينه وبينها عشرة ومساكنة وتواد وأفضي كل منهما لللآخر؟..وهل يمنع ذلك لأنها صارت امرأة أجنبية بالنسبة لمطلقها ولاتحل له بعد انقضاء عدتها الا بعقد جديد؟..هنا تثار قضية وهي مدي أحقية الغير في حشر أنوفهم فيما يحدث خلف جدران الآخرين بينما كل نفس بما كسبت رهينة والله مطلع على ما يجرى مستورا في البيوت وحساب سكانها عليه وليس للآخرين دخل فيه؟..أي يتعلق الأمر ليس فقط بحق مسلمة في الستر وعدم تعريضها للسوء وإنما في حرمة البيوت وعدم حق أحد في فرض وصاية على سكانها والتدخل في شؤونهم وفي مدى التزامهم بتقوى الله .
وشبيه بالمثال الذي أوردت ، كما نبهني الصديق محمد أحمد عبد اللطيف الى أنه يدخل في ذلك :ألمرأة التى لا يرجى زواجها سواء كان بسبب العمر أو الحالة الصحية أو لتواجدها بين أبنائها حتى يشتد عودهم ويتكفلون بها , ولقد كان من شيم العرب أن لا يطلقوا طاعنة العمر أو أن يبعدوها قسرا . ,, وألأهم من ذلك كلة هو ألإحســـــــان.
وأضاف بأن التراحم الذي ذكرت هو نسمة من نسائم ألإحسان ورحمة من الرحمن بمن وضع فيهن الرحم وإشتق منه محبوب إسمهِ الرحمن.والتراحم يدخل ضمن اﻹحسان وإن لم يكن هو كل اﻹحسان.
والمرأة المطلقة طلاقا رجعيا ﻻ يحق لزوجها إخراجها من البيت وﻻ يحق لها أيضا مغادرته اﻻبعد انتهاء العدة بتمام ثلاثة قروء أي ثلاثة حيضات مع اﻷخذ في اﻻعتبار أنهﻻ بجوز طلاقها وهي في حيض أو في طهر جامعها فيه زوجها، وﻻيقع الطلاق إذا كانت في فترةالخيض أو في طهر جامعها فيه زوجها وأنما يلزم أن يتم في ظهر لم بواقعها فيه. والهدف من فترة العدة تلك ليس فقط التأكد من اﻻبراء من الحمل وإنما اتاحة الفرصة للزوج لكي يراجعها فيها قبل أن تنتهي فترةالعدة برضي منه ، ويكتفي في هذه الحالة أن تقبل أن يواقعها قبل انتهاء فترة العدة بحلول الحيض الثالث لهالكي تكون قد رجعت اليه ورجع اليها.وهو المقصود من قوله تعالى:لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. وفي حالة ما أذا دعت الضرورة الى أن تستمر في بيته بعد انتهاء عدتها فلعل كل منهما يندم على ما حدث بينهما من شقاق وطلاق فيعودان الى اﻻرتباط الزوجي بعقد زواج حديد مالم بكن طلاقها منه طلاقا بائنا ﻻ رجعة فيه.ولذا فإنه ليس للمختلعة عدة إذا كانت قد اختلعت من زوجها في طهر لم يجامعها فيه بعد انقضاء آخر حيض لها ، وما رآه بعض الفقهاء من أنها تعتد لحيضة واحدة فإن ذلك يكون في حالة اﻻختلاع من زوجها في طهر جامعها فيه لضمان عدم الحمل خلاله وحتي ﻻ تختلط اﻷنساب حيث يحل لها الزواج من غيره فور اختلاعها منه.

والذي يقول بأن ﻻيقبل في اﻹسلام بأن يعيش رجل وامرأة صارت أجنبية بالنسبة له و ليس بينهما رباط أن يعيش معا تحت سقف واحد وأنما يمكن للرجل أن يؤمن لها سكنا مستقلا أقول له :وإذا لم يكن بامكان زوجها السابق أن يدبر لها مسكنا فما هو الحل؟..علما بأن وجودها مؤقت الى أن ييسر لها الله الزواج بغيره أو يعقد عليها زوجها السابق مرة أخرى واذا كان المجتمع ﻻ يقبل ذلك عليه أن يدبر لها زوجا أو سكنا عوض اﻻكتفاء باﻻعتراض فإن لم يتحمل مسؤوليته فاﻷولي به أن يصمت.كما أنه إذا كانفهمنا للﻵيةصحيحا بأن الله قدأمر حفاظا عليها بالبقاء في بيت زوجها السابق بعد العدة فإن الزوج السابق غير ملزم باﻻنفاق عليها بعد انتهاء العدة وإن أطعمها كان ذلك من قبيل اﻹحسان ولها حق مفروض في الزكاة التى فرضها الله للمسلمين في مصرف الفقراء...الموضوع أذن متشعب ويحتاج الى دراسة من كافة النواحي وهذا هو الهدف من إثارته انطلاقا من مبدأ التراحم في اﻹسلام وليس فقط بيان موقف الفقه في قضية ما.

بقاء اﻷرملة في بيت زوجها المتوفي عاما بعد وفاته:
ينطبق على هذه الحالة باﻵيتين التاليتين :
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة : 234] وقوله تعالى :وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة : 240].واﻵية اﻷولي تتحدث عن عدة المتوفي عنها زوجها وتحددهافي أربعة أشهر وعشرة أيام أي حوالى 130 يوما تنقضي بعدها عدتها ويحق لها الزواج من رجل آخر إذا ما يسر الله لها ذلك ويحق لها أيضا ترك بيت الزوجية إن شاءت الى بيت والديها أو سكن خاص بهاتملكه فهي حرة تفعل ما تراه في صالحها وﻻ وصاية أو وﻻية ﻷحد عليها لكي يمنعها من فعل ما تريد أن تفعله بنفسها. وإن أرادت بالبقاء في بيتها بعد اتمام العدة فلها ذلك لمدة عام من وفاة زوجهاأي لمدة سبعة أشهر وعشرين يوما من تاريخ انتهاء عدتها.وإن لم تشأ البقاء طوال تلك الفترة التي تلي العدة فلالوم وﻻعتب عليهن فيما فعلنه في أنفسهن بالمعروف أي الخروج للزواج بزوج أخر واﻻنتقال الى بيته أو الرجوع الى بيت أهلها.وﻻ يشترط أن يوصي بذلك زوجها قبل وفاته كما ذهب الى ذلك بعض الفقهاء فقوله تعالى : وصية ﻷزوجهم ،تعني بأنها وصية من الله بأزواج المتوفي وما يوصي به الله هو أمر وحكم منه ﻻ يجوز مخالفته.ويخص هذا الحكم أساسا التي تزوجها المتوفي في بيت أهله أو في بيت ﻻيملك فيه حق الرقبة حتي ترثه زوجته فيه وإنما كان يملكحق اﻻنتفاع به فقط كأن يكون بيتاأعطاه له والده لكي يسكن فيه مع زوجته ولم ينقل ملكيته اليه وهو ما تجري به العادة حتى اﻵن خاصة في القرى ، أماإذا كان بيتا مكريا وترك المتوفي لهاماﻻ أو معاشاتسدد مه واجب الكراء فلايحق ﻷحد متازعتها فيه إن بقيت فيه مدى حياتها وليس عاما واحدا بعد وفاة زوجها وكان ذلك يتفق مع القوانين المعمول بها في بلدها.
يستفاد مما سبق ذكره بأنه ﻻ يحق اخراج المطلقة أو اﻷرملة من البيت بعد انقضاء عدتها أو مرور عام على الوفاة بالنسبة للمتوفي عنها زوجها اﻻ في الحالات التالية:
1.إن أرادت هي الخروج منه.
2.أن تأتي بفاحشة مبينة وهي مقيمة فيه وتحرم أيضامن حق اﻹقامة في السكن خلال فترة العدة إن فعلت ذلك وإن كانت سيئة السلوك وتحوم الشبهات حول خروجهامن البيت ولحين عو*تها اليه وكان ثمة دﻻئل قوية على احتمال ارتكابها الخطيئة فيسمح لها بالسكني مع الزامها بعدم الخروج من البيت نهارا أو ليلا أي حبسهافيه الى أن يقضي الله أمرا كان مفعوﻻ.
3. أنتاتزوج غيرزوجها السابق فلايحق لها السكني بمجرد أن يعقد عليها زوجها الجديد وﻻ يحق لها بالتالي أن تحضره للسكني معها في بيت زوجها السابق باعتبارها كانت بمثابة ضيفةفيه وكان سكناها من قبيل اﻹحسان اليهاوالذي ﻻيرتب لهاأي حق في البيت أو سكناه.


خاتمة:
إن هذا يؤكد مدى الحاجة الى دولة تنفذ أحكام الله التي بها صلاح أمر الناس ومنفعتهم وحفظ حقوقهم وكرامتهم وهي أحكام ﻻ يستطيع غير المسلمين تقديم مبرر واحد لعدم تطبيقها عليهم ﻷن فيها تحقيق مصلحتهم وحفظ حقوقهم، وذلك بعد تدبر آيات الله واستخلاص اﻷحكام منها وفهمها الفهم الصحيح .ودون ربط فهمها بمافهمه بعض الفقهاء من السلف والذين كانوا يحاولون تأويلها بما يتفق وعادات وتقاليد وثقافة مجتمعهم السائدة في زمانهم أو بما يرضي أمراء وكبراء زمانهم الذين ينفقون عليهم أو يعملون في خدمتهم أو وفق هوى أنفسهم ونظرتهم كرجال الى النساء في زمانهم وهضم حقوقهن التي فرضها الله لهن والتحلل من التقيد بها ،وإن أعوزتهم الحيلة نسبوا تفسيرهم الى ابن عباس بروايات ضعيفة أو قالوا بأن اﻵية التي ترتب حقا للنساء قد نسختها آية أخرى جاءت بعدها في موضوعهابينمااﻵية اﻷخرى تعالج شأنا أخر من شئونهن وتعد مكملة للأية السابقة وليست معدلة أو ناسخة لحكمها.أو وصفوا اﻷية بأنها من المتشابهات التي ﻻيعلم تأويلها غير الله وليست من المحكمات وتعالى كلام الله عما يدعون ويصفون.
ومما قالوا فيه من أن أية نسخت ماقبلها فيما يتعلق بهذا البحث قول الله تعالى في اﻵيتين السابق ذكرهما بخصوص من يتوفي عنهن أزوادهن:
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة : 234] وقوله تعالى :وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة : 240]فاعتبروا اﻵية الثانية قد نسخت اﻷولى بسبب وحدة الموضوع ودون اﻻنتباه إن كل آية تتناول جانبا من جوانبه وبالتالي تعد مكملة للحكام المتعلقة به وليس فيها ناسخ ومنسوخ.وأنه ﻻ تعارض أو تناقض بني اﻵيتين فاﻷولي تحدد مدة فترة العدة لمن مات عنها زوجها والثانية تعطيها حق السكن في منزل الزوجية التي كانت فيه إن شاءت لمدة عام كامل بما فيه فترة عدتها وأن الربط بين فترة العدة والحق في السكن بالنسبة للأرملة يعد ربطا تعسفيا ﻻيوجد ما يبرره هنا. وقد أوردهما الله في سورة واحدة وهي سورة البقرة .وقال بذلك من اﻷقدمين مجاهد وقال به أيضا اﻷستاذ سيد قطب في ظلال القرآن ولو أن كل منهما لم ينكر وجود ناسخ ومنسوخ في القرآن ولم يتضد أيضا للبحث فيه وإنما أنكر نسخ آيات قال بعض اﻷولين بنسخها عندما احتاج للاستشهاد بها على صحة ماقال به في موضوع ما.
ولالوا مثل هذا في هاتين اﻵيتين :
قوله تعالى :" واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا)
ويقول سبحانه وتعالى : والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين.
فهاتين اﻵيتين تعالج كل منهما حالة مختلفة عن اﻷخرى ،وكلاهما يجب العمل بهما.اﻷولى حالة امرأة وجدت في حالة فاحشة غير مبينة وإنما احتمال وقوعها مؤكدا كأن توجد في وضع غير ﻻئق مع رجل غريب فيتم اﻹشهاد عليها وحبسها في بيت الزوجية ﻻتخرج منه حتي يتوفاها الموت أو يجعل الله لها سبيلا أخر.والثانية تخص اللعان وهي أن يدعي أحد الزوجين على اﻵخر في واقعة لم يشهدها أحد فيتم إعمال اﻵية الثانية ويتفق ذلك مع قوله تعالى في أول سورة الطلاق :"لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة.وثمة من فسر الفاحشة بالفحش في القول بينما الفاحشة متى وردت في القرآن معرفة فهي الزنا ،كما في قوله " أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين"، وهي وإن جائت في ذكر قوم لوط وعلى لسان نبيهم والفاحشة هنا المقصود بها اللواط ،فإن اللواط يعد ضرب من الزنا وأسوء من زنا الرجل بالمرة حتى أفتي صحابة باحراق من يفعلونه وليس تطبيق حد الزنا عليهم بجلدهم قياسا على ما عاقبهم الله بهم إذ أبادهم عن آخرهم ولم ينج منهم سوى لوط وابنتيه بينما شمل العقاب زوجته لتعاطفها مع قومهاوجزعهامن أمر الله فيهم فأحرقها الله معهم.

وقد أثبت باحثون معاصرون فساد ما ذهب اليه من قال من فقهاء السلف بوجود ناسخ ومنسوخ في القرآن منهم الباحث المغربي مصطفي بوهندي في كتابه : نحن والقرآن وأيضا الباحث المصري جمال البنا وقدم كل منهما أدلته على ذلك ودحض الفهم الخاطئ ﻵيات الكتاب ممن قالوا بوجود ناسخ ومنسوخ فيها.و النسخ إن صح في أقوال المخلوق لا يصح في كلام الخالق ، وقد اختلفوا في تحديد ماهي اﻵيات التي تعتبر قد نسخت غيرها وبعد أن ذكر بعضهم عشرات اﻵيات انتهي آخرون الى أن اﻷمر ﻻيتجاوز بضعة آيات ، واختلافهم في اﻷمر يعني أن كل منهم معرض للخطأ فيه وهو ماﻻيمنع أن يكونوا جميعا في النهاية قد أخطؤوا إن تم إثبات ذلك ، وﻻيجب التمسك بما ثبت أنه خطأ والبناء عليه. والكف عن اخذ ما قال به السلف كأحكام مسلم بها لمجرد صدورها عن فقهاء مشهورين،وانما كما أخطأوا في أمر قد يخطئون في سواه ،وصحة الرأي تستمد من ذاته وليس من سمعة قائله..

:كما يتطلب فهم القرآن الكريم استحضار مقاصد الشريعة وأولها حفظ اﻷمانة والتي أسميتها أم المقاصد والمستمدة من قوله تعالي : أنا عرضنا اﻷمانة على السموات واﻷرض ...ويتبعها المقاصد الخمس التي قال بها اﻷصوليون من حفظ النفس والدين والعقل والمال والعرض أو النسل كما يتبعها مقاصد أخرى ألهمني الله بأضافتها هي حفظ العدل واﻻحسان والتراحم ومنها صلة الرحم وهي المستفادة من قوله تعالي : إن الله يأمر بالعدل واﻹحسان وايتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر، يعظكم لعلكم تذكرون ...والحفاظ على وحدة اﻷمة لقوله تعالي: هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون، ووحدة اﻹمامة بقصر أخذ الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم دون سواه سواء من الصحابة أو التابعين أو الفقهاء ممن وصفهم الناس باﻷئمة من الشيعة والسنة لقوله تعالى : ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فإنتهوا...وﻻ يقدح في ذلك أنها نزلت بخصوص الغنائم وهي في عمومها تعني :ما أمركم به الرسول من طاعتي فاعملوا به وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه . وكل آية تحقق مقصدا أو أكثر من مقاصد الشريعة يجب أخذ الحكم منها وفق دﻻﻻت ألفاظها في اللغة وقت نزولها أو حسب استعماﻻت القرآن ﻷلفاظها وحسب سياقها وربطها بغيرها من اﻷحكام في مجالها .أما علوم الدنيا مما يعرف بالعلوم اﻻنسانية أوالطبيعية أو التطبيقية فتأخذ عن العلماء فيها من مسلمين وغير مسلمين وكلها مستقلة عن الدين وﻻ يجب الخلط بينها وبينه .إن هذا هو سبيل الحق لمن أراد أن يطيع الله ورسوله.
فوزي منصور

Saturday, May 7, 2011

أين الحقيقة في أمر أسامة بن ﻻدن الذي حوله اﻹعلام الى أسطورة ؟

أين الحقيقة قي أمر أسامة بن ﻻدن الذي حوله اﻹعلام الى أسطورة ؟
قوزي منصور

تحتقظ ذاكرتي بالوقائع واﻷحداث ولكنها ﻻ تحتفظ باﻷسماء واﻷرقام والتواريخ والترتيب الزمني للحوادث ولذا استعنت بما وجدته في اﻻنترنيت ويتفق مع ما تختزنه ذاكرتي أو ما استخلصته من قراءاتي عنه من قبل في كتابة هذا المقال.
ولد أسامة بن ﻻدن يوم اﻻثنين 10 مارس 1957 ، لوالده محمد بن عوض بن لادن.السعودي الجنسية والحضرمي اﻷصل وأم سورية دمشقية. وكان ترتيبه بين إخوانه وأخواته هو 17 من أصل 52 أخ وأخت أنجبهم والده من زوجاته. وكان اﻷب محمد بن لادن ذي شخصية قوية ويتسم بالجرأة والكرم والتواضع في نفس الوقت ،وقد جمع أبنائه في سكن واحد وكان شديدا في تربيتهم وفي الحرص على انضباطهم والتزامهم من الناحية الشرعية و الأخلاقية. وتوفي محمد بن لادن في جادثة سقوط طائرة هليوكوبتر عام 1970 بعد اصطدامها بجبل الطائف. تاركا ثروة لأبنائه قدّرت بـ 900 مليون دولار عندما كان عمر أسامة تسع سنين ونصف،وكان أقوى شخص في العائلة بعد الأب هو الابن الأكبر سالم من لادن وكانت له نفس سمات شخصية والده فتولى ادارة التركة وتربية أخوته الصغار إلى أن قُتل عام 1988م، حين تحطمت طائرته الخاصة في تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية. وحل محله أخوه بكر بن ﻻدن في تحمل المسؤولية.

التحق أسامة بالمدارس في جدة الى أن أكمل دراسته بجامعة الملك عبد العزيز وحصل على شهادته الجامعية في اﻻقتصاد وأدارة اﻷعمال ، ولم يكن متميزا في دراسته عن زملائه.وثمة خبر غير مؤكد أنه درس الهندسة المدنية اﻻ أن اﻷرجح أن معلوماته عنها اكتسبها من مزاولة أعمال المقاوﻻت وتعامله مع المهندسين المدنيين . وخلال دراسته الجامعية تأثر بكل من : الأستاذ محمد قطب و الشيخ عبد الله عزام، حيث كانت مادة الثقافة الإسلامية إجبارية لطلاب الجامعة..ونشا أسامة نشأة صالحة و كان متدينا منذ صغره و وشارك بعد تخرجه مع إخوته في إدارة أعمال شركة بن لادن للمقاوﻻت المدنية وادارة استثمارات العائلة .وتزوج ، وهو مازال يدرس ،عندما كان سنه سبعة عشر عاما زواجه الأول من قتاة سورية من عائلة والدته .

وكان أسامة طويل القامة نحيل القوام ويرجع ذلك الى تحسن الصفات الوراثية لدي اﻷسر الثرية في السعودية نتيجة نزوعهم الى الزواج المختلط من ناحية واعتمادهم بشكل كبير في تغذيتهم على اللحوم واﻷلبان الغنية بالبروتينات والكالسيوم وأيضا الرعاية الطبية التي توفرت لهم. كما ساعد الزواج المختلط أيضا على تعدد الثقافات وتفاعلها مما كان له تأثير ايجاي أيضا على الشخصية في أغلب الحاﻻت وخاصة عندما تكون اﻷم اﻷجنبية تتوفر على قدر من التعليم.وتزوج بعد زوجته السورية بزوجة مكية وأخرى يمنية وحرصت زوجاته على استكمال تعليمهن وحصلن على شهادات جامعية.

وعرف عن أسامة تحمله المسؤولية والجدية والثقة بالنفس والكرم والتواضع و الحياء والكلام بصوت منخفض وبشاشة الوجه وعدم المبالغة في الضحك.وعلى درجة ﻻ بأس بها من الذكاء ودقة الملاحظة وسرعةالبديهة.ويقال بأنه كان يحب أيضا الدعاية وأن يكون موضع اهتمام وسائل اﻹعلام وأنه لم يكن كتوما وﻻ يكاد يستطيع أن يخفي سرا ، ويتضح ذلك من قول الدكتور أيمن الظواهري أنه كان حريصا أﻻ يطلع أسامة على أية عملية اﻻ بعد تنفيذها حتى ﻻيقشي سرها من خلال حديثه مع جلسائه وأهل ثقته.وكان محباللقراءة وشغوفا بالمعلومات والوثائق والأرشفة ومتابعة الصحافة والتقارير الخاصة، كما حرص بن لادن على تحسين معرفته بالعلوم الشرعية واللغة العربية .كما كان يتجنب التميز عن أتباعه ويتبسط أكثر من اللازم فتزول آثار الهيبة. ويحرص بن لادن على مشاركة الشباب المرافقين له في كل نشاطاتهم وحياتهم اليومية ويتجنب أن يتميز عنهم بأكل أو شرب أو ملبس أو سكن. ورغم أنه متزوج من عدة نساء ألا أنه يقضي مع أتباعه وقتا أكثر مما يقضي مع أسرته.ولمباسطته لهم لم يكن يعد قياديا له كاريزمية ومهابة كبيرة بين أتباعه. ويمكن لي القول بأن معظم تلك الصفات سبق لي أن ﻻحظتها فيمن تعرفت عليهم من الحضارمة المقيمين في السعودية عندما عملت فيها عشر سنوات وكان لي فيها أصدقاءومعارف حضارمة من ميسوري الحال نسبيا.

كانت الحرب مشتعلة في أفغانستان ضد الروس منذ غزوهم للبلاد عام 1979 وتساند الوﻻيات المتحدة والسعودية والعديد من اﻷنظمة العربية المقاتلين اﻷقغان بالمال والسلاح ، لذا.أرسل أسامة الى أقغانستان في سنة 1982 من قبل المتبرعين السعوديين المساندين للمقاتلين اﻷقغان والعرب في حربهم ضد السوفييت في أفغانستان، وكان المتبرعون من أمراء آل سعود ومن الحضارمة السعوديين اﻷثرياء من أصحاب البنوك والمقاولين الذين تنتمي اليهم أسرته. وليكون مشرفا على أدارة هذه التبرعات وتوزيعها على مستحقيها لما أظهر من براعة في تدبير وادارة واستثمار ثروته .قضلا عن أنه سبق له أن قام قبل تخرجه من الجامعة برحلة إلى كراتشي ومنها إلى بيشاور وقابل قيها مجموعة من قيادات المجاهدين أمثال عبد الرسول سياف و رباني ممن لم تكن أسماؤهم غريبة عليه /فقد كان بعضهم ممن يحضر إلى مضافة والده في الحج و المواسم . حرص أسامة أن يبقي أمر تلك الرحلة في البداية طي الكتمان لأنه لم يكن يعلم توجه الدولة الموضوع. استغرقت الرحلة شهرا وأقتنع من خلالها أن القضية تستحق أن اﻻهتمام بها . وبعد أن اطمأن الى أن الدولة السعودية تساند المجاهدين اﻷفغان بدأ يتحدث مع إخوانه و أقاربه و زملائه في الدراسة حول مشاهداته هناك و تمكن من تنفيذ حملة علاقات عامة لصالح المجاهدين. كانت نتيجة تلك الحملة كمية هائلة من التبرعات المالية و العينية لهم. وحمل أسامة تلك التبرعات وذهب في رحلة أخرى إلى باكستان مصطحبا معه عددا كبيرا من الباكستانيين و الأفغان الذين يعملون في مؤسسة بن لادن. بقي أسامة هناك لمدة شهر مرة أخرى. كرر أسامة هذه الرحلات حاملا معه التبرعات و مصطحبا عددا من الناس من جنسيات مختلفة مكتفيا بمناطق المعسكرات والمخيمات على الحدود الباكستانية اﻷقغانية.

،وفي عام 1982 استقر هناك و أسّس في بيشاور منظّمة دعويّة وأسماها "مركز الخدمات" وقاعدة للتدريب على فنون الحرب والعمليات المسلحة باسم "معسكر الفاروق" لدعم وتمويل المجهود الحربي "للمجاهدين الأفغان" (وللمجاهدين العرب والأجانب فيما بعد). ودعمتهما (المنظمة والمعسكر) كلّ من الولايات المتحدة، باكستان،السعودية ومصر وعدد من الدول التي رأت في الغزو السوفييتي خطر عليها بشكل مباشر أو غير مباشر. وأتاح له ذلك أن يكون على علاقة بكبار ضباط الجيش الباكستانيين وبالمخابرات السعودية والباكستانية واﻷمريكية دون أن يكون رجل استخبارات أو عميلا ﻷي من تلك اﻷجهزة وﻻ في حاجة لها.وقي نفس العام قرر أسامة اجتياز الحدود و الدخول إلى أفغانستان و المشاركة في الجهاد بتقديم الدعم اللوجيستي للمجاهدين في الميدان. رأى أسامة الطبيعة الجبلية الصعبة لأفغانستان فقرر الاستفادة من تجربته في المقاولات و جلب عددا هائلا من المعدات و الجرارات والحفارات لمساعدة المجاهدين على تمهيد الجبال و شق الطرق وإنشاء المعسكرات. وتكررت زيارة أسامة إلى أفغانستان و إشرافه على نقل الأموال والسلاح والمعدات .

في عام 1984 ظهر أول نموذج لعمل مؤسسي لجهاد العرب في أفغانستان و هو بيت الأنصار في بيشاور. حيث أسس بيت الأنصار كمحطة نزل أولي أو استقبال مؤقت للقادمين للجهاد قبل توجههم للتدريب و من ثم للمساهمة في الجهاد. ورغم تأسيس بيت الأنصار فلم يكن عند أسامة جهازه الخاص أو بنية تحتية من معسكرات ومخازن وإمداد واتصال، ولم تكن له جبهة خاصة به، بل كان يرسل الشباب القادمين إلى أحد الأحزاب المقاتلة مثل حكمتيار وسياف أورباني.

تزامن تأسيس بيت الأنصار مع تأسيس مكتب الخدمات في بيشاور من قبل الشيخ عبد الله عزام رحمه الله. وقد أدى تأسيس المكتب إلى نوع من التكامل مع بيت الأنصار حيث يؤدي المكتب المهمة الإعلامية وجمع التبرعات وحث المسلمين وخاصة العرب على الجهاد بالنفس والمال ويؤدي البيت المهمة العملية في استقبال وتوجيه الراغبين في الجهاد أو الاطلاع على أوضاع الأفغان. وخلال تلك الفترة توثقت علاقة الشيخ عبد الله بأسامة لكن رأى الاثنان أنه ليس من المصلحة دمج عملهما ومن الأفضل تعدد الواجهات مع التنسيق الجيد.
في سنة 1986 قرر أسامة أن يتوسع في تنظيم العملية الجهادية و يكون له معسكراته و خطوط إمداده. وفعلا تمكن أسامة من تشييد ستة معسكرات وتمكن من خلال خبرته في الإنشاءات من تحريكها و نقلها أكثر من مرة تبعا لظروف الحرب. وبعد تجربة المعسكرات و بعد تمكن أسامة من تبني المجاهدين العرب منذ وصولهم إلى تدريبهم إلى إشراكهم في المعارك أصبحت فكرة المشاركة في الجهاد ذات جاذبية شديدة لأن الشباب أصبحوا يتناقلون أخبار بساطة الفكرة وتقليل هيبة المشاركة في الجهاد كون الذي يستقبل ويدرب ويقود كلهم من العرب.
وفي تلك الفترة تقاطر على بيت الأنصار و المعسكرات عدد هائل من المجاهدين العرب وكان من بينهم المهندس والطبيب وضباط جيش سابقين من المتمرسين في القتال.شارك المجاهدون العرب في مناوشات عديدة و قتال محدود في البداية ثم دخلوا في معارك طاحنة كان أشهرها معركة جاجي في نهاية ذلك العام والتي هزم على يد المجاهدين العرب فيها وحدات من أفضل الروس تدريبا وأفضلهم تسليحا وقتل فيها عدد من ذروة رجال الكوماندز الروس.

ومنذ عام 1986 إلى عام 1989 دخل المجاهدون العرب في خمسة معارك كبرى مع الروس ومئات من المواجهات والمناوشات الصغيرة. وكانت تلك الفترة من أجمل الفترات للمجاهدين بسبب توفر الفرصة للقيام بالجهاد دون مضايقات من حكام المملكة أو الحكومة الباكستانية. وخلال تلك الفترة لم يكن أسامة يعود للملكة إلا قليلا ويقضي معظم أيام السنة في أفغانستان جهادا وتدريبا وإشرافاً على المجاهدين، ومع ذلك فقد بارك الله في شركة العائلة رغم بعده وانشغاله عنهاوبلغ نصيبه من الميراث حوالي 300 مليون دوﻻر.تعرض معظمه بعد حصوله عليه من أخوته الى مصادرة الحكومة السعودية له.

وفي 1988، بلور أسامة بن لادن عمله في أفغانستان بإنشاء سجلات القاعدة لتسجيل بيانات المسلحين، وانضم إليها المتطوّعون من "مركز الخدمات" من ذوي الاختصاصات العسكرية والتأهيل القتالي. وأصبحت فيما بعد رمزًا لتنظيم المسلحين. بانسحاب القوّات السوفييتيّة من أفغانستان، وُصف ابن لادن "بالبطل" من قبل السعودية ..ولكن سرعان ما تلاشى هذا الدّعم حين هاجم ابن لادن التواجد الأمريكي المسلح في السعودية إبّان الغزو العراقي للكويت سنة 1990، وهاجم النظام السعودي لسماحه بذلك ووصفه "بالمادية" و"الفاسدة" .وعندما عاد الى المملكة بعد تحرير أفغانستان حجزت السلطات السعودية جواز سفره ووضع أسمه على قائمة الممنوعين من السفر ، وقرر أسامة مغادرة السعودية فتوسط له أخوه عند اﻷمير أحمد آل سعود ﻻعادة جواز سفره اليه بعد أن أخبره أسامة بأن له مستحقات في باكستان يحتاج أن يسافر اليها ليجمعها، وسافر بالفعل الى باكستان.
وأدى ذلك به الى أن يبحث له عن دولة أخرى يقيم فيها.قحصل على نصيبه من الشركة التي تركها والده و خرج من باكستان إلى السودان الذي كانت تحكمه الجبهة اﻹسلامية التي يترأسها حسن الترابي بعد انقلاب سنة 1989 ليبدأ حياته العملية المستقلة ويقيم ويدير استثماراته المالية منه،دخل أسامة بن لادن السودان في نهاية عام 1991م في رحلة سرية وفي تلك الرحلة اصطحب معه عددا من رفاقه إلى السودان والتحق به آخرون بطرق أخرى.في السودان أحسنت الحكومة استقباله خاصة وانه جاء محملا بالاموال والمشاريع التي سارع في ان تبحولها إلى مشاريع زراعية وإقامة عدد من الطرق أشهرها طريق الخرطوم عطبرة.طوله 300 كيلومتر على نفقته الخاصة واتخذ له مسكنا في حي الرياض شرق الخرطوم في طريق المطار .بدأ الاهتمام يزداد به بشكل ملحوظ نهاية سنة 1992 حين صدر أمر بتجميد أمواله. بعدها تحولت قضية أسامة إلى قضية ساخنة على جدول أعمال المخابرات الأمريكية وأصبحت تثار بشكل منتظم بين الأمريكان والسلطات السعودية..ومع استمرار انتقاداته لنظام الحكم في السعودية قامت السعودية بنزع جنسيته منها ولكن اﻷمر لم يتوقف عند هذا الحد وإنما دبرت كل من المخابرات السعودية والمصرية مؤامرة ﻻغتياله فشلت بعد أن تمكن حراسه بقتل أحد المهاجمين وجرح آخر وقبض عليهم وأعلنت الحكومة السودانية وقتها بأنهم من متطرفي التكفير والهجرة.

وبعد قشل المحاولة مورست ضغوطا مكثفة على حكومة السودان لتسليم بن ﻻدن للسعودية ولم يمض وقت على الحادث حتي علم أسامة بأن حسن الترابي اتفق سرا مع المخابرات السعودية على تسليم أسامة اليهم فقرر ان يغادر السودان من تلقاء نفسه وبدأ بترتيب عملية الخروج من السودان.وبالفعل غادر السودان سرا.وللإعداد لعملية الخروج اتصل أسامة بأصحابه القدامى من المجاهدين الأفغان واختار منهم الشيخ يونس خالص والشيخ جلال الدين حقاني الذين كان لهما نفوذ قوي في منطقة جلال آباد وكان ذلك قبل أن يمتد نفوذ طالبان خارج قندهار حين كانت مناطق أفغانستان موزعة بين الفصائل الأفغانية وبعد أن أمّن موقعا له في جلال آباد أعد العدة لمغادرة السودان في عملية غاية في السرية . ومن أجل ذلك أعد طائرة خاصة بمعاونة من برهان الدين ربانى الذى تصادف حينها وجوده فى الخرطوم للمشاركة فى احد المؤتمرات ،حملته الطائرة مع عدد من أنصاره إلى أفغانستان حيث استقبل هناك من قبل الشيخين يونس خالص وحقاني . وبعدها بدأ رحلة الجهاد ، ووصل الى أفغانستان عام 1996.وغير معروف ما آلت اليه استثماراته في السودان وﻻ مستحقاته لدي الحكومة السودانية عن أعمال المقاوﻻت التي نفذه لحسابها والتي لم يحصل منها على أكثر من 10 في المائة من مستحقاته عنها.


وللإعداد لعملية الخروج من السودان اتصل أسامة بأصحابه القدامى من المجاهدين الأفغان واختار منهم الشيخ يونس خالص والشيخ جلال الدين حقاني الذين كان لهما نفوذ قوي في منطقة جلال آباد وكان ذلك قبل أن يمتد نفوذ طالبان خارج قندهار حين كانت مناطق أفغانستان موزعة بين الفصائل الأفغانية.
وبعد أن أمن أسامة موقعا له في جلال آباد أعد العدة لمغادرة السودان سرا . ومن أجل ذلك أعد طائرة خاصة حملته مع عدد من أنصاره إلى أفغانستان حيث استقبل هناك من قبل الشيخين يونس خالص وحقاني . وبعد وصوله هناك أرسل رسالة إلى الفصائل الأفغانية يخبرهم أنه لا يزال على التزامه بعدم الدخول في خلافاتهم وصراعاتهم . وكان ذلك قبل أن يستولي الطالبان على جلال آباد ومن ثم على كابل.ومنذ أن وصل هناك بدأت الأحداث تتتابع مرة أخرى بشكل دراماتيكي من انفجار الخبر إلى استيلاء الطالبان على جلال آباد إلى محاولة خطف لأسامة إلى بيان الجهاد ضد الامريكان الذي أصدره في نوفمبر 1996.في يونيو من عام 1996 هز مدينة الخبر انفجار كبير أودى بحياة عشرين من العسكريين الأمريكان وجرح مئات آخرين.لم يعلن أسامة أي مسؤولية له عن انفجار الخبر لكنه استخدم أسلوبا شبيها بتعليقه على انفجار الرياض فهو يؤيد الانفجار دون أن يتبناه. في المقابل حرصت السلطات السعودية على تركيب المسؤولية على عناصر شيعية مدعومة من إيران وذلك في محاولة لمنع إضفاء مصداقية لابن لادن. وبقيت السلطات السعودية تتفادى نسبة المسؤولية لابن لادن إلى أن فلت من أحد المسؤولين تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية بعد أحداث كينيا وتنزانيا قائلا إن سبب قطع العلاقة مع الطالبان هو إيواءها للمطلوبين في انفجار الخبر من المجموعة المصاحبة لابن لادن ولم يتكرر ذلك التصريح أوتصريح شبيه به بل بالعكس حاول السعوديون تضخيم قضية هاني الصايغ لتحقيق نفس الغرض.

بعد انفجار الخبر بفترة بسيطة أصدر أسامة بيانا بعنوان "إعلان الجهاد لإخراج الكفار من جزيرة العرب". معتبرا وضع الجزيرة بوجود القوات الكافرة فيه أنه وضع لم يمر على الجزيرة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم. في تلك المرحلة حاول السفير السعودي في إسلام آباد الضغط على يونس خالص وحقاني لتسليم أسامة وحاول اغرائهما بعروض معينة لكن رد يونس خالص كان حاسما. قال يونس خالص لو لجأ إلينا عنز أو حيوان لحميناه فكيف برجل باع نفسه وماله في سبيل الله والجهاد في أفغانستان.
بعد ذلك اجتاحت طالبان المنطقة التي كان أسامة مقيما فيها وكان أسامة قد عرف شيئا عنهم لأن يونس خالص وحقاني كانا قد انضما إلى طالبان واعتبرا أنفسهما من جيش طالبان لكن لم يكن أسامة على علم بما سيصبح وضعه بعد أن أصبح في المنطقة التي تحت سيطرتهم. لم يدم انتظار أسامة طويلا حتى أرسل ملا عمر زعيم طالبان وفدا لمقابلة أسامة وطمأنته واعتباره ضيف موروث من الذين قبله وتعهد له بالحماية ، لكنه طلب منه على شكل رجاء التوقف عن أي نشاط إعلامي لان أسامة كان قد قابل محطة سي إن إن ومحطة القناة الرابعة البريطانية في تلك الفترة.

وبعد عودته قرر أسامة ترتيب سجلات للمجاهدين العرب.تشمل تفاصيل كاملة عن كل من وصل أفغانستان . ورتبت السجلات بحيث تتضمن تاريخ وصول الشخص والتحاقه ببيت الأنصار ثم تفاصيل التحاقه بمعسكرات التدريب ومن ثم التحاقه بالجبهة. وأصبحت السجلات مثل الإدارة المستقلة وكان لا بد من إطلاق اسم عليها لتعريفها داخليا، وهنا اتفق أسامة مع معاونيه أن يسمونها سجل القاعدة، على أساس أن القاعدة تتضمن كل التركيبة المؤلفة من بيت الأنصار ومعسكرات التدريب و الجبهات. هذه هي القاعدة إذن، التي تولد لدى الأمريكان -وغيرهم انطباع أنها اسم لتنظيم الإرهابي.

التطور الآخر الذي حصل بعد ذلك والذي اضطر أسامة للانتقال إلى قندهار هو محاولة الإختطاف التي تسرب خبرها لأسامة وأجهضت قبل أن تنفذ، حيث تم تمويل مرتزقة من القبائل على الحدود الباكستانية الأفغانية لتنفيذ هجوم سريع على المنطقة التي يقيم فيها أسامة وخطفه أوقتله وساهمت باكستان ودول أخرى معروفة بترتيب العملية. تسرب خبر العملية بسرعة لأسامة فرتب أمره على وجه السرعة للانتقال إلى قندهار حيث أكثر أمنا ومنها أعلن بالإشتراك مع أيمن الظواهري سنة 1998 الجبهة العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبين والتي نجم عنها لاحقا ما يسمى الحرب على الإرهاب أو الحملة الصليبية العاشرة.

وفي قندهار حرص على أن يقابل أمير الطالبان الملا عمر وتمت المقابلة فعلا وكان جوها وديا و رحب الملا عمر بأسامة وعبر له عن سروره باستضافته وتشرفه تشرف طالبان بالدفاع عنه أولا كضيف عربي كريم وثانيا كمجاهد قاتل معهم في حرب أفغانستان. ثم تحدث ملا عمر عن التحديات الخطيرة التي تواجه الطالبان بعد دخول كابل وخاصة مواجهتها لقوات دوستم وقال لأسامة إنه قد يكون من الأولى تخفيف الحملة الإعلامية وأن ذلك مجرد طلب وليس أمرا ولا إلزاما. رد عليه أسامة بأنه قرر التخفيف أو التجميد الكامل للنشاط الإعلامي منذ فترة .

,من متابعتي للحالة اﻷقغانية منذ نشاتها حتي اليوم أستطيع القول بأن أسامة بن لادن لم يكن مقاتلا في أي يوم ولم يشارك في أي معارك كمقاتل رغم تواجده في الكثير منها داخل أقغانستان وكان يحمل السلاح فيها للدفاع عن النفس وحمله أيضا عندما صارت رأسه مطلوبة من اﻷمريكيين ومطاردا في أفغانستان ومن المحتمل أنه لم يستعمله.لم يكن أيضا قائدا عسكريا وﻻ مخططا ﻷعمال عسكرية أو ارهابية فلم يكن مؤهلا لذلك رغم براعته في أدارة اﻷعمال والأموال .

والذين يقولون لم لم يذهب الى فلسطين؟ يتجاهلون حقيقة أن فلسطين باكملها كانت تحت اﻻحتلال اﻻسرائيلي بعد يونيو67 وكانت فصائل المقاومة موزعة على اﻷديولوجيات الشيوعية والبعثية والناصرية والتيارات الثلاثة ﻻمكان لرجل تكوينه سلفي مثل بن ﻻدن فيها .ولم يكن قد ظهرت بعد حركتي حماس والجهاد اﻻسلامي في غزة كحركات مقاومة مسلحة.قضلا عن دخول الفلسطينيين في مسار التسوية السلمية بعد عقدهم اتفاقات أوسلو مع اسرائيل.

وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وجّهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى ابن لادن والقاعدة. وأثنى أسامة على منفذي العمليات.بينما لم يعلم بها أسامة بن ﻻدن اﻻ صدفة عندما كان يقلب في المحطات بمذياع يبحث عن خبر حول مقتل غريمه أحمد شاه مسعود بعد تعرضه لعملية اغتيال من قبل شخصين أرسلهما له أسامة بن ﻻدن انتقاما منه بسبب اطلاقه صاروخ سكود أرض أرض من قاعدة باغرام على مكان بالقرب منها كان يتواجد فيه اسامة بن ﻻدن مع حراسه وانفجر الصاروخ على بعد 17 متر فقط من أسامة وقدر الله أن ينجو بينما قتل وأصيب عدد من رجاله. وتعتبر هذه هي العملية اﻻرهابية الوحيدة التي يتحمل أسامة المسؤولية الكاملة عنها وتمت بعلم مسبق وترتيب منه أو من المقربين اليه بناء على طلبه.

وفي ديسمبر 2001، تمكّنت القوات الأمريكية من الحصول على شريط فيديو يصوّر ابن لادن مع جمعٍ من مؤّيديه يتحدّث في الشريط عن دهشته من كميّة الخراب والقتلى التي حلّت بالبرج وأن الحصيلة لم تكن بالحسبان بل فاقت توقّعاته، ويمكن تفسير ذلك من أنه نتيجة خبرته في أعمال اﻻنشاءات استبعد أن ينتج عن اصطدام طائرة بعمارة عالية هدمها ، واذا أخذنا في اﻻعتبار أن وسائل اﻹعلام نشرت أن مجموعة من المهندسين المدنيين اﻷمريكيين وقعوا على عريضة استبعدوا فيها أن يترتب على اصطدام طائرة انهيار البرج مالم يواكب لحظة اﻻصطدام انقجار عبوة ناسفة موقوتة في المبني. ويؤكد أيضا ذلك ما كتبه صحافي أمريكي من أن ادارة البحرية في مبني البنتاجون قد انفجرت في اللحظة التي كان يقترض أن تصطدم بها أحدى الطائرات ودون أن تصل اليها الطائرة التي سقطت بعد ذلك في أحدى الغابات بعد أن غيرت مسارها. وتم استخدام هذا الشريط كأحد الأدلة العلنية على أن لابن لادن كان على علم مسبقً بالحدث وتفاصيله، بينما تبقى بعض الأدلة غير معلن عنها لدواعي الأمن القومي والحرب على الإرهاب.وقد أثيرت خلال السنوات اﻷخيرة الشكوك حول أحداث 11 سبتمبر والتي نسبت الى عرب سعوديين ومصري واحد.واعتبرت الوﻻيات المتحدة ما صرح به بن ﻻدن بأنه بمثابة اعتراف منه بتنفيذ هجمات 11 سبتمبر بينما يعلق نعوم تشومسكي على ذلك قائلا :"ذلك الحديث يشبه اعترافي وادعائي (أنا نعوم تشومسكي) بأنني فزت في ماراثون بوسطن الشهير، فأظن أن بن لادن تباهى وتفاخر بما اعتبره إنجازا عظيما"، ويضيف :في أبريل ،2002 ،أي بعد وقوع الهجمات بثمانيةأشهر ، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) روبرت مويللن، للصحافة، إنه «بعد تحقيقات مكثفة ومطولة، وربما الأكثر تفصيلا في التاريح لا يمكنه، أو أي مسؤول في (إف بي آي)، أن يضيف شيئا إلى ما يُعتقد أن هجمات سبتمبر مؤامرة تم طبخها في ألمانيا ودول أخرى».ويبدو من تصريحات أسامة وما كان فيها من ثناء على الشباب العربي الذي نقذ العملية بأنه صدق أن من تم اتهامه بذلك العمل اﻻرهابي من السعوديين قاموا به فعلا لمجرد أن بعض السعوديين في حاشيته أخبروه بأنهم يعرفون بعضهم وأن لهم علاقات بهم.

وﻻ يوجد دليل على ما يردده الكثيرون من أن أسامة كانت تربطه أية علاقات مع أمريكا لا مباشرة ولا غير مباشرة، أو أنه صنيعة ﻷمريكا أو لمخابراتها.وﻻيغير من هذا حقيقة أن الوﻻيات المتحدة كانت تدفع مرتبات المجاهدين العرب في أفغانستان عن طريق الحكومة الباكستانية . وكان موقفه معاديا للولايات المتحدة طول الوقت رغم مساندتها للمجاهدين في أفغانستان. وكان يلزم نقسه يلزم أهله ومن له أمر عليه بعدم شراء أي بضاعة أمريكية إلا ما لا يمكن الاستغناء عنه.

.المهم أنه ﻻ أحد في أفغانستان أو باكستان رأي بن ﻻدن بعد الغزو اﻷمريكي ﻷقغانستان في عام 2001، مما سادت قناعة بأنه قتل أثناء الغزو في جبال تورابوراالتي تعلوا 14 ألق قدم عن سطح البحر بأفغانستان بعد أن تم قصف كهوقها بالصواريخ والقنابل الذكية مما يجعل من المحتمل أنه قتل ودفن تحت ركام الصخور هو ومن كان معه ،فضلا عن وضعه الصحي الذي لم يكن جيدا حيث كان يعاني من الفشل الكلوي ومرض السكر.خاصة مع إقرار المخابرات اﻷمريكية بأنه لم يظهر ولو ليوم واحد منذ شهر ديسمبر 2001 ،مع احتمال ضعيف حدا أن يكون مازال حيا ومختفيا في مكان مجهول لهم.كما نشرت أحدى الصحف الباكستانية بأنه مات متأثرا بالمرض وشيعت جنازته بواسطة 40 رجلا من حراسه قبل أن يتم دفنه سرا. وعندما تقول طالبان بأنه مازال حيا فلأنها تعلم من ناحية أن اﻷمريكان ليس بمقدورهم إثبات موته وأيضا ايمانا بقوله تعالى : وﻻ تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون..

العملية اﻷخيرة التي قالت أمريكاأنه تم فيها قتل أسامة بن ﻻدن في 2 مايو 2011 ،وكان أوباما وفريقه يتابعونها على الشاشة ،أعتقد بأنها لم تكن تستهدف بن ﻻدن وإنما كان يأمل اﻷمريكيون أن يتم فيها الظفر بأيمن الظواهري أو الملا عمروكلاهما صيد ﻻ يقل أهمية عن بن ﻻدن، بعد أن ساورتهم الشكوك في المنزل ذي اﻷسوار العالية الذي تمت مهاجمته. ولما لم تسقر العملية عن العثور عن أي منهما تم اﻹعلان أنه تم فيها قتل بن ﻻدن.خاصة بعد أن تحطمت طائرة هليوكوبتر في العملية وتم تفجيرها مما أحدث فرقعة تكسر لها نواقذ المنازل المجاورة في تلك المنطقة الجبلية ليلا وبالتالي افتضح أمر الهجوم على المنزل. كما سمع الجيران طلقات نارية دون وجود معركة أو مقاومة للعملية من سكان المنزل والذين يتكونون من رجلين يجهل مصيرهما ،ومن نساء وأطفال ،وقيل أنه تم اعتقال النساءبعد إصابتهن بجروح ،وأنهن زوجات لبن لادن.وﻻ أعتقد أنه يمكن تصور سياريو هذا القيلم الهليودي الغير متقن والتي تضاربت فيه التصريحات اﻷمريكية واحتل عناوين كبريات الصحف في العالم بخلاف ذلك.علما بأنه نقل عمن وصف بأنه عمل من قبل مستشارا إعلاميا من قبل تأكيده بأن أسامة قتل عام 2001 وسبق للرئيس السابق لباكستان برويز مشرف أن أعلن مرتين بأن أسامة بن ﻻدن قتل ولكنه كان يتراجع بعد أن يزور الوﻻيات المتحدة عما أعلنه ، ولو كان حيا فعلا خلال السنوات اﻷخيرة ما خفي هذا اﻷمر على المخابرات اﻷمريكية.كما أثيرت شكوك حول الصورة المنشورة وأنه تم التلاعب فيها بواسطة برنامج القوتو شوب.

وكما كانت الوﻻيات المتحدة لها مصلحة في القول بأنه حي لكي تبرر استمرار حربها على اﻻرهاب حتي ولو كانت متيقنة بأنه مات ، وكان من مصلحة تنظيم طالبان وأيضا الدكتور أيمن الطواهري أيضا التأكيد على أنه حي طالما لن تكذبه الوﻻيات المتحدة .واتضح مؤخرا أن الفيديوهات التي أذاعتها قناة الجزيرة كانت مزيفة وليست ﻷسامةبن ﻻدن.وفي مقابلة خاصة مع «إيلاف»، يفي أيمن فايد، المستشار الإعلامي لأسامة بن لادن، صحة الرواية الأمريكية حول تمكنها من اغتيال بن لادن من خلال فرق كوماندوز في مدينة أبوت أباد في باكستان، ويؤكد أن أمريكا قتلت أو اعتقلت بن لادن منذ عام 2003، مشيرا إلى أن جميع المعلومات الواردة من أفغانستان طوال تلك السنوات كانت تؤكد أن بن لادن اختفى تماما منذ ذلك الحين، وأنه إما اعتقل أو قتل في معارك تورا بورا،
وقال إن «القاعدة» لا وجود لها إلا في مكانين أو دولتين فقط، في أفغانستان واليمن، ففي الدولة الأولى، لأن «القاعدة» مرتبطة بحركة طالبان التي ما زالت لها السيطرة على الأرض هناك، وفي اليمن نظرا إلى ظروف خاصة. أما «القاعدة» التي قامت بتفجيرات 11 شتنبر فهي وهمية، إنها الخديعة الكبرى.

مايمكن استنتاجه أو المسكوت عنه فيما نشرته و تناقلته وسائل اﻹعلام إذا افترضنا أن بن لادن قتل قبل عشر سنوات تقريبا، هو أن كلا الأخوين الباكستانين محمد أرشاد خان وشقيقه طارق أرشاد خان وهما من قبيلة الباشتون الأفغانية قد تزوجا أرملتين لأسامة بن لادن لرعايتهما وأطفالهما منه ، والمحافظة عليهما ، وهو عرف جاري العمل به بالنسبة لزوجات المجاهدين الذين يقتلون في الحروب وخاصة عند السلفيين ، ومعمول به حاليا في قطاع غزة ويعد سبب تعدد الزوجات فيها لدي رجال تنظيم حماس ، وأنهما أنجبا منهما أطقاﻻ باﻹضافة ﻷوﻻدهن من أسامة بن ﻻدن ،ونقلاهما للمبني الذي أقامه محمد أرشاد خان في قرية أبوت أباد الجبلية والتي تقع على بعد حوالي 75 كيلومتر شمال غرب اسلام أباد بالقرب من الحدود مع أفغانستان ،والذي هاجمته القوات الأمريكية الخاصة وتم في العملية قتل محمد أرشاد خان(45عاما)وحمل جثته بواسطة المهاجمين الذين ربما ظنوا أنه أسامةة بن ﻻدن لوجودبعض الشبه بينهما ولذا قالت طفلة في حدود 10 سنوات من عمرها بأنهم اعتقلوا أباها ثم أطلقوا على رأسه النار فقتلوه ،ومن المحتمل أنها تقصد محمد أرشد خان وهو أبوها أو كانت تعتبره أباها إن كانت ابنة أسامة.. بينما تم قتل طارق و ابراهيم إبن لأسامة بن لادن 21عاما وشخصان أخران لم تحدد أعمارهماقد يكونان أيضا من أبنائه أو يقومان بخدمة الأسرة. وأصيبت الزوجتان وبنات بجروح وتم تقييد ايديهمامن الخلف قبل مغادرة المهاجمين المنزل .والسؤال لم قتل هؤلاء وأطلق النار عليهم وهم غير مسلحين ولم يقوموا بمقاومة المهاجمين؟ ﻻ أجابة عند الوﻻيات المتحدة.وتقول الوﻻيات المتحدة بأنه تم القاء جثمان أسامة بن ﻻدن في البحر ﻷنه ﻻ توجد دولة على استعداد أن يدفن في ترابها.

وزعت باكستان صوراً عن العملية على وكالات أنباء عالمية، الصور التي حصلت عليها "رويترز" قيل لها أنها التقطت بعد ساعة تقريبا من الهجوم وهي تبين جثث ثلاثة رجال في بركة من الدم.وتوضح الصور التي التقطها مسئول امني باكستاني كان في المجمع بعد الغارة جثتان في زي باكستاني تقليدي هما شقيق محمد أرشد خان ومراسل يعمل بالمنزل ومن المحتمل أن يكون ما وصف برأس الخيط الذي أوصل الأمريكيين الى المنزل.وجثة آخر يرتدي صاحبها قميصاً هو أبن بن لادن وهو شاب في حدود 22 عاما من العمر ،ويتدفق الدم من آذانهم وانوفهم وافواههم.
ولم يمكن رؤية أسلحة في الصور التي اجتزئت بإحكام.كما قالت المصادر الأمريكية بأن المهاجمين لم تواجههم أية مقاومة مسلحة وهو ما يجعل اغتيال هؤلاء الثلاثة بالأضافة الى المفترض أنه أسامة بن لادن عملا غير مبرر أو عادل.وكان الأولى من قتلهم على هذا النحو بدم بارد اعتقالهم وتمتيعهم بمحاكمة عادلة احتراما لحقوق الإنسان وللحق في الحياة.

وعثرت السلطات الباكستانية حين وصولها الى المنزل في الصباح الباكر بعد انتهاء العملية على ثلاث سيدات هن زوجات أسامة بن ﻻدن واﻷولى وهي أصغرهن تدعي أمل عبدالفتاح وقد وجدت مصابة بطلق ناري في ساقها والثانية تدعي خيرية وكنيتها أم حمزة وهي أم أصغر أوﻻده حمزة والثالثة تدعى سهام وكنيتها أم خالد. وفتاتين هما مريم 26عاما وأمان 22عاماوهما ابنتان لاسامة بن لادن و12 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين عامين و12 عاما وكلهم مقيدي الأيدي بأربطة بلاستيك. وتقول السلطات الباكستانية انها لا تستطيع تسليمهم لأية دولة لعدم توفرهم على وثائق اثبات هوية فيما عدا أحدى السيدتين التي تتوفر على جواز سفر يمني. وبالتالي يجهل ما سيكون عليه مصيرهم.
وذكرت شبكة (سي أن أن) يوم الجمعة13 مايو 2011 أن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية استجوبوا أرامل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الثلاث تحت إشراف الاستخبارات الباكستانية، وقد كنّ عدائيات تجاه الأمريكيين، وأن الاستجواب لم يفض إلى أي معلومات جديدة، مشيرين إلى أنه لا يزال من المبكر التوصل إلى نتائج في التحقيق.
وورد في اﻷخبار المتعلقة بهذا الحدث أن مراقبة أحد المراسلين العاملين لدي أسرة بن ﻻدن واللذين قتلا في العملية كان رأس الخيط الذي قاد الى مكان بن ﻻدن ، ويمكن تفسير ذلك بأن أحدهما ذهب ﻻرسال خطاب من احدي الزوجات ﻷسرتها أو تسلم خطاب لها من أهلها عليه اسمها وكان في مكتب البريد عميل للمخابرات اﻷمريكية فأبلغها بذلك.

ذا اتفق الحزبان الجمهوري والديموقراطي معا على الكذبة باعتبار أن مصلحة أمريكا تقتضيها رغم أن الرئيس أوباما هو أكبر المستفيدين منها لضمان أعادة انتخابه لدورة ثانية .وأيا كان اﻷمر لن يجرؤ أحد على اتهام الرئيس بالكذب، فضلا عن صعوبة اثبات الكذب ومن بامكانه أن يثبت أن من قتله الكوماندوز كان محمد أرشد خان وليس بن ﻻدن طالما أن الجثة ألقيت في البحر؟..
ويقول نعوم تشومسكي:"لم تكن هناك أي محاولة لاعتقال بن لادن، الذي لم يكن مسلحا لحظة الهجوم الذي شارك فيه نحو 80 من الكوماندوز الأميركيين، الذين لم يواجهوا أية مقاومة غير اندفاع زوجته العزلاء باتجاههم، ما يشير إلى أنه كانت هناك نية مسبقة لقتل الرجل وتصفيته بأي ثمن حتى تموت مع أسرار كثيرة عن هجمات 11 سبتمبر ،2001 و« الحرب على الإرهاب ».وأضيف بأنه لم يكن ثمة مبرر لقتل الرجال الثلاثة اﻻخرين العزل ، بل كان يفترض اعتقالهم واستجوابهم للحصول منهم على مفلومات ، ولكن الواضح أنه تم قتلهم حتي ﻻ تظهر عن طريقهم حقيقة يراد اخفائها للأبد.
ومن المتوقع أن يتواصل التساؤل لمدة طويلة: هل قتل بن ﻻدن في شتاء 2001 أم في ربيع 2011؟.ولو أنه لو كان بن ﻻدن قد قتل قبل عشر سنوات فمن المنطقي أن يكون من قتل في ربيع 2011 هو محمد أرشد خان ،وأن كان بن ﻻدن قد قتل في 2011 فأين جثة محمد أرشد خان؟.

Friday, April 29, 2011

قذاف الدم وشحنات السلاح لكتائب القذافي ..وتداعياتها السياسية.

فوزي منصور


اعتمد في كتابة هذا الموضوع على ايجاد الخيط الناظم بين الأخبار المتناثرة التي اعتبرتها تتعلق به،وتتيح كتابة قصة خبرية تعتمد أساسا عل تجميع تلك الأخبار في نسق واحد وفي سياق زمني جامع لها ،يعتمد على الخيال والحدس ليقدم صورة قد تكون حقيقية تماما ،وقد تكون أقرب أيضا الى الحقيقة وواقع الأمر ويمكن بها تفسير اﻷحداث ..

أحمد قذاف الدم القذافي هو ابن عم معمر القذافي ، ولد بمصر لأب ليبي وأم مصرية.وكان يعرف في مصر خلال سنوات بأنه منسق العلاقات الليبية المصرية ، وأنه أنشأ عدة مشاريع استثمارية و تجارية واسعة في مصر غير معروف حجمها ، ويرجح أن الهدف الأساسي من نشاطاته في مصر هو اخفاءالاموال الليبية وحمايتها من التعرض للمصادرة عندما كانت ليبيا تخضع لفرض عقوبات عليها بسبب حادثة سقوط الطائرة الأمريكية فوق قرية لوكيربي البريطانية ،والتي اتهمت ليبيبا بالضلوع فيها. وثمة تقدير متداول أن حجم الاستثمارات الليبية في مصر في حدودعشرة مليارات دولارعام 2011م.ولكنه قد يكون أكبر من ذلك..

وكان يصنف قذاف الدم ضمن دائرة كبار المسؤولين الأمنيين في النظام الليبي.فبعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في بداية السبعينيات التحق بسلاح الحرس الجمهورى وتدرج في المراتب العسكرية في فترة وجيزة.وظهر اسمه في الصحف البريطانبة في أواخر الثمانينات بسبب اتهامات حول علاقة له مع ملكة جمال الهند سابقا باميلا بوردز مما أعطاه شهرة خارج ليبيا كزئر نساء. ويتردد أيضا أن القذافي كلفه بملف المعارضة الليبية في الخارج هو ومدير المخابرات اللواء على كوسه. واتهم بالمشاركة في عمليات لتصفية معارضين ليبيين في الخارج /وتحديدا أوروبا.حيث اتهم بالمشاركة في الإشراف على بعض العمليات الإرهابية فيها تمثلت في التخطيط لعمليات التصفية الجسدية لبعض المعارضين الليبيين المقيمين في أوروبا. ويقال أن من العناصر التي كانت تعمل معه في تلك الفترة عبد الله السنوسي وهو من دفعة تخرجه، وعبد الله حجازي ومحمد على النايلي، وعرف عنه علاقاته ببعض الإرهابيين الدوليين مثل كارلوس ومن مهامه الأخرى التي كلفه به معمر القذافي تعينه حاكما عسكريا لمنطقة طبرق عام 1984م وأمينا للمكتب الشعبي في السعودية عام 1985م.ومساعدا لشقيقه سيد قذاف الدم عندما تولى مهمة الحاكم العسكري للمنطقة الوسطى سنة 1986اويقال أنه لم يكن موفقا في كل ما أنيط به حتى ذلك الحين ولكن يدأ الحظ يحالفه عندما انتقل بعد ذلك الى مصر وفتح مكتب بها وزاول أنشظة مالية وتجارية واستخبارتيه من خلاله داخل وخارج مصر ، ولذا يمثل عمله في مصر أول نجاح له فيما كلفه معمر القذافي به من مهام حيث وطد علاقته بالمخابرات المصرية ورئيسها عمر سليمان وعائلة الرئيس المصري والعديد من الشخصيات المصرية وإدخلهم معه في شراكات مالية وتجارية لصالح النظام الليبي ،وكانت أهم الخدمات المؤداة لليبيا هي حماية اﻷرصدة المالية والتحويلات المتعلقة به مما يمكن أن يندرج ضمن وصف : غسيل الأموال.والمرجح أن تلك النشاطات المالية بدأت بعد اغتيال السادات ومع بداية حكم حسني مبارك و نمت وتواصلت خلال العقود الثلاثة التالية.إذ يوجد ثمة مؤشر بأن تحويل اﻷموال الليبية الى مصر بدأ عام 1982 خلال السنة اﻷولى من حكم مبارك وهو ما يعني أن قذاف الدم أرسل بعد حوالي خمسة سنوات ﻹدارتها.
وأنه كان في البنك المركزي المصري ودائع ليبية لا تظهر في ميزانيته ولا تخضع ادارتها .لمحافظ البنك، وأنما يتولاها جمال مبارك والذي من المؤكد أنه كان له مكتب في البنك دون تعيين رسمي له فيه مثلما كان له مكتب أيضا في قيادة سلاح الطيران ، وفي البنك المركزي كان يستعمل اسم البنك وأوراقة ووسائل اتصاله ، ويتضح ذلك مما نشر عن قيامه بتسييل أرصدة ذهبية كانت في بنك اﻻحتياط الفيدرالي اﻷمريكي ، وبالتالي كان له ما يعمله في كل من البنك وفي سلاح الطيران دون أن يكون له فيهما أي وظيفة رسمية معلنة، والأرجح أيضا أن الجزء الأكبر من ثروة مبارك وعائلته وعدد من أركان حكمه تولدت أساسا من ادارتهم للاستثمارات الليبية وما يحصلون عليه من عمولات.كما أن حصول مبارك نفسه على حصة من عائدات قناة السويس كان الهدف منه في البداية تسديد ديون على الحكومة المصرية تم بها تمويل ما عرف بالمشروعات القومية من أموال ليبية ،وفي مقدمتها مشروع مفيض توشكي والذي تكلف مبالغ طائلة دون أن يظهر في الميزانية الحكومية ودون أن يكون لدى الحكومة المصرية مصادر دخل تسمح بتوفر تلك المبالغ لديها.الا أن تضخم أرصدتهم المالية زادتهم جشعا واستغلالا لنفوذهم ومواقعهم في الدولة للوصول بتلك الأرصدة الى أرقام فلكية كما اتضح مؤخرا.

ومعروف على نطاق قذاف الدم على حسابات سرية خاصة بالقذافي في مصارف عربية وأوروبية.وأنه أيضا واسع الثراء ولديه أملاك
وعقارات كثيرة في الداخل، وحسابات مصرفية عديدة في الخارج بجنيف وباريس ولوزان والقاهرة والرباط.وغالبا ما يتحرك في البلاد العربية وأوروبا يرافقه حرس خاص، أوتتولّى عناصر استخبارات دول عربية حراسته في بعض العواصم الأوروبية.ويوصف في أجهزة الإعلام العربية برجل المهمات الصعبة، لكثرة إيفاده من القذافي في المهمات ذات الصبغة الخاصة والسرية.

أوكل إليه معمر القذافي عقب اندلاع انتفاضة 17 فبراير 2011 مهمة المساعدة على إخماد التحرك الشعبي في بنغازي الواقعة في شرق البلاد والتي اندلعت منها الانتفاضة.ووصل أحمد قذاف الدم لهذا الغرض مصر في 21فبراير وعلى أساس عقد صفقة بيع أسلحة لصالح ليبيا ، وعندما أبلغ المجلس العسكري بذلك استدعي أعضاء الحكومة لعقد اجتماع مشترك عاجل ، اﻻ أن رئيس الحكومة وأعضائها رفضوا اﻻستجابة للطلب الليبي وكان أن رقض أعضاء المجلس العسكري استقبال قذاف الدم وهو ما يعني أنه لم يتصل بالمجلس مباشرة وانما تم اﻻتصال به عن طريق المخابرات المصرية .وطالب أيضا معارضون مصريون الجيش المصري باعتقاله على أساس تورطه في قتل الشعب الليبي وخرج مئات المتظاهرين منددين به في مرسى مطروح. وقد فهم من ذلك بأن وجوده في مصر كممثل للقذافي يسبب حرجا للحكومة وأيضا أن مصر لا ترغب في التورط في المشكل الليبي،وأنها تفضل فيه الالتزام بالحياد بين القذافي والثائرين عليه ،لذا أعلن يوم 24 فبراير 2011 م انشقاقه عن النظام الليبي وقام مكتبه بتوزيع بيان على وسائل الإعلام يوم 25فبرايرة يعلن فيه استفالة قذاف الدم من عمله بالحكومة الليبية ولجوءه إلى مصر احتجاجا على فمع القذافي للمتظاهرين وأنه سيسير قافلة مساعدات الى الثوار في بني غازي إثبات حسن نواياه ،الا أنه سرعان ما انتقل الى دمشق في نفس اليوم أي الحمعة 25 فبراير،حيث أعلنت مصادر "للعربية"تواجده في سوريا ، ودون أن يقدم للثوار الليبيين في شرق ليبيا أية مساعدات..ولم يكن إعلانه الانشقاق سوى تمويه على تحركاته في خدمة نظام ابن عمه القذافي وقبيلته.ولحماية أرصدته وممتلكاته من التجميد وأيضا لكي تظل قنوات اتصالة بأجهزة المخابرات العربية والغربية مفتوحة ولا تسبب في حالة الكشف عنها أية حرج لها.

وكان مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالى الممثل الرسمى للثوار الليبيين قد أعلن على شاشة الجزيرة عن قيام أحمد قذاف الدم بتسييل الاستثمارات الليبية فى مصر، واستخدام هذه الأموال فى مساعدة وإمداد قوات القذافى والعمل على تجنيد مصريين للعمل كمرتزقة وإحداث تخريب وإثارة القلاقل بشرق ليبيا مما يربك الثوار وقال عبد الجليل أنه تم إلقاء القبض عن 15 مصريا ممن أرسلهم قذاف الدم وجارى التحقيق معهم للوصول للحقيقة.بعد أن تسللوا الى داخل ليبيا وهم يحملون مبالغ مالية كبيرة مرسلة من قذاف الدم بمصر وذلك بعد عودته اليها من سوريا خلال شهر ابريل 2011.وتنصل قذاف الدم الأسبوع الماضي،والذي كان متواجدا فيه في القاهرة ،من هذه الاتهامات ونفاها عنه. وادعى أن صلته انقطعت بالنظام الليبي.

بعد سفره إلى سوريا بأسبوعين تم الإعلان بوم الثلاثاء 15 مارس 2011 أن اسرائيل اعترضت في عرض البحر وفي المياه الدولية، سفينة محملة بالأسلحة الايرانية تحمل اسم فيكتوريا و ترفع علم ليبيريا، على بعد 320 كيلومترا غربي الشواطئ الإسرائيلية و تمت السيطرة عليها دون مقاومة من طاقمها، وجرتها الى ميناء اشدود بدعوى تفتيشها بحثا عن اﻷسلحة ووسائل قتالية أخرى مرسلة الى غزة ،وذلك لتبرير عملية القرصنة البحرية التي مارستها ،.ثم أعلن بعدها بأن السفينة فكتوريا انطلقت من ميناء سوري ،ثم ميناء ميرسين التركي حيث حملت سلعا تجارية منه ، واستأنفت منه الإبحار نحو وجهتها النهائية. ،

وعلقت أنا حينها على الخبر مرجحا بأنها أسلحة ومعدات عسكرية وغذائية كانت مرسلة من سوريا الى نظام القذافي في ليبيا ودفع ثمنها قذاف الدم وأنه بعد مصادرة اسرائيل لها سيضطر الى أن يدفع ثمنها مرة أخرى لكي تفرج عنها اسرائيل وتعيد شحنها على سفينة أخرى.

ومع الإعلان عن مصادرة اسرائيل للأسلحة عاد قذاف الدم الى القاهرة واتصل بنائب عمر سليمان لكي يتدخل للإفراج عن الشحنة لدى اسرائيل ، وقد حاول الأخير السفر الى اسرائيل الا أن المجلس العسكري رفض سفره بمجرد علمه بالخبر من الصحف ، ولم يمنع ذلك على ما يبدو من استمرار قيامه بدور الوسيط ، حيث لم يمض سوى أيام قليلة وتم اعادة تحميل الشحنة على سفينة من جديد وأرسلت اسرائيل معها فلسطينيين للإشراف على تسليمها للسلطات الليبية في ميناء طرابلس ، وهنا اعترضت سفن حلف شمال الأطلنطي السفينة وأعلنت بأنها ضبطت سفينة تحمل أسلحة قادمة من اسرائيل ، وعلى متنها محمد دحلان المستشار الأمني لمحمود عباس وعضو اللجنة المركزية لمنظمة فتح ومعه فلسطيني أخر.

هزت هذه الفضيحة العلنية اسرائيل التي لم يزعجها فقط تسريب الخبر من الناتو الى وسائل الإعلام وإنما أيضا ذكر أسماء العملاء الفلسطينيين الذين أوفدتهم مع السفينة ، مما يعني أنهما صارا أوراقا محروقة رغم اعتماد اسرائيل عليهما وحاجتها الى خدماتهم ،واحتجت على ذلك لدى الولايات المتحدة بصفتها قائدة الحلف والتحالف الغربي باعتبار أن ذلك التصرف يهدد الأمن القومي الإسرائيلي ويلحق اضرارا سياسية بها .وكان رد الفعل الأمريكي هو اعلان الولايات المتحدة من الانسحاب من العمليات العسكرية ضد ليبيا دون ابداء اﻷسباب ..ولعلها تشككت أن المخابرات المصرية أبلغت عن السفينة الاسرائيلية باعتبارها الوحيدة التي كانت على علم بها كتعبير عن امتعاض المجلس العسكري الحاكم أن تتم أعمال عسكرية ضد دولة جارة لمصر دون مشورته أو أي تنسيق معه ، ولذا طلبت الوﻻيات المتحدة من الجيش المصري أن يتولى حماية المدنيين في شرق ليبيا بقوات مصرية بريه وهو ما رفض المجلس اﻻستجابة اليه حسبما ورد في اﻷنباء...

لا أستبعد أيضا أنه كانت لهذه الحادثة والتي أثبتت عمالة مستشار محمود عباس الأمني والمعروفة على نطاق واسع ومنذ زمن بعيد ولكنها ظلت في تعتبر ضمن نظاق الظن السوء له ، تأثيرا نفسيا على محمود عباس ، بالإضافة عن تهديد فلسطينيين بانتفاضة ثالثة ،والاحساس بالمهانة من معاملة الاسرائيليين له ، وضعطت كل هذه العوامل متظافرة معا لكي تجعله يقبل التصالح مع حماس والقبول بشروطها ، وعلى الرغم أن نتنياهو حذره بأن عليه أن يختار بين إسرائيل وحماس.

Thursday, April 7, 2011

السلفيون والطرقيون والإخوان وفلول النظام في مصر..و السياسة.

ظهر مصطلح السلفية في بدايات القرن العشرين للتعبير عن تيار إصلاحي ظهر في عهد الدولة العثمانية يدعو لنبذ التعصب المذهبي الذي كان شائعاً حينها ومن قادة هذا التيار الشيخ محمد عبده والسيد رشيد رضا ، ويعد امتدادا لتيار سلفي كان معروفا بأهل السنة والجماعة ، ولكن هذه السلفية الاصلاحية أخذت فيما بعد صورا شتى ، واقتصر وصف السلفية على جماعات مغايرة لها.

السلفيون حاليا ، والذين يقتصر عليهم هذا الوصف هم من يعتمدون منهج السلف الصالح أو يتبعون منهج أهل السنة والجماعة ،على حد تعبيرهم ، ولكنهم يختلفون الى حد ما عن السلفية الاصلاحية السابقة وعن باقي السلفيين الذين يؤكدون أيضا التزامهم بمنج السلف الصالح أو أنهم
من أهل السنة والجماعة. والغالب عليهم تقديم المنقول عن المعقول في فهمهم لكتاب الله وسنة رسوله ، ولا يقبلون المعقول الا ما اتفق منه مع المنقول .ويعتبر أتباع السلفية النقلية أنفسهم امتداداً لمدرسة أهل الحديث التي ظهرت في العصر العباسي وتزعمها أحمد بن حنبل بفي
مواجهته مع فرق المعتزلة والكلامية والشيعة. وهم يشكلون فئة ليست بالقليلة وليست بالكبيرة أيضا من المسلمين في مصر وغيرها من الدول العربية . و لا يطلق حاليا وصف السلفية على من كان منهم يشتغل بالعمل السياسي مثل جماعة الإخوان المسلمين ،والتي صارت لها أديولوجية خاصة بها مزجت فيها مفاهيم السياسة بالمفاهيم الدينية، وفيهم من هو أكثر تحررا من السلفية التقليدية ،وبصفة عامة هم أكثر اقترابا من سلفية الشيخ محمد عبده واتباعا لها من الجماعات السلفية التقليبدية التي تحمل وحدها هذا الاسم ،والتي تميزت من قبل بالبعد عن أية
أنشطةسياسية.
وهناك حقيقة أخرى لايمكن تجاهلها وهي أن الغالبية العظمي من علماء الدين السنة والوعاظ في المساجد ينتمون أيضا الى التيار السلفي لأن تكوينهم الديني في المعاهد الدينية التي تلقوا فيها ما يطلق عليه العلوم الشرعية كان يطغى عليه المنهج السلفي ، ولذا نراهم يعارضون بشدة القول بعدم وجود ناسخ ومنسوخ في القرآن ، مهما قدمت لهم من حجج ودون أن يكون بامكانهم دحض هذه الحجج الا بقول واحد: هذا لم يقل به علماء السلف،ولأن الناسخ والمنسوخ شكل أحد علوم القرآن التي درسوها وكتب فيه علماء السلف مؤلفات والتشكيك فيه يمكن أن يمتد الى التشكيك في كل ما تعلموه من العلم الشرعي.ويعارضون أيضا أي تفسير لم يقل به من تعلموا على أيديهم ويختلف عما ورد في كتب التفسير المعتمدة لديهم.ولذا تجد غير المقيدين بما قاله السلف والذين يحكمون العقل والمنطق ومدلولات ألفاظ اللغة القرآنية وفقا لاستعمالات القرأن لها أو بالرجوع الى جذورها في اللغة الآرامية للمطلعين عليها أو الذين يفسرون بعض آيات القرآن بما أثبتته العلوم الحديثة بما يعرف ببيان الإعجاز العلمي ، ترى كل هؤلاء اعتمدوا على أنفسهم في تكوين معارفهم الدينية ولم يدرسوا العلوم الشرعية في المعاهد الدينية المتخصصة.والى جانب هؤلاء هناك من تخصصوا في علم مقاصد الشريعة أو وسعوا مجال معارفهم وثقافتهم من الشيوخ أو احتكوا بثقافة الغير ، أو اهتموا بعلوم المنظق والفلسفة والتي يحرمها معظم السلفييين أو اهتموا بعلم مقارنة الأديان أو علم النفس أو بنشوء الفرق الكلامية لدي المعتزلة أو الخوارج أو الملل
والنحل الأخرى...الخ والموانعكست تلك الثقافة على تناولهم الموضوعات الدينية، وكانوا أقرب الى السلفية الإصلاحية ، كما أن اعتمادهم على التأملات الشخصية جعلهم يجمعون بين التصوف والمعرفة الدينية.والجدير بالذكر هنا بأن كل من الأستاذين حسن البنا وسيد قطب تخرجا من كلية دار العلوم وليس من الجامعة الأزهرية وهو ما جعلهما أقرب الى السلفية الإصلاحية من السلفية التقليدية.وإذا تأملنا فقط في المقولةالمنسوبة الى الشيخ محمد عبده بعد عودته من أوروبا والتي يقول فيها وجدت هناك اسلاما بدون مسلمين وعدت فوجدت هنا مسلمين بدون إسلام مستحيل أن تصدر عن سلفي تقليدي.

لم يكن إذن لمن يطلق عليهم "السلفيون "من أتباع السلفية التقليدية أي نشاط سياسي في مصر قبل ثورة 25 يناير ، وقال بعضهم أن السبب في ذلك هو الخوف من أن يفتنهم النظام المستبد القائم في أنفسهم ودينهم إذا ما عارضوه وتعرضوا لبطشه ولكن أحد الأسباب الهامة في بعدهم
عن السياسة هو الموروث عن علمائهم أو من يعبترونهم من أئمتهم من فتوى بعدم جواز الخروج على الحاكم حتى لو كان كافرا أو فاسقا طالما أنه لايمنع إقامة شعائر الله في المساجد وخاجها وبالتالي لايمنع الناس عن الصلاة والصيام والزكاة والحج لمن استطاع اليه سبيلا ، ويدافع عن حوزة و ثغور دار الإسلام بجنده ،ويحمي المجتمع المسلم من تسلط الكفار عليه ، وهي فتوى ترجع لابن تيمية الذي ظهر في القرن السابع بالتزامن مع سقوط عاصمة الدولة العباسية بغداد على أيدي التتار سنة 656هـ؛ فعمل على إحياء الفكر السلفي، وقام بشن حملة على من اعتبرهم أهل البدع داعيا إلى إحياء عقيدة ومنهج السلف من أجل تحقيق النهضة. وستجاب بعض العلماء وطلبة العلم لأفكاره مثل الذهبي وابن قيم الجوزية ،وترتبط فتواه بظروف زمانه وفي محاولة تجنب فتنة ينشغل بها الحاكم عن الدفاع عن دار الإسلام فتكون العاقبة وخيمة على المجتمع الإسلامي.ومع اتباع السلفيين للسلف دون اعتبار للزمان والمكان ، اي باعتبارهم إن المنقول عنهم صالح لكل زمان ومكان ، فقد التزموا في أغلبهم بتلك الفتوى.

عندما نجحت ثورة 25 يناير في مصر على اجبار رئيس الجمهورية على التخلي عن الحكم ، لم تكن تلك الثورة منظمة ولها قيادات يمكن أن تحل محل الرئيس الذي تم خلعه ، ونظام سياسي مغاير بحل محل نظامه ، فشكل ذلك فراغا، وسواء كان حقيقيا أم وهميا باعتبار أن النظام السياسي في مصر مازال قائما ويحافظ عليه المجلس العسكري الأعلى، فقد أغرى هذا الفراغ السلفيين للانخراط في العملية السياسية والتي كانت أولى بوادرها الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، واعتبروا التصويت بنعم عليها ضمان لاستمرار الدستور الذي تنص مادته الثانية على اسلامية الدولة خوفا من أن يتم وضع دستور جديد يحولها الى دولة مدنية أو علمانية لايتيح لهم العمل لإقامة دولتهم ، أي دولة السلفيين.

هنا أيضا يجب الانتباه بأن السلفيين ينقسمون الى ثلاث طبقات : طبقة العلماء وهؤلاء الأكثر استنارة فيهم نسبياوعلما وتحرى الدقة في القول، وطبقة الدعاة وهي الأكثر عددا من العلماء والأكثر تواصلا مع القاعدة ،وهم أناس من متوسطي التعليم، لم يتلقوا ما يعرف بالعلم الشرعي في معاهده ،وإنما من حضورهم مجالس العلماء ،وتغلب عليهم الشعبوية والاعتماد على الخطب الرنانة في التأثير على الجمهور ولو اضطروا فيها الى ذكر خرافات من نسج خيالهم لدعم مواعظهم.والطبقة الثالثة وهي طبقة الأتباع وهي طبقة شبه أمية وعلمهم بالدين لايتعدي حفظهم لكل القرآن أو بعضه في الكتاتيب أثناء طفولتهم وكيفية أداء المناسك الدينية ومبادئ القراءة والكتابة والحساب.وهذه الطبقة تتأثر بطبقة الدعاة.وقد تعرض بعض علماء ودعاة
السلفية لبطش الدولة بتحريض من الدول الأجنبية في أطار ما سمته بالحرب على الارهاب وكان كل ذنبهم اظهار تعاطفهم مع طالبان وبن لادن والدعاء لهم باعتبارهم سلفيين مثلهم ،بعد أن شنت الدول الغربية الحرب عليهم ، أعتبروها حربا ظالمة وتستهدف الإسلام ذاته ، وهم في ذلك على
حق.

وهناك جماعات مستنيرة انشقت عن الإخوان بسبب سلفيتها وممارساتها السياسية ، ولأنها بخروجها من الإخوان خرجت أيضا عن سيطرة الدولة ، فقد تعرضت للقمع من قبل أجهزة الدولة الأمنية بدون موجب لذلك ، وكان رد فعلها النفسي هو الانكفاء في اتجاه سلفية أكثر تشددا من السلفية التقليدية ومن سلفية الإخوان ، حيث لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد في الاتجاه حسب قوانين نيوتن في الميكانيكا.واتجهت لمواجهة عنف الدولة بعنف أشد منه ضراوة، على الرغم من أنها كانت في البدء مسالمة تنفر من العنف ، وخاصة تلك التي قاتلت في أفغانستان والشيشان ووجدوا أنفسهم يحاربون مع السلفيين أو في حمايتهم ،وعرفت فيما بعد بالسلفية الجهادية ، أو نفذت عمليات تحسب ضمن الأعمال الارهابية ضد الدولة أو مؤسسات دول أجنبية أعتبرت مساندة للنظام السياسي القمعي المستبد في دولهم.ولو رفع الظلم والقهر عنهم تبدد تطرفهم وعادوا لما كانوا عليه من قبل.

ومن السلفيين من تأثر بالفكر الوهابي المتشدد، أو نسجوا فكرا على منواله بسبب وحدة المرجعية السلفية، وغالوا في مفهومي التوحيد والشرك ، وقد اعتبروا كل التماثيل أوثان ولو أنها لا تعبد ومن ذلك آثار الفراعنة ، وهم بالتأكيد لا يعلمون شيئا عن دين الفراعنة وأنهم كانوا من الموحدين ، ويحرمون التصوير والموسيقي والغناء وكل أنواع الفنون باعتبارها من عمل الشيطان الذي يلهي به الناس عن العبادة ويتسامحون فقط مع الإنشاد الديني الذي لايصاحبه عزف.وأيضاوصموا أتباع كل الطرق الصوفية بالشرك بالله لتبركهم بأضرحة الأولياء ولابتداعهم في الدين وادخالهم ما ليس منه فيه،ولهم في ذلك الكثير من الحق ، ولكنهم تشددوا في موقفهم ضدهم ونصبوا أنفسهم أعداء لهم ، وأن ما ييفعلونه منكر عليهم واجب ازالته و ذلك لا يتم بغير هدم أضرحة الأولياء.ولأن الدولة كانت تدعم الطرق الصوفية في محاولة منها لتجهيل الناس بدينهم ،
والسيطرة السياسية عليهم ، و كان السلفيون يهادنون الدولة من قبل في ذات الوقت ،فقد اضطروا الى مهادنة الطرقيين ، ولأنهم اعتبروا أن سقوط رأس الدولة هو بمثابة سقوط لها ، فقد اعتبروا أنه قد واتتهم الفرصة للتخلص ممن كانت تحميهم الدولة من قبل منهم، والذين يعد وجودهم عقبة أمام انتصار الفكر السلفي وإقامة الدولة السلفية.

التبرك بالأضرحة يعد بالفعل شركا بالله أو يداني الشرك بالله ، لأن صاحب الضريح لا يملك لنفسه ولا لغيره بعد موته نفعا، والصلة بالله يجب أن تكون مباشرة ولا تحتاج الى وسطاء من الأحياء أو الموتى .بل بعض الأضرحة قد تكون عبارة عن قبور رمزية لشخصيات دينية لها مكانة في قلوب المسلمين
الذين أقاموها ومشكوك في ما تحتويه، فضريح الحسين أقيم على هيكل عظمي لجمجمة جاء بها رجل من الشام وادعى أنها للحسين والسيدة زينب لها ضريح آخر في دمشق ولا يمكن أن تكون مدفونة في البلدين معا، وبعض الأضرحة قبور لبعض من اعتبرهم الناس في زمانهم من أولياء الله
الصالحين من مؤسسي أو كبار أتباع الطرق الصوفية وما نشر عن تاريخ بعضهم مثل الشعراني يشكك في حقيقة تصوفه وأنه استثمره للإثراءوالتمتع بحياة مترفة ليس فيها تقشف أو تصوف حقيقي...الخ.ومع ذلك فإن الأوجب ليس هدم تلك الأضرحة ، وأنما تبصير الناس بأمور دينهم ،وما تتطلبه عقيدة التوحيد من ابتعادهم عن كل مظاهر الشرك.

يستدعي الأمر هنا توضيح بوجود فرق بين التصوف والطرقية الصوفية ، وعلى سبيل المثال يوجد في المغرب مثلا زوايا صوفيه تقوم بتحفيظ لقرآن وتدريس الفقه واللغة العربية وآدابها ويأتي اليها شباب مسلم من الدول الأوروبية والأفريقية للدرس فيها وهذه لا علاقة لها بالطرق الصوفية
، وأيضا صادفت في المغرب وفي مصر عايشت وشهدت متصوفة من ذوي التعليم العالى والمعرفة الدينية الصحيحة ،ومن مختلف المهن ،يقيمون حلقات محدودة العدد في منازلهم من حين لآخر، ولا علاقة لهم بالطرق الصوفية ويستنكرونها ، والثابت أن الأستاذ حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين كان سلفيا ومتصوفا في الآن ذاته .
والصوفي عموما هو من صفا قلبه لله وتعلق به وانشغل به عن سواه وحرص على كل مايجلب رضاه ووجود صلة مستمرة بينه وبين مولاه قوامها المحبة والطاعة والذكر الدائم له وهو في موالاته لله لا يوالي سواه.ويحدد الجنيد معنى التصوف، فيقول :" التصوف هو ألا يطالع العبد غير حده ولا يوافق غير ربه ولا يقارن غير وقته" ويقول ابن عطاء الله السكندري أن التصوف هو الاسترسال مع الحق عز وجل .

وثمة تعاريف كثيرة للتصوف لاتخرج عما سبق في مجملها.ومع أني أفرق الآن بين المتصوفة والتصوف الطرقي ، فإن معظم مؤسسي الطرق الصوفية كانوا في زمانهم من العلماء المتصوفين و يغلب عليهم الاستقامة في العقيدة ، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف ،، وكان لهم مدارس في التصوف أو التعليم الديني يقيمونها في المساجد أوفي زوايا يقيمونها ويؤمها تلاميذ لهم ربوهم على منهجهم ونشروه وازدهرت هذه المدارس فـي بداية القرن السادس الـهـجري وهو نفس القرن أيضا الذي ازدهرت فيه ما يعرف حاليا بالعلوم الشرعية وظهر فيه علماءالحديث والتفسير و الأصول والفقه و العقيدة وعلم الكلام ، الا أن علم المتصوفة لم يستمر تداوله كثيرا واندثرت معظم مدارسها وإن استمر الأتباع أو المريدون مع افتقارهم الى العلم واختلطت معارفهم المحدودة بعقائد غير المسلمين الذين يعاشرونهم وطقوسهم الدينية التقليدية التى لا تمت للأسلام بصلة ، واخذت طرقهم سمات البدع والشعوذة ومارست طقوسا سحرية أو شبه وثنية حيث لا يمكن وصف عقائد الأرواحيين الأفارقة بالوثنية لعدم اقامتهم أوثان يعبدونها وفيهم قبائل كثيرة خاصة ذات الأصول الكوشية تتميز عقيدتها بالايمان بوجود اله واحد .ولتغطية جهل شيوخهم بالدين وتعليمه والأحكام الشرعية اعتبروا علماء الدين بأنه يختصون بعلم الظاهر بينما يختصون هم بعلم الباطن وأنه أذا كان الأول علماء بيان أو برهان فهم علماء عرفان يأتيهم علمهم مباشرة من الله سبحانه وتعالى على هيئة فيض أو كشف في لحظات التواصل معه أوحلوله فيهم وأذا كان للقرآن ظاهر يهتم به علماء الدين فللآيات باطن أهم منه لا يطلع على سره سواهم ، ونسبوا لأنفسهم ولشيوخهم كرامات أشبه بالأساطير والخرافات.ولم يكن دافعهم الى ذلك سوى التحايل على المحافظة على المكانة الاجتماعية التي كانت لآبائهم وأجدادهم الذين كانوا أوفر حظا في العلم بالدين ولغة القرآن الكريم وأقدر على استنباط الأحكام منه وكان هذا هو بداية الخلاف بينهم وبين السلفيين والذى اتسعت شقته مع مرور الأيام .ومن هذه الطبقة من الطرقيين أسماء مشهورة وأقام أتباعها لهم أضرحة باعتبارهم من أولياء الله الصالحين ومن ذوي الكرامات ، والغريب أن نجد لبعضهم عدة أضرحة في مناطق متباعدة في المنطقة وفي كل منها يعتقد السكان أن صاحب الضريح مدفون فيه مثل أبي اليزيد البسطامي على سبيل المثال لا الحصر.

ويوجد الكثير أيضا ممن كتبوا في التصوف دون أن يؤسسسوا طريقة فيه تحمل أسمائهم من بعدهم مثل الغزالي. وأصل لفظ الطريقه هو منهج التصوف وتربية النفس عليه أو الطريق الى الله.

ومن الصوفية غير الطرقية تشكلت حركات صوفية حاربت الحملات الصليبية وهجمات الاستعمار الغربي واعتمدت الكفاح المسلح ، ومن أشهرها في العصر الحديث : حركة الأمير عبد القادر في الجزائر، و عمر المختار في ليبيا، ثورة عبد الكريم الخطابي في المغرب.وسبقهم في الجهاد المسلح ضد الغزاة الأجانب متصوفة آخرون كثيرون مثل الشيخ الأقاوي والشيخ ماء العينين جنوب المغرب وغيرهم جنوب الصحراء الكبرى.

وتنتشر الطرق الصوفية في نطاقات جغرافية واسعة تشمل العديد من الدول حاليا ، على نحو التيجانية التي تعتبر اليوم أولي طريقة صوفية ، من حيث تعداد المنتسبين ، وكثرة الزوايا التي أنشأوها ، وشهرة مشايخها المنتشرين في كل بلاد غرب إفريقيا ، ابتداء من موريتانيا فالسنغال ، فمالي ، فغينيا ، فساحل العاج ، فبوركينافاسو ، فالنيجر ، فنيجيريا ، وتوغو وغانا وبنين ، ثم انتشرت في اتجاه الشريط السوداني الكبير ، تشاد ،الكمرون ، السودان ، أما أصلها فهي بلاد المغرب العربي ابتداء من الجزائر ، فالمملكة المغربية ، فتونس ، فليبيا . وهكذا نجد أن الطريقة التيجانية هي أولي الطرق الصوفية في شمال ، وغربي إفريقيا وفي في النطاق السوداني جنوب الصحراء و وتوجد أيضاالسنوسية فى شمال أفريقيا كما تنتشر القادرية التي أسسها عبد القادر الجيلاني في العراق خلال القرن السادس الهجري، فـي العراق، اليمن، الصومال، الـهـند،
تركيا، مصر، المغرب وغرب إفريقيا ووسطها وشرقها،والنقشبندية في دول أسيا الوسطى ، وكان لروادها الأوائل دورا لا يمكن انكاره في نشر الإسلام في تلك المناطق عندما كان لديهم قدرا من المعرفة الدينية ،وفي النطاق السوداني الأفريقي كان للطرق الصوفية في أول عهدها في انتشار
الإسلام فـي المناطق الوثنية أو المتفشية فيها الوثنية أو الديانات الأخرى غير الإسلامية وفي المناطق الشبه صحراوية كما في المناطق الغابويةالاستوائية بواسطة المساجد والزوايا وما أقامته من كتاتيب ومن خلاوي تدريس القرآن الكريم وتجويده والتي ساعدت وساهمت فـي محو الأمية الدينية ،
وأيضا بما اتسم به شيوخها من ورع وزهد وحسن خلق ومعاملة وما يتمتعون به من صدق وأمانة وتسامح ،جعل سكان تلك المناطق يهتمون بالتعرف عليهم وعلى دينهم وعلى الاقتداء بهم ، بعد أن أدركوا بأن أخلاقهم من نتاج عقيدتهم الدينية.الا أن الوضع يختلف الآن حيث يوجد على رأسها شيوخ لها حظهم من المعرفة بالدين قليلة في الغالب و يتوارثون المشيخة فيها وأكثر ما يهمهم منها هو العائد المادي الذي يحصلون عليه ، بالاضافة الى المكانة الاجتماعية التي يعززها كثرة أتباعهم .ويليهم طبقة من الدراويش أو البهاليل من الأميين الذين يجهلون كل شيئ عن الدين
تقريبا وأكثرهم يعتبر نفسه معفي من أداء المناسك الدينية مثل الصلاة ، ويعيشون على الصدقات، أما القاعدة الطرقية فتتشكل فمن العوام الأميين أيضا والذين يمارسون طقوسا شبه سحرية أقرب ما تكون الى " الزار" ويقودهم فيها عدد من منشدي الطريقة الصوفية ، ويجهلون أيضا دينهم.ومن شيوخ الطرق الصوفية في شمال أفريقيا من عمل في خدمة الاستعمار الفرنسي ومن بعده في خدمة الدولة الاستبدادية التي شملتهم برعايتها وحمايتها لأنشطتها ومواسم الأولياء أو المؤسسين لها ،وبعطاياها المادية والعينية لهم في المناسبات الدينية.وفي نفس الوقت فإن إطلاق
أحكام عامة عليها لا يعد صحيحا وهي ليس كلها متماثلة وانما تتفاوت سلوكياتها وفي التزامها بالدين أو انحرافها عن تعاليمه من طريقة لأخرى.

وكثيرا ما اتهم السلفيون بأنهم سبب تخلف الشعوب الإسلامية وهو اتهام باطل حيث لم يحدث أن تولى أحدهم سلطة ،أو شارك في وضع سياسةللتعليم أو الاعلام أو التنمية ، وكل دول المنطقة لا تتبع الشريعة الإسلامية وتحترم قيمها وتتحلى بها حتى يكون للدين دخلا في تخلفها ، كما لا يشكل الدين وتعليمه سوى النزر القليل من التعليم الحكومي ، ويعد الطابع السائد في الثقافة والاعلام وأدارة الدولة علمانيا صرفا ولا تلجأ الدولة للدين الا لاستغلاله ، وفي نفس الوقت فإن الدول التي صار للسلفيين فيها نفوذ مثل السعودية وباكستان أو تولوا حكمها مثل أفغانستان والسودان ،أثبت السلفيون فشلا ذريعا في سياساتهم ، وفشلوا في تحقيق الرخاء للشعوب التي حكموها ، بل يمكن القول بأن سياساتهم تسبب في زيادة معاناة هذه الشعوب من الفقر والمرض والجهل والتخلف وصعوبة التكيف مع حياة العصر. والسعودية فقط دونها التي استطاعت تقديم خدمات جيدة
في ميداني التعليم والصحة بسبب العائدات المالية الكبيرة التى حققها حجم انتاج البترول وزيادة أسعاره في السوق العالمية باضطراد. ولذا لا يتوقع من السلفيين إن تولوا الحكم في أي بلد مسلم أن يتمكنوا من النهوض به ولكن نفس الشيئ يمكن قوله أيضا على منافسيهم ممن يصفون
أنفسهم بالعلمانيين حيث يحكمون بالفعل دولهم منذ استقلالهم دون أن يحققوا أي تقدم فيها بل قادوها الى ألأزمات والمزيد من التخلف. ولايمكن مقارنتهم بحزب العدالة والتنمية التركي فهذا الحزب لا يجمع السلفيين ، وانما علماء مسلمين في جميع التخصصات ومن ذوى ثقافة متفتحة ، وسر نجاحهم لا ينحصر في تدينهم ، وانما حسن ادارتهم للاقتصاد والعمل السياسي المسخر في خدمته مع الإخلاص والأمانة في العمل . ولذا لا يمكن القول بأن حزب كذا الديني يمكنه أن ينجح في أدارة البلد مثلما نجح حزب العدالة والتنمية التركي طالما لا توجد لديه كفاءة الحزب التركي ولا نمط ومنهج تفكيره.
المشكلة أذن ليست في ثنائية إسلامي وعلماني وأنما في سوء ما يحمله الطرفان من ثقافة دنيوية غير بناءة وغارفة في التنظير غالبا بينما لاتفيد فيما يتعلق بحسن التدبير ، أي في التطبيق العملي لها. وهو ما يتطلب ثورة ثقافية قادرة على تغيير عقليات المجتمع وطريقة اشتغالها ولا يكون
لها علاقة بالدين الا بقدر الحاجة الملحة للتحلى بقيمه وبسلوكيات تتفق مع مقتضياته وما تتطلبه من صدق وأمانة وتضامن وتكافل وأيثار وعمل منتج وعدالة في التوزيع لناتج العمل الجماعي والبعد عن الترف والإسراف ،وتزكية النفس من فجورها والميل بها نحو تقواها ..وهذا كله أهم مما اهتمت به الحركات السلفية والجماعات الدينية الخارجة من رحمها والتي حصرت تطبيق الشريعة في تطبيق الحدود الشرعية على السارق والزاني.وبعضها أعطي لنفسه سلطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإزالة المنكر بيده ، وهو ناتج عن الفهم الخاطئ لقول الله تعالى : ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، والمقصود به أمة بين الأمم ، وليس بفئة أو فريق من الناس داخل الأمة الإسلامية يتسلط على من فيها ، بينما كل نفس بما كسبت رهينة ، وكلهم مرجعهم الى الله يحاسبهم ، وليس في الدين ما يعطي لأحد حق التسلط على الغير أو تقييد حريته في التصرف ، طالما لايشيع الفاحشة في المجتمع باتيانها علانية وهو ما يعتبر منكرا في العرف الاجتماعي قبل انكار الدين له.

دون المضي بعيدا في البحث والتنظير فإن ما يسترعي النظر هو أن كل من السلفيين والطرقيين انغمسوا أخيرا في العمل السياسي بعد أن كان منهم من قبل مهجورا ومحظورا ،وشكلوا مع الإخوان وأتباع حزب الرئيس المخلوع وأجهزته الأمنية ومؤسساته الفاسدة ، حلفا سياسيا ، واجتمعوا في خندق واحد ، رغم ما بينهم من تناقضات ،حين الاستفتاء على التعديلات الدستورية للتصويت بنعم وأضلوا أناسا كثيرين ممن تبعوهم بعد أن أوهموهم بأن التصويت بنعم عليها من متطلبات الدين والايمان ، ولم يشذ عمن كانوا يناصرون مبارك من قبل سوى الأقباط الذين كانت كنيستهم حليفة لنظام مبارك ومساندة له ومؤيدة لتوريثه الحكم لابنه علنا ، وكانوا لها تبعا، فقد خرج الأقباط خلال الثورة الشعبية على هذا الحلف وانضم الى الثورة كل آباء الكنيسة المستنيرين وأغلب الشعب القبطي وساندوا مطالب الثورة الشعبية وصوتوا أيضا ب" لا " للتعديلات الدستورية ،لدواعي غير دينية أو مرتبطة بالدين أو الطائفية في أغلب الظن،وإنما لقناعة بأن القبول بتعديلات عوض وضع دستور جديد في غير صالح تحقيق أهداف الثورة ، وكان أيضا نتيجة الشكوك المثارة حول تورط أجهزة مبارك الأمنية في إثارة الفتن الطائفية في مصر.

والحلف الجديد الذي ضم هؤلاء من المتوقع أن يستمر في انتخابات الرئاسة وانتخابات البرلمان ، رغم ظهور العداء بين السلفيين والطرقيين للعلن حاليا ، ومن المتوقع أيضا أن يتصادم السلفيون المتشددون مع الاخوان الذين ألفوا البراجماتيكية طول مشوارهم السياسي ويختلفان معا ،وسيعمل حزب الرئيس المخلوع بدورة على ضرب كل مجموعة بالأخرى ، لكي يتخلص منها كلها في النهاية وتعود الهيمنة السياسية له الى ما كانت عليه قبل الثورة ،ووالى جانب هذه الصراعات فيما بينهم سينشب صراع بينهم وبين وبين باقي مكونات وفئات الشعب المصري التي لا تنتمي اليها، ولا تثق فيها ،وترفض منهج تفكيرها ، وتصمه بالتخلف.ومما قد يؤجج هذا الصراع بين الطرفين تطرف بعض القوى المعادية لهم ،وتبنيها أفكار بدعوى الحداثة والنسوانية أو الانحياز للائكية بتأثير الثقاقة السياسية الأوروبية ، وأفكارهم المتطرفة تلك تتصادم مع عقائد الشعب الدينية ، وايمانه المتوارث عبر آلاف السنين ، قبل وصول اليهودية والمسيحية والإسلام إلى المنطقة وبعد وصولها والتدين بها أو الانتقال من دين أقدم الى دين مستجد عليه ، ومثل هذه التوجهات الشاذة سوف تكون سببا في تمزيق الجبهة التي تواجه الجماعات الدينية وفلول النظام السابق وتحد من فاعليتها.وهذا الصراع المتعدد لن يكون في نهاية الأمر في صالح المجتمع أو الدولة في مصر في وقت يحتاج إعادة بناء مصر الى وحدة الشعب المصري لتحقيق مستقبل آمن ومزدهر له.

أن الصراع الوحيد الذي يجب أن تنخرط فيه كل القوى المصرية هو الصراع ضد التخلف والذي يعد الفقر والجهل من مسبباته ومن نتائجه أيضا ،ووهو ما يستوجب تضافر جهود الجميع معا للتخلص من الفقر والجهل ومن التخلف الثقافي والعلمي والفكري الذي يعم المجتمع بمن فيه المنتمين لكل هذه الجماعات بدون استثناء ، أي ضرورة انخراط الجميع في ثورة ثقافية وتنموية تعيد بناء الوطن من جديد ، وأن تكون القيم الدينية الإسلامية والمسيحية مصدر توحيد للأمة ولايكون الدين الذي تحول الى شيع ومذاهب لدى كل تلك الجماعات سببا في تفرقة المجتمع وتشتيت جهوده الجماعية من أجل التقدم .ليكون لكل مواطنيه ، ومصدر رخاء وفخر وعزة وكرامة لهم.

فوزي منصور

Monday, February 28, 2011

نحو نظام سياسي جديد في مصر

أثبت النظام السياسي القائم في مصر فشله وقد آن الأوان لاستبداله بنظام سياسي جديد يستجيب لا حتياجات الشعب المصري في التنمية والتقدم والحرية والكرامة وخاصة بعد ثورة الشعب المصري في 25 يناير والشروع في أعادة النظر في الدستور..وقد قال الكثيرون غيري بأن المطلوب ليس تغيير بعد مواد الدستور وإنما إنشاء دستور جديد. وعندما يطلب المجلس العسكري الحاكم ممن عينهم لتعديل الدستور أن تتم التعديلات في عشرة أيام فإن هذا يعني أنه يريد أن يظل الدستور الحالي على ماهو عليه وأن يتم فقط تعديل المواد التي سبق للرئيس المخلوع إن قام بتغييرها لصالح استمراه في الحكم مدى الحياة وكانت موضع انتقاد المعارضين له. تعديل الدستور فقط يعني استمرار النظام السياسي على حاله بينما كان هدف قومة الشعب وثورته هو أسقاط النظام وليس الحاكم فقط.

كثير ممن كانوا يدافعون عن النظام القائم وما به من مركزية مفرطة وتركيز كافة الصلاحيات في يد رئيس الدولة كانوا يدافعون عنه بحجة تافهة وهي أن النظام السياسي طوال التاريخ المصري كان مركزيا وكأن هذا قدر على مصر لايمكن الانفكاك منه حتى لو كان ضار بمصالح الشعب وبالديموقراطية كنظام يجسد ارادة الشعب..وقد سبق لي أن أوضحت بأن العالم يتجه الآن للتحول من الديموقراطية البرلمانية الى الديموقراطية التشاورية أو التشاركية التي تسمح للشعب باستمرار في المشاركة الفعالة في صنع القرارات الحيوية التي تمس مصالحه وتنظيم المواطنين والمؤسسات في شبكات أفقية لا تخضع لتتنظيم مركزي هرمي.وبررت ذلك بأن العصر الحالي التي برزت فيه الثورة الأليكترونية والمعلوماتية بالتغير السريع للتقنية العلمية ومسايرة ايقاع العصر السريع والمختلف عن السابق يحتاج أيضا لنظام يكفل القدرة على سرعة اتخاذ القرارات السريعة التي تمس المواطنين في الحاضر وتؤثر أيضا على مصالح الأجيال القادمة. وهو ما لاتحققة بكفاءة حاليا النظم الديموقراطية الحالية في العالم والتي أفرزها عصر الثورة الصناعية بينما يتطلب زمن الثورة المعلوماتية ديموقراطية جديدة متوائمة معه.أي أن هذا التحول الى الديموقراطية التشاركية فرضته ثورة المعلوميات .

ولهذا كله فإن من حق الشعب المصري بعد ثورته التي أشاد بها كل حكومات وشعوب العالم أن يحصل بعدها على أفضل نظام حكم ممكن. ويقتضي ذلك التخلص من الحكم المركزي واستبداله بحكم لا مركزي يأخذ شكل الحكم الفيدرالي الموجود حاليا في العديد من دول العالم وكانت الهند سباقة اليه منذ استقلالها عام 1945 واعتمدته ألمانيا أيضا بعد الحرب العالمية الثانية ، كما يوجد حاليا في سويسرا وأسبانيا والعديد من دول العالم . ومن أهم مزايا هذا الحكم أن يكون لكل منطقة جغرافية يمكن تسميتها بمقاطعة أو ولاية أو جهة إقتصادية برلمان وحكومة منبثقة منه تتولي رعاية كل مصالح السكان وتحسين أوضاعهم دون تدخل من الحكومة الاتحادية التي تحل محل الحكم المركزي لكنها لا تملك كل صلاحياته السابقة والتي تتولاها تلك الجهات الاقتصادية.

في هذا الشأن يمكن النظر في تقسيم الدولة المصرية الى المناطق الاقتصادية التالية:

1_ منطقة سيناء وقناة السويس وتشمل شبه جزيرة سيناء ومدن القناة الثلاث وبحيث يتم العمل على تعمير سيناء وزيادة الكثافة السكانية بها بزيادة السكان فيها بحيث لا يقل عددهم عن عشرة ملايين نسمة كحد أدني في أقرب وقت ممكن .ويقتضي ذلك إعادة توزيع الأراضي المستصلحة في سهل الطينة شمال غرب سيناء على صغار الفلاحين واستزراع سهل العريش وأودية سيناء وكذلك تحويل شرق قناة السويس الى منطقة حرة للتجارة العالمية وللصناعة المخصصة للتصدير ،وهو المشروع الذي أوقفه النظام البائد بدعوى أن الأراضي شرق القناة رخوة ولا تصلح للبناء..ويتطلب الأمر أيضا أعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد بالدخول في مفاوضات بغرض تعديلها بما يتفق مع سيادة كل الدول على أراضيها.

2- منطقة شرق الدلتا : وتشمل محافظات الشرقية والدقهلية ودمياط وتتخذ من المنصورة أو الزقازيق عاصمة لها ومن دمياط مينائها

البحري.

3- منطقة الدلتا : وتشمل محافظات القليوبية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ وتتخذ من طنطا عاصمة لها ومن مدينة رشيد ميناء لها

4- منطقة غرب الدلتا: وتشمل محافظات البحيرة ومرسى مطروح والواحات البحرية وتتخذ من الأسكندرية عاصمة لها ومن الاسكندريةومطروح موانئا لها وغربا الى الحدود مع ليبيا.

5- منطقة القاهرة الكبري وتشمل القاهرة والجيزة وبني سويف والفيوم وتتخذ من الغردقة ميناء لها

6- منطقة الصعيد الأوسط : وتشمل محافظات المنيا وأسيوط وسوهاح والواحات.وتتخذ من أسيوط عاصمة لها ومن ميناء سفاجا ميناء لها.

7- منطقة الصعيد الأعلى والنوبة : وتشمل محافظات قنا وأسوان وتمتد جنوبا حتى الحدود مع السودان وتتخذ من أسوان عاصمة لها ومن ميناء مرسى علم ميناء لها على البحر الأحمر.
ويتم استعادة ملكية كل الأراضي في مشروع مفيض توشكا وتوزيعها على صغار الفلاحين المصريين لزراعتها كما يتم مد قناة توشكا شمالا عبر الواحات الداخلة والخارجة وحتى منخفض القطارة وتوزيع كافة الأراضي على جانبي القناة على صغار الفلاحين المصريين. إن هذا لايتطلبه تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية فقط وإنما يتطلبه زيادة الانتاجية وتحقيق الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية للدولة وضمان أمنها بإعادة توزيع السكان على كامل أرض الوطن.

وتقوم كل منطقة بعمل شبكة طرق برية وسكك حديدية ونهرية إن أمكن تربط كل المناطق السكنية بها من مدن وقرى بالعاصمة والميناء البحري وتضع من السياسات التي تكفل لها تحقيق الاحتياجات الأساسية لسكانها من مأكل ومشرب وإسكان وتعليم وصحة وتحسين أحوالهم المعيشية.

وبالنسبة لقطاع غزة وعلاقته بأمن واستقرار سيناء وبمتطلبات التفاوض مع اسرائيل على تعديل اتفاقية كامب ديفيد فإنه يقترح أعادة الادارة المصرية للقطاع كما كان عليه الحال قبل عام 1967 وفتح الحدود بين القطاع وشبه جزيرة سيناء وحرية الحركة بين سيناء والفطاع للسكان دون أية عوائق ، على أن يتم أجراء استفتاء تحت إشراف الأممم المتحدة بعد ثلاث سنوات للسكان يخيرون فيه بين الانضمام الى مصر نهائيا أو الاستقلال عنها وبناء دولتهم الخاصة بهم .

ويجري انتخاب رئيس ونائب له لكل مقاطعة ممن رشحوا أنفسهم للمنصب ،وانتخابات لبرلمان المقاطعة ويقوم الرئيس المنتخب للمقاطعة بتكليف أحد أعضاء البرلمان بتشكيل حكومة تحوز ثقة البرلمان تشمل الاقتصاد والمالية والاسكان والتعليم والصحة والمواصلات والاتصالات والأمن والشئون المدنية والخدمات الاجتماعية والتجارة والزراعة والصناعة والنقل البحري والجوي ...الخ.ويلي ذلك انتخاب رئيس اتحادي من بين رؤساء المقاطعات السبع . كما يرشح برلمان كل مقاطعة عدد من أعضائه يحدده نسبة عدد السكان بالنسبة لسكان كامل الدولة لتمثيل المقاطعة في البرلمان الاتحادي والذي يقوم رئيس الدولة الاتحادي بتكليف أحد أعضائه بتشكيل حكومة تحوز ثقة البرلمان.وتقتصر مهام الحكومة الاتحادية على العلاقات الخارجية التمثيل الدبلوماسي لدى الدول الأجنبية وشئون الدفاع والصناعات العسكرية والبحث العلمي والبنك المركزي وما يسنده الدستور اليها.

ما سبق هو مجرد اقتراحات للتشاور حولها والاستنارة بها عند إنشاء دستور جديد للبلاد.أرجو أن تكون موضع اهتمام كل من يهمهم أمر مستقبل مصر وشعبها .

فوزي منصور