Friday, April 29, 2011

قذاف الدم وشحنات السلاح لكتائب القذافي ..وتداعياتها السياسية.

فوزي منصور


اعتمد في كتابة هذا الموضوع على ايجاد الخيط الناظم بين الأخبار المتناثرة التي اعتبرتها تتعلق به،وتتيح كتابة قصة خبرية تعتمد أساسا عل تجميع تلك الأخبار في نسق واحد وفي سياق زمني جامع لها ،يعتمد على الخيال والحدس ليقدم صورة قد تكون حقيقية تماما ،وقد تكون أقرب أيضا الى الحقيقة وواقع الأمر ويمكن بها تفسير اﻷحداث ..

أحمد قذاف الدم القذافي هو ابن عم معمر القذافي ، ولد بمصر لأب ليبي وأم مصرية.وكان يعرف في مصر خلال سنوات بأنه منسق العلاقات الليبية المصرية ، وأنه أنشأ عدة مشاريع استثمارية و تجارية واسعة في مصر غير معروف حجمها ، ويرجح أن الهدف الأساسي من نشاطاته في مصر هو اخفاءالاموال الليبية وحمايتها من التعرض للمصادرة عندما كانت ليبيا تخضع لفرض عقوبات عليها بسبب حادثة سقوط الطائرة الأمريكية فوق قرية لوكيربي البريطانية ،والتي اتهمت ليبيبا بالضلوع فيها. وثمة تقدير متداول أن حجم الاستثمارات الليبية في مصر في حدودعشرة مليارات دولارعام 2011م.ولكنه قد يكون أكبر من ذلك..

وكان يصنف قذاف الدم ضمن دائرة كبار المسؤولين الأمنيين في النظام الليبي.فبعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في بداية السبعينيات التحق بسلاح الحرس الجمهورى وتدرج في المراتب العسكرية في فترة وجيزة.وظهر اسمه في الصحف البريطانبة في أواخر الثمانينات بسبب اتهامات حول علاقة له مع ملكة جمال الهند سابقا باميلا بوردز مما أعطاه شهرة خارج ليبيا كزئر نساء. ويتردد أيضا أن القذافي كلفه بملف المعارضة الليبية في الخارج هو ومدير المخابرات اللواء على كوسه. واتهم بالمشاركة في عمليات لتصفية معارضين ليبيين في الخارج /وتحديدا أوروبا.حيث اتهم بالمشاركة في الإشراف على بعض العمليات الإرهابية فيها تمثلت في التخطيط لعمليات التصفية الجسدية لبعض المعارضين الليبيين المقيمين في أوروبا. ويقال أن من العناصر التي كانت تعمل معه في تلك الفترة عبد الله السنوسي وهو من دفعة تخرجه، وعبد الله حجازي ومحمد على النايلي، وعرف عنه علاقاته ببعض الإرهابيين الدوليين مثل كارلوس ومن مهامه الأخرى التي كلفه به معمر القذافي تعينه حاكما عسكريا لمنطقة طبرق عام 1984م وأمينا للمكتب الشعبي في السعودية عام 1985م.ومساعدا لشقيقه سيد قذاف الدم عندما تولى مهمة الحاكم العسكري للمنطقة الوسطى سنة 1986اويقال أنه لم يكن موفقا في كل ما أنيط به حتى ذلك الحين ولكن يدأ الحظ يحالفه عندما انتقل بعد ذلك الى مصر وفتح مكتب بها وزاول أنشظة مالية وتجارية واستخبارتيه من خلاله داخل وخارج مصر ، ولذا يمثل عمله في مصر أول نجاح له فيما كلفه معمر القذافي به من مهام حيث وطد علاقته بالمخابرات المصرية ورئيسها عمر سليمان وعائلة الرئيس المصري والعديد من الشخصيات المصرية وإدخلهم معه في شراكات مالية وتجارية لصالح النظام الليبي ،وكانت أهم الخدمات المؤداة لليبيا هي حماية اﻷرصدة المالية والتحويلات المتعلقة به مما يمكن أن يندرج ضمن وصف : غسيل الأموال.والمرجح أن تلك النشاطات المالية بدأت بعد اغتيال السادات ومع بداية حكم حسني مبارك و نمت وتواصلت خلال العقود الثلاثة التالية.إذ يوجد ثمة مؤشر بأن تحويل اﻷموال الليبية الى مصر بدأ عام 1982 خلال السنة اﻷولى من حكم مبارك وهو ما يعني أن قذاف الدم أرسل بعد حوالي خمسة سنوات ﻹدارتها.
وأنه كان في البنك المركزي المصري ودائع ليبية لا تظهر في ميزانيته ولا تخضع ادارتها .لمحافظ البنك، وأنما يتولاها جمال مبارك والذي من المؤكد أنه كان له مكتب في البنك دون تعيين رسمي له فيه مثلما كان له مكتب أيضا في قيادة سلاح الطيران ، وفي البنك المركزي كان يستعمل اسم البنك وأوراقة ووسائل اتصاله ، ويتضح ذلك مما نشر عن قيامه بتسييل أرصدة ذهبية كانت في بنك اﻻحتياط الفيدرالي اﻷمريكي ، وبالتالي كان له ما يعمله في كل من البنك وفي سلاح الطيران دون أن يكون له فيهما أي وظيفة رسمية معلنة، والأرجح أيضا أن الجزء الأكبر من ثروة مبارك وعائلته وعدد من أركان حكمه تولدت أساسا من ادارتهم للاستثمارات الليبية وما يحصلون عليه من عمولات.كما أن حصول مبارك نفسه على حصة من عائدات قناة السويس كان الهدف منه في البداية تسديد ديون على الحكومة المصرية تم بها تمويل ما عرف بالمشروعات القومية من أموال ليبية ،وفي مقدمتها مشروع مفيض توشكي والذي تكلف مبالغ طائلة دون أن يظهر في الميزانية الحكومية ودون أن يكون لدى الحكومة المصرية مصادر دخل تسمح بتوفر تلك المبالغ لديها.الا أن تضخم أرصدتهم المالية زادتهم جشعا واستغلالا لنفوذهم ومواقعهم في الدولة للوصول بتلك الأرصدة الى أرقام فلكية كما اتضح مؤخرا.

ومعروف على نطاق قذاف الدم على حسابات سرية خاصة بالقذافي في مصارف عربية وأوروبية.وأنه أيضا واسع الثراء ولديه أملاك
وعقارات كثيرة في الداخل، وحسابات مصرفية عديدة في الخارج بجنيف وباريس ولوزان والقاهرة والرباط.وغالبا ما يتحرك في البلاد العربية وأوروبا يرافقه حرس خاص، أوتتولّى عناصر استخبارات دول عربية حراسته في بعض العواصم الأوروبية.ويوصف في أجهزة الإعلام العربية برجل المهمات الصعبة، لكثرة إيفاده من القذافي في المهمات ذات الصبغة الخاصة والسرية.

أوكل إليه معمر القذافي عقب اندلاع انتفاضة 17 فبراير 2011 مهمة المساعدة على إخماد التحرك الشعبي في بنغازي الواقعة في شرق البلاد والتي اندلعت منها الانتفاضة.ووصل أحمد قذاف الدم لهذا الغرض مصر في 21فبراير وعلى أساس عقد صفقة بيع أسلحة لصالح ليبيا ، وعندما أبلغ المجلس العسكري بذلك استدعي أعضاء الحكومة لعقد اجتماع مشترك عاجل ، اﻻ أن رئيس الحكومة وأعضائها رفضوا اﻻستجابة للطلب الليبي وكان أن رقض أعضاء المجلس العسكري استقبال قذاف الدم وهو ما يعني أنه لم يتصل بالمجلس مباشرة وانما تم اﻻتصال به عن طريق المخابرات المصرية .وطالب أيضا معارضون مصريون الجيش المصري باعتقاله على أساس تورطه في قتل الشعب الليبي وخرج مئات المتظاهرين منددين به في مرسى مطروح. وقد فهم من ذلك بأن وجوده في مصر كممثل للقذافي يسبب حرجا للحكومة وأيضا أن مصر لا ترغب في التورط في المشكل الليبي،وأنها تفضل فيه الالتزام بالحياد بين القذافي والثائرين عليه ،لذا أعلن يوم 24 فبراير 2011 م انشقاقه عن النظام الليبي وقام مكتبه بتوزيع بيان على وسائل الإعلام يوم 25فبرايرة يعلن فيه استفالة قذاف الدم من عمله بالحكومة الليبية ولجوءه إلى مصر احتجاجا على فمع القذافي للمتظاهرين وأنه سيسير قافلة مساعدات الى الثوار في بني غازي إثبات حسن نواياه ،الا أنه سرعان ما انتقل الى دمشق في نفس اليوم أي الحمعة 25 فبراير،حيث أعلنت مصادر "للعربية"تواجده في سوريا ، ودون أن يقدم للثوار الليبيين في شرق ليبيا أية مساعدات..ولم يكن إعلانه الانشقاق سوى تمويه على تحركاته في خدمة نظام ابن عمه القذافي وقبيلته.ولحماية أرصدته وممتلكاته من التجميد وأيضا لكي تظل قنوات اتصالة بأجهزة المخابرات العربية والغربية مفتوحة ولا تسبب في حالة الكشف عنها أية حرج لها.

وكان مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالى الممثل الرسمى للثوار الليبيين قد أعلن على شاشة الجزيرة عن قيام أحمد قذاف الدم بتسييل الاستثمارات الليبية فى مصر، واستخدام هذه الأموال فى مساعدة وإمداد قوات القذافى والعمل على تجنيد مصريين للعمل كمرتزقة وإحداث تخريب وإثارة القلاقل بشرق ليبيا مما يربك الثوار وقال عبد الجليل أنه تم إلقاء القبض عن 15 مصريا ممن أرسلهم قذاف الدم وجارى التحقيق معهم للوصول للحقيقة.بعد أن تسللوا الى داخل ليبيا وهم يحملون مبالغ مالية كبيرة مرسلة من قذاف الدم بمصر وذلك بعد عودته اليها من سوريا خلال شهر ابريل 2011.وتنصل قذاف الدم الأسبوع الماضي،والذي كان متواجدا فيه في القاهرة ،من هذه الاتهامات ونفاها عنه. وادعى أن صلته انقطعت بالنظام الليبي.

بعد سفره إلى سوريا بأسبوعين تم الإعلان بوم الثلاثاء 15 مارس 2011 أن اسرائيل اعترضت في عرض البحر وفي المياه الدولية، سفينة محملة بالأسلحة الايرانية تحمل اسم فيكتوريا و ترفع علم ليبيريا، على بعد 320 كيلومترا غربي الشواطئ الإسرائيلية و تمت السيطرة عليها دون مقاومة من طاقمها، وجرتها الى ميناء اشدود بدعوى تفتيشها بحثا عن اﻷسلحة ووسائل قتالية أخرى مرسلة الى غزة ،وذلك لتبرير عملية القرصنة البحرية التي مارستها ،.ثم أعلن بعدها بأن السفينة فكتوريا انطلقت من ميناء سوري ،ثم ميناء ميرسين التركي حيث حملت سلعا تجارية منه ، واستأنفت منه الإبحار نحو وجهتها النهائية. ،

وعلقت أنا حينها على الخبر مرجحا بأنها أسلحة ومعدات عسكرية وغذائية كانت مرسلة من سوريا الى نظام القذافي في ليبيا ودفع ثمنها قذاف الدم وأنه بعد مصادرة اسرائيل لها سيضطر الى أن يدفع ثمنها مرة أخرى لكي تفرج عنها اسرائيل وتعيد شحنها على سفينة أخرى.

ومع الإعلان عن مصادرة اسرائيل للأسلحة عاد قذاف الدم الى القاهرة واتصل بنائب عمر سليمان لكي يتدخل للإفراج عن الشحنة لدى اسرائيل ، وقد حاول الأخير السفر الى اسرائيل الا أن المجلس العسكري رفض سفره بمجرد علمه بالخبر من الصحف ، ولم يمنع ذلك على ما يبدو من استمرار قيامه بدور الوسيط ، حيث لم يمض سوى أيام قليلة وتم اعادة تحميل الشحنة على سفينة من جديد وأرسلت اسرائيل معها فلسطينيين للإشراف على تسليمها للسلطات الليبية في ميناء طرابلس ، وهنا اعترضت سفن حلف شمال الأطلنطي السفينة وأعلنت بأنها ضبطت سفينة تحمل أسلحة قادمة من اسرائيل ، وعلى متنها محمد دحلان المستشار الأمني لمحمود عباس وعضو اللجنة المركزية لمنظمة فتح ومعه فلسطيني أخر.

هزت هذه الفضيحة العلنية اسرائيل التي لم يزعجها فقط تسريب الخبر من الناتو الى وسائل الإعلام وإنما أيضا ذكر أسماء العملاء الفلسطينيين الذين أوفدتهم مع السفينة ، مما يعني أنهما صارا أوراقا محروقة رغم اعتماد اسرائيل عليهما وحاجتها الى خدماتهم ،واحتجت على ذلك لدى الولايات المتحدة بصفتها قائدة الحلف والتحالف الغربي باعتبار أن ذلك التصرف يهدد الأمن القومي الإسرائيلي ويلحق اضرارا سياسية بها .وكان رد الفعل الأمريكي هو اعلان الولايات المتحدة من الانسحاب من العمليات العسكرية ضد ليبيا دون ابداء اﻷسباب ..ولعلها تشككت أن المخابرات المصرية أبلغت عن السفينة الاسرائيلية باعتبارها الوحيدة التي كانت على علم بها كتعبير عن امتعاض المجلس العسكري الحاكم أن تتم أعمال عسكرية ضد دولة جارة لمصر دون مشورته أو أي تنسيق معه ، ولذا طلبت الوﻻيات المتحدة من الجيش المصري أن يتولى حماية المدنيين في شرق ليبيا بقوات مصرية بريه وهو ما رفض المجلس اﻻستجابة اليه حسبما ورد في اﻷنباء...

لا أستبعد أيضا أنه كانت لهذه الحادثة والتي أثبتت عمالة مستشار محمود عباس الأمني والمعروفة على نطاق واسع ومنذ زمن بعيد ولكنها ظلت في تعتبر ضمن نظاق الظن السوء له ، تأثيرا نفسيا على محمود عباس ، بالإضافة عن تهديد فلسطينيين بانتفاضة ثالثة ،والاحساس بالمهانة من معاملة الاسرائيليين له ، وضعطت كل هذه العوامل متظافرة معا لكي تجعله يقبل التصالح مع حماس والقبول بشروطها ، وعلى الرغم أن نتنياهو حذره بأن عليه أن يختار بين إسرائيل وحماس.

No comments: