المدونة الشخصية لفوزي منصور، تجدون هنا أبحاث وملفات تعني بالشئون الدينية والاجتماعية والسياسية
Sunday, August 19, 2007
الأسرة والحياة الزوحية- الحب قبل الزواج
الحب والزواج
الحب بصفة عامة:
يعبر عن الحب في اللغة العربية بألفاظ كثيرة تستعمل كل منها لوصف حالة من حالاته مثل :الود والمحبة والصبوة والوصب والشغف والهوى و العشق والغرام والوجد والعشق والجوى .وهي وإن بدت مترادفات إلا أن كل منها لها دلالتها في التعبير عن الإحساس بتلك العاطفة الإنسانية التي تتعلق بالمحبة للآخر.
ويندرج البحث في العواطف الإنسانية ضمن الميتافيزيقيا .ومن خصائص الظواهر الميتافيزيقية مراوغة العقل إن أراد الإمساك بها لتحليلها من أجل فهمها ومعرفة أسبابها وبواعثها وحالاتها .وهي في حقيقة ألأمر شديدة التعقيد .وتتأثر كل منها بطيف واسع من المؤثرات الظاهرة والخفية . ويأتي الحب أو الغرام أو العشـق وأية تسمية أخرى تعبر عن تلك العاطفة التي تجمع غالبا بين الرجل والمرأة في طليعة ما تنطبق عليه تلك الأوصاف من الظواهر الميتافيزيقية . وباعتبار حالة الحب تلك تعد حالة نفسية يهتم بها علم النفس ، فان فهم علم النفس لها عبارة عن المعلومات التي تم الحصول عليها من العديد من الحالات التي عاينها الباحث أو خضعت لجلسات استماع أو تحدث عنها الشعراء، بصرف النظر عن ميلهم للمبالغة أو أن أجمل الشعر أكذبه،وكذلك الخبرة الذاتية .ومحاولة الإمساك بالعوامل المشتركة بين كل تلك المصادر. وإذا أخذنا في الاعتبار اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد والقيم والمعتقدات والطباع والأسباب وحداثة هذه الأبحاث فإن بالإمكان القول بأن كل ما يستطيع للباحث الإسهام به لا يعدو أن يكون افتراضات أو احتمالات ناتجة عن بحث حالات محدودة لايمكن تعميمها أو اعتبارها حقائق علمية ،ولكنها في أحسن الأحوال تقرب من فهم الظاهرة النفسية بنسبة كبيرة وإن لم توفر الفهم الكامل.
يقول ابن القيم الجوزية في كتابه "روضة المحبين ونزهة المشتاقين": "اختلف الناس في العشق: هل هو اختياري أو اضطراري خارج عن مقدور البشر؟ وفصل النزاع بين الفريقين أن مبادئ العشق وأسبابه اختيارية داخلة تحت التكليف (أي أن الأسباب الأولى للعشق اختيارية). فإن النظر والتفكر والتعرض للمحبة أمر اختياري فإذا أُتي بالأسباب كان ترتب المسبب عليها بغير اختياره (أي أن النتيجة المترتبة على هذه الأسباب من وقوع المحبة غير اختيارية). ولهذا؛ إذا حصل العشق بسبب غير محظور لم يُلَم عليه صاحبه (أي أنه لو كانت الأسباب الأولى للعشق مباحة فإن وقع العشق بعد ذلك لا يُلام عليه صاحبه) كمن كان يعشق امرأته أو جاريته.
ويقول ابن القيم الجوزية في موضع آخر: "العشق لا يُحمد مطلقًا ولا يُذم مطلقًا، وإنما يحمد ويذم باعتبار متعلقه؛ فإن الإرادة تابعة لمرادها، والحب تابع للمحبوب. فمتى كان المحبوب مما يُحبُّ لذاته، أو وسيلة توصله إلى ما يُحبُّ لذاته، لم تذم المبالغة في محبته، بل وتُحمد. وصلاح حال المحب كذلك بحسب قوة محبته.
في الثقافة الغربية يرتبط الحب بين الذكر والأنثي ارتباطا وثيقا بالشبق بسبب تأسيس هذه الثقافة علي الفلسفة اليونانية واصطباغ الحضارة الغربية بالنزعة المادية التي تجعلها عزوفة عن الاهتمام بكل ما هو روحي أو ميتافيزيقي غير مرئي أو ملموس أو الاعتراف بوجوده أصلا في أغلب الأحيان. ولذا فان الحب في تلك الثقافة يتم ربطه بالجسد و إشباع الغريزة الشبقية أو سبيل لإشباعها. وعندما يقولون : ممارسة الحب أوMaking love فإنهم يعنون بذلك ممارسة فعل الشبق.
أما في الثقافة العربية الإسلامية فإنه ينظر للحب علي أنه عاطفة مستقلة عن ممارسة الشبق وإن أفضت إليه أو التحمت به. ولذا فإن انفصالها عن الشبق في المنظور العربي والإسلامي والشرقي عموما لا يمنع من الإقرار في تلك الثقافات بأن هذه العاطفة تكتمل وتغتني وتبلغ ذروتها في الممارسة الشبقية ،لأنه مع الشبق تكتمل الوحدة الروحية والجسدية بين الزوجين في آن واحد.ولكنها أيضا في تلك الثقافات لا تنحصر في العلاقة بين رجل وامرأة متزوجان حيث يمكن أن يرتبط كل من الرجل والمرأة بعلاقة حب مع الغير ، فرادى وجماعات بتلك العاطفة دون أن يخالطها شهوة أو يرجى من ورائها شبق .
وفي جميع الأحوال ينبغي أن يكون الحب صادقاً، بعيداً عن الرياء، صافياً من كل الشوائب، خالياً من التصنع ، نابعاً من صميم القلب والوجدان.
وتثني شهر زاد على الحب في قصص ألف ليلة وليلة معبرة في ذلك عن مفهومه لدي المسلمين ،فتقول عنه : " وجد الحب قبل كل وجود (تقصد هنا بأن الله هو المحبة المطلقة) وسيظل بعد كل فناء (حيث لا تفنى ذكرياته ) فهو أقصر طريق إلى الحقيقة (وهو تعبير صوفي يعتبر أنه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة إلا عبر الحب الذي يقود النفس نحو الكشف والتبيان) ، وهو الرفيق الخالد في ظلمة القبر(حيث يأمل المتوفي بأن يكون حبيبه بعد البعث رفيقه في الجنة) .
ويقول في ذلك ابن حزم الأندلسي في كتابه الشهير "طوق الحمامة " عن الحب والوصال :"الحب -أعزك الله- أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالها عن أن تُوصف فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وهو ليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة؛ إذ القلوب بيد الله عز وجل. وقد أحب من الخلفاء المهديون والأئمة الراشدون وكثير من الصالحين والفقهاء في الدهور الماضية والأزمان القديمة من قد أستغني بأشعارهم عن ذكرهم. وقد ورد من خبر عبد الله ابن عتبة بن مسعود، ومن شعره ما فيه الكفاية، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة وقد جاء من فتيا (يقصد إفتاء )ابن عباس رضي الله عنه ما لا يحتاج معه إلى غيره حين يقول: "هذا قتيل الهوى لا عقل ولا قود".
ويضيف:"ومن وجوه العشـق الوصل، وهو حظ رفيع، ومرتبة سرية، ودرجة عالية، وسعد طالع. بل هو الحياة المجيدة، والعيش السني، والسرور الدائم ، ورحمة من الله عظيمة. ولولا أن الدنيا دار ممر ومحنة وكدر، والجنة دار جزاء وأمان من المكاره، لقلنا إن وصل المحبوب هو الصفاء الذي لا كدر فيه، والفرح الذي لا شائبة ولا حزن معه، وكمال الأماني؛ ومنتهى الأراجي(جمع رجاء). ولقد جربت اللذات على تصرفها، وأدركت الحظوظ على اختلافها، فما للدنو من السلطان ولا للمال المستفاد، ولا الوجود بعد العدم، ولا الأوبة بعد طول الغيبة ولا الأمن بعد الخوف، ولا التروح على المال، من الموقع في النفس ما للوصل؛ لا سيما بعد طول الامتناع، وحلول الهجر حتى يتأجج عليه الجوى، ويتوقد لهيب الشوق، وتنصرم نار الرجاء. وما أصناف النبات بعد غب القطر، ولا إشراق الأزاهير بعد إقلاع السحاب الساريات في الزمان السجسج ولا خرير المياه المتخللة لأفانين النوار، ولا تأنق القصور البيض قد أحدقت بها الرياض الخضر، بأحسن من وصل حبيب قد رضيت أخلاقه، وحمدت غرائزه، وتقابلت في الحسن أوصافه. وأنه لمعجز ألسنة البلغاء، ومقصر فيه بيان الفصحاء، وعنده تطيش الألباب، وتعزب الأفهام.(...) وما في الدنيا حالة تعدل محبين إذا عدما الرقباء، وأمنا الوشاة، وسلما من البين، ورغبا عن الهجر، وبعدا عن الملل، وفقدا العذال، وتوافقا في الأخلاق، وتكافئا في المحبة، وأتاح الله لهما رزقاً دارا، وعيشاً قاراً، وزماناً هادياً، وكان اجتماعهما على ما يرضي الرب من الحال".
ويستدل ابن حزم على موقفه من الحب بما رواه بسنده في موضع آخر من كتابه طوق الحمامة من أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يا أمير المؤمنين، إني رأيت امرأة فعشقتها، فقال عمر: ذاك مما لا يملك".
وفي الحب العذري يكفي المحب أن يوجد في مكان واحد مع حبيبة وإن كان معزولا عنه يكفيه فيه أن يراه عن بعد أو يشعر بأنه قريب منه حتى لو لم تكن تراه عيناه ، يقول قيس بن الملوح عن ليلاه:
أَلَيسَ اللَيلُ يَجمَعُني وَلَيلى كَفاكَ بِذاكَ فيهِ لَنا تَداني
تَرى وَضَحَ النَهارِ كَما أَراهُ وَيَعلوها النَهارُ كَما عَلاني
ويقول عن تعلقه بحبها:
وقالوا لو تشاء سلوت عنها فقلتُ لهمْ فانِّي لا أشَاءُ
وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبي كما عَلِقَتْ بِأرْشِيَة ٍ دِلاءُ
لها حب تنشأ في فؤادي فليس له-وإنْ زُجِرَ- انتِهاءُ
الإسلام هو الحب :
يقوم الإسلام على الحب ويعد الحب فيه نعمة من الله وامتداد لحب المخلوق لخالقه ، وهو بالتالي مجموعة علاقات متعددة الأطراف تنطلق كلها من العلاقة بين المسلم وخالقه وبينه وبين مخلوقاته والتي قوامها الحب .يقول لله عزّ وجلّ:"قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يُحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" (آل عمران 31). ويقول عزّ وجلّ:"حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم" (الحجرات : 7).والله يبادل عباده الذين يحبونه الحب فيحبهم مثلما يحبونه ، وتتعدد في ذلك الآيات مثل : :(... إِن اللهَ يُحِب المحْسِنِين). (البقرة- 195) (إِن اللهَ يُحِب التّوّابِينَ وَيُحِب المتَطَهرِين). (البقرة : 222) (... فَإِن اللهَ يُحِب المتقِين). (آل عمران :76) (... وَاللهُ يُحِب الصّابِرِين). (آل عمران: 146) (... إِن اللهَ يُحِب المقْسِطِين). (المائدة 42)..ويشيد المولي بحب المسلم للمسلم ، وفي ذلك يقول :" وَالذينَ تبوءوا الدارَ وَالإِيمانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبونَ مَنْ هاجَرَ إلَيْهِم وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمّا أُتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يـوق شُح نَفْسِهِ فأولئك هُــم المُفْلِحُون". (الحشر 9) وفي الآية التالية لها يقول سبحانه:" وَالذينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبنا اغْفِرْ لَنا وَلإخْوَانِنا الّذينَ سَبَقُونا بِالإِيمانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاً لِلذينَ آمَنُوا رَبنا إِنكَ رءوف رَحِيم". (الحشر 10) .وفي ذلك أيضا يقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ".
ويرتبط حب الله وحب المؤمنين بالإيمان كشرط له ودليل عليه كما يتضح من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "والّذي نفسـي بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا، أوَلا أدلّكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم: أفشوا السّلام بينكم".وقوله :" ودّ المؤْمِنِ للمؤْمنِ في اللهِ مِن أعظمِ شُعب الإيمان، ومَنْ أحب في اللهِ، وأبْغَضَ في اللهِ، وأعْطى في اللهِ، ومَنَعَ في الله، فهوَ مِنَ الأصفياء" . ويقول أيضـا: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أحبّ أحدكم أخاه، فليُعلِمه إيّاه".أي يدعه يعلم بحبه له .
فالدين هو الحب ولا دين لمن لم يعمر قلبه بالإيمان ولا أيمان لمن لم يعمر قلبه بالحب. قال تعالي." إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله ".روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال : " ما استجلبت المحبة بمثل السخاء ، و الرفق ، و حسن الخلق ، فالسخاء يزرع المحبة
.إلا أنه يجب أن يخضع هذا السخاء إلى ثلاثة ضوابط :
أولها : أن يكون الحب متبادلا بين الطرفين .
ثانيهما : ألا يتجاوز الحد ،حيث ما زاد عن حده انقلب إلي ضده. وثالثهما : أن يكون السخاء لمن يستحقه أخذا بمقولة المتنبي:
إن أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وقريب من ذلك ما ورد في الأناجيل عن حب الله عندما نجدها تقول :" تحب الرب إلهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل قدرتك و من كل فكرك ... " ( لو 10 : 27 )
.وأن محبة المرء لأخيه هي نعمة من الله :" أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً لأن المحبة هى من الله ... " ( 1يو 4 : 7 ) .ثم تجعل محبة المرء لأخيه شرط لتحقق محبة الله فيقول على هيئة تساؤل:"لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذى لم يبصره " ( 1يو 4: 20 ) .
أحبّوا بعضكم بعضاً (يوحنا، 13:34؛ 15:12)؛ أحبِب قريبك حبّك لنفسك (متّى، 19:20)؛
وهي متشابهة لما جاء في القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ويحب الله من يحبه ودليل المحب لله إقباله على عبادته في فوق ما فرضه عليه أي بالنوافل من أعمال الإحسان وهي كثيرة التي يثاب عليها إن فعلها أو أقدم على فعلها ولا يحاسب عليها إن لم يقم بها ، فهو يحرص على الإكثار منها ليس خوفا من عذاب الله وإنما حبا له ، ويقول الله سبحانه وتعالى في حديث قدسي :ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأكون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، وعقله الذي يعقل به، فإذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته، وإن استنصرني نصرته، وأحب ما تعبدني به النصح لي" والمقصود بالنصح هنا الإخلاص في العبادة.وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال : فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، قال: فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض".
ولكن كيف يعرف من امتلأ قلبه بالمحبة؟ إن المحب يحب الله أولا ومن ثم يحب كل ما يحبه الله ويبغض كل ما يبغضه الله وفي حبه لما يحبه الله يقبل على ما أحله الله له وينفر مما حرمه الله عليه. وقد رأينا فيما أوردته من آيات القرآن الكريم أن الله يحب المتقين والصابرين على البأساء والمحسنين في القول والعمل ويحب التوابين والمتطهرين والمقسطين ، وهذه الصفات التي يحبها الله هي أيضا صفات من يحبون الله خالقهم ويمتد حبهم له فيحبون كل مخلوقاته إلا من يعادون الله ورسوله منهم فيبغضهم المحب لله حبا فيه دون أن يفقد في كراهيته لهم الأخلاق التي يحب الله أن يراه متمسكا بها. فلا يسمح لنفسه في بغضه لم يبغضه الله أن يكون معهم فاحشا أو لعانا أو ظالما أو مغتابا.وأحق الناس بحب المحب الأقرب اليه عصبا ونسبا ثم من يليهم في القرابة والرحم ثم باقي خلق الله.
والمحب في الله مخلص وصادق وأمين في علاقاته وتصرفاته وسلوكه : يكره الكذب والنفاق فلا يمارسهما ،ولا يقبلهما من أحد. إن وعد لم يخلف وإن عاهد لم يغدر،وإن إؤتمن لا يخون، وإن خاصم لا يفجر في خصومته. وكان في كل حالاته من المحسنين.
الحب والزواج:
وتعد الحياة الزوجية الطيبة تجسيدا للحب الكامل بشقيه المادي والروحي وآية من آيات الله سبحانه وتعالي ، وفي ذلك يقول المولى عز وجل " ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" .
والمودة هي المحبة والوُدّ : وهو خالص الحب وألطفه وأرقّه، وتتلازم فيه عاطفة الرأفة والرحمة، ويقول سبحانه:”إن ربي رحيم ودود” (هود90) ..
وفيما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "لم يُرَ للمتحابَيْن مثل النكاح" أي أن أفضل ما يصنعه رجل وامرأة تحابا هو أن يتزوجا.وهذا الحديث بمثابة إضفاء للمشروعية على الحب المفضي إلى الزواج.وسبب الحديث كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً قال: "يا رسول الله في حجري يتيمة قد خطبها رجل موسر ورجل معدم، فنحن نحب الموسر وهي تحب المعدم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين غير النكاح".
ولا يلام عاشق نظر مصادفة إلى آخر فملك عليه قلبه ، و تمكن العشق منه بغير اختياره، ولم يستطع له دفعا.
و من خطب امرأة أو أراد خطبتها ونظر منها ما يشجعه على خطبتها كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم فارقها وبقي عشقها غير مفارق له فهذا مما لا يُلام عليه كما في قصة بريرة ومغيث.
وقصة بريرة كما وردت في كتب الحديث: كان مغيث يمضي خلف زوجته بريرة بعد فراقها له، وقد صارت أجنبية عنه، ودموعه تسيل على خديه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا ابن عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا، ثم قال لها لو راجعته، فقالت: أتأمرني؟ فقال: إنما أنا شافع، قالت: لا حاجة لي فيه" (رواه البخاري). ومما يستفاد من هذا الحديث أنه لا يكفي الحب من طرف واحد لإقامة حياة زوجية، وإنما يجب أن يكون متبادلا بين الزوجين منذ بداية الزواج. وقد علق ابن حجر العسقلاني شارح البخاري تعليقًا على هذا الحديث فقال : "فيه إن فرط الحب يُذهِب الحياء لما ذكر من حال مغيث وغلبة الوجد حتى لم يستطع كتمان حبها، وفي ترك النكير عليه بيان جواز قبول عذر من كان في مثل حاله ممن يقع ما لا يليق بمنصبه إذا وقع بغير اختياره".ولا دواء لعشق الحبيبين عير الزواج . وقد نقل عن عمر بن الخطاب قوله : "لو أدركت عفراء وعروة لجمعت بينهما" وعروة عاشق عذري وعده عمه بالزواج من ابنته عفراء بعد عودته من سفر للتجارة، ثم زوجها لرجل من الأثرياء.ويظل أفضل حب بين الزوجين أدومه ولذا وجب على كل منهما صيانة حبه للآخر حتى لا يفتر أو تخفت جذوته.
يقول مؤلف كتاب الأسرة وقضايا الزواج: تولد المودّة بين الزوجين بمجرد اقترانهما ، وفي خلال تلك المدّة تبقى للطرفين خصائصهما ومقوماتهما الشخصية . وبعد أن تنمو المودّة لتتمخض عن الحب الذي يعني الاتحاد التامّ ؛ الإيثار ؛ التسامح ؛ والتضحية ، فإن الحياة الزوجية تدخل مرحلة جديدة تتلاشى فيها تلك المقومات الشخصية لتولد شخصية جديدة . . شخصية تنهض على التكامل الذي يحققه الزواج والحب .
إن أسس الحب تتجسد في التضامن والتفاهم والتضحية والتسامح والاحترام المتقابل ، والحب هو جوهر الحياة الزوجية ، وبدونه تبدو كل الأشياء خاوية لا معنى لها ؛ ذلك أن الإنسان إنما يحيا بالحب ومن أجل الحب ، وهو ذلك المشعل الذي يضيء للإنسان معالم الطريق ، وتلك الشعلة المتوقدة في القلب ، التي تمنحه الشعور بالدفء والسلام .
ثم يضيف :" إن جذوة الحب وحدها لا تكفي، بل ينبغي تأكيد وجودها عن طريق التعبير عن ذلك بكل الوسائل كالزينة؛ الحديث الحنون ؛ الاهتمام بالطعام ؛ النظافة ؛ والثناء ، وإلى غير ذلك من شؤون الحياة .
وبالرغم من سلبية المشاكل والأمراض التي تعترض حياة الإنسان إلا أنها فرص مناسبة لإثبات وتثبيت عواطف المحبة والمودة والتضامن بين الزوجين .
ينبغي أن يكون الحب صادقاً ، بعيداً عن الرياء ، صافياً من كل الشوائب ، خالياً من التصنع ، نابعاً من صميم القلب.
والزواج السعيد عادة هو نوع من الصداقة والمحبة والألفة، وهو شكل من أشكال الاندماج والتفاعل الذي يلبّي كل حاجات الروح والجسد .
وفي كل هذا، ينبغي أن لا نتوقع الدلال المستمر في مناسبة وغير مناسبة ، ذلك أن الحب عاطفة صادقة تتفجر في وقتها ، وتعبر عن نفسها في الزمن المناسب والظرف المناسب .
و المحبة الصادقة عاطفة نبيلة لا تنتظر ما يقابلها أبدا، ولا تعرف أشكال المقايضة أو التعامل التجاري . ولا تشترى بمال . ولذا فإنه يمكن بالمال شراء أشياء كثيرة جدا فيما عدا الحب. ويمكن لرجل أن يغوي امرأة بماله فينال منها ما يشتهيه ولكنه لن ينل حبها أبدا مالم تحبه هي منذ البداية، ونفس الشيء بالنسبة للمرأة التي يمكن أيضا أن تغوى رجلا بمالها ولكنها لن تتمكن من نيل حبه إن لم يكن يحبها منذ البداية.
و يمكن لكل من الزوجين أن يبعث في قلب الآخر الإحساس بالراحة والسكينة والأمن والسلام والحيوية من خلال محبته له ..
عقلنة الحب :؛
وتتفق الثقافتان العربية والغربية في اعتبار الحب أو الغريزة الشبقية ظاهرة نفسية قابلة للتعقيل. وهنا تختلف الثقافتان أيضا فيما يعنيه التعقيل أو العقلنة بالنسبة لكل منهما. الثقافة الغربية تقصد العقلنة مجرد الفهم لها في ارتباطها باحتياجات الجسد واضطراب الغريزة فيه الذي لا يهدأ دون إشباعها ، بينما الثقافة الإسلامية تقصد بالعقلنة سيطرة العقل علي الظاهرة النفسية سيطرة تروم توجيهها الوجهة الصحيحة وليس بغرض منعها أو منع تطورها ونموها.
الحب مناطه القلب والقلب في اللغة القرآنية يشمل النفس والعقل معا. وفي الحب لا يمكن استبعاد العقل وإن جاز القول إن دور النفس أكبر في التأثير. العقل قد يعجز عن تفسير كيف استمالت امرأة رجلا فتعلق بها دون غيرها وربما دون علم منها ونفس الشيء بالنسبة لامرأة أحبت رجلا منذ رأته أو تحت تأثير مما يسمونه النظرة الأولى ولكنه، أي العقل ، يستطيع على الأقل أن يحول بينهما والخطيئة.
العقل سمي عقلا لأنه يعقل ، أي يقيد نزوات النفس ، إلا أن ذلك ينطبق علي العقل الحر وليس العقل المعتقل الذي تسيطر عليه وتخضعه لها العادات والتقاليد وتراث السلف الصالح والطالح معا. هذا العقل المعتقل يمكن أن يقتل الحب بنزقه أو يقطع الطريق عليه .
عندما كتبت شابة هي بمثابة ابنتي تعرب عن رغبتها لأن تفلت من رقابة العقل لتعيش ولو للحظات ما تريده ودون أن ينتبه لها العقل فيخنق رغبتها ، قلت لها إن هذا فهم خاطئ لدور العقل . لأن العقل لا يخنق رغباتنا ولا يجب أن يفعل ، وإنما وظيفته الأساسية هي كيف نحققها دون أن نلحق الأذى بأنفسنا أو بالغير.
وبالنسبة للحب فهو الذي يملكنا ولسنا نحن الذين نملكه ، ولذا ليس بإمكاننا مغالبته ، وإنما تعقيله ، لتكون حريته في نطاق قيم أخلاقية أو دينية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.ولذا طلب النبي من الله أن يعذره فيما لا يملك .وهو يقصد بذلك الحب لإحدى زوجاته أكثر من حبه للباقيات. والعقل يقتصر دوره علي توجيه مشاعر الحب نحو الإشباع الكامل لها في نطاق الزواج ،والبعد بها عما حرمه الله وتدينه الأعراف ، فإذا كان الحب بين من لا سبيل إلى الزواج بهم ، تم المحافظة عليه بواسطة العقل في حدود مقتضيات العفة والاحتشام.
ومن متطلبات التعقيل أنه يجب على كل من الرجل المحصن والمرأة المحصنة إلا تعدو عيناه زوجه .ويعينه علي ذلك غض النظر وان حدث ، كما جاء في حديث لرسول صلي الله عليه وسلم ، أن رأى الرجل امرأة أعجبته واشتهاها أن يذهب علي الفور إلى زوجته ويضاجعها ليطفئ الشهوة العارضة التي ألمت ولتظل زوجته فقط موضع اشتهائه ، ونفس الشئ يمكن قوله للزوجة إن رأت رجلا غير زوجها فاشتهته عليها أن تعود علي الفور إلى بيتها وتطلب من زوجها أن يضاجعها. وتفاديا لذلك طلب الاسلام من المسلمة والمسلمة غض النظر لتفادي نظر يرافقه أو يتبعه الاشتهاء أو تحريك الغرائز إزاء الغرباء ممن لايحل معهم الوصال.قال تعالي:"قل للمؤمنين:يغضوا من أبصارهم ، ويحفظوا فروجهم ، ذلك أزكى لهم . إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات:يغضضن من أبصارهن ، ويحفظن فروجهن ،ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها . وليضربن بخمرهن على جيوبهن ،ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ، أو آبائهن ، أو آباء بعولتهن ، أو أبنائهن ، أو أبناء بعولتهن ، أو إخوانهن ، أو بني إخوانهن ، أو بني أخواتهن ،أو نسائهن ، أو ما ملكت أيمانهن ، أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال ، أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء . ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن . وتوبوا إلى الله جميعا - أيها المؤمنون - لعلكم تفلحون" (النور:30و31). والغرض من ذلك هو الحد من فرص وظروف الاغواء والإثارة من كل من الذكور والإناث على السواء.
ولكن تعقيل الحب يظل محدودا في نطاقة ، وغير قادر على أن يشمل كل حالاته ، فالإنسان يحب إنسانا آخر دون سواه دون أن يعرف سببا لحبه له وتعلقه به. أي أنه لا يستطيع أن يخضع حبه للعقل ولا يستطيع بعقله أيضا أن يتحكم في حبه.ومن هنا يأتي طلب الرسول من أن يعذر فيما لا يملك أي فيما لا قدرة له على منعه وهو حبه لزوجة له أكثر من باقي زوجاته بينما العقل يطلب المساواة الكاملة بينهن.
وثمة حديث يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف "، وهو ما يفهم منه أنه يحدث بينها اتصال ، يجعل الروح إن وجدت روحا أخرى متلائمة معها انجذبت إليها و تآلفت معها ، وإن وجدتها متنافرة اختلفت معها ، فيشعر المرء بالميل نحو الآخر أو النفور منه ، ولا يدري ما السبب .. وغالبا ما تتآلف الروح مع روح من جنسها. فتتآلف أرواح المؤمنين الأخيار مع بعضها البعض فقد قال تعالى عن المؤمنين " وألف بين قلوبهم" ، وتتألف أيضا أرواح الأشرار مثلما قال سبحانه وتعالى: ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) ممن تتنزل عليهم الشياطين . كما يستفاد من فوله سبحانه وتعالى " هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) .
غير مقبول في ديننا أن تحب مسلمة مؤمنة مشركا أو أن يحب مؤمن مشركة أو أن يحب أي منهما من يعادي الله ورسوله حتى وأن كان محسوبا عل مجتمع المسلمين عملا بقوله تعالي:"لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". فإن حدث مثل هذا الحب وجب مقاومته وصرف النفس عنه بكل الطرق الممكنة حتي لا يستحكم فيها ويتغلب على العقل.
ويقتصر الحديث هنا على حب المؤمن للمؤمنة التي يرجوها زوجة له علي كتاب الله وسنة رسوله . ويمكننا أن نستخلص منه ما يلي :
• المحبة تنتج عن تآلف روحي وهذا التآلف قد يتم بين أشخاص عديدين مثلما يتم بين فردين: ذكر وأنثي.
• هذا التآلف ينم عن وجود تقارب في الطباع بين المتآلفين ويكون لذلك متبادلا.
ويمكن أن نستبدل عبارة " تآلف روحي" ب "تآلف نفسي" دون أن يتغير المعني . وإذا كان هذا التآلف هو بداية طريق الحب فان التآلف مع عدد كبير من الأشخاص يعطي فرصة للاختيار بينهم ولاختبارهم أيضا لمعرفة أصلحهم للحب والزواج. أن يخطئ المرء في اختيار من يصلح له ممن يتآلف معهم لا يمنعه من المحاولة مرة أخرى مستفيدا من الدرس السابق وحريصا علي التوفيق في اختياره .وان يعوض الله المرء عن الشخص الذي خاب الظن فيه بأحسن منه.
بينما إذا استسلم المرء ،الذي خاب ظنه فيمن أحب أو حيل بينهما لأي سبب،للفكرة الخاطئة القائلة بأن المرء لايحب إلا مرة واحدة وليس بإمكانه أن يحب شخصا آخر، فان ذلك سيوصله إلي حالة من الاكتئاب النفسي قد تقوده الي الانتحار. والحوادث في هذا الاتجاه كثيرة.
ويحاول الأستاذ محمد إبراهيم مبروك عقلنة ظاهرة الحب نسبيا بايجاد تفسير لها فيقول: "المحبوب بدوره يحب إما نفسًا تماثله في القوة، وإما نفسًا أقوى منها. فإذا وقع التماثل تحقق السكن، وإلا فإن النفس الأقل قوة تسعى لتحقيق التماثل مع النفس الأولى، وإن كانت هي نفسها ترى أنها تماثلها في القوة. ومن هنا يأتي المعنى الذي قاله البعض بأن العاشق يحقق صورة نفسه؛ لأنه يسعى لتحقيق قوة ذاته كما يمكن أن تكون، وهو يرى أن هذه الصورة هي التي تماثل المعشوق في القوة، فيكون سعيه إلى التماثل مع قوة محبوبه هو في نفس الوقت سعيه إلى تحقيق صورة ذاته التي يرى إمكانية تحقيقها، وكلما اقترب التماثل تحقق السكن، فإذا تحقق التآلف والسكن تقاربت صفات المحبوبين، ويثور بينهما التساؤل: هل صفاته هي صفاته هو نفسه أم صفات محبوبه؛ لأن المزج جعل من ذاتيهما كينونة واحدة، وداخل هذه الكينونة الواحدة لا يعود أحدهما يدري الفرق بين صفاته وصفات محبوبه.
ولكن ...من الذي وضع هذا في طريق ذاك؟ ومن الذي وضع ذاك في طريق هذا؟ ومن الذي جعلهما يعتقدان أنهما متماثلان في قوة ذات كل منهما هذا التماثل مع أن ذلك أمر ذاتي وليس موضوعيًا؟ الإجابة عن ذلك مستحيلة؛ لأن هذه الأمور أمور قدرية لا يعلمها إلا الله.
وعملية اكتمال التماثل في الصفات الأخرى حتى يتحقق المزج بين نفسي العاشقين أمر عجيب، لأنه بعد حدوث التآلف بين المحبوبين فإن كل محب يكون منجذبًا إلى أن تشابه صفاته صفات محبوبه؛ حتى يقتربا في كل صفة إلى نقاط التماس، ثم إلى المطابقة الجزئية، ثم إلى التطابق التام في كل الصفات.
. الحب الوهمي:
ما يمكن تفسيره إلى حد ما في علم النفس هو الحب الوهمي وليس الحب الحقيقي المجهولة أسبابه غالبا .ويرى البعض بأن كل الحب هو وهم ولكن لاغني عنه وأنه لو لم يكن موجودا ، أي الوهم ، لخلقناه لحاجة النفس إليه. والحب الوهمي هو حب مبني على أوهام استبدت بالنفس فطغت عليها وعلي العقل معا وتوجد جذورها وأسبابها مدفونة خفية في أغوار النفس أو ما يسمي بما تحت الشعور أو اللاشعور. وهو يأخذ صورا شتي تتنوع وفق تنوع الأسباب. ولكن قد تكون الأوهام التي بني عليها الحب عبارة عن أفكار خاطئة سائدة في المجتمع وثقافته تستهوي النفس وتستبد بها وبالتالي لا علاقة لها في هذه الحالة باللاشعور. إذا الحب الوهمي ذو طبيعة نفسية(سيكولوجية) محضة ويمكن إدراجه تحت تسمية الانحرافات النفسية أكثر من اعتباره من الأمراض النفسية . والانحرافات النفسية التي نعنيها هنا تقترب إلى حد ما مما ذكره فرويد عن عقدتي أوديب و اليكترا ولكنها تختلف أيضا عنهما بل يمكن أن يكون البحث فيها بمثابة تصحيح لأخطاء فرويد . وسيتم التركيز علي انحرافات محدودة تتعلق بموضوعنا وبالتالي لن يكون بالإمكان التوسع في البحث.
أحد أبرز هذه الانحرافات هو تعلق فتاة صغيرة السن برجل أكبر منها سنا دون سواه وبدون سبب واضح كأن يكون له فضل عليها أو عايشته مدة طويلة كان يزيد فيها إعجابها به حتى تحول إعجابها إلي غرام أو تورطت معه في علاقتها به أو أي من هذه الحالات التي يمكن اعتبارها قابلة للفهم. الحالة التي نعتبرها منحرفة هي أن تترك الفتاة شباب في مثل عمرها وتبحث عن شخص له مواصفات معينة منها العمر الذي قد يكون ضعف عمرها فما أن تجده حتى يملك نفسها وعقلها وجسدها أيضا إن أراد دون أدني مقاومة منها. وفق كلام فرويد الشائع فسيقال إن الفتاة تبحث عن صورة مماثلة للأب الذي تعشقه ولا سبيل إليه لأنه محرم عليها. أقول هنا إن الأمر يرتبط علي نحو ما بالأب ولكن ليس بالأب المعشوق وإنما بالأب المبغوض والبحث هنا يتم عن ما يمكن اعتباره صورة مناقضة للأب كما تتخيلها الفتاة.إنها صورة للرجولة الكاملة المتوهمة والتي لم تكن متوفرة للأب حسب الأوهام التي تسلطت علي عقل الفتاة لمدة طويلة واستقرت في نفسها وكمنت فيما تحت شعورها.
لنتصور الأمر علي النحو التالي : فتاة في سن المراهقة تعيش في أسرة مستقرة إلا أنها لا تشعر بوجود الأب في حياتها ، لا عطوفا ولا قاسيا، فالأب المدرس أو الطبيب يقضى طول الوقت خارج المنزل وإن جاء عاد من عمله مرهقا وانفرد بنفسه في غرفته أو استسلم للنوم. لم يكن يهمل أمر بناته عمدا ولكنه كان يعتبر أن الأم هي الأقرب إلى فهم احتياجاتهن في هذه المرحلة من العمر وخاصة أنها متعلمة إلا أن اعتاد علي هذا الأمر واكتفي بأن يسأل أمهن عن أخبارهن قتطمئنه عليهن. تذهب الفتاة المراهقة لزيارة قريبة لها في مثل عمرها فتجد الأب وهو في الأربعينيات من العمر معمرا بيته وجالسا مع بناته يدللهن ويراجع معهن دروسهن ويشترى لهن احتياجاتهن وهي المهام التي تقوم بها والدتها نيابة عن أبيها. تعود الفتاة إلى بيتها فتشكو لأمها إهمال أبيها لها مقارنة مع ما رأته من أب زميلتها أو قريبتها. لا تجد الأم ما تقوله لتخفف علي أبنتها إلا أن تدعي أنها هي الأخرى أن زوجها يهملها مثلما يهمل بناته رغم أن هذا غير صحيح .وهي تظن أن ذلك يرضي ابنتها طالما أنهم سواسية في المعاناة منه. النتيجة هي أن البنت يتحول غضبها من أبيها إلى كراهية له. يتصادف أيضا أن تأتي والدة زميلتها تلك لزيارة أمها وتسترق الفتاة السمع لما يقولانه فإذا أم صديقتها تحدث أمها بصوت خافت عن فحولة زوجها في الفراش وتمتعها بها رغم أن الخوض في مثل ذلك الحديث محرم في الإسلام . وأحيانا تلجأ إليه المرأة المتزوجة وتبالغ فيه بدوافع نفسية مرتبطة بجفاف علاقتها الحميمية بزوجها أو تراجع علاقته الشبقية بها رغم أن ذلك محرم شرعا إلا أن مثل هؤلاء النسوة يلجئن اليه علي سبيل التعويض عما يفتقدنه في حياتهن . الفتاة التي سمعت ما قيل ومع مقارنة هذه السيدة التي يمتعها زوجها مع أمها المهملة من زوجها، كما ادعت لها ، تعتبر أن زوج السيدة هو مثال الرجولة الكاملة كزوج وكأب وأن عليها عندما تكبر وتتزوج أن تبحث عن شخص في الأربعينات من عمره أو تجاوزها يشبهه. تمضى الأيام وتلتقي يوما برجل أعزب يكبرها بأكثر من عشرين عاما ويظهر لها بعض الاهتمام بها ويجد استجابة سريعة منها فيزيد الجرعة ويلمح لها برغبته في الزواج دون أن يقول بأنه يستهدفها بكلامه ولكنها تأخذ الإشارة علي أنها المقصودة بها. الرجل الذي بلغ هذا العمر بدون زواج وهو وسيم وميسور ومقتدر ماليا يعني أنه زئر نساء يستبدلهن في فراشه مثلما يستبدل ملابسه. الفتاة المتيمة به تصدق كل معاذيره وتثق فيه ثقة تامة وتفرح بهداياه الصغيرة وأخيرا يبلغ منها ما يريده منذ التقي بها أول مرة وتستسلم له بسهولة وهو بالتأكيد خبير بالنساء وفنان في أمور الشبق..لو وجدت تلك الفتاة من ينصحها فلن تسمع له..وتمضى الأيام ولا تجد إلا المماطلة وتنقطع أخباره عنها حتى تيأس فيتصل بها فتهرول إليه وتقبل كل أكاذيبه إلى أن ينتهي الأمر بصدمة لها بعد أن تتأكد بأنها عاشت معه في عالم من الأوهام والأكاذيب.وأستطيع القول بأن هذه قصة حقيقية لفتاة أعرفها وهي تكرار لقصص مماثلة سمعت بها.
أن تحب وتتزوج فتاة رجلا أكبر منها سنا أو يحب شاب ويتزوج امرأة أكبر منه سنا ليس في حد ذاته مشكلة ،وإنما تكمن المشكلة في أن يتم هذا الحب والزواج بسبب انحرافات نفسية وأوهام اعتقلت العقل وجعلته خارج الأمر وليس شريكا فيه.
هناك الحب الذي بني على معرفة مغلوطة أو حقيقة تمت المبالغة فيها حتى أمست وهما مثل الفتاة البيضاء التي تصادف أن شاهدت أفلام بورنو مما اعتاد اليهود علي إنتاجها وترويجها وإظهار ذكور الزنوج واليهود فيها وكأنهم يمتلكون فحولة خارقة للعادة لا يملكها سواهم فترى الفتاة تمتلئ مخيلتها في أحلام اليقظة بصور شبقية تجمعها بزنجي فضلا عما يثيره تخيل تناقض اللونين الأبيض والأسود معا وقد تعانقا من أحاسيس غير عادية فما أن تتعرف على شاب زنجي أو يظهر توددا إليها حتى تجد نفسها قد انجذبت إليه وأهملت عقلها وتخلت عن فطنتها وحذرها. لا تثريب على فتاة بيضاء أن تتزوج زنجي أو أن تتزوج زنجية برجل أبيض طالما تم الزواج بناء على محبة حقيقية غير مبنية على أوهام .وتم الزواج على أساس زواج إنسان بإنسانة بصرف النظر عن لون البشرة.
بل أنا أدعو إلى توطيد العلاقات الإنسانية بين سكان شمال أفريقيا شمال الصحراء الكبرى المعدودين من البيض وسكان جنوب الصحراء من الزنوج وعلي أساس أن مثل هذه الزيجات من شأنها أيضا أن تكون سببا في تحسين النسل وتمتيع الأجيال الجديدة بمقاومة أكبر ضد الأمراض المتفشية سواء في شمال الصحراء أو في جنوبها.
حالات كثيرة لم تتصور فيها الفتاة البيضاء أن مولودها من الزنجي سيكون أسود البشرة مثل أبيه فلما فوجئت بذلك بعد ولادتها كرهت نفسها وكرهت المولود وأصيبت بالشيزوفرانيا (الذهان) وباتت خطرا علي المولود لوجود رغبة عارمة لديها لقتله والقضاء عليه. إن العنصرية الموجودة لدي المرأة البيضاء ، خاصة الأوروبية ، إن تمكنت من تخطيها بسبب الهوس ألشبقي فإنها لا تموت في داخلها وإنما تظل حية وكامنة وتنتظر أي فرصة لكي تطفو علي السطح.
في كتاب طبي بالانجليزية اطلعت عليه قبل أكثر من عقدين لم يذكر فيه احتمال تعرض الحامل للإصابة بالشيزوفرانيا فور ولادتها سوى في الحالة السابقة التي تلد فيها سيدة بيضاء مولودا أسود ، وأنه أثناء الحمل ل تتعرض المرأة الحامل للأمراض النفسية . ولكن بإمكاني ذكر حالة لسيدة حامل أصيبت بالشيزوفرانيا وعولجت منها بالعقاقير مرتين خلال فترة الحمل، ثم عادت إصابتها أشد بعد الولادة، وتم علاجها بالعقاقير والصدمات الكهربائية في المرة الأخيرة، حتى تم السيطرة على حالتها. لقد اعتقدت هذه السيدة لسبب ما بأن حملها من زوجها قد تلوث بعد أن استقر الجنين في بطنها ، وفي محاولة للتطهر استبدت بها فكرة شق بطنها بسكين واخراج الجنين منه وطرحه لكي تحمل بغيره تشعر بأنه أكثر تطهرا٫بعد أن استقر الجنين في بطنها ، وفي محاولة للتطهر، استبدت بها فكرة شق بطنها بسكين، وإخراج الجنين منه وطرحه بعيدا،ثم تعويضه بحمل جديد تحافظ على طهارته .وعندما ولدت مولودتها عاودتها نفس الوساوس والأوهام. كان الأمر يتعلق بالإحساس بالذنب علي نحو ما. وهو الآمر الذي يتطلب من الفتاة أن تنظر أين تضع قدمها وكيف تقي نفسها من الزلل، وقاية لنفسها مما قد تجره عليها رعونتها واندفاعها.
من الحب الوهمي أيضا الذي يعود إلى أسباب نفسية حالة رجل أو امرأة أحس أي منهما بأنه في حاجة لجب الآخر والرواج منه لكي يحقق له ما عجز هو عن تحقيقه من أهدافه وآماله ويكون في هذه الحالة أشبه بالممثل الذي يتقمص دور العاشق حتى يبدو للنظارة ولكأنه عاشق حقيقي وينخدع الطرف الآخر ، ليس بسبب جودة التمثيل فقط وإنما لأنه في حاجة إلى الحب أيضا بسبب خروجه من تجربة حب وهمي فاشلة كان مخدوعا أيضا فيها وتعرض في النهاية للغدر أو الخيانة ممن ظن أنه يحبه وهو في حالة نفسية قلقة تجعله يرحب بأي بادرة حب تلوح له .هذا الحب ينتهي إما في حالة الإحساس بأنه حقق الغرض منه أو في حالة اليأس من أن يحقق غرضه. من هذه الحالات التي عاينتها حالة رجل فاشل في حياته العملية ترسخ في ذهنه إنه يمكن أن يتخلص من فشله إذا ما قبلت بالزواج منه امرأة أجنبية وأمنت له تأشيرة دخول بلدها وتذكرة السفر والإنفاق عليه حتى يجد له عملا في بلدها ، وكلما وجد امرأة تسايره توهم أنه يجبها فعلا وأنه لا يستطيع العيش بدونها، ويظل قلبه متعلقا بها حتى لو انصرفت هي عنه وإلى أن يجد من تحل محلها، وقد يستمر على هذا الحال لعدة سنوات وهو يتنقل ما بين واحدة وأخري ويظن أنه يحب كل منهن. هناك حالات أخري أيضا مختلفة ولكنها تندرج في نفس هذا النوع من العلاقات الوهمية وتنتهي بالزواج ولكن الزواج يظل محكوما بالفشل سواء حقق الهدف الذي كان يسعى له أحد الطرفين أو أخفق في أن يحققه. وعندما تكثر حالات الطلاق فإن كثرتها تعد مؤشرا على كثرة أو انتشار حالات الحب الوهمي في المجتمع، أو أن الزواج لم يعد ينعقد على أساس الحب الحقيقي والذي يعد الدعامة القوية له التي تضمن استمراره وعدم انهياره مهما كانت الظروف التي يتعرض لها أو يعاني منها الزوجين.
الحب والزواج:
وتعد الحياة الزوجية الطيبة تجسيدا للحب الكامل بشقيه المادي والروحي وآية من آيات الله سبحانه وتعالي ، وفي ذلك يقول المولى عز وجل " : من آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" والسكون إلى آخر هو الشعور بالراحة النفسية معه وإلى جواره .
والمودة هي المحبة المستمرة المتبادلة بين الزوجين ومنها الوُدّ : وهو خالص الحب وألطفه وأرقّه، وتتلازم فيه عاطفة الرأفة والرحمة، ويقول سبحانه:”إن ربي رحيم ودود” (هود90) .. ولا تكتمل المحبة بين الزوجين الا عندما يشعران بأنهما صارا كيانا واحدا بالزواج لاغني عن أي منهما عن الآخر وأنهما متدخلان على نحو ماوصف الله تعالى الزوجين "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"(البقرة:187).
والرحمة هي العطف والشفقة وحسن الخلق والمعاملة ولين الكلام والحرص على رضى الآخر والتألم له إن أصابه مكروه . فال الله سبحانه وتعالى لنبيه "فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.."(آل عمران:159)، والتراحم أي تبادل الرحمة يقر ب بين القلبين والنفسين ويساعد على اكتمال تساكنهما ومودتهما.أى أن السكن والمحبة والرحمة هم ثلآثة دعائم لقيام لحياة الزوجية ولاستقرارها ودوامها، بدونها لا تقوم وإن قامت لاتدوم.
ويأتي مع التساكن والمودة والرحمة أو نتيجة لتوفر أي منها لدي الزوجين : المعاشرة بالمعروف .قال تعالى “وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسـى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً”.ويقول فيها القرضاوي:"إن المعاشرة بالمعروف تتمثل في بشاشة الوجه وحسن الخلق وحلاوة اللسان والسؤال عن المرأة باستمرار، وعدم إفشاء أسرارها وعدم إيذائها لا بالكلام ولا بالضرب ولا بالتعيير فيقول لها أنت كنت كذا
وأبوك كذا، بل الملاطفة بل أكثر من ذلك يجب عليه أن يطيِّب نفس امرأته ويستمع إليها، النبي صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقاً مع نسائه ويقول "أحسنكم أحسنكم خلقاً لأهله وأنا أحسنكم خلقاً لأهلي"..
ويحفز على هذا كله الإحساس بأن المحبة والزواج لن ينتهيا في الدنيا وإنما سيستمران في الحياة الأخرى ، حيث يبعث المرء مع من يحب ويدخل الزوجان الجنة معا إن كانا من الصالحين ويواصلأن حياتهما الزوجية فيها.
ولادواء ولارواء لمن ابتليا بالعشق غير التعجيل بالزواج ، وفيما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "لم يُرَ للمتحابَيْن مثل النكاح" .أي أن أفضل ما يصنعه رجل وامرأة تحابا هو أن يتزوجا.وهذا الحديث بمثابة إضفاء للمشروعية على الحب المفضي إلى الزواج.وسبب الحديث كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً قال: "يا رسول الله في حجري يتيمة قد خطبها رجل موسر ورجل معدم، فنحن نحب الموسر وهي تحب المعدم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين غير النكاح".
ولا يلام عاشق نظر مصادفة إلى آخر فملك عليه قلبه ، و تمكن العشق منه بغير اختياره، ولم يستطع له دفعا.
و من خطب امرأة أو أراد خطبتها ونظر منها ما يشجعه على خطبتها كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم فارقها وبقي عشقها غير مفارق له فهذا مما لا يُلام عليه كما في قصة بريرة ومغيث.
وقصة بريرة كما وردت في كتب الحديث: كان مغيث يمضي خلف زوجته بريرة بعد فراقها له، وقد صارت أجنبية عنه، ودموعه تسيل على خديه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا ابن عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا، ثم قال لها لو راجعته، فقالت:أتأمرني؟ فقال: إنما أنا شافع، قالت: لا حاجة لي فيه" (رواه البخاري).
ومما يستفاد من هذا الحديث أنه لا يكفي الحب من طرف واحد لإقامة حياة زوجية، وإنما يجب أن يكون متبادلا بين الزوجين منذ بداية الزواج. وقد علق ابن حجر العسقلاني شارح البخاري تعليقًا على هذا الحديث فقال : "فيه إن فرط الحب يُذهِب الحياء لما ذكر من حال مغيث وغلبة الوجد حتى لم يستطع كتمان حبها، وفي ترك النكير عليه بيان جواز قبول عذر من كان في مثل حاله ممن يقع ما لا يليق بمنصبه إذا وقع بغير اختياره".ولا دواء لعشق الحبيبين عير الزواج . وقد نقل عن عمر بن الخطاب قوله : "لو أدركت عفراء وعروة لجمعت بينهما" وعروة عاشق عذري وعده عمه بالزواج من ابنته عفراء بعد عودته من سفر للتجارة، ثم زوجها لرجل من الأثرياء.ويظل أفضل حب بين الزوجين أدومه ولذا وجب على كل منهما صيانة حبه للآخر حتى لا يفتر أو تخفت
جذوته.
يقول مؤلف كتاب الأسرة وقضايا الزواج: تولد المودّة بين الزوجين بمجرد اقترانهما ، وفي خلال تلك المدّة تبقى للطرفين خصائصهما ومقوماتهما الشخصية . وبعد أن تنمو المودّة لتتمخض عن الحب الذي يعني الاتحاد التامّ ؛ الإيثار ؛ التسامح ؛ والتضحية ، فإن الحياة الزوجية تدخل مرحلة جديدة تتلاشى فيها تلك المقومات الشخصية لتولد شخصية جديدة . . شخصية تنهض على التكامل الذي يحققه الزواج والحب .
إن أسس الحب تتجسد في التضامن والتفاهم والتضحية والتسامح والاحترام المتقابل ، والحب هو جوهر الحياة الزوجية ، وبدونه تبدو كل الأشياء خاوية لا معنى لها ؛ ذلك أن الإنسان إنما يحيا بالحب ومن أجل الحب ، وهو ذلك المشعل الذي يضيء للإنسان معالم الطريق ، وتلك الشعلة المتوقدة في القلب ، التي تمنحه الشعور بالدفء والسلام .
ثم يضيف :" إن جذوة الحب وحدها لا تكفي، بل ينبغي تأكيد وجودها عن طريق التعبير عن ذلك بكل الوسائل كالزينة؛ الحديث الحنون ؛ الاهتمام بالطعام ؛ النظافة ؛ والثناء ، وإلى غير ذلك من شؤون الحياة .
وبالرغم من سلبية المشاكل والأمراض التي تعترض حياة الإنسان إلا أنها فرص مناسبة لإثبات وتثبيت عواطف المحبة والمودة والتضامن بين الزوجين .
ينبغي أن يكون الحب صادقاً ، بعيداً عن الرياء ، صافياً من كل الشوائب ، خالياً من التصنع ، نابعاً من صميم القلب.
والزواج السعيد عادة هو نوع من الصداقة والمحبة والألفة، وهو شكل من أشكال الاندماج والتفاعل الذي يلبّي كل حاجات الروح والجسد .
وفي كل هذا، ينبغي أن لا نتوقع الدلال المستمر في مناسبة وغير مناسبة ، ذلك أن الحب عاطفة صادقة تتفجر في وقتها ، وتعبر عن نفسها في الزمن المناسب والظرف المناسب .
و المحبة الصادقة عاطفة نبيلة لا تنتظر ما يقابلها أبدا، ولا تعرف أشكال المقايضة أو التعامل التجاري . ولا تشترى بمال . ولذا فإنه يمكن بالمال شراء أشياء كثيرة جدا فيما عدا الحب. ويمكن لرجل أن يغوي امرأة بماله فينال منها ما يشتهيه ولكنه لن ينل حبها أبدا مالم تحبه هي منذ البداية، ونفس الشيء بالنسبة للمرأة التي يمكن أيضا أن تغوى رجلا بمالها ولكنها لن تتمكن من نيل حبه إن لم يكن يحبها منذ البداية.
و يمكن لكل من الزوجين أن يبعث في قلب الآخر الإحساس بالراحة والسكينة والأمن والسلام والحيوية من خلال محبته له ..
لا يمكن للحياة الزوجية أن تستمر وأن تكون مرضية لطرفيها وللنسل الناجم عنها ما لم تكن قائمة على حب حقيقي وراسخ وليس حبا متوهما يظل مهما طال أمده مؤقتا أو مقرونا بشرط ظاهر أو خفي ، معلوم أو مجهول ، فإدا انهار شرط وجوده انهار الحب وانهارت معه الحياة الزوجية.
نقل عن ابن القيم الجوزية قوله : الحب من حرفين حاء وباء ، فأما الحاء فإنه يخرج من أسفل الحنجرة من الفم ، وأما الباء فيخرج من الشفتين من اول الفم وبقية الحروف مخرجها بين ذلك ومعنى هذا إنها جمعت كل الحروف ، وكذلك الحب يجمع كل المعاني .والمعاني التي يقصدها تشمل الإيثار والشفقة والعطف والسخاء والتراحم والتعاون والاهتمام بالآخر والترضية له والوفاء والإخلاص وكلها قيم وصفات تحتاجها الحياة الزوجية لكي تزدهر وتستمر منتجة الهناء وراحة البال وسكينة النفس لجميع أفراد الأسرة.
من الطبيعي في الحياة الزوجية القائمة على الحب أن يسلك كل من الزوجين سلوك العاشقين ولكن ذلك لا يغني عن تبادل كلمات لها دلالة على المحبة وحيث يظل أجمل مافي الحياة الزوجية إن يسمع كل من الزوجين من زوجه كلمة :" أنا أحبك " ولنتذكر هنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أحب أحدكم أخاه فليقل له إني أحبك " لكي نعرف أهمية تلك العبارة المكونة من كلمتين فقط، فكل من الزوجين يحتاج إلى سماع تلك العبارة من حين لآخر مهما كان كل منهما كل ما يفعله يدل على محبته لزوجه .
قد يبدأ الزواج دون اكتمال عاطفة الحب المتبادلة بين الزوجين وهنا يتوجب عليهما أن يوطنا نقسيهما على المحبة ويعملان على تطوير وتنمية محبتهما مع مرور الأيلم. وهناك تصرفات كثيرة وكلمات في حالت تبادلها بينهما تحقق نمو المحبة يوما بعد يوم.من ذلك إبداء كل منهما اهتمامه بالآخر. وقد تحدث ظروف مساعدة على ذلك فمثلاً عندما يمرض أحد الزوجين ويقوم الآخر على رعايته والاهتمام به ، فكلما كانت هذه العناية فائقة كلما كبرت معها مشاعر المحبة بين الطرفين . وتسهم العلاقة بين الزوجين في القراش واهتمام كل منهما براحة الآخر وإسعاده في توطيد المحبة أيضا بين الزوجين . لقد كنت أقول دائما بأن سلاح الأنوثة الذي تملكه المرأة يمكن أن ينتج عنه نتائج جيدة إن أحسنت الزوجة استعماله.
وما جاء في قصة يوسف في القرآن الكر يم على لسان أحد شخصياتها : إن كيدهن عظيم فإن المقصود بها هو إن فتنتهن عظيمة لا غالب لها.
فوزي منصور
e_mail:fawzym2@gmail.com
الأسرة والحياة الزوجية-- الغطاء والكشف
الزوجة بين الحجاب والكشف
لم يضع الاسلام أي قيود على الحرية المسؤولةللمرأة ، أو يرد به أي نص مقدس يحط من كرامتها، بل كان كل نص .انما يستهدف حمايتها وصون كرامتها.
واذا كانت ممارسة الشبق حاجة بيولوجية ضرورية مثل الطعام والشراب فان القرأن الكريم لم يحد حرية المؤمنين والمؤمنات عندما حرم عليهم الزواج من الزناة وممن أشركوا بالله، وانما حرص المشرع على تقديم الطعام والشراب لهم في صحف مطهرة.
وعندما تعرض المشرع للباس المرأة لم يكن هدفه من ذلك التضييق عليها وانما صون كرامتها اذا ماتم النظر مع الاية لاسباب نزولها ولحكمتها الواضحة من السياق الواردة فيه أو التي تكشف عنها اللغة.
الحجاب:
لقد تعرض المشرع للباس المرأة في موضعين : الاول: يعالح فيه المشرع ظرفية خاصة تعرضت فيه المؤمنات الىالاذي من المنافقين واليهود والمشركين في المدينة فجاءت الاية لترشدهن الى سبل رفع الاذى عنهن
كانت المؤمنات يتعرضن لتحرشات من اليهود والمنافقين والمشركين في طرقات المدينة اذ كن يخرجن بثياب قصيرة لاتنختلف عما يلبسنه الاماء. ويمكن أن نتخيل مايمكن أن تلبسه المرأة في مجتمع فقير في موارده الطبيعية وذو مناخ حار معظم السنة والملابس منسوجة من الصوف المغزول وبالتالي ثقيلة وسميكة مما يجعل المرأة (والرجل أيضا) ترتدى علي جسدها ثوبا واحدا لايحتاج الي الكثير من الغزل والنسيج مما يترك أجزاء كثيرة من جسدها عاريا ، سواء بسبب قصره أو سعة فتحة الصدر التى تظهر مفاتن جسدها وتكوينه.كان أيضا عدد السكان محدودا مما يجعل معظم الرجال يعرف معظم النساء والي أى عائلةاو قبيلة يتتمين .ومع ذلك كان من في قلوبهم مرض من المشركين والمنافقين واليهود يتعمدون التحرش بالنساء المسلمات في طرقات المدينة ويدعون أنهم ظنوهن من الاماء اللائي يعرضن أنفسهن ولايضر اولياؤهن التحرش بهن لانهن لسن من أقاربهم أو ذوى أرحامهم حتى يعارون عليهن. وكان لابد من وضع حد لذلك يسد تلك الذريعة وذلك بأن يتم تمييز حرائر النساء المسلمات عن المشركات وعن الاماء لقطع الطريق علي من يمسهن باذى ومحاسبته إن فعل. ولهذا الغرض نزلت الايات ارقام58و57و 59و6 من سورة الاحزاب : " ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة وأعد لهم عذابا مهينا.والذين يؤذون المؤمنون والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا
. بأيها النبي قل لنسائك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين من جلابيبهن،ذلك أدنى أن يعرفن فلاييؤذين.وكان الله غفورا.لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لايجاورونك فيها الاقليلا."فالايات بدأت بالحديث عن الاذى الذى يلفاه المؤمنون والمؤمنات في المدينة ثم أبانت كيف يمكن لنساء المؤمنين أن يتميزن عن غيرهن بأن يدنين من جلابيبهن ثم جائت الاية رقم 60 لتهدد المنافقين ومن فى قلوبهم مرض بأنهم لوتعرضوا بعد ذلك للمؤمنات بعد أن تميزن بما يجعلهن معروفات لديهم بأن يتم انزال العقاب بهم حتى لايتبق منهم أحد في المدينة.
الموضع الثاني : يدعو فيه المشرع الرجال والنساء من المؤمنين والمؤمنات الي الالتزام بالعقةوالوقار والحياء والاحتشام. ويفرق فيه بين مجتمع الأسرة الذي يتميز بخصوصياته والمجتمع خارج الاسرة الذي له خاصية العمومية والشياع.ويرشد المشرع أيضا الى الآذاب التي تتفق مع المجتمع العام وتلك التى تتفق مع المجتمع الخاص والتي تختلف في كل منهما باختلاف طبيعته ووظيفته . ونزلت في ذلك الايات من سورة النور والتي جاء فيها :" ياأيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا علي أهلها .ذلك خير لكم لعلكم تذكرون: فان لم تجدوا فيها أحدا فلاتدخلوها حتي يؤذن لكم ، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكي لكم. والله بما تعملون عليم. ليس عليكم من جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم. والله يعلم ماتبدون وما تكتمون . قل للمؤمني يغضوا من أبصارهمويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولايبدين زينتهن الا ماظهر منها ، وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ولايبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبناء بعولتهن أو أخواتهن أو أبناء أخواتهن أونسائهن أو ماملكت أيمانهن أو التابعين من غير ذوى الاربة من الرجال أو اتلطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء .ولايضربن بأرجلهن ليعلم ميخفين من زينتهن. وتوبوا الي الله جميعاأيها المؤمنون لعلكم تفلحون"( النورمن 27-31)ويستثنى من هذه الاحكام أيضا :" القواعد من النساء اللائي لايرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" (النور 60)
وقد ذهب مفسرون الي أن الزينة المقصوده هي الحلي من عقود وأقراط وأساوروخواتم وخلاخيل وجميعها مما تتزين به النساءالا أنه من المستبعد وفق السياق أن تكون هي الزينة المقصودة في هذه الايات ،والاصح من ذلك القول بأن الزينة المقصودة في هذه الايات هي زينة الجسد. اذ أن الله كما زين السموات والارض زين النساء بتكوين جسدي متميز يجمع بين متطلبا ت الوظائف البيولوجية للاعضاء والوظائف الحماليةأو الزينة . ومن هذه الزينة العضوية ماجرى العرف على كشفه ومنها ماتتطلب التقوى والاحتشام تغطيته بالنسبة لغير الازواح والمحارم واخفائه عمن لاحق له في رؤيته . بل ان اظهار تلك الزينة مطلوب بين الازواج فهذه الزينة أو الخاصية الجمالية لبعض مكونات جسدها الغرض منها هو اثارة الزوج وافتتانه بزوجته فان قامت المرأة بكشفه لغير زوجها فان الكشف هنا لايعنى منطقيا الا دعوة الاجنبي المحرم عليها الي الافتتان بها والرغبة المحرمة مما يخرج القاتنة والمفتون بها عن نطاق التقوى.ومن تلك الاعضاء التى زين الله بها المرأة، وهي المقصودة أساسا في هذه الايات، نهداها. .فلفظ الجيب تعبير مجازى عن الفجوة التي تكون بين النهدين، اذ أن الجيب هو الشق ، والتى قد تظهر من طوق الثوب الواسع، والذي يتطلب ارتداء الملابس وخلعها أن يكون واسعا. فالمقصود بالجيب هنا مايظهر من فتحة الثوب من نهدي المرأةالتي زينها الله بهما لتثير غريزة زوجها الشبقية
والتي هي اثارة مطلوبةلأداء فعل حلال وليس الفتحة ذاتها. وهذا الذي يظهر من الفتحة هو الذي يلزم ارخاء الخمار عليه لتغطيتة أما اذا كانت فتحة الثوب ضيقة أو مغلقة بزراير أو غير ذلك من وسائل متبعة حاليا، ولا يظهر منها أى أثر للنهدين أو الفجوة بينهما، فتكون الفتحة الضيقة أو المغلقة حول العنق قد أدت دور الخمار وأخفت ماكان مطلوبا منه أن يخقيه.ونجد هنا ربظ بين القيمة الجمالية والقيمة الاستعمالية للنهدين. فطالما القيمة الجمالية يقتصر
فعلها علي اثارة الزوج فلايجب أن يطلع عليها سواه ، دون اغفال أن وظيفة الثدي أيضا هي ارضاع المولود الذي لم يبلغ سن الفطام. أما ماذهب العرف علي ظهوره فهو الوجه والجيد وكلاهما أيضا فيه زينة ولكن زينة من المشقة علي المرأة اخفائها وكل مايطلب من الرجال بشأنها هو غض ابصارهم أي صرف أنظارهم عما يرونه مكشوفا. وليست الزينة المسموح بكشفها هي الكحل والاقراط والخواتم علي نحو ماذهب اليه البعض. وأما ضرب الارجل لاظهار ماأخفين من زينة فيدخل ضمنه أو يقاس عليه مانشاهده حاليا من امرأة تلبس ثوبا طويلا يصل الي كعبيها ومشقوق من الحانبين وكلما ضربت باقدامها الارض انفرج الشقان وكشفا ماتخفيه المرأة من تحت الثوب ثم يلتحم الشقان مرة أخرى فيتعاقب الكشف والغطاء طوال سيرها ويمكن لمن تمر عليه أن يلمح ساقها كاملا وربما أيضا لون ملابسها الداخلية.وليس اكثر اعراء للمرأة من لعبة الغطاء والكشف تلك وربما كان هذا هو القصد من الآية وليس فقظ ماذهب اليه المفسرون من أن الضرب بالارجل يظهر مافي ادني الساقيثن من خلاخيل تصطك معا فيصدر عنها صوت يلفت الانظار اليها أثناء مشيها.
جاء في كتب التراث أنه عندما نزلت الاية التي تطالب المؤمنات بأن نضربن بخمرهن على جيوبهن والتى عرفت بأية الحجاب فامت نسوة في المدينة بشق مازاد في جلابيبهن وصنعوا منه خمارا. يقهم من هذا أنه كان ثمة نسوة في المدينة لايستعملن الخمار وأنهن لكي يصدعن لأمر الله قاما بقطع الزائد في ثيابهن لصنع خمار منه أي قمن بتقصير ثيابهن بعد أن لم يعد ارخاء الثوب لتمييزهن ضروريا فقد رحل اليهود عن المدينة وتم معرفة المنافقين ونبذهم ولم يعد من يجرؤ علي التعرض لهن.
ولقد لاحطت وسائل الاعلام في الاونة الاخيرة كثرة المحجبات في المدن المصرية دون أن يلزمهن أحد به لامن آبائهن ولا أزواجهن ، بل بعضهن أبدى آبائهن وأزواجهن معارضة لم تثنيهن عما قررن فسر البعض هذه الظاهرة بأنها عودة جماعية للدين وهو تفسير لاينطبق علي أكثرهن ، فاكثرهن لم يكن بعيدات عن الدين حتى يحتجن الي العودة اليه وانما كن قبل الحجاب وبعده عابدات تقيات عفيفات حافظات للغيب . أما مادفعهن للحجاب فهو ظهور طائفة من النساء المتهتكات وشباب عابث لم يكن يفرق بينهن وبين المحصنات التقيات فيتحرش بالجميع فلجئن للحجاب حتى يعرفن فلايتعرض لهن أحد. أي لنفس الحكمة التى
نزلت بسببها الاية التى تطلب من المسلمات أن يدنين عليهن من جلابيبهن.
وفي هذه المناسبة أيضا يجب التنوية بنسوة مصريات كن يعملن في مجال التمثيل ويكشفن عن اجسادهن فيه فساق الله اليهن من عباده من كان سببا في اقلاعهن عن التعرى أو هجرتهن للمهنة وهؤلاء أيضا التزمن الحجاب كتثبيت واعلان عن موقفهن الجديد. هؤلاء النسوة كان المتزمتون المتحجرة قلوبهم يعتبرون النظر اليهن أو ذكرهن أو الدنو منهن خظيئة وأنهن من أتباع الشيطان وفتنة ابتلي بها المؤمنين ومحال أن يهتدين ونسوا أن الله يهدى من يشاء وأنه أرسل المرسلين لذلك وأن ماشاء الله كان.
تزين عير المتزوجة:
ثمة حديث منسوب لرسول الله يقول فيه : لوكان أسامة فتاة لزينتها حتى أنفقها (أي أزوجها) يمكن أن يكون التزيين هناهو مدح الفتاة واطراء محاسنها، ولكنه يمكن أن يشمل تكحيلها وخضاب شعرها والباسها ملابس جذابة وحلي من أساور وأقراط وغير ذلك .وسنلاحظ هنا استخدام لفظ "أنفقها" والرسول لاينفق حهدا أو وقتا أو مالا الا في سبيل الله وماينفق في سبيل الله هو عبادة ومن الاحسان. فتزيين الاب لابنته لكي يزوجها فيه احسان لها. وان تزوجت كان الاحسان مضاعفا حيث يكون بالاضافة الي الاحسان لها احسان لزوجها أيضا. وانفاق الشىء أيضا خروجه من اليد ولايسعي الانسان لخروج الشىء من يده الا حبا في الله وايثاره رضى الله علي نفسه وما تميل اليه. لذا فان الفتاة التى ترجو أن يرزقها الله بزوج يعد تزينها من قبيل اعمال الاسباب ولاحرج عليها ان ابدت بعض زينتها دون تبرج او ابتذال أو خروج علي العرف السائد الذى لايعد في نظر المجتمع منكرا . فا ن تزوجت التزمت بألا تبدى زينتها لغير زوجها.
الكشف داخل المنازل:
منزل المرء كمايقول مثل انجليزى هو حصنه أو قلعته ولذا لايجب أن تفرض عليه قيود فيه أو أن تنتك حرماته. وفي الاوقات التي عادة ما يخلد فيها الزوج أو الزوجة الي الراحة أو النوم يحق لهما أن يتخففا من ملابسهما ولايجب أن يسمح لأحد أن يقترب من خلوتهما أو يراهما في عريهما الا من لاحرج منه بعد أن يستأذن ويؤذن له. وقد تعرضت لك أيضا سورة النور بتفصيل فى عدة آيات متتالية ابتداء من الاية 58 وجاء فيها : " ياأيها الذين أمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولاعليهم جناح بعدهن . طوافون عليكم بعضكم علي بعض .كذلك يبين الله لكم الايات .والله عليم حكيم. * واذا بلع الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم .كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم.* والقواعد من النساء اللآتي لايرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم.* "
ابداء الزينة للزوج:
ابداء الزينة هو الكشف عنها وقد حرم كتاب الله علي المرأة المتزوجة أن تبدى زينتها لغير بعلها. ولم تقل الاية زوجها فقد لايكون الزواج لم يتم اشهاره بعد أو لم يقم الزوج بسداد المهر ، وفي كلتى الحالتين لايجوز لها أن تبدى ماخفي من زينتها للزوج مالم تكتمل شروط صحة الزواج ويدخل بها ويصير بذلك بعلها. فلفظ البعل يحمل دلالة شبقية ، ولايحل للزوجين ممارسة الفعل الشبقي مالم تكتمل شروط صحة الزواج. ويمكن أن يفهم من ذلك أنه لايحق للمرأة أن تمكن زوحها منها بمجرد العقد مالم يتم اشهار الزواج ويعلم القاصى والداني من أهل الحي أو القرية علي الاقل.ويأتي بعد بعلها محارمها من الأصول والفروغ المحرم عليها الزواج منهم تحريما أبديا . والكشف هنا لايعني التعرى وانما التخفف من الثياب داخل دارها وهي تتنقل فيه بين أهلها مع الاحتفاظ بالملابس التي يقتضيها الحياء والحشمة. فاذا انفردت بزوجها وغلقت الباب عليهما فلاحرج عليها إن تجردت من كل ملابسها أو من بعضها وفق رغبتها ومقتصيات الحال.
الزوحة الزكية لاتطرح كل ملابسها عنهادفعة واحدة إن خلت بزوجها، مالم يطلب هو ذلك منها أو يجردها هو من ملابسها بنفسه. وانما تلجأ للعبة الكشف والغطاء والكشف عن مفاتنها بالتدريج لاثارة زوجها وابقاء الرغبة فيه متقدة لاتفتر . ولذا تختار من الثياب مايحقق لها ذلك خاصة في الأوقات الى اعتادا علي ممارسة الشبق فيها.
اذا كان ديننا الحنيف يتسم بالعدل والاعتدال فانه من العدل الا تخفي عن بعلها زينتها ومن الاعتدال أيضا الايكون الكشف كاملا ولا العطاء كاملا.فاذا كان الكشف كاملا وتبقي فيه وقتا طويلا فقدت زينتها مفعولها بحكم الاعتياد عليها . وان كان الغطاء كاملا فقدت زينتها المغيبة بالغطاء تأثيرها ومفعولها ولم يعد لها جدوى طالما هي غير مستعملة فيما جعلها الله لها وان احتفظت بقيمتها الجمالية وان في الخفاء مخبأة .
تناوب الكشف والغطاء مثل حالة الثوب المشفوق مت الجانبين وتدرج الكشف علي النحو المعروف بالسربتيز الذى يتم فيه التجرد من الملابس قطعة فطعة وعلي التراخي . وكذلك تناوب الكشف والغطاء بلبس ملابس للتوم بعد التجرد الكامل من ملابس البيت هو أيضا يدخل ضمن لعبة الكشف والغطاء عندما يتم ذلك من قبل الزوحة وزوجها ينتظر اليها ومن قبل الزوج أيضا وزوجته تنظر اليه فجسد الزوج العارى يثير أيضا زوجته ليس بسبب تكوينة فقط وانما لأنه أيضا يرتبط في ذهنا ومخيلتها بممارسة الشبق.ولذا فمن الافضل الايتحرك الزوج في بيته عاريا أو شبه عارى حتي لاتتعود زوجته علي رؤية حسده عاريا فلاتثير فيها رؤيته أي شىء بمرور الوقت.
العرى الكامل فد يكون مرغوبا فيه أثناء الوصال الشبقي ولوأن بعض الأزواج لايرغبان في أن يكون كاملا وخاصة في بداية العلاقة الزوجية والتي يكون الحياء مازال غالبا علي الزوجة أو علي الزوجين معا.وقد يتوافقان علي الابقاء من الملابس مالايعيق وصالهما الشبقي والتخلص من الباقي. ولكن قبل مباشرة الشبقي من الافضل الاحتفاظ ببعض الملابس التي لاتحقق كشفا كاملا ولاغطاءا كاملا ثم التجرد منها عند بدء الوصال. أما بعد الوصال الشبقي فمن الافضل التدثر بغطاء يلف الزوجين معا بحيث يتلامس تحته جسداهما وفي نفس الوقت يغطي مايتدثران به جسديهما في ذات الوقت.
لعبة الغطاء والكشف هذه ، والتي قد يكون الغطاء فيها نصف غطاء والكشف نصف كشف، يجب الاتمارسها الزوجة الا في حضور زوجها وعندما يجمعهما مكان مغلق عليهمالايراهما فيه أحد. وبالتالي لايجب أن تمارسها في وجود محارم لها مما يحق لها أن تبدى زينتها في حضورهم.
لعبة الكشف والعطاء قد يكون مكانها المعتاد أو المفضل هو غرفة النوم ولكن ذلك لايعنى أن مكانها هو غرفة النوم فقط أو أن لها وقتا محددا وانما يجب الا تتقيد بمكان أو زمان محدد. فاذا كان الزوجان يعيشان وحدهما في دار متعددة الغرف قان اللعبة يمكن أن تتخذ أشكالا مختلفة وأن تمارس في جميع غرف المنزل والا ترتبط بمواعيد النوم المعتادة . لأن هذه اللعبة تعبر ممارستها عن حيوية متجددة في الحياة الزوجية.الاأن التحرك أيضا بملابس شبه عارية – خاصة في موسم الصيف- يجب أن يراعي فيه الايراه الجيران من خلال النوافذ المتقابلة في الاحياء السكنية وذلك بارخاء ستائر علي النوافذ تحجب الرؤية من الخارج.
والكشف ليس بالضرورة تعرية لاجزاء في الجسد وانما قد يكون كشف غطاء لغطاء آخر من تحته. شبيه بذلك الملابس النسائية المغربية المخصصة للحفلات والسهرات. والتي يكون فيها ثوب يعرف بالفوقية يليه ثوي يعرف بالتحتية يليه سروال مطرزثم الملابس الداخلية العادية. وقد يكشف الثوب عن نوب أخر مزين تحته متجانس أو متعارض معه في اللون.وقد تكون الفوقية من الجبير أو الدانتيل الذي يظهر ماتحته والتحتية من الستان اللامع
الا ما ظهر منها :
يمكن فهم المقصود بعبارة " الاماظهر منها" الواردة في الاية الكريمة بأنه ماظهر منها حسب الاعراف السائدة ولاينكره المجتمع بالنسبة لملابس المرأة أو مايعد من زينتها ولايتسبب عن كشفه حرج .والذي لايكون فيه شذوذا أو مبالغة تجعله متناقضا مع القاعدة الاساس التي هي الا تظهر زينتها لغير زوجها.ولايعد مقبولا ضمن الاستثناء مايكون منقولا من عادات شعوب أخرى من قبيل تقليد المغلوب للعالب بدعوى مسايرة المدنية الغربية وصرعاتها(الموده) . واذا كانت التقاليد المحلية فيها توسع في اظهار زينة المرأة للغرباء وجب ترشيدها وتعديلها وعدم التعلل بأنها ميراث الاباء وفي ذات الوقت لايجب التشدد في هذا التعديل بما يتسبب عنه حرج أو ضيق لمن سيعملن به. وكذلك أن يكون أيضا الاتجاه الي تعديل الملابس بما يتفق مع مايطلب الشرع تغطيته عاما حتي لاتبدوا من يأخذن به . بمثابة حالات شاذة ملفتة للنظرأي أن اللباس في هذه الحالة يجب أن يعكس وحدة الامة وما أجمعت عليه فضليات نسائها بدافع من التقوى وطاعة الله.
ان كل ماله قيمة استعمالية يجب أن يكون له قيمة جمالية أيضا مع تحقيق نوع من التوازن بين القيمتين بحيث لاتلغي احداهما الاخرى أو تضعفها.والتوازن لايعنى تساوى القيمتين وانما يخضع للغرض أو القصد من الاستعمال . فاذا كان القصد من الثوب ابداء الزينة للزوج وحجبها عن سواه كان من الطبيعي أن تخصص ملابس للزوج لاتلبس لسواه تظهر الزينة التي تخفيها المرأة عن غيره وأن يكون مايظهز الزينة مزينا أيضا ليزيد علي الجمال جمالا اضافيا وفي هذه الحالة فا ن القيمة الجمالية للثوب ستضغي علي القيمة الاستعمالية المتمثلة في تغطية الجسد فمثل هذا الثوب لايستهدف التغطية ان لم يكن يهتم بالكشف. أما اذا كانت الملابس للظهور بها أمام عامة الناس من مخارم وأجانب وجب أن تطغي القيمة الاستعمالية علي القيمة الجمالية دون اهدار القيمة الجمالية وانما الاحتفاظ بها في حد معقول ومقبولدينا وعرفا.
عندما حرصت النسوة المحجبات في مصر علي أن يكون حجابهن جميلا لم يسلمن من ألسنة السوء التى أطلقها عليهن المتطرفون من المتزمتين في الدين من جانب والمنفلتين من أحكامه والمتربصين بأهله من جانب أخر.بينما اضفاء قيمة جمالية علي الحجاب هو منحي ايجابي حيث يحبب غير المتحجبات فيه ويغرى المترددات بشأنه علي الاقبال عليه.
لم يحدث في تاريخ المجتمعات الاسلامية أن جلست النساء في دورهن لايخرجن منها فى العالم القروى أو البوادي وكان هذا الوضع سائدا أيضا في المدن حتى جائت أزمنه ألزمت النساء بأن لايخرجن من بيوتهن الا للضرورة بعد أن صرن عرضة للخطف من قبل عصابات وتهريبهن بعد تخديرهن لاماكن بعيدة تتحول فيها المسلمة الخرة الي أمة تباع في سوق الرقيق.ثم تم تكريس حجاب نساء المدن الكامل سواء داخل االمنازل أو خلف ملابس تغطيهن تغطية كاملة في البلدان التي خضعت للدولة العثمانية وحكم الاتراك وعرف معهم مفهوم الحريم. استمر هذا الوضع الي بدايات القرن العشرين فخرحت النساء في المدن بداية للتعليم الذى كان شبه محرما عليهم من قبل فيما عذا بنات العائلات الثرية التي كان الاب يحضر لبناته مدرسين في قصره.وبعد التعليم خرجت المرأة أيضافي المدينة للعمل والمشاركة في الانتاج وزيادة دخل الاسرة. بينما كانت المرأة القروية مشاركة دائما في انتاج الاسرة داخل وخارج دارها.
لقد أضحي خروج المرأة للعمل ظاهرة عامة لايمكن تجاهلها ، ووضعا مستجدا وجب التعامل معه بفكر جديد غير الذين كان سائدا في القرون ا لخمس أو الست السابقة علي القرن العشرين والتي ألزمت فيها المرأة أن تقر في بيتها بالمدينة، والتى عمل الفقهاء فيها علي اضفاء المشروعية الدينية على ماساد من أوضاع خلال تلك الازمنة ومن أقوال وأراء تحقر من شأن المرأة وتحط من أدميتها وتنزع الثقة منها وتعتبرها مصدر فتنة وشر . ولايمكن أيضا أن نتجاهل متطلبات الأنا عند الرجل والمرأة سواء بسواء ورغبتهما في الاحساس بالذات أو تأكيدها.وتحتل الملابس جزءا هاما من الاحساس بالأنا أى الاحساس بقيمة الذات وبتميزها وهذا أمر لايمكن انكاره.والأنا المعتدلة ظاهرة فطرية وايجابية بخلاف الأنا المتضخمة التي تعتبر حالة مرضية.
أن الملابس سواء كانت مخصصة للظهور أمام الزوج والتي يطغي فيها الكشف علي الغطاء أو كانت مخصصة للعموم ويغلب فيها العطاء علي الكشف.يجب أن تحقق متطلبات الأنا المعتدلة..واذا كان الرجل يحرص علي أن يكون انيقا وأن تطهر نعمة الله عليه قان المرأة لاتختلف عنه في هذا الشأن ، بل هي أكثر منه رغبة في ذلك وهو ماأخذه الاسلام في اعتباره عندما حعل من حقها التزين بالذهب ولبس الحرير وحرم ذلك علي الرجال. وتحريم هذا الحق علي المرأة هو مناف للفطرة ويعد نوعا من التسلط والقهر واهدار لمقتضي العدل ولحقهن في أن يكون لهن مثل الذى عليهن بالمعروف.
اذن لايمكن أن نطالب المرأة التى تفي ملابسها بمتطلبات الحجاب من اخقاء الزينة وتغطية جيبها أساسا بألا تكون ملابسها متسمة بالأناقة والجمال. أي المحافظة على التوازن بين متطلبات الدين ومتطلبات الانا.
بعض النساء يخرجن حاليا الي الشارع وعليهن ملابس تغطي أجسامهن بالكامل ومع ذلك يعد العرى الكامل أفضل منها وأقل تاثيرا علي الرجال واثارة لشهواتهم. فتلك الملابس تغطي الجسم شكلا وتعريه وقعا وتكوينا عند ما تلتصق عليه وتكشف كل خطوطه وتفاصيله بما لايقلف عن ما يكشفه العري الكامل.و هي الثياب المصنوعة من الجرسيه أو اللاستيك. وهذا النوع من الثياب وهو يكشف تفاصيل مايغطيه يؤكد أن الشكل قدة يكون خادعا ومراوغا مالم يتم ربطه بالمقاصد التي يعمل من أجل بلوغها النص الشرعي.
وكما شرع الحجاب للتمييز بين المؤمنات وغير المؤمنات ، فان ملابس المرأة المسلمة الملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله يجب أن تساعد هذا الزمان علي التفرقة بينها وبين المنفلتات من أحكام الشرع والخارجات عليها حتي اذا ماسعي المؤمن للزواج من مؤمنة صالحة لم يختلط عليهم الأمر من حيث الشكل والذي من بعده يمكن التأكد من مطابقته للجوهر خلال فترة الخطوبة ، فان لم يكن الجوهر مطابقا للشكل وجب علي الخاطب انهاء خطبته والا يوهم نفسه بأنه مادام أعطي كلمة سبقت يجب أن يتمم الزواج وان كان اتمامه خطأ أو أن الامر صار من القضاء والقدر الذي يجب الاستسلام له ، لأن الانسحاب من البداية أفضل من الاستمرار في زواج محكوم عليه بالفشل وسيتسبب عنه قدر كبير من المعاناة للطرفين إن اتماه وقد يكون من ضحاياه أطفال أبرياء أيضا.
اللعبة بين الزوجين:
لعبة الكشف والغطاء التي تمارسها الزوجة عندما تتهيء لمشاركة زوجها الفراش هي لعبة وفن أيضا يحسن بالمرأة أن تتعلمهما وتمارسهما . والزواج كما يقال عنه لعبه جد وجده لعب . فملاعبة الرجل لزوجته لاثارتها قبل الجماع هو لعب يستهدف بلوغ نتيجة جادة.وكذا ممارسة لعبة الكشف والغطاء من قبل أحد الزوجين وخاصة الزوجة لاثارة الطرف الآخر. و سواء كان ذلك في وقت القيلولة أو في المساء . ولوأن الغرض منه في الاساس هو الاثارة الشبقية فانه يحسن الاستمرار في ممارسته حتي لوكانت الزوجة حائضا ومن المستحيل أن يقربها زوجها ، وذلك حتي تأخذ تلك اللعبة وذاك الفن حكم العادة المتكررة يوميا ولاتنقطع. وتكرارها لايفقدها قيمتها أو يجعلها مملة لأن تأثيرها سيكون بمثابة برمجة لعقل ورغبات الزوج الذى سبقها الى الفراش وينتطرها فيه وبحيث تكون تصرفاته بعد ذلك بمثابة رد فعل شرطي لاارادي بمرور الوقت وعادى لديه لايمكنه التخلص منها.
تبدأ اللعبة بأن تنتحي الزوجة جانبا في غرفة النوم لتستبدل ملابسها فيه وتكون مسبقا قد وضعت على مقربة منه الملابس التى ستنام بها الي جانب زوجها فى الفراش والتي قد تتخلص منها أو يجردها منها زوجها عند البدء في ممارسة الشبق. تدير الزوجة ظهرها للزوج وتبدأ بهدوءوبطء شديد خلع ملابسها قطعة اثر أخرى حتى تبدو عارية تماما ولايظهر منها سوى ظهرها .بعدها ترتدى ثوبا للنوم من قطعتين، ثم تلتقط" روبا" طويلا وتستدير لمواجهة زوجها وعلى شفتيها ابتسامة ثم تقوم بربط حزام "الروب" وعندما تصل الي الفراش حيث سيقها اليه زوجها تقوم بفك رباط الروب وخلعه بهدوء والقائه جانبا قبل أن تندس تحت الغطاء الي جانب زوجها.وقد تتجه بالروب الة المرآة وتجلس أمامها وتتعطر وتمشط شعرها وتصلح من زينتها أو تخلع أقراطها وهي ترقب ردود فعل زوجها التى تعكسها صورته في المرآةأمامها وبناء على ردود فعله تتعجل أو تتأخر في البقاء أمام المرآة. ولايكون تصرفها ثابتا وانما يتغير كل مرة حسب تقديرها .فقد تجده مستلقيا على ظهره فتتجه اليه مباشرة وتلقي بنفسها فوقه وجسمها ممتد بطول جسمه ، مقبلة معانقة، قبل أن تعود وتنام الي جانبه أو تدخل تحت الغطاء في صمت وتلتصق به وتتحسس جسده بيده ان كان قد ادار ظهره اليها فان استدار لمواجهتها أدارت له ظهرها بدورها من قبيل الملاعبة والتدلل.فاذا راح يتحسس صدرها ويقبلها وأحست أنها قد لانت أوصالها وتهيأت للوصال عندئذ تستلقي علي ظهرها وتجذبه اليها. فان جردها من سروالها وأخذ مكانه بين ساقيها انثنت نحوه وجردته مما يكون قد تبقى من ملابسه قبل أن تمكنه منها. فإن انتهيا من ممارسة الشبق حرصت علي تغطيةعريهما أو ارتداء الثياب التي كانت قد تجردت منها .
مايمكن أن يتغير في هذه اللعبة المتكررة كل ليلة أيضا هو لون الثياب التي يستعملها الزوجان داخل غرفة النوم أو في الفراش وأنواعها.
مايجب تغطيته مطلقا:
مايحرم شرعا الكشف عنه من أحد الزوجين للأقارب والأصحاب والجيران والأغراب هو مايكون بين الزوجين عندما يجمعهما فراش واحد.فهذا الأمر يجب أن يظل مغيبا لايعرفه سوى الله المطلع علي السر وما أخفى والزوجين. وحتى اذا سؤل أحد الزوجين عن هذا الأمر من قبل والد أو والدته والذى يلتزم شرعا بأن يقول لهما قولا كريما إكتفي بالقول بأن مايحدث بينه وبين زوجه هو مايحدث عادة بين أي زوجين دون أن يقدم أية ايضاحات أو تفاصيل. يستثني من ذلك فقط حالة مااذا كان الزوج مصاب بعجز أو قصور شبقي ففي هذه الحالة وجب على الزوجة اخبار أحد والديها على أن يقتصر التصريح بذلك عليهما وحدهما لكي يريا في هذا الأمر رأيهما . وإن ترتب على ذلك انفصال باتفاق وتراض وجب كتمان هذا السر وعدم اشاعته.
مايجب أيضا تغطيته وعدم الكشف عنه هو علاقات كل من الزوجين قبل الزواج. لايجب أن يسأل الزوج زوجته عن علاقاتها قبل الزواج به ولايجب أن تسأله أيضا عن علاقاته قبل الزواج بها. وإن سأل أحدهما وجب على الآخر أن لايخبره بشيء ويكتفي بالقول بأن حياته بدأت بعد الزواج وأنه نسي ماكان قبل الزواج ولايرغب في تذكره.وأنه اذا كان هذا الأمر يهمه وجب عليه أن يسأل عنه قبل الزواج وليس بعده.أما بعد الزواج فقد قضي الأمر وعليهما النظر الى المستقبل وليس التعلق بالماضي. إن المراوغة في الاجابة عن هذا السؤال أفضل من الإجابة الصريحة عنه حتي لوكان المسؤول من الزوجين لايجد في ماضيه مايشينه أو يسىء اليه أو أنه مارس حقا مشروعا له ليس من حق زوجه أو زوجته سؤاله عنه وأنما يحاسبه علي حاضره معه بعد أن جمعهما الله معا علي كتابه وسنة رسوله. وقد يكون في ماضي الزوجين ماستره الله عليه فلايحق لأي منهما فضحه. أما القول الشائع عن ضرورة المصارحة فإن ضرره أكثر من أي نفع له.
مايجب على الزوجين أيضا الحرص على حفظه وعدم الكشف عنه مايكون أحدهما قد أسر له به ولايجب أن يعرفه سواهما .
إن حفظ كل منهما للغيب بما حفظ الله يشمل ماسبق كله الي جانب حفظ كل منهما لعرضه في غيبة الآخر. فعلى هذا بايع الرجال والنساء رسول الله صالي الله عليه وسلم عن معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيعة الرجال قال: ثم دعا النساء ورسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا وعمر أسفل منه، يبايع النساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً»، وقال ابن حيان: كانت بيعة النساء في ثاني يوم الفتح على جبل الصفاء، بعد ما فرغ من بيعة الرجال، وهو على الصفا وعمر أسفل منه يبايعهن بأمره ويبلغهن عنه، قال الخضيري: هذا، ولما تمت بيعة الرجال بايعه النساء عدم الإشراك بالله،عدم السرقة،عدم قتل الأولاد، عدم الاتيان ببهتان، عدم المعصية في المعروف أي في كل أمر هو طاعة لله وإحسان إلى الناس ..وقد ورد نص بيعة النساء في كتاب الله على النحو الاتي: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن إنَّ الله غفور رحيم، نزلت يوم فتح مكة، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم بها النساء على الصفا بعد ما فرغ من بيعة الرجال على الإسلام والجهاد. وكان عمر بن الخطاب يبلغه عنهن وهو واقف أسفل منه. وهذه البيعات تلزمنا بنفس القدر الذى التزم به المسلمون الاوائل.
وحفظ العرض لايقتصر علي عدم اقتراف الزنا وانما يدخل ضمنه عدم السماح لغير المحارم بدخول بيت الزوجية في غياب الزوج .والمقصود الذكور بالنسبة للزوجة والاناث بالنسبة للزوج.ويشمل الحظر شقيق الزوج وزوج الأخت بالنسبة للزوجة مالم يكن مع شقيق الزوج زوجته أو أحد والديه وزوج الاخت زوجته. وكذلك أخت الزوجة وزوجة الاخ بالنسبة للزوج. وقد حرم ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال محذرا منه : الظئر الموت . أي أن استقبال أحد الزوجين ظئره في بيته في غياب زوجه وانفراده به هو الموت بعينه أو نظير للموت لأنه فد يترتب عليه الشك القاتل الذى يقطع الارحام ويفسد الحياة العائلية ويخرب أكثر من حياة زوجية.لا يجب لأحد الزوجين التذرع بوجوب الثقة فيه فالحرص على الثقة يقتضى عدم اتيان ماقد يتسبب في زعزعتها أو فقدانها ويتطلب النأى عن الشبهات. اذا جاء شقيق الزوج ومعه والده أو والدته أو أخته أو زوجته الي بيت أخيه في غيابه يمكن في هذه الحالة أن تسمح له زوجته بالدخول فالسماح هنا لمن معه وليس له تحديدا. ويجب عليه أيضا إن لم يجد أخاه أن يمتنع عن دخول البيت وحده ويستوى في ذلك عما اذا كانت زوجة أخيه ابنة عمه أو عمته أوخالته أو من عائلة أخرى.وبالتالي يشمل الحظر من هم أوهن ابعد قرابة ممن ذكر.
لايجب لأحد الزوجين أيضا أن يحاول معرفة مالايريد زوجه الكشف عنه ويتعلق بذمته المالية. فالاسلام أقر بأن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة وله أيضا حرية التصرف في ماله. وقد يكون للزوجة نشاط تجاري أو لها أملاك موروثة أو مكتسبة تديرها بنفسها أو لها حسابات بنكية وأوراق ومستندات تخص ذلك فلايحق للزوج أن يفتش فيها سواء في حضورها أو غيابها ليطلع علي محتوياتها بدون اذنها ورغبتها . صحيح أن زواجهما يجعلهما يشكلان كيانا واحدا ولكن ذلك لايعنى أن مال كل منهما صار بالزواج مشاعا بينهما الابماسمح به صاحب المال عن طواعية أو التزاما بحق أو واجب شرعي.ونفس الشيء لايحق للزوجة أن تفتش في أوراق زوجها أو أن تفتح رسالة واردة من البنك أو من غيره باسم زوجها.
خارج نطاق الذمة المالية ، لاتوجد خصوصيا لآحد الزوجين , ولكن لايجد أن يصدر من أحدهما مايخل بالاحترام المتبادل بينهما والثقة المتبادلة والواجب احترامها أيضا.
لقد تصادف وجودى في أحد المقاهي بالرباط وكان يجلس حول المنضدة المجاورة شاب غاضب وأمامه فتاة جميلة في مقتبل العمر تسيل الدموع من مقلتي عينيها على خديها الموردين , وبينهما جلست سيدة أكبر منهما سنا قد تكون أخته أو أختها ، كان صوت الفتاة الباكية خافتا لايكاد يسمع أما صوت الشاب فكان مسموعا. وقد تبين من كلامه أن الفتاة زوجته وأنهما حديثا العهد بالزواج وقد عمد بوقاحة متناهية الي فتح حقيبتها وافراغ مافيها وتفتيش جيوبها وراح يفتش أيضا فى هاتفها عن ماسجلته من ارقام فيه ولما اعترضت ثار عليها فغادرت البيت الى بيت أهلها. لم يجد الشاب في حقيبتها أو في هاتفها مايمكن له أن يؤاخذها عليه . وقد جائت بها السيدة لتصالحها عليه.لم يعتذر الشاب لزوجته أو يعتذر لها عما بدر منه في حقها وإنما راح يدافع بصفاقة عن تصرفه معللا له بأنه كان يمارس حقه ليس كزوج وانما باعتباره هو الذى اشترى لها الحقيبة والهاتف وانها هي وحقيبتها وهاتفها ملك له ومن حقه أن يتصرف في ملكه كماشاء. كانت الفتاة غير مقتنعة بمايقوله والسيدة الوسيطة تغمز لها أن تصمت حتى نتجح وساطتها بينما الشاب يواصل التمادى في أهانتها واذلالها ولايرحم دموعاها وانكسارها وهي معه في مكان عام.
بالتأكيد ليس من حق أى من الزوجين أن يخفي على شريك حياته أمرا ولكن أيضا ليس من حق أحدهما أن يحاول كشف مايتوهم أن الأخر يخفيه عنه وإظهار شكه فيه بدون مبرر ففي ذلك اخلال بالاحترام المتبادل الواجب أن يظلل حياتهما الزوجية ولايجد أيضا علي أحدهما أن يمن على الاخر بما اشتراه له وصار ملكا خاصا له.
مايلزم كشفه مطلقا :
ثمة مثل مصرى يقول : " الحجر الخفي يكسر سلاح المحراث" وأكثر ماينطبق عليه هذا المثل هو الحياة الزوجية ـاذ هناك أمور لايجب علي أجد الزوجين أن يفعلها في الحفاء بدون علم شريك حياته وانما أن تكون مكشوفة له وفي النور طول الوقت.منها التواصل عبر الماسينجر أو الشات في شبكة الانترنيت مع أغراب . دوافع وأسباب الاقبال علي الشات فيها ماهو ايجابي وفيها ماهو سلبي . مما هو ايجابي السعي لتبادل المعارف والخبرات وأيضا الحاجة الي تحقيق الراحة النفسية والمحافظة على الصحة النفسية لمن تكون دوافعه نفسيه حتى ولم يكن واعيا بها. ومنها بحث الفتاة الغير متزوجة عن زوج مناسب لها وهو يمثل رغبة مشروعة وإن وجب عليها الالتزام بالحذر وعدم الاندفاع في علاقات قد لاتكون في صالحها.وهناك طائفة واسعة من ممارسات الشات الضارة بأصحابها ومن ذلك أن يدمن عليه المراهقون والمراهقات فيهملون دروسهم ويفشلون فى دراساتهم. وقد تتشابكك الرغبة في الحصول علي المعرفة وتبادل الخبرات مع دواقع نفسية واضح’ أو خفية.
من ذلك مثلا تتواصل زوجتي مع عجوز نرويجي ميسور الحال يبلغ من العمر 85 عاما ومهتم بالروحانيات وتدخل معه في جدل بالانجليزية حولها. ولوأنه يساورني شك في أنها ربما تطمع في أن يتذكرها عندما يكتب وصيته فترث شيئا من ثروته وتغتني وتعايرني بصداقتي للفقر التي توثقت به منذ تعرفت عليه قبل سنوات وارتاح الي وقنعت به.
بدورى ربطت اتصالا بفتاتين تقيمان في مدينة الاسكندرية المصرية واحدة منهما متزوجة. وأشعر بالفرحة وتغمرني السعادة كلما اتصلت بي احداهن وخاطبتنى بكلمة : "بابا فوزي". في المغرب هنا لايعلمون أولادهم احترام كبار السن . أبلغ من العمر سبعين عاما ولايتردد طقل في العاشرة أو شاب لم يبلغ الثلاثين من عمره أن ينادينى باسمي مجردا بلا: ياعم أو ياخال أو ياأبي أو ياحاج أو ياأستاذ. المثقفون الكبار في السن فقط الذين يسبق خطابهم لي عادة كلمة :استاذ. فتاة مغربية واحدةحصلت علي الدكتوراه في العلوم السياسية مؤخرا أحببتها حبي لابنتي لسبب واحد ربما ، هو مناداتها لي بياعم أو علي وجه الدقة بأونكل فوزي. وهي نفس المحبة التى أحملها للفتاتين في الاسكندرية اللتين أعتبرهما كأنهما بناتي من صلبي وأعز.
مأأريد توصيله لكل من يقرأ هذه الكلمات من الشبان والشابات هو أنه لايجب للشاب المتزوج أن يربط اتصالا بامرأة حتي لوكانت عجوزا وتقيم في اخر الدنيا دون علم زوجته ، ولا الشابة المتزوجة أن تربط اتصالا برجل ولوكان عجوزا ويقيم في أخر الدنيا دون علم زوجها. بل ويجب كل منهما أن يطلع الاخر علي مضمون هذه الاتصالات وأن يمارسها في وجوده وتحت عينه ماأمكن.
هذا العمل على المكشوف هو الذي يمكنه المحافظى علي العلاقة الزوجية ويحميها من أي هزات تصيب استقرارها. على الزوجين معا أن يتذكرا دائما المثل المصري الذى سبق ذكره وهو :" الحجر الخفي يكسر سلاح المحراث" حتى يحافظان على سلاح المحراث في حياتهما الزوجية فلا يتحطم.
فوزي منصور
fawzym2@gmail.com
Tuesday, July 24, 2007
الحياة الزوجية الطيبة
الحياة الزوجيةالطيبة
تقاسم الحياة المشتركة :
الحياة الزوجية يمكن أن تكون مشبعة بالمتعة دون أن تفتصر المتعة فيها علي العلاقة الشبقية التي تستغرق سوى دقائق كل يوم أو ليلة أو بضعةأيام رغم أهميتها الكبيرة والمحورية ، وانما المتعة في الحياة الزوجية يمكن أن تتخذ صورا كثيرة لاعد ولاحصر لها مما أحله الله ويسره.
لله لم يخلق آدم وحواء لكي يكونا مثل ثور وبقرة معلقان في ساقية طوال النهارفما أن يبلغا مشارف الليل حتي يسقطان متهالكين من العناء والشقاء مثل الجثث الهامدة.
ولم يخلقهما أيضا لكي يلقي الرجل بعجزه علي أرصفة المقاهي طوال النهار وشطر من الليل بينما تدور المرأة علي بيوت جيرانها معمرة مجالس الغيبة والنميمة والثرثرة التافهة سابحة في مستنقعات الافك والتفاهات.
لقد خلق الله الذكر والأنثي لكي يعيشا معا حياة مشتركة يتقاسمان فيه أعمالا وأنشطة يبذل فيها حهدا أقل مقابل منفعة كبيرة متحققة لهما ومتعة أيضا ولاتحرمهما من باقي متع الحياة وزينتها التي أحلها الله لعباده خالصة للمؤمنين والمؤمنات منهم أي لايشوبها سوء أو سوء أو أذي . وجعل كل منهما للاخر سكناوفراشا وحرثا في ظل ماأنعم عليهما به من تواد وتراحم. ومعنى المساكنة أن تهدأ نفس كل منهما وتهنأ بقرب الاخر منه وهو يعاشره بالمعروف أي بما يرضيه ويسعده . وتفقد هذه المساكنة جل معانيها وفوائدها اذا كان كل منهما مكدودا وعن زوجه مشغولاأو همته نفسه وأنسته انسانيته . وفي غياب المساكنة الحقة تذبل المودة وتقسو القلوب ، وتضيع الرحمة , ويحدث الشقاق فيتلاشى معه المعروف وتنتهي العلاقة الزوجية الي مصير تعس محتوم.
التساكن والتشارك:
لذا فان التوحد بين الزوجين الذي يخرج التساكن من مشكاته، ويجعل كل من الزوجين لباس للاخر هو أساس العلاقة الزوجية وهو الذي يجعلها متينة وصامدة في مواجهة المحن والمصاعب وهو أيضا مصدر صلاحها وانفراط عقده يفتح كل أبواب الشر ووثافة عقده هي مصدر الخير والامن والسلام في الحياة الزوجية والذي يفيض عنها ليشمل الحياة الاجتماعية كلها لذا ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله :" خيركم ...خيركم لأهله" .وأن تروى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سابقت الرسول في الجرى فسبقته وعندما زاد وزنها سابقته فسبقها وقال لها :"هذه بتلك" . وأن زوجاته كن يقتحمن عليه خلوته أثناء اعتكافه بالمسجد للعبادة فيسامرنه ساعة ويقطعن عليه عبادته ويقمن فيقوم معهن يوصلهن ، أو أن يقول لجابر مازحا معه : هلا بكرا تلاعبك وتلاعبها ، ولاتجتمع الجدية والملاعبة في وقت واحد الا في الحياة الزوجية الطيبة.
ولاتتحقق المتعة والراحة النفسية في الحياة الزوجية الطيبة بغير المجالسة والمؤانسة والمضاحكة والملاعبة وأضفاء أجواء من الجمال والمرح والشاعرية علي البيت وكذلك بالصحبة والمشاركة والتواصل في العيش والطعام والفراش .وأن يتجمل كل منهما للآخر ويبدى له زينته ، ويقول له ويفعل معه مايسعده ويجعله هانئا راضيا بما في ذلك الاستعانة بالغناء والموسيقى والرقص وبث العطور واطلاق البخور ذى الرائحة الزكية وكل مايحقق لهما البهجة والفرح ويزيد من تمتعهما بحياتهما الزوجية المشتركة.
أهمية الجمال والفطرة:
والذين يدعون أن الموسيقى والغناء والرقص والتمثيل والتصوير وغيرها من الفنون الاستعراضية أو الجميلة من عمل الشيطان لاأراهم ينطقون الابلسان الشيطان نفسه الذي لايريد أن يرى الانسان مبتهجا وراضيا عن حياته لكي يجد طريقه ميسرا اليه.
إن تجريد الحياة الزوجية من بهائها وجمالها ومتعتها أو تجميد أو تحييد أوتحديدأو تقييد التواصل بداخلها ، والتضييق عليها ، والتجهم فيها بدعوى الأدب والوقار والاحتشام والتقوى ، ماهو الا تنطع وجهالة وافساد وتخريب لها، وماينطبق على الأسرة ينطبق أيضا على المجتمع الذي يفترض فيه أن يكون بمثابة أسرة كبيرة في كل مالايعد من خصوصيات الحياة الزوجية في الأسرة وايضا بشرط هو عدم المبالغة والإفراط الى حد الابتذال أو الانسياق التام الى اللهو والعبث والاباحية أو السعي لنشر قيم وعادات فاسدة في صفوف الشباب ، وأن تتم جميع التصرفات في حدود ماتقتضيه القيم الجمالية والأخلاقية معا بدون جمود أو تزمت وانما في حدود الاعتدال الذي يطبع العقيدة الاسلامية وتتسم به , وفي حدود معايير جديدة للآدب والاحترام غير مبالغ فيها . فمايريد الله أن يجعل لنا في الدين من حرج ولكن يريد أن يطهرنا ويتم علينا نعمته لعلنا نكون من الشاكرين.
أننا مثل باقي شعوب القارة الأفريقية التي ننتمي اليها ، قد حبانا الله بطبيعة ساحرة زاخرة بصنوف الفتنة والجمال ، وجنات أرضية تجرى من تحتها الأنهار، ولاعجب إن تأثرنا مثل أبائنا
وأجدادنا بالطبيعة وتعلمنا منها ، وتوافقنا معها ، واندمجنا فيها. وأصبحت نفوسنا تواقة للجمال في كافة تجلياته ومغرمة بماتدركه حواسنا من بصر وسمع ووجدان ، ومشوقة ومتجاوبة مع أشجي وأعذب الألحان . لقد كانت شعوبنا الأفريقية أول من استعمل الطبول والابواق والقيثارة والناى والمزماروالدف. ومازالت شعوبنا السوداء حتى اليوم تتراقص علي أنغامها . ومن بلادنا خرجت تراتيل الصلوات في المعابد والكنائس بأنغامها وايقاعاتها الباقية حتى اليوم. إن تجريدنا من أصالتنا وانتزاعنا من تأثيرات البيئة الطبيعية لدينا ، ومسخ شخصيتنا بتبني قيم وعادات البادية العربية باسم الاسلام والاسلام منها براء ، هو افساد لحياتنا وقطع لروابط بامكانها أن تجمعنا من جديد بأخوتنا من الأفارقة جنوب الصحراء الذي بات جليا أنه لامستقبل لنا ولهم وللاسلام مالم نتحد معا.
لهذا وجب علينا مراجعة كافة مفاهيمنا والموروثات في ثقافتنا خاصة الدينية منها التى صاغها بشر من السلف وتقاليدنا وعادتنا تليدها ومحدثاتها ، سواء التي تسربت لنا من أعراب البداوة مثل بني هلال وبني سليم وغيرهم أو من لدن الأتراك العثمانيين أو من قبل المستعمرين الفرنسييين.فإن أصالتنا الحقيقية ليست في المحافظة علي ماهو قائم رغم فساده ومجافاته لفطرتنا وانما التخلص منه جملة وإبداله بماهو أزكي وأقوم رشدا.
وعندمانعيد صياغة علاقاتنا الزوجية وفقا للقيم الجديدة التى تفرزها وتبرزها الثورة المعرفية التي نحتاجها لانقاذنا مما نحن فيه ومن أسوء منه ينتظرنا لوظلت أحوالنا على ماهي عليه دون تغيير، هذه الصياغة الجديدة، وأي صياغة لباقي العلاقات الاجتماعية ، يجب أن نستلهم فيها أجمل مافي الطبيعة من حولنا. وسنكتشف عندئذ أننا في ذلك نطبق تعاليم الاسلام حسب جوهرها ومقاصدها ، وحيث أفضل وصف للإنسان أنه دين الفطرة.
ولو أن الزوجين في علاقتهما الشبقية سلك الرجل مع امرأته مسلك ذكر الحمام الذي يظل يداعب أنثاه حول عنقها ورأسها ويدغدغ بمنقاره ولمساته مشاعرها قبل أن تسمح له بالوصل ، ولوأن المرأة اتبعت سبيل اللبؤة ومسلكها مع الأسد في سعيها لإغوائه وإثارته قبل أن تستسلم له وتستجيب له ويواقعها، لوجد كل منهما في النهاية أن مااستوحياه من الطبيعة هو بذاته مايعنيه الرسول من قوله :"تلاعبها وتلاعبك" أو قوله : " فليقدم لنفسه" أن هو ماكان يوصي به الرسول أمته التي تأتم به وليس بسواه لكي يتحقق للأزواج فيها أكبر قدر من المتعة في حياتهم الزوجية.
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي الرجال بأن يقدموا لأنفسهم عند مباشرتهم زوجاتهم بالملاطفة والملامسة والقبلات ، وماينطبق على الرجال ينطبق علي النساء لقوله تعالى :" ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة " وفي هذه الحالة يكون الرجال مطالبين بأكثر مما هو مطلوب من نسائهم.
العلاقة الزوجية اذا سبقها هوى جامح ومشاعر عاطفية ثائرة حارة، وشوق شديد للوصال الشبقي والارتواء من متعته ، طغت عليها في بدايتها مظاهر العشق المتبادل . هذا العشق قد يمتد أمدا طويلا. ولكنه يظل رهين توفر ظروف خاصة تسمح به وأحيانا لاتتوفر فتهدأ حرارته وتستقر العلاقة عند حد من المودة والمحبة الهادئة الفاقدة لحرارتها وشبقيتها الأولى بسبب تغييرات طارئة فسيولوجية أو سيكلوجية تحدث لأحد الزوجين أو كليهمامعا. وتظل حرارة العلاقة قابلة للتصاعد أو التدني أو الثبات أو متأرجحة بين حد أدنى مقبول أو حد أقصي مأمول، حسب سلوك الزوجين وأحوالهما دون أن يشكل ذلك خطرا علي استقرار حياتهما الزوجية.
لايمنع ذلك بأن على الزوجين أن يبذلا جهدا مشتركا دائما لكي تظل حرارة علاقتهما وحيويتها عند أفضل مستوى ممكن الوصول اليه من خلال ظروفهما المتغيرة. وهذا الجهد لايؤتي أكله مابذل من أحدهما منفردا، لأن طبيعة العلاقة الزوجية المتحدة والتشاركية لاتتقبل الفردانية.
الايثار والأثرة:
إن من متطلبات الوحدة الزوجية أن يتنافس الزوجان في الايثار والبذل والعطاء ويتفانيان فيه لأن ذلك هو الذي يذكي حبهما وينزع الأثرة والشح من نفوسهما عن طريق التسامي بهما . لكن المشكلة أحيانا أن يكون أحدهما قد تحكمت فيه نزعة الأنانية وعوض أن يلجأ الي التسامي بها يقوم باسقاطها على الأخر فيتهم الزوج زوجته بها أو تتهم الزوجة زوجها بها وهو وهي في الواقع يدرآن ويخفيان مايعيبهما ويجب عليهما التخلص منه. وعوض ذلك يتهم الاخر لمافيه ويفسر كل تصرف له بأنه دليل أنانية وايثار للنفس وانغلاق عليها ومهما حاول الآخر التقرب اليه وبذل من عطاء وتودد ظل أسير أوهامه مما يفسد الحياة الزوجية ويزلزل أركانها باستمرار حتي يهدمها في النهاية. هذه الحالة يمكن إدراجها ضمن "البارانويا" التي يسببها في الغالب شعور قديم بالاضطهاد يتحول الى أوهام ثابتة يبحث المصاب بها بشكل متواصل عن عن مبررات تحول أوهامه الي حقائق وإن لم تكن قابلة للآثبات أذ تظل فاقدة أي برهان يتوسل بالمنطق لاكتساب مصداقيته. ولوأنه اذا تم استعمال المنطق انطلاقا من فرضية خاطئة تم التوصل به الى نتيجة خاطئة مقنعة لصاحبه ويحاول اقناع الغير بقناعته ومريض البارانويا لاينقصه الذكاء الذي يستغله في خداع نفسه والغير. ويدخل أيضا ضمن مسببات البارانويا الى جانب الشعور بالاضطهاد عجز المريض بها عن تحقيق طموحات تتجاوز قدراته وامكاناته أو عول على ظروف تمكنه من تحقيقها فلم توفر له تلك الظروف ذلك.خاصة اذا كان ثمة ارتباط بين هذه الطموحات التي لم تتحقق والزواج في مخيلته على نحو ما. والأنانية التي يتوهمها المريض بالبارانويا في شريك حياته قد لاتشكل خطرا على استمرار الحياة الزوجية إن وجدت تفهما من الجانب الأخر وصبرا عليهاواحتمالا لها ولكنها بكل تأكيد سوف تفقد الحياة الزوجية وهجها وحرارتها ومتعها ومسراتها وستمضى باردة وجافة ويعيش فيها الزوجان تحت سقف واحد ولكانهما مجرد جارين أو غريبين يتقاسمان مسكنا. ولو أن مريض البارانويا انصاع لسلطة الدين وتعاليمه وأحكامه كسلطة عليا تحكم علاقته الزوجية بصرف النظر عن أوهامه لآمكنه أن يبرأ من مرضه وأن ينقذ حياته الزوجية مماأصابها ويعيد النضرة الى وجهها.
العدل في التعامل بين الزوجين:
يأمر الله بالعدل في العديد من الايات ويدين الظلم ويقبحه ويحرمه على المؤمنين ويعد العدل بذلك من المقاصد الكلية أو الضرورية وحفظه مثل حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل ان لم يكن مقدما عليها وهومثلها من الآمانات التي أؤتمن الانسان عليها والأمانة هي أم المقاصد الكلية والضرورية أيضا. يقول الله تعالي: " إن الله يأمر بالعدل والاحسان" ويقول: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" .وفي سورة النساء تأتي آية تقرر استحالة العدل بين النساء في حالة التعدد إضافة الي الآية السابقة الذكر ولاحقة بها تقول :" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلاتميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة . وإن تصلحوا وتتقوا فان الله كان غفورا رحيما. وإن يتفرقا يغن الله كل من سعته . وكان الله واسعا حكيما" (النساء 130) . فتؤكد الاية أن ميل الرجل لامرأة واحدة وتوحده معها غريزة فطرية لايستطيع مقاومتها ، وبالتالي لايستطيع أن يكون عادلا مع نساء أخريات يتزوجهن معها. واذا كان كل هذا الحرص علي العدل بين الزوجات فبالاحري يكون العدل مطلوبا من الزوجة الواحدة. واذ أن النساء عليهن مثل ماعلي الرجال بالمعروف كما ورد أيضا في كتاب الله ، فإن علي الزوجة أن تكون عادلة أيضا في معاملتها لزوجها واذ يأمر الله بالعدل والاحسان معا فان علي كل من الزوجين أن يكون عادلا ومحسنا في معاملته لزوجه. واذ الظلم أسوء عند الله من الطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله فان الآفضل للزوجين إن تعذر عليهما إقامة العدل في علاقتهما الزوجية أن يتفرقا، وإن كانت حاجة أحدهما للآخر ترتبط بالرزق فان الله هو الرزاق وهو المتكفل في هذه الحالة بالمتضرر ويغنيه من سعته سواء لم يتزوج أو أبدله الله بزوج خير ممن ترك.
تفادي مشكلات العلاقة الزوجية:
يقول الدكتورأحمد عبدالله وهو يقدم النصح للزوجين لتفادي المشكلات في العلاقة الزوجية" محددا لها في العناوين التالية :
- سياسة حافة الهاوية: لا يوجد في العلاقات الإنسانية بين البشر بصورة عامة وبين الزوجين بصورة خاصة قرارات نهائية قاطعة تستخدم فيها لغة "لقد رفضت رفضا قطعيا".. أو "لقد طلبت الطلاق إذا لم أستجب لطلبها.. فالوصول بالأمور إلى حافة الهاوية هو وسيلة للتفاوض والضغط بين الدول، أو للتعامل بين الأفراد في القضايا الاقتصادية أو غيرها، ولكن لا تصلح أساسا للعلاقة بين زوجين تقوم حياتهما على التفاهم والحوار في كل أمر من أمور حياتهما.
- "إذا كنت تدركين أن الخلل منك، فشمري عن ساعد الجد لتغيير نفسك، وصدق الله العظيم حيث قال: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
- بداية التغيير: "وقفة مع النفس تحددين فيها وبدقة عيوبك الشخصية، وضعيها في جدول حسب خطورتها وحسب تأثيرها على علاقتكما، ثم ضعي خطة تدريبية للتخلص من كل عيب على حدة، وكافئي نفسك -بما تحبينه من طعام أو حلوى أو غير ذلك- عن كل مرة تنجحين في تجنب السقوط في هذا الخطأ. فإذا سقطت فيه فهذبي نفسك بصدقة أو صيام أو غير ذلك، وعندما تتخلصين من هذا العيب انتقلي إلى العيب الذي يليه في القائمة، وهكذا حتى تتخلصي من كل العيوب التي تهدد حياتك الزوجية".
- اطلب عون شريكك: "حددي كل ما يضايقك من زوجك ويدفعك لهذه التصرفات التي ترفضينها، ثم انتهزي لحظات الصفاء، واعتذري له عن سوء معاملتك السابقة، واطلبي منه الصفح والغفران، وأخبريه أنك تجاهدين نفسك، وتحاولين أن تصلحي من أمرها لأجله ولأجل حبكما ولأجل طفلتكما. أعلميه أنك تحتاجين عونه ومساندته لك وذلك بتجنب ما يثيرك قدر المستطاع، واطلبي منه أن يهدي إليك عيوبك من وجهة نظره حتى تتجنبيها؛ لأنك تحبين رضاه، وتأملين أن تكوني في أبهى صورة في عيني
في علاقات الحب بين الزوجين:
لو أن أحد الأطراف كان دائم الإصرار على رأيه حتما ستفشل الزيجة؛ ولو أن أحدهما أيضا كان دائما متنازلا عن التعبير عن مشاعره وآرائه وأفكاره حتما أيضا ستمرض العلاقة بينهما.. العلاقة الصحية لا تقبل أن يكون بها ضحية ولو باختياره.. الوضع الصحي يحدث إذا تعلمنا كيف نعبر عن مشاعرنا وآرائنا وأفكارنا بلا خوف، وكيف نستمع (بالقلب والعقل) لمشاعر الآخر وأفكاره.. بعد هذه المرحلة من الوضوح يجيء التفاهم بشأن الاختيارات التي ترضينا معا، أو على الأقل التفاهم بشأن التنازل الضروري لهذا الموقف.. لو أننا على ثقة بعدم جور الآخر، ولو أننا أيضا على ثقة بأن المواقف دولة بيننا، مرة أختار أن أعطي ومرة أختار أن آخذ..
هناك ايضا نصائح طريفة وجدتها في الانترنيت عند ما تأملتها وجدتها ذات تأثير مهم في تمتين العلاقات الزوجية وضمان استمرار احتفاظها بحرارتها مثل:
- إن اللفتات البسيطة وكلمات الاهتمام لها تأثير كبير. تبادل القبلات والأحضان عند مغادرة المنزل كل صباح تحدث فرقاً كبيراً. أيضاً كلمة "أنا أحبك" لها نفس التأثير. يمكن كذلك ترك رسالة بجانب الفراش أو إرسال رسالة ظريفة من التليفون المحمول أثناء اليوم. إذا كان زوجك عائداً من السفر، يمكنك تعليق لافتة على باب البيت مكتوب عليها : "مرحباً بك فى بيتك". عندما يبدأ كل منكما فى التفكير، سيجد الكثير من الطرق البسيطة لإظهار اهتمامه بالآخر.
- إاقضيا ولو ساعة واحدة كل مساء بمفردكما، للتحدث، لاستعادة ذكرياتكما الجميلة، أو لعمل شئ تستمتعان به أنتما الاثنان. لو لزم الأمر، اجعلا أطفالكما يذهبون إلى النوم مبكراً بعض الشئ – فسيحصلون بذلك على قسط أكبر من الراحة، وستحصلان أنتما على فرصة لتكونان بمفردكما.
- قوما سوياً من حين لآخر بترتيب أمسية خاصة بكما. اطلبا من شخص تثقان به أن يقوم برعاية أطفالكما بينما تستمتعان بتناول عشاء رومانسى معاً فى مطعم ظريف أو حتى فى البيت. امنحى زوجك اهتمامك الكامل خلال هذا الوقت، فلا يعكر الحالة المزاجية مثل قول: "سأقوم بالاتصال للاطمئنان على الأطفال."
مهما بذلتما من جهد فى النواحى الرومانسية، فمسألة التقارب بينكما لا تقل أهمية. إن العلاقة الحميمة بين الزوجين تساعد على إبقائهما قريبين. قد يكون التفكير فى هذا الموضوع صعباً وأنت تنظرين إلى جورب زوجك الملقى على الأرض (أو سماع زوجتك وهى تشكو من إلقاء جوربك على الأرض).
لكن حاولا أن تتذكرا ما الذى جعل كل منكما يحب الآخر فى البداية، ثم قوما بتلميحات بسيطة وحاولا خلق الجو اللائق. أما كيفية خلق هذا الجو، فهو اختيار شخصى. يمكنك على سبيل المثال ارتداء ملابس معينة، أو وضع بارفان يحبه زوجك، أو إضاءة بعض الشموع.
قد يفكر أى منكما أنه ليس لديه الوقت أو الرغبة أو الطاقة الرومانسية، لكن الجهد الذى ستبذلانه فى حياتكما الزوجية هو استثمار ستجنيان ثماره فيما بعد. إن الرومانسية تجعل "النصف الآخر" يشعر بأنه محبوب وله مكانة خاصة. حتى ولو لم يستجب الطرف الآخر سريعاً وبنفس القوة، فسيستجيب فى النهاية.
بعد سنين من عدم تحلى أحد الأزواج بالرومانسية، قرر أن يحسن أسلوبه مع زوجته، وقضى بضع شهور يحرص على اللفتات والتصرفات التى تظهر اهتمامه بها، ولكن لم تكن ردود أفعال الزوجة مشجعة فى البداية. لكنه استمر فى ذلك حتى بدأت علاقتهما فى التحسن. الآن هما يخصصان ثلاث ليال من كل أسبوع للاستمتاع بالقيام ببعض الأشياء معاً. ستثمر مجهوداتكما فى النهاية، فلا تيأسا سريعاً.
-تجنبي سؤاله عن سبب تأخره فى العمل وعدم اتصاله. يمكنك إثارة هذا الموضوع فى وقت لاحق، ولكن من الأفضل ألا ترهقيه بالأسئلة فور وصوله. بعد عودته إلى المنزل بعد يوم طويل مرهق، سيقدر ترحيبك به وإعطاءه الفرصة للاسترخاء. هذا ينطبق أيضاً على الأزواج المتزوجين من سيدات عاملات. لا تبدأ باستجوابها فور دخولها إلى المنزل.
- تجنبي لتحدث عن المشاكل أول ما تريان بعضكما فى المساء. إذا أصبحت هذه عادة عندكما، فلن يتطلع أى منكما إلى لقاء الآخر أو حتى العودة إلى البيت. مرة أخرى تناقشا فى هذه الأمور فيما بعد.
- تفادى تجاهلك لها عند عودتك من العمل. قراءتك للجرائد، أو فتح التليفزيون، أو الانشغال بالحديث فى التليفون لوقت طويل. قد تكون مرهقاً. لكن ترحيبك بها بلطف وقضاء بضع دقائق لسؤالها عن يومها سيشعرها أنها محبوبة.
-تفادي أيضا توجيهالانتقادات بشكل مبالغ فيه. ابحثا عن طريقة لطيفة للتعبير عن ملاحظتكما. فالمداومة على قول، "كان يجب أن تفعلى – أو تفعل – هذا" أو "لماذا لا تفعلى – أو تفعل – ذلك" يجعل الطرف الآخر فى حالة دفاع وغضب مستمر.
ويضاف الي ذلك مانشره موقع وافي الجزائري:
. تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية ، فوردة توضع على مخدة الفراش قبل النوم ، لها سحرها العجيب ، وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال ، والرجل حين يدفع ثمن الهدية ، فإنه يسترد هذا الثمن إشراقًا في وجه زوجته ، وابتسامة حلوة على شفتيها ، وكلمة ثناء على حسن اختيارها ، ورقة وبهجة تشيع في أرجاء البيت ، وعلى الزوجة أن تحرص على إهداء زوجها أيضًا .
2. تخصيص وقت للجلوس معًا والإنصات بتلهف واهتمام للمتكلم ، وقد تعجَّب بعض الشرّاح لحديث أم زرع من إنصات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة الطويل وهي تروي القصة .
3. النظرات التي تنم عن الحب والإعجاب ، فالمشاعر بين الزوجين لا يتم تبادلها عن طريق أداء الواجبات الرسمية ، أو حتى عن طريق تبادل كلمات المودة فقط ، بل كثير منها يتم عبر إشارات غير لفظية من خلال تعبيرة الوجه ، ونبرة الصوت ، ونظرات العيون ، فكل هذه من وسائل الإشباع العاطفي والنفسي ، فهل يتعلّم الزوجان فن لغة العيون ؟ وفن لغة نبرات الصوت وفن تعبيرات الوجه ، فكم للغة العيون مثلاً من سحر على القلوب ؟ . 4. التحية الحارة والوداع عند الدخول والخروج ، وعند السفر والقدوم ، وعبر الهاتف .
5. الثناء على الزوجة ، وإشعارها بالغيرة المعتدلة عليها ، وعدم مقارنتها بغيرها .
6. الاشتراك معًا في عمل بعض الأشياء الخفيفة كالتخطيط للمستقبل ، أو ترتيب المكتبة ، أو المساعدة في طبخة معينة سريعة ، أو الترتيب لشيء يخص الأولاد ، أو كتابة طلبات المنزل ، وغيرها من الأعمال الخفيفة ، والتي تكون سببًا للملاطفة والمضاحكة وبناء المودة .
7. الكلمة الطيبة ، والتعبير العاطفي بالكملات الدافئة والرقيقة كإعلان الحب للزوجة مثلاً ، وإشعارها بأنها نعمة من نعم الله عليه .
8. الجلسات الهادئة ، وجعل وقت للحوار والحديث ، يتخلله بعض المرح والضحك ، بعيدًا عن المشاكل ، وعن الأولاد وعن صراخهم وشجارهم ، وهذا له أثر كبير في الأُلفة والمحبة بين الزوجين .
9. التوازن في الإقبال والتمنع ، وهذه وسيلة مهمة ، فلا يُقبل على الآخر بدرجة مفرطة ، ولا يتمنع وينصرف عن صاحبه كليًا ، وقد نُهِيَ عن الميل الشديد في المودة ، وكثرة الإفراط في المحبة ، ويحتاج التمنع إلى فطنة وذكاء فلا إفراط ولا تفريط ، وفي الإفراط في الأمرين إعدام للشوق والمحبة ، وقد ينشأ عن هذا الكثير من المشاكل في الحياة الزوجية .
10. التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات بالذات ، كأن تمرض الزوجة ، أو تحمل فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية ، أو يتضايق الزوج لسبب ما ، فيحتاج إلى عطف معنوي ، وإلى من يقف بجانبه ، فالتألم لألم الآخر له أكبر الأثر في بناء المودة بين الزوجين ، وجعلهما أكثر قربًا ومحبة أحدهما للآخر .
(من شريط الشيخ إبراهيم الدويش )
:طرق القضاء علي الملل في الحياة الزوجية:
حياة يومية + وظيفة + سنوات تمضي + بعض الأطفال + متطلبات معيشية .. ويكون الناتج دائماً أيام أسبوع رتيبة تمضي دائماً في حوار متشابه بين الزوجين، يقاطع دائماً بعراك الصغار ونداءاتهم وطلباتهم، أو بمشاكل في المنزل أو نقص أحد الأغراض والحاجة للنزول مرة أخرى للشراء من الجمعية، هل كل ما سبق يبدو مألوفاً؟
إنه حتى مع عدم وجود أطفال فقد تنقضي أيام الأسبوع مع ضغوط وتشويش وتأخر في العمل، وقائمة من الأعمال التي تقتضي وجود كل منكما في مكان بعيد عن الآخر.
تريدان العودة للترابط والبعد عن الملل.. لكن الخطط الرومانسية القديمة ( أوراق الورد المنثورة على الطريق إلى باب غرفة النوم) لم تعد تجدي نفعاً في زحام وروتين أيام العمل الأسبوعية، إذن ماذا نفعل؟! الإجازة قد تفيد، ولكن لا يمكنكما ( ولا أنصحكما) أن تنتظرا حتى يوم الإجازة.. لأنه إلى أن تأتي الإجازة ستكون الحياة قد امتلأت بالملل والابتعاد، كل ما تحتاجانه هو تقارب يومي أكثر، ولكي تحصلا عليه لابد أن تتمسكا بقوة بالمفهوم العام للمودة بعيداً عن الإثارة، لأنها لن تستمر تدعم الحياة الجنسية، خصوصاً مع مرور السنين.. هذا ما ذكره د. ودني هيربرت مؤلف كتاب دليل الزوجين للتعامل مع سنة أولى للزواج فيقول: ليالي أسبوع العمل يمكن أن تكثرا فيها من الهمسات اللطيفة تتساندان وتختلسان الدقائق كي تكونا على سجيتكما، أو حتى تتشاركا في هموم الكد اليومي من أجل متطلبات المعيشة.. كل هذا سيشيع روح الدفء ويطرد الملل.. ثم حتى إذا حل موعد الإجازة في نهاية الأسبوع يكون لديكما رصيد مرتفع من الألفة والسعادة.
وإليكما (11) طريقة للخروج من الملل منذ عودتكما أو أحدكما من العمل وحتى نهاية اليوم:
1- اتفقا على الالتقاء قبل العودة للمنزل، حتى ولو اضطر أحدكما لاتخاذ طريق غير طريقه المعتاد كي يمر على الآخر.. لكي يتركز اهتمام أحدكما بالآخر فقط، قبل أن تتحولا عند وصولكما إلى مهام أسرية أخرى ( الأمومة – الأبوة – الطبخ – إدارة شؤون المنزل).
2- في الأيام التي تصلان فيها إلى البيت منفصلان أو كان أحدكما يقضي يومه في المنزل، اجعلا دقائقكما الأولى معاً دافئة، فالطريقة التي تستقبلان فيها بعضكما البعض تصنع فرقاً كبيراً كما تقول سنثيا متشنيك مؤلفة كتاب هل تتزوجينني والتي تحدثت إلى مئات الأزواج عن كيفية الإبقاء على الرومانسية في حياتهم.
قاوما الرغبة في التنفيس عن أمور العمل، أو العلاج الذي كتبه الطبيب أو الأعمال المنزلية حتى يكون لديكما الفرصة لقول أنا أحبك أو أن تتعانقا مثلاً.
يمكن أيضاً عمل دراما عفوية، بأن يدق العائد من العمل جرس الباب مصطحباً معه حلوى من المخبز أو شريط فيديو جديد، أو وروداً كي يفاجئ بها شريك الحياة.. أما من كان في المنزل أولاً فليجعل الأطفال مثلاً يصنعون لوحة ترحيب بالعائد مما يشيع جواً من المرح والسعادة، مما يسهل مناقشة أي موضوع بعد ذلك. 3- خذ حماماً دافئاً مما يساعد على الاسترخاء معاً.
4- شكلا فريق عمل في المطبخ، كأن يعد الزوج السلطة مثلاً أو أي طبق يحبه ويجيده، وتقوم الزوجة بالطبخ ويتبادلان الحديث أثناء إعداد الطعام، مما يشيع جواً من التعاون والألفة والتذكير بأيام الزواج الأولى وبساطتها.
5- اطلبا الطعام من المطعم، وكلا في أطباق ورقية، واستغلا الوقت الذي توفر لديكما في الجلوس على الأرض واللعب مع الصغار فما أسرع ما تنسيان كم هم مسلون، وما أسرع ما ستتقاربان من خلالهم.
6- تصفحا ألبوم الصور واستغرقا في ذكريات زفافكما وشهر العسل، أو إجازتكما الأخيرة وفكرا معاً في إجازة قادمة.
7- ادعوا أصدقاء أقارب للعشاء أو لتناول الشاي، فعلى الرغم من أن ذلك يبدو عملاً إضافياً لكليكما، فإن معظم الأزواج يصر على أنه عمل مريح للنفس، طالما أنهم مقربون، فتشعران معهم بأنكما على طبيعتكما.. فإن ذلك يكسر الملل ويزيد التقارب بين الزوجين.
8- اقرأ أحدكما للآخر إذا كنتما في انتظار حادث سعيد مثلاً، فإن قراءة القصص، وكتب رعاية الأطفال تكون مناسبة، أو يمكنكما قراءة كتاب رومانسي أو ثقافي أو كوميدي، المهم هو الوقت الهادئ الذي تقضيانه معاً والتغلب على الملل والتكرار..
وإذا كان أحد الزوجين لا يميل لقراءة الكتب فيمكن المشاركة في الأفكار الرئيسية التي تشكل عصارة الكتاب الذي قرأه الشريك المحب للقراءة، بالإضافة إلى نبذات عما جاء في الجرائد من أخبار هامة أو أسطر لطيفة من زاوية قرأها أحدكما مما يعطيكما مادة خارجية تتحدثان حولها وتضحكان معاً.
9- العبا معاً.. فاللعب عنصر من عناصر التودد والغزل، وهو عنصر لا يوجد خلال أيام الأسبوع المملوءة بالقلق والضغوط.. ومن طرق استعادة هذا العنصر أن تمارسا معاً أي لعبة بعد العشاء، ولستما مضطرين للعب كل ليلة.. بل اختار يوماً من أيام الأسبوع ( أيام العمل) ثم إن عنصر المنافسة في اللعب يفتت التوتر الذي قد ينشأ بينكما لسبب أو لآخر.
10- مرة في الأسبوع أعدا عشاءً عائلياً مع وضع الأطفال في قائمة المدعوين حتى ولو تأخروا عن موعد نومهم، فكما يقول وندي هيربرت إن حفلة العشاء ستمنحكما وقتاً سعيداً، بالإضافة لتخفيف الضغوط عن ليالي الأسبوع الأخرى وستتمتعان بمشاعر طيبة.
11- تواعدا خلال أيام العمل ولا تهتما بمن يرتب الموعد وجربا اللقاء في ناد أو حديقة مرة كل أسبوع. وإذا كان لديكما أطفال فلابد من وجودأحد يرعاهم، وإذا تمكنتما من إيجاد من يرعى الأطفال فما رأيكما في إرسالهم في نزهة، ثم الانفراد معاً في المنزل، فقد تعودان لذكريات الخطط الرومانسية القديمة.
وفي موقع "لها" بالانترنيت تحدثت سيدة عن تجربتها في تجديد أواصر علاقتهاالزوجية مع زوجها بعد أن مضي عليها حين من الدهر كادت أن يصيبها البلي، فقالت:
قررت تحطيم ذلك الجدار بيديّ هاتين، كما سبق أن بنيته بإهمالي، وعدم مشاركتي لزوجي همومه ونجاحاته، أو أفكاره وطموحاته وتطلعاته، وعزمت جادة على تحطيم ذلك الجدار، وجعلت تغييري لنفسي نقطة البداية، وتذكرت الآية الكريمة:" إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..." (الرعد11)
لاحظ زوجي التغيير في منزلي وطريقة ترتيبه، وطعامي والأصناف التي أعدها له، ولاحظ أيضًا اهتمامي بهندامي وتجملي وتزيني له، وأجزم أيضًا أنه لاحظ الكلمات الحانية التي أقولها له، وتلك العطور التي تفوح من كل ركن من أركان المنزل..لاحظ ذلك كله، لكنه بقي على صمته وعدم مبالاته، وأضاف إليها نظرات ساخرة وكأنه يقول: لقد كبرت على هذه الأشياء، أو يقول: الآن بعد كل تلك السنين !.
أدركت في قرارة نفسي أنه لن يعود كل شيء كسابق عهده، وتعود الليالي الخوالي بهذه السرعة التي تمنيتها، ولكن لابد أن أتحمّل كل تلك النظرات الساخرة أحيانًا، والمتعجبة أحيانًا أخرى، وعرفت أن قلب زوجي مليء بمشاعر سلبية لا بد أن تخرج، وهي الآن تخرج بهذه العبارات الساخرة والنظرات المستفزة.
وعلى هذا الأساس عزمت على مواصلة المشوار حتى النهاية بالصبر والمثابرة، والوقوف بجانب زوجي، والسؤال عن أحواله في العمل، وتعبيري له عن مدى اشتياقي لرجوعه إلى المنزل، وإصراري على التحاور معه في كل ما يخصه ويخص حياتنا، وتأكيدي له أنه أهم وأكبر شيء في حياتي- بعد مرضاة الله U- وأنه كان وما زال على رأس أولوياتي واهتماماتي.
وأخيرًا تكلم.. ولكن بكلمات ملؤها العتاب واللوم على كل تلك السنين السابقة، وتغلبت على كل ذلك بمشاعر الحب والود والاعتراف بالتقصير .. وهكذا بدأت وزوجي صفحة جديدة من التواصل الفعال بعد أن نجحت في اختراق جدار الصمت الذي بنيته بيدي
23 نصيحة للزوجات:
بينما قدم موقع دانا com danah. 23 نصيحة كلها موجهة للزوجة لكي تبني وتحافظ علي العلاقة الزوجية ولكننا نلاحظ عدم توجيه نصائح مماثلة للرجل بينما العلاقة الزوجية علاقة بين كرفين متساويين في المسؤولية عن سلامتها. وهذه النصائح هي:
كوني سلسة في الحوار والنقاش وابتعدي عن الجدال والإصرار على الرأي.
- افهمي القوامة بمفهومها الشرعي الجميل والذي تحتاجه الطبيعة الأنثوية ولا تفهميها على أنها ظلم وإهدار لرأى المرأة .
- لا ترفعي صوتك خاصة في وجوده.
- احرصي أن تجتمعا سوياً على صلاة قيام الليل بين الحين والآخر فإنها تُضفي عليكما نوراً وسعادة ومودة وسكينة "ألا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".
- قفي بين يديه لحظة ارتداء ملابسه وخروجه.
- أشعريه بالرغبة في ارتداء ملابس معينة واختاري له ملابسه.
- لا تطلبي منه كلمة أسف أو اعتذار إلا إذا جاءت منه وحده ولشيء يحتاج اعتذاراً فعلاً.
- كوني كل ليلة عروساً له ولا تسبقيه إلى النوم إلا للضرورة.
- لا تنتظري مقابلاً لحسن معاملتك له فإن كثيراً من الأزواج ينشغل فلا يعبر عن مشاعره بدون قصد.
- كوني متفاعلة مع أحواله ولكن ابتعدي عن التكلف .
- استقبلي كل ما يأتي به إلى البيت من مأكل وأشياء أخرى بشكر وثناء عليه مهما كانت قيمتها المادية متواضعة.
- تذكري دائماً أن طاعة الزوج وسيلة تتقربين بها إلى الله تعالى .
- لا تتردي أو تتباطئي عندما يطلب منك شيئاً بل احرصي على تقديمه بحيوية ونشاط.
- احرصي على التجديد الدائم في كل شيء في المظهر والكلمة واستقبالك له.
- جددي في وضع أثاث البيت خاصة قبل عودته من السفر وأشعريه بأنك تقومين بهذا من أجل إسعاده ولكن لا داعي للتكاليف الباهظة .
- احرصي على حسن إدارة البيت وتنظيم الوقت وترتيب أولوياتك.
- تعلمي بعض المهارات النسائية بإتقان.
- أحرصي على أناقة البيت ونظافته وترتيبه حتى ولو لم يطلب منك ذلك مع الجمع بين الأناقة والبساطة.
- اضبطي مناخ البيت وفق قواعده هو، ولا تشعريه بالارتباك في أدائك للأمور المنـزلية.
- كوني قانعة واحرصي على عدم الإسراف حتى لا تتجاوز المصروفات الواردات.
- فاجئيه بحفل أسري جميل مع حسن اختيار الوقت الذي يناسبه هو.
- أشعريه باحتياجك دائماً لأخذ رأيه في الأشياء المهمة .لا تشتكي له من الأولاد لحظة عودته من الخارج أو قيامه من النوم أو على الطعام.
ومما لاشك فيه أن كل هذه النصائح مفيدة إن تم استيعابها والحرص على العمل بها وهي بالتأكيد خلاصة تجارب ذاتيه لمقدميها وهو مايزيد من قيمتها وأهميتها ، فهي علي مايبدو منها ليست مجرد تجميع ونقل من كتب أومقالات في صحف أو مجلات . ومع ذلك لايمكن استيعاب العلاقات الزوجية المثالية وتفهمها وضمان نجاحها بمجرد قراءة العديد من هذه النصائح والتوصيات. فالأمر يحتاج الي فهم أعمق لكل ماله صلة بالزواج والاسرة وبحيث يترسخ في الوعي ويحتاج الأمر أيضا الي إقامة الاسرة من البداية علي اختيار سليم وأسس قويمة.
كما يلاحظ أن معظم هذه النصائح كتبها في الغالب رجال يحددون فيها نوعية الزوجة التي يريدونها أو يحلمون بها بينما لاتتوفر كتابات نسائية توضح لنا ماذا تريد الزوجة من زوجها أو مواصفات الزوج الذي تحلم به وتريدها متوفرة فيه.
ألف ليلة وليلة:
المهتم بعلم النفس –وإن لم يكن متخصصا فيه – وقرأ قصص ألف ليلة وليلة قد ينتهى به الأمر الى القول بأن هذه القصص جمعتها وأعادت صياغتها جارية من أصل فارسي عاشت في العراق ومصر وترمز بشهر زاد الى أحلامها في العيش زوجة حرة وأم والى شهريار الى وطنها الأصلي الذي تعتبره وقد فرط فيها وألقى بها الى العبودية كأنه ذبحها هي وكل العذارى في الليلة الأولي التى افتض فيها النخاس أو المشترى الأول بكارتهن ، أما المجون الذى اشتملت عليه القصص فكان مطلوبا من الجوارى محرما على الحرائر في تلك الأزمنة. القصص المتفرقة أو االأساطير التى جمعت كانت ربما مما تسرى به الجوارى على ملآكهم من قبيل المؤانسة وعندما انتهت الجارية التى جمعتها ونظمتها في غقد واحد من كتابتها أعجب بها سيدها وأخذ المخطوط الي النساخ حيث تم تداولها وانتشارها دون أن يكون لها مؤلف معروف. هذه المجموعة من القصص استهدفت كاتبتها الدفاع عن المرأة. بدأت على لسان شهر زاد بتعداد ماهو شائع عن عيوب المرأة وكأنها لاتمانع من الاقرار بها ولكنها انتهت الى إظهار أنه رغم مايقال عن عيوبها فإن فضائلها أعظم وتجعلها جديرة بأن تكون عالية المقام والشأن عند زوجها وفي المجتمع. إن لم تخنى الذاكرة فقد كانت رسالة الدكتوراه للكاتبة أمينة السعيد حول المرأة في ألف ليلة وليلة ولكن ربما لم تنتبه الى أن كاتبة المجموعة القصصية لايمكن الا أن تكون امرأة. وقد فكرت فى أن أطلب من ابنة لي – أو علي الأصح في حكم ابنتى- وهي تدرس علم النفس ، وأعدت رسالة الماجيستير عن النساء المسنات ، أن تخصص رسالة الدكتوراه لتحليل قصص ألف ليلة وليلة انطلاقا من هذه الرؤية لها وتكون بذلك قد أنجزت عملا علميا غير مسبوق فى مجال تخصصها.
قصص ألف ليلة وليلة اذن يمكن تزيدنا فهما لتفكير المرأة ولما تريده من زوجها وتتمناه فيه وإن جاء في ثنايا المجموعة متفرقا وغير مباشر.
لقد انتهت مجموعة ألف ليلة باقرار شهريار بخطئه في حق النساء وظلمه لهن وشكر والد شهرزاد ، والتي تمثل هنا جميع النساء، على انجابه لها ..
Fawzy Mansour - fawzym2@gmail.com
Wednesday, July 18, 2007
نحن والكائنات اللآمرئية
يعتقد المتدينون في جميع الأديان بوجود كائنات لامرئية تشاركنا الحياة على الأرض.وتنقسم
تلك الكائنات الي ثلاثة أجناس هي:
أولا: الملائكة : وهي أحادية النوع لاتتزاوج أوتتناسل وتتكاثر. وهي أيضا تحيا دون حاجة الى طعام أوشراب. وتعتبر أجسام نورانية خلقت من النور الالهي واعتبرتها الديانات القديمة ذات طبيعة الهية ومكلفة من قبل الاله بوظائف ومهام يتم بها تنفيذ المشيئة الالهية مثل الحكمة
والطب والخصوبة وارسال الريح والسحب والبرق والرعد واسقاط المطر وغير ذلك .ولذانجد في تراثهم أحاديث عن آلهة الحكمة أو الجمال أوالخصوبة… .ومنهم من إعتبر النجوم والكواكب ملائكة واهتم برصد تحركاتها وكان ذلك سببا في ظهور علم الفلك وعلم التنجيم في قديم الزمن. والاعتقاد السائد حاليا في مختلف الآديان حول الملائكة هوأنهم لايتعاملون مع الانسان ، أو يتدخلون في حياته ، أو يشعرونه بوجودهم ، ولاينفعونه أو يضرونه ، وإن كان لهم مهام تتعلق به . فهم الذين يميتونه وينزعون روحه عن جسده ،وهم أيضاالذين يراقبون فعاله ويرصدون الحسن والسيئ منها ليتم حسابه على كل منهما فى عالم آخر. واحتفظ التراث الديني ببضعة أسماء آرامية للملائكة مثل جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل ولعل أهمها هو جبرائيل باعتباره الملاك المكلف بنقل الرسالات الإلهية الى الأنبياء والرسل .
وأنهم عباد الله مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم من خشيته مشفقون، يسبحونه الليل والنهار لا يفترون.
وفي صحيح مسلم عن عائشة أم المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خُلِقت الملائكة من نور، وخُلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"، وقد يتمثل الملك بأمر الله على هيئة بشر، كما في قصة مريم، وحديث جبريل حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، والإيمان والإحسان. أما صورته الحقيقية، فقد ذكر الله تعالى في القرآن أنه جعل من الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير. وقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام جبريل على صورته الحقيقية وله ستمائة جناح قد سد الأفق.
لايوجد أي دليل علي أن الانسان يمكنه أن يرى الملائكة سوى حالة موسي السامرى وهو رجل قيل عنه أن أمه ولدته في فلاة وماتت خلال ولادته فتولت الملائكة العناية به وتربيته ولعلها مكنته من رؤيتها بأن أضافت الي شبكية العين لديه ميمكنه من استقبال الأمواج الكهرومغناطيسية التي تنقل الي عينه صورهم كما تستقبل التلفزة الصور من الهواء. نستنتج رؤيته للملائكة رؤى العين من قوله تعالي في تصوير الحوار الذى كان بينه وبين نبي الله موسى عليه السلام عندما عاد موسى من الطور فوجده قد صاغ لبني اسرائيل عجلا من الذهب مسحور له خوار.تقول الأيتين 95و96 من سورة طه : " قال فماخطبك ياسامري . قال بصرت مالم يبصروا به (أي بني اسرائيل) فقبضت قبضة من أثر الرسول(جبريل عليه السلام)فنبذتها (أي وضعتها جانبا لحين الحاجة اليها) وكذلك سولت لي نفسى".وقوله بصرت مالم يبصروا به يعني رأيت بعيني مالم يروه إذ تقصر أبصارهم عن رؤيته.
ويتردد أن الكلاب لديها قدرة علي رؤية الكائنات اللامرئية من الملائكة والجن وإن رأتها نبحت عليها ولذا تكره الملائكة دخول البيت الذي توجد فيه الكلاب . وان كان من المحتمل أن الكلاب لاتنبح الا علي صنف من الجن أو من الملائكة يثير لديها الفزع والشائع أن الكلا ب تصدر صوتا أشبه بعواء الذئاب عند رؤيتها ملاك الموت.
ويروى ابى رحمه الله ،وكان عالم لغة ودين ورجل صدق، بأنه كان يبيت ذات ليلة في غرفة ذات نافذتين متقابلتين ومفتوحتين بسبب حرارة الصيف. وتطل أحدي النافذتين علي حارة ضيقة وفي المنزل المقابل كانت نافذة مفتوحة لغرفة مضاءة وفيها رجل مريض يحتضر بينما كان أبي قد أطفأ نور الغرفة واستلقي في فراشه منتظراأن يغلبه النوم فينام. فوجئ أثناء ذلك بضوء أبيض يتحرك عبر النافذتين مرورا بفراشه فلما حاذاه رفع أبي رأسه من علي الوسادة فأحس كان كالضوء قد دفع رأسه نحو الوسادة واتجه صوب نافذة المريض ولحظات وانطلقت الصرخات تنبئ عن فجيعة أهله بوفاته.
يعزز تلك الحكاية ماخبرته بنفسى مرة عندما ذهبت لعيادة مريضة في القرية اشتد عليها المرض . فدخلت عندها في دارها. وكانت مسجاة علي فراش علي الأرض وغائبة عن الوعي. فأخذت مجلسى بالقرب من رأسها، وأسندت ظهري الى الحائط. فاذا بي أشعر بضغط على صدرى يلصقني أكثر بالحائط خلفي لثوان كانت تسلم فيها الروح. هناك إذن حالات يمكن الاحساس فيها بوجود تلك الكائنات وإن لم يتسن رؤيتها بالعين.
ثانيا: الجن والمردة والشياطين : الجن عالم يشترك مع عالم الإنسان بتمتعهما بالعقل والإدراك، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمور أهمها أن أصل الجان مخالف لأصل الإنسان.فهم من نار وهو من طين وهم يرونه وهو لايراهموسموا جنا لاستتارهم عن العيون اذ جن الشيء تواري عن العيون واختفي " .وجاء في محكم التنزيل: (إنه يراكم هو وقبيلة من حيث لا ترونهم)(سورة الأعراف 27)وقد خلقوا من نار قال تعالى : (لقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجن خلقناه من قبل من نار السموم )(سورة الحجر26و 27) وقال تعالى : ( وخلق الجآن من مارج من نار) (سورة الرحمن 15) وقد خلقهم الله تعالى قبل خلق الإنسان .
وقد خصص الله سبحانه وتعالي لهم في القرأن الكريم سورة باسمهم جاء في الايات الخمسة عشر الأولي منها مايلي:
"قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا .وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا . وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا. وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا . وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا . وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا . وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا . وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا . وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا . وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا. وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا . وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا . وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا . وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا "" (الجن من 1-15).
ويتضح منها أن الجن فيهم المؤمن وفيهم المقصر في حق الله أو غير ملتزم بطاعته. وأن بامكانهم السباحة في الفضاء. وكانوا من قبل الرسالة المحمدية يتصنتون علي السماوات العلي ويعلمون منها أخبار الغيب الا أنه يتم مطاردتهم الآن بالشهب مماجعل ذلك صعبا عليهم.
والجن ثنائيةالنوع : تتزاوج وتتناسل وتتكاثر ، وهي أيضا تأكل وتشرب ، ولهاطعامها وشرابها ، ولاتترك فضلات عن طعامها وشرابها حيث تتحول ربما الى طاقة أو غازات بسبب طبيعتها النارية حيث خلقت من النار. وبالتالي يمكن القول بأنها ذات أجسام حرارية غير مرئية. هذه الكائنات لاتتعامل مع البشر على نحو مباشر الا في ظروف خاصة وشاذة . والحالة الوحيدة المؤكدة والمشهودة هي التواصل من خلال الطقوس السحرية. وتوجد حالات يشتبه بأن لها علاقة بالجن مثل حالات الصرع ، وكما يقال بأن لكل انسان قرين أوقرينة من الجن يلازمه في حياته دون أن يشعربه . والشياطين نوع من الجن آل على نفسه أن يغوى البشر ويغريهم بالمفاسد ويدفعهم الى ارتكاب الآثام والشرور ولكن لاسلطان له عليهم في ذلك ، أي أنه لايستطيع اجبارهم على فعل الشر وانما يقتصر دوره على تزيينه لهم وتحفيزهم عليه.وهم يعلمون من يتبعهم السحرويقول في ذلك الله سبحانه وتعالي : " واتبعوا ماتتلوا الشياطين علي ملك سليمان، وماكفر سليمان ولكن الشياطين كفروا : يعلمون الناس السحر وماأنزل على الملكين هاروت وماروت . وما يعلمان من أحد حتي يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما مايفرقون به بين المرء وزوجه وماهم بضارين به من أحد الا بإذن الله . ويتعلمون مايضرهم ولاينفعهم . وقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق.ولبئس ماشروا به أنفسهم لوكانوا يعلمون"(البقرة 102)
وبسبب ثبوت امكانية التواصل مع الجن امتلآت بذكرهم الأساطير والخرافات حتى جعلت من الممكن أن يتزاوج الانس مع الجن أويتبادلان العشق والغرام ، كماورد فيها امكانية أن تظهر الجن والشياطين في صور بشرية أوحيوانية أو صور لكائنات تجمع بين صفات الحيوانات والبشر. واعتبر أن أكثر الصور التي تتجسد فيها الشياطين بحيث يراها الانسان بعينه هي صورة الأفعى. ومن الناس من يقول ، وهو صادق ، أن الجن ظهر له في صورة آدمية للحظات أو أنه لمسه أوتحسسه فعلاوهو في حالة اليقظة وأن ذلك قد تم فى الضوء أو في الظلام. ورغم صدق القائل بذلك، فانه لم يحدث بالتأكيد وانما الذي يمكن أن يكون قد حدث فعلا هو أن جني أو جنية استولي عليه للحظات نومه فيها وصور له مارأى علي نحو مايحدث له في الاحلام ثم أعاده الى اليقظة مرة أخرى التي كان عليها دون أن يتنبه الى حقيقة ماحدث. ومن غير المستبعد أيضا امكانية أن يستولي جني على انسان بعض الوقت فيحركه كماشاء أو ينطق بلسانه على نحو ما يحدث فعلا في التنويم المغناطيسي ويمكن أن تكون هذه الحالة أيضا خلف الألعاب السحرية التي تتم أمام جمهور المشاهدين. وفي التراث النبوي الاسلامي حديث عن ظهور جبريل للنبي وهو مع بعض أصحابه في صورة شخص معروف وسؤاله للنبي محمد عن الاسلام والايمان والاحسان .ويمكن تفسير ذلك بأن الملاك جبريل قد استولي علي هذا الشخص بالفعل، وحركه من مكانه، وتحدث بلسانه، ثم أعاده الى حيث أتى به، دون أن يدرى هذا الشخص شيءا مماحدث له.
والمردة والشياطين جنس من الجن وبعد أن أزل الشيطان ادم عليه السلام هو وحواء وحرضهما علي عصيان ربهما وأكلا من ثمار الشجرة التي حرمها الله عليهما مما تسبب في طردهم منها ، توعد ذرية أدم حسدا وحقدا بأن يسعي لغوايتهم حتي يعصون ربهم وصور لنا القرأن وعيده ورد الله سبحانه وتعالي عليه في سورة الاسراء كالأتي: " قال (أي إبليس) أرأيت هذا الذي كرمت علي (يقصد آدم) لأحتكن ذريته الاقليلا، قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا . واستفززمن استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا . وإن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفي بربك وكيلا" (الاسراء62-65).وكان مااستفاده ابليس من هبوطه للارض هو زواجه من المردة وانجاب سلالة تبعته في تضليل الناس بالوسوسة اليهم . أي تحول الشيطان الواحد الي أمة من الشياطين علي مدي الاف السنين كل همها هو غواية بني الانسان.
لذالفظ ( شيطان ) يطلق على إبليس ويطلق على جنس من الجن وهم المدرة من ذرية إبليس، ويطلق على من يعمل عملهم من الإنس في غواية الناس واثارة الفتن بينهم .
فأما إطلاقه على إبليس ففي مثل قوله تعالى (فأزلهما الشيطان عنها )وقوله تعالى (فوسوس لهما الشيطان )وقوله تعالى (لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة)وهذا غالب إطلاقه، فالشيطان علم في الغالب على إبليس.
وأما إطلاقه على جنس من الجن ففي مثل قوله تعالى (وما تنزلت به الشياطين) وقوله تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ) (والشياطين كل بناء وغواص ) (وجعلناها رجوما)
وأما إطلاقه علىالمفسدين من الإنس فنجده في قوله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدو شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) وقوله في سورة الناس : قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، من شر الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس )
وكما قال تعالي فلاسلطان لهم علي عباده وانما سلطانهم علي من يوالونهم وتوجههم الشياطين الي الإفساد في الارض وسفك الدماء ونشر الشرور والآثام.
يمكن القول بأن الانس والجن يعيشون معا على الارض دون أن يشعر الانس بهم أو يسبب الانس متاعب لهم ولكن تعايشهم لايسلم أحيانا من أن يترك أثارا غير مرغوب فيها من قبل الانس مثل الحالات التي يطلق عليها : مس الجن . ويقال أن من علامات المس واحدة أو أكثر ممايلي: - الضيق في الصدر -. الشرود الذهني وكثرة النسيان. - كراهية للعمل ، للزوجة ، للمجتمع ، للدراسة. -خفقان مفاجئ وشديد في القلب. - ينتاب المريض أحيانا تنميل أو رعشة أو حركة غير ارادية - يسمع أصواتاً معروفة أو أصواتاً غريبة لا يسمعها مَنْ بجواره- يشم روائح غريبة وفي الغالب تكون كريهة لا يشمها من بجواره. - يشعر من بحرارة أو برودة شديدة في جسده خصوصا الأطراف-. يتميز عرق بعض من بهم مس برائحة غير طيبة وقد تكون رائحة كبريتية عفنه. -عصبية المزاج وسرعة الغضب.
الاأن أغلب ذلك يكون أيضا أعراضا لآمراض عضوية بمالايجعل له أية علاقة بالجن ومسه.
ثالثا : أرواح الموتي : هي أيضا كائنات لامرئية لاتأكل ولاتشرب ولاتتناسل ، وهي في أغلب المعتقدات تعيش في عالم خاص بها ربما يوجد بين السماء والأرض أطلق عليه في الدين الاسلامي اسم : عالم البرزخ ، وهي فيه في حالة انتظار ليوم تحاسب فيه على أعمالها في الحياة الدنيا. وقد ادعى بعض الناس امكانية استدعاء أرواح الموتي من ذلك العالم والتحدث معهم ثم اطلاقهم ليعودوا اليه ثانية. ورغم أنه لم يثبت على أي نحو وجود أي علاقة بين أرواح الموتي وعالم الأحياء، الاأننا نجد معتقدات لدى شعوب أفريقية وآسيوية تعطي أهمية بالغة لأرواح الاباء والأجداد وتقيم طقوسا خاصة أو تقدم قرابين لها لجلب رضاها وبركتها وتفادي سخطها . ومازالت قبائل في أفريقيا الاستوائية ، الوسطي والغربية،تدين بالديانة الأرواحية( نسبة الى الأرواح) . واذا كانت أرواح الموتي تعد في المعتقدات الدينية كائنات حية لامرئية مثل الملائكة والجن، الاأنه لايوجد تحديد لطبيعتها وجنسها وهل هي من نور مثل الملائكة أو من نار مثل الجن والشياطين أم من شيء آخر وقد سؤل النبي محمد عنها فأجاب القرآن الكريم عنه بأن :"الروح من أمر ربي". ومع ذلك يمكن القول اجتهادا باحتمال أن تكون مزيجا من النار والنور .يعتمد هذا الاجتهاد على أن الإنسان خلق – كماجاء في الكتب المقدسة للديانات التوحيدية – من صلصال من حمأ مسنون ، أي محمي عليه بالنارمثل الفخار والخزف وأن الله نفخ فيه من روحه فبث فيه الحياة .اذن هناك مادة الطين بعناصرها الفلزية(المعدنية) وهناك النار وهناك أيضا النور الالهي في كينونة الانسان الحي. وعندما يموت الانسان فانه يترك جسدا باردا فارقته الحرارة(النار) والحياة (النور) فتكون بذلك روح الانسان أونفسه مكونة من العنصرين المفارقين له بعد الموت وهما النور والنار.ووجود النور والنار في جسد الانسان الحي من شأنه أن يجذب اليه الكائنات اللامرئية المخلوقة من النور والنار . أي الملائكة والجن. لذا نجد تراثنا الدينى المؤيد بآيات من القرآن الكريم بأن الانسان يرافقه طول حياته ملاك يحسب عليه حركاته وسكناته وقرين من الجن لايفارقه من ذكوره أو من إناثه لايعرف سبب مرافقة أي منهما للانسان في حياته وعما اذا كانت مرافقتهم له تبدأ من مولده أم من بلوغه الحلم وبذلك يكون ثمة علاقة بين مرافقة الجن والغريزة الشبقية لدي الانسان وهي فكرة أثارت بالفعل خيالات القدماء.
في حالة النوم تخرج النفس ايضا من الجسد مفارفة له لكنها تظل علي اتصال به علي نحو ما وقد يستغل الفراغ قرين الجن فيملأ الفراغ لحين عودتها ويعوض الجسم عن النقص في الحرارة الناشئ عن خروج النفس ولعل هذا هو وظيفة القرين من الجن وحكمة ملازمته الانسان وبذلك تكون الأحلام التي يراها النائم صورا يستخرجها القرين من ذاكرة الانسان ويعيد تركيبها أو عمل مونتاج لها لتبدو كقصة ويضيف اليها من لدنه الحلقات الناقصة. الدليل علي شبه الوفاة في النوم نجده في قوله تعالي:" وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ماجرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضي أجل مسمي ثم اليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعلمون" ( الأنعام 61).
وقد يكون للملائكة دور يماثل دور الجن في الاحلام ولكنه يتميز بتصوير أحلام مريحة غير مرهقة للعقل أو الجسم ومخالفة لما تتسبب فيه الشياطين من أحلام مزعجة يستيقظ منها النائم وهو مضطرب فزع.
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ ولا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ.وفي رواية عند ابن ماجة عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلاثٌ مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ أَلا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّه
وفي البخاري عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ
روح الميت اذن ليست سوى انسان مادي تحول عن طبيعته المادية الي كائن لامرئي. وتنفطع صلة الانسان اللامرئي بجسده المدفون تحت التراب الاأن الطاقة المتولدة عن تعفن وتحلل الجسد بفعل البكتيريا وغيرها العاملة فيه تنجذب باستمرار وعبر زمن بعيد المدى نحو ذلك الكائن وتندمج فيه مرة أخري وتكسوه مثل كساء اللحم والشحم للعظام . ولعل التوصل الي هذه الفكرة هي التي دعت الهنود الحمر الي حرق موتاهم للتعجيل بهذه العملية حتي تكتمل لروح الميت وكيانه وقوته وحيويته في العالم الآخر. بينما وجدنا قدماء المصريين يتبنون اعتقادا مخالفا هو أن البعث يتم في نفس الجسد فاحتفظوا به سليما محنطا لتعود اليه الروح يوم البعث ولاتعاني من تجميع ذراته المتناثرة في التراب والمختلطة بذرات أجساد موتي أخرين.
أرواح الحيوانات والجن:
من الطبيعي هنا التساؤل عن الحيوانات وعما اذا كان لها نفس وروح مثل الانسان ؟. حيث تتشابه مع فسيولوجيا.بل وتنفعل أيضا ولها ذاكرة.يمكن القول بأن للحيوان نفس من النار تؤدي دور النفس والروح في الانسان معا ويحتوى النفس النارية جسد من طين شبيه بالذى خلق منه الانسان. ولكنها تختلف عن النفس الانسانية بأنها نفس مبرمجة ومسخرة بقدرة الله تعالي لاتملك خيرة في أمرها ، وانما تتصرف رفق ردود فعل عكسية أو مشروطة أو وفق ماتمليه غرائزها والبرمجة التي تشملها.عندما تنفصل نفس الحيوان عن جسده بسبب موته فإن تلك النفس تتبدد في الكون الفسيح ولاتظل متماسكة لأنها لن تبعث مرة أخرى أو تحاسب علي حياتها السابقة باعتبارها كانت فاقدة فيها الارادة الحرة، وهي شرط لازم للمحاسبة. ولتوفر الشرط لدي الانس والجن كانت محاسبتهم. وتنفس الحيوان لآنها من نار تجذب الجن اليها بل ربما أمكن القول بأن الجن ربما يجمعون أنفس الحيوانات المتبددة في الكون ويستغلونها علي نحو ما. ومن هنا انتشرت الافكار حول تجسد الجن في أشكال الحيوانات خاصة الحيات والثعابين التي توصف بأنها من ذوات الدم البارد لآن درجة حرارة اجسامها تتوافق مع درجة حرارة الجو وليست ثابته .ولعل ذلك مايجعل الجن يفضلها لو صحت الاساطير المتداولة إذا يمكن الجن أن يبث في أجسامها من حرارته في الجو البارد ممايزيد من حركتها .
أما السؤال الخاص بالجن فهو عما اذا كان له روح من نور الهي مثل الانسان طالما هو مسؤول مثله. لقد عرفنا من القرآن الكريم أن الله خلق الانسان من طين لازب وتركه حتي احترق ثم نفخ فيه من روحه فجعله كائنا حيا وأنه خلق قبل ذلك الجن من مارج نار.ومارج النار هو لسان لهب قوامه غالبا غازات مشتعلة . وهذه الغازات مثل حالة الشمس والنجوم الأخرى ينتج عنها الضوء. اذن فنار الجن لها نورها المنبثق منها والذي يعد جزءا لايتجزء منها وبالتالي لها روحها وعقلها المستمدان من نور نارها . ونورها علي هذا النحو يختلف عن نور الله الذي حدثنا عنه المولي عزوجل فقال :
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (النور 35) وهوما يمكن القول معه بأن الله كرم الانسان فخصه بهذا النور القدسي دون سواه من المخلوقات.
البعث والنشأة الثانية :
كان المصريون القدماء يؤمنون بعودة الروح الي الجسد يوم البعث توطئة لمحاسبتها في العالم الآخر . وكان تحنيطهم لأجساد موتاهم عملية الغرض منها تسهيل هذه العودة دون كثير من المشقة أو الالم للروح ناتجة عن جمع مكونات رفاته المشتتة في التراب. وكانوا يخزنون طعاما في المقابر لكي يجد الميت بعد عودة الحياة اليه مايأكله ويقويه على مواجهة حسابه باعتبار أن ذلك أفضل له من أن تتم محاسبته وهو منهك من الجوع والعطش.
ولايوجد خلاف في المعتقدات الدينية التي تقر بالبعث علي أن الإنسان سيحاسب بعد بعثه عن افعاله في الحياة الدنيا . الا أنه يوجد خلاف بين هذه المعتقدات وأحيانا بداخلها حول أمرين اثنين :
أولهما: هل البعث يتم بالروح والجسد أم بالروح فقط ؟.
ثانيهما: هل النعيم والجحيم حياة مادية أم حلمية تصورية ؟.
وكثيرا مايعزي غير المؤمنين عدم قبولهم للمعتقدات الدينية أو اعترافهم بها الي أن ماورد فيها عن البعث والنشور والحساب أمور لايستسيغها العقل.
بالنسبة للسؤالين سالفي الذكر سنجد أن الذين يتمسكون بظاهر النصوص ، وهم الغالبية، ينحازون الى الاحتمال الأول في كل من السؤالين ، أما الذين لايجدون حرجا في تأويل النص الديني بما تحتمله اللغة من معان للفظ فانهم لايرفضون الاحتمال الأول ولكنهم يضعون الاحتمال الثاني أيضا في الاعتبار، وعلي قدم المساواة مع الأول ، وعلى أساس أن
الاحتمال الثاني يعد الاقرب الي تقبل العقل البشري له ، وأن الله وحده هوالأعلم بالأصوب منهما. قد رأينا أن الهنود فهموا أن النشأة الأخري مختلفة عن ألاولي أذ يتم بعث الروح دون الجسد مع تجميع كل ماكان في الجسد من طاقة في الروح/النفس. بينما فهمها المصريون القدامي بأنها لاتختلف عن الأولى وقد تكون النظرة الهندية هي الأصوب.
عقلنة اللامعقول:
ولكن هل يمكن تحويل مايعتبرونه لامعقولا الي معقول ، أو بصيغة أخرى : عقلنة اللامعقول؟.
من الحقائق العلمية الحديثة(والقول بأنها علمية يعني ضمنا أنها مقبولة عقليا) أنه مثلما كان بالامكان تحويل المادة الى طاقة دائما، فإنه بالامكان أيضا تحويل الطاقة الي مادة في ظروف وتحت شروط خاصة . وفي هذه الحالة فإنه بقدرة الله سبحانه وتعالي يمكن جمع رفات الانسان المادية وتحويلها الي طاقة واعادة دمج روحه وجسده في كيان جديد هي النشأة الثانية له المختلفة عن الاولي في طبيعتها الجديدة التي تشبه الى حد ما طبيعة الملائكة والجن . وطالما سبق الإقرار بوجود الملائكة والجن وأرواح الموتي ككائنات حية أوموجودة لامادية ولامرأية لنا فما الذي يمنع من اعادة خلق البشر في صورة تعد هي الاخرى من غير المرئيات. هنا يكون القول بالبعث جسدا وروحا قولا صحيحا ولكنه جسد جديد لاتراه العين البشرية الحالية لوقدر لها أن تنظر اليه، ولو أنهافرضية مستحيلة، ولكن المبعوثون سيروا بعضهم البعض، كمايرون أيضا الملائكة والجن وكل ماكان لهم في حياتهم الدنيا غير مرئي بعيونهم المادية أوالفسيولوجيةالسابقة.
هذا بالنسبة للسؤال الأول، أما بالنسبة للسؤال الثاني فإنه ممايقبله العقل تماما قياس الحياة في النعيم والجحيم بمايحدث في الحياة الدنيا ، والذي ربما كانت حكمة حدوثه في الحياة الدنيا هو تقريب ماتعد به الأديان الي عقول الناس ، وأعني بذلك ظاهرة الأحلام التي حار فى أمرها الانسان من قديم الزمن ولايدري حتى الآن كيف تحدث ولم تحدث ويتخبط في تفسيرها بتكهنات تفتقر الي المصداقيةولاتسلم من النقد والنقض مهما حاول أصحابها الباسها ثوبا علميا. في الحلم يمكن أن يرى الانسان نفسه في جنة تجري من تحتها الانهار، وفيها أشجار تتدلي منها الثمار ، وأنه يأكل فيها كل ماتشتهيه نفسه . ويمكن أيضا أن يجد نفسه يضاجع امرأة يعرفها أولم يسبق له رؤيتها ، يمتعها ويتمتع بها ولكأنها حليلته أو معشوقته ،ويبلغ معها ذروة النشوة ، بينما لاوجود لها في الواقع ، وهومع ذلك لايدري عمااذا كان مايحدث له أومعه حقيقة أم منام. بالمقابل يمكن أن يرى النائم مناما مزعجا يصحو منه وهو يرتعد فرقا ورعبا وقد جف حلقه وخارت قواه ولايكاد يصدق في الوهلة الأولي أنه كان تحت وطأة كابوس مزعج. ويمكن قياسا علي ذلك أن يرى نفسه فى الجحيم كماوصفته الأديان وأنه يتعذب فعلاعذابا لايفترق عن العذاب الحقيقي في شيء.
اذن يمكن لمن استحق عند الله حياة النعيم أن يعيش هذا النعيم في هذه الصورة الحلمية الأبدية ودون أن يعد هذا الاحتمال المقبول عقليا فيه أي انتقاص من شأن جنة النعيم التي وعدت بها الأديان الصالحين من بني الانسان. ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لمن يصالون الجحيم .
هنا لايمكن التذرع بعدم عقلانية ماجاء في المعتقدات الدينية حول البعث والحساب للامتناع عن الايمان والتصديق بها.
ولكن ..ماأهمية هذا كله ؟
هل هي محاولة لتديين غير المتدينين.؟ .لاأنفي هذا الاحتمال ، ولكن ليس هذا هو كل مافي الأمر.. إن هذا النعيم المقيم الموعود به الانسان الطيب أوالخير بعد الموت ، يمكن للآنسان الخير أن يعيشه في الدنيا والآخرة معا . بل أزعم هنا بأن له كل الحق في ذلك . بل أن تمكين كل انسان علي وجه الأرض من التمتع بهذا النعيم فيها هو المعيار الوحيد لمقياس مدى خيرية سكان الأرض. أما حرمان معظم الناس منه أو محاولة احتكار أقلية له بدعوى ندرة الموارد أوأية دعاوي أخري فانه يعد دليلا علي انتشار الشر في العالم.
إن خيرية الانسان تتطلب منه أن يعيش وأن يترك غيره يعيش مثله . ولكن الذي يحدث في العالم حاليا غير ذلك. في كل مكان نجد الفقر والتشرد والظلم وانتهاك الحرمات والقتل والتدمير والفساد . إن الانسان ، وبهذه الصفة وحدها بصرف النظر عن جنسه ولونه ودينه، يحق له أن يعيش على هذه الأرض حياة كريمة آمنة ،لايخالطها ظلم أو قهر أوقمع أو ارهاب أو طغيان أوحرمان ، ميسر فيها له التمتع بما أحله الله له من طيبات . هذه هي حقوق الانسان التي يجب عليه احترامها وحمايتها والمحافظة عليها والنضال من أجلها ضد كل من يحاول اغتصابها أو انتهاكها.
فوزي منصور
EEEe-mail
: fawzym2@gmail.com