Monday, November 28, 2011

التحديات الخمس الكبرى التي يواجهها حزب العدالة والتنمية المغربي بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية.

الاثنين 28 نوفمبر 2011

فوز حزب العدالة والتنمية:
فاز حزب العدالة والتنمية المغربي فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية التي نظمت يوم 25 نوفمبر مقارنة مع حصيلة الأحزاب المنافسة له في تلك الانتخابات، وحصل الحزب بذلك على أكثر من ربع مقاعد البرلمان تقريبا. واقتصر فوزه إلى حد كبير على المدن الكبرى دون العالم القروي أو المناطق النائية في المملكة .

وبدأت مشاركته في الانتخابات البرلمانية المغربية ابتداء من الانتخابات التشريعية لـ 1997 التي حصل فيها على 9 مقاعد ثم في انتخابات 2002 على 42 مقعدا نيابيا وعلى 46 مقعدا نيابيا في سنة 2007 وأخيرا في انتخابات 2011 والتي فاز فيها ب117 مقعد، وتبوأ فيها المرتبة الأولى بما يؤهله لرئاسة حكومة ائتلافية مع أحزاب أخرى لعدم توفر الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من الحكم منفردا..وهذه الأحزاب بعضها شارك في الحكومات السابقة خلال العقدين الماضيين وبعضها شارك على نحو ما في معظم الحكومات منذ الاستقلال، وفقد أغلبية الشعب الثقة فيها .
وقد أظهرت النتائج النهائية الرسمية للانتخابات المعلنة بعد ظهر يوم الأحد 27 نوفمبر، فوز حزب العدالة والتنمية ب 107 مقعد في البرلمان و حزب الاستقلال 60 مقعدا، حزب التجمع الوطني للأحرار 52 مقعدا.و حزب الأصالة والمعاصرة 47 مقعدا، و حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 39 مقعدا، و حزب الحركة الشعبية 32 مقعدا، وحزب الاتحاد الدستوري 23 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية 18 مقعدا.

تشكيل حكومة ائتلافية :
يجد حزب العدالة والتنمية نفسه ، وفق الدستور، ملزما بتصدر حكومة يشكلها وينتظر الشعب المغربي منها أن تحقق له طموحاته التي عجزت الحكومات السابقة عن تحقيقها، وهو مضطر إلى تكوينها مع أحزاب أخرى كانت مناوئة له بدرجات متفاوتة. ومن الطبيعي أن يكون قد أزعجها ما حققه من فوز كبير في الانتخابات وأن تعتبر أي إنجاز للحكومة سيحسب له ، وسيكون من شأنه تعزيز مكانته شعبيا. وإذا كان قد فاز فوزا اليوم احتاج معه مضطرا إلى مشاركتها معه في الحكم ، فقد يساعده نجاح الحكومة على اكتساح الانتخابات القادمة وأن يشكل حكومة بدونها ويحول ذلك دون تحقق أي تناوب سياسي مأمول في المستقبل.

وقد حصلت أحزاب الكتلة الديمقراطية الثلاثة على 117 مقعدا. وفي حالة دخولها في حكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية سيكون لدى الحكومة الإئتلافية أغلبية برلمانية مريحة نسبيا عبارة عن 224مقعدا.

وأذ تردد القول عن احتمال توجه الحزب نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع مكونات حزبية أخرى بخلاف أحزاب الكتلة، وخاصة حزب الحركة الشعبية، فإنه يفهم من حديث للسيد/حسن الداودي، نائب الأمين العام للحزب ،أن الانفتاح على أحزاب أخرى خارج الكتلة هو من قبيل الاحتياط لمواجهة أية احتمالات غير منظورة ، حيث يستهدف الحزب تقديم وجوه جديدة في الحكومة، وأيضا تقليص حجم المجلس الحكومي، فإن لم يوافق الشركاء في الكتلة على ذلك التوجه ،سيضطر الحزب للبحث عن شركاء آخرين لتشكيل الحكومة الائتلافية ممن يقبلون بهذا التوجه .

التحديات الكبرى التي يواجهها الحزب:

1- التوافق مع شركاء الائتلاف:
لن يكون التوافق مع الأحزاب التي سيضطر الحزب إلى أشراكها معه في ائتلاف حكومي سهلا، ليس بسبب اختلاف المرجعيات والأيديولوجيات، فمثل هذا الاختلاف شكلي وليس جوهري، حيث نجد أن الحزب الذي يصف نفسه بأنه يساري قد تخلي بالفعل عن يساريته منذ أمد بعيد ، والحزب الذي يصف نفسه بالليبرالي لا يوجد في ليبراليته ما يتناقض مع توجهات العدالة والتنمية على الصعيد الاقتصادي . الاختلافات ستأتي من محاولة العدالة والتنمية اتخاذ سياسات ذات مردودية اجتماعية تصطدم بمصالح المهيمنين على تلك الأحزاب أو تعارضها بسبب مؤثرات من جهات خارج الحكومة ذات نفوذ عليها.. وتاريخ مشاركة هذه الأحزاب في الحكم منذ الاستقلال لا يبين أنها كانت حريصة في مشاركتها بتحقيق مصالح البلاد والشعب وإنما لتحقيق مكاسب شخصية لقياداتها ولعائلاتهم والمقربين إليهم.

وإذا أخذ في الاعتبار ما سبق الإشارة إليه من أن نجاح الحزب قد تنظر إليه الأحزاب المشاركة له بأنه ليس في صالحها ، فتسعى من داخل الحكومة إلى عرقلة سياستها ، فإن ما عبر عنه أمين عام الحزب من رغبته في تكوين حكومة وحدة وطنية تجمع العديد من الأحزاب لا يعد في صالح الحزب.وخاصة مع وجود توجه لدى الحزب بتقليص عدد الوزارات.

ولقد كان الأمثل لحزب العدالة والتنمية أن يشكل الحكومة مع حزب الاستقلال ثم يتم استكمال الأغلبية بضم عدد من الأحزاب الصغيرة للأغلبية دون منحها حقائب وزارية، ولكن الذي يحول دون ذلك حاليا هو اشتراط حزب الاستقلال ضم مكونات الكتلة الأخرى إلى الحكومة لكي يشارك فيها.أي حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا).

2-التوافق مع المؤسسة الملكية:
احتفظ الدستور المعدل بكامل صلاحيات ملك البلاد، وإن كان قد وزعها على عدد من مواده بخلاف الدستور السابق الذي جمعها في مادة واحدة. وتعول العدالة والتنمية على العمل بتوافق مع المؤسسة الملكية وصرح أمينها العام قبل الانتخابات بأنه أذا فاز حزبه بالمرتبة الأولي فإن علاقته مع جلالة الملك ستكون علاقة مباشرة بدون وسطاء.

ولجوء الحزب للمؤسسة الملكية هدفه الحد من ضغوط جهات في الدولة نافذة سبق أن عانى الحزب من ضغوطها عليه ، إن لم نقل محاربتها له . فضلا عن معاداة علنية لحزب سياسي له كان يستغل علاقة مؤسسه بالمؤسسة الملكية، ويعتبر نفسه ممثلا لتوجهاتها وسياستها في حين كان حزب العدالة والتنمية مؤازرا وما يتوقعه أيضا من مشاكل مع شركائه في الائتلاف الحكومي تحتاج إلى أن يكون الملك حكما فيها حتى لا تعرقل المسيرة الحكومية.. ويظل السؤال هو هل ينجح الحزب في الحصول على قناة اتصال مباشرة مع الملك تتيح له الاتفاق على سياسة موحدة لإصلاح البلاد وتخليصها مما انتشر فيها من فساد؟...هل يمكن أن تتحول مهمة الحكومة من مجرد منفذة لتعليمات الملك كما هو معهود، إلى شريكة له في الحكم ،بحيث تكون القرارات ناتجة عن تشاور بينهما؟..إن فشل الحزب في هذا الرهان لا يعني عمليا سوى احتمال فشله في إدارة الشأن العام بما يحقق توقعات الشعب منه ، سواء على مستوى الاقتصاد والتنمية وتحسين ظروف المعيشة وتشغيل العاطلين ووقف انتهاكات حقوق الإنسان والإفراج عن المسجونين في قضايا سياسية بمحاكمات مشكوك في عدالتها ونزاهتها..فضلا عن إصلاح القضاء وضمان استقلاليته، ليس عن وزارة العدل وإنما عن الأجهزة الأمنية، وتحسين خدمات التعليم والصحة للمواطنين...الخ ، وهي مهام يراهن الحزب على النجاح فيها إذا ما توافقت إرادته مع الإرادة الملكية. وتوافق الإرادتين لا يتحقق بغير تشاور دائم بينهما يزيل أي سوء فهم في التقدير، ويحول دون أي تأثيرات خارجية عليهما فيما يتفقان عليه من سياسة وقرارات.

كما قال بن كيران أيضا بأنه لم يعد في الدستور وزارات سيادية ، ولكن لا يتوقع أن يتمكن رئيس الحكومة من تعيين وزراء الخارجية والداخلية والأوقاف، وربما العدل أيضا. وحسب الدستور فإن الملك هو رئيس لمجلس الوزراء أيضا وهو الذي يعينهم وفق ما يقدم إليه من ترشيحات. وكان مستشارو الملك يتدخلون دائما في المشاورات الخاصة بتشكيل الحكومات واختيار أسماء الوزراء التي ستعرض على الملك.
كما اشتهرت مقولة" إن الدستور، وخاصة في الدول العربية، هو القانون الذي وضع لكي لا يتم الالتزام به".

3- التغلب على سلبيات الواقع المغربي:
تشكل الواقع المغربي الحالي خلال خمسة عقود تلت حصول المغرب على استقلاله. وبعضه يعود إلى ما قبل الاستقلال وما أفرزه الاستعمار الفرنسي. تغيير بنيات وثقافة هذا الواقع ليس سهلا بسبب تجذره خلال تلك السنوات الطويلة. وكان تكونه يحفز عليه ما يعتبر ردود أفعال على ما كانت تواجهه الملكية من معارضات سياسية يستهدف أصحابها مشاركتها في الحكم والغنم أكثر من تحقيق مصالح البلاد، وأيضا ما تعرضت له من مؤامرات ومحاولات انقلاب عسكري عليها في السبعينيات، وتأثيرات المد الاشتراكي والقومي في الستينيات ثم مشكلة الصحراء التي كان لها تأثيرا سلبيا على الوضع السياسي والاقتصادي خلال العقود خمسة وثلاثين عاما وما رافقها من توتر الأوضاع مع الجزائر..وكل هذه المؤثرات خلقت واقعا معقدا من أكثر مظاهره ما يوصف عادة باقتصاد الريع والامتيازات، والذي ساد محل اقتصاد إنتاجي يتيح خلق وظائف بشكل مستمر ويسهم في تراكم الثروة الوطنية وتحسين أوضاع الاقتصاد وتحسين ظروف معيشة المواطنين. وهذا الاقتصاد الريعي ترتبط به مصالح قوى نافذة حاليا في المجتمع تعد أيضا من إفرازات السياسات التي اتبعت خلال العقود الماضية. كما ترتب على ما سبق تدني مرتبة المغرب في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة سنة بعد أخرى حتى وصل مؤخرا إلى المرتبة 130.

وعلى سبيل المثال لم يكن يوجد في المغرب إقطاع قبل استقلاله فيما عدا ما استولت عليه الإدارة الفرنسية من أراضي للفلاحين ووزعتها على المعمرين الفرنسيين لإنتاج محاصيل غذائية يتم بها تموين فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية ، ومع الاستقلال ألزم المغرب المستعمرين بترك المزارع التي كانت بحوزتهم وتم تعويضهم ماليا عن كل ممتلكاتهم في المدن والقرى من خزينة الدولة، وعوض إعادة هذه الأراضي التي اغتصب الاستعمار معظمها من أصحابها إلى الفلاحين المغاربة ، تم تقديم هذه الضيعات على هيئة منح ملكية لبعض الأفراد لخلق طبقة سياسية ثرية مؤيدة للنظام الملكي ، وأدارت الباقي شركتان حكوميتان. وفي السنوات الأخيرة قامت الشركتان ببيع أو تأجير هذه الأراضي لنفس الطبقة السياسية المدنية والعسكرية التي حصلت من قبل على أراضي الدولة. ومن ذلك أنه كان لدى المحجوبي أحرضان ، مؤسس حزب الحركة الشعبية ستة آلاف فدان من المرحلة الأولي فضم إليها ستة آلاف أخرى حصل عليها عندما كان محند العنصر الذي حل محله في قيادة الحزب، وزيرا للزراعة.
وبالنسبة لجميع الدول التي سعت إلى تطوير اقتصادياتها والتحول من الزراعة إلى الصناعة مثل اليابان أو كوريا الجنوبية كان أول أجراء اتخذته في هذا الصدد إصدار قوانين تحد من الملكية الزراعية لكبار الملاك وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين. ولم تكن أسرة الميجي الحاكمة في اليابان أو الجنرالات في كوريا الجنوبية متأثرين بأي فكر اشتراكي،ولكنهم كانوا يؤمنون أن التطوير الرأسمالي للبلد يحتاج إلى ذلك، ومن أجل توجيه رؤوس الأموال لدى هؤلاء الملاك الزراعيين إلى الصناعة بالإضافة إلى فائض القوى البشرية الفلاحية.
فهل سيكون بإمكان حزب العدالة والتنمية أن يعتمد نفس المسار بينما بعض زعماء الأحزاب المؤتلفة معه من المستفيدين من هذه المنح والامتيازات أو استفادت منها عائلاتهم ؟. أغلب الظن أنه لو حاول لتم الانقلاب عليه والإطاحة بحكمه فورا من قبل باقي الفرقاء السياسيين سواء المؤتلفين معه في الحكومة أو المعارضين له من خارجها ، بالإضافة إلى قوى أخرى غير محسوبة على السياسيين وإن كانت دائما تتدخل في توجيه السياسة العامة على نحو ما في المغرب من خلف الكواليس.

ويقول الأستاذ أحمد الريسوني :" منذ خمسين عاما وستين عاما وأكثر، فرضت على شعوبنا مصادرةٌ جبرية لحريتها، ووصاية قسرية على إرادتها، فبقيت مغلوبة على أمرها. واليوم سقط جدار برلين، وبدأ الناس يتحررون ويتحركون...". وينتظر الشعب المغربي وكل شعوب المنطقة أن تعبر الحكومة التي يرأسها حزب العدالة والتنمية عن هذا التحرر وتلك الحركة، وإلا فقد الثقة التي أولتها له الجماهير في تلك اللحظة التاريخية المتميزة أو التي يفترض أن تكون متميزة عن المعهود سابقا ومغايرة له.

يقول عبد العالي حامي الدين عضو الحزب :" الشعب المغربي يريد حكومة مسؤولة تمارس صلاحياتها الدستورية كسلطة تنفيذية حقيقية متحررة من رواسب ثقافة سياسية ثقيلة جعلت من الحكومات السابقة - في أحسن الأحوال – مجرد حكومات لتصريف الأعمال."
ويضيف عبد العالي:" التحديات التي تنتظر حزب العدالة والتنمية ليست تحديات سهلة، فأمامه انتظارات كبرى على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والمطلوب أن يستجمع أنفاسه بسرعة بعد معركة الانتخابات والانكباب على استيعاب مستلزمات المرحلة الجديدة ...".

واعتبر الباحث في العلوم السياسية عز الدين العزماني أن الربيع العربي هو "ولاية المجتمع على ذاته من خلال إرادة التحرر والكرامة" وهو أيضا "استعادة الشعب للدولة التي سرقت منه من قبل شخص أو نخبة أو عائلة أو قبيلة أو غيرها". ما يعني أن المجتمعات العربية "تشهد تحولا فلسفيا وسياسيا عميقا لمفاهيم الدولة والسلطة والمجتمع وللجدليات التي تنجم عنها". وأذا كانت حكومة العدالة والتنمية تعد وليدة هذا الربيع العربي فأنها مطالبة بأن تكون أفضل تعبير عن فلسفته ومحققة لأهدافه. وفوزها في الانتخابات هو بداية طريق ليس مفروشا بالورود وإنما يمكن القول بأنه مغطى بالأشواك وستواجه فيه تحديات كبيرة.

وقد تناول كتاب مغاربة التحديات التي ستواجه الحزب على كل صعيد ، وأراها جميعها متفرعة من التحديات الخمس المذكورة هنا.

4- النظام السياسي والسياسة الخارجية:
لقد كان واضحا أن الملك الحسن الثاني في أواخر حياته وبعد أن دفعه مرضه إلى قدر من الاعتكاف والحد من نشاطاته تاركا كل الأمر للحكومة ووزير داخليته إدريس البصري، أتيحت له فرصة تأمل المسار السياسي الذي قطعته البلاد في عهده ، والسياسات التي اتبعت والسلبيات التي نتجت عنها ، وتطلع إلى أحداث تغيير في النظام السياسي الداخلي وفي الأفق الاستراتيجي للسياسة الخارجية ، يختلفان تماما عما سارت عليه المملكة عبر عقود سابقة. ولم تكن حالته الصحية والتي يبدو أن القوى اللصيقة وقتها بالقصر، وخاصة إدريس البصري وزير الداخلية، قد استثمرتها لدعم نفوذها وسيطرتها ولم تكن على استعداد لمؤازرة توجيهات الملك الجديدة . ولم يكن أمام الملك سوى إصدار إشارات في الخطب الرسمية التي يوجهها في المناسبات . وأركز هنا على مؤشرين :
أولهما : ما ورد في أحد خطاباته الأخيرة من تحبيذه لنظام الحكم الفيدرالي الديمقراطي وضرب مثالا لذلك بالحكم الألماني وقال في خطابه إنه لو لم يكن مغربيا لتمني أن يكون مواطنا ألمانيا بسبب النظام السياسي القائم في ألمانيا.
وثانيهما : فيما يتعلق بالإستراتيجية السياسية فقد أعرب عن أمله أن تمتد الوحدة المغاربية لتشمل المنطقة بين البحر الأحمر والمحيط الأطلسي ، ويعني ذلك إدماج مصر والسودان فيها، ويسمح هذا التصور بضم أثيوبيا وإريتريا ودول جنوب الصحراء الكبرى ايضا.
وبعد وفاته استمر الحديث بالنسبة للنظام السياسي الداخلي عن الجهوية الموسعة دون أن يحدث أي تغيير أو توجه فعلي نحوها وفي حين تمت الموافقة على منح الصحراء حكما ذاتيا كاملا كحل لمشكلتها، دون تنفيذ ذلك لا في الصحراء ولا في غيرها من مناطق المغرب.وعلى الرغم مما أشار إليه الكثيرون من أن تطبيق المقترح في الصحراء وفي باقي أنحاء المغرب يساعد على إنهاء مشكلة الصحراء نهائيا ، ويؤكد على مصداقية المقترح المغربي لدي المجتمع الدولي ويضمن تضامن الرأي العام العالمي معه.، ظلت الأمور على ماعليها.

أما بالنسبة لما أسميته بالأفق الاستراتيجي فقد ظل وضع السياسة الخارجية وتوجهاتها كما هي ،وكل انشغالاتها متعلق تقريبا بمشكلة الصحراء.

والنظام السياسي الحالي والقوى المتحكمة فيه أو المسيطرة عليه من خارج البرلمان والحكومة المنتخبة، ، بل والمنازعة لهما في اختصاصاتها، والتي من مصلحتها الإبقاء على مركزيته، تضيق من مجالات حركة الحكومة في تقرير سياسات جديدة داخلية أو خارجية، ما لم تحصل على دعم كامل من المؤسسة الملكية.

5- الارتباطات الخارجية :
تشكل الارتباطات الخارجية للمغرب وخاصة اتفاقات مثل اتفاقية التبادل التجاري الحر مع الولايات المتحدة أو مع الاتحاد الأوروبي أو الصيد البحري وغيرها من اتفاقيات رسمية ، لم تحقق أي منفعة للمغرب و كانت في الغالب نتيجة ابتزاز سياسي مرتبط بقضية الصحراء ، أحد المعيقات التي ستواجه حكومة العدالة والتنمية . فضلا عن سياسة التحرر الاقتصادي والتقويم الهيكلي، والتي رغم الاعتراف حتى ممن نصحوا بها بأضرارهما على الدول النامية التي طبقت عليها، فإنها تصب في صالح قوى محلية ليست على استعداد لتعديلها أو التخلي عنها ، وستواجه أي تغيير فيها بذرائع عضوية المغرب في منظمة التجارة الدولية وما بينه وبين الدول الغربية من اتفاقيات وشراكات تجارية،بالإضافة إلى سياسات ما يعرف بالتفويض المفوض التي أوكلت خدمات إلى شركات أجنبية تستنزف الموارد المحلية وتصدر فائض قيمة استثماراتها للخارج، والشركات الناجحة مثل اتصالات المغرب وغيرها من مؤسسات الدولة الاقتصادية التي كانت تدر دخلا هاما على خزينة الدولة و تم بيعها لشركات أجنبية لسداد القروض الأجنبية أو لأغراض أخرى غير التنمية الاقتصادية ، في صفقات شفافيتها موضع شكوك، ولم يعد بإمكان الحزب استعادتها للدولة أو للشعب المغربي مرة أخرى ولا مجال لمراجعتها والتراجع عنها. وستكون معركة بين تلك القوى المستفيدة منها وبين الحزب لو تصدى لها، وغير مضمون إلى أي جانب ستقف المؤسسة الملكية كحكم في الخلاف. وهناك أيضا العلاقات الغير معلنة سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي أو غرهما مع دولة مثل إسرائيل والتي يوجد في الدولة من يحرص عليها، ويتم تسويقها على أنها تساعد المغرب على أن يكون له دور في العملية السلمية ومناصرة حقوق الشعب الفلسطيني بينما لا توجد في الواقع أية مسيرة سلمية يمكن التعويل عليها.

فوزي منصور

No comments: