Thursday, November 10, 2011

لسودان ..ليبيا ..مصر : المثلث اﻻستراتيجي حين يتحول الى مثلث للمخاطر

مقدمة:
في حين ﻻ توجد دﻻئل في التاريخ على وجود علاقات ربطت السودان بليبيا اﻻ في العقود الثلاثة الماضية ، فإن العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين في مصر وليبيا تعود في الواقع الى عدة آﻻف من السنين.وكان لفظ : ليبي يطلق في التاريخ القديم على سكان شمال أفريقيا عامة بدءا من الوجه البحري في مصر حتي المغرب اﻷقصى واللغة الليبية القديمة التي مازالت بقاياها في واحتي سيوة وجالوا هي اللغة المصرية القديمة لسكان الدلتاوالصعيد اﻷدني.ومعظم القبائل الليبية تنتمي الى أوﻻد علي الذين ينتشرون غرب محافظتي الاسكندرية والبحيرة والقاهرة والجيزة وبني سويف والمنيا.حيث هاجرت عبر القرون بعض من بطونها وأفخاذها الى الفرب وانتشرت في السواحل الليبية محتفظة بنفس اﻷسماء اﻷصلية لها في مصر ومنها قبيلة القذافي نفسها والتي مازال يوجد بعض منها في غرب محافظة المنيا. وقد اعتمد الشريف إدريس السنوسي عليها في جهاده المسلح ضد اﻻستعمار الليبي وانتقل الكثير منها معه واستوطنوا ليبيا خاصة أقليم برقة.بينما ارتبطت مصر بالسودان منذ عهد محمد على الذى مد نفوذه حتي الشواطئ الشمالية لبحيرة فيكتوريا حيث توجد دولة أوعندا اﻵن جنوبا وشرفا الى سواحل اريتريا.

الذي يهمنا في هذا البحث هو بيان أن مصر والسودان وليبيا يشكل ثلاثتهم ما يمكن تسميته بالمثلث اﻻستراتيجي ، أي منطقة جيوسياسية وجيواقتصادية للدول الثلاث تمثل الفضاء الحيوي لهما الذي ﻻ غني ﻷي منهما عنه وعن استقراره وتنميته وتحسين أوضاعه لكي يعود ذلك بالنفع واﻷمان على السكان في الدول الثلاثة. وكل من هذه الدول يعد عمقا استراتيجيا ضروريا ﻷمنها القومي وحمايته. وبالتالي فإن أية اضرار تلحق بأي منها تنعكس سلبا على المصالح المستقبلية للدولتين اﻵخرتين. كما أن اﻷضرار التي تلحق بأي منها من قبل الدولتين الباقيتين تعد أسوء مما قد يلحق بها من دول خارجية وأكثر ضررا. ولقد اشتكى الرئيس السوداني عمر البشير عن حق من تأمرات كل من الرئيسين السابقين لمصر وليبيا على بلاده ودورهما في تقسيمه الى جانب الدول اﻷجنبية اﻷخرى وهو ما يجعل المثلث اﻻستراتيجي قد تحول بسبب السياسات العشوائية الى مثلث للمخاطر وليس للنهوض بأوضاع البللدان الثلاثة .

ويتميز هذا المثلث إذا ضم دوله الثلاث تحالفا ومشروعات للتنمية المشتركة وحققت من جراء ذلك نهضة وقوة، أمكانية توسع المثلث جنوبا وغربا لضم دول أخرى مجاورة لها ومن هذه الدول اﻷكثر تجانسا معها كل من أثيوبيا وأريتريا وتشاد وأوغندا في الجنوب وتونس والجزائر والمغرب غربا.وﻻ أتحدث هنا عن وحدة سياسية جامعة لتلك الدول وأنما نظم جامعة لها على غرار اﻻتحاد اﻷوروبي شمال المتوسط الذي تقع تلك الدول على ساحله الجنوبي. ولو أن الوحدة السياسية تعد أملا إن تحقق مستقبلا فنعم بها, وإن تعذر تحقيق تلك الوحدة أمكن تحقيق مصالح الشعوب بدونها على نحو ما كان يمكن تحقيقه بها.

سأكتفي هنا بعرض تاريخي موجز لعلاقات كل من مصر والسودان بليبيا خلال العقود اﻷربعة الماضية ويتضح من العرض كيف كانت سياسة كل دولة منهما قبل ليبيا وسياسة ليبيا معهما تعتمد على اﻻنفعاﻻت النفسية للحكام، وردود أفعالهم ، وأحقادهم وأطماعهم الشخصية ، ولم تكن تحكمها أي رؤي استراتيجية أو تحقيق مصالح شعوبهم.وﻻيتسع المقام هنا لسرد تاريخ مصر والسودان الطويل والمؤثرات التي تعرض لها، وهو ﻻ يختلف في خلفياته ومحركاته عن تلك الدوافع الشخصية للحكام.ويكفي القول هنا بأنه رغم أن جعفر نميري أخذ على عاتقه الدفاع عن أنور السادات وتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد في التجمعات العربية وأعلن عن قانون للتكامل بين مصر والسودان أعطى للشعب المصري في السودان نفس حقوق السودانيين ، فإن السادات لعب الدور المطلوب منه أن يلعبه من قبل أمريكا ﻹزاحة جعفر نميري عن السلطة، أما خليفته فقد بدأ عداءه للسودان بعد انقلاب الانقاذ بعد أن تأكد وجود حزب حسن الترابي خلفه، ثم استعر العداء له بعد أن ثبت تورط عنصرين من المخابرات السودانية في محاولةاغتياله الفاشلة في أديس أبابا عام 1995، وانضم في التأمر عليه الى القذافي وإسرائيل وأوغندا وباقي الدول والهيئات الكنسية التي تكالبت على السودان ودعمت الحرب اﻷهلية فيه وتقسيمه في نهاية اﻷمر في منتصف عام 2011.

العلاقات المصرية الليبية:
توترت العلاقات بين ليبيا ومصر ابتداء من منتصف السبعينيات خلال حكم السادات حتي كاد اﻷخير أن يشن حربا على ليبياعام 1977 لتأديب القذافي لوﻻ منع الوﻻيات المتحدة له .ففي يونيو 1977 أمر القذافي حوالى 225000 مصري يعملون في ليبيا بمغادرة البلاد وذلك بحلول الأول من مارس وإلاَ واجهوا الاعتقال. في 21 يوليو 1977 بدأت معارك بأسلحة نارية بين القوات المتواجدة على الحدود بين البلدين، حيث أطلقت وحدات مدفعية ليبية قذائفها على مدينة السلوم الحدودية المصرية.في اليوم نفسه ردت القوات الجوية المصرية بمهاجمة قواعد عسكرية في شرق ليبيا بأسراب من طائرات سوخوي إس يو - 20 وميج 21 فدمرت طائرات ليبية.يوم 22 يوليو قصفت طائرات سوخوى إس يو - 20 وميج 21 مصرية قواعد جوية ليبية جنوب طبرق، ولاحقًا في ذلك اليوم قصفت طائرات المصرية مواقع عسكرية ليبية في واحة الكُفرة، وطبقا لنفس المصدر العسكري فلم يُنزل مظليون مصريون خلف الحدود الليبية.يوم 23 يوليو هاجمت الطائرات المصرية قاعدة العدم الجوية جنوب طبرق، واستدعيت جميع المقاتلات الليبية من كافة أنحاء ليبيا إلى طبرق مما أدى إلى معارك جوية عنيفة بين الطائرات المصرية والطائرات الليبية.. وتم التوافق على وقف لإطلاق النار في 24 يوليو بوساطة بعد مقتل السادات سنة 1981
.
وبعد مقتل السادات عام 1981 حرص حسني مبارك إقامة علاقات مع نظام القذافي وتشكل مكتب علافات ليبي مصري برئاسة أحمد قذاف الدم القذافي لكي يكون منسقا للعلاقات بين ليبيا ومصر.ولعل العلاقة بينهما بدأت عندما طلب القذافي من السادات أرسال خبير في الطائرات الحربية لكي يساعد في مراجعة مواصفات طائرة ميراج 2000 تنوي ليبيا شرائها من فرنسا فأوفد له حسني مبارك الذي كان يعمل مدرسا في كلية الطيران رغم عدم معرفته اللغة الفرنسية وأنجز مبارك الصفقة وحصل على عمولة مالية من الشركة الفرنسية المنتجة للطائرة دون علم السادات وكانت تلك العمولة بداية تكوين حسني مبارك لثروته الشخصية.
وظلت العلاقات الرسمية بين البلدين فاترة نوعاما التقي القذافى مع الرئيس المصرى المخلوع حسنى مبارك فى المغرب عام 1989 أثناء إنعقاد مؤتمر القمة العربية فىه و ثم اﻻتفاق بينهما على إلغاء تأشيرات الدخول لمواطنى البلدين .ثم أعقب ذلك توقيع عشر إتفاقيات تنظم كافه أوجه التعاون بين البلدين فى عام 1991 .واستمر التعاون بين النظامين الحاكمين في البلدين وأخذ منحا سريا بعد حادثة لوكيربي وصدور قرار من اﻷمم المتحدة عام 1992 بفرض حصار على ليبيا، وتحولت مصر الى المنفذ الوحيد لليبيا على العالم الخارجي وحول القذافي حسبما تردد وقتها عشرين مليار دوﻻر الى مصر حتى ﻻ تطالها العقوبات اﻷمريكية وتم ايداعها في حساب خاص صري بالبنك المركزي خاص بالودائع المالية ، وربما كلف مبارك ابنه جمال بادارته باعتباره اكتسب خبرة من العمل في البنوك ببريطانيا قبل أن يعود الى مصر .ومن هذه الوديعة تم اﻻنفاق على مشروع مفيض توشكي ومشروعات أخرى عرفت وقتها بالمشروعات القومية الكبرى .واستمر الوضع إلى أن توصلت بتسوية مع الوﻻيات المتحدة اﻷمريكية بخصوص تلك القضية في عام 2003 ثم بدأ التعاون بينهما يأخذ شكلا علنيا بعد ذلك ففي عام 2008 انعقدت انعقدت اللجنة العليا المصرية الليبية بالقاهرة فى 3 يوليه 2008 تم خلالها التوقيع علي إطار استراتيجي للتعاون الاقتصادي بين البلدين يستهدف:
1. تحديد المشروعات الاستثمارية و تحديد أعداد العمالة المصرية المطلوبة في ليبيا.
2. دفع قيمة الإستثمارات الليبية في مصر وقيام الجانب المصري بتقديم فرص استثمارية بنحو 8 مليار دولار من خلال عدة مشروعات أهمها:
‌أ. الرافد الرابع بمشروع توشكى و القائم علي المياه النيلية
‌ب. أراضي الفرافرة بالوادي الجديد التي تعتمد علي المياه الجوفية
‌ج. مشروعات محددة في المجالات الصناعية و التعدين و الطاقة ( الاتفاق علي إقامة خط غاز طبيعي من طبرق إلي الإسكندرية و إنشاء مصفاة للبترول غرب الإسكندرية بتمويل ليبي )
‌د. اقتراح مساهمة ليبيا في تصنيع المازوت بمعمل تكرير أسيوط
‌ه. مشروعات في مجالات النقل و البنية التحتية.
‌و. الاتفاق بالإسراع علي دراسة المنطقة الصناعية و الخدمية الحرة المشتركة من مرسي مطروح حتي طبرق.
‌ز. عرض لإتاحة أراضي في القاهرة الجديدة أو في مدينة 6 أكتوبر لإنشاء مدينة الفاتح علي غرار مدينة الشيخ زايد.
‌ح. عرض الجانب الليبي توطين 250 ألف مصري.
‌ط. تقنين أوضاع العمالة المصرية في ليبيا.
وحسب موقع مصلحة اﻻستعلامات المصرية فإنه - خلال 2008 تم ضخ مليار دولار استثمارات ليبية فى السوق المصرى تخص المشروعات التنموية فى مجال الزراعة والصناعة ، وفى مارس 2008 تم الاتفاق على رفع حجم الاستثمارات الليبية فى مصر ليصل الى 3 مليارات و15 مليون جنيه فى 7 مجالات هى ( الصناعة – الزراعة – التمويل – الخدمات – الإنشاءات – السياحة – الاتصالات و المعلومات ) بالإضافة إلى برامج التعاون الموقعة بين البلدين , وفى مقدمتها مجالات الكهرباء والطاقة والصحة والبترول والتشيد والبناء والمواد الغذائية والملابس الجاهزة والتى أسفر عنها تأسيس 5 شركات مشتركه بين مصر وليبيا لنقل خطوط الغاز الطبيعى للمنازل والمصانع الليبية , بالإضافة إلى إنشاء أول بنك وشركة تأمين بالمشاركة مع ليبيا لدفع حركه الإستثمار .

• فى نهاية عام 2008 تم الاتفاق بين البلدين على استثمار 5 مليارات دولار فى 3 مشروعات للطاقة فى مصر تتضمن بناء مصفاة جديدة طاقتها 250 ألف برميل يوميا وتحديث مصفاة مصرية قديمة وفتح 500 محطة برميل فى مصر .

ثم عقدت اللجنة العليا المصرية ـ الليبية المشتركة دورتها العاشرة في ديسمبر2009 بالعاصمة الليبية ‏،ناقشت عدة ملفات مهمة من بينها :
1. إعطاء دفعة قوية لزيادة حركة التبادل التجاري بين البلدين تصديرا واستيرادا ، وأهمية تعريف المستثمرين من الجانبين بما يتمتع به كل بلد من إمكانيات وفرص استثمارية كامنة .
2. تفعيل اتفاقيات الحريات الأربع وزيادة الاستثمارات الليبية في مصر خاصة في القطاع السياحي والفندقي والبترول حيث تم بحث تنفيذ وإنشاء مصفاة لتكرير البترول في أسيوط ومشروع لإنشاء شركة مشتركة للمصايد بين مصر وليبيا
3. بحث تفعيل إنشاء مدينة الفاتح في التجمع الخامس وإقامة مشروعات مشتركة في الدول الأفريقية جنوب الصحراء .
4. بحث مشروعات شركات الكهرباء المصرية في مجال الربط الكهربائي بين مصر وليبيا
5. بحث مشاركة شركات المقاولات المصرية في النهضة العمرانية في ليبيا مع إنشاء منفذ مشترك بين مصر وليبيا لتسهيل عملية الانتقال للأفراد والشاحنات والبضائع والسلع والخدمات بين البلدين ثم من مصر إلي تونس عبر ليبيا
6. عقد خمس لجان لتقنين أوضاع العمالة المصرية في الجماهيرية الليبية .
7. اتفاق فى مجال التعاون بين البورصة المصرية وسوق الأوراق المالية الليبية وشركة مصر للمقاصة ينص على تبادل ونشر المعلومات والتعاون الفني وتدريب العاملين ونقل الخبرات فضلا عن اتفاق أطر بين سوق الأوراق المالية الليبية وشركة مصر للمقاصة لوضع نظام آخر لتداول بعض المستحدثات المالية الجديدة .
8. تسهيل أعمال المستثمرين في البلدين لتنفيذ العديد من المشروعات الصناعية‏ في مجالات الطاقة‏،‏ الصحة‏،‏ التشييد والبناء‏،‏ المواد الغذائية‏،‏ الملابس الجاهزة‏
9. زيادة التعاون في مجال البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات‏
10. بحث إنشاء منطقة صناعية وتجارية واستثمارية وخدمية حرة بين البلدين‏.‏
11. توقيع مذكرة تفاهم للتعاون فى مجال المراكز البحثية والتكنولوجيا.
12. توقيع مذكرة تفاهم للتعاون فى مجال الاشتراك فى المعارض والأسواق الدولية.
ولم يتحقق الكثير مما اتفق عليه بين الجانبين حتي قامت الثورة المصرية في 25 يناير التي أطاحت بحسني مبارك وتلتها الثورة الليبيةفي 17 فبراير التي نجحت مؤخرا في التخلص من معمر القذافي ودفعت ثمنا لذلك مقتل عدد يقدر بخمسين ألف ليبي وجرح عشرات اﻵﻻف منهم تم توزيعهم على مستشفيات تونس والمغرب ومصر وتركيا.

وعلى صعيد العلاقات التجارية فقد تضاعف حجم التبادل التجاري عام 2008 ليبلغ 869 مليون دولار مقارنة ب 448 مليون دولار عام 2007،

ووجد نتيجة ذلك فى مصر عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية والشركات بمساهمة ليبية بلغ عددها فى آخر إحصاء خلال نوفمبر 2009 نحو 324 شركة أكثر من 55 % منها أغلبيته ليبية،وهى شركات متنوعة النشاط منها الأنشطة الخدمية والسياحية والزراعية والإنشاءات والصناعة والاتصالات ، وكان يشرف على هذه اﻻستثمارات الليبية مكتب يترأسة إحمد قذاف الدم أين عم القذافي وظل مسؤوﻻ عن اﻻستثمارات الليبية في مصر لحين انتهاء حكم القذافي ومقتله وغير معروف مصير تلك اﻻستثمارات اﻵن أو ما حل بها.

ولم يمنع هذا من تقلب المواقف الليبية ، ففي عام 2007 ليبيا ، مصر، بإصدار تعليمات جديدة لتنظيم دخول المصريين إلى ليبيا عبر منفذ السلوم البري الذي يدخل ويخرج منه معظم المصريين، وأعلنت وزارة الخارجية المصرية أن هذه التعليمات التي أصدرتها وزارة الداخلية الليبية، وبدأ تنفيذها اعتبارا من الساعة الخامسة مساء أمس الأول تقضي بالسماح بدخول الأراضي الليبية فقط لمواليد محافظة مرسى مطروح الحدودية شمال غرب مصر، على أن يكونوا من حاملي عقود العمل السارية، وكذلك أصحاب المهام الرسمية، وسائقي سيارات النقل ومساعديهم، وأصحاب البضائع، وأزواج الليبيات، وزوجات الليبيين، وأصحاب تأشيرات الدخول بغرض العمل الصادرة من مكتب المتابعة الليبي.
وتم طرد بعض العاملين المصريين من ليبيا.ه قال أحمد قذاف الدم منسق العلاقات المصرية الليبية «إن المصريين الذين وصلوا معبر السلوم (المنفذ البري بين مصر وليبيا)، مخالفون لقوانين العمل والإقامة بليبيا، وإنهم عائدون لتوفيق أوضاعهم»، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق مع وزراء مصريين زاروا ليبيا مؤخراً على وضع ضوابط للعمل في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة أن هناك ضغوطا غربية في هذا الشأن.أما مسألة مواليد مرسى مطروح فقال عنها قذاف الدم «إنه اتفق بين مصر وليبيا خلال عهود جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك (رؤساء مصر)، على أن يكون لأبناء كل من محافظة مطروح المصرية، ومنطقة طبرق الليبية خصوصية في العلاقة بين البلدين، فيما يتعلق بالحركة، باعتبارهما أبناء مناطق حدودية متجاورة».

وعندما قامت الثورة الليبية ضد القذافي وقام بقصف البيضائ وطبرق وبني غازي وإجدابيا بالطائرات والصواريخ والمدافع استنجد الثور بمصر فلم تنجدهم ، فاستنجدوا بالجامعة العربية التي استنجدت بدورها بمجلس اﻷمن ، وانتهي اﻷمر بقيام حلف الناتو بالتدخل العسكري الجوي لحمايةالثوار .وفي نفس الوقت امتنعت عن اﻻستجابة لطلب القذافي تقديم الدعم له ولطلبه أيضا اغلاق الحدود البرية المشتركة بين البلدين.وحسب عبد المنعم الهوني فإن المجلس العسكري المصري تعرض الى إغراءه بالمال وبصفقات تجارية هائلة لتزويده بالسلاح والعتاد العسكري من قبل القذافي لمساعدته على إجهاض ثورة السابع عشر من فبراير الليبية.ومن الواضح أن عروض القذافي قدمها لمصر إبن عمه أحمد قذاف الدم وعندما لم يجد استجابة فورية منهم انتقل الى سوريا حيث عقد معها صفقة لتزويد قوات القذافي في طرابلس بالصواريخ أرض أرض وأرض جو وتم شحن اﻷسلحة اﻻ أن السفينة التي تحملها تعرضت لها السفن الحربية اﻹسرائيلية وصادرتها ثم قامت بالافراج عن اﻷسلحة وحملتها سفنيةأخرى تعرضت لها سفن حلف الناتو اﻻ أن الولايت المتحدة تدخلت بناء على طلب اسرائيل للأفراج عنها والسمح لهاباتمام رحلتها وتفريغ حمولتها في ميناء طرابلس.

وقد حرص رئيس المجلس اﻻنتقالي الليبي أن تكون أول زيارة له بعد التخلص من القدافي الى القاهرة حيث أجرى مباحثات مع المجلس العسكري المصري الحاكم وحكومة الدكتور عصام شرف لم يتم اﻻفصاح عن محتواها أو ما تم اﻻتفاق عليه بين البلدين.
وفي أوائل أكتوير الجاري وقّع اتحاد قطاع الهندسة والإنشاءات في ليبيا بروتوكولاً للتعاون مع وزارة القوى العاملة المصرية بهدف استقدام العمالة المصرية ا لمدربة إلى ليبيا للمساهمة في إعادة الإعمار، وقال محمد ماغي المنيفي المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد ان زيارة وفد الاتحاد لمصر تهدف إلى تفعيل دور العامل المصري والابتعاد عن السلبيات التي نسبت إلى العمالة المصرية مؤكدا أن سوق العمل في ليبيا بحاجة إلى عمالة مدربة وماهرة وبخاصة في قطاع الإنشاءات.بينما أشار المهندس سعيد الرئيس منسق عام الاتحاد إلي أن ليبيا تتجه بشكل فعال إلي أشقائها المصريين لإعمار وطنهم الثاني لأن المواطن الليبي قد تعود على طباع العامل المصري وأصبحت هناك ألفة بين أصحاب العمل والعمال والحرفيين الأمر الذي دفعنا إلى زيارة مصر أولا لتوقيع اتفاقيات تعاون في مجال عمالة الإنشاء والإعمار.ويبدو أن العلاقات المصرية الليبية بعد الثورة الليبية سيتم اختزالها في أن تتحول الحكومة المصرية الى مجرد "مقاول أنفار" لتزويد ليبيا باحتياجاتها من عمال البناء للعمل مع شركات المفاوﻻت اﻷجنبية التي ستبرم معها الحكومة الليبية الجديدة عقود اﻹعمار ﻹعادة بناء ما هدمته الحرب.

Fawzy Mansour على إثر استيلاء معمر القذافي على الحكم في ليبيا قامت شركات المقاوﻻت المصرية بتنفيذ أكبر مشروع اسكان شمل كافة المدن الليبية ويعد اﻷكبر في تاريخ المنظقة وقد شاركت في تجميع الدراسات الخاصة به بالنسبة للجزء الذي اختصت به شركة المقاوﻻت التي كانت مكلفة به وحضور اﻻجتماعات وفتها التي كان يعقدها وزي اﻻسكان بمعية نائب رئيس مجلس ادارة الشركة واﻵن يتحول دور مصر في ليبيا الى"مورد أنفار " لشركات المقاوﻻت اﻷوروبية التي سيتم التعاقد معها لتعمير ليبيا. إن هذا يق دليلا على فشل السياسة المصرية إزاء هذاالبلد الجار رغم أن رئيس المجلس اﻻنتقالي الليبي خص مصر بأول زيارة له خارج بلاده بعد اﻹطاحة بنظام القذافي وكان الثوار في بني غازي في بداية ثورتهم رفضوا أي تدخل أجنبي في بلادهم واستغاثوا بمصر وعندما يئسوا منها التجأوا الى الجامعة العربية التي فوضت أمرهم الى اﻷمم المتحدة ال ترك اﻷمر بدورها لحلف الناتو..ومع ذلك أعرب الرسميون الليبيون تقديرهم لعدم استجابة السلطات المصرية ﻻغراءات القذافي لها لدعمه وطلبه إغلاق الحدود بين البلدين وكان ذ فرصة لدراسة التعاون بين مصر وليبيا على كافة اﻷصعدة..ﻻيمكن تفسير التقاعس المصري اﻻ بأمرين : إما اﻻنشغال بالحفاظ على السلطة في مصر الذي يع المسؤولين فيها اﻻهتمام بمصالح مصر اﻻستراتيجية أو أن الطمع في الممتلكات واﻷموال الليبية التي كان يديرها أحمد قذاف الدم والذي مازال موقف السلطات المصرية منها يسوده الغموض هذا الطمع جعل المصالح الشخصية لهؤﻻء المسؤولين أهم من المصالح الوطني المصرية,

العلاقات السودانية الليبية:
مع أنهما دولتان جارتان لم تكن ثمة علاقات تربط بين ليبيا والسودان ذات أهمية بسبب افتقاد طريق بري مأمون بينهما يربط بين التجمعات السكانية السودانية حول النيل وواجة الكفرة أقرب مكان معمور في الصحراء الليبية للسودان ، وهو وضع مستمر حتى اﻻن ،ويصل طول الحدود بين البلدين الى حوالى 400 كيلومتر تعد جزءا من الصحراء اﻷفريقية الكبرى القاحلة التي تمتد من شمال السودان حتي موريتانيا.. اﻻ أنه في عام 1969 بدأنوع من التواصل السياسي بين البلدين أذ شهد انقلاب القذافي في ليبيافي أول سبتمبر وانقلاب جعفر نميرى في السودان في 25 مايو ، أي قبله بحوالي ثلاثة أشهر ،وكان كل منهما متأثرا بمصر عبدالناصر.

وشكلت البلدان الثلاث أنذاك محوراً وحدوياً عقدت عليه اﻵمال في تحقيق نهضة اقتصادية في ثلاثتهما تعتمد على على تكامل ثلاثة عناصر, الأيدي العاملة المصرية والأراضي والموارد الطبيعية السودانية ورأس المال الليبي.

وأسهم القذافي في يوليو 1971 بفعالية في إحباط انقلاب قاده عسكريون من الحزب الشيوعي السوداني على نظام نميري, باعتقاله للمقدم بابكر النور رئيس المجلس الانقلابي الجديد, والرائد فاروق حمد الله, حين أجبر طائرة بريطانية على الهبوط, كانت تقلهما في طريق عودتهما من لندن إلى الخرطوم أثناء مرورها بالأجواء الليبية وسلمهما للنميري الذي أعدمهما ضمن آخرين ، كان على رأسهم هاشم عطا الذي قاد اﻻنقلاب ، ومنظر الحزب الشفيع أحمد الذي لم يكن له علاقة به وكذلك جوزيف قرنق عضو الحزب الشيوعي وأحد أهم المثقفين الجنوبيين فيه ،في محاكمات عسكرية سريعة بعد ثلاثة أيام من الانقلاب عليه.وتمكن بذلك من اﻻحتفاظ بالسلطة.

اﻻ أن رحيل الرئيس عبد الناصر نهاية 1970 وتولى السادات وتطلع القذافي الى اقامة اتحاد بين الدول الثلاث يتولي فيه منصب قائد أعلى للقوات المسلحة للدول الثلاث غير قابل للعزل أثار مخاوف السادات ونميري من نواياه وتحولت العلاقة بينهما وبينه الى العداء السافر . وأثار ذلك حقد القذافي عليهما ولعدم استطاعته النيل من السادات فقد وجه كل حقده الى نظام نميري في السودان وقام بتسليح معارضين له يتبعون حزب اﻷمة قاموا بمهاجمة السودان عبر دارفور في يوليو 1976ـوكان مما حفزه على ذلك أيضا قيام جعفر النميري بإنزال مجموعة طائرات عسكرية ليبية كانت تعبر الأجواء السودانية في طريقها إلى أوغندا التي كانت على وشك الدخول في حرب مع تنزانيا، وأمر بإعادتها إلى ليبيا التزاما باتفاقيةوقعها السودان تلزمه بعدم التدخل في شؤون الدول الأفريقية المجاورة، مما اعتبره القذافي خيانة له.كما قام القذافي بقصف الإذاعة السودانية عام 1984 بطائرة جربية ليبية متهما نميري بدعم حركة تمرد عليه وأنها أذاعت بياناتها من ألإذاعة السودانية. وتواصل عداؤه للسودان لحين اﻹطاحة به في أوائل ابريل عام 1985 خلال غيابه عن البلاد في رحلةعلاج بالوﻻيات المتحدة بما عرف باﻻنتفاضة الشعبية.ومع منتصف الثمانينيات بدأ القذافي في تقديم الدعم لمتمردي جنوب السودان بزعامة جون قرنق .بينما كان في نفس الوقت يدعم حكومة الصادق المهدي الذي كان حليقا له ضد نميري حيث قدم لحكومة الخرطوم بعض المساعدات اﻻقتصادية والمالية

اعتبر القذافي أن سقوط نظام نميري بانتفاضة العام 1985 نجاحاً حاسماً له في معركته الطويلة مع خصمه اللدود, ولم يكتف بذلك بل اعتبر أن الوقت حان ليرد له نظام الحكم الجديد في الخرطوم الجميل بدور فاعل لليبيا في تشكيل الوضع السياسي الجديد في البلاد, فشهدت الساحة السودانية حضوراً لافتاً لحركة اللجان الثورية الليبية, وتعزز الدور الليبي بفوز حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي, أوثق حلفاء القذافي بين القوى السياسية السودانية, بأكثرية مقاعد البرلمان في أول انتخابات أجريت بعد الانتفاضة ليتولى رئاسة الوزراء في العام 1986, وزاد من أهمية الدور الليبي أن حكومة المهدي اضطرت في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة للاستعانة بالقذافي للحصول على مساعدات مالية، فاستجاب لها بتوفير إمدادات نفطية ومساعدات عسكرية .اﻻ أن العلاقات سرعان ما توترت بينهما عندما لم تستجب حكومة المهدي لطلب القذافي السمتاح لقوات ليبية بالدخول إلى شرق تشاد عبر دارفور المجاورة في محاولة لمحاصرة قوات غريمه الرئيس التشادي حسين هبري, الذي كان ألحق هزيمة قاسية بقوات القذافي في معارك السيطرة على شريط أوزو. إﻻ أن ذلك لم يمنع قوات القذافي من الدخول فعلا الى دارفور والبقاء فيها في النصف الثاني من الثمانينيات, وتسبب وجودها في توترات حدودية وصلت ذروتها مع نشوء أزمة دارفور الحالية والتي كان القذافي أيضا من وراء امداد المتمردين بالسلاح والمال فيها، وخاصة تنظيم حركة العدالة والمساواة.

لقد حاولت حكومة اﻻنقاذ التي جاءت بانقلاب عام 1989 كسب ود القذافي وأن ترتبط بعلاقات سلام مع نظام القذافي لتحييد موقفه منها ومن خصومها السياسيين ، وخاصة دعمه للمتمردين في الجنوب والذي استمر ﻻبتزار القوى الشمالية إﻻ أنها لم تحقق أي نجاح يذكر ورغم دعمها السياسي المعلن للقذافي في أزمته مع الغرب لم يقدم القذافي أي دعم لها له أية أهمية.

وحين كانت حكومة السودان تتفاوض مع متمردي الجنوب لعقد اتقاقية سلام معهم والتي انتهت باتفاقيةنيفاشا عام 2005 فوجئت بتحريك القذافي التمرد المسلح في دارفور عام 2003 والذي تحول الى حرب ضروس في دارفور فور توقيع اتفاقية نفاشا، ولو أن الحكومة السودانية لم تكتشف دور القذافي فيها مبكرا الى حد اللجوء اليه لحلها والتوسط أيضا بينها وبين جارتها تشاد التى كانت الخرطوم تتهمها بأنها خلف كل التوترات الحدودية في دارفور وكانت بالفعل ضالعة فيها.ويبدو أن الخرطوم لم تنتبه الى الدور الليبي حتي قامت قوات العدل والمساواة المدعومة ليبيا من هجوم تلك الحركة المتمردة على أم درمان أحدى مكونات العاصمة الخرطوم الثلاثة في مايو 2008 ، وعلى إثر ذلك الهجوم بدأت الخرطوم تتهم علنا القذافي بأنه يسعى الى عدم استقرار السودان ، وكرد فعل منه على هذه اﻻتهامات بدأ القذافي اللعب على المكشوف ، وأقام محورا مع أوغندا ومع تشاد لدعم انفصال الجنوب السوداني وتكوين دولة فيها واستمر في دعم الجنوبيين من ناحية والمتمردين في دارفور من ناحية أخرى.وقيل أن حقده على حكومة السودان نتج عن مماطلة هذه اﻷخيرة في تنفيذ مشروع لنقل مياه النيل الى واحة الكفرة الليبية ومن ثم الى الشمال الليبي عبر أنابيب وهو المشروع الذي اضطر القذافي أن يستبدله بمشروعه الذي أطلق عليه : النهر الليبي العظيم.

وقد نجحت الخرطوم في عقد اتفاق مصالحة مع تشاد في عام 2010 للحد من تدخلات القذافي في اﻷزمة كما نقلت الوساطة الى قطر مع المتمردين وهو ما تسبب في تقلص دور القذافي نسبيا أذا أخدنا في اﻻعتبار استمرار دعمه لحركة العدل والمساواة وتزويدها بالمال والسلاح حتي قامت الثورة عليه وانتهت بقتله.

وقد أقر الرئيس السوداني مؤخرا في مدينة كسلا بأن السودان قام بتزويد الثوار على القذافي بذخائر وأسلحة سودانية في مصراتة والجبل الغربي وبنغازي والكفرة وطرابلس لإسقاط نظام القذافي)، كرد فعل لمساهمات القذافي المستمرة في أثارة القلاقل والصراعات المسلحة ضد الحكومة السودانية وأن السودان رد بذلك الصاع صاعين له.وثمة معلومات في هذا الشأن بأن بأن المجلس الانتقالي الليبي طلب دعما محدداً من الحكومة السودانية قبل سقوط الرئيس معمر القذافي وهروبه من طرابلس بنحو أسبوعين، والحكومة السودانية بدورها وفرت ما هو مطلوب منها.

وكانت نهاية القذافي تعد بمثابة الحد من خطورة التمرد في دارفور بالنسبة للخرطوم إذ استنقدت حركة العدل والمساواة قوتها في الحرب الليبية ضمن كتائب القذافي وتكبدت خسائر بشرية فادحة فيها ، وأذ وردت أنباء بأن زعيم الحركة لجأ الى تشاد وهو يحمل كمية كبيرة من اﻷموال والذهب الليبي فإن نفس اﻷنباء تشير بأن نهاية هذه اﻷموال المحمولة كانت في القصر الرئاسي التشادي ، وهو ما قد يستفاد منه بأن الرئيس التشادي استولي عليها ولم يعد بامكان الحركة اﻻستفادة منها في تجنيد مرتزقة جدد في حربها ضد الحكومة السودانية مما مكن تلك اﻷخيرة لتوجيه قواتها المسلحة للقضاء على التمردات المسلحة في وﻻية النيل اﻷزرق التي يقودها مالك عقار وفي جنوب وﻻية كردفان الدي يقودها ياسر عرمان ، وكلاهما ذراعان للحركة الشعبية في جنوب السودان.

وبينما تسعى دول حلف الناتو التي ساعدت الثوار في ليبيا الى استثمار ذلك لصالحها، فإنه يبدو حتى اﻵن أن الحكومة السودانية ﻻتملك أي رؤيا مستقبلية للعلاقات مع الحكومة الليبية الجديدة وأنها أكتفت بأن ثأرت من نظام القذافي لنفسها.وأن كل ما يهمها هو اﻷوضاع اﻷمنية فقد ، فقد زار ليبيا في 29 سبتمبر الماضي النائب الأول للرئيس السوداني، على عثمان محمد طه، قيل أنها سعت الى اقامة تعاونٍ جادٍ بين البلدين، يشمل مختلف المجالات، وإحياء عمل اللجان الوزارية المشتركة كمرحلة أولى.
ووفقًا للتصريحات التي أدلىبها على عثمان طه، فإن السيطرة على الحدود وضبطها، كانت في مقدمة اهتمامات الحكومة السودانية، والمجلس الوطني الانتقالي، حيث تشكل قضية تهريب الأسلحة هاجسًا رئيسيًا للطرفين، رغم تقليلهما من التقارير التي نشرت مؤخرًا حول تهريب أسلحة، وصواريخ من الأراضي الليبية إلى السودان، والنظر إليها كمحاولة للتأثير على ترتيب الأوضاع بين البلدين وإعاقة الدور السوداني في بناء العلاقات مع طرابلس مستقبلا .ورافق على عثمان طه وفدامن رجالات المال والأعمال السوداني، إلى للنظر في كيفية الاستفادة من الموارد الاقتصادية التي تتمتع بها ليبيا.وكانت قد سبقتها زيارة مدير جهاز الأمن والمخابرات ووزير الخارجية، فالزيارة تشير إلى أن ثمة تقاربا بين الثوار والحكومة السودانية خاصة وان مجموعات كبيرة منهم كانت تقيم بالسودان في ثمانينيات القرن الماضي.

ويرجع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. صفوت صبحي فانوس ،حسب ماورد بصحيفة "ألوان" ،عدم وجود سياسة لدى السودان إزاء ليبيا بعد القذافي أن السودان ليس به خبير في الشأن الليبي وأن الدور الليبي وسلبياته ظهر بعد غزو خليل إبراهيم للخرطوم ) وأن القذافي في مرحلة ما سعى إلى التوفيق بين السودان وتشاد لان دارفور بالنسبة لليبيا تشكل أهمية خاصة لانها ممر للتجارة الليبية وسوق لها ولان ليبيا تعتمد على الثروة الحيوانية الموجودة بدارفور وأضاف النظام الليبي القادم سيختلف عن مساره عن نظام القذافي (الأولوية للشأن الداخلي وليس للعلاقات الخارجية) محذراً من الهدوء الموجود حالياً بدارفور واعتبره حالة مؤقتة غير مطمئنة لأن خليل يحاول بناء قاعدة الانطلاق في احدى ولايات دارفور.وطالب أستاذ علم الاجتماع بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا مالك عبدالهادي بوضع سياسة مستقبلية تناقش قضية دول الجوار. ويمكن القول بأن السياسة الخارجية للسودان إزاء دول الجوار كانت قائمة على ردود اﻷفعال وليس على استراتيجية سياسية وكانت تتوخى درء اﻷخطار من تلك الدول وليس إقامة علاقات تعاون مشترك معها يتسم بالندية ، ولذا كانت هذه السياسة تعتمد على تقديم التنازلات أو المغريات كنوع من الرشوة وهو ما كان يزيد حكومات دول الجوار طمعا في المزيد من تلك الرشاوي واﻻبتزاز الى أقصي حد ممكن.

الخلاصة:
رغم اﻷهمية اﻻستراتيجية لليبيا بالنسبة لكل من جارتيها مصر والسودان ، فإن مصر التي حكمها بعد خلغ حسني مبارك المجلس العسكري الذي يعد امتدادا لنظامه وفساده وﻻيملك العسكريين أي خبرة سياسية مثله فإن مصر لم تساند الثورة الليبية، ولم تعرف كيف تتعامل معها بعد نجاحهاواقتصر كل تفكيرها على إعادة العمالة المصرية التي كانت فيها قبل الثورة وعادت الى مصر خلالها.
أما السودان والذي يحكمه هواة سياسة مارسوا السياسة على مدى عشرين عاما على أساس التعامل اليومي مع مستجداتها وحسم المشاكل اعتمادا على القوة العسكرية وليس على العقلية السياسة ، قإنهم لم يكتسبوا أية خبرة أو كفاءة سياسية في أدارة الشأن العام الداخلي أو الخارجي. ونتيجة لذلك لم يتجاوز دورهم والذي جاء متأخرا سوى تقديم السلاح للثوار الليبيين على سببيل الثأر منه وليس على أساس بناء علاقة بعيدة المدى مع حكام ليبيا الجدد ودعمهم. والعذر الوحيد لهم هو بدء التمردات المسلحة في جبال النبا جنوب كردفان وفي وﻻية النيل اﻷزرق متزامنه مع نهاية الثورة الليبية مع استمرار نزف جرح دارفور المزمن.
وفي نفس الوقت واصلت الحكومة السودانية سياسة تقديم الرشاوي للحكم المصري الجديد بدون الحصول على مقابل سوى التمنيات وواصل هو ابتزاز السودان واﻻمتناع عن تقديم أي مساعدة له سوى الوعود الزائفة والمماطلة.ولعل أكبر مثال لذلك منح السودان للمصريين الحريات اﻷربع مع مماطلة الحكومة المصرية في معاملة السودانيين بالمثل.

ولقد حرص الرئيس السوداني على زيارة مصر أيضا بعد الثورة ، ثم تبعه نائبه على عثمان طه مصحوبا بوفد سوداني وصرح في نهاية الزيارة انه جاء والوفد المرافق له الي مصر لتأكيد دعم السودان لمصر ولتأييد استقرارها والتشاور حول كيفية توظيف القدرات في البلدين من منظور استراتيجي وفق المصلحة المشتركة‏.‏ولكن هل يمتلك على عثمان طه هذا المنظور الاستراتيجي؟..إن المشهود له به بأنه خطيب مفوه قادر على أن يتحدث بلغة سليمة وبليغة في أي موضوع ارتجاليا وبدون اعداد مسبق لوقت طويل ، ولكن نتائج إدارته للشأن السوداني الداخل والخارجي لم تشهد نجاحات تدل على مهارته السياسية .

السياسيون المستنيرون في مصر والسودان يعلمون جيدا أهمية العلاقات بين البلدين ، وكان أول ما اهتم به الدكتور نبيل العربي عندما عين وزير خارجية لمصر بعد الثورة هو اﻻهتمام باصلاح العلاقات مع دول حوض النيل اﻷفريقية وفي مقدمتها السودان،وربما كان ذلك سبب تعيينه أمين عام للجامعة العربية ﻻبعاده عن الخارجية المصرية ، وكانت أول زيارة يقوم بها الدكتور عصام شرف خارج مصر بعد تعيينه الى السودان ، ولكن يوجد انظباع عام بأنه رجل مغلوب على أمره من قبل المجلس العسكري الحاكم ، وفي ندوة نظمها معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، بالاشتراك مع جمعية خريجي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وبالتعاون مع مركز تنمية الموارد الطبيعية والبشرية في إفريقياخلال يومي 30و31 مايو 2011 و في إطار الاهتمام بإعادة تشكيل السياسة الخارجيةاﻷفريقية لمصر ما بعد الثورة، انتهى المؤتمرون بالنسبة للعلاقات المصرية السودانية الى ضرورة صياغة استراتيجيات جديدة، في ظل تلك المعطيات، لمزيد من التقارب بين الشعبين لتحقيق أكبر قدر من المصلحة المتبادلة وفق رؤي حكومية راشدة.وإلى أن علاقة مصر بالسودان يجب أن تسير في ثلاثة اتجاهات رئيسية، أولها: توطيد العلاقات مع السودان الشمالي، وصولا للتكامل بين البلدين، والعمل علي طرح خيار وحدة وادي النيل كخيار استراتيجي، ومناقشة تحدياته، وتقييم الاتفاقات السابقة بين البلدين. ثانيها: أن تعمل مصر منفردة، وبالتعاون مع شمال السودان وجنوبه، لإيجاد روابط استراتيجية قوية بينها وبين الدولتين، والحفاظ علي سلامة تأسيس الدولة الجديدة، والحد من الحروب الأهلية وانتشارها لما تسببه من زعزعة للأمن القومي في وادي النيل. وثالثها: السعي المشترك لإيجاد حل سريع وعادل لأزمة دارفور، واتباع سياسة حكيمة في منطقة التماس (جنوب كردفان والنيل الأزرق ومنطقة أبيي).،اﻻ أن تلك الرؤئ المستنيرة تصطدم بعدم قدرة المجلس العسكري الحاكم على استيعابها وتفهمها وتقدير أهميتها والعمل بها.
مازالت المكونات الثلاثة للمثلث اﻻستراتيجي بعيدة عن فهم اﻷهمية اﻻستراتيجية له والتعامل معا على أساسها.
فوزي منصور

No comments: