Wednesday, November 2, 2011

سوريا في مواجهة انتفاضتها ...هل ستلتزم بخطة الجامعةالعربية؟

اﻷربعاء الثاني من نوفمبر 2011..تقرير أخباري:

قامت يوم اﻷربعاء الماضي الموافق 26 أكتوبر لجنة وزارية عربية موفدة من الجامعة العربية بزيارة سورياوحذرت الرئيس السوري من إمكانية خروج الأزمة السورية من الإطار العربي وتدويلها، وطالبوه بوقف العنف فورا.ورد الرئيس السوري في تصريح له يوم اﻷحد الماضي حذر من أن أي تدخل غربي ضد دمشق سيؤدي إلى “زلزال” من شأنه أن “يحرق المنطقة بأسرها”.وقال بشار اﻷسد في تصريحاته للتلفزيون الروسي أن القوى الغربية تخاطر بالتسبب في "زلزال" بالشرق الاوسط اذا تدخلت في سوريا بعدما طالب محتجون بحماية خارجية لوقف قتل المدنيين.وأضاف : "سوريا هي المحور الان في المنطقة. انها خط الصدع واذا لعبتم بالارض فتتسببون في زلزال."ومضى يتساءل "هل تريدون أن تروا افغانستان اخرى؟ عشرات من (امثال) أفغانستان؟".وﻻ تختلف كثيرا هذه التصريحات عما كان يطلقه معمر القذافي باستمرار منذ بداية القتال في ليبيا وحتي انتهى اﻷمر بمصرعة.

و عقد في نهاية اﻷسبوع اجتماع في قطر بين اللجنة العربية و سوري برئاسة وزير الخارجية السورية وقدمت اللجنة للوفد السوري ورقة لوقف العنف في سوريا وطلبت دمشق مهلة حتى اليوم للرد عليها. وحذر وزير خارجية قطر الرئيس السوري بشار الأسد ضمنا من “اللف والدوران” داعيا إلى خطوات ملموسة بسرعة في سوريا لتجنب “عاصفة كبيرة” في المنطقة.اﻻ أن الوقد السوري غادر اليوم اﻻثنين 31 أكتوبر دون أن يقدم ردا على الورقة العربية، وصرح الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي لوكالة فرانس برس أن الخطة العربية لسوريا تتضمن سحب الاليات العسكرية من الشارع ووقف العنف فورا وبدء حوار بين النظام ومكونات المعارضة في القاهرة. بينما واصل الحكم في سوريا العمليات العسكرية ضد المدنيين المعارضين له وقتلهم واعتقالهم.وتقول الامم المتحدة ان ثلاثة الاف شخص قتلوا خلال الانتفاضة السورية.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ان اقتراح الجامعة العربية قدم للطرفين في سوريا فرصة "لتقرير مستقبلهما من خلال حوار وطني ومصالحة وطنية وبطريقة سلمية دون اللجوء الى العنف."وأضاف لافروف الذي كان يتحدث في أبو ظبي ان روسيا لن تسمح بتكرار تدخل حلف شمال الاطلسي عسكريا في ليبيا الذي ساعد على الاطاحة بمعمر القذافي في سوريا.

وقال يوم الثلاثاء أول نوفمبر المتحدث باسم البيت الأبيض- جاي كارني، "نحن نرحب بكل جهد يبذله المجتمع الدولي لإقناع نظام الأسد بوقف أعمال العنف التي يرتكبها بحق شعبه، بحق السوريين".وأضاف مع ذلك قوله: "نحن ما زلنا نعتقد أن الأسد فقد شرعيته وعليه مغادرة السلطة".
لمعلم قدم خلالها الوزراء مبادرة لإنهاء الأزمة.

ووافقت سوريا اليوم الأربعاء على خطة الجامعة العربية لتسوية الأزمة بجميع بنودها بدون أي تحفظات، جاء ذلك خلال اجتماع لوزراء الخارجية العربية في مقر الجامعة في القاهرة .وتلا رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم نص القرار الذي اعتمده الوزراء العرب والذي نص على ان الحكومة السورية وافقت على الخطة العربية لوقف العنف وإجراء مؤتمر حوار وطني مع كافة أطياف المعارضة.وقال بن جاسم إن الاتفاق واضح، ونحن سعداء بالوصول إليه وسنكون أسعد بالتنفيذ.وأضاف المهم التزام الجانب السوري بتنفيذ هذا الاتفاق، نتأمل ونتمنى أن يكون هناك التنفيذ الجدي سواء بالنسبة لوقف العنف والقتل او الإفراج عن المعتقلين او إخلاء المدن من أي مظاهر مسلحة فيها.وشدد على أنه إذا لم تلتزم سوريا فإن الجامعة ستجتمع مجددا، وتتخذ القرارات المناسبة في حينه.وقيل أن سوريا طلبت أن تتوقف قناتي العربية والجزيرة عن تحريض المتطاهرين السوريين ضد الحكومة.

ومن غير المتصور إذا قامت مظاهرات في المدن أن تقف الحكومة السورية مكتوفة اﻷيدي وﻻ تتحرك آلياتها العسكرية لقمعها، خاصة أذاما خرج جميع السكان وقد أحسوا باﻷمن يهتفون بسقوطها.وستقول الحكومة السورية حينها بأنها لم تلتزم باﻹتفاق ﻷن المعارضة خرقته من جانبها، فإن قالت المعارضة بأنها لم تطلب من السوريين التظاهر ، كان هذا يعني أن ممثلي المعارضة ﻻ يصلحون لتمثيل الشعب السوري.ولعل هذا السيناريو هو الذي تراهن عليه الحكومة السورية حاليا. وفي تصوري أن المعارضة السورية في الداخل إذ تدافع عن المتظاهرين وحقهم في التظاهر السلمي ليس بامكانها منعهم من التظاهر ومن الصعب عليها أن تطلب من أسر القتلي أو من اعتقل أبناء لهم وتعرضوا للتعذيب في السجون والمعتقلات الخلود للصمت وانتظار نتائج المفاوضات بينها وبين الحكومة.

تستبعد سوريا أيضا أي تدخل أجنبي على غرار ما حدث في ليبيا لمناصرة المعارضين وأسقاط نظام الحكم فيها لصلاحهم، وأقصى ما بأمكان بعض الحكومات العربية هو قطع العلاقات الدبلوماسية معها، وقد أغلقت بالفعل الحكومة الليبية السفارة السورية فيها ، وتنوى الحكومة التونسية نفس الشيء وفق تصريحات منسوبة للسيد/راشد الغنوشي قبل يومين ، ولهذا ، ﻻ تعتبر الضغوط على الحكومة السورية سواء العربيةأو اﻷجنبية لها تأثير كبير على الحكومة السورية بحيث تضطرها الى الرضوخ لما قد تطلبه منها المعارضة التي ﻻ تخفي رغبتها في تغيير نظام الحكم القائم.


استبعاد التدخل الاجنبي :
ناشد نشطاء سريون المجتمع الدولي فرض منطقة حظر طيران على سوريا لحماية المدنيين وتشجيع المنشقين عن الجيش ضد نظام بشار الأسد.إﻻ أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “أندرس فوغ راسموسن” استبعد فرض منطقة حظر جوي على سوريا.وقال راسموسن -أثناء زيارة مفاجئة للعاصمة الليبية طرابلس اليوم- ردا على سؤال عن احتمال أن يتزعم الحلف الآن منطقة حظر جوي فوق سوريا “الأمر مستبعد تماما. ليس لدينا أي نية للتدخل في سوريا.وأضاف راسموسن أن الظروف في سوريا مختلفة عنها في ليبيا، وقال “اضطلعنا بمسؤولية العملية في ليبيا لوجود تفويض واضح من الأمم المتحدة، ولحصولنا على دعم قوي ونشط من بلدان المنطقة”.وتابع قائلا “في الواقع لقد أسهموا بشكل نشط في عملية الدرع الموحد. غير أن أيا من تلك الظروف لا يتوافر في سوريا. وفضلا عن ذلك فإن الحالتين مختلفتان. وعلينا اتخاذ القرارات في كل حالة وفق أوضاعها، وعموما لا يمكن مقارنة سوريا بليبيا”.وأضاف “بالتأكيد أدين حملة القوات الأمنية على المدنيين في سوريا وهو أمر شائن تماما والسبيل الوحيد للتحرك قدما في سوريا، كما هو في بلدان أخرى، هو تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري والأخذ بإصلاحات ديمقراطية”.

سوريا ليست ليبيابالنسبة للغرب:
يمكن للدول الغربية أن تستنكر تعامل النظام السوري مع المجتجين المدنيين وتندد بها وتسعى لتوقيع عقوبات على النظام السوري في مجلس اﻷمن ، أو تقرض كل منها على حدة عقوبات منفردة وفق ما تقتضيه مصالحها، الا أنه لايتوقع منها أن تسعي لتدخل عسكري لحماية المعارضين السوريين أو مساعدتهم لتمكينهم من تغيير النظام ،على غرار تصرفهافي ليبيا. فليس ثمة مايغريها بذلك من مصالح أو مكاسب مادية أو سياسية تعود عليها من ذلك.ويمكن أن نعزي ذلك لما يلي:

1. لقد حث الرئيس الفرنسي المعروف بميوله الصهيونية ومؤازرته للسياسة اﻻسرائيلية في الشرق اﻷوسط وشمال أفريقيا الدول الغربية وحلف الناتو للتدخل في ليبيا بدعوى حماءة المدنيين بدافع من حسابات فرنسية ﻻ تتعارض مع مصالح اسرائيل ، وكان التدخل يهدف الى العمل على إسقاط حكم القذافي مع احلاله بحكم ضعيف يتم استنزاف قوته عن طريقيين : أوﻻ: تدمير ما يمكن تدميره من القوى البشرية المسلحة المؤيدة له، لذا تركت كتائب القذافي تستنزفها وتوقع بها الخسائر الفادحة في اﻷرواح خاصة في معارك مصراته وطرابلس وبني وليد وسرت.وقد أفرجت قوات الناتو عن سفينة اسرائيلية تحمل صواريخ قادمة من سوريا لنظام القذافي بعد أن صادرتها تحت ضغط من الوﻻيات المتحدة وفرنسا، وأوقفت الوﻻيات المتحدة مشاركتها في جهود الناتو لهذا السبب الى أن تم السماح بتفريغ شحنة السفينة في ميناء طرابلس.وقد لعبت هذه الصواريخ أرض 8أرض دوراه هاما في قتال كتائب القذافي ضد الثوار.
وثانيا: تدمير مخازن اﻷسلحة لدى القذافي حتى ﻻ تؤول الى حكومة الثوار بعد سقوط نظامه، وقد تم تحقيق ذلك.ووجود حكم ضعيف ولو معاد ﻹسرائيل في ليبيا ﻻ يشكل خطرا عليها، ولكن الوضع يختلف بالنسبة لسوريا. وقد كتبت الصحف اﻹسرائيلية مؤخرا بأن أي استبدال لحكم استبدادي في المنطقة بحكومة ديموقراطية يعد خطرا على أمن اسرائيل في المنطقة ﻷن الشعوب العربية كلها قد أثبتت كراهيتها لها.

2. كانت تدخلات القذافي في أفريقيا تصب في مصلحة المخططات الغربية واﻹسرائيلية ولكنها أيضا كانت تزعج فرنساوالتي ﻻ تريد تدخلات من ليبيا أو غيرها في أقريقيا الغربية التي تعتبرها منطقة نفوذ فرنسية.ورغم فشل التدخل الليبي العسكري في تشاد بعد أن تصدت له القوات الفرنسية وأوقعت به هزيمة منكرة فقد واصل القدافي التدخل في تشاد ودعم المتمردين على حكومة انجامينا المدعومة من فرنسا، أو استغلال اﻷراضي التشادية لدعم التمرد في دارفور ، والتي ﻻ تمانع فرنسا وإسرائيل من دعمه ولكن أن يكون الدعم منهما وبحيث يعزى الفضل فيه لهما وحدهما. كان القذافي يعرف أنه يخدم مخططات فرنسية/اسرائيلية ولكنه كان يعمل في نفس الوقت لحسابه وهو ماتستسيغه الدولتان.
وﻻ يوجد تدخلات سورية فيماتعتبره فرنسا من مناطق نفوذها منذ تم طردها من لبنان.

3.إن التقارب الظاهر حاليا بين دمضق وطهران لن ينهيه اسقاط النظام السوري ، والعلاقة الحالية بينهما غير مبنية على الثقة بين الجانبين وانما مطبوعة باﻻنتهازية من كل طرف ، وهي بالتالي هشة وليست قوية وتستمر تحت ضغط الظروف الحالية وفي حالة تغير الظروف ستتغير بدورها. وقد ورد في مقال نشرته الفيجارو الفرنسية اليوم 31 أكتوبر بعقد لقاء بين مسؤولين ايرانيين وأمريكيين اقترح فيه اﻻيرانيون أن يتم نقل السلطة في سوريا الى مجلس عسكري على غرار ما حدث في مصر ، وليس مستبعدا أن يكون هذا الخبر صحيحا .بل قد يزداد التقارب قوة في حالة سفوط نظام اﻷسد مشكلا محورا من سوريا والعراق وايران في مواجهة الصعود التركي في المنطقة وفي مواجهة اسرائيل والدول الغربية أيضا.وكل ما يهم ايران في سوريا هو فتح الطريق بينها وبين ساحل البحر اﻷبيض المتوسط مرورا بالعراق ، وأمام أمداد حزب الله اللبناني بالسلاح دون عائق . وحاليا تستولي سوريا على جزء كبير من اﻷسلحة اﻻيرانية مقابل السماح بمروبها في أراضيها.وقد يساعد سقوط النظام الطائفي الحالي في سوريا على تحقيق نوع من التحالف الشيعي /السني يجد من التناقضات والتنافرات بين المذهبين غير مرغوب فيه بالنسبة للمصالح الغربية . خاسة وأن الحرب اﻷمريكية على العراق وانتهاء اﻻحتلال اﻷمريكي مؤخرا له بعد سبع سنوات ، لم يسفران اﻻ على زيادة ودعم النفوذ اﻹيراني في العراق على غير ما كان يخطط له الغرب.وإذ صارت أخر ورقة يلعب بها الغرب اﻵن هو تحفيز حكومة كردستان على اﻻنفصال التام عن العراق، فإن تحرير سوريا وتركها في يد حكومة سنية قد يفضي ذلك الى عودة التقارب بين العرب واﻷكراد بسبب مشاركتهما في وحدة المذهب السني من ناحية ووجود عداء مشترك للشيعة في العراق وأيران ، وهو ما يقلب الحسابات الغربية والصهيونية.

4. ليس في سوريا ثروة بترولية كبيرة مغرية ويمكنها أن تدر عائدات مالية كبيرة على من يستغلها، وهي تكفي بالكاد احتياجات اﻻقتصاد السوري من النقد اﻷجنبي. ويختلف اﻷمر بالنسبة لليبيا والتي تملك احتياطيا كبيرا من النفظ خفيف الكثافة ومن الغاز ويسدان معا احتياجات فرنسا وايطاليا ودول أوروبية أخرى.وكان من أهداف التدخل الغربي أيضا في ليبيا تدمير المدن والبنيات اﻷساسية وهو من ناحية يتيح فرصة لشركات المقاوﻻت بها للمشاركةفي أعادة تعمير ما خربته الحرب ويساعد اﻻقتصاديات اﻷوروبية التي تعاني من الركود واﻷزمات المالية التي ترتبت على مديونيات لدول مثل اليونان وأسبانيا صارت بمثابة ديون معدومة لعدم القدرة على سدادها..كما أن ذلك يحول بين الحكومة الليبية الجديدة وأنقاق أموال النفظ الليبي على استثمارات في الدول أﻷفريقية أو شراء أسلحة وتكوين جيش نظامي يشكل خطرا في حالة تدخله في أية حروب اقليمية بالمنظفة أو قيمة مضافة لها.أو تخل بموازين القوى العسكرية بين دول المنطقة وأسرائيل ، أو دعم تنظيمات مناهضة للغرب.أي أن الحرب الليبية هيأت فرصة ﻻستنزاف مزدوج لليبيا: بشري حين يتردد حاليا بأن عدد القتلى بلغ حوالي خمسين ألف قتيل الى جانب عشرات اﻵلاف من الجرحي والمعطوبين،ومالي وقد قدرت اﻷموال التي حتاجها اعادة ليبيا الى ما كانت عليه بأكثر من 300مليار دولار ،في آن واحد.

5.توفر حزب الله اللبناني على صواريخ قادرة على ضرب كافة مدن إسرائيل ومناطقها، بدئاً من حدودها الشمالية مع لبنان وحتى ميناء إيلات في أقصى الجنوب ، وتحالف الحزب مع سوريا أو تأييده الظاهر لنظامها، يجعل التدخل الغربي في سوريا يشكل مخاطر على أمن السكان في اسرائيل ، ويستدعي التدخل أيضا في لبنان ، مما يوسع رقعة الصراع ، ولعل هذا ما دفع بشار اﻷسد باعتبار التدخل سيكون بمثابة زلزال في المنطقة.وﻻ يتوقع من حزب الله أن يتورط في حرب ضد اسرائيل لمجرد دعمه لنظام بشار اﻷسد الذي ﻻ يثق فيه أصلا بعد اغتيال عماد مغنية في دمشق وإنما ينفذ معه مبدأ التقية لكي يضمن استمرار وصول اﻹمدادات العسكرية اليه من ايران عن طريق سوريا.

6.إن ما تأخذه الوﻻيات المتحدة على سوريا من أنها تدعم المنظمات التي تعتبرها واشنطن إرهابية مثل حماس في غزة.وحزب الله في لبنان هو بمثابة ذريعة لممارسة الضغوط السياسية على النظام السوري ، وتعلم أيضا بأن النظام السوري يستخدم ورقة تلك التنظيمات أيضا كورقة ضغط سياسية على الولايات المتحدة وأسرائيل. والقيادات الفلسطينية في سوريا نشاطها محض سياسي وﻻ علاقة لها باﻷعمال العسكرية على اﻷرض وتشكل قناة اتصال مع المقاومة في حالة الحاجة الى تلك القناة.واذا كانت المخابرات السورية متهمة بأنها تواظئت مع المخابرات اﻻسرائيلية على اعتيال عماد مغنية في دمشق ، فإن القادة الفلسطينيين يعيشون في الواقع تحت رحمة تلك المخابرات وبامكانها التخلص منهم وتصفيتهم في أي وقت يكون ذلك من صالح النظام السوري.

7.تعارض الصين وروسيا أي قرارات تصدر من اﻷمم المتحدة ضد سوريا يترتب عليها تواجد عسكري غربي على اﻷرض السورية ولكنهما ﻻ يعارضان استبدال النظام السوري ذاته ولكل مصلحة في ذلك.فبالنسبة للصين التي تعلم أنها كانت المقصودة بالتواجد اﻷمريكي في العراق وأفغانستان لحصارها من جهة الغرب ، فأنها وهي ترى اﻷمريكيون ينسحبون من سوريا ، وبصدد اﻻنسحاب أيضا من أفغانستان ﻻ يمكنها أن تسمح لهما بالعودة الى سوريا لسد الطريق أمام مشروعها : طريق الحرير الجديد، والذي تسعى منه للوصول برا الى سواحل البحر المتوصط.روسيا أيضا ترى خلو سوريا من القوات الغربية يفتح الطريق أمام صادراتها الى كل من سوريا والعراق وأيران عن طريق البحر المتوسط بعد أن احتكرت الوﻻيات المتحدة منظقة الخليج.

8.رغم العداء الظاهر بين الوﻻيات المتحدة واسرائيل من جانب وبين ايران من جانب آخر، فإن مؤشرات عديدة توضح بأن كل من الجانبين يحافظ على شعرة معاوية بينهما ومازالت تأمل كل من اسرائيل والوﻻيات المتحدة يأملان في علاقات مع ايران ولو في مستوى أقل مما كانت عليه علاقتهما بها زمن الشاه.وهما يراهنان على عامل الوقت وحدوث تغييرات مشجعة على ذلكفي ايران.

9.إن الدول اﻷوروبية التي دخل اقتصادها مرحلة ركود فعلي ، وتعاني من أوضاع مالية مقلقة ، ليست على استعداد حاليا للتدخل في مغامرات خارجية مكلفة ، إن كان معروقا بدايتها غير معروف نهايتها وكلفة الدخول فيها والخروج اﻵمن منها دون إثقال كاهل اقتصاد مرهق وزيادة متاعبه.

10.عندما يكون ضحايا المذابح في أي مكان من العرب أو المسلمين فإن اﻷمر ﻻ يسبب ازعاجا للدول الغربية مالم يتعارض مع مصالحها، وفي حالة التعارض فإنها تترك سفك الدماء يأخذ مجراه إلى أبعد مدى قبل أن تقرر التدخل. وقد ظهر هذا واضحا في البلقان عندما تركت المسلمين في البوسنة والهرسك يتم ذبحهم من قبل الصرب والكروات ولم تتدخل اﻻ لكي تحول دون هيمنة الصرب السلافيين اﻷرثوذكس على الوضع والذين بعد انتصارهم انتصارا للروس الداعمين لهم والذين ينتمون الى نفس العرقية والدين المخالفان لجنس ودين الدول اﻷوروبية.

إن النظام السوري يعي جيدا كل ما سبق ، ولذا يواصل تعنته واهماله التهديدات له أيا كان مصدرها، ومن المرجح أن يستمر في أعمال قتل واعتقال وتعذيب الناهضين له داخل سوريا، رغم إعلانه خطة الجامعة العربية. وهو يعول أساسا بأن النفوذ الصهيوني في الدول الغربية لن يسمح لتلك الدول بالتدخل ﻹسقاط النظام السياسي القائم في سوريا بالقوة، وتسليم السلطة لمعارضة سورية تتزعمها جماعة اﻹخوان المسلمين جتى وإن توارت خلف برهان غليون حاليا في الخارج. وفي نفس الوقت يدفع ذلك الى التساؤل عن مصير اﻻنتفاضة السورية الحالية ضد النظام في دمشق؟..وﻻيمكن المقارنة مع الحالة المصرية حيث ﻻ توجد في سوريا مدن كثيفة السكان مثل مصر لكي يمكن تنظيم مظاهرات مليونية تربك النظام وﻻ يستطيع التعامل معها ،وﻻ في تونس حيث لم يكن بها قوى عسكرية بنفس عدد وأسلحة الجيش السوري واﻷجهزة اﻷمنية التابعةله وذات صبغة شبه طائفية تزيد من تماسكها في مواجهة الشعب.وﻻ في ليبيا حيث لا ينتظر تدخل أجنبي يمد المعارضة بالسلاح ويحميها من القصف الجوى لتجعاتها.

فوزي منصور

No comments: