Friday, March 7, 2014

من هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الأمين : لاتجتمع أمتي على باطل، ولكن من هي أمته؟..إن أمته هي التي تتخذه إماما أوحدا لها في أمور دينها ومادامت تتبعه فهي تجتمع على الحق وليس على الباطل.والذين يتخذون من أحد الصحابة أو التابعين أو أحد فقهاء العصور الخوالي      
 إماما فهم أمة من يتبعونه وليسوا من أمة الرسول محمد عليه
الصلاة والسلام وحده ، ومن يتبعونه من هؤلاء غير النبي لا يوحى إليه وقد يؤول آيات الله في كتابه تأويلا خاطئا لأنه بشر بصيب ويخطئ وليس معصوما فكره . ولذا قد يجتمع أتباعه على غير الحق المبين.

هذا في أمور الدين ، أما في أمور الدنيا ، وهي أمور متغيرة ، فلا يتبع فيها النبي وإنما يؤخذ فيها بالرأي بعد المشورة¸وقد قال الرسول في واقعة تأبير النخل : أنتم أعلم بأمور دنياكم ، وفي غزوة بدر غير مواقع المسلمين بعد أن أشار عليه أجد المسلمين بذلك ، وفي غزوة الأحزاب حقر الخندق حول المدينة بعد أن أشار عليه سلمان الفارسي بذلك ، ولم يوح له في الحالتين ، وقال له تعالي: وشاورهم في الأمر ، والمقصود بالأمر هنا هو ما يتعلق بأمور الدنيا.وكل ماجاء في كتاب الله هو من أحكام الدين وشرعته ، وعندما تعرض القرآن لتنظيم العلاقات الزوجية أو الميراث أو التجارة أو منع الخمر وأكل الميتة والنطيحة والمتردية أو حرم الربا أو غير ذلك من أوامر ونواه يعد من أحكام الدين وإن تناول ما تنتظم به حياة المسلمين والناس عامة من غيرهم.وعندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل الى اليمن وقال معاذ إنه سيحكم بين الناس بكتاب الله وسنة رسولة ، سأله الرسول : فإن لم تجد؟، قال معاذ أعمل بالرأي . وهو ما يعني أن كتاب الله وسنة رسوله إن كان فيهما كل ما يتعلق بأمور الدين فليس فيهما كل ما يتعلق بأمور الدنيا.وأمور الدنيا لا تحتاج أن يفتي فيها فقيه دين وإنما يتبع فيها ما يشور به الناس ويرونه في صالحهم أو يحقق النفع لهم دون أن يكون فيه ما حرمه الدين عليهم. إن إطلاق اللحية وقص الشارب ولبس الجلباب لا يمكن اعتباره إعمالا للسنة النبوية أو اتباعا لها، لأنها ليست
من أمور الدين ، وكانت ثمة ظروف اقتضتها أو أعراف سائدة قررتها.

لقد قال الله لرسوله : وإنك لعلى خلق عظيم ،فمن أراد أن يقتدي برسول الله ويتبع سنته عليه أن يسأن نفسه: هل هو على خلق عظيم مثله أم لا؟، قبل أن يربي لحيته ويرسلها على صدره .ومن يحتج بأمر من أمور الدين عليه  أن يأتي بحجته من كتاب الله ومن أفعال رسول الله المتفقه مع ماورد في كتاب الله.

 لو اتبع المسلمون هذا المنهج ما توزعوا إلى فرق وجماعات وشيع وأحزاب دينية وما كان أمرهم فرطا وقتل بعضهم بعضا.والله سبحانه وتعالى يقول : إنما أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون، فتحول الأمة الواحدة التي أرادها الله إلى عشرات الأمم ، لايمكن اعتبار هذه العشرات أمة محمد عليه السلام.التي طالما كان إماما واحدا فلابد أن تكون موحدة.
وليس كل من أسلم صار من أمة الرسول وإنما أمته من آمنوا وعملوا الصالحات ، وهم الذين يخاطبهم الله في كتابه، أما من دخل الإسلام وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحج البيت إن استطاع اليه سبيلا فهو مسلم فقط ويسأل بعد ذلك عن إيمانه وعن إحسانه..

 أشياء كثيرة اتفق عليها الفقهاء أو اختلفوا واعتبروها من الدين وهي ليست منه ، واتبعهم فيها خلق كثير خلال قرون متتابعة وتحتمل البطلان، ومنها الادعاء بأن في كتاب الله آيات تنسخ آيات أخرى حتي بلغ بهم الأمر أن جعلوا الناسخ والمنسوخ من علوم الدين ومثل ذلك الني نتج عن سوء قهمهم لبعض ما ورد في  كتاب الله وتغليب المنقول عن السلف على المعقول من القول ومقتضيات اللغة والسياق والفهم الصحيح للدين وأصوله ومقاصده.
وقد هداني الله إلى فهم مخالف لما هو شائع من تفسير لبعض آيات القرآن الكريم وكان لزاما علي أن أعلن ما توصلت اليه للناس ، فوجدت منهم صدودا ورفضا ولم أجد فيهم من يناقشني ويناقش حجتي ويصوب لي الخطأ إن وجد وكان كل ما بمقدورهم أن ذلك يخالف ما وجدوه في كتب الدين وما نقل عن كبار المفسرين، ومن ذلك ما قلت إن الصلاة الوسطي هي صلة الرحم ، وليست إحدى الصلوات المفروضة ،وإن الكوثر هو مبالغة في الكثرة ،والمقصود بها كثرة الأتباع ،وليس نهرا في الجنة، وأن الواو التي بدأت بها الكثير من السور ليست بالضروة ياء القسم ، وأن "والضحي والليل إذا سجى " فإن الواو هنا للتنبيه أو النداء ،والضحى رمز للنبي عليه الصلاة والسلام ....الخ
ويدخل في أمور الدنيا تدبير معاش الناس ونظم الحكم وسياسته وتنظيم المشورة والعمل بها ، مثلما في النظم الديموقراطية ،وكل ما يتعلق بالعلم والتعمير والإنتاج والتعليم والطب والتعمير والملاحة البحرية والحوية والقوات المسلحة والأمن والقضاء....وغير ذلك.

أما أن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ، ذلك الدين القيم ، فهو ينصب على أحكام الله في كتابه فلايأتي بشر ويصدر حكما على خلاف ما حكم الله به في كتابه ولكنه يعمل الرأي فيما لم يرد به حكم لله. وعندما يكون الحاكم مسلما فإنه يفترض فيه ألا يصدر حكما مثل قرار أو مرسوم أو قانون يخالف ما قضي به الله في كتابه، وله فيما لم يرد فيه حكم في كتاب الله أن يعمل بالرأي بعد مشورة من يعنيهم الأمر أو من اختاروه ليمثلهم عنده.وكان لفهمي هويدي ومحمد عمارة أبحاث قديمه قيمة توضح هذا المعنى قرأتها في شبابي المبكر في مجلة العربي الكويتية وهذه الأبحاث تفسر الحاكمية بغير التفسير السياسي لأصحابها، سواء أبوالأعلى المودودي أو سيد قطب

ولم يكن الأستاذ حسن البنا رحمه الله  موفقا حين اختار شعار : القرآن دستورنا وفهمه أتباعه بأنه يغني عن أن يكون للدولة دستورها، وكان الأوفق أن يقول بإن القرآن مرجعنا ، فالآستاذ حسن البنا ، خريج دار العلوم ، جمع معارفه الدينية والتنظيمة من موارد شتي ، منها التصوف حيث كان والده متصوفا، ومنها الفكر السلفي لدى الجماعات السلفية وسائدا في التعليم الأزهري ومناهج دار العلوم، وتأثر بجمعية مكارم الأخلاق وبجمعية الشبان المسلمين وكلاهما مازال باقيا حتي اليوم ، وكان محبا للأدب العربي وذواقا للشعر وضليعا في اللغة العربية، ولكنه لم يدرس العلوم السياسية ولا التاريخ السياسي للدول وكلمة "دستور " كلمة مستحدثة في العربية واستخدمها العثمانيون كقانون الحكم في محاولتهم تقليد الدول الغربية لانتشال دولتهم من ضعفها وتخلفها. والقرآن ليس كتابا في السياسة وإنما في العقيدة الدينية وهو بهذه الصفة لا يغني عن أن يكون للدولة قانونها الدستوري المنظم لحكمها وحقوق المواطنين وواجباتهم قبل الدولة.

No comments: