Monday, November 5, 2007

الأسرة والحياة الزوجية- الاغتسال من الجنابة

الأسرة والحياة الزوجية

الاغتسال من الجنابة

بكل تأكيد لا أنوي هنا تقديم درس في الفقه، وإنما أعرض تأملاتي حول طقس أو نسك تعبدي قد يجعلنا أكثر فهما له.إذ أن الاغتسال من الجنابة هو طقس تعبدي يسبق أداء الصلاة بالنسبة للزوجين إذا حدث منهما ما يستوجب الغسل شرعا . وهو عبارة عن إفاضة الماء علي الجسم كله . روي مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه ثم يفيض الماء على جلده كله .وهو ما ذكره أيضا ابن عباس، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة، غير رجليه، وغسل فرجه وما أصابه من الأذى، ثم أفاض عليه الماء، ثم نحى رجليه، فغسلهما، هذه غسله من الجنابة. وتوجد رواية لنفس الحديث أي عن ابن عباس عن ميمونة أم المؤمنين يقول:" عن ابن عباس قال: قالت ميمونة:وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماء للغسل، فغسل يديه مرتين أو ثلاثا، ثم أفرغ على شماله، فغسل مذاكيره، ثم مسح يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه، ثم أفاض على جسده، ثم تحول من مكانه فغسل قدميه.".

والجناب واحدة من حالات ست أوجب فيهما الإسلام الإغتسال وهي:

(1) الجنابة.(2) الحيض.(3) النفاس.(4) الاستحاضة.(5) مس الميت.(6) الموت.

فإن لم يتوفر الماء تيمم الرجل أو المرأة اللذان أصابتهما الجنابة بتراب جاف لا تنبعث منه رائحة كريهة ، فمسحا بأيديهما به ثم مسحا بها جسمهما.

ويقول الدكتور قاسم سويدان في· كتاب له :أن الجماع ، وقذف المني بأي سبب يؤدي إلى فتور و ارتخاء يعلل طبياً بوهن شديد في الجملة العصبية عند وصول شريكي الجماع إلى اللذة والقذف ، بحصول توسع في الأوعية الدموية المحيطة مما يؤدي بصاحبه إلى فقدان قسط كبير من نشاطه العضلي و الفكري و إن الاغتسال عندها ينبه الشبكات العصبية الحسية لتوقظ الجهاز العصبي من سباته و ليسترجع بذلك حيويته و نشاطه كما ينشط الدوران الدموي و يعيد إليه توازنه .

· يتسبب عن اللقاء الجنسي وهن نفسي ورغبة في النوم و عملية الغسل تفيد بتنشيط الجسم و الروح و يحس بالبهجة و الانشراح .

· ينقل الدكتور الراوي عن مصادر علمية حديثة أن" الجلد أثناء عملية القذف يفرز من خلال مساماته عرقاً ذو تركيز عال بسمومه . و يمكن أن يعود فيمتصها و يتأذى بذلك . و الاغتسال إجراء طبي حاسم لتطهير الجلد و مساماته من هذه السموم ، وقد حث الشارع على سرعة التطهر من الحدث الأكبر .

· إن وجوب الغسل بعد الجماع من خطر الإفراط الجنسي و الذي يؤدي بصاحبه إلى الانهاك و المرض . فإن التفكير في الغسل و الإعداد له يجبر على الإعتدال في طلب اللقاء الجنسي و يحفظ بذلك قدرته و حيويته لعمر مديد. فقد قدر ما يصرفه الإنسان من عناصر حيوية في كل لقاء جنسي بما يحتويه نصف ليتر من الدم .

· تدعو التوجيهات الصحية إلى الاغتسال عقب كل مجهود عضلي كبير و بعد التدريبات الرياضية الشاقة ، فالاغتسال يزيل آثار الجهد العضلي و يخفف من عواقبه ، والجماع من هذه الناحية جهد عضلي. "

ما يمكن إضافته هنا هو أنه إذا كان الجماع ينهك الجسد فإنه يضعف النفس أيضا وإذا كان بالآمكان أن يستعيد الجسد حيويته فإن النفس ، وهي من طبيعة غير مادية ، تحتاج لكي تعود الي حالتها الأولي إلي معالجة خاص تتمثل هنا في الإغتسال. أما إذا تركت فإنها تفقد حصانتها ضد أي تدخلات خارجية من الكائنات اللامرئية التي هي من نفس طبيعتها الغير مادية.

. وتحدث الجنابة عندما يشتعل جسد الرجل أو المرأة بالشهوة بالتعرض لما يثيرها مما أدي لآن يطلق الرجل نطفة من عضوه التناسلي أو يفرز العضو التناسلي للمرأة من جراء الإثارة إفرازات غزيرة أكثر مما هو معتاد في الظروف الحالية. ويجب الغسل أيضا إن تم جماع الرجل مع المرأة حتي وإن لم يبلغ أحدهما أو كلاهما النشوة ولم يقذف الرجل نطفته. ويري الشافعية أن :" التقاء الختانين (أي التقاء عضو التناسل لدي الرجل بفرج المرأة أو بظرها، حتي ولو لم يتم الجماع أويتم قذف من قبل الرجل) يوجب الغسل".ولعلهم يستندون في ذلك لحديث عن أبي موسي عن السيدة عائشة أم المؤمنين قالت : قال رسول اللهصلي الله عليه وسلم:-:"إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان،فقد وجب الغسل.".

إذ أن مجرد التقاء هذه الأعضاء كفيل بأن يشعل الشهوة في الجسدين وإن لم تصل الي ترك دليل مادي على بلوغها الحد الأقصي الذي يتسبب بترك أثار مادية تدل على حدوثه. وهذا إذن الحد الأدنى، ويأتي من بعده خروج المني من الرجل لوجود مسبباته أو زيادة الإفرازات عند المرأة بسبب إثارتها من جراء فعل أتته حتى وإن لم يشترك فيه الرجل معها. وهو ما يحدث للذكور في حالة الاستمناء الذي يلجأ اليه المراهقون . حيث يظل المراهق يفرك إحليله حتى ينتصب و يطلق المني وهي الحالة المعروفة بالعادة السرية.وشبيه بذلك ما قد تلجأ اليه المراهقة أيضا بفرك بظرها بيدها حتي يفيض مهبلها بإفرازاته، فتسيل من فتحته، أو تصيبها رعشة النشوة. وقد يحدث نفس الشيء نتيجة حدث لاإرادي مثل الإحتلام أثناء النوم. وهي حالة تعتري كثيرا الشباب من الذكور والإناث أكثر ممن تجاوزوا سن الشباب. ويستيقظ بعدها الشاب أو الفتاة من نومهما فيجد كل منهما ملابسه الداخلية قد تبللت مما أخرجه من إفرازات.وفي جميع هذه الحالات يجب الغسل استعدادا لأداء الصلاة المفروضة.

وإحداث حالة الجنابة بفعل تعمدي من قبل الصائم يفسد عليه صومه. أما إذا نام الصائم واحتلم أثناء نومه فإن صومه لا يفسد وكل ما يحتاجه هو الاغتسال من حالة الجنابة الطارئة لكي يكون بمقدوره أداء الصلاة التي لا يمكن أداءها في حالة الجنابة بدون غسل بينما يكفيها في غير ذلك الوضوء. أما احتضان الزوجان بعضهما بعضا أو تقبيل أحدهما للآخر دون استثارة الشهوة فإن

صيامهما لا يفسد ويظل قائما حتى ينقضي نهاره.

وتفسد الجنابة الناتجة عن فعل متعمد خلال أداء مناسك الحج أيضا إذا ما أحدثها الحاج وهو محرم، لم يتحلل منه أحرامه بعد، حيث لا رفث ولا فسوق في الحج.

يفرز إحليل الرجل في حالة انتصابه ثلاثة أنواع من الإفرازات: أول هذه الإفرازات سائل شفاف لزج لا يحتوي على أية حيامن (حيوانات منوية) يسمى : المذي، مهمته هو ترطيب حشفة القضيب حتى لا تظل جافة عند دخوله فتحة المهبل عند المرأة عند الجماع فيسهل اجتيازه لهادون إحداث ألم أو التسبب في ضرر للفتحة. وبعد اجتياز هذه العتبة أو البوابة سيجد إفرازات المرأة تسهل انزلاقه داخل المهبل وحركته بداخله. ولذا يطلب من الرجل عند الجماع أن يتأني عندما تلامس حشفة قضيبه الفتحة ويتمهل فليلا ثم يحركه ببطء قليلا قليلا دون أن يدفع به مرة واحدة، ولا يحركه داخلها بأكمله حتي يتأكد من أنه قد تبلل بما يكفي من إفرازاتها. ويتفاوت إفراز المذي بين رجل وآخر، وليس لذلك أية علاقة بكفاءة الرجل الشبقية. فثمة رجال لا يخرج من المذي لديهم سوى نقطة أو نقطتين لا تكفيان، وآخرين يفرزون أكثر من ذلك. ولذا يتعين على ذوي الإفراز القليل أن يبللوا الحشفة بقليل من الزيت. وإن لم يتوفر لهم الزيت، بللوها بلعابهم أو بللتها الزوجة بلعابها.

وخروج المذي وحده من إحليل الرجل وهو منتصب ، و لم يلامس بعضوه الأعضاء التناسلية لزوجته، لا يسبب الجنابة ولا يوجب على الرجل الاغتسال منها.

والبروستاتا عند الرجل هي المسئولة عن إفراز المذي عند بداية الانتصاب ، وتستمر في إفرازه قليلا أو كثيرا حسب الأحوال خلال الجماع فيختلط مع ما يفرزه المهبل من سائل عند المرأة. وإن زادت أفرازاتهما عن حد معين ، يفقد الرجل إحساسه باحتكاك قضيبه بجدران المهبل عند زوجته وهو يحركه بداخله ، وبالتالي لا يشعر باللذة الحسية الكاملة عند الجماع ويعوضه عن ذلك المتعة النفسية الناتجة عن انعتاق نفسه من ذاتيتها واندماجها في الغيريه المتمثلة في الزوجة التي يضاجعها والتى تشعره بمتعتها وتعبر عن شعورها بها بشهيقها وزفيرها وتأوهاتها تحته ويجد نففسه يشاركها نفس المشاعر. بالنسبة للزوجة فإنها وإن لم تعد تشعر بحركة عضو زوجها بداخلها بسبب غزارة الافرازات لديها فإنها تظل متمتعة باللذة الحسية الناجمة عن الارتطام المتكرر لخصيتي الزوج مع فرجها وارتطام عظمة العانة لديه بقتحة البول لديها و ببظرها وكلها أماكن شديدة الحساسية. يضاف الي ذلك المتعة النفسية الناجمة عن إحساسها برغبة زوجها في إمتاعها بقدر رغبتها في إمتاعه وما يصدر عن أنفاسه من صوت أو ما يعبر به عن رغبته فيها من كلمات، وكل ذلك يشعرها بالرضى والمتعة.

وزيادة الإفرازات قد تكون عاملا مساعدا للزوج على إطالة الجماع لصالح الزوجة ولكنه قد يكون سببا في إحساسه بالملل لعدم تلذذه من الجماع وسرعة إحساسه بالإعياء. وقد تكون قلة الإفرازات سببا في سرعة إنزال الزوج قبل إشباع رغبة زوجته والوصول بها إلي ذروة الشهوة.

ويمكن التغلب علي تداعيات غزارة الإفرازات السلبية بتغيير وضع الزوجين في الجماع فإذا كان الزوج في وضع الوطء الذي يعلوا فيه الزوج زوجته المستلقية على ظهرها تحته أمكن التحول منه إما الي وضع الامتطاء الذي تجلس فيه الزوجة في حجر زوجها الممدد علي ظهره تحتها وقد أدخلت فيها قضيبة وتكون قناة المهبل شبه رأسية ، أو وضع الإتيان من الخلف حيث يدخل فيها زوجها من خلف ردفيها وتكون قناة المهبل مائلة إلى أسفل ، فكل من هذين الوضعين يسمحان بانسياب الإفرازات الزائدة داخل المهبل إلى خارجه مما يقلل من تأثيراتها. ولا يعيب هذين الوضعين سوى عدم ملاءمتهما لمن يطلب الحمل من الجماع.

نطفة الرجل أيضا عبارة عن سائل تشترك في انتاجه الخصيتان مع البروستاتا ويتجمع بعد أن تصله الحيامن التي تنتجها الخصيتين ويتكون من اجتماعهما جميعا المني الذي يشكل النطفة ، التي يودعها الرجل في رحم المرأة عند القذف Ejaculation والمني سائل أبيض اللون، مثل اللبن الحليب في لونه تقريبا إلا أنه يختلف عنه فيما عدا ذالك حيث المني يكون شديد الكثافة واللزوجة ،و يحمل سائله عدة ملايين من الحيامن Sperms التي يقوم واحد منها فقط بإخصاب بويضة اللزوجة .إن كانت في فترة الخصوبة. والتي تبدأ من اليوم الثاني عشر من بداية الطمث وتستمر حتى اليوم التاسع عشر. وسواء قذفه الزوج في رحم الزوجة عند انتهاء جماعه لها أو خرج منه دون أن يلامسها ، فإنه يوجب عليه الغسل. وإذا كان السائل الذي أفرزته البروستاتا قليلا كان المني شديد الكثافة واللزوجة ، وإذا كان كثيرا كان أقل كثافة وأكثر سيولة . الا أن شدة الكثافة لاتعيق الحمل إذ أن أفرازات المهبل لدي الزوجة تكفل حمل النطفة الي حيث توجد البويضة في قناة فالوب داخل الرحم .وتستغرق رحلة الحيامن من عنق الرحم الي عمقه مابين 20 إلي 30 دقيقة تقريبا ويحتاج اجتيازها السائل المخاطي في عنق الرحم دقيقتان. . قد تأتي المشكلة إذا كان التركيب الكيميائى للإفرازات أو السائل المخاطي في عنق الرحم غير ملائم لتركيب النطفة فيتسبب عدم التوافق هذا في موت الحيامن قبل بلوغها البويضة . و الحيامن الذكرية أكثر سرعة من الحيوانات الأنثوية الا أنها أقصرا عمرا.

بعد إطلاق الرجل للمني يأتي بعد ذلك نوع ثالث من السوائل والذي يخرج بعد المني من إحليل الرجل وهو ما يعرف بالأولي . و"الألي" سائل مهمته إخراج ما تبقي من المني عالقا في مجري أحليل الرجل . ولذا يطلب من الرجل ألا يسل أو يسحب إحليله من زوجته بمجرد أن يقذف وإنما يبقيه قليلا ، وإن كان قد فقد انتصابه ، داخل المهبل حتي يخرج منه الألي حاملا معه ما تبقي من المني الى رحم المرأة وإلي أن يشعر أيضا بارتخاء حسد زوجته تحته.لأن ذلك يساعد على الإخصاب إن كان مطلوبا من الجماع، ويساعد الزوجة على استكمال متعتها إن لم يكن الحمل مطلوبا. وعند ذلك فقط يمكنه أن ينزع إحليله.

الإغتسال من الجنابة في حالة الشبق يأتي بسبب ما يترتب على توهج الشهوة لدى الرجل أو المرأة بما يجعل الآعضاء التناسلية لكل منهما تخرج إفرازات توجبه أو تحدث فيها تغيرات مشهودة. والشهوة حالة ميتافيزيقية وليست مادية وإن ترتب عليها ظواهرأو تداعيات فسيولوجية مادية.تتمثل بالنسبة للذكر في انتصاب الإحليل لكي يتحول من الحالة الرخوة التي يوجد عليها طول الوقت إلى حالة صلبة بسبب اندفاع الدم اليه وملء ثلاثة فراغات فيه لا يتسبب إمتلائها في تصلبه فقط ، وإنما في مضاعقة طوله إلي ثلاث مرات أو أكثر مما كان عليه في حالته العادية. ويتمثل أيضا في إفرازات المهبل عند المرأة التي تزيد ثلاثة مرات عما كانت عليه واحتقان الأماكن الحساسة لديها وتصلب حلمتي الثديين والبظر وتبدل لونهما بسبب اندفاع الدم إليهما. والشهوة حالة تتعلق بالنفس وليس البدن في حد ذاته الذي تؤثر فيه أو تدخل تغييرات عليه . كما أن بلوغ النشوة في الجماع لأي من الزوجين إنما هو بلوغ حالة نفسية أو ميتافيزيقية أيضا.

الحيض أو الطمث أو العادة الشهرية أيا كانت التسمية هي حالة تنتاب المرأة شهريا لمدة تتراوح مابين ثلاثة أيام أو خمسة أيام توجب الغسل وهي ليست أكثر من إعداد رحم المرأة لكي يكون جاهزا لإستقبال معجزة الخلق إن قدر الله أن يتم الإخصاب . ومعجزة الخلق أمر ميتافيزيقي أيضا . وكذلك النفاس الذي يعقب الولادة ، أي بعد إتمام معجزة الخلق، والذي تستمر مدته إلي أربعين يوما تقريبا، ويستوجب أيضا الغسل..

لذلك - لا يمكن القول بعدم وجود معني أو مضمون ميتافيزيقي للاغتسال من الجنابة أو أنه يستهدف النظافة فقط ، خاصة وأنه في حالة وجود الماء للوضوء أو الاغتسال يتم الإستعاضه عنه بالتيمم بالتراب .والتيمم لا ينظف شيئا. وفي نفس الوقت لا يمكن الإدعاء بمعرفة المعني أو المضمون الميتافيزيقي للغسل من الجنابة معرفة مؤكدة. ولكن كل ما يمكن قوله في هذا الشأن لا يعدو أن يكون مجرد اجتهادات قد تكون متأثرة بمعتقدات قديمة سابقة على الإسلام أو محاولة لعقلنة أو قهم الميتافيزيقا بالرغم من مدلولها الذي يجعلها فوق المدارك العقلية أو عصية علي الفهم باعتبار أنها تعني ما وراء الطبيعة وبالتالي ما وراء ما يمكن أن يحيط به العقل أو الحواس الخمس.

هذه الاجتهادات سواء اقتربت من الحقيقة وأصابتها أو أخطأتها لا ضرر منها وليس فيها إنكار لما هو معروف من الدين ، ولا إدخال في الدين ما ليس منه، بل هي تزيد المؤمن إيمانا وعرفانا.

أقل هذه الاجتهادات تعقيدا ، وأيسرها فهما ، تقول إن الغسل عبارة عن تعبير رمزي من الذكر والأنثي علي شكر الله والإنابة اليه وهو بالتالي نوع من الذكر والعبادة أو تحضير للذكر والعبادة. ,وأيضا هو تعبير رمزي للدلالة عن الامتنان للبدن الذي احتضن الشهوة وهي ليست منه وإنما ذات طبيعة نفسية ومع ذلك تفاعل معها فارتفعت درجة حرارته وزاد ضغط الدم في عروقه وأفرز العرق وهيئ للوصال الشبقي الإفرازات التي يحتاجها وبعد ذلك كله أضفى علي الفعل الشبقي اللذة الحسية التي لا تكتمل المتعة فيه بدونها. ولهذا وجب على الذكر والأنثي إسداء الشكر له حتى يتعودان على حمد المنعم وشكره ، وينتقلان الي التعبير عن هذا الشكر بالصلاة لله .

هذا الفهم أو محاولة الفهم يتناقض تماما مع فهم من يعتبرون أن نتائج الفعل الشبقي ما هو الا نجاسة تصيب الجسد وجب أزالتها لكي يتطهر منها عن طريق غسله بالماء. والذين يختلفون مع هذا الرأي الأخير يقولون بأن غسل الجسد المقصود به هو طهارة النفس وأن الطهارة بهذا المعني ليست نقيض النجاسة و إنما تعني التزكية ويعتمدون على قول منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم بأن المؤمن لا ينجس.وقد خرج رجال يقاتلون في غزوات الرسول وهم جنب علي نحو مانقل عنهم ، فهل من استشهد منهم واعتبر ما سال من دمه يجزئ عن غسله قد مات وهو :نجس؟.

الاجتهاد الثاني يعتمد علي ثنائية النور والنار.فالفعل الشبقي يجمع بين النور الذي يتمثل في الحب

وينتمي بذلك إلى الله والملائكة حيث الله نور السموات والأرض والملائكة كائنات نورانية، وينتمي أيضا إلي النار التى تتمثل فيما يرافق الشهوة من حرارة الجسد والتي تزداد توهجا بالحرارة الغريزية وتنامي الشهوة خلال الوصال الشبقي واستبداد الشهوة بالنفس والجسد معا. وهي بهذه الحرارة المتصاعدة حتى بلوغ النشوة ذات طبيعة نارية محضة وتطغي طبيعتها تلك علي النور في النفس وتحتل حيزا كبيرا منها مما يخل بالتوازن بين النور والنار داخل النفس والجسد معا مما يتطلب أعادة التوازن إلي ما كان عليه من قبل .ووجب إتيان فعل ما يعيد التوازن بين الحب والشهوة والنور والنار إلي ما كان عليه سابقا.هذا الفعل الواجب هو الغسل وإعادة التوازن تلك هي وظيفته الأساسية وليست وظيفته مجرد النظافة أو إزالة نجس أو أذي وإنما تأتي النظافة كنتيجة ثانوية للغسل يتم مفعوله بها وبدون تحققها منه. والمقصود بالتوازن هنا ليس توازنا حركيا يتساوي فيه طرفان وإنما هو توازن وظيفي للقوي بحيث يختل ميزان القوي اختلالا ايجابيا لصالح النور بعد أن أختل عرضا اختلالا سلبيا لصالح النار، سواء في الجماع أو في حالتي الطمث والنفاس بالنسبة للمرأة. ومعني أن كل شيء موزون أو بقدر في الإسلام أن كل شيء اختل فيه الميزان لصالح ما هو أكثر ايجابية ولا يعني المساواة إطلاقا. وينطبق ذلك أيضا علي الاقتصاد المبني علي قيم إسلامية والذين قالوا بأنه مبني على التوازن إنما نقلوا هذا المفهوم الخاطئ عن الرأسمالية الغربية التي درسوا اقتصادها ولم تتمكن عقولهم من تجاوز ما درسوه.

فالنفس التي تعرضت للاختلال السلبي في بنيتها بسبب غلبة الشهوة عليها في الجماع أو ارتفاع درجة الحرارة خلال فترة الطمث وأثناء الولادة وبعدها ، تحتاج إلى طقس الغسل لكي تكفر عن ذلك ويعود إليها النور كما كان قبل وقبل أن تقف بين يدي الله نور السموات والأرض في الصلاة.

واستهداف الجسد الظاهري بالغسل هنا يأتي من أن الجسد هو الكيان المادي المنظور وهو الوعاء الذي يحتوي النفس بداخله ولذا فإن غسله بمثابة غسل للنفس بداخله. أي أن الغسل وإن كان في ظاهره هو عمل مادي إلا أنه في جوهره أجراء ميتافيزيقي بحت وطقس تعبدي أيضا.

الاجتهاد الثالث في هذا الشأن يعد بمثابة امتداد أو تفصيل للاجتهاد السابق.فهو يعتمد أيضا علي ثلاثية النور والنار ولكنه ينطلق منها لكي يضيف إليها ربط النور بالملائكة والنار بالشياطين، وما يترتب على ذلك من أثار. المجتهدون هنا يقولون أن الحب والإيمان من طبيعة نورانية تجتذب إليها الملآئكة باعتبارها كائنات نورانية وتبعد عنها الملائكة الشياطين.إلا أنه عندما ترتفع

درجة الحرارة الغريزية أثناء فورة الشهوة خلال الجماع أو خلال حالتي الطمث والنفاس أو حتى بسبب الإصابة بالحمى تغلب النار النور في النفس، فتبتعد الملائكة عنها، وتفقد النفس حصانتها ضد الشياطين، والتي كانت الملائكة توفرها لها. فيكون من السهل على الجن والشياطين اختراقها، والنفاذ إليها. ولو لم يتم التعجيل باستعادة النور إلي النفس بالغسل سيطرت الشياطين علي النفس. وأصحاب هذا الاجتهاد يرون بضرورة أن يلجأ الذي أصابته الحمى إلي الغسل فور أن يبرأ منها وتستقر درجة حرارته قبل أن يباشر الصلاة من جديد قياسا علي ما سبق وخاصة أن الأطباء يوصون بذلك ، و لإن هذا الغسل لم يرد فيه نصوص في كتب السنة أو الفقه توجبه. فأنه يمكن اعتباره مندوبا مثل غسل الجمعة وليس واجبا. في حالة الجنابة أو الحيض أو النفاس لا يزول الحب والإيمان من النفس المحبة المؤمنة ولكن وجودهما يفقد فاعليته وتأثيره ولا تعود هذه الفاعلية وذلك التأثير إلا بعد استعادتهما بواسطة الغسل. وبالتالي فالجنابة هنا ليست ظاهرة مادية وإنما هي مجرد رمز لفقدان الحصانة ضد الأرواح الشريرة التي لا تريد الخير للإنسان.والغسل يخلص المغتسل منها وبحيث يعود بكامل المحبة والإيمان ليقف بين يدي الله.

وما الذي يحدث لو لم يتم استعادة الحصانة للنفس بالغسل بعد فقدها؟.

سيكون من نتائج ذلك أن تتمكن الشياطين بمرور الوقت من إزالة كل أثر للمحبة والإيمان من نفس من أهمل الغسل وسيكون من نتائج ذلك أن يكون غرضة لتأثير السحر عليه والحسد وكل العوامل الميتافيزيقية الضارة به. إذن شرع الاغتسال من الجنابة والطمث والنفاس لحماية النفس وتحصينها واستعادة قوتها من بعد ضعف.

الفعل الشبقي يكتسب أهمية أيضا كبيرة في هذا السياق ، إذ لو كانت مزاولته تضعف النفس فإن عدم مزاولته يضعفها أيضا وأن علي نحو أقل. أهمية الفعل الشبقي هنا هو وجوب الغسل بعده وهذا الغسل يقوي النفس كلما ضعفت سواء بمزاولة الفعل الشبقي أو كنتيجة لعدم مزاولته .فالفعل الشبقي إذ يزيل الحصانة أكثر مما يفعله الطمث والنفاس بعشرات المرات إلا أنه أيضا يكون سببا لتجديد هذه الحصانة كلما ضعفت أو قلت فاعليتها فيعيدها إلى أفضل مما كانت عليه بالاغتسال أو ما يسمية البعض بالطهارة.فإزالة الحصانة بالفعل الشبقي ضرورية لإمكان تجديدها وتقويتها وهو بذلك يمثل صيانة مستمرة لها. وكثيرا مايقال بأن الوصال الشبقي بين زوجين أذهب ما كان بينهما من شقاق أو خلاف والحقيقة أن مفعول الوصال هذا لم يتحقق بالفعل إلا بعد أن اغتسلا من الجنابة التي سببها لهما جماعهما وليس قبل ذلك. ولذا فإن التعجيل بالغسل بعد الجماع مفضل عن البقاء في حالة الجنابة.

ومما يؤكد صحة ما ذهبت اليه هذه الإجتهادات أن الاستحمام العادي للزوجين بعد الجماع دون أن يكون في نيتهما التخلص من الجنابة لا يعتد به ولا يعتبرغسلا شرعيا ولا يصلح لأن يصليا بعده. بل يجب أن تنعقد النية على الإغتسال من الجنابة قبل الشروع فيه ومن الأفضل أن يتم التعبير عن تلك النية بالقول : " نويت الطهارة من الحدث ألأكبر" ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقول : "باسم الله الرحمن الرحيم" أو يقول : "باسم الله والله أكبر"ثم يغترف الماء بيديه ويتمم الغسل. سنلاحظ أن النية سواء تم التلفظ بها أو انعقدت في النفس والذهن وما استخدم فيها من ألفاظ كلها ذات طبيعة ميتافيزيقية تؤكد الطبيعة الميتافيزيقية للغسل.

ويمكن القول أيضا أن الاجتهادات الثلاثة يمكن الأخذ بها معا واعتبار أن كل منهما مكمل للآخر.

ويمكن أن نستنتج أيضا أن الاغتسال العادي الغير مرتبط بالتخلص من الجنابة لا قيمة روحية له.

كيفية الاغتسال:

يبدأ الغسل عقب عقد النية عليه والتي يتم التعبير عنها بعبارة:" نويت الطهارة من الحدث الأكبر(الجنابة)" متبوعة بعبارة : "باسم الله والله أكبر" .. ثم يلي إظهار النية مباشرة غسل الرجل أو المرأة أعضائهما التناسلية بأحد يديه ويفضل استعمال اليد اليسرى في ذلك حيث يغترف باليد اليمني الماء ثم ينقله الي اليسرى ثلاث مرات متتالية يغسل بها فيهما الرجل إحليله وكيس الصفن لديه المحتوي علي الخصيتين والتي يعبر عنهما في كتب الفقه عادة بالأنثيين بالماء. وتغسل

المرأة فرجها ظاهره وباطنه بأكمله أي البظر وفتحة البول وفتحة المهبل والشفرين الكبيرين والصغيرين. بعد غسل الأعضاء التناسلية يتم غسل فتحة الشرج وبعد ذلك يمد كل منهما اليد التي استعملها في غسل قبله ودبره الي الأرض أو حائط الحمام فيحكها في أي منهما وهو ما يعرف بإتمام "الاستبراء".يلي ذلك الوضوء العادي المعتاد للصلاة مع فرق واحد وهو أنه يتم غسل الرأس بأكملها وليس مسحها أو جزء منها مثل وضوء الصلاة. ثم تأتي المرحلة الأخيرة من الغسل فيهرق الماء على كتفيه ويغسل به ما تحت إبطيه ثلاث مرات ثم يصب الماء على رأسه ومنه الي كامل جسده بأخذ الماء بكفيه ثلاث مرات وصبه على رأسه.ويستعاض عن ذلك في حالة استعمال"الدش" بالوقوف تحت الدش بعد الاستبراء والوضوء مع تحريك اليدين على الوجه والجسم.

في حالة الاستحمام في ماء نهر جار أو بحر فإنه يكفي غطسة سريعة واحدة في ماء أي منهما مع نية التخلص من الجنابة لكي يكون الغسل تاما وكافيا لأداء الغرض منه.ليتم بعد ذلك تجفيف الجسم وارتداء الملابس.

في حالة انتهاء الغسل من الجنابة وكان على الزوجين أداء صلاة مفروضة وجب أن يكون أول ما يفعله هو أداء الصلاة مرتديا الملابس التي تليق بها. فإن لم يكن ثمة صلاة مفروضة قام بصلاة ركعتين لله شكرا علي نعمته. وبالنسبة للمرأة وجب أن تكون ملابس صلاتها التي تقف فيها بين يدي الله مغطية لجسمها بالكامل فيما عدا وجهها وكفيها وقدميها حتى لولم يكن في الغرفة غيرها هي وزوجها. وبعد أداء الصلاة يمكنها أن تتخفف من ملابسها بعضها أو كلها كما تشاء.فلا حرج عليها طالما لا يوجد معها سوي زوجها.

الغسل من الجنابة إذن يمثل حلقة من سلسلة تتكون من الحلقات المتتابعة الآتية:

الجماع – الجنابة – الغسل – الصلاة.... وتتكرر هذه السلسلة بنفس الترتيب طوال الحياة الزوجية

حيث يتم فقد الطهارة واستردادها علي نحو مستمر.

يلزم التذكير هنا أيضا بأن علي الزوج إن أراد معاودة جماع زوجته وهو لم يتخلص بعد من الجنابة التي نتجت عن جماعه السابق لها فلا يجب أن يمسها قبل أن يقوم بغسل أعضائه التناسلية بالماء بينما لا يطلب من زوجته أن تفعل وإن كان من الأفضل أن نفعل مثله. وهو مطلب شرعي مرتبط أساسا بضمان النظافة . يمكن تعليل ذلك وتوضيح ضرورته من أن النساء قد اعتدن أن يجففن أنفسهن بعد الجماع من الإفرازات المختلطة التي تكون قد خرجت منهن بخرقة ناعمة من القماش أو بفوط ورقية ولا يخرج منهن شيئا بعد ذلك ما لم يجلسن أو يقفن. وفي جميع الحالات فإن دخول جراثيم أو ميكروبات إلي المهبل سابحة في إفرازات سائلة منه يعد احتمالا ضئيلا. بالنسبة للرجل قإن أحليله الذي فقد انتصابه في نهاية الجماع خرج مبللا بأكمله مما أفرزه وأفرزته زوجته خلال الجماع وفي نهايته .و حتى لو جفف عضوه بعد الجماع فسيظل العضو لزجا وفي ثنايا جلده وثنايا كيس الصفن بقايا من مزيح الإفرازات لا يمكن التخلص منها بغير غسلها وبالتالي ستظل أعضاؤه التناسلية قابلة لأن تتجمع عليها الكائنات الدقيقة الموجودة في جو الغرفة ما لم يتم غسلها بالماء والصابون. وعندما يعود إلي الجماع، دون أن يغسل عضوه، فإنه يدخله في هذه الحالة إلي مهبل المرأة محملا بكم هائل من تلك الكائنات الدقيقة، التي قد تكون ميكروبات أو جراثيم أو بكتيريا أو ما شابهها،حيث تسبح في إفرازات المرأة منتشرة في المهبل والرحم ومسببة لها متاعب صحية جمة كان يمكن تفاديها لو أن الرجل غسل عضوه مما علق به.

قبل أن يمسها به أقلها تغيير رائحة إفرازاتها وتحولها إلي رائحة كريهة تملأ جو الغرفة خاصة الإفرازات المختلطة التي اختلط فيها ماؤها بمني الرجل وأوليه ومذيه. من هنا جاءت حكمة ضرورة غسل أعضائه التناسلية بالماء قبل معاودة الجماع و يا حبذا لو تم أيضا غسلها بالصابون أو بسائل مطهر مع الماء. ويستحسن أيضا هنا بالنسبة للزوجة إن غادرت الفراش بعد الجماع لأي سبب وتريد أن تحضر لجماع آخر محتمل على التراخي أن تنتهز الفرصة وتغسل هي الأخرى أعضائها التناسلية بالكامل بالماء والصابون أو بالماء المضاف إليه سائل مطهر ويا حبذا لو كان السائل المطهر معطرا أيضا ومثل هذه السوائل المطهرة والمعطرة في آن واحد موجودة حاليا في الصيدليات.

التعجيل بالإغتسال:

لا يعني التعجيل بالغسل من الجنابة أن ينهض الزوجان بمجرد انتهاء المضاجعة وممارسة الشبق إلي الاغتسال من الجنابة. إذ أن جسديهما اللذين أصابهما الإرهاق يحتاجان إلي قسط كاف من الراحة . كما أن استمرار عناقهما بعد انتهاء الجماع يعد امتدادا للمتعة الحسية والنفسية واستكمالا لها علي نحو آخر مختلف .وإذا كانت الزوجة في منتصف الدورة وتأمل أن يتحقق من الجماع الإخصاب والحمل فأنها في حاجة الي أن تظل مستلقية على ظهرها دون حراك وقتا كافيا لكي تتمكن الحيامن السابحة في نطفة الرجل وإفرازاتها من الوصول إلي حيث توجد البويضة وتلقحها في يسر وظروف أفضل . ولن يمنعها بقائها علي ظهرها من استمرار التواصل الحسي مع جسم زوجها إذ بإمكانها أن ترخي أحد يديها علي جسمه أو ساقيها على إحدى ساقيه إذا كان مستلقيا هو الآخر على ظهره أو تضع ساقها بين ساقيه إن كان ممدا إلى جانبها على جانبه. ونفس الشيء بالنسبة للزوج الذي يمكن أن يمد أحدي يديه إلي جسم زوجته لكي تستقر على صدرها أو بطنها أو على أعلى فرجها لكي يشعرها باستمرار تواصل الجسمين. وإن غلبهما النوم من طول السهر أو من التعب فليستسلما له ولا تثريب عليهما . أما إذا لم يغلبهما النوم ، وأخذا قسطا كافيا من الراحة فالأفضل هنا أن ينهضا للاغتسال معا والتخلص من الجنابة باعتبار أن خير البر عاجله.خاصة وأن الاغتسال من الجماعة كما سبق عرضه بسيط وغير معقد ولا يستغرق إنجازه وقتا طويلا ويمكنهما الانتهاء منه معا سريعا وارتداء ملابسهما وأداء صلاتهما وضمان نوم هادئ مريح بعد ذلك لا تتخلله أية أحلام مزعجة تتسبب فيها الجن أو الشياطين مثلما قد يحدث لو ناما دون التخلص من الجنابة. وإذا كان الاغتسال بماء دافئ وأعقبه كوب من الحليب الدافئ أيضا المحلي بملعقة من عسل النحل فإن هذا يعني توفير كافة الضمانات للحصول على نوم هانئ مريح. وحتى إن أرادا معاودة الجماع فليست إعادة الاغتسال بالعبء الثقيل.

وإذا كان اغتسال الزوجين بعد الجماع واجب عليهما للتخلص من الجنابة فإن استحمامهما قبل الجماع يعد تهيئة محمودة له لأنه يكفل تنشيط الدورة الدموية وإراحة الأعصاب وإزالة رائحة العرق مما يكون له آثار إيجابية على عملية الجماع.

إغتسال الزوجين معا:

لا يوجد ما يمنع من أن يغتسل الزوجان معا سوى بعض العادات القديمة المسيطرة على عقول الناس. رغم انقضاء الزمن الذي ظهرت فيه والأوضاع التي كانت سائدة فيه. والثابت عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغتسل مع زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وهو ما يعني أنهما كان يغتسلان معا في وقت واحد. لذا فإن التصرف الأوفق للزوجيني، والمتفق مع السنة، هو أن يحرصا على أن يغتسلا معا كلما كان ذلك متاحا لهما وممكنا وألا يجد أحدهما في ذلك حرجا.وإن أحسا بعد دخولهما معا إلى الحمام بالحاجة بالبقاء فيه مدة أطول مما يحتاجه الاغتسال من الجنابة يستحمان فيه معا ويقوم كل منهما بغسل جسم الآخر بالماء والصابون وحكه بالليف قبل أن ينويا الاغتسال من الجنابة ويشرعان فيه ، فإن وجود هما معا في الحمام على هذا النحو يزيد من متعة كل منهما بالآخر متعة نفسية هذه المرة أكثر منها حسية وإحساسه بحبه وحنانه واهتمامه به. ومع ذلك فقد تنمو أحاسيسهما في الحمام ، كل قبل الآخر، وتتحول فجأة الى رغبة شبقية لم يتوقعا حدوثها من قبل . وهنا يمكنهما الاستجابة إلى تلك الرغبة الطارئة ومزاولة الشبق داخل الحمام ولو على أرضيته . ولو أن المتضرر في هذه الحالة سيكون الزوج المسكين الذي قد يخرج من هذه التجربة وقد تسلخت ركبتاه من جراء احتكاكهما بأرضية الحمام خلال جماعه لزوجته. وقد يكتشف أيضا عند الاغتسال بأن الماء يلهب ركبتيه المتسلختين كلما لمسهما ويسبب له ألما فيهما..

وتقول سيدة انجليزية بأنها مرت بهذه التجربة مرة واحدة في حياتها الزوجية ، لف الوصال فيها صمت مطبق من الطرفين ، على خلاف وصالهما المعتاد في الفراش، مما أعطى تلك التجربة مذاقا خاصة وميزة جعلتها لا تفارق ذاكرتها أبدا.

عموما الحمام ليس المكان المناسب للجماع ، دون أن يمنع ذلك من إمكانية حدوثه فيه. وهو مخصص لإزالة الجنابة وليس جلبها أو استحضارها.

واغتسال الزوجين معا يعد إجراء اقتصاديا أيضا إذ يوفر في الماء والوقود المستهلكان ومع ذلك فمن الملاحظ أنه من النادر حتي الآن أن تغتسل الزوجة مع زوجها. وإنما المعتاد أن تحضر الزوجة الحمام لزوجها فإذا ما انتهي منه أخذت دورها. وقد تفسر ذلك الزوجة بأنها تستحي من الاستحمام معه.

قد لا يكون من السهل إقناع زوجين مضي على زواجهما زمن طويل بذلك بعد أن بات اغتسال كل منهما منفردا عادة متأصلة يصعب تغييرها. لذا فإن التوجه هنا يستهدف الأزواج الجدد من الشباب الذين قد يجدوا في الاغتسال معا متعة إضافية ومزايا إيجابية تعود بالنفع على حياتهما الزوجية .

فوزي منصور

No comments: