Wednesday, June 13, 2007

هل تتدارك موريتانيا مافاتها؟

هل تتدارك موريتانيا مافاتها ؟
أعلن مؤخرا أن موريتانيا تعاقدت مع شركة فرنسية علي مد خط أنابيب من نهر السنغال الي العاصمة نواكشوط لتزويد العاصمة نواكشوط بالمياه الصالحة للشرب بقيمة 380مليون دولار ووصف المشروع بأنه غير مسبوق وينفذ لأول مرة في تاريخ موريتانيا وسيتيح فرص عمل لمئات من الموريتانيين.
والذي أراه أنه كان بالامكان بلوغ الهدف من ذاك المشروع وبتكلفة أقل ومردودية أكبر، بمشروع آخر عبارة عن: حفر قناة ملاحية من نهر السنغال حتي ميناء نواذيبو شمال موريتانيا بالاتفاق والتعاون مع جمهوريتي السنغالشريكتي موريتانيا في نهر السنغال. و في اطار مخطط للتنمية المشتركة. وبتنفيذ شركة مقاولات عامة موريتانية/سنغالية/ مالية. ولايحتاج هذا المشروع لغير شراء آليات حفر وشاحنات لنقل مخلفات الحفر. ويعتمد علي عمالة كثيفة متوفرة في البلدان الثلاثة، يتم تحويلها الى مزارعين بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع في أراضي الساحل الموريتاني . هذا الساحل الذي كان يمكن تثبيت رماله بأشجار الآكاسيا ونخيل التمر وزراعته بالفول السوداني والبصل والنباتات الطبية والتوابل وقصب السكر والقطن قصير التيلة والدخن ونبات الجويا والخضروات والفواكه مثل الموز والآناناس والمانجو ....الخ محاصيل المناطق الحارة .بالاضافة الي أعشاب المراعي .ولم يكن تنفيذ هذا المشروع يحتاج الى شركة أجنبية أو الحصول علي قرض كبير يضيف عبء سداده أعباء حديدة على أعباء الاقتصاد الوطني الناتجة عن القروض الأجنبية السابقة.وكان هذا المشروع سيوفر وسيلة نقل رخيصة في متناول يد عدد كبير من المستثمرين الصغار في البلدين وزيادة في الدخل القومي وامكانية قيام صناعات تحويلية غذائية عليه توفر الاحتياجات المحلية من مواد غذائية أساسية مثل الزيت والسكر ودقيق الذرة وغيرها.فضلا عن المنتجا ت الحيوانيةمن حليب ولحوم وأسماك نهرية . وكان بالامكان توجيه ناتج الحفر لردم المستنقعات البحرية جنوب العاصمة وزراعتها وتأمين فرص عمل دائمة لآلاف الأسر الموريتانية والسنغالية معاوكذلك الأمن الغذائي للبلدين ودمج العنصرين الزنجي والعربي في بوتقة واحدة عن طريق الزيجات المختلطة مما يسهم في تحسين النسل بالنسبة للأجيال القادمة وانهاء العصبية المبنية علي العرق أو اللون وبناء علاقات صحية جديدة تسمح بوضع نهاية لتأثيرات الرواسب التاريخية القديمة وتحول دون مواصلة القوى الأجنبية استغلالها لاثارة الكراهية والاحقاد والفتن بمقتضي سياستها الاستعمارية المعروفة : فرق تسد والتي تحقق لها مصالحها سواء علي صعيد بيع الأسلحة أو الحصول علي الخامات الأولية من الدول الأفريقية بأسعار متدنية.

والسؤال المطروح هو: لماذا غاب هذا التوجه عن العقل الموريتاني؟

الاجابة علي هذا السؤال هو أن العقل الموريتاني لايعاني من أي قصور ولاينقصه الذكاء أوالقدرة علي التخيل والتصور. اذن..أين الخلل؟..الخلل يكمن في رواسب الخلافات بين موريتانيا والسنغال والعصبية العرقية بين الزنوج ومن يعتبرون أنفسهم عربا في موريتانيا بينما الاسلام يجمعهما معا حيث لافرق فيه بين أسود وأبيض الا بالتقوى .هذه الرواسب النفسيةهي التي تضيق مجال عمل العقل . وبالاضافة الي ذلك عدم وجود قناعة بأنه لاأمل في بقاء دولة صغيرة في عدد السكان مزدهرة ومحتفظة باستقلاليتهاوكرامتها مالم تلجأ الي تنمية انسانية واقتصادية مشتركة مع دول الجوار بحيث يشكلان معا وحدة انسانية وثقافية حتي وان احتفظ كل منهما بوضعيته السياسية علي غرار ماهو حادث الان في أوروبا . علما بأن عرب موريتانيا هم من العنصر الليبي المنتشر في شمال القارة ألافريقية من دلتا مصر حتي ساحل الاطلنطي والذي وجد في موريتانيا منذ فجر التاريخ وتشهد بذلك رحلة حنون القرطاجي الذي أثبت أن "الليبتوس" ينتشرون حتي نهر السنغال جنوبا ومن بعدهم جنوب النهر ينتشر أثيوبيون خطرون علي حد قوله. هناك أي الغرور الناتج عن اكتشاف البترول وبالتالي الحصول علي موارد مالية كبيرة غير مسبوقة في تاريخ موريتانيا وهو مايحجب عوامل هامة وضرورية لايغني عن ضرورة الاهتمام بها توفر الأموال.
ولكن .. هل يمكن تدارك مستقبلا مافات موريتانيا اليوم..؟.هذا ماآمل فيه من الحكومة الموريتانية الجديدة . واذا كان لاينفع البكاء علي اللبن المسكوب فان المطلوب اليوم التطلع الي لبن جديد يتم احفظه في اناء غير قابل للكسر. واذا كنت قد اكتفيت في البداية بضرب مثل لتنمية مشتركة بين دولتين جارتين فانه يمكن تعميم النموذج اقليميا لتحقيق تنمية مشتركةمتعددة الأطراف لصالح شعوب الدول التي يجمعها نفس النطاق الجغرافي.

نموذج لمشروع تنمية مشتركة متعددة الأطراف

ماسيتم عرضه هنا هو تطوير الفكرة السابقة بحيث يعم نفعها علي أكبر عدد ممكن من الشعوب الآفريقية .

ان عائد التنمية المشتركة يزداد بالتأكيد كلما اتسع نطاقها الجغرافي وازداد معه كم الثروة البشرية والثروات الطبيعية المساهمة في عملية التنميةالشاملة الاقتصادية والاجتماعية والانسانية. ووجود أنظمةسياسية مختلفة أومتعددة في الاقليم الجغرافي الذي تتم فيه عمليات التنمية االمشتركة لايعوق أو يعرقل هذه العمليات ، طالما قامت هذه الانظمة بادخال بعض التعديلات علي قوانينها بحيث تسمح بتنقل رؤوس الأموال والأشخاص والسلع عبر حدودها دون عائق ، وتيسير اقامة وعمل مواطني دول اقليم التنمية المشتركة في كل دولة، ومنحهم نفس الحقوق التي يتمتع بها مواطنوها طالما يخضعون لقوانينها وعليهم نفس واجبات باقي المواطنين.
والتنمية ، سواء تمت علي نطاق دولة واحدة أو عدة دول ، تحتاج الى بنية أساسية ضرورية تتمثل في توفير الماء اللآزم للشرب والزراعة وتربية الماشية والتعميروتشييد المباني والمنشآت المدنية والصناعية والأغراض الصناعية ويأتي بعد الماء مباشرة : الطرق اللازمة لنقل الأفراد والسلع برية أوسكك حديدية أو نقل نهرى أو بحري أو جوي ثم بعد ذلك تأتي منشآت التزويد بالطاقة وخطوط الاتصالات.

الماء هنا في هذا النموذج لايكتسب أهميته من حيويته فقط وانما أيضا من اتخاذه محددا للدول المشاركة في المشروع . والتي تنقسم الي دول مزودة بالماء ودول تم نقل الماء اليها لتعمير أراضي خاضعة لسيادتها . ولشعوب الدول المزودة بالماء كل الحق في المشاركة والانتفاع بعائدات التنمية في الدول التي تم نقل المياه اليها. هذا يعد البروتوكول الواجب الالتزام به والعمل
بمقتضاه .

في هذا النموذج تشمل قائمة الدول كل من غانا وغينيا وساحل العاج وليبريا وسيراليون وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال كدول مزودة بالمياه وموريتانيا والجزائرومالي وتونس (12 دولة) ويمكن أيضا اضافة المغرب الى الدول المستفيدة من الماءوالمشروع . وقد يتسع نطاق المشروع مستقبلا ليشمل جميع دول شمال وغرب أفريقيا في مرحلة تالية. وعلي أن تكون المناطق التي يجري تعميرها بموجب هذا المشروع في أراضي السنغال وموريتانيا والجزائر ومالي وتونس مفتوحة أمام جميع شعوب اقليم التنمية المشتركة خاصة شعوب الدول المزودة بالماءوالتي ستعتمد عليها أيضا المنشآت الصناعية الجديدة علي الخامات المعدنية المستخرجة من مناجمها.

اذا استعرضنا الدول التي اعتبرت مزودة للماء جغرافيا سنجدا تقع في سواحل غرب أفريقيا وفي منطقة تسودها هضبة فوتاجالون التي تسقط عليها أمطار موسمية غزيرة فيما عدا غانا التي تقل أمطارها نسبيا . وهذه الهضبة مرتفعة عن سطح البحر بما يتراوح مابين 500متر وأكثر من ألف متر حيث نجد مثلا جبل نمبا شرقها يرتفع الي 1850 متر فوق سطح البحر. وبينما تنحدر حواف الهضبة نحو المحيط الأطلسى جنوبها أوغربها انحدارا شديدا فانها تنبسط أو تنحدر ببطء في اتجاه الداخل والصحراء الكبري. ولذا تنحدر من علي حوافها الخارجية أنهار ومجاري سيول قصيرة وسريعة الجريان تذهب مياهها الي المحيط الأطلسي دون الانتفاع بها ، بينما تنبع من داخلها أنهار طويلة نسبيا وتأخذ طريقها من خلال انفراجات بين جبال الهضبة نحو الشمال أو الغرب كما تظهر أيضا البحيرات داخلها . ومن هذه الأنهار: النيجر الذي يصل طوله الى4200كيلومتر والفولتا في غانا ويصل طوله مع روافده الى 1600كيلومتر والسنغال ويصل طوله الي 1700 كيلومتر وغامبيا 1130 كيلومتر. وتأتي بعدها أنهار ساحل العاج بنداما 950كيلومتر وكومويه 900 كيلومتر وساسندرا 650 كيلومترو وكفالي 600 كيلومتر. أما باقي الانهار الأخري مثل أنهار ليبريا وسيراليون وغينيا بيساو فلا يتجاوز أطولها300كيلومتر.

تتلخص الفكرة في جلب مياه هذه الأنهار الضائع معظمها دون الاستفادة منها لزراعة وتعمير أراض واسعة وسط السنغال وفي الصحراء جنوب الجزائر وتونس وشمال مالي لصالح شعوب غرب أفريقيا المشاركة في المشروع. مع السماح بتسرب كميات منها الي مياه المحيط للمحافظة علي البيئة البحرية في سواحل تلك الدول . سيتطلب ذلك حفر قناة جنوب الهضبة قرب اتصالها بالمحيط تلتف مع الهضبة جهة الغرب وتتجه شمالا الي سهول السنغال ثم تقطع نهر السنغال الي موريتانيا عند مدينة روسو الموريتانيةبعد مرورها في السنغال بنهر فالو والبحيرة الملحقة به. ومن شمال موريتانا تتجه شرقا نحو الصحراء المالية والجزائرية علي امتداد منخفض الجوف في جنوبه أو شماله متجهة نحو شمالي منخفض شط ملقير في الجزائر ومنخفض الشطوط في تونس وتصرف مياهها في أحدهما. وخلال هذه الرحلة تجمع القناة مياه الأنهار التي تقطعها وكذلك مجاري السيول التي تصب فيها ويبلغ عدد هذه الأنهار أكثر من 20 نهرا متفاوتة الطول .أما مجارى الأنهار جنوب أو غرب القناة في المسافة الفاصلة بينها وبين المحيط فيتم سدها بركام الصخور الناتجة عن الحفر في الهضبة الصخرية وبحيث يتم من فوقها تصريف المياه الزائدة عن حاجة القناةواستغلال الصالح منها لتوليد الطاقة الكهربائية منها على مدار العام. وهذه القناة الجديدة والتى ستساهم شعوب هذه الدول في حفرها ولاتحتاج الي أي خبرات أجنبية ، من الأفضل أن تكون مزدوجة الغرض أي تستعمل لنقل المياه الي مناطق تحتاجها وتستخدم أيضا لأغراض النقل النهري. وهي ستكون كذلك من تلقاء نفسها، حيث أن أدائها للغرض الاول بكفاءة سيتطلب أن تكون بعرض وعمق ومناسيب محددة تجعلها صالحة للغرض الثاني أي للنقل النهري للأفراد والبضائع، والذي يعتبر أقل وسائل النقل تكلفة وأقلها تلويثا للبيئة ولايعيبها سوى البط ء. وتظهر أهمية هذه القناة في الملاحة النهرية ليس فقط من خلال نقل منتجات المنطقة الاستوائية منها الي الشمال وزيادة حجم المبادلات التجارية بين الدول التي تربط بينها القناة الجديدة , وانما أيضا في دورهاالهام الى جانب سبل النقل الأخري البرية والبحرية في نقل الخامات المعدنية المتوفرة والعديدة لدي هذه البلدان الي المناطق الصناعية الجديدة في موريتانيا والصحراء الجزائرية حيث يمكن اقامة مجمعات صناعية ضخمة للصناعات المعدنية والكيميائية والهندسية الي جانب الصناعات الغذائية والتحويلية الأخرى . وتبعا لهذا النهج الجديد يمكن لهذه الدول الأفريقية الافادة المثلى من ثرواتها الطبيعية التي تتعرض حاليا للاستنزاف والنهب أو البيع
في الأسواق الدولية بأسعار زهيدة ويمكنها رفع حجم مساهمتها في التجارة الدولية وتوفير جزء كبير من العملات الأجنبيةالتي كانت توجهها لاستيراد احتياجاتها من السلع المصنعة وكذلك تكون لأول مرة في تاريخها منذ استقلالها في غني عن الحصول علي قروض أجنبية تقيد حريتها السياسية وتستنفد سداد أقساطها وفوائدها مواردها المالية.
وعلي سبيل المثال لاالحصر، تتوفر كثير من الخامات المعدنية لدى هذه المجموعة من الدول ييتفاوت حجم احتياطياتها الباقية منها بعد استنزاف الاحتكارات الأجنبية للعديد منهاعلي النحو التالي:
· الفوسفات : يوجد في السنغال والمغرب وموريتانيا والجزائر وتونس.
· البوكسيت: يوجد في غينيا ومالي وغانا وساحل العاج وسيراليون وغينيا بيساو.
· الحديد : يوجد في موريتانيا والسنغال وغينيا وسيراليون وساحل العاج وليبريا والجزائر.
· المنجنيز: يوجد في غانا وساحل العاج وغينيا وليبريا.
· البلاتين: يوجد في سيراليون.
· الذهب : يوجد في غانا وغينيا وليبريا وسيراليون.
· الكروم: يوجد في سيراليون.
· التيتانيوم: يوجد في السنغال.
· النحاس : يوجد في ساحل العاج.
· الماس : يوجد في ليبريا وغانا وساحل العاج وغينيا بيساو.
· اليورانيوم: يوجد في الجزائر .
· البترول والغاز: يوجدان أو أحدهما في الجزائر وتونس وموريتانيا والسنغال وساحل العاج.
وهذا يوضح أن هذه المنطقة غنية بمواردها الطبيعية ومع ذلك تعيش معظم شعوبها تحت عتبة الفقر بل سنلاحظ أيضا أن البلدان الغنية بالخامات المعدنية هي التي تعرضت في السنوات الآخيرة للآضطرابات والمذابح والحروب الأهلية مثل الحال في ليبريا وسيراليون وساحل العاج
وشعوبها من أكثر شعوب القارة الأفريقية فقرا وبؤسا.

ويتكامل هذا المشروع مع مشروع القناة البحرية السابق لي اقتراحها لتربط بين شط الجريد في تونس وشط ملقير في الجزائر وخليج تونس مع امتدادها داخل الصحراء الجزائرية الي منطقة انتاج البترول والغاز في حاسي مسعود والتي لاتبعد كثيرا عن الطرف الغربي لشط ملقير الذي يفترض أن يتحول الي بحيرة مائية كبيرة لوقوعه هو و شط الجريد تحت مستوى سطح البحر. إذ أن المشروع التونسي/الجزائري سالف الذكر إن قدر له أن ينفذ سيحتاج الي تزويده بالماء الصالح للشرب بمايكفي ساكنة المناطق الصناعية والسياحية التي سيجري اقامتها حول البحيرات الجديدة في كل من تونس والجزائر.وفي حالة الحصول علي مياه عذبة تضاف الي مايمكن الحصول عليه من تحلية مياه البحر سيتيح ذلك زراعة حبوب مثل القمح والذرة وقطاني مثل الفول والعدس واللوبيا والعديد من أصناف الخضر والفواكة بسبب وجود المنطقة بالقرب من البحر المتوسط وبالتالي في ظروف مناخية أفضل من باقي مناطق الصحراء. وستزيد البحيرات الجديدة من تحسين الظروف المناخية حيث تزداد نسبة رطوبة الجو بما يلائم الاحتياجات الزراعية. ووصول القناة النهرية العذبة الجديدة الي جنوب منطقة الشطوط في تونس واالجزائر سيتيح زراعة مساحات شاسعة من الأراضي المسطحة والصالحة للزراعة بعد تخليصها من الأملاح العالقة بها وتثبيت الكثبان الرملية جنوبها والحد من تأثيرات الرياح الساخنة المحملة بالرمال والقادمة من الصحراء بحزام غابوي.
واستخدام القناة للملاحة النهرية سيتيح وصول المحاصيل الزراعية الاستوائية المنتجة في الساحل الجنوبي لغرب أفريقيا مثل البن والكاكاو وزيت النخيل والمطاط والموز والاناناس.......الخ الي شرق المتوسط. وعودة السفن من شرق المتوسط الي الساحل محملة بمنتجات منطقة البحر المتوسط المعتدلة ، والمنتجات الأوروبية والآسيوية الواردة عبر البحر واتاحة فرص غير محدودة للتصنيع الغذائي ولمبادلات تجارية بشروط أفضل وفائض قيمة أكبر، بالنسبة للمزارعين. فضلا عن امداد المجمعات الصناعية الجديدة في موريتانيا والجزائر باحتياجاتها من الخامات المعدنية علي النحو السابق ايضاحه.

وعلي طول القناة النهرية يمكن مد طريق بري للسيارات وخط سكة حديد سريع يعمل بالكهرباء وشبكات ضغط عالي لحمل التيار الكهربي من محطات الانتاج الي محولات وخطوط التوزيع. وكذلك خط أنابيب لنقل البترول من مناطق انتاجه الي محطات التكرير والغاز أيضا الي مناطق الاستهلاك وكذا خطوط كابلات أرضية وهوائية لنقل الاتصالات التليفونية مابين غرب أفريقيا وشمالها.
اذن مع امتداد القناة ستتوفر البنيات الاساسية اللازمة للعمران والحياة المدنية الحديثة والميسرة لقيام التصنيع وتسريع المبادلات التجارية وتنويع السلع المنتجة.
وستمكن منطقة الانتاج الزراعي والصناعي علي طول امتداد القناة وتفرعاتها والتي قد تأخذ شكل قنوات مغطاة أو أنابيب للري لتفادي تبخر المياه بالحرارة الي اعادة توزيع السكان والحد من ضغط الكثافة السكانية علي الدول محدودة المساحة والدخل والقضاء علي الفقر وتحسين مستوى المعيشة وتعمير مناطق خالية حاليا من السكان بما يجعلها عمقا استراتيجيا اقتصاديا وأمنيا هاما لمختلف الدول المشاركة في المشروع.

تنفيذ المشروع سيتطلب اقامة شركة مساهمة قابضة holding أفريقية متعددة الجنسيات ومتعدية للحدود، موزعة أسهمها علي مواطني الدول المشاركة وحكوماتها ومِؤسساتها المالية وشركاء دوليين. وتقوم باستغلال الأراضي وممارسة كافة الأنشطة الاقتصادية من زراعة وصناعة وتعدين ونقل وتجارة وطاقة واسكان وخدمات لحسابها وبواسطتها مباشرة أو بواسطة مؤسسات أو شركات تابعة لها. وستتصل أنشطة هذه الشركة المساهمة بأنشطة افتصادية تابعة لشبكات تنمية اقتصادية موجودة داخل الدول المشاركة وتمثل المساهمين الأساسيين في الشركة الافريقية الاقليمية الكبرى سالفة الذكر والذين يواصلون زيادة رأسمالها سنويا وتزداد حصتهم فيها من ناحية وتمكينها من التوسع في الاستثمارات وتمكنهم من الحصول علي نصيب متزايد من الارباح سنويا يتم توزيعه علي المساهمين الذين هم في ذات الوقت عائلات سكان هذه الدول مما يكفل تنويع وزيادة مصادر الدخل العائلي وكذلك الدخل الوطني في كل دولة .

إن مايجعل البعض ينظر لهذا المشروع علي أنه يوتوبيا غير قابلة للتنفيذ بسبب مااتسمت به الأنظمة الحاكمة في العديد من الدول الأفريقية من فساد ، واعتمادها علي القوى الأجنبية وارتباط مصالحها بها . أو بمعني آخر عدم وطنيتها. ومع التسليم بهذا الواقع الا أنه لايجب الاستسلام له وأنا هنا لاأقول أنه سيتم تغييره بثورات أو انقلابات أو بتغيير هذه الأنظمة الحاكمة بدمقرطة النظام ولكن سيتم ذلك بادماج هذه العصب الحاكمة بصرف النظر عما هي متهمة به من فساد وعمالة داخل المشروع مع باقي أفراد الشعب الذي سيتم تنظيمه علي نحو لايزعجها وبحيث تجد أن مكاسبها المادية والرمزية من المشروع هي أكبر من مكاسبها الحالية وأكثر أمنا وأنه الوسيلة الوحيدة الامنه لاستثمار أموالها المهربة للخارج دون أن تتعرض للمصادرة اذا ماغيرت الرياح توجهاتها. وأنه سواء ظلت ممسكة بزمام الحكم أم أفلت منها فلاخوف عليها أو علي مااكتنزت من أموال بحق أو بدون حق.

إن عدد سكان هذه المجموعة من الدول الأفريقية يزيد عن المائة مليون نسمة ورغم أن الغالبية تعيش تحت مستوى خط الفقر الي أن التنظيم الاجتماعي والاقتصادي لهم في شبكات للتنمية ترافق تنفيذ مشروع التنمية الأفريقية المشتركة ستمكنهم من المساهمة في تمويل المشروع بمايعادل ستة ملايير دولار أمريكي سنويا مع توجيه مبلغ مماثل الي مشروعات التنمية المحلية في مناطق إقامتهم . إن المشروع المقترح سيحقق نوعا من التكافل الاقتصادي والاجتماعي ليس بين الدول وانما بين شعوب هذه الدول التي ستتساوى في الحصول علي عائد التنمية المشتركة الجماعية.

يمكن أن أدع خيالي يجمح بي وأن أتصور أن مشروع القناة البحرية بين تونس والجزائر و الرابطة بين شطي الجريد في تونس وملقير في الجزائر،يتم تطويره بحيث تمتد القناة عبر بحر الرمال في الصحراء الكبري حتي تصب في النهاية عند مصب نهر السنغال قبالة مدينة سانت لويس في السنغال ، بعد تذليل الصعوبات التقنية والتي منها: أن مستوي سطح الارض في الصحراء حنوب جبال الأطلس الصحراوي الجزائرية يزيد عن مائتي متر فوق سطح البحر. وهو مايجعل مثل هذا الحلم مستحيل التحقق فضلا عن انهيار جدران الحفر وطمر القناة بالعواصف الرملية والكثبان المتحركة . فضلا عن التكلفة المالية التي لاقبل لدولة مثل الجزائر ولالعدة دول بها. وأنه أيضا لاأمل في أن تأتي عوائد المشروع بمايعوض ماأنفق عليه ولو بعد نصف قرن. أذكر هذه الصعوبات قبل أن يذكرني بها أحد ، ولكنني أقول أنه رغم كل ذلك قد يكون هذا المشروع ممكنا تقنيا وماليا بعد اجراء أبحاث وتجارب معينة ولوأن هذا يظل موضوعا آخر يمكن تأجيل النظر فيه حاليا.


فوزي منصور
كاتب وصحافي مصري مقيم في المغرب
Fawzy_mansour@hotmail.com

No comments: