Friday, December 18, 2015

النفس البشرية



"ماهية النفس"

أكتب مقالاتي بعد تفكير عميق في موضوع ينشغل به عقلي لفترة تطول أو تقصر حسب الموضوع ، وما يتوفر لدي من معلومات عنه.و
أضمنها ، أي المقالات، ما  انتهى اليه تفكيرى ، دون أن أتوهم أنني كتبت ما هو صحيح فعلا ، ولذا يظل فكري مشغولا ببعض الموضوعات التي كتبت فيها سنوات عديدة لاحقة ، فإن توصل عقلي لغير ما كتبته من قبل بادرت الى كتابة ما استجد لدي منه ، ومعتذرا عما سبق أن كتبته ، واعتبرت نفسي لم أوفق فيه ، أو كنت مخطئا بينما كنت أظن وقتها أنه صحيح.

وكان مما شغل فكري ، وشغل فكر مئات الآلاف من أمم سابقة فهم "ماهية النفس البشرية ". وكان ماظننته قبل سنوات وكتبته أن الإنسان يتكون من نفس وروح وعقل وجسد ، وعندما تقدمت في العمر بدأت أراجع ذلك ، وأظن اليوم أن الإنسان يتكون من جسد ونفس فقط وأن الروح والتي كنت أظنها مسؤولة عن الحياة فقط ، وكذلك العقل هما من مكونات النفس ، وغير منفصلين عنها.

وإذا كان الإنسان يموت حين يحين أجله ، فإن النفس تظل حية ولاتموت ، وهو ما يعني أن الروح لاتنفصل عنها وإنما هي باقية فيها طالما اعتبرناها سبب الحياة. كما أنه طالما أن النفس رهينة بما كسبت وهي مخيرة بدليل مسؤوليتها عن تصرفاتها ، إذن النفس عاقلة أي أن العقل ملازم لها ، سواء كانت سجينة في الجسد أو تحررت منه بعد موته وتلفه وتحوله إلى رماد بمرور الوقت.

كان القرآن يعبرعن العقل بالقلب ، ولذا قيل أن العقل هو القلب ، أو أن القلب امتداد للعقل ، ووجدنا من حاول إثبات ذلك بالقول أن من نقلت اليه قلب ميت ، اتضح أنه يتذكر أمور حدثت لصاحب العقل الأصلي. وإذ لا أشكك في صحة ما قاله ، فإني أظن بأن القلب المذكور في القرآن يعني النفس أكثر مما يقتصر على العقل. وإذا تساءل عن سلوك قوم أو استهجنه فقال أليس لهم قلوب يتفكرون بها ، فيمكن فهم التساؤل بمعنى أليس لهم نفوس يتفكرون بها.

ولا أدعى الآن أنني أكتب علما ، أو أن ما أقوله هنا صائب صوابا مطلقا ، ولكنه قد يكون صائبا نسبيا .
 وفي جميع الحالات هذا ما توصل إليه عقلي ، وقد أكون قد أصبت فيه ، وربما أكون لم يلازمني التوقيق أيضا . ولكنه في نفس الوقت دعوة للتفكير في الأمر والتأمل فيه لمن شاء ويهمه ذلك.

والنفس البشرية وهي سجينة في الجسد قبل مقارقته ، تتأثر بما يحدث للجسد من أمراض وعلل ، وتتعرض للمرض ويمرض بمرضها العقل فيختل تفكيره ، أو تفقد الوعي والذاكرة إن أصابه ما أضر به.  وهي إن غادرت الجسد وتحررت من أسره ، تعود إليها صحتها وعافيتها على النحو الذي كانت عليه في البدء ، وإذا كانت القوانين لاتطبق على مختل العقل إن خالفها، والشريعة بها مبدأ : ليس على المريض حرج، من قبيل العذر له أو التخفيف عليه ، أوالإعفاء له ، فهذا أكثر ما ينطبق على الذين أصابهم مرض نفسي وعقلي. وكل تصرفاتهم خلال المرض يعقوا عنها الله ولا يحاسبهم عليها.

وقد وجدت في موقع بالأنترنيت :
http://www.arabna.info/vb/showthread.php?t=8521
من نقل عن الدكتور مصطفي محمود أنه قال : إن علاقة نفس كل منا بروحه وجسده هي أشبه بعلاقة ذرة الحديد بالمجال المعناطيسي ذي القطبين ، والذي يحدث للنفس دائما هو حالة استقطاب ، إما إنجذاب وهبوط إلى الجسد ، إلى حمأة الواقع وطين الغرائز والشهوات، وهذا ما يحدث للنفس الجسمانيية الحيوانية حينما تشاكل الطين وتجانس التراب في كثافته ، وإما إنجذاب وصعود إلى الروح إلى سموات المثل والقيم والأخلاق الربانية ، وهو ما يحدث للنفس حين تشاكل الروح وتجانسها في لطفها وشفافيتها، والنفس طوال الحياة في حركة وتذبذب واستقطاب بين القطب الروحي وبين القطب الجسدي....الخ

وتحت عنوان : ماهي النفس ، كتب صاحب المقال : " النفس هي ذات الإنسان المعنوية الشاعرة وهي نور إلهي مركزها الصدر وأشعتها سارية بواسطة الأعصاب في سائر إنحاء الجسد ثم تتعرف على ما يحيطها بواسطة الحواس .....والنفس هي المخاطبة دوما في القرآن ، وهي المتهمة في القرآن بالشح والوسواس والفجور والطبيعة الأمارة بالسوء وهي يمكن أن تتزكي وتتطهر وتوصف بأنها لوامة وملهمة ومطمئنية وراضية مرضية...

ويمكن أن نستخلص مما سبق ، مع بعض التغيير فيه ، أن النفس هي كينونه روحية أو إلهية تسكن جسدا ماديا تتفاعل معه وتغلبه بروحانيتها أو يغلبها بماديته.

أما عن الحواس فهي ترى وتلمس وتسمع وتحس عبر الجسد حين تكون مسجونة بداخله ولكن حين تتحرر منه تظل محتفظة بقدرتها على السمع والبصر وكافة الحواس.

ومن الأخطاء التي وقعت فيها بالنسبة للنفس البشرية من قبل هو تفسيري لقوله تعالى : ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ، حين ظننت ، ونفس الخطأ سبقنى اليه العديد من المفسرين ، أن النفس تحتوى منذ البدء على الفجور والتقوى ، وقد انتهيت مؤخرا أن ألهمها تعنى علمها أو أخبرها بما هو يندرج ضمن الفجور وماهو يعد من التقوى . وأن هذا التعليم أو التوجيه كان سبب إرسال الأنبياء والرسل للناس مبشرين ومنذرين. وقد وجدت أن مفسرين قلائل من السلف فهموا ذلك أيضا حين فسروا الآية.

ونفخنا فيه من روحنا:

عندما حدثنا الله عن خلق آدم ، وهو الإنسان الأول ، وكان في الأرض أقوام غيره ، قال : ونفخنا فيه من روحنا.وقد ظن كثيرون أن هذه النفخة اختص الله بها آدم ، وأن آدم انتقلت اليه بها بعض الصفات الألاهية . ولكن سأجد في القرآن أيضا أن الله استعمل نفس العبارة حين تحدث عن حمل السيدة مريم بالمسيح عليه السلام وبعد أن أرسل لها ملكا تمثل لها بشرا سويا. وقد تحدثت الأناجيل أيضا عن ملاك كان يرعى المسيح طول حياته وكان يعتبره إبنه. وكتبت من قبل بأن المسيح حين كان يقول : إبي الذي في السماوات لم يكن يعني الله سبحانه وتعالى وإنما هذا الملاك.

وعندما وجد المسلمون المسيحيين يتحدثون عن الروح القدس قال الكثير منهم بأن الروح القدس هو جبريل عليه السلام وهو الملاك الذي كان ينزل بأيات القرآن على النبي  ومن قبله على الأنبياء . في حين نستنتج من رواية حول حاخامات يهود جاءوا للنبي يتأكدون من صحة نبوته وأنه المذكور لديهم في كتبهم ، أن كل نبي أو رسول كان له ملك ينزل عليه بالوحي ليس بالضرورة جبريل ، بل امتنعوا عن اتباع الرسول حين علموا منه بأن جبريل هو الذي ينزل عليه بالوحي بذريعة أن جبريل كاره لهم وهو يبادلونه كرها بكره، وعلى الرغم بأن النبي أجابهم على أسئلة قالوا بأنه لايعرف إجابتها في زمانهم سوى خمسة هم منهم ، وكان كلما أجاب على سؤال بالإجابة الموجودة لديهم قالوا له : صدقت. قد يكون جبريل دون باقي الملائكة له لقب الروح القدس ولكن لايجب تأويل كلمة أو لفظ الروح القدس بما لا يعلمه غير الله سبحانه وتعالى.

إذا أخذنا في الاعتبار أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بأنه نور السماوات والأرص ، وأن الملائكة خلقهم من نوره، وأن الملائكة ينفذون مشيئة الله في الأرض ويصدعون بما يؤمرون، ولايعصون لله أمرا. أمكننا من هذه المعلومات أن نستنتج أن الملائكة أرواح ذات طبائع شبه إلهية .ولكل وظيفته. وقد أدرك ذلك قدامي المتدينين ولنسميهم الصابئة. وعندما رؤوا النجوم مضيئة في السماء ظنوها ملائكة وكان ذلك سر اهتمامهم بالفلك ، ومن هنا أيضا تحدثوا عن آلهة للخصوبة وللجمال وللريح والمطر وكل طواهر الطبيعة ، ثم جسدوها في أوثان وراحوا يعبدونها مما اعتبر شركا بالله وكان سببا في إرسال الأنبياء والرسل لإعادتهم لعبادة الله وحده. وكان من هؤلاء المصريون القدامي ، وعندما وجد أخناتون أن الشمس هي التي تصيئ السموات والآرض ظنها الإله  الواحد ودعا قومه لعبادتها عوض عبادتهم للأله آمون .

ويمكن أن نستخلص من عبارة ونفخنا فيه من روحنا ، وسواء كان المفصود بالروح هنا المولي أو ملاك بإذنه، أن جسد الإنسان الحي وإن كان من التراب ففيه نور يكون نفسه من نور الروح النافخة فيه.وهذا النور الألهي تتكون منه النفس الحية في الجسد وبعد مغادرة الجسد إلى ما يعرف بالبرزخ الذي تنتظر فيه لاتشعر بالزمن مهما طال حتي ينفخ في الصور ويتم جمعها وبعثها ليوم الحساب. كما أن الحسد حين كان طينا أو صلصالا تم حرقه ، وهو ما يعني أنه يتكون أيضا من تلك النار التي حرق بها ومن هنا يستمد حرارته التي يظل بها وتتبدد بعد موته. وإذا كانت الملائكة خلقت من نور والجن خلقت من النار فإن جسد اإنسان به نور ونار . وحين يموت يظل النور وتختفي النار وكل ما بالجسد من الطين أو المعادن التي يتكون منها تراب الأرض.

ويمكن أيضا أن نستخلص إن الروح والنفس شيئ واحد لايتجزأ، وأن الإنسان الحي مكون من ناسوت هو الجسد ومن لاهوت هو النفس أو الروح الناتجة عن تلك النفخة الروحانية. وأن التذبذب الذي تحدث عنه الدكتور مصطفى محمود يمكن أن نعتبره بين الناسوت واللاهوت. وهو جمع بينهما غير قاصر على السيد المسيح كما يقول بذلك القساوسة.
كما يمكن اعتبار ذلك التذبذب أيصا تذبذب بين الفجور والتقوى داخل النفس وقد أفلح من زكانها ، أي خلصها من فجورها، وخاب من دساها أي جعل فجورها يتغلب على تقواها.

هل الأنفس خاصة بالإنسان وحده؟
عندما نجد الله سبحانه وتعالى يقول بأن من الحيوانات والطيور أمم مثلنا ، فإن هذا يعني أن كل حي ذي روح ، أي أن كل الأحياء لها أنفس. وعلماء البيولوجيا تعتبرالإنسان من الثدييات وتجمع بينه وبين العديد من الحيوانات الثديية .

ولكن نفس الإنسان تختلف عن باقي الأنفس.لدى الكائنات الحية الأخرى حيث تمتلك نفس الإنسان حرية التصرف والإختيار بينما الكائنات الحية الأخرى لاتملك من أمرها شيئا ونسيرها غرائزها واحتياجاتها الحيوية مثل الطعام والشراب والتناسل . وبينما يحاسب الإنسان على ما كسب واكتسب في حياته الدنيوية ، فإن الكائنات الأخرى لانعلم أن ثمة حساب لها أو حياة أخرى غير حياتها في الدنيا ولذا أظن أن أنفسها ليست أكثر من طاقة تتبدد في الكون بعد موتها ، والله أعلم.

تجسد الكائنات اللامرئية
وللكائنات الحية اللامرئية أيضا أنفسها ، وأقصد هنا الملائكة والجن ، وقد ذكر الله الجن في كتابه الكريم وقال بأن فيهم المؤمن والكافر والطيب والخبيث ، وأنهم أمم أيضا . ومنهم الشياطين والمردة وغيرهم من أصناف الجن أو جنسه الذين خلقهم الله من النار.وقد أعلمنا القرآن أن من الجن من يستطيع الصعود في الفضاء الخارجي للأرض حتي يبلغ السماء الأولي بهدف التصنت ، وأنه الآن كلما صعد أحدهم وجد شهابا رصدا يطارده ويطرده بعيدا عن السماء.

 كما وجدنا في كتاب الله وفي الأثر ما يفيد بأن كل من الملائكة والجن له قدرة على التجسد في شكل مادي. فالملاك الذي أرسله الله إلى العذراء مريم ظهر لها بشرا سويا . والملائكة التي أرسلها الله لقوم لوط مروا في طريقهم على النبي ابراهيم فأعد لهم طعاما ووجدهم لا يأكلون منه فرابه أمرهم ، ثم ذهبوا الى لوط على هيئة شبان حسني الطلعة فطمع فيهم قومه ، فأبعد قومه عنهم ، ثم قاموا هم بإهلاك قومه ، ونجا لوط وأهله فيما عدا إمرأته فكانت من الغابرين.
وثمة حديث عن جبريل جاء النبي وهو مع أصحابه في هيئة رجل وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان ، ثم انصرف ، وبعد انصرافه قال النبي لأصحابه أنه جبريل جاء يعلمهم دينهم.

وثمة أقاويل وحكايات عن تجسد الجن ماديا وظهورهم على هيئة بشر أو حيوانات أو زواحف، يمكن إدراكها بالحواس ، قد تكون صحيحة وإن لم يكن بمقدور أحد إثبات صحتها.

ويقال بأن ثمة حيوانات يمكن أن ترى أو تشعر بوجود الملائكة أو الجن في محيطها ، وتصدر منها أصوات غير معتادة حين يحدث لها ذلك.أي ترى أو تشعر بما لايراه أو يشعر به الإتسان. وثمة ما توحي به الخبرة الذاتية مما يجعل هذه الأقاويل قابلة للتصديق.

بالطبع لاأدري كيف يمكن للكائن اللآمرئي أن يتجسد ولو لمدة قصيرة ويراه أو يلمسه أو يشعر بوجوده الإنسان، وهل يراه حقا ، أم أنه نوع من خداع البصر والحواس مثلما يحدث في السحر. فقد ألقى سحرة فرعون حبالهم فإذي بها حيات تسعى في نظر النبي موسى وحضور المشهد بينما هي مجرد حبال عادية لم يحدث لها أي تحول ، ولذا كانت المعجزة أن يأمر الله موسى فيلقى عصاه فإذا هي حية أكبر تلقف ما ألقوه ولا تترك له أثرا. فأمن السحرة بأن ما فعل موسى ليس سحرا ، وأمنوا به ، وخروا لله ساجدين.

ويمكن أيضا أن يكون ما يراه الإنسان أو يشعر به يحدث مثل مايراه في أحلام اليقظة أو أحلام المنام ويختلط عليه الأمر فلايستطيع التفرقة بين الحلم والحقيقة وبين اليقظة والمنام. والله أعلم بالحقيقة.

وإذا كانت الأنفس أرواح فقد سؤل النبي عن الروح ، ونزل عليه الوحي : يسألونك عن الروح ، قل علمها عند ربي.

والسحر ، كما نعرف من كتاب الله ، هو علم مستمد من الكتب السماوية ، استخلصته منها الجن مما كان ينزل على هاروت وماروت ملكي بابل ، وأظن أنهما من ورد ذكرهما في أسطورة جلجامش البابلية ، وأنهما كانا يجمعان بين الملك والنبوة ، ثم تم استخلاص السحر بعد ذلك من التوراة والإنجيل والقرآن . كما استخلصه موسى السامري الذي صنع عجلا من الذهب في غياب النبي موسى له خوار ليعبده بنو إسرائيل ، إذ قال حين سأله موسى كيف تأتي له ذلك ففال بأنه أخذ قبضة من أثر الملك الذي ينزل على موسى .

استخدام السحر ، والذي يتم فيه تسخير الجن لشرور ، اعتبر في عداد الكفر ، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله بأن من جاء الى ساحر أو كاهن أو عراف فقد كفر بما أنزل على محمد . وعندما يكفر الإنسان بفعل ذلك يكون عرضة لأن تسيطر على نفسه الشياطين وتكون سببا في فساد نفسه وعقله، بينما تلك الشياطين لاسلطان لها على المؤمنين. ولذا حذرت في كتابات سابقة لي من اللجوء الى السحرة والمشعودين.فالضرر الناتج عنهم أكبر من أي منفعة يمكن الحصول عليها منهم.

علم النفس:
علم النفس من العلوم الإنسانية التي تبحث في أحوال النفس ، ويعتبره المتخصصون فيه بأنه علم لم يكتمل بعد. ولايقلل هذا من أهمية ماتوصل إليه الإنسان فيه من معلومات، كما أن فائدته في علوم التربية والاجتماع والسياسة والتسويق والإعلام وعيرها ، وفي فهم سلوكيات الأفراد والمجتمعات لاغنى عنها للباحثين في هذه المجالات. ولهذا تعددت مجالات بحثه وتخصصاته. وهو يتكون في الحقيقة من تراكم ملاحظات وأفكار وتجارب المهتمين به والباحثين فيه ،أو من يستخدمونه في علاج الأمراض النفسية والعقلية. ويطلق لفظ مرض نفسي على كل حالة من حالات العقل أو النفس تخالف المعتاد أوحالة الإنسان الطبيعي المفترض أو المعتاد .وهذه الحاللات الغير طبيعية تتعدد وتختلف كل حالة عن الأخرى وتختلف أسبابها ومؤثراتها ، ولكن في العادة يتم تصنيف الحالات المتشابهة في ظاهرها أو سلوك أفرادها.وتتعدد أنواع العلاجات ، من ما يطلق عليه التحليل النفسي، أو الأدوية الكيميائية أو الصدمات الكهربائية للمخ أو غيرها، وأحيانا يتم تجربة علاج معين فإن لم يفلح تم تجربة سواه ، حتي يتم التوصل إلى علاج للحالة تعيد الشخص الى الحالة الطبيعية أو ما يقترب منها.

الحياة الأبدية
الأرواح ، والتي تمثلها حاليا الكائنات اللامرئية مثل الملائكة والشياطين والجن أو بعض أجناسه ،وأرواح الموتى كلها تعيش حياة أبدية أي لاتموت ثم تحيا ، بينما يموت الإنسان في الحياة الدنيا ، وتنتظر روحه قيام الساعة وحسابها على ما كسبت واكتسبت ، فإن غلب خيرها شرها ، وتقواها على فجورها ، أدخلها الله جناته ، وإن لم يحدث ذلك عاقبها بالعذاب في جهنم. وبعد البعث والحساب تعيش أرواح الإنسان حياتها الأبدية التي لا تتعرض فيها الى الموت ما شاء الله لها. وهو ما يعني أنها ستنضم بذلك إلى الكائنات اللامرئية الأخرى ، ولكنها ستظل جنسا مغايرا لها ، أي أنها سيكون لها الكثير من خصائص الملائكة والجن دون أن تكون منهم ، أو لها وظائفهم أو واجباتهم ، أو يتم الخلط بينها وبينهم.

أرواح الموتي ، سواء تلك التي أنعم الله عليها بالجنة ، أم تلك التي حكم عليها بالعذاب ، سيكون لها كيان لا يبلى ولا يشيخ ، ولكن الأقرب إلى العقل بأنها لذلك لن يكون لها نفس الجسد الذي كان لها في الدنيا، وليس لها بالتالى طبائع الجسد في الدنيا، ولكننا نعلم من الله أن من ينعم الله عليها بالجنة سيكون لها فيها كل ما تشتهيه الأنفس في الدنيا ، أي في حياتها السابقة على الموت والبعث.لايمكننا فهم ذلك إلا بتصور أن تكون الحياة في الجنة مثل حلم دائم ممتع ، يشعر أهل الجنة فيه بكل متع الحياة ، وكأنها صور في قيلم سينمائي متواصل، ولكن هذا التصور الذي يوحي به العقل البشري، لايعلم سوى الله مدى صحته.

وأغلب الظن أن الجنة التى أخرج منها آدم عليه السلام وزوجته كانت في الأرض التي نعيش عليها حاليا ، وقد تكون ربما في أرض الحبشة ، إذا ما اعتبرنا أن رحلة الملك النبي سليمان من فلسطين جنوبا إلى اليمن ومنها إلى الحبشة كانت تمثل رحلة عكسية الاتجاه لرحلة آدم وزوجه من الحبشة الى فلسطين ، والله أعلم .وقد تكون الجة التي وعد الله بها من صلح من عباده في الأرض الحالية أيضا بعد أن تندمج فيها كواكب أخرى في الفضاء الخارجي مثلها وأكبر منها ، يوم يطوى الله السماوات كطي الصحف ، ويكبر حجم الأرض بحيث تكون الأرض يومها في عرض السماوات والأرض الحالية. هذا أيضا تصور لايعلم صحته إلا الله سبحانه وتعالى .

هذه كلها تصورات عن عالم الأرواح لايعلم صحتها سوى الله ، ولكنها التصورات التي قد يصل اليها العقل في تأملاته العميقة ، رغم محدوديته في هذا الشأن ، خاصة وأن الروح علمها عند الله ، وما كتبته يتعلق بها على نحو ما. والهدف منه هو الحث على التأمل العميق في كل شيئ ، فقد يفتح الله عليك إن تأملت في آياته ويزيدك بهذا الفتح علما. وأما فائدة ذلك فهو تزكية النفس وتحسين نظرتها إلى الحياة وتقويم سلوكياتها وأخلاقها بحيث تكون بعد تزكيتها وتنقيتها من كل ما يدخل في عداد الفجور أكثر قربا من الله وحبا له وإقبالا عليه .

فوزي منصور