Monday, January 4, 2021

هذا الداء المنتشر باستشراء في العالم

هذا الداء المنتشر باستشراء في العالم

 

قرأت عن وباء الطاعون في كتب التاريخ وكم فتك بسكان مدن وقرى فأبادهم ولكن كان انتشاره محدودا في المناطق السكنية التي يصيبها ولاينتشر في غيرها من المناطق المجاورة إلا إذا انتقل إليها عن طريق الفئران كما قيل بشأنه. وكانت الدول الأوروبية أكثر الدول تعرضا للطاعون مما قلل عدد سكانها قرونا وحين نشطت في البحث العلمي وتحسنت لديها الرعاية الصحية وسبل الوقاية من الوباء حدث في دول غرب أوروبا انفجار سكاني لم تعد مواردها الغذائية مهيئة له فانطلقت سفنها تبحث عن أراض جديدة ينتشر فيها السكان فكان ماعرف بالكشوف الجغرافية وانتقل السكان الأوروبيون إلى الأمريكتين واستراليا ونيوزيلندا وبدأت حملاتها لجمع الرقيق من أفريقيا أو استعباد من تتصيده من السكان لحاجتها إلى يد عاملة رخيصة لزراعة وحصاد المحاصيل في تلك الأراضي الجديدة.

وقد قرأت اليوم مادة منشورة في الفيسبوك تتحدث عن انتشار الطاعون في مصر وفي القاهرة وأن السكان اعتبروه عقابا إلهيا لكثرة المظالم التي يعاني منها السكان ولم يجدوا وسيلة لانقاذهم سوى التضرع لله الذي استجاب لهم فرفع عنهم البلاء وقد يكون سبب استجابة الله لتضرعاتهم أن الظلمة فيهم خوفا على فقدانهم الحياة التي يحرصون عليها ردوا المظالم والحقوق التي نهبوها منهم إليهم ، فكان ذلك سببا في استجابة الله لتضرعاتهم وليس التضرع وحده.

ولم أكن شاهدا على وباء حل بمصر في طفولتي حين داهم وباء الكوليرا قرية مجاورة لقريتنا في نهاية الأربعينيات أو بداية الخمسينيات فأهلك ثلثي سكانها ، وكانت سيارات الأسعاف تأتي طول اليوم بالمصابين من القرية وتعود محملة بمن انتهى أجلهم وماتوا في المستشفيات.

وعرفت مصر في العقود الأخيرة وباء الفيروس الكبدي وهلك الكثير من المصابين به قبل أن يتم العثور على علاج له مكلف ومات بالداء أقارب لي يسكنون محافظة كفر الشيخ والتي كان بها أكبر نسبة من المصابين والوفيات . وكان الأكثر احتمالا بأن انتشار هذا الداء القاتل في محافظات الوجه البحري وخاصة كفر الشيخ والبحيرة ودمياط تليها محافظات الدقهلية والغربية والمنوفية التي تقع جنوبها  يرجع إلى تلوث مياه النيل الذي يبلغ   ذروته في تلك المحافظات ويشهد على ذلك ما كانت تنشره وسائل الإعلام المصرية أحيانا من وجود عشرات الأسماك النافقة عائمة على سطح الماء قرب نهاية أفرع النيل والقنوات المتفرعة منه في كفرالشيخ والبحيرة.

لم أسمع أيامها عن بحوث لإيجاد لقاح يقي من فيروس الكبد ربما لأنه لم ينتشر في الدول المتقدمة التي تتنافس مراكز أبحاثها ومعاملها في إيجاد لقاح لتلك الأوبئة ولايوجد في الدول العربية ومنها أو في طليعتها مصر علماء باحثون وصارت تلك الدول طاردة للعلماء منها وليست جاذبة لهم كما كانت قديما قبل سبعة عقود ولم تكن مصر تكتفي بعلمائها وإنما تجتذب العلماء والمفكرين والفنانين والإدباء ليس من الدول العربية وحدها وإنما من كل أنحاء العالم وبني اقتصادها بأيد أتراك وأرمن وإغريق تمصروا وأقاموا فيها في أمن وسلام إلى أن تم رحيل بعضهم منها مثل الإغريق إلى اليونان والأرمن إلى الولايات المتحدة واستراليا وتعرضت المصانع والمحالج التي أقاموها إلى الإغلاق فيما بعد.

وأعلن قبل عدة عقود عن انتشار داء السيدا بكثرة وقيل بعد ذلك أن ميكروبه تم تخليقه في أحد المعامل الفرنسية ثم انتقل منها إلى الولايات المتحدة لكي يتم نشره في أفريقيا بعد ذلك للحد من سكانها المتزايد عددهم بما قد يلحق الضرر بالشركات الغربية التي تستنزف موارد الدول الأفريقية الطبيعية الزراعية والمعدنية إلا أن السحر انقلب على الساحر وانتشر الداء في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى نتيجة ممارسة أفراد بها ممارسة علاقات شاذة تحرمها الأديان ومع انتشاره سارعت تلك الدول لإنتاج علاج له.

أعود الآن لموضوع مقالي هذا والذي يعد ما سبق مقدمة مطولة له وهو موضوع داء كورنا أو كوفيد 19 كما يسمونه والذي يختلف عن كل وباء عرفته البشرية من قبل. وقد تبادلت كل من الصين والولايات المتحدة الاتهامات بشأن إدعاء أن أحداهما بأن الأخرى أنتجته في معاملها للحرب البيولوجية وكانت سبب إنتشاره ، والأن يوجد إقرار عام من العلماء والمتخصصين بأنه اتهام كاذب ولاأساس له من الصحة.

الغريب في هذا الوباء أنه لم يكن مجهولا من المتخصصين فقد أعلن قبل سبع سنوات عن إكتشافه ومع ذلك ظل كامنا طيلة السنوات الست التالية لاكتشافه ولم يظهر على هيئة وباء سوى في بداية العام المنصرم وبدأ في مقاطعة صينية ولم ينتشر بكثرة في باقي مقاطعات الصين الكثيفة السكان وإنما انتقل من الصين شرقا في إتجاه الغرب وكلما اتجد غربا ازداد ضراوة وشراسة وزاد عدد المصابين به والوفيات بسببه حتى يصل إلى نهاية الغرب في الأمريكتين وخاصة في الولايات المتحدة والبرازيل . وكانت هذه هي ما سميت فيما بعد بالموجة الأولى للوباء.

جاءت بعد ذلك الموجة الثانية منه وبدأت أيضا في الصين وفي نفس المقاطعة أي في أقصى شرق الكرة الأرضية وانتقل منها في اتجاه الغرب وزادت هذه المرة شراسته وضراوته عدد ضحاياه وبلغوا الحد الأقصى أيضا في الولايات المتحدة والبرازيل بالإضافة الى دول الأمريكتين الأخرى ونشرت وسائل الإعلام بأن الفيروس الذى جاءت به هذه الموجة بدأ يتغير شكله وتحول إلى ستة أنواع من الفيروسات واستمرت الموجة الثانية مدة أطول ومازالت مستمرة حتى الأن ونشطت معامل الأبحاث في عدة دول خاصة في الصين وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة في محاولة أيجاد مصل للوقاية من الداء وأعلنت مؤخرا كل منها عن توصلها إلى مصل وجاهزيتها لتصدير ملايين العبوات منه للدول الأخرى والتي اشترته فعلا وبدأت حملات لتطعيم مواطنيها إلى أن بعض المواطنين امتنعوا عن تعاطيه خوفا من أن يكون له أعراض جانبية طالما أنه لم يتم تجربته خلال مدة طويلة ، ـالا أنه صار الحل الوحيد أمام الحكومات التي استوردته للحد من إنتشار الداء في صفوف مواطنيها وفتكه بهم خاصة وإن كل الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها ووجدت استجابة من مواطنيها مثل البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها لأي سبب مما نتج عنه إغلاق المدارس والمصانع والكثير من المؤسسات الحكومية والمتاجر ودور السينما والمسح والملاهي ووسائل النقل وخاصة الطيران ولم يظل مفتوحا ويعمل طوال الليل والنهاؤ سوى المستشفيات وكلفت هذه الإغلاقات إقتصاد تلك الدول خسائر فادحة.

بالنسبة للدول الأفريقية فقد كان انتشار الوباء في دول جنوب البحر المتوسط أشد في الموجه الثانية عنه في الموجه الأولى ولو أنه ظل معدله نسبيا أقل مما هو عليه الحال في الدول شمال المتوسط وخاصة فرنسا وأسبانيا وإيطاليا ، وكان انتشاره ضعيفا نسبيا في دول وسط وشرق أفريقيا والدول المعروفة بدول الساحل غربها ، بينما كان انتشاره أكبر في دولة جنوب أفريقيا والذي نشر مؤخرا بأنه ظهر من الفيروس فيها نوع جديد انتقل منها إلى بريطانيا وتفشى فيها وبدأ يتسرب منها إلى الدول الأوروبية الأخرى رغم وقف كل خطوط الطيران منها ولها.

أما في مصر فبلغني من أقاربي في القاهرة والاسكندرية بأن المرض تفشي فيهما وفي العديد من المدن الأخرى وإنما بنسبة أقل ومازالت نسبة الوفيات بين المصابين محدودة نسبيا بالمقارنة بما تنشره الدول الأخرى عما يحدث فيها. وقد أصيب مؤخرا عدد قليل من ذوي القربي وعولجوا منه وتوفي أحدهم الأسبوع الماضي. ويلاحظ أن المصابين منهم كانوا يتبعون كل الوسائل الاحترازية من لبس الكمامات لتطير الأيدي بالكحول عدة مرات وعدم الخروج من المنزل إلى للضرورة القصوى والامتناع أيضا عن حضور حفلات الزواج أو المعازي في الوفيات ، ولكبر سني كان خوفهم على ومني أيضا أشد خاصة وأنا لا أتصرف مثلهم وأتبع تلك الإجراءات الاحترازية والتي يقولون عنها بأنها "أخذ بالأسباب" بينما أرى أنها لاعلاقة لها بذلك ولم يكن تصرفي ناتجا عن استهتار أو عدم مبالاة ولكنني لاحظت أن كل الشعوب في الدول المتقدمة أو المتحضرة اتبعت كل تلك الاجراءات الاحترازية ولم يجدها هذا نفعا أو قلل من انتشار الوباء أو حد من ضراوته.وسبب آخر هو أنني وأنا أتتبع أخبار الداء وما تنشره وسائل الإعلام منسوبا إلى أخصائيين في البيولوجيا وأطباء وعلماء وخبراء لاحظت التناقض فيها فما ينشر اليوم يجد من ينفيه غدا وانتهيت إلى أن الوباء وسبب أنتشاره مازال مجهولا لديهم. ولايعني هذا عدم الوعي بخطورة الداء فمما ينشر يتضح بأنه إن لم يفض إلى الموت فإن خطورته على من يصاب به تظل قائمة ، فقد نشر بأن الفيروس يتسبب في تكوين جلطات دموية صغيرة تحملها الأوعية الدموية إلى المخ أو الكبد أو غيرهما من الأعضاء الداخلية فتسد تلك الجلطات تلك الأوعية وتمنع الدم عن تلك الأعضاء مما يتسبب بتلفها بمرور القوت وإصابتها بالعجز أو القصور في أداء وظائفها فضلا عما يسببه الفيروس في نقص ما تحمله كرات الدم الحمراء من أكسجين وهو ما يتسبب عنه ضيق التنفس لدى المصاب. وبالنسبة للحالات لدى المعارف التي لدي علم بها توجد زوجة لصديق بلغني بأنه بعد علاجها وعمل ما يسمونه بمسجة لها وتحاليل قال لها الأطباء بأنه لم يعد لديها أثر للفيروس وسمحوا لها بالعودة إلى بيتها بينما ظلت تعاني من نقص حاد في نسبة الأوكسجين بالدم من تداعيات الإصابة من قبل بالداء.

الأمر إذن خطير للغاية ولايجب الاستهانة به ولكن ما الحل ؟ أععقد أن لا أحد يعرف يقينا وإنما يقدم إجتهادات تبدو منطقية ولكنه لايستطيع إثبات صحتها علميا وتظل رأيه الشخصي الذي يحتمل الصواب والخطأ. وكل ما يمكن أن يجيب على مثل هذه الأسئلة هي نتيجة التطعيم بالأمصال التي أنتجتها المعامل وهو ما يحتاج إلى المزيد من الوقت.

وأرى في النهاية بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، وأن هذا الفيروس المسبب للوباء هو من جند الله وقد يصيب المؤمن والكافر والمحسن والظالم أو المسيء لأمر لايعلمه إلا الله ، وليس في هذا خلط بين الدين وبين علوم الطب أو البكتريولوجيا أو غيرها فأنا لم أقل بأن العلاج أو الوقاية من الوباء في القرآن أو التوراة أو الانجيل أو ماترك الأنبياء والمرسلون ، ولكن طالما أن المتخصصين في تلك العلوم لم يقدموا رأيا أو تفسيرا مقنعا فإن الأمر كله يرجع إلى ملك الناس وليس إلى الناس حتى يتضح الأمر.

فوزي منصور

5يناير 2021


No comments: