Thursday, October 18, 2007

تعدد الزوجات وزواج المتعة

الأسرة والحياةالزوجية :

تعدد الزوجات وزواج المتعة

---

أولا:تعدد الزوجات:

يعد من الشذوذ أن يرتبط رجل واحد بأكثر من ميثاق مع الله يجمعه في كل مع امرأة أخرى ولازالت سابقتها علي ذمته .اذ يفترض أنه عندما توحد مع امرأة في ميثاق مع الله لم يبق منه مايتوحد به مع امرأة أخرى في وجود الأولى. فالاصل أن يكون للرجل زوجة واحدة وان يكون للمرأة زوج واحد ونري ذلك واضحا في الحيوانات والطيور التي تعيش ضمن نظام الأسرة ، اذ تتكون الاسرة من زوج واحد وزوجة واحدةوماأنجباه من ذرية. لذا فان التعدد لاينشأ عنه عجز عن العدل بين الزوجات فقط وانما عجز عن العدل مع الله أيضا ، لان عدم حصول الزوجة عن حقها في زوجها كاملا يعد تعديا لحدود الله واخلال بميثاقه حيث بكون قد أخفق في الالتزام بماعاهده عليه من معاشرة زوجه بالمعروف ويدخل في المعروف منحه نفسه لها كاملة كما منحته نفسها كاملة.

اذا تأملنا الاية التي يعول عليها في اباحة التعدد نجدها قد جائت في سياق الدفاع عن حقوق القاصرات من اليتيمات ، لأن الله ولي من لاولي له .وهو اذ يذود عنهن ويدرء عنهن الظلم يقول للطامع فيهن : ابعد عن من هن في ولايتي وحماي وتزوج بمن شئت واحدة أو مثني وثلاث ورباع عوضا عنهن وان كنت لاتستطيع أن تتزوج بأكثر من واحدة دون أن تظلم (واحدة منهن أو كلهن). وكأن الآية تقول أيضا أن الله اذا تسامح في حقوق النساءالبالغات الراشدات المسؤولات عن أنفسهن أو الفتيات القاصرات في رعاية آبائهن وتحت مسؤوليتهم فانه لايتسامح في حقوق القاصرات من اليتامي اللائي لم يبلغن أشدهن لكي يدافعن عن أنفسهن ولاأباء لهن يدافعون عنهن ويحمون مصالحهن . فالاية تحرم علي من تحت وصايته يتيمة قاصرة أن يزوج نفسه بها حتي لو رضيت به لان ارادتها في الرضا ناقصة لعدم بلوغها سن الرشد. والاية منفرة من التعدد أكثر منها مبيحة له . تقول الاية: " وإن خفتم الاتقسطوا في اليتامي فأنكحوا ماطاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع ، فان خفتم ألاتعدلوا فواحدة أو ماملكت أيمانكم ، ذلك أدني ألا تعولوا" (النساء 3) .وقوله تعالي : "ذلك أدني الاتعولوا" تعني : ذلك أدني ألا تظلموا لان الفعل: "عال" في اللغة العربية يعني : جار أي ظلم. ولاتعني فقط العجز عن الانفاق كما هو شائع.وطالما التعدد ينطوي علي ظلم والظلم من المحرمات فهو اذن في جملته في حكم المحرم وان لم يكن محرما اذ سبقت كلمة من الله باباحته ولايملك أن يحرم أحد مالم يحرمه الله علي عباده تحت أي ذريعة أو حيلة فقهية ولذا يمكن القول أن حليته تأتي استثناء من القاعدة مثله مثل الطلاق الذي أبيح استثناء أيضا من القاعدة الملزمة بالمحافظة علي الزواج مدي الحياه واذا كان الطلاق أبغض الحلال عند الله فان التعدد يعد مثله لانه أيضا استثناء من القاعدة التي تلزم بزوجة واحدة اتقاء الوقوع في الظلم المحرم . وثمة استثناء ذلك أجازه الشرع وهو الزواج لمدة محددة متفق عليها عند عقده بين الزوجين وهو الزواج الذي عرف بزواج المتعة. هذه الاستثناءات الثلاثة تعد في حكم المحظورات التي تبيحها الضرورات.

الاسلا.م اذن حبب للمؤمنين الاقتصار علي زوجة واحدة ونفرهم من الزواج عليها باعتباره ايذاء لها يتنافي مع المودة والرحمة والعدل والاحسان وهي القيم التي تتطلبها الحياة الزوجية

لم يعد الزواج بأكثر من زوجة ملحوظا في دول مثل مصر والمغرب والجزائر بسبب ندرته الشديدة منذ عدة عقود ومع ذلك سعت الجمعيات النسوية الي منعه بموجب القوانين تحت دعوى المساواة ، فطالما لايحق للمرأة أن تتزوج بأكثر من رجل فلايجب أن يكون مسموحا للرجل بأن يتزوج بأكثر من امرأة. بل لم يعد الزواج بواحدة متاحا للكثير من الشباب، ممارفع معدل سن الزواج للذكور والاناث الى حدود الخمسةو الثلاثين عاما.ولذا لايجب التوقف كثيرا عند موضوع التعدد دون أن يمنع ذلك من أن الحاجة قد تدعو اليه في حالات استثنائية مما يتطلب عدم اغلاق بابه في وجه من يضطرون اليه.فقديحدثالتعدد برغبة من الزوجة نفسها وبالحاح منها حبا في زوجها وإكراما له واحسانا اليه . ومثال لذلك حالة السيدة سارة زوجة النبي ابراهيم الخليل فقد كانت متقدمة في السن وعقيم لاتلد وكان لديها جارية مصرية أهداها اليها ملك من العماليق عندما مرت هي وزوجها ببلاده فتنازلت عنها بطيب خاطر لزوجها فبني بها وأنجبت لهما ولدهما :"اسماعيل" .

قد يدهش كثيرون أن فلت أنه في المجتمع المصري القديم لم يكن يحق للمصري أن يتزوج علي زوجته بأخري بينما كان التعدد سائدا عند باقي الشعوب الأخري . بل لم يكن بمقدوره أيضا أن يمتلك جارية وانما زوجته وحدها التي كانت تملك هذا الحق باعتبارها تحتاج الي من يعاونها وحسب المستوى الاجتماعي للآسرة. وفي مثل حالة سارة، ومثلما فعلت،كانت الزوجة المصرية تتنازل أحيانا عن إحدي جواريها لكي يتزوج بها وتصبح حرة فور أن تلد له .

وهناك ظروف أخري يكون التعدد فيها ضروريا ، وتحض عليه الزوجة المؤمنة زوجها ، لايكون الغرض منه سوى مرضاة الله سبحانه وتعالي. وينطبق هذا علي عدد من زيجات الرسول صلي الله عليه وسلم . فقد كان يجد أحيانا امرأة من ذوي رحمه وقرابته من السابقات الي الاسلام

اللائي جمعن بين الهجرتين: الحبشة والمدينة ، وقد فقدت عائلها بعد أن استشهد وهو يقاتل في سبيل الله وتقدمت في السن ولم تعد ممن يرغب فيهن الرجال ويخشى أن يضمها الي أل بيته لكي يكفلها ويعولها ويرعاها ويقوم علي خدمتها فلايسلم من ألسنة المنافقين فيضطر الي الزواج منها ويجعلها بالتالي واحدة من أمها ت المؤمنين تكريما لها وفي ذات الوقت يضرب المثل في التراحم والتلاحم بين المسلمين في مواجهة ماتخلفه الحروب من مآس انسانية وأرامل وأيتام . وحذا حذوه العديد من الصحابة وجمعوا في بيوتهم أرامل الشهداءومن خلفوه من اليتامي لكي يتربون مع أولادهم وبناتهم حبا في الله وتقربا اليه، وليس طمعا أو انسياقا مع هوى النفس وشهواتها. ونفس الشيء يفعله الآن الفلسطينيون في الأرض المحتلة مع أرامل وأولاد الشهداء حتي لايكاد يلحظ التعدد حاليا في غير المجتمع الفلسطيني.

وعندما أراد الصحابي جابر أن يتزوج من احداهن لنفس السبب ويتخذ من زواجه بها قربة لله بحفظ كرامتها وتقدير فضلها واحسانا لها وحبافى الله ورسوله وجاء يستأذن رسول الله في ذلك، قال له الرسول مداعبا وممتحنا له في نفس الوقت: هلا تزوجت بكرا تلاعبك وتلاعبها؟ ، ..وعندما شرح جابر دواعيه الخيرة للرسول سر الرسول منه ودعا له بالبركة. هذه القصة أخذها فقهاء الجهل علي منحي تفضيل الزواج من البكر عن الثيب التى سبق لها الزواج وترملت أو طلقت بينما فهمها علي الوجه الصحيح يجعل الزواج من الثيب هو الأفضل لمن يسعي الي مرضاة الله وبدافع من حبه لله ولرسوله . إن الثيب لاتحتاج الي من ينفق عليها فقط وانما هي في حاجة أيضا أكثر من غيرها للعلاقات الشبقية التي جربتها ولم يعد بامكانها الاستغناء عليها أو الصبر عليها وهي محتاجة أيضا الي من يواسيها ومسح دموعها وينسيها أحزانها وهي ستقبل على من يرحمها أكثر من اقباله عليها فتنعم به وينعم بها.

ثانيا:الزواج المحدد المدة(زواج المتعة):

يعد هذا الزواج المحدد المدة حالة استثنائية من الزواج الدائم أو شاذة عن القاعدة تم تقريرها للضرورة وهو بمثابة الرخصة المحكومة بشروطها وبضرورة ملجئة لها كافطار الصائم إن كان مريضا أوعلى سفر وهذا ماذهب اليه ابن كثير, في البداية والنهايةحيث يقول ابن كثير ": قيل: إنما أبيح زواج المتعة للضرورة، فعلى هذا إذا وجدت ضرورة أبيح" وبالتالي اذا لم تكن ثمة ضروره لايعد حلالا . وقد أحل للضرورة بقوله تعالي :في سورة النساء : " وأحل لكم ماوراء ذلك ، أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين في ما استمتعتم به منهن ، وآتوهن أجورهن فريضة. ولاجناح عليك فيما تراضيتم به بعد الفريضة. إن الله كان عليما حكيما"(النساء 24) .إذ يوجد اجماع على أن هذه الآية الكريمة نزلت بخصوص الزواج المؤقت الذي عرف بزواج المتعة. وهو زواج أحله الله بموجب هذه الآية ويوضح لنا سبب نزولها مارواه البخاري عن عبد الله بن مسعود، قال: كنّا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمّ رخّص لنا أن تنكح المرأة بالثوب إلى أجل معيّن، ثمّ قرأ علينا: (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرّمُوا طَيّباتِ ما أَحَلَّ الله لَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إنَّ الله لا يُحِبُّ المُعْتَدينَ»..ويمكن هنا تقدير الظرفية الخاصة التى اقتضته حيث الذين خرجوا للغزو أعصابهم متوترة ويتوقعون الموت في أي لحظة والقبيلة التي خرجوا لغزوها حتى تدخل في الإسلام قد رحلت عن مضاربها وخلفت نساء أرامل أو مطلقات تخلت عنهن باعتبارهن ليسوا من أهل القبيلة وليس أمام المقاتلين أمام هذه النسوة اللآئي يعرضن عليهم الماء والخدمات ويفتنهم الا أن يزنين بهن حتي يخففوا مابهم من توتر طالما لايستطيعون الزواج بهن أو التخلص من هذه المحنة بخصى أنفسهم حتى لايشغلهم أمر النساء. وهم بما يعرضونه على الرسول في الواقع يشكلون به ضغطا نفسيا عليه فلاهو يستطيع أن يقول لهم تزوجوا بالنسوة ثم طلقوهن ولايستطيع أن يسمح لهم بمعاشرتهن سفاحا ولايستطيع أن يقبل مايعرضونه من التخلص من أعضائهم التناسلية والذى قد يكون بمثابة تهديد أو تعبير عن الاحتجاج والغضب. هنا ينزل الوحي موجدا حلا بتحليل زواج مؤقت لايقل عن ثلاثة أيام بالمرأة التى تقبله. وكانت النساء في حاجة الى الطعام والكساء أكثر من أي شيء أخر، فقبلن الزواج بقدر من التمر أو بثوب تستر به جسدها الشبة عار. هناك حاجات متبادلة وملحة وفيها إطعام مسكين وستر عورات وتهدئة نفوس قلقة وتأليف قلوب نساء للدخول في الاسلام . الحد الأدني وهو ثلاثة أيام هو حق الزوجة الجديدة على زوجها إن كانت ثيبا إذ بجب عليه أن يلزمها ثلاثة أيام لايتركها فيهم الى غيرها إن كانت له زوجه أخرى . ولم تكن الزوجات المتاحات في الظرفية سالفة الذكر الا ثيبات مطلقات أو أرامل وربما كان ذلك سبب الظن فيما بعد أن هذا الزواج مخصص فقط للنساء اللآئي سبق لهن الزواج. بينما لا يوجد في الاية ذلك. واذا ما كان ثمة ضرورة لأن تتزوج البكر زواجا مؤقتا وجب ألا تقل مدة الزواج بها عن سبعة أيام وهي المدة المخصصة للزوجة البكر.

الاستنتاج بأن هذا الزواج قاصر على المطلقات والأرامل هو استنتاج خاطئ ولاأساس له وأنما يمكن تلجأ اليه الفتاة البكر الراشدة التي تجاوزت سن الزواج المتعارف عليه في المجتمع دون أن تنال حظها منه وربما تحتاج الي مال يساعد على توفير ظروف أفضل لزواجها أو لتحصين نفسها من الغواية ووضع حد ولو لمدة محددة للتخلص من الحرمان من الممارسة الشبقية مع بعل أحل الله له نكاحها وإشباع غريزتها الشبقية معه أو تأمل في نسل منه يشبع غريزة الأمومة لديها فبل أن يجف طمثها ويمتنع حملها مع تضائل أملها في الزواج العادي بسبب مرور وقت كاف دون أن يتقدم لها من يطلب يدها أو تجد من تهبه نفسها ويقبل بها.

وهذا الزواج المؤقت الذي شرعه الله وأحله لكي يعالج حالات خاصة أو يستجيب لتلبية اجتياجات خاصة لا تسمح ظروف طرفيه بالزواج زواجا دائما ، ويعد شذوذا عن القاعدة ألاساسية المعتادة لعقد الرابطة الزوجية المتعارف عليها منذ القدم رغم حليته، وهي الزوجية الدائمة التي لاتنفصم عروتها بغير الموت أو الطلاق، وهو بالتالي استثناء منها ولا ينبغي له أن يكون بديلا عن الزواج الدائم المعتاد الا في حالة الضرورة الملحة والتي يكون فيها الزواج الدائم غير ممكن أو متاح. إنطلاقا من هذه الصفة التي يتم الالحاح عليها هنا فإنه يمكن للمجتمع وضع أحكام مفصلة لتنظيمة وتقييد العمل به بشرط ألا تخرجه هذه الأحكام عن الضوابط والقواعد العامة المحدده في كتاب الله وسنة رسوله للزواج بصفة عامة والتي يعد الاخلال بها بمثابة تعد لحدود الله و إخراج لعلاقة النكاح بين الرجل والمرأة من الزواج الذي أحله الله الي السفاح الذي حرمه .

وعلى سبيل المثال فإن السائد في شأنه أن لا تقل مدته عن ثلاثة أيام الا أنه يمكن للمجتمع أن يقر حكما ملزما بألا تقل مدته عن ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر مما يراه يحقق مصلحة مجتمعية أكثر.والتأكيد على ضرورة أن يكون موثقا بالكتابة ومشهودا وحظره علي الفتاة البكرمالم تكن راشدة أو حضر وليها العقد ووافق عليه . وأن تعد الزوجه المؤقته مكتسبة جميع الحقوق التي قررها الاسلام للزوجة أو القيود أو الآحكام التى تنظم العلاقة الزوجية سواء كانت عادية دائمة أو استثنائية مؤقته. ومن ذلك حق الزوجة في السكن والنفقة وفي القسمة بين الزوجات واعتبارها ضمن الزوجات الآربع الائي يمثلن الحد الأقصي فى التعدد. كما تلتزم الزوجة أيضا أن تعتد ثلاثة

قروء بعد انتهاء مدة الزواج وأن تمكث في بيت الزوجية خلال العدة إن شائت ولايتم إخراجها منه

فان لم يكن يأتيها الحيض من غير حمل مستكن اعتدت ثلاثة أشهر كاملة وإن كانت حاملة فعدتها حتى تضع حملها وإن مات عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام تحتد فيها عليه.ولها أيضا الحق في أن ترث زوجها إن مات قبل أن تنقضي مدة زواجها أو خلال عدتها منه ولم يكن لها دخر في موته وأن يرثها زوجها إن ماتت وهي لم تستكمل مدة الزواج المتفق معه عليها.

هذه القواعد لم يحترمها الشيعه الإيرانيون الذين شرعت بلآدهم زواج المتعة فأقبلوا عليه علي نطاق واسع حتي باتت نساء لديهم تخصصوا فيه أطلق عليهن نساء المتعة . ولانكاد نجد في هذه الحالة فرقا كبيرا بين البغايا المخصصات للدعارة وبين نساء المتعة هؤلاء الا أن تكون المرأة في الصنف الأول متاحة لعموم الزناة وتتنقل بينهم والثانية خصوصية موقوفة على زان واحد لمدة محددة تنتقل بعدها مباشرة لسواه. والذي يجعل زواج المتعة في ايران أقرب الي السفاح منه الى الزواج هو تجريد المراجع الشيعية له من كل قيود الزواج العادي وحرمان الزوجة فيه من حقوق الزوجة المقررة في كتاب الله .فهي تعد خارج نطاق التعدد الذي وضع حد أقصى له بأربع زوجات وليس لها حق السكني والنفقة طالما تقاضت أجرها ويمكن لها الاتفاق عليه بدون وجود شهود ويمكن عدم اشهاره حتى لاتعلم الزوجات الدائمات به ولايلزم الزوج بالقسمة بينها وباقى زوجاته في المبيت ويمكنها أن تعاود الزواج بمجرد أن ترى دم الحيض مرة واحدة فقط ولايحق لها أن ترث زوجها أن مات وهي مازالت على ذمته وفي عصمته....الخ. هذه الاستثناءات الكثيرة من أحكام الزواج والتي اعتبروها تيسيرا لهذا النوع من الزواج تعد في ذات الوقت اخراجا لهذا النوع من العلاقات من الزواج الي السفاح المحرم والمنهي عنه.

وهذا الرأي قال به بعض منصفي الشيعة الذين يخافون الله الذين يعتبرون مايحدث حاليا في ايران من زواج متعة هو بمثابة دعارة شرعية مقننه ترعاها الدولة وكان ممن امتلك الجرأة علي التصريح علنا بذلك من قدمته وسائل الاعلام قبل شهور قليلة مضت باعتباره حفيد الخميني. وقد وصل الآمر بوزير داخلية ايران أن طالب الشباب الايراني بالاقبال على زواج المتعة تحت قبة البرلمان بدلا من الطموح في زواج دائم وبناء أسرة . والحكمة في طلبه هذا هو الحد من الضغوط التي يمارسها الشباب على الحكومة لحل مشاكل البطالة والسكن لتمكينه من تكوين أسر مستقره بينما الحكومة عاجزة عن ايجاد الحلول رغم وجود الأموال لديها الناتجة عن زيادة أسعار النفط الا أنها توجه وجهات أخرى. وكان حري بوزير الداخلية ذلك أن يأتي معه بمشروع قانون ينظم هذا النوع من الزواج يعيد اليه المشروعة التي يعد فاقدا لها رغم شيوعه حاليا في البلد. وهو في حالته الراهنة يعد مخالقة للاية التي أحلته والتي حذرت صراحة وبوضوح تام من لجوء الرجل والمرأة الى هذه العلاقة مسافحين وليسوا متزاوجين ، ويعد بذلك مخالفا للشرع وغير محقق لمقاصده.

إن النبي صلي الله عليه وسلم منع هذا النوع من الزواج في مناسبتين اثنتين فقط هما غزوة خيبر وفتح مكة وكان منعا مؤقتا إذ توفرت أدلة من أنه عمل به بعد ذلك في حياة الرسول وخلال حكم أبي بكر وفي بداية حكم عمر الذي منعه.وفي هذا المنع المرتبط بمناسبتين محددتين ، والذي بالتأكيد كان للرسول حكمة فيه ،دليل على حق الحاكم في أن يمنع العمل بهذا الزواج إن وجد أن في العمل به في زمانه أن ما يلحقه من الضرر أكثر مما يحققه من نفع للمجتمع. أوأنه لم يعد ثمة وجه لضرورة تقتضيه. ومن هنا يمكن أن نفهم منع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب له في زمانه بل وتهديده لمن يقدم عليه بأن يقيم عليه حد الزنا. وبالتأكيد عمر رضي الله عنه لايمكنه أن يحرم ماأحله الله ولانظن أن اعتباره لمن خالف أمره ولجأ الي هذا النوع من الزواج قد اقترف خطيئة الزنا الا أن يكون قد وجد أن ممارسة الناس لهذا الزواج في زمانه قد خرجت به من دائرة الزواج الحلال الي دائرة الزنا المحرم فعلا.ولو أنه يبدو مما روي عنه في هذا الشأن أنه اعتبر أن هذا النوع من الزواج قد تحقق منه ماكان مرجوا من تحليله وبذلك لم يعد ثمة مايبرره . هذا مايمكن فهمه من قوله في هذا الشان:

": إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء. وإن القرآن قد نزل منازله. فأتموا الحج والعمرة لله. كما أمركم الله. وأبتوا (أوقفوا( نكاح هذه النساء) (بالزواج المحدد المدة متعة.( فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل، إلا رجمته بالحجارة".

ولو أن ذلك لايمنع من أن تكون لهذا المنع عنده مبررات أخرى لم يظهرها مثل الخوف على زوجات صحابة رسول الله من أن يصيبهن العنت إذا طالت غيبة أزواجهن عنهن الذين يقاتلون

في جيوش المسلمين بالشام والعراق وفارس وانشغل هؤلاء الأزواج عن زوجاتهم بزواج المتعة.

وعموما كان من عادة عمر أن يعطل العمل بنص دينى يقدر أنه كان يعالج حالة خاصة لم يعد لها وجود . كان هذا اجتهاد منه، وهو بشر يخطىء ويصيب ، وقد ألغى سهم المؤلفة قلوبهم في الزكاة وبرر ذلك بأنه كان يدفع لأناس والإسلام ضعيف والآن الإسلام قوي ولا حاجة له لتأليف القلوب عليه. لاأظنه قد وفق في ذلك وإنما كان بإمكانه أن يوقف الدفع لمن كان يتم الدفع لهم على أن تخصص المبالغ لتأليف قلوب أناس آخرين في أطراف الدولة لكي يدخلوا في الاسلام ويزداد انتشاره وهانحن نرى الدول الغربية وهي قوية تنفق المليارات عل تنصير الناس في أفريقيا.

وعندما منع العمل بزواج المتعة منع أيضا المتعة بين العمرة والحج ولم يتبعه المسلمون في ذلك

والمسلم يختار أن يحج اليوم متمتعا أومفردا أو قارنا . ومايعد قد وفق فيه فيما منعه وكان معمولا به قبله منعه أن ينادى في الأذان بعبارة :" حي علي خير العمل" فالصلاة وإن كانت من خير العمل الا أنها ليست كل خير العمل ولو ظل النداء للصلاة يكرر هذه العبارة لوقر في أذهان الكثيرون من أنه يمكن الاكتفاء بالصلاة عن باقي العبادات والأعمال الصالحات.

إن دراسة شخصية عمر يتضح منها أنه كان رجلا شديدا في الحق وفيما يعتبره من وحهة نظره عدلا، وكان له غيرة شديدة علي الإسلام وعلى النساء المسلمات . وكان أيضا عنيدا لايتنازل عن رأيه أو ماعزم على فعله طالما تراءى له أنه من العدل وطبيعة شخصيته تلك قد تقوده الى الخطأ بحسن نية. وهو نفسه كان يعرف ذلك ولاحيلة له فيه فقد نقل عنه أبوداوود في سننه قوله : " أيها الناس .. إنما الرأي كان من رسول الله –صلى الله عليه وسلم – فإن الله كان يريه ، وإنما هو منا الظن والتكلف" . وصدر مثل هذا القول أيضا من الصديق أبي بكر فعندما سؤل عن رأيه في الميراث بالكلالة قال : " أقول فيها برأيي ،فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان : الكلالة ماعدا الوالد والولد".

ونجد عناد عمر فى التمسك برأيه عندما اعترض علي تسوية أبي بكر بين المسلمين في العطاء وقال له : كيف تجعل من ترك داره وأمواله وهاجر الى رسول الله كمن دخل في الاسلام كرها؟ .فرد عليه أبوبكر : إنما أسلموا لله وأجورهم على الله ، وإنما الدنيا بلاغ. فلم يقتنع عمر وعندما ألت الخلافة اليه بعد وفاة أبي بكر حتى فرق بينهما فأعطى على البلاء والسابقة والهجرة."

عموما نحن لانعرف لم منع عمر زواج المتعة على وجه التحديد ،وفي نفس الوقت نعتبره بهذا المنع قد مارس صلاحياته كخليفة لرسول الله وحارسا على دينه وحاكما اشتهر بعدله . وعندما يتم نقد تصرف له وبيان عدم صحته، فإن ذلك لايقلل من قيمته. وهو عموما في مخيلة كل المسلمين مثال الحاكم المثالي الذين يتمنون لو يرون حاكما مثله والي الحد أن بعض حكام المسلمين كانوا يكرهون ذكره في حضورهم حتى لا تكون ثمة مقارنة بين عدله وجورهم ليست بالطبع في صالحهم.كما أن استمرار المنع فى عهده ومن بعده حتي وقر في أذهان المسلمين من غير الشيعة أنه محرم أو أحل ثم حرم يدل على نحوما أن الأسباب التى استند اليها عمر في زمانه عندما منعة كانت مقنعة للصحابة . فرغم ماقيل عن تمسكه برأيه قيل أيضا أنه لم يكن يقرر أمرا

إلا بعد أن يجمع الصحابة عنده ويستفتيهم فيه ويستمع الى رأيهم ويناقشهم فيه ثم يأتي قراره كخلاصة لما قالوه واقتنع به .

وفي خلافة علي بن أبي طالب وحيث لم يكن رضى الله عنه يمنع زواج المتعة فقد نقل عنه قوله في رسالة لأحد مواليه :" لاتلحّوا على المتعة ، إنما عليكم إقامة السنة. فلا تشغلوا بها عن فرشكم وحرائركم فيكفرن وينبرين ويدعين على الأمر بذلك ويلعنونا".وفي هذه العبارة نجد تأكيدا على أن سنة الله في خلقة هي الزواج الدائم وليس المؤقت وأن إشاعة زوج المتعة من شأنه أن يؤذى النساء ويدفعهن الي لعن من أقره. وهذا لعمرى قول يجعل هذا النوع من الزواج أقرب من المحرم منه الي الفعل الحلال ، ويتطلب الترخيص به الكثير من الحذر.

وقد نقل القرطبي في تفسيره عن ابن عباس قوله: " ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد ولولا نهي عمر عنها ما زنى إلا شقي أو ما احتاج إلى الزنا إلا شقي" كما نفل نفس القول عن الإمام علي كرم الله وجهه.ولا يملك مسلم أن يحرم ما أحله الله لقوله تعالي :" يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وقوله تعالى" : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. "

وعندما سؤل عنها عبد الله بن عمر ، أفتى بالإباحة، فعارضوه بقول أبيه، فقال لهم: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحقّ أن يتّبع أم أمر عمر؟

أحكام الزواج المؤقت:

لاتتوفر أحكام خاصة بهذا النوع من الزواج الاستثنائي تم استخلاصها من كتاب الله وسنة رسوله، وانما توجد أحكام وضعها فقهاء لا دليل لهم عليها سوى ما نقل لهم عن ممارسة السلف لهذا النوع من الزواج .وربما كانت الممارسة الخاطئة للزواج المؤقت هوالذي الذى جعل الخليفة عمر يعتبر هذا الزواج الذي أحله الله ورسوله في حكم الزنا المحرم. وما نجده في السنه من حكم يخصه لايتجاوز حديث رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" أيما رجل وامرأة توافقا، فعشرة ما بينهما ثلاث ليال، فإن أحبا أن يتزايدا، أو يتتاركا تتاركا"فحدد بذلك حد أدني لمدة هذا النوع من الزواج ولم يحدد حد أقصى لها.

أما أنه قد أحل للمسلمين ولم يحرم عليهم فهذا لاجدال فيه وانما الذي يستوجب أن يكون موضع بحث هومتي يمكن اللجوء اليه ومتي يمكن الامتناع عنه ومتي أيضا يكون زواجا حلالا ومتي يفقد صفته تلك ويعد سفاحا ؟ . أما أن حكمه لم ينسخ فقدروي عن سلمة ين الآكوع أنه قال لمحمد بن علي بن أبي طالب عن زواج المتعة " ، أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملنا بها حتى قبضه الله ما أنزل الله فيها من تحريم"ونقل عن جابر بن عبدالله قوله :" كنا نستمتع، بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، حتى نهى عنه عمر"

أما ماأورده الفقهاء في أحكامه فقدجاء في تفسير القرطبي لسورة النساء الآية 24: قال أبو عمر بن عبد البر: " لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن زواج المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق". وقال ابن عطية: "وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين وإذن الولي إلى أجل مسمى؛ وعلى أن لا ميراث بينهما، ويعطيها ما اتفقا عليه؛ فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل ويستبرئ رحمها: لأن الولد منسوب إليه لا شك، فإن لم تحمل حلت لغيره". أي بعد العدة. ولم ير النووي اشتراط الولي والشهود في زواج المتعة, كما جاء في شرح صحيح مسلم باب النكاح, استنباطا من بعض الأحاديث التي رواها مسلم في صحيحه, وفي التمهيد لابن عبد البر ، قال : ( أجمعوا على أنّ المتعة نكاح ، لا شهادة فيه .... وأنّه نكاح إلى أجلٍ يقع فيه الفرقة بلا طلاق). وينتهي الزواج بانتهاء مدة العقد أو هبة المدة, بمعنى إبلاغ الزوجة انتهاء الزواج بالقول لها وهبتك ما بقي من مدة, فتبدأ احتساب العدة من تاريخه حيث يجب على الزوجة العدة من تاريخ انتهاء مدة الزواج أو هبة المدة. والعدة حيضتان أي حوالي شهرين كعدة الأمة أو خمسة وأربعين يوما لمن لا تحيض (نصف عدة الحرة ) أو إذا مات الزوج أثناء مدة الزواج فتعتد أربعة أشهر وعشرا مثل الزوجة العادية, أو أن تكون عدتها إن كانت حاملا أن تضع حملها شأن الزوجة العادية. وإذا حملت فالولد ولده يجب عليه رعايته ورعاية أم الجنين في فترة الحمل والرضاعة.

ونرى أن سند هذه الاحكام إعتمد على مأجمع عليه علماء السلف والخلف دون بيان أي سند لهم فيه من الكتاب والسنة أو اتباع سبيل القياس ولذا لايعدو ماقالوه أن يكون من قبيل الظن أو النقل

عمن سبقهم في الظن وفيه تلاعب بشرع الله وعدم التزام بمبدئي العدل والاحسان اللذين يحكمان العلاقات الاجتماعية عامة والزوجية خاصة في الاسلام. ولذا لايجب الاخذ بهذه التخرصات لآن فلانا من السلف أوالخلف قال بها أو أجازها.

والرأي الذي يقبله عقل وضمير المسلم الحق هو أن هذا النوع من الزواج لكي يعترف به بأنه زواج وليس غير ذلك يجب أن تنطبق عليه جميع شروط الزواج العادي ولا يستثني منها من ايجاب وقبول وموافقة وحضور ولي القاصر وسداد المهر وشهادة شهود عدل والاشهار ولايجوز أن يتم سرا وكل مايميزه عن الزواج العادي أنه محدد المدة وهو مايمكن اعتباره شرطا اتفق عليه الطرفان. جميع الالتزامات المترتبة علي الزواج العادي يجب أن تنطبق عليه ايضا باعتباره زواج شرعي مكتمل الأركان، فتعتد الزوجة بعد انتهاء المدة وفي خلال العدة يمكن أن يتراجعا علي أن يكون رجوعهما زواجا دائما عاديا وتحتسب نهاية مدة الزواج المؤقت بمثابة طلقة رجعية.مالم يقل به الشيعة الذين يمارسون هذا النوع من الزواج هو حق الزوجة في أن ترث الزوج إن مات والزوجية قائمة أوخلال العدة وحق الزوح في أن يرثها ان ماتت وهي في ذمته.ولاأعتقد أن لديهم سند شرعي في ذلك يعتد به سوى الرأي الذي يعد مخالفا لمنطق الأمور فمادام الزواج اعترفوا بشرعيته وجب الاعتراف بكافة الحقوق المترتبة علي الزواج الشرعي. كما بينت من قبل هو يعد في عداد الرخص الشرعية والسؤال الذى يجب طرحه ليس في حليته وتحريمه، وانما هل توجد حالات في زماننا تستوجب استعمال هذه الرخصة ؟ وهل يحب تقنين استخدام هذه الرخصة وتقييدها بحيث لايلجأ اليها الناس ويتركون الزواج العادي ويكونون بذلك قدخالفوا ماأراده الله لهم وشرعه.

مايعزز ضرورة أن يكون للزوجة المؤقتة كافة حقوق الزوجة الدائمة مارواه ابن خلّكان من أنه عندما أمر الخليفة المأمون بالمناداة في الناس بتحليل المتعة دخل عليه يحيى بن أكثم فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيّراً؟ فقال: هو غمّ يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام، قال: وما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنا، قال: الزنا؟! قال: نعم، المتعة زنا، قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله عزّ وجلّ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ) إلى قوله: (والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون*إلاَّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيرُ ملومين*فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذَلِكَ فَأُوْلئِكَ هُمُ العادُونَ) يا أمير المؤمنين زوج المتعة ملك يمين؟ قال: لا، قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث وتلحق الولد ولها شرائطها؟ قال: لا، قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين. ولعل يحي ابن أكثم هنا يقصد بتلحق الولد أي يكون لها حق حضانته وليس الحاق الولد بأبيه وهو مالم يكن عليه خلاف.

اذن .. اذا ماكان زواج المتعة يعطي للزوجة كل حقوق الزوجة الدائمة كاملة فهو حلال ولايحق لآحد أن يحرمه على من دعتهما الضرورة اليه وكان فيه جلب منفعة لهما أو دفع ضرر عنهما .

رأي الشيخ حسنين فضل الله في زواج المتعة:

يقول المرجع الشيعي الشيخ حسين فضل الله: لعلّ أسلم تعبير هو ما يتداوله المحلّلون الفقهيون استناداً إلى الطبيعة التي يرتكز عليها هذا النوع من الزواج ، بأنه الزواج المؤقت، لأنهم يقسمون الزواج إلى زواج دائم ينطلق من حاجة الطرفين ، الرجل والمرأة ، إلى السكينة والاستقرار والطمأنينة ، ويتعاونان على أمور الحياة كلها، بحيث يتحقق الاندماج الروحي والحسي والحياتي بين الطرفين، كما هو التعبير القرآني {هنّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنّ}. وكأن المرأة تلبس الرجل كي يمثل كل كيانها، والرجل يلبس المرأة ليؤكد وحدة الكيان بينهما.
وهناك حاجةٌ أخرى ونوع آخر من الزواج ينطلق من الحاجة الجنسية التي تلحّ على الإنسان بشكل وبآخر، وقد يكون لديه ظروف واقعية على المستوى المادي أو الاجتماعي وما إلى ذلك، تمنعه من الزواج، وهنا في هذا المجال جاء الزواج المؤقت الذي يسمى زواج المتعة باعتباره تلبية لحاجة جنسية. هناك حديث يتردد بين الكثيرين من الناس ، لا سيما الذين ينكرون هذا الزواج، أن اعتبار المرأة أداة للجنس أو النظر إليها باعتبارها مركز الجنس هو إسقاط لإنسانية المرأة.
ويضيف: ولكن المسألة تتجاوز هذا المعنى، ذلك أن الإسلام كان إنسانياً وواقعياً في مسألة تنظيم الجنس، فاعتبره حاجة طبيعية تماماً كما هو الأكل والشراب وما إلى ذلك. وليس هذا عيباً ولا شيئاً قذراً، حتى إنه في أكثر من نص قرآني يذكر الجنس بشكل صريح ، وليس هناك مشكلة في الحديث عن الأعضاء الجنسية أو عن المعرفة الجنسية، باعتبارها شيئاً يمثل حاجة المرأة كما هي حاجة الرجل.
هذا النوع من الزواج قد يكون بمثابة حلٍّ لمشكلة المرأة التي قد لا تملك فرص الزواج، كما قد يكون حلاً بالنسبة للرجل. ربما يقول البعض في هذا المجال إن قضية زواج المتعة أو الزواج المؤقت يمثل علاقة جنسية لا فرق بينها وبين العلاقات الجنسية غير الشرعية، ولكن المسألة هنا ليست صحيحة بهذه الدقة، لأن ما يميز بين العلاقة الشرعية والعلاقة غير الشرعية هو الجانب القانوني الذي يخضع له شكل هذه العلاقة وشكل تلك العلاقة، والمسلمون لا بد أن يكون لهم قانون يضبط كل علاقة، بحيث تكون خاضعةً للتشريع الإسلامي، ولذلك فإن المسلمين الشيعة يؤكدون أن هناك أسساً شرعية علمية فقهية لتشريع المتعة، ويستشهدون بقوله تعالى: {فما استمتعتم به منهنّ}، ويؤكدون أنهم يتفقون مع المسلمين السنة في أن المتعة شرّعت في عهد النبي(ص)، ولكن السنة يقولون إن المتعة نسخت ، والشيعة يناقشون السنة في ذلك بطريقة علمية وموضوعية.
لكن لماذا شرِّع هذا الزواج؟ يجيب السيد/فضل الله إذا قلنا إن التشريع مستمر كما يراه الشيعة، لأن الزواج الدائم في مدى التاريخ وأمام كل القوانين ، سواء البدائية منها أو الحضارية، لم يستطع أن يحلَّ مشكلة الجنس، لأن هناك ظروفاً كثيرة يعيشها الناس، رجالاً ونساءً، لا تسمح لهم بعلاقة الزواج، لذلك طورت مسألة تشريع الزواج المؤقت الذي يخضع لقانون دقيق في العلاقة، فهناك عقد وهناك مهرٌ ، وإذا حصل حمل يكون المولود شرعياً، كما إن المرأة إذا انتهت المدة المتفق عليها مع الزوج تعتدّ قبل أن ترتبط من جديد بإنسان آخر.
ولمعالجة العديد من الاشكالات الناتجة عن هذا الزواج ، فقد أُريد له من الناحية الشرعية أن يسجل في المحاكم الشرعية، فبعض المحاكم الشرعية في البحرين كانت تحرص على تسجيل هذا الزواج
. وفيما اذا كان زواج المتعة له حكم الزواج الدائم يقول السيد/فضل الله :

ـ زواج المتعة هو كالزواج الدائم، شروطه الشرعية أن تكون المرأة بلا زوج وأن تكون بالغة وراشدة ويكون الزوج بالغاً وراشداً، مع مفردات قانونية هي تلك الموجودة في قانون الزواج. إذاً يمكن أن يحصل الزواج المؤقت بين أي رجل وأي امرأة.
وأن ا لرجل المتزوّج قد يعقد زواج المتعة مع فتاة غير متزوجة
لأنه قد تكون لديه حاجة ، مثلاً إذا كان في حال سفر، أو كانت زوجته مريضة.
وسواء فيمن سيتزوجها أن تكون بكرا أو ثيبا ويضيف في هذا الشأن أن : زواج المتعة كالزواج الدائم، وهناك نظريتان في هذا الخصوص: الأولى، تقول إن الفتاة البكر لا يجوز لها حتى لو كانت بالغة وراشدة أن تعقد العقد، سواء كان زواجاً مؤقتاً أو دائماً، إلا بإذن من أبيها أو جدِّها لأبيها. صحيح أن الولاية تسقط عن البالغة الراشدة، ولكن التحفظ في مسألة الزواج وحسب هذه النظرة يبقى ، لأن قلة تجربتها تعرضها للخديعة. أما النظرية الثانية فتقول إن البالغة الراشدة يحقُّ لها أن تتزوج زواجاً دائماً أو زواجاً مؤقتاً دون حاجة إلى إذن وليها، لأن الولاية تسقط عنها بالبلوغ والرشد. ففي ضوء هذا ، فإنها إذا كانت بالغة راشدة ، فمن المفروض أن رشدها وبلوغها يجعلانها تعي النتائج السلبية والإيجابية، سواء في الزواج أو في مواقف أخرى.
* هل يجوز في هذه الحالة إنجاب أولاد؟ وما هو مصير الطفل وشرعيته؟
ـ إن ولد الزواج المؤقت كولد الزواج الدائم يملك كل الشرعية والحقوق، ولد شرعي قانوني مئة في المئة، لذلك نحن دعونا وندعو إلى توثيق الزواج المؤقت كما الزواج الدائم على أساس حماية النتائج التي تحصل ومنها الولد.
والفرق بين الزواجين هو التوقيت.ويمكن لرجل أن يتزوج إمرأة زواجا مؤقتا لخمسين عاما وينجب أولاداً عدة ، ولكنه يبقى زواجاً مؤقتاً
.

عموما لقد عهدنا في ما يقوله ويكتبه علماء الشيعة في لبنا سعة الافق وحسن الفهم للدين على نحو أفضل من غيرهم ولم نسمع منهم فتاوي شاذه رغم أنهم درسوا الفقه الشيعي في قم مثل غيرهم .الاأنهم ورغم أنهم مراجع شيعية لأتباعهم دون غيرهم لايملكون سيطرة كاملة على الاتباع إذ أن الكثير من تصرفات العامة عندهم لاتتفق مع مايقول به هؤلاء العلماء . وبالنسبة لأوضاع زواج المتعة الشائع في ايران فقد قرأت انتقادات له من ايرانيين وتشبيه له بالزنا أو أنه لايفترق كثيرا عنه ومنها ماهو منسوب لشخص ذكر أنه حفيد السيد الخميني.والحق أن أدخال أي تعديل علي أحكام الشرع في الزواج أو محاولة للتمييز بين زواج دائم وزواج مؤقت يخرج العلاقة بين الرجل والمرأة من الزواج الي غيره وتفقد مشروعيتها.

حاجة المرأة للمال كدافع للزواج المؤقت:

إذا ما تأملنا الآية الخاصة بالزواج المؤقت مليا يمكن لنا القول بأن الزواج المؤقت لم يشرع فقط لسد حاجة بيولوجية وإن أبان سبب النزول ذلك ولكنه جاء أيضا لايجاد حل لامرأة بلاعائل تحتاج الى قدر من المال تستقيم به أحوالها لفترة ما. نستنتح ذلك من قوله تعالي فيها :" أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فيما استمتعتم به منهن، وأتوهن أجورهم فريضة.."إذ يمكن أن

يسد هذا النوع من الزواج احتياجات مادية عاجلة للمرأة وتحافظ في نفس الوقت على عرضها وكرامتها طالما أن العلاقة الزوجية المؤقتة شرعية ومعلنة وليست سرية وبالتالي لاتحيط بها الشبهات. وكذلك لحماية النسل الذى قد ينتج عنها وضمان عدم اختلاط الآنساب.

يمكن أن نتصور أتمام هذا الزواج بعد اعلان المرأة عن حاجتها لمقدار من المال تحتاجه لأمر من أمورها واستعدادها مقابل ذلك أن تهب نفسها كزوحة شرعية للرجل الذي سيمدها بالمال لمدة محددة أويتم تحديدها باتفاق بينهما.أو تعرض ذلك سرا عمن تتوسم فيهم امتلاك المال وعدم وجود ما يحول شرعا من الزواج بهم فمن قبل بذلك ودفع لها ما طلبت أوفت هي بدورها له بما وعدت به.

وحاجة المرأة الي مثل هذا الزواج قديما تبرز بوضوح في حالة الجارية التي تريد أن تكاتب مولاها على مبلغ من المال مقابل أن يعتقها ويمنحها حريتها لكي تتزوج بعد ذلك بمن تشاء. ومثل هذا الزواج يصونها ويصون حقوقها ويحقق رغباتها كلها دون أن تضطر الى احتراف البغاء لجمع المبلغ الذي تكاتبت عليه.

وقد تلجأ المرأة الحرة اليه أيضا إذا ترملت فحأة وترك زوجها المتوفي لها أولادا ولم يترك لها مالافهي تحتاج الى قدر من المال تستغله في تجارة أو شراء رؤوس غنم أو ماعز ترعاها حتي تتمكن من إعالة نفسها وأطفالها فتعرض نفسها علي النحو السابق علي أصحاب الأموال لكي تجمع المبلغ الذي تحتاجه. وفي مثل هذه الحالات فأن التضييق على مثل هذه المرأة ومنعها من الزواج المؤقت يعد بمثابة حرمان لها من أن تحيا حياة كريمة ويسد أمامها أبواب الأمل. نفس الشىء ينطبق على إمرأة طلقها زوجها وتخلى عنها وهي غريبة وعائلتها بعيدة عنها فهي تحتاج الي قدر من المال يمكنها من السفر الي أهلها وتخشي إن استدانته ألا تتمكن من سداده مستقبلا.

وفي أيامنا هذه نتجت حالات شبيهة بذلك سأتعرض اليها فيما بعد . ما أريد إيضاحه هووجود أسباب ودواع انسانية ملحة وذات خصوصية بالغة يعالجها هذا الزواج المؤقت ولصالح المرأة أولا وأخيرا وليس الرجل فقط من أجلها أحل الله هذا النوع من الزواج بشرط أن تخرج من نطاق السفاح الي دائرة الإحصان المتمثلة في الزواج الصحيح ، حسبما ورد في الآية : " محصنين عير مسافحين" وأن يكون بالتالي : هذا الزواج زواجا حقيقيا مكتمل الشروط وخاضع لكافة أحكام الزواج والطلاق والعدة وغيرها مما يحكم علاقة الرجال بالنساء وورد في كتاب الله وسنة رسوله.

تحديد المبلغ المطلوب سداده مسبقا من قبل الرجل الموسر والمدة التي ستهب المرأة له نفسها فيها مقابل ماسيدفعه اليها سيكون خاضعا أحيانا للمفاوضة والمساومة وقد تقبل المرأة أقل أوتقبل بمدة أطول وقد يزيدها الرجل على ماطلبت ويحدد العقد في النهاية ما اتفقا وتراضيا عليه و أشهدا عليه الله وشهد به من حضر العقد من الناس. وفي نهاية المدة وافتراقهما فإن المرأة تعتد منه وهي ملزمة منه خلال فترة العدة باعتبارها نعد موقوفة عليه ولاتستطيع الزواج من غيره حتى تنتهي عدتها. ولذا فإن على الزوج أن يدفع اليها نفقتها مدة العدة أو مايتراضيا عليه معا في هذا الشأن

وقد يشعر الرجل أنه لم يحسن اليها بما تستحقه مقابل تمتعه بها خلال مدة زواجه منها فيزيد لها فوق ماسبق أن إتفقا عليه إحسانا لها وقد يكون قد وقع حبها في قلبه فيزيد على إحسانه لها إحسانا.والاية الكريمة تحض على ذلك بقول الله فيها :" فلاجناح عليكم فيما تراضيتم به بعد الفريضة" ولايمكن في حالة الاحسان اليها بأزيد من الفريضة التى فرضها لها أو فرضتها عليه وقبلها أن يحتج عليه أحد أو يعترض علي حقه في تصرفه في ماله ولايعد هذا الاحسان دليلا على سفه منه وسوء تصرف في ماله طالما بقى في حدود مايمكن اعتباره أريحية وكرما معقولا.

وعدة الزوجه المؤقته في نهاية مدة الزواج هي نفس عدة الزوجة الدائمة سواء في حالة الطلاق أو موت الزوج ، أي ثلاثة قروء (حيضات) كاملة في حالة انتهاء المدة وأربعة في حالة وفاة الزوج والي أن تضع حملها في حالة الزوجة الحامل. وقد قرأت رأيا عند الشيعة يقول بأنه يكفي لانتهاء العدة أن ترى دم الحيض مرة واحدة وهذا ابتداع في شرع الله, وقول بالظن . إذ طالما تم الاعتراف بها زوجة شرعية وجب أن يكون لها وعليها ما شرعه الله للزوجة من حقوق أو ما ألزمها به من أمورأو واجبات . ومن حقوق الزوجة الشرعية حق الميراث فمن حق الزوجة المؤقته أن ترث زوجها إن مات خلال فترة العقد وله الحق في أن يرثها إن ماتت خلال فترة العقد مالم يثبت أن أحدهما تسبب في موت الآخر. وانتهاء مدة الزواج المؤقت حكمة حكم الطلاق طلقة واحدة تمت بالتراضي بين الزوجين . ويحق للزوج خلال العدة أن يعيدها الي عصمته لمدة أخرى وبصداق جديد وبشهود وإشهار فاذا انتهت المدة كان ذلك بمثابة طلقة ثانية . وإن تزوجها ثلاثة مدد متتالية لايحق له أن يتزوجها بعدها حتى تنكح غيره.

لايجوز لرجل أيضا متزوج من أربعة نساء أن يتزوج عليهن خامسة زواجا مؤقتا والا كان زواجه منها باطلا وبالتالي في حكم السفاح.ولايجوز الجمع بين الاختين واحدة في زوج دائم والاخري فى زواج متعة وأنما يحرم في زواج المتعة مايحرم في الزواج الدائم سواء بسواء.

لقد حرر الشيعة أنفسهم من معظم تلك الأحكام والشروط وفرقوا بين الزواجين : الدائم والمؤقت وحعلوا لكل منهما أحكامه إتباعا للهوى. بينما لايجب أن يكون ثمة فرق بينهما في غير تحديد المدة في الثاني وهو الذي يجعله بمثابة استثناء من الآول دون أني يمتد الاستثناء في المدة الى أبعد من ذلك . حيث اذا مااختلفت طبيعة الزوا ج المؤقت عن الدائم في شىء فقد حقه في أن يوصف بزواج ولم تعد له قداسة أو مشروعية ووجب الحاقة بالسفاح .

وعندما أراد الشيعة إثبات خطأ غيرهم ممن يسمون أنفسهم بأهل السنة والجماعة في منعهم أو تحريمهم لزواج المتعة مستخدمين المنطق ، كانوا يقولون بأن علماء السنة والشيعة متفقون على صحة زواج المسلم بالمسلمة إن أضمرا أو أتفقا سرا فيما بينهما علي أن يكون زواجهما لمدة محددة متفق عليها فيما بينهما ولم يعلما بها شهود العقد . وبناء علي إجازة هذه الحالة فإنه لايعقل أن يعد زواج المخادعين الذين أخفيا نيتهما حلالا وزواج من كشفا عنها حراما. هذه البرهنة على صحة الزواج المؤقت يمكن استخدامها للبرهنة على خطأ الشيعة في التفرقة بين الزواج المؤقت والزواج الدائم . إذا طالما لاتتم هذه التفرقة في حالة زواج اثنين أضمرا أن يكون زواجهما مؤقتا فمن باب أولي لايجوز التفرقة في حالة الزواج الذي أعلن طرفاه على رؤوس الأشهاد ولايجوز أيضا مكاقأة الزوجة المؤقته إن لجأت للخداع بمنحها كافة حقوق الزوجة وحرمان الزوجة الصادقة من نفس الحقوق.

هل ثمة حاجة في زماننا للزواج المؤقت؟يأيأ

إن هذا في حقيقة الآمر هو السؤال الجوهرى الذي اقتضت الاجابة عليه الاهتمام بإثارة الموضوع ولفت الانتباه اليه . وطالما أن الاهتمام بالأمر وبحثه من كافة جوانبه ومحاولة تخليصه من شوائبه ظاهرا فإن ذلك يعنى بوجود ليس حاجة واحدة وأنما حاجات في هذا الزمان لتتطلب إقرار هذا الزواج في المجتمع واللجوء اليه لسد تلك الحاجات .

مثال لهذه الحاجات التى تتطلب علاجا عاجلا حالة العديد من الطالبات الجامعيات اللآئي ينتمين الي أسر فقيرة محدودة الدخل ومع ذلك تمكن من إنهاء مراحل التعليم واحدة تلو أخرى بمافي ذلك المرحلة الجماعية وأعانهن الي حد كبير المنحة التي كانت تدفعها لهم الدولة تقديرا لآوضاعهن الاجتماعية أو تقديرا لتفوقهن الدراسي رغم هزالة قيمة تلك المنحة وتباعد مواعيد صرفها وكان يعينهن أيضا تأمين سكن جامعي لهن. بعد حصولهن على الاجازة وبتقدير مشرف لم يجدن فرصا للعمل ولآنه اتضح أن فرص الحاصلات علي الدكتوراه في العمل أفضل فكان عليهن السعي لاستكمال الدراسات العليا والتي لاتقدم الدولة فيها منحا ولا سكنا ولم تعد عائلاتهن بمقدورها معاونتهن بشيء.لم يكن أمام هؤلاء سوي أن تبحث كل منهن عن رجل أعزب يعيش وحده يقبل اسكانه معه وإطعامهن مقابل خدمته داخل وخارج الفراش وخارج أيضا ما أحله الله وشرعه وليس أمامها بديل أخر متاح. وفرص الزواج تكاد تكون معدومة بالنسبة للكثيرا ت منهن خاصة وهن لايعملن ويساهمن في تكاليف الحياة الزوجية. أي أنهن اضطررن الي حياة الزنا المحرم لآنه أغلقت في وجوهن أبواب الحلال بماقيها باب زواج المتعةأو الزواج المؤقت والذي كان يمكن أن يكون حلا مؤقتا لحالتهن والي أن ينتهين من دراستهن العليا وبعدها يقررن مع أزواجهن المؤقتين تحويل الزواج المؤقت الى دائم أو إنهائه بعد أن حقق الهدف منه للطرفين معا.

لقد أتيح لي بالصدفة أن أكون شاهدا على حالات مثل تلك التي ذكرتها وحالة واحدة التي فبل فيها الشاب الزواج من الفتاة التي عاشت معه أربع سنوات وكانت تمكنه فيها من نفسها متى أراد بعد أن ظل يرفض الزواج منها طول الوقت ولم يقبل بها في النهاية الا مضطرا بعد أن خاب أمله في الظفر بزوجة أفضل منها من وجهة نظره . فقد ظل محتقرا لها لآنها فرطت في نفسها له بدون زواج ولو مضطره رغم تأكده من أنه أول من عاشرها معاشرة الازواج. لامجال هنا لمناقشة هذه العقلية ولكن هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه .

هناك أيضا حالات شاهدتها لفتيات بلغن الخمسين عاما لاينقصن الجمال ولا العفة والتدين وفيهن موظفات اشترين شققا من مدخراتهن وفرشنها على أمل إتاحة فرص أكبر لزواجهن ومع ذلك لم يتزوجن وفقدن الامل في الزواج وفي الامومة بعد أن لم تعد تأتيهن العادة الشهرية إن جاء الزواج ولو متأخرا بعد طول انتظار ولو أتيح لهن الزواج المؤقت لكان ثمة فرصة في أن يؤدم بينها ويتحول زواجهن الى زواج دائم ولم يعشن هذا الحرمان وتلك المعاناة .

أيضا هناك حالات الزوجة الشابة التي تترمل مبكرا دون أن يخلف لها زوجها الراحل معاشا أو مورد رزق تعول به نفسها وأطفالها . وكذلك الذى يطلقها زوجها ولاينفق عليها وعلى أولادها رغم الزام الدين والقانون له بذلك وتلك التي يسافر زوجا بحثا عن عمل في بلاد بعيده وتنقطع أخباره ولايرد لها منه أي مبالغ تنفق منه على نفسها وبامكانها الحصول على تطليق غيابي منه بعد مرور سنة على غيابة ولكن الطلاق لايحل مشكلتها.

علينا أيضا تدقيق النظر بالنسبة لحالة الارملة والمطلقة التي جربت كل منهما الزواج والمعاشرة الشبقية ثم حرمت منهما فجأة وهما ليستا مثل اللائي لم يجربن من قبل ذلك. إن حرمان أي منهما من المعاشرة الشبقية مع رجل يؤنسها وتؤنسه لمدة طويلة هو بمثابة ارهاق نفسي وعصبي لك منهما أن ظلت محتفظة بعفتها ومحصنة لفرجها . ويزيد من حدة هذا الارهاق امتلاء الشوارع بشباب عاطل أو غير قادر على الزواج وبناء أسرة بسبب الظروف المعيشية السيئة السائدة كنتيجة اتباع الدولة سياسات خاطئة وجعلته الاذاعات المتخصصة في الأغاني والموسيقي الشبقية والفضائيات والمواقع الاباحية على شبكة الانترنيت في حالة هوس شبقي تتعرض بسببه المطلقة خاصة الي التحرش المستمر منهم ومراودتها عن نفسها علي نحو مستمر ودائب . فالي متي يمكن أن تستمر مقاومتها؟. إن الذين يكتفون في معالجة هذه الحالات بالمواعظ الدينية التي لاتكلفهم شيئا أو الاكتفاء بالتنديد بالفساد الذي انتشر إنما يدفنون رؤوسهم في الرمال مثل النعام ويأبون مواجهة الحقيقة الانسانية ويتخلون عن واجبهم الديني وهم يتصورون أنهم أكثر الناس التزاما به وعن حسهم الانساني أيضا. والغريب أن هؤلاء ستجدهم أول من يرفضون الزواج المؤقت الذي شرعه الله وأحله بدعوى أنه محرم لدي أهل السنة والجماعة ومن ابتداع الشيعة.

ولو أن مثل هذه المرأة أتيح لها الزواج المؤقت من أحد الموسرين ليحفظ عرضها ويسد احتياجاتها المادية والغريزية معا لرحمها من هذا العنت الذي تواجهة والمعاناة التى تعيشها.

ويجب علينا أن نعي بأن المبلغ الذي سيدفعه الرجل الموسر الى المرأة المعسرة ستكون قيمته بالتأكيد أكبر من قيمة المتعة التي سيحصل عليها منها . ولتوضيح ذلك لوافترضنا أن هذا الرجل تعوزه التقوي ومخافة الله ولامانع لديه من اقتراف الزنا فأنه يستطيع أن يقضي حاجته مع عشرات المومسات بأقل مما سيدفعه للزوجه المؤقتة ليعينها على تدبير أمور معاشها بعد افتراقها عنه.إلا أنه معها سيصون دينه ودينها أيضا وعرضها وعرضه في آن واجد ويحميها من مذلة السؤال أو اللجوء للآرتزاق من الخطيئة والابتذال . هذا النوع من الزواج يستحق بأن يطلق عليه زواج الاحسان وليس زواج المتعة في مثل هذه الحالات.

أشدد هنا على الموسرين لأني أقدر بأنهم سيكونون أكثر من يهتم به ويقبل عليه.وقد يأتي وقت يكون قاصرا عليهم وحدهم . هذا النوع من الرجال أو هذه الطبقة الاجتماعية سيكون الزواج المؤقت المقنن والمعترف به بمثابة حل لمشاكلها الخاصة أيضا. الزواج غالبا في هذه الطبقة لايتم بناء على الحب وإنما علي المصالح التي تقتضى قصر المصاهرة علي عائلات معينة نسائها مدللات إن لم نقل مستهترات ولايهمن سوى أنفسهن وكثيرا مايكثرن من السفر والحفلات وأهمال واجباتهن قبل أزواجهن الذين يضطرون الي البحث عن المتعة الحسية خارج بيت الزوجية. ولذا فان تشريع الزواج المؤقت سرعان ماسيجعله يتخذ صبغة طبقية في أغلب حالاته. وسيكون له نتائج ايجابية على تلك الطبقة تمتد تداعياتها علي باقي المجتمع. إذ أن هذه الطبقة بقوة المال والعلاقات الأسرية والتجارية هي طبقة نافذة أيضا وعندما يتم الحد من فسادها وايجاد قنوات شرعية تشبع فيه نزواتها سيقلل ذلك من فسادها في تعاملها مع الشأن العام وقد يقود الى حسن تدينها والذي يمنعها عنه هو اضطرارها للزنا والذي لايمكنها الجمع بينه وبين التقوي وهما نقيضان.

زوجة الموسر في تلك الطبقة سترحب أيضا بزواجه المؤقت لآنه أفضل من خياناته الزوجية لها ومعاشرته العاهرات ونقل أمراضهن اليها ولآنه علاقة مؤقته تنتهي بانتهاء مدتها وبالتالي لاتشكل خطرا علي استقرارها العائلي مثل لو تزوج امرأة غيرها في السر ولن ينجم عنها نسل

يتقاسم مع أولادها في الميراث وسيتكفل هذا الزواج بألا يراودها زوجها عن نفسها في وقت لاتكون مستعدة لذلك بسبب ارتباطها بحفلة عند زوجة الوزير أو السقير أو رجل الأعمال فلآن.

إشباع حاجات نفسية :

إن تسمية الزواج المؤقت بزواج المتعة لايعني أن المتعة الحسية هي أبرز مافيه فقد يكون الزوجان اللذان يقدمان عليه في حاجة الى متعة روحية أو نفسية أو سد حاجة لدي أحدهما اليها أكثر من حاجته للمتعة الحسية والتي يمكن الايكون لها وجود في بعض حالات هذا الزواج المؤقت وإن بدا ذلك فرضية خيالية.

مثلا رجلا أعزب مسن ولاتنقصه الرغبة في الممارسة الشبقية وغير متزوج وأراد أن يضم اليه فتاة صغيرة يعتبرها مثل ابنته ويريد رعايتها ودرءا للشبهات يتزوج بها مع عزمه ألا يمسها ولايكون بينهما أية علاقة شبقية حتي يشتد عودها بعد فترة الزواج المؤقت وتستطيع مواجهة الحياة بدونة واختيار زوج ملائم لها أو يكون قد اختار لها زوجا قبلت به . وهي هنا لاتحتاج الي عدة منه لآنه أشبه بحالة القتاة التي طلقت قبل الدخول بها ومازالت محتفطة ببكارتها. هذه الحالة لم تصادفني في الحياة ولكن فرأت رواية انجليزية تضمنت هذه الحالة والتي أعتبر، مهما بدأت خيالية ، يمكن أن تكون قد حدثت في مجتمع المسلمين وتكررت ويمكن أيضا أن تحدث وتتكرر.

وهناك أيضا حالة الرجل العاجز عن ممارسة الفعل الشبقي الذي قد يصارح بذلك إمرأة لاتحتاج من الزواج المؤقت سوي الطعام والمأوي لفترة محددة تتوقع أن تتغير من بعدها ظروفها وهو أي الزوج المؤقت كل ما يحتاجة هو إنسانة تؤنس وحدته وتزيل عنها وحشتها أو ترعاه بأن تعد له طعامه أو تحافظ علي نظافة بيته أو غير ذلك من الآمور وهنا تبرز حالة طالبة الدراسات العليا السابقة الذكر.

والقول بأن أهل السنة والجماعة لايمارسون الزواج المؤقت قول غير صحيح إذ بات يمارسه أكثرهم تشددا وتطرفا ومعارضة علنية له أي السعوديون ، فقد اشترطت السلطات السعودية علي الفتاة التي ترغب في الدراسة بالخارج أن يكون معها محرم مرافق لها . ولآن الفتاة لايكون لها أخ متفرغ يمكنه السفر معها أو زوج فإن والدها يلجأ الي تزويجها زواجا رسميا وإن إعتبره صوريا الهدف منه أن تتاح لابنته السفر برفقة محرم . ويتم الاحتياط بأن تكون العصمة أي حق الطلاق للزوجة لكي تستعمله بمجرد انتهاء مدة البعثة الدراسية المحددة. أي إنه زواج مؤقت. في بعض الحالات يكون الاتفاق مع الزوج بأن زواجه من الفتاة زواجا أبيض لايمسها فيه ولكن بياض هذا الزواج لايستمر الافترة قليلة ثم يتغير لونه ليس بناء على رغبة الزوج وانما بناء على رغبة الفتاة ذاتها التي تجده الحلال الموجود تحت يدها الذي يحول بينها وبين مغريات الحرام التي تحاصرها في كل مكان بأمريكا. بل وقد تتمسك بزوجها بعد ذلك وترفض الانفصال عنه.

ولقد نشرت مؤخرا فتاوي صادرة من السعودية تجيز زواج ماأسموه بزواج المسيار وزواج البوي فريند ومع ذلك لم نجد جرأة مماثلة للدعوة لآباحة الزواج المؤقت مع وضع الضوابط له رغم شدة حاجة المجتمعات العربية المسلمة اليه حاليا وخاصة في مصر وتونس والجزائر والمغرب أي دول الشمال الأفريقي التي تضم حوالي 150 مليون نسمة.

فوزي منصور

e-mail:fawzym2@gmail.com

No comments: