Friday, January 11, 2008

الدفاع عن النفس واجب...وتجنب الحاجة إليه أوجب..

في أفق حرب محتملة بين الجزائر والمغرب:

الدفاع عن النفس واجب...وتجنب الحاجة إليه أوجب..

لماذا أعاد عسكر الجزائر تسليح قوات الدفاع الذاتي؟

أعلنت السلطات الجزائرية مؤخرا عن إعادة تسليحها لقوات الدفاع الذاتي ، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا علي التحضير لعشرية دموية جديدة ، أكثر دموية من السابقة التي كانت ترتيبات الوئـام الوطني قد وضعت حدا نهائي لها. ويأتي ذلك بعد أن تم عقد صفقات أسلحة بأكثر من أربعة مليار دولار منها ثلاثة مليارات لأسلحة روسية ويتوقع المزيد من هذه الصفقات مع فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وقد نفاجئ ذات يوم بأن إسرائيل كانت من مزودي الجزائر بالسلاح.

وقد يكون الداعي لذلك أيضا ترتيب لتأمين الداخل في إطار التحضير لشن حرب علي المغرب يتم استغلالها لكي يمسك العسكر بزمام الأمور في الجزائر. ويستخدم العسكر في هذه الحالة البوليزاريو كبادئ starter لإادارة عجلة الحرب.

يأتي هذا بينما الشعب الجزائري مازال معظمه يعاني من الفقر وتدني مستوى المعيشة والبطالة والارتفاع الكبير في الأسعار الذي تحثت عنه معظم الصحف الجزائرية بمناسبة نهاية عام 2007، ونقص الخدمات الأساسية، بينما خزينة الدولة ممتلئة بالأموال الناتجة عن زيادة قيمة مبيعات النفط.

وقد سبقت أن كتبت صحيفة الخبر الجزائرية الصادرة صباح الثلاثاءالموافق3يوليو2007تقول:

"أكد الخبراء والباحثون المشاركون، أمس، في الندوة الدولية حول تجارب مكافحة الفقر في العالمين العربي والإسلامي بجامعة البليدة أن نسبة الفقر بالجزائر لا تقل عن 40 بالمئة، في غياب دراسات جادة، سبهم، حول واقع الفقر في الجزائر على غرار ما هو مسجل في أغلب الدول العربية والإسلامية"·وأضافت الصحيفة :" اعتمد هؤلاء الباحثون والمختصون في علم الاقتصاد في تحديد هذه النسبة خلال تدخلاتهم، على بعض الدراسات والأبحاث التي كشفت أن أكثـر من 45 بالمئة من الأجراء يعيشون تحت الخط الأدنى للفقر بالجزائر، فيما توصلت دراسات أخرى إلى تأكيد أن نصف المجتمع الجزائري فقير باعتبار أن ملف الخوصصة وغلق أكثـر من 40 ألف مؤسسة ترتب عنه تسريح حوالي 500 ألف عامل، انضمت عائلاتهم إلى دائرة الفقر".

وتستطرد الصحيفة الجزائرية الأوسع انتشارا قائلة :" وفي سياق متصل أكد الدكتور فارس مسدور، المنسق العام للندوة أن الخبراء الدوليون لا يزالون يرفضون المعيار العالمي للفقر، الذي يحدد الدخل اليومي لغير الفقراء بما يتجاوز 2 دولار، أي ما قيمته 140 دينار جزائري، التي يبدو جليا أنها لا تغطي الاحتياجات اليومية الأساسية من غذاء وكذا الحد الأدنى من الاحتياجات الأخرى للعائلة، وهنا يذهب الدكتور إلى التسمك بالتعريف الإسلامي للفقير وهو:الشخص الذي لا يملك قوت يومه وفي حالة ترجمة هذا التعريف بالأرقام، حسب الدكتور مسدور، فينبغي على رب العائلة أن يتقاضى ما لا يقل عن 500 دينار في اليوم، فإذا تم تطبيق هذا المعيار على الأجراء في الجزائر نجد أن أغلب العائلات فقيرة"·(...) وطرح بعض الدكاترة أيضا خلال الندوة قضية تصنيف الفقر إلى نوعين فقر المجتمع وفقر مؤسسات الدولة، حيث أشار هؤلاء قضية تصنيف الجزائر بين الدول الفقيرة من طرف هيئة الأمم المتحدة في برنامجها الخاص في المرتبة 103 من أصل 173 دولة، في حين تملك الجزائر احتياطي صرف يفوق 80 مليار دولار خلال نهاية".

وجاء في تقرير صادر مؤخرا عن مركز أبحاث بن جوريون الاسرائيلي حول دول المغرب العربي أن أرباح الجزائر من البترول والغاز تصاعدت من 11 مليار دولار عام 2000 الي أكثر من 20مليار عام 2004 ثم 60مليار عام 2006.

و القول بأن القطاع العام السابق كان فاسدا وأهدرت أموال الدولة فيه لا يمنع أن تقوم الدولة بقيادة التنمية الإنتاجية بعدما توفرت لديها رؤؤس أموال أكثر من كافية في خزائنها،في مجالي الزراعة والصناعة والخدمات دون الرجوع إلي نظام القطاع العام السابق.و ذلك بأن تقوم الدولة بإقامة المشروعات الإنتاجية والخدمية لتحريك اقتصادها الراكد وتوفير فرص الشغل للعاطلين وبعد ذلك تقوم بتمليكها للعاملين فيها و لعموم الشعب. مثل ما فعلت دول شرق أوروبا عندما تحولت عن رأسمالية الدولة في نظامها الشيوعي السابق إلى اقتصاد السوق.وبحيث يتم ذلك ضمن مخطط يحقق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الئروة الوطنية وتحقيق دخل قومي لا يعتمد فقط علي صادرات البترول والغاز ولا تشكل فيه تلك الأخيرة سوي نسبة محدودة منه. أما الانتقال المفاجئ لاقتصاد هش والغير محسوب العواقب علي ليبرالية الغرب المتقدم صناعيا والارتهان لتعليمات المنظمات المالية الدولية فلن يقود الاقتصاد الوطني الا الي الخراب لحساب القوي الاقتصادية الغربية

المفارقة هنا تتمثل في دولة تجمعت في خزائنها حسب تصريحات خبرائها المنشورة في الصحيفة الجزائرية 80 مليار دولار وتترك حوالي نصف شعبها تحت مستوى الفقر والكفاف وتترك نصف مليون عامل جزائري حرمتهم من مورد رزقهم بسياسة خوصصة تم بموجبها نقل ملكية 40ألف مؤسسة حكومية إلي ملكية الخواص ومعظمهم من العسكريين وأقاربهم وشركائهم الأجانب. فضلا عن عشرات الآلاف من الخريجين الذين مازالوا بدون عمل منذ سنوات. وكل ما يشغل بالها ليس إنقاذ مواطنيها من الفقر الذي سببته لهم سياستها الاقتصادية في طل الحكم المباشر للعسكر.وإنما تتركز جهودها في عقد صفقات التسلح و إعادة تسليح قوات الدفاع الذاتي التي اتهمت من قبل بإراقة دماء الجزائريين وكان تجريدها من السلاح من قبل نتيجة تلك الاتهامات.

ما يمكن تفسير هذه المقارقة به هو أنه في ظل السياسة الاقتصادية الحالية التي تتبعها الحكومة الجزائرية حاليا، ومنذ رحيل بومدين تقريبا واتبعت فيها تعليمات المؤسسات المالية الدولية ، وتخلت بموجبها الدولة عن القيام بأي دور في التنمية الاقتصادية وتركتها لقطاع عام عاجز عن النهوض بأعبائها ويتكون معظمه من النهابين، فإن نسبة الفقراء من السكان الجزائريين مرشحة لأن تزيد لا أن تنقص وإن زادت عائدات الدولة.طالما لا تتم الاستفادة من هذه العائدات لتحقيق مصالح مواطنيها. ولا يفهم من استمرار عزوفها عن ذلك إلا أن العسكر في الجزائر كل ما يهمهم هو الاستئثار بالسلطة والثروة فيها دون بقية الشعب ، حتى لو أغرقوا البلاد في حمامات الدم، واضطروا لي الفتك بحيوات الجزائريين للحفاظ على حياتهم وما نهبوه وينوون نهبه من ثروات الجزائر.

ولم يجد صديق جزائري ما يفسر به هذه المفارقة إلا أن من بيدهم الأمر ببلاده يتبعون سياسة ضد مصالح الشعب وحقوقه مبنية علي مقولة : " جوع كلبك يتبعك".

لقد لاحظوا أن الخوف الذي زرعوه في نفوس الجزائريين وشلوا به عقولهم وإراداتهم في العشرية الدموية السابقة قد تبخر من هذه النفوس وعادت تستعيد عافيتها منه وتسترد قدراتها وحيويتها ، وأن هناك من السياسيين المدنيين من يتطلع إلى الإمساك بالسلطة وفق مقتضيات الدستور في حالة حدوث فراغ لها بسبب الحالة الصحية للرئيس الجزائري ، فقرروا استباق الحوادث. الخوف الذي زرعوه في قلوب الجزائريين انتقلت عدواه إليهم أيضا على هيئة خوف من الثأر منهم أو محاكمتهم على ما ارتكبوه من جرائم وآثام في حق الشعب الجزائري.ووفق قواعد علم النفس فإن هذه الحالة المرضية تصيب جميع الجبابرة والمجرمين. وبينما قد يبرأ ضحاياهم من الخوف يتزايد الإحساس بالخوف عند الجلادين على نحو يفقدون معه عقولهم.

لا يستطيع هؤلاء القتلة والإرهابيون إقناع أحد بأنهم اضطروا إلى إعادة تسليح عصابات الدفاع الذاتي أو الحرس البلدي بسبب عودة الإرهاب في الجزائر مستدلين على عودته بتفجيرات العاصمة الجزائرية الأخيرة التي اتهموا فيها الجماعة السلفية للقتال أو التي يسمونها تنظيم القاعدة في المغرب العربي. وكيف يصدقهم أحد وهم الذين سبق لهم أن رددوا خلال الشهور الماضية بأنهم طوقوا مكامن هذه الجماعة في الغابات الموجودة في الهضاب العليا وقمم الجبال وأنهم قاموا بتمشيطها بفوات المشاة والمدرعات والحوامات العسكرية واحراق الغابات التي يعتصمون بها وقصف المخابئ بالقاذفات الجوية،وأن هذه الشرذمة التى يلاحقونها في الجبال لا يزيد عدد رجالها عن بضعة عشرات على حد قولهم وتأكيداتهم أيضا، وأن القضاء المبرم عليها لن يستغرق سوى أيام فليلة. ثم يقولون أن هذه الشرذمة المعلقة في قمم الجبال والتي يفترض أنهم تمكنوا من إبادتهم بآلياتهم العسكرية الجهنمية استطاعت ، وهي محاصرة أو مقتولة ، النزول الي العاصمة ، في غفلة منهم،وتفجير شاحنتين تحمل كل منها حوالي 800كيلوجرام من المتفجرات ، أي أن الشاحنتين تحملان معا طنا و600كيلوجرام من المتفجرات؟. من أين حصلت تلك الجماعة على تلك المتفجرات ؟ ، وأين كانت المخابرات العسكرية التي تحكم قبضتها على البلاد؟..علينا إذا أن نصدقهم في الأولي وبالتالي نكذبهم في الثانية أو نكذبهم في الأولي والثانية طالما ثبت لدينا كذبهم أو نلغي عقولنا حتى لا نفهم شيئا. ولا عجب إذا أن شكك السيد/ على الحاج في رواية العسكر تلك ولا أستبعد أن يكون معظم الجزائريين لهم نفس موقفه . ثم كيف ستستطيع قوات الدفاع الذاتي المشكلة من مدنيين ليس لهم علاقة بالشأن الأمني لمجرد تزويدها بالسلاح ،أن تمنع حدوث مثل هذه التفجيرات مستقبلا ، حتى يتم الربط بين إعادة تسليحها وحدوث التفجيرات. بينما

قوات أمن مسلحة متخصصة ومدججة بأحدث الأسلحة وأجهزة المراقبة والاتصالات وغيرها..

عجزت عن رصدها ومنعها .

أعادة تسليح قوات الدقاع الذاتي والتي بلغ تعدادها من قبل 80 ألف مسلح لا يمكن أن يكون الغرض منه الحرص على أمن الجزائر وإنما نزع الإحساس بالأمان من قلوب الجزائريين بعد أن تمتعوا به السنوات القليلة الماضية. أولا : بسبب سوء سمعتها من قبل ، وثانيا:لارتباط وجودها مسلحة بسنوات الحرب الأهلية الدامية من الناحية النفسية.

المستفيدون من الوضع الحالي ، الذي يمنحهم وحدهم فرص غير محدودة لمراكمة الثروات واحتكارها، سيقاومون بكل تأكيد أي تغيير في السياسة الاقتصادية. رغم أن التغيير لن يمس مصالحهم الحالية ولن يحاسبهم أحد من أين جمعوا الأموال التي لديهم في الداخل أو التي هربوها للخارج . ولقد انقلبوا علي التحول الديموقراطي من قبل وأغرقوا البلاد في دماء بنيها حتي لا تسيطر علي البلاد حكومة إسلامية وطنية تضيق عليهم فرص النهب والثراء وهم علي استعداد أن يعيدوا الكرة إذا تملكهم الذعر من تملك زمام الأمر لحكومة مدنية غير مدينة لهم بشيئ في حالة فراغ السلطة، بسبب مرض الرئيس الجزائري، تجري تحولا في السياسة الاقتصادية يستهدف مصلحة عموم الشعب. ويضطرون معه إلى إرخاء قبضتهم علي السلطة أو رفع وصايتهم عليها. ويقول تقرير مركز دراسات بن جوريون سالف الذكر بأنهم مازالوا يهيمنون على سياسة الدولة ويعتبرون أنفسهم حراسا للنظام على غرار عسكر تركيا.

بالطبع لا يجب إتاحة الفرصة لهم لإغراق البلاد في الدم مرة أخري ولكن أيضا لا يجب علي الأحزاب السياسية الجزائرية ، لو كانت وطنية حقا ، أن تخضع لهم أو تتحالف معهم بدعوي المحافظة علي السلم الوطني. خاصة وأنه يمكن المحافظة علي السلم الوطني ومنع هؤلاء المفسدين من جر البلاد مرة أخري إلي الفتنة بانتهاج سياسة يتمكن معها الشعب الجزائري الإنعتاق من تلك الوصاية المفروضة عليه. وتجريد تلك الفئة الباغية من مصادر قوتها وبغيها وطغيانها. وبحيث يمكن بث الحياة في اتحاد المغرب العربي الذي لم يكن هؤلاء بعيدين عن قتله.

والعمل معا على إرساء السلم في المنطقة المغاربية بحيث يتم تجنيب شعبها كل المخاطر الآنية والمحتملة. وتنفيذ تنمية شاملة مشتركة يجني ثمارها الشعب المغاربي الواحد في المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا.

إن أهمية الجزائر تكمن في موقعها الجغرافي الذي يجعل نهضتها وتقدمهابمثابة مفتاح التشغيل لنهضة وتقدم باقي شعوب شمال أفريقيا من البحر الأحمر حتى المحيط الأطلنطي . ويضاف إلي موقعها الجغرافي حيوية شعبها واعتزازه بحريته وكرامته هذه الحيوية وتلك العزة اللتان يحجبهما اليوم غطاء من الخوف نسجه الإرهابيون في عقد التسعينيات عندما كانوا يذبحون التلاميذ وهم نيام في مدارسهم.ويبيدون عائلات بأكملها ويمثلون بجثثها ويعرضون صنيعهم على شاشات التلفزة لإرهاب المواطنين ولكي يقول كل واحد منهم لنفسه وأهله: انج سعد فقد هلك سعيد.الآن .. يجب أن يستعيد الشعب الجزائري إحساسه بالأمان . وأن تعود إليه طباعه الأصيلة. وأن يبني حاضره ومستقبله بيده ومتحررا من أي وصاية محلية أو أجنبية. والشعب الجزائري يتطلع إلى وحدة المغرب العربي وبناء مستقبل مشترك يظلله الأمن والرخاء. وكما قال الشاعر التونسي:

وإذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيــب القدر

ولابد لليــــــــــل أن ينجلي ولابد للقيــــــد أن ينكسر

وإذا كان العودة إلى إرهاب الشعب هو الذي يريدونه ، فما هي خطواتهم التالية؟..وهل يكفي القول بأنهم يحاربون شبح تنظيم القاعدة الوهمي في الجزائر لكي يتفرج العالم على المذابح مرة أخرى كما حدث من قبل، أو سيضطرون إلى شغل العالم بأحداث أخرى تغطي على ما قد يرتكبونه من جرائم محتملة في الداخل؟

هذه كلها أسئلة مشروعة تحتاج إلي البحث عن إجابة لها والربط بينها وبين تطور قضايا أخري منها قضية الصحراء، وكلنا نعرف أن عسكر الجزائر من خلفها أيضا.

تهديد البوليزاريو بالعودة الى السلاح

سبق الاعلان الجزائري عن إعادة تسليح قوات الدفاع الذاتي بأيام قليلة إعلان محمد عبد العزيز بعد انتهاء مؤتمر جبهته الثاني عشر التي عقدته في منطقة تافاريتي دون البت في موضوع العودة لحمل السلاح بتفويض القيادة الجديدة باتخاذ موقف للبت في هذا الخيار بعد انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات والمقررة من 7 إلي 9 يناير الجاري في مانهاست بالولايات المتحدة الأمريكية.تم بأنه سيعقد مؤتمرا جديدا بعد زهاء ستة أشهر للنظر في العودة إلى العمل ةـ12

المسلح ضد المغرب.أي بعد أن يتمكن من إعداد قوات مسلحة للجبهة كافية العدد والعتاد تكون قادرة على ممارسة القتال . حيث أن الذين قاتل بهم من قبل تجاوزوا الخمسين من عمرهم وفقدوا اللياقة البدنية ولم يعودوا يصلحون لشيء .

الذين يمكن لمحمد عبد العزيز تجنيدهم هم بعض الشباب العائد من أسبانيا وكوبا بعد إتمام دراساتهم وهم قلة يمكن القضاء عليهم في أول معركة يشاركون فيها مع القوات المغربية ولا يستطيع تعويضهم حيث لا يملك احتياطيا بشريا ، ومدة ستة أشهر غير كافية لتدريب عسكري له فاعليته على أسلحة حديثة مهما كان مركزا. والجيش ليس فقط قوات مقاتلة وإنما يشمل خطوط إمداد وتموين ونقل واتصالات ودفاع جوي وقوات إسناد وعمق استراتيجي ونقل وعلاج الجرحى.... الخ .وهو ما يحتاج إلى عدد كبير من القوى البشرية لا تتوفر عليه البوليزاريو.

ولا تمتلك البوليزاريو أيضا موارد مالية كافية تمكنها من شراء أسلحة حديثة وتجهيزات وما تحصل عليه من معونات أغلبها معونات غذائية وإنسانية تضطر قيادة البوليزاريو إلى الاستيلاء علي بعضها وإعادة بيعه في الأسواق المحلية الجزائرية للحصول علي مال تغطي به نفقاتها. ويعرضها هذا المسلك للاتهامات ويفقدها ثقة الصحراويين المحتجزين لديها ويزيد من نقمتهم عليها. وهذا يعني أن المصدر الوحيد لتزويدهم بما يحتاجونه من أسلحة وتجهيزات خلال الشهور الستة القادمة هو عسكر الجزائر.

ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أن البوليزاريو تعرضت للتآكل والاستنزاف البشري والنفسي والسياسي على مدى ثلاثين عاما وتحولت إلي كيان شبه محطم ومهيض الجناح وقليل الحيلة ولم يعد يفيده كثيرا استمرار تعاطف أو تأييد دول ومنظمات غير حكومية لأطروحته ، وهي تجهل حقيقة ما آلت إليه أحواله . هذا فضلا عن التواجد في أرض صحراوية قاحلة نائية عن العمران ومكشوفة وقاسي مناخها القاري الذي تهبط فيه درجات الحرارة ليلا إلى ما دون الصفر وترتفع نهارا إلى قرابة أو أكثر من 50 درجة مئوية.ولا تتوفر على تحصينات قوية وخطوط دفاع وقيادات عسكرية ذات كفاءة عالية.

ولقد ترتب على إدراكهم ما يعانونه من نقص بشرى إلى محاولة توسيع مفهوم المواطن الصحراوي لكي يشمل الصحراويين في الجزائر والمغرب وموريتانيا ولا يقتصر على سكان الصحراء التي كانت تحتلها أسبانيا . وترتب على هذا التوجه الجديد الذي يتغيا زيادة نطاق التجنيد للعمل العسكري وإيهام المناصرين لهم أو الذين مازالوا يقفون على الحياد مع قناعتهم بأن المنطقة لا تحتمل دويلة جديدة فيها ،بأن دولة البوليزاريو التي يحلمون بها ليست كذلك وإنما هي عديدة السكان وواسعة المساحة. وهذا التوجه لتوسيع نطاق مفهوم الصحراويين هو الذي تسبب في نفس الوقت في إزعاج شيوخ القبائل الصحراوية وجعلهم يعقدون اجتماعا مستقلا عن اجتماع الجبهة كجوجيت على بعد عشرين كيلومتر من تيفاريتي. وبالتالي زاد من الانقسامات داخل صفوف البوليزاريو. وزاد من مخاوف موريتانيا منهم خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها ثكنات عسكرية في أقصي الشمال الشرقي لموريتانيا على الحدود مع الجزائر وفي منطقة لاتوجد فيها سوي مخيمات البوليزاريو. وهذا التوجه ما كان يمكن للبوليزاريو التفكير فيه ما لم يؤيدهم فيه عسكر الجزائر. وهو ما يعني استعداد هؤلاء العسكر للتفريط نهائيا في مناطق بلادهم الصحراوية المتاخمة للحدود مع المغرب بسكانها الجزائريين لتكوين منطقة عازلة على طول الحدود الحالية بين المغرب والجزائر.

وعندما يتمكن محمد عبد العزيز من تكوين جيش يشكل خطرا على المغرب فلن يكون بمقدور الجيش المغربي بمجرد بدأ العمليات العسكرية الا قصف تجمعات مرتزقته داخل الأراضي الجزائرية ولن يكون بإمكانها تفادي ذلك على الإطلاق . وهنا ستأتي الفرصة التي ينتظرها عسكر الجزائر للانضمام إلي المعارك بدعوى الدفاع عن حوزة الوطن وحرمته التي انتهكها المغاربة وسيادته وكرامته. هذه الحرب يحتاجها العسكر داخل الجزائر مثل حاجة البوليزاريو لها لكي يمكنهم فرض الأحكام العرفية واستلام السلطة و اعتبار أي مقاومة داخل الجزائر لهم بمثابة خيانة وطنية وطعن في الظهر والبلاد في حالة حرب. ومن شأن هذه الحرب أيضا أن تصرف أنظار العالم عن ما يقدمون عليه من مذابح في حق الشعب الجزائري الأعزل الذي انفصلوا عنه . أما بالنسبة لمحمد عبد العزيز، فهذه الحرب تمثل الفرصة الأخيرة لتحقيق أمله في أن يكون رئيس دولة حقيقية،وليس رئيس دولة خيالية أو مزعومة أعلن عنها في 27 فبراير 1976 ومازال من يومها أشبه باليهودي التائة..

المغرب ليس غافلا عن هذه التطورات المحتملة وما تتضمنه من مخاطر على سلامة أراضيه وقواته المسلحة ، وليس مجرد مصادفة – فيما أري – أن ينظم معرض دولي في هذه الآونة للطيران الحربي في مراكش وأن يتم تسريب إلى وسائل الإعلام نية المغرب في شراء عـــــدد كبير من طائرات إف 16 الأمريكية المتطورة. وهذه الطائرات سترحب الولايات المتحدة ببيع أكبر عدد منها للمغرب ، فالمغرب بعيد عن إسرائيل ولا يشكل خطرا عليها. ومن صالحها زيادة مديونية المغرب لها وكذلك إنهاك الجزائر عسكريا وسياسيا واقتصاديا وإضعافها لتحقيق أكبر قدر من المصالح الأمريكية فيها ، وكذلك إشاعة فوضي هدامة في شمال أفريقيا يقتل فيها المسلم أخاه المسلم للتغطية على الفوضى التي أثارتها في المشرق العربي وأطلقت عليها تسمية : الفوضى البناءة وكذلك علي ما قد يحدث في العراق إن أعلن الأكراد استقلال دولتهم. أو التغطية على عدوان إسرائيلي علي لبنان للثأر من حزب الله.

وقد نشرت أسبوعية الأيام المغربية الصادرة يوم 29/12/2007ملفا تحت عنوان :" استعدادات الجيش المغربي لمواجهة أسوء الاحتمالات بالصحراء" وجاء فيه بأن :" الجيش المغربي أعــــد

كومندوهات لمواجهة حرب العصابات التي ينوي البوليزاريو خوضها" وهو ما يعني أن المغرب يأخذ التهديدات الأخيرة للبوليزاريو مأخذ الجد. والقوات الخاصة موجودة بمعظم جيوش العالم ولم تهملها سوي بعض أنظمة الحكم التى تخشي من استغلالها كرأس حربة في انقلاب عسكري على النظام . وفي حالة البوليزاريو فليس من الضروري أن تلجأ الي حرب العصابات كما كان عليه حالها قبل وقف إطلاق النار. فالظروف تغيرت وربما تغيرت معها الأهداف التكتيكية ، وتغيرت معها الوسائل المحققة لها.

إن الحالة النفسية للمغامرين وليست مصلحة الشعب الجزائري أو الشعب المغربي الصحراوي هي الدافع الوحيد للمغامرة القاتلة حتى لو كانت انتحارية. فالمعروف في علم النفس أن الانتحاري لا يلجأ إلى الانتحار إلا تحت تأثير شديد للخوف أو اليأس والإحباط . وتدخل هذه الحالة ضمن الفوبيا أو الاكتئاب . ويكره المصاب بها الحياة بالمطلق وتفقد الحياة عنده قيمتها وحرمتها، سواء حياته أوحيوات الآخرين. بل قد يعتبر أن في القضاء على حيوات الآخرين والتضحية بها شرط ضروري لحفظ حياته والإبقاء عليها. إنه أشبه بالوثني الذي يقدم قربانا بشريا لآلهته.

في المغرب لا توجد هذه الدوافع أو النوازع النفسية المرضية . وإنما يوجد لديه في مقابلها الإحساس بالحق المشروع في الدفاع عن النفس والأرض والعرض. إلي أن هذا الدفاع الواجب يجب أيضا على المغرب أن يعتبر أن تفادي الحاجة إلى هذا الدفاع الضروري والواجب هو أوجب منه.أي تجنب الحرب أوجب من الانسياق إليها و تحقيق رغبة المغامرين المعتوهين في إشعالها وجني ثمارها. كما أن أية حرب تقع بين دولتين تضمان شعب واحد متطلع إلي يوم تعود أليه وحدته لن ينجم منه سوى إلحاق أفدح الأضرار بحاضر ومستقبل هذا الشعب الذي قسمته السياسة إلى جزائري ومغربي.

وحيث لا وجد بديل للحل العسكري سوى الحل السياسة ، وأن الحرب بذاتها هي أداة لتحقيق أهداف السياسة فإن تحققت تلك الأهداف انتفت الحاجة إليها. فإن المغرب مطالب بأن يعجل بإرساء حل سياسي خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر. ودون أن يترتب عليه تقديم أية تنازلات جديدة للآخر أكثر مما سبق أن قدمه له. وهذا الحل لا يحتاج الي مفاوضات معه،ولا مساع دبلوماسية أو وساطات دولية، ولا يجب أن يتوقف على قبول الآخر له.وأن يجعل هذا الحل الذكي والعاجل الحرب مستحيلة. أي أن المغرب مطالب في هذه الظروف الحرجة بأن يبادر إلى الفعل وليس انتظار فعل الآخر لكي يقرر رد فعله عليه.

فوزي منصور

Fawzy m2@gmail.com

No comments: