Friday, April 11, 2014

هل يحتاج الإسلام الى حماية من حماعة ما؟



إحتاج الإسلام لكي ينتشر في شمال أفريقيا على ساحل البحر المتوسط الى حوالي أكثر من خمسة قرون بعد فتح مصر بواسطة عمرو بن العاص وفتح غرب مصر بواسطة عقبة بن نافع وموسى بن نصير . ثم انتشر بعد ذلك في شبه جزيرة ايبريا وعدد من جزر البحر المتوسط ، وتم إزالته منها فيما بعد بينما انتشر في نفس الوقت بدون فتوحات في جنوب شرق آسيا حتى بلغ الفلبين واختار السكان حاكما مسلما لها الى أن غزاها الهولنديون وحاربوا أهلها المسلمين وحولوا سكان الجزر الشمالية عن دينهم الى المسيحية . وفي نفس الوقت الذي كان ينتشر الإسلام نتيجة الفتح العربي في ساحل البحر المتوسط كان ينتشر في أفريقيا جنوب الصحراء بواسطة التجار المسلمين ويدخله الأفارقة طواعية دون إكراه ولم يعلم بإسلامهم أحد من شمال الصحراء حتي خرج ملك مسلم بقافلة محملة بالذهب لأداء فريضة الحج وانتشر الخبر وطمع ملوك الموحدين في ذهب بلاده فأرسلوا إليه جيشا من المرتزقة الأوروبيين هاجموا المساحد وقتلوا المسلمين الأفارقة وعلماء الدين وخربوا العاصمة تمبكتو شمال نهر النيجر في مالي الحالية.

تراجع أيضا معرفة المسلمين بدينهم في المغرب الأقصي خلال القرن التاسع عشر وأغلقت العديد من المساجد أو تهدمت لهجر المسلمين لها وتوقفت قوافل الحج السنوية مما أغرى فرنسا وأسبانيا باحتلال البلاد لتغيير ديانة أهلها، وكان رد فعل الأهالي هو العودة إلى دينهم وتعلمه وإعمار المساحد وبناء المدارس العربية أو إرسال أولادهم لتلقي العلم في تونس أو القاهرة وخاصة العلوم الدينية.

وتعرض المشرق العربي ومصر إلى غزو الصليبيين والتتار حتى تم إجلائهم منه . وقتل هؤلاء مئات الآلاف من المسلمين ، وتوقفت الحروب الصليبية لعدة قرون ، ثم تم إحيائها من جديد بعد إلباسها ثيابا مغايرة . وكانت الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت على مصر وانتهت مع حصاره أسوار عكا بعد أن تفشى مرض الطاعون في جنوده وأهلكهم الله به. وتتابعت الحملات الصليبية فيما عرف بالاستعمار الأوروبي للبلاد العربية ، خاصة بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولي. وكان آخر الحروب الصليبية غزو العراق بجنود الولايات المتحدة وإسرائيل باعتراف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن نفسه.

خلال هذا التاريخ الطويل والذي استمر فيه انتشار الإسلام في مختلف بقاع العالم سلما واقتناعا ممن دخلوا فيه، واستمرت إقامة الشعائر الدينية حتى اليوم فيها ، لم يكن لأي جمعية دينية أو أية طائفة دينية الفضل في بقاء الإسلام وانتشاره، أو عودة المسلمين إليه بعد أن جهلوه وفسدت عقائدهم ، مثل حالة المغرب الأقصى التي سبق ذكرها . بل كان الأكثر إضرارا بالإسلام هم حكام المسلمين وأطماعهم وفسادهم وظلمهم وليس أعداء الدين, وقد خرج الإسلام من شبه جزيرة أيبريا ،حيث أسبانيا والبرتغال اليوم ،بعد الحروب التي نشبت بين ملوك الطوائف في أسبانيا واستعانة كل ملك بالمسيحيين لمهاجمة الدولة المسلمة المجاورة له. حتى تمكن فرديناند وإيزابيلا من طرد المسلمين من شبه الجزيرة ثم من باقي جزر البحر المتوسط . ثم بدأت الكشوف الجغرافية واكتشاف رأس الرجاء الصالح واستغلت الأساطيل البحرية الهولندية والأسبانية والبرتغالية ثم الإنجليزية والفرنسية لمحاربة المسلمين في شرق أفريقيا وفي جنوب اليمن وعمان وسواحل الخليج ثم في باقي بقاع جنوب شرق آسيا التي يوجد بها مسلمون.

لم يحتج الإسلام لكي يستمر وجوده وانتشاره إلى وجود أي جماعة دينية من تلك الجماعات الكثيرة التي ظهرت خلال القرن العشرين وكل منها تدعي أنها هي وحدها الى تعرف صحيح الإسلام ، وأن ما عداها ضال. وهي في حقيقة أمرها إنما تسعي الى السلطة والغنيمة وتتخذ من استغلال العاطفة الدينية لدى المسلمين وسوء التعليم الذي لا يهتم بتعليم أبناء المسلمين دينهم ، ويركز في تعليمه الديني بالمدارس العامة على بعض آيات من القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية وفي التعليم الديني على منهج سلفي لا يتم تمحيصه وغربلته ومقارنته بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله لبيان مافيه من صحة وما فيه من أخطاء. وانتشرت أفكار متخلفة عن الدين دعمتها دول عربية ولم يتم نقدها وبيان عدم توافقها مع أصول الدين وأحكامه كما جاءت في كتاب الله وإنما تم نقلها كماهي.ومثال لذلك ما يعرف بالمذهب الوهابي وغيره.

 ومازلنا نجد حتى اليوم من يستنجد بأعداء الدين التاريخيين لمساندته والاستقواء به في محاربة دولة مسلمة أخرى.

وعندما أراد إسماعيل شاه مؤسس الدولة الصفوية الشيعية الحالية في إيران في أوائل القرن السادس عشر الميلادي إحياء العداء القديم بين فارس والروم ، باستبداله بعداء جديد بين إيران والدولة العثمانية ، وكانت بلاد فارس كلها قد تحولت من المذهب الشيعي إلى المذهب السني ، ويقضي المذهب السني ألا يحارب المسلم أخاه المسلم ، حيث يقرر الحديث النبوي بأنه إذا اقتتل مسلمان فالقاتل والمقتول في النار، حول الشعب بالإكراه الى المذهب الشيعي لكي يدفع الشعب الى عدم التحرج من قتال المسلمين في الدولة العثمانية ، طمعا في الاستيلاء على العراق وضمها إلى بلاده ، أو إجبار العثمانيين على اقتسامها معه , وأرسل وزيره ليطوف بالدول الأوروبية لإقامة حلف معه لمحاربة الدولة العثمانية ولم تستجب وقتها تلك الدول له. وهو ما يثبت تاريخيا أن الخطر الجسيم على الإسلام والمسلمين هو من المسلمين أنفسهم وليس من سواهم. وعندما نقيم ماآلت اليه دعوات وأنشطة تلك الجمعيات الدينية التي خلطت السياسة بالدين دون تمببز بينهما سنجد أنها أثارت الفتن وتسبب في سفك دماء المسلمين سواء منها أو من خصومها ولم يربح الدين شيئا من أنشطتها وجهودها وحروبها التي تعتبرها جهادا في سبيل الله.وسواء كانت حروبهم ضد مسلمين مثلهم أو مواطنين في الدولة من غير المسلمين فإن النتيجة دائما كارثية ومن أقرب الأمثلة لذلك الحرب بين شمال وجنوب السودان التي استمرت لأكثر من عشرين عاما ، وكان حسن الترابي ينفخ في نارها ويعد قتلاها من المسلمين بالجنة والحور العين فيها، وانتهت الحرب بتقسيم السودان وتكوين دولتين فاشلتين لايحققان سلاما وأمنا للمواطنين ولا تنمية أو رخاء اقتصادي يستفيد من ثماره كل الشعب ، وظل سفك الدماء والفساد في الأرض والتصارع على الاستئثار بموارد الدولة هو السمة الظاهرة حتى الآن في الدولتين.

كما أن أحد أهم النتائج لظهور هذه الجماعات هي أن حولوا دينهم شيعا وطوائف متصارعة على السلطة السياسية ومنافعها وليس لخدمة الدين وتنقيته مما شابه وليس منه في شيئ ودفعتهم العصبية والرغبة في التميز عمن سواهم إلى الابتداع في الدين وإدخال مايس منه فيه ، من موروثات العصور الماضية مع جهل للتاريخ الاجتماعي للشعوب المسلمة والعادات والتقاليد المتغيرة مع الزمن. وقد سبق لي أن أوضحت أن قوله تعالي:" خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"، أن الأخذ بالعرف فيه حكم ثابت ، بينما العرف متغير من مكان لمكان ومن زمان لزمان آخر. فالعرف السائد في القرن الخامس عشر مثلا في بلد معين وجب التزام المسلمون به في ذلك المكان والزمان بالأخذ به ، فإن تغير في القرن العشرين وجب أن يأخذوا بالعرف الجديد لا أن يستحضروا القديم الذي كان في القرن الخامس عشر ويوحيونه بعد ممات ، بدعوى العمل بما كان عليه السلف الصالح في ذلك الماضي.

كان غير المسلمين من الأوروبيين الذين لايؤمنون بأن النبي محمد كان نبيا أو رسولا من الله ، يسمون المسلمين بالمحمديين أي أتباع محمد. والسؤال الذي يجب طرحه الآن : هل جاء محمد صلى الله عليه وسلم بدين واحد أم بأديان متعددة؟. فإن كان قد جاء بدين واحد فإنه يفترض أن يكون إيمان كل أتباعه بالدين واحدا، فإن اختلفوا في الدين كان معني هذا أن الدين لم يعد واحدا وإنما تعدد بتعدد تلك الجماعات. وهو يخالف قول الله تعالي في سورة الأنبياء:. إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ "

إن الناس يتفاوتون في مقدار علمهم من الدين ولكن لا يجوز لهم أن يختلفوا في أمر واحد من أمور الدين. أي أن الاختلاف بينهم يكون في الكم وليس في الكيف . وإن اختلفوا في فهم حكم من أحكام الدين وجب الرجوع إلى الحكم المختلف فيه على النحو الذي ورد فيه بالقرآن الكريم والبحث في اللغة وفي السياق لمعرفة حقيقة الحكم وإنهاء الاختلاف. ويتم في هذا الشأن استعمال العقل والمنطق واستحضار أصول الدين ومقاصده لحسن الفهم، وأن يتناظر المختلفان فيه ويأتي كل منهما ببرهانه ، حتي تتوحد قناعاتهم ويزول الاختلاف.

شبيه بذلك بأن من يتعلمون لغة ما ، يتفاوتون في عدد المفردات التي يعرفون معناها واستخدامها، ولكن لا يجوز لهم الاختلاف في معني أو نطق لفظ واحد في تلك اللغة ، وهو المقصود بأن الاختلاف يكون في الكم وليس في الكيف.


وثمة أمور مثلا تندرج فيما هو معروف في الدين بالضرورة مثل أركان الإسلام الخمس وكيفية أداء الشعائر، وكذلك ما أحله الله وحرمه على المسلمين . وهي أمور صارت متفق عليها ولايجوز الخلاف فيها، ولكن يمكن أن يختلف الفهم فيما يتعلق بالإيمان ، والذي أقرب معني له هو المعرفة الحقة بكل الدين وأحكامه . والذي تتفاوت فيه معرفة الناس بها . ولذا قال تعالى : قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا وإنما قولوا أسلمنا. وقد حدث اختلاف بين الناس في تعريف الأمة ، بعد أن تم الخلط بين اللفظ في العلوم السياسية وما يجب أن يكون معناه في الدين . ولذا قلت بأن الأمة بمعناها الديني التي تتخذ من النبي صلى الله عليه وسلم إماما أوحدا لها، واعتبرت أن وصف فلان أو علان من علماء الدين بالإمام فلان يتعارض مع ما يفترض في الدين من وحدة الإمامة وقصرها على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصرت أتفادي
وصف أحد بالإمام. واعتبرت أيضا أن وحدة الأمة والإمامة هي من مستهدفات الدين ومقاصده ، مثلها مثل المقاصد الخمس التي قال بها الأصوليون.

والأمامة قد تكون للنبي الذي جعله الله للناس في زمانه إماما ، مثل قول الله للنبي إبراهيم الذي ورد في سورة البقرة الآية 124 إني جاعلك "للناس إماما"
:
وتكون أيضا لكتاب الله المنزل على رسوله، فكان لتوراة موسى ومن بعده للقرآن الكريم كما جاء في سورة الأحقاف: ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ، وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لتنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين " أي أنه من قبل القرآن كان كتاب موسى وهو التوراه إماما للمؤمنين وهذا القرآن الذي جاء مصدقا لما كان في التوراة ويحل محلها إماما أيضا ورحمة للمؤمنين.
وقال الله تعالى في سورة هود: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ، أولئك يؤمنون به ، ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ،فلاتكن في مرية منه أنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون "الآية 17
ومن بعد موسى جاء المسيح بن مريم بالإنجيل مصدقا أيضا لما جاء في التوراة، وقال تعالي في سورة المائدة: وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه (أي من التوراة) وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ، وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هو الفاسقون ، وأنزلنا إليك الكتاب )أي القرآن) بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ، فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق، لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم ، فاستبقوا الخيرات ، إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون, وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك، فإن تولوا فاعلمأنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ، وإن كثيرا من الناس لفاسقون".

ومما سبق يمكن القول بأن إمام المسلمين هو كتب الله المنزلة على رسله وأنبيائه وفي طليعتها القرآن الكريم وما جاء متفقا معه من الكتب السابقة ، ويأتي بعد كتاب الله النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ألذي هو إمامهم الوحيد بعد كتاب الله من بدء بعثته إلى يوم يبعثون .

لقد ظهر أناس في السنوات الأخيرة ، وخاصة في القنوات الفضائية ، يوصفون بالدعاة وأفهم أن يدعوا الداعية غير المسلمين إلى الإسلام ، ولكن لا أفهم أن يدعوا المسلمين إليه. وإنما إذا توجه للمسلمين وهو مسلم مثلهم فإنما يتوجه إليهم للوعظ والإرشاد وتعليمهم ما يجهلونه من أمور الدين. وما يمكن أن نلاحظه في هؤلاء ، والذين يمكن وصفهم أيضا بالمرتزقة من الدين ، ضيق أفقهم وعلمهم بصحيح الدين ، وأنهم في حقيقة أمرهم يدعون الى ما يكرس تخلف المسلمين عن سواهم وعدم أخذهم بأسباب الحضارة والمدنية والتقدم ، والتفوق في العلوم وإتقان المهن والحرف بما يطور الانتاجية ، واهتماماتهم كلها تنحصر في أمور ثانوية وغير صحيحة ولاقيمة لها للمسلمين. وهؤلاء الذين يظنون أنهم يدرءون مقاسد ، يثيرون الفتنة والخلافات والصراعات بين المسلمين وليس في المفاسد أكثر من ذلك وأضر ، وفي نفس الوقت لا يجلبون أي منفعة للمسلمين ولمجتمعاتهم وأوطانهم. وهم أيضا يفسدون المجتمعات بأقوالهم عندما يدعون مثلا إلى تعدد الزوجات ويعتبرونها سنة ، بينما تعد في كتاب الله استثناء من القاعدة قد تتطلبها الظروف والأحوال وليست القاعدة المتمثلة في زوجة واحدة ، حيث خلق الله النفس وخلق منها زوجها، وليس أزواجها.وهم بذلك ينحرفون بالدين عماأراده الله ويبتدعون فيه أحكاما ليست من أحكامه. ويحرمون أيضا مالم يحرمه الله قياسا على ما حرمه من أمور، والله علام الغيوب لو أراد أن يحرمها لحرمها. وليسوا أعلم منه بها. بالطبع ليس المجال هنا دحض كل ما يدعون ، وإنما القصد أن هؤلاء وأمثالهم من شأن تصرفاتهم أن يحولوا الدين إلى فرق وشيع ومذاهب ، بينما يلزم توحيد الدين وليس تفرقته الى عقائد مختلفة. وتوحيد المؤمنين به لكي يظلوا أمة واحدة متضامنة ومتحدة ومتساندة في مواجهة كل من يريد بها شرا.

وليس أدل على حرمة تفرقة المسلمين من قوله تعالي في سورة الأنعام:
"
قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ".

فوزي منصور


No comments: